شُبهة حديث فيه أن الصحابة صادقين

جابر المحمدي

فلأجعَلنّ الحُزنَ بعدك مؤنسي
28 أبريل 2010
271
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم ،
والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى ابي القاسم محمد ،
وعلى آله الطيبين الطاهرين ،.
واللعنة الابدية السرمدية الخالدة على اعدائهم من الاولين والآخرين ،.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،


<< شُبهة حديث فيه أن الصحابة صادقين!>>


قال الوهابي مُحتجاً:


إنّكم تنفون عدالة الصحابة والامام المعصوم يؤكد ان الصحابة كانوا صادقين وهي رواية صحيحة رواها الكليني في الكافي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) مَا بَالِي أَسْأَلُكَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ فَتُجِيبُنِي فِيهَا بِالْجَوَابِ ثُمَّ يَجِيئُكَ غَيْرِي فَتُجِيبُهُ فِيهَا بِجَوَابٍ آخَرَ فَقَالَ إِنَّا نُجِيبُ النَّاسَ عَلَى الزِّيَادَةِ وَ النُّقْصَانِ قَالَ قُلْتُ فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) صَدَقُوا عَلَى مُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه وآله ) أَمْ كَذَبُوا قَالَ بَلْ صَدَقُوا قَالَ قُلْتُ فَمَا بَالُهُمُ اخْتَلَفُوا فَقَالَ أَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) فَيَسْأَلُهُ عَنِ الْمَسْأَلَةِ فَيُجِيبُهُ فِيهَا بِالْجَوَابِ ثُمَّ يُجِيبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَنْسَخُ ذَلِكَ الْجَوَابَ فَنَسَخَتِ الْأَحَادِيثُ بَعْضُهَا بَعْضاً .
(مجلسي حسن1/216 )الكافي : المجلد الأول ...صفحة (66).


والرد على على هذه الشبهة من وجوه نذكرها :

الوجه الاول:أصناف الصحابة في نقل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله.
الوجه الثاني:ذكر بعض الاحاديث المُعتبرة التي تنص على ذم بعض الصحابة


**الوجه الاول:أصناف الصحابة في نقل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله.،،


إنّ معتبرة المنصور بن حازم ،تُعد رواية مُختصرة قد تعرضت الى صنف مُعين ومُحدد من اصناف الصحابة الذين نقلوا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله .
ولقد جاءت رواية عن سليم بن قيس معتبرة الاسناد تُفصل القول في اصناف الناقلين عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، يجب عرضها لكي يتوضح المطلب .

والرواية ذكرها الفضل بن شاذان في كتابه اثبات الرجعة أو مختصر اثبات الرجعة ، وقد نقل الحديث المير لوحي الاصفهاني في كتاب الكفاية ،في أول حديث والطريق الى الكتاب معتبر من عدة طٌرق ،فعلى اية حال هو الى الفضل صحيح الاسناد .ويظهر لي أنّ الكتاب تم طبعه ونشره في النت ككتاب مُستقل منقول عن خط الحر العاملي وللحر اكثر من سند للفضل بن شاذان ومنها الصحيح.

قال الفضل بن شاذان :
((حدثنا محمد بن إسماعيل بن بزيع - رضي الله عنه -، قال: حدثنا حماد بن عيسى، قال: حدثنا إبراهيم بن عمر اليماني، قال: حدثنا أبان بن أبي عياش، قال: حدثنا سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لأمير المؤمنين عليه السلام:إني سمعت سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنتم تخالفونهم فيهما وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على الله وعلى رسوله متعمدين ويفسرون القرآن بآرائهم ؟ ! قال: فقال علي عليه السلام: قد سألت فافهم الجواب، إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وخاصا وعاما، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عهده حتى قام خطيبا فقال: ( أيها الناس فقد كثر الكذب علي، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )، ( ثم كذب عليه من بعده أكثر مما كذب عليه في زمانه ) .
وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس:

1_ رجل منافق، مظهر للإسلام، متصنع للإيمان، لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم متعمدا، فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا: هذا رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، رآه وسمع منه، فأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبر الله عن المنافقين بما أخبر، ووصفهم بما وصف، فقال عز وجل: ( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة ) ثم تقربوا بعده إلى الأئمة الضالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان، فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصمه الله، فهذا أحدا الأربعة.


2_ ورجل آخر سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ولم يحفظه على وجهه، ووهم فيه ولم يتعمد كذبا، فهو في يده، ويعمل به، ويرويه ويقول: أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه، ولو علم هو أنه وهم لرفضه.


3_ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا أمر به، ثم نهى عنه ( وهو لا يعلم ) ، أو سمعه نهى عن شئ ينهي عنه، ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يعلم الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.



4_ ورجل رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو مبغض للكذب خوفا من الله تعالى وتعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لم ينس بل حفظ ما سمعه على وجهه فجاء به كما سمع، لم يزد فيه ولم ينقص، وعلم الناسخ والمنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ، ( ويعلم ) أن أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم كأمر القرآن، وفيه كالقرآن ناسخ ومنسوخ، وعام وخاص، ومحكم ومتشابه، وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،

....... .......قال محمد بن إسماعيل: ثم قال حماد بن عيسى: قد ذكرت هذا الحديث عند مولاي أبي عبد الله عليه السلام فبكى وقال: صدق سليم، فقد روى لي هذا الحديث أبي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي قال: سمعت هذا الحديث من أمير المؤمنين عليه السلام حين سأله سليم بن قيس. )).



أقول أنا الحقير الى الله المحمدي ، قد زالت عنك الغشاوة واندحرت عنك الشبهة عند قرائتك لهذا الحديث قطعاً وبلا ريب ، .
فقد عرفت ان الامام الصادق عليه السلام كان يتحدث لمنصور بن حازم عن الصنف الثالث من الصحابة ،أي صنف الذي لم يعرف الناسخ والمنسوخ ، وليس عن كل الاصناف ، فلم يذكر الامام في الحديث الصنف الاول الذي هو (الناقل المنافق )، ولا الصنف الثاني الذي هو ( الغير ضابط للحديث)، ولا الصنف الرابع ( الضابط ومنه الامام عليه السلام).

ولذلك يقول المولى المازندراني في الشرح ج 2 - ص 326 :
((( قال : قلت : فأخبرني عن أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صدقوا على محمد أم كذبوا ؟ قال : بل صدقوا ) كان منصور سأل عن حال الأصحاب المؤمنين الحافظين لخطابه لأنك قد عرفت سابقا أن المنافقين ومن وهم في خطابه من المؤمنين قد كذبوا عليه )).

فالاستدلال بصحيحة المنصور بن حازم استدلال غير صحيح وليس في محله البتة.






**الوجه الثاني :ذكر بعض الاحاديث المُعتبرة التي تنص على ذم بعض الصحابة،،.


كيف يمدح الامام الصادق عليه السلام كل الصحابة على الاطلاق وقد جائت عنه روايات نقلها الثقات ،فيها لعن وذم لبعض الصحابة المنافقين .؟
وقد مرّت عليك صحيحة سليم الذي ذكر فيها أمير المؤمنين عليه السلام نفاق بعض الصحابة ،.ولا تغفلن عن كذبة ابي بكر حينما كذب متعمداً على النبي الاكرم في حديثه الذي جاء به زوراً وبهتانا "إنا معاشر الانبياء لا نورث ما تركناه صدقة".

ومنها ما رواه الكليني بسند صحيح ج 8 - ص 58ح19 :
((محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن النعمان ، عن أبن مسكان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) في قوله عز وجل : " ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس " قال : ذاك والله حين قالت الأنصار : " منا أمير ومنكم أمير )).


ومنها ما رواه الكليني بسند معتبر موثق 8 - ص 246ح343 :
((حنان عن أبيه ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : قلت له : ما كان ولد يعقوب أنبياء ؟ قال : لا ولكنهم كانوا أسباط أولاد الأنبياء ولم يكن يفارقوا الدنيا إلا سعداء تابوا وتذكروا ما صنعوا وإن الشيخين فارقا الدنيا ولم يتوبا ولم يتذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ))


ومنها ما رواه الكشي بسند صحيح في رجاله ج 1 - ص 47 ح24 :
((علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، قال : قال أبو جعفر عليه السلام ارتد الناس إلا ثلاثة نفر سلمان وأبو ذر والمقداد قال : قلت فعمار ؟ قال : قد كان جاض جيضة ثم رجع ، ثم قال : إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شئ فالمقداد ،....الخ)).


وفي العلل للصدوق ج 2 ص 227:
(( عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن أول ما استحل الامراء العذاب لكذبه كذبها أنس بن مالك على رسول الله صلى الله عليه وآله " أنه سمر يد رجل إلى الحائط " ومن ثم استحل الامراء العذاب)).



وعليه أيها الحبيب ، حتى لو فرضنا أنّه فعلا صحيحة المنصور بن حازم مُطلقة تعني الصحابة كلهم على الاطلاق ،فهي بعد هذه الروايات تكون مُقيّدة، لوجود التقييد الذي قيّد العام ،.

فالقاعدة الاصولية تقول :(( الأخذ بالمخصص والمُقيّد وتقديمهما على العام والمطلق )).، والروايات الذامة لبعض الصحابة تُعتبر قرينة منفصلة ، وظهور القرينة المنفصلة مُقدمٌ على ظهور ذي القرينة لانّ القرينة أبطلت ظهور ذي القرينة ،.

ومثال على كلامنا ، كأن يصدر وزير الحكومة بياناً يقول فيه :"أكرم كل فقير"، ويصدر بياناً آخر يقول فيه هذا الوزير :" لا تكرم فسّاق الفقراء".فهذا النهي في البيان الثاني يُعد قرينة منفصلة تُبطل ظهور العموم وتخصصه .فتأمل.



والحمدُ لله ربّ العالمين ،.



جابر المحمدي المهاجر،