بسم الله الرحمن الرحيم
لا شك ولا شبهة أن الصديقة الطاهرة سيدة النساء فاطمة كانت منذ درجت تكبر بين يدي رسول الله ، الملجأ والملاذ و المستودع لرسول الله عندما تثقله هموم الدعوة و مشاكلها ، كانت المرأة الأولى التي يسكن رسول الله لها ويشعر بالأمن والاطمئنان والاستبشار، والسر في ذلك ليس انها ابنته وحسب ، بل الأمر أعمق من ذلك بكثير .
ومن المؤسف المؤذي لمحبي هذه السيدة الطاهرة ، أن هناك من يحاول بأي طريقة امكنه ، ان يضع هذه الصورة الناصعة التي اختصت بها السيدة الزهراء لعائشة ، ولا أعرف أي شيء كان في عائشة يجعلها تساوي الزهراء ، هل هو مؤامراتها على بقية ازواج الرسول ، هل هو كثرة شكايتها الذي صدعت به رأس رسول الله بأبي هو وأمي ، هل هو لغطها في محضره ، هل هو سعيها الحثيث لتقريب أبيها حتى في أشد حالات رسول الله حرجاً وهو محتضر .
والله الأمر يدمي القلب .
أحاول في هذا الموضوع أن اذكر سيرة سيدتي مولاتي نور عيوننا و بهجة قلوبنا شفيعة يوم الحشر فاطمة الزهراء في شدة اهتمامها بأبيها و حبها له و حنانها عليه ، والموضوع مفتوح للاخوة لمن أراد أن يضيف :
------
الشاهد الأول
مسند أحمد
حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ يَوْمٍ وَاحِدٍ ، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي وَرَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ جُلُوسٌ ، وَسَلَى جَزُورٍ قَرِيبٌ مِنْهُ ، فَقَالُوا : مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّلَى ، فَيُلْقِيَهُ عَلَى ظَهْرِهِ ، قَالَ : فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ : أَنَا ، فَأَخَذَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى ظَهْرِهِ ، فَلَمْ يَزَلْ سَاجِدًا ، حَتَّى جَاءَتْ فَاطِمَةُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا ، فَأَخَذَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ أَوْ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ " ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ جَمِيعًا ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ غَيْرَ أُبَيٍّ ، أَوْ أُمَيَّةَ ، فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا ضَخْمًا ، فَتَقَطَّعَ
البزار في مسنده بسند جيد
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ ، قَالَ : نا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، قَالَ : نا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، قَالَ : ناعَبْدُ اللَّهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَمَلأٌ مِنْ قُرَيْشٍ جُلُوسٌ وَقَدْ نَحَرُوا جَزُورًا ، فَقَالَ : أَظُنُّهُ أَبُو جَهْلٍ : أَيُّكُمْ يَأْخُذُ هَذَا الْفَرْثَ بِدَمِهِ ، ثُمَّ يُمْهِلُ حَتَّى يَضَعَ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ سَاجِدًا فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِهِ ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا فَأَخَذَ الْفَرْثَ ، فَلَمَّا خَرَّ سَاجِدًا وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ ، فَأُخْبِرَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَهِيَ جَارِيَةٌ فَجَاءَتْ تَسْعَى ، فَأَخَذَتْهُ مِنْ ظَهْرِهِ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ ، قَالَ : اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ " ، حَتَّى عَدَّ سَبْعَةً مِنْ قُرَيْشٍ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ فِي قَلِيبٍ وَاحِدٍ
لاحظ نقاء معدن هذه الصبية المقدسة بأبي هي وأمي ونفسي وعيالي ، لاحظ كيف سبقت سواها من وهي صبية صغيرة يحملها هذا الحنان الكبير والمعرفة الفريدة بوالدها ، لتخرج من بيتها بمجرد ما سمعت عن أذية قريش له ، تسعى في طلبه حتى أتته والقوم مجتمعون على أذيته وهي وحدها فقط من قام باماطة الأذى عنه ، بالرغم من صغر سنها ، فداها العالم بأسره صلوات الله عليها
[line]-[/line]
الشاهد الثاني :
صحيح البخاري
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلٍ ، قَالَ : " لَمَّا كُسِرَتْ بَيْضَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِهِ وَأُدْمِيَ وَجْهُهُ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي الْمِجَنِّ ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُهُ ، فَلَمَّا رَأَتِ الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى الْمَاءِ كَثْرَةً عَمَدَتْ إِلَى حَصِيرٍ ، فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِهِ فَرَقَأَ الدَّمُ
السباعيات الألف مِنْ مَسْمُوعَاتِ أَبِي الْقَاسِمِ زَاهِرِ بْنِ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّحَّامِيِّ ، واخترته لخصوصية في متنه لطيفة
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ خَلَفٍ الْمَغْرِبِيُّ ، أنبا أَبُو الْفَضْلِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرَابَاذِيُّ الْفَامِيُّ ، أنبا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّقَفِيُّ ، نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَهُوَ يُسْأَلُ عَنْ جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَا أَعْرِفُ مَنْ كَانَ يَغْسِلُ جُرْحَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَنْ كَانَ يَسْكُبُ الْمَاءَ , وَبِمَا دُوِيَ , قَالَ : كَانَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَغْسِلُهُ ، وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْكُبُ الْمَاءَ بِالْمِجَنِّ , فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْمَاءَ لا يَزِيدُ الدَّمَ إِلَّا كَثْرَةً أَخَذَتْ قِطْعَةً مِنْ حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا فَأَلْصَقَتْهَا فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ , وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ وَجُرِحَ وَجْهُهُ وَكُسِرَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ
نعم ، هذه هي الحقيقة التي لا يريد البعض أن يفهمها ، كان علي صلوات الله عليه عضد رسول الله اليمين المحامي عنه والمستميت في الدفاع عنه ، الثابت القدم في دفع الأذى عنه في الحروب وفي غيرها ، و الزهراء صلوات الله عليها هي محل سكونه و اطمئنانه .
مثال صادق على ذلك أنه عندما خذله اصحابه في احد وعلى رأسهم الثاني والثالث ، لم يذهب لأحد ليحمله ثقل ألامه وجراحاته صلوات الله عليه ، لم يجد أحداً أهل لذلك إلا الزهراء صلوات الله عليها وزوجها الوصي علي ، ففيما يسكب علي الماء كانت تغسل جرحه وتضمده ولا أظنه بسوى ماء عيونها الطاهرة
[line]-[/line]
الشاهد الثالث :
أخرج الطبري في تهذيب الآثار ، بسند حسن :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ الأَسَدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ ، عَنْ مُسْهِرِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَلْعِ الْهَمْدَانِيُّ ، عَنْ عُتْبَةَ أَبِي مُعَاذٍ الْبَصْرِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا ، إِذْ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ رَحِمَهَا اللَّهُ ، فَوَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا ، وَقَدْ ذَهَبَ الدَّمُ مِنْ وَجْهِهَا ، وَغَلَبَتِ الصُّفْرَةُ مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ ، قَالَ : فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " ادْنِي يَا فَاطِمَةُ " ، فَدَنَتْ ، ثُمَّ قَالَ : " ادْنِي يَا فَاطِمَةُ " ، فَدَنَتْ ، ثُمَّ قَالَ : " ادْنِي يَا فَاطِمَةُ " ، فَدَنَتْ ، حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَوَضَعَهَا عَلَى صَدْرِهَا ، فِي مَوْضِعِ الْقِلادَةِ ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ، ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ مُشْبِعَ الْجَاعَةِ ، وَرَافِعَ الْوَضَعَةِ ، لا تُجِعْ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ، قَالَ عِمْرَانُ : فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا ، وَقَدْ غَلَبَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهَا ، وَذَهَبْتِ الصُّفْرَةُ ، كَمَا كَانَتِ الصُّفْرَةُ ، قَدْ غَلَبَتْ عَلَى الدَّمِ ، قَالَ عِمْرَانُ : فَلَقِيتُهَا بَعْدُ ، فَسَأَلْتُهَا ، فَقَالَتْ : مَا جُعْتُ بَعْدُ يَا عِمْرَانُ .
مسهر بن عبد الملك وثق من غير واحد وتكلم فيه بعضهم ، وأبو معاذ قال عنه أبو حاتم : صالح الحديث ، و ابن حجر : صدوق له اوهام ، وضعفه ابن حنبل.
----------
التعليق على الحديث :
إن الشعور بالجوع والألم المترتب عليه من السنن الطبيعية في الإنسان ، ولا يظن أن رسول الله صلى الله عليه وآله يدعوا الله بخرق هذا القانون الطبيعي لمجرد رفقه بابنته ، فكل الناس يجوعون وهذا أمر طبيعي ، لكان لأن مكان هذه السيدة الجليلة عظيم عند الله و عنده ، والأمر أكبر من مجرد البنوة ، لا يُحسن أن يرى وجهها يصفر من شدة الجوع .
وهذه من الكرامات التي خصها رسول الله بأثنين فقط : علي وفاطمة ، فلم نر رسول الله يدعوا لأحد بأن لا يتألم ولا يجوع ولا يشعر بالحر والبرد ، إلا لعلي وفاطمة . وفي هذا سر لمن تأمل ، لم نر أحداً لا يجوع غير فاطمة دعا لها رسول الله بذلك ، ولم نر أحداً لا يرمد أو لا يشعر بالحر والبرد غير أمير المؤمنين دعا له رسول الله بذلك .
ومن أسرار هذه الكرامة أمران :
1- الشأن الخاص جداً لهذين الإنسانين الخاصين بكل المعايير عند الله ورسوله ، بحيث كانا أهل لان تخرق لهما النواميس والسنن الطبيعية ، إذ لا يصعب على رسول الله مطلقاً وبالكلية أن يرى أحداً يتألم بقدر ما يصعب عليه أن يرى فاطمة وعلي يفعل بهما ذلك .
2-أن هذه الكرامة الثابتة لهما دليل ناصع على صدق دعواهما ، فإن وجاهتهما عند الله قد تجلت في أمر حسي ملموس ، ولا يسع لأحد بعد ذلك أن يكذبهما في أمر يدعيانه ، إلا أن يكون كافراًُ ، وذلك نظير ما اختص به الله أنبياءه و حججه من كرامات ومعاجز ظاهرة .
[line]-[/line]
الشاهد الخامس
أخرج الطبراني في المعجم الكبير
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رِشْدِينَ ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي الطَّاهِرِ بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيَّانِ ، قَالا : ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : " كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ تَكْفِيهِ الدَّاخِلَ ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ تَكْفِيهِ الْخَارِجَ " ، يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أحمد بن رشدين وإن كان متهم بالوضع إلا أنه تابعه عمرو بن أبي الطاهر الثقة ، وبقية رجال السند ثقات غير أن أبي البختري لم يسمع من علي ، فالإسناد قوي وإن كان مرسلاً
[line]-[/line]
الشاهد الخامس
النسائي في سننه بسند صحيح
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : أنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أنا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ ، أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَتْ : " مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا ، وَهَدْيًا ، وَدَلا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ إِلَيْهَا وَقَبَّلَهَا ، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا ، فَقَبَّلَتْهُ وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا ، فَلَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ وَقَبَّلَتْهُ ، ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا فَبَكَتْ ، ثُمَّ أَكَبَّتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا فَضَحِكَتْ ، فَقُلْتُ : إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ مِنْ أَعْقِلِ النِّسَاءِ ، فَإِذَا هِيَ مِنَ النِّسَاءِ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْتُ : أَرَأَيْتِ حِينَ أَكَبَّيْتِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَفَعْتِ رَأْسَكِ فَبَكَيْتِ ، ثُمَّ أَكَبَّيْتِ عَلَيْهِ فَرَفَعْتِ فَضَحِكْتِ ، مَا حَمَلَكِ عَلَى ذَلِكَ ؟ قَالَتْ : أَخْبَرَنِي تَعْنِي أَنَّهُ مَيِّتٌ مِنْ وَجَعِهِ هَذَا ، فَبَكَيْتُ ، ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنِّي أَسْرَعُ أَهْلِ بَيْتِي لُحُوقًا بِهِ ، فَذَلِكَ حِينَ ضَحِكْتُ " .
وهذا الحديث مما علق عليه الشيعة مفصلاً ، قيام رسول الله وهو نبي الأمة وخير الخلق اجمعين لابنته الصبية وتقبيلها ثم يجلسها في مجلسه ، هذه كلها والله اشارات واضحة لدلالات عميقة لا يفهمها إلا من ألقى السمع ، وإلا من طهر قلبه فاستعد لقبول الايمان بهذا المقام الخاص جداً لفاطمة .
أما ان تفعل هي له ذلك ففيه دلالة على غاية الادب وشدة الاحترام و عمق معرفتها بأبيها حبيب الله جعلني الله فداء معرفتها ، اما عن ما اصابها في مرض أبيها صلى الله عليه وآله وتعاطي النبي (ص) بهذا النحو من الرأفة و خصها بهذه الأسرار ، فأقول يكفي ان ذلك لم يكن لغيرها لبيان فضلها عليهم ، فهي أفضل من الكل غير علي أشهد الله على ذلك بقلبي وعقلي ولحمي ودمي وبدني
[line]-[/line]
الشاهد السادس : حال مولاتنا الحوراء الطاهرة بعد وفاة أبيها
البخاري
حدثنا سليمان بن حرث حدثنا حماد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه فقالت فاطمة عليها السلام واكرب أباه فقال لها ليس على أبيك كرب بعد اليوم فلما مات قالت يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه يا أبتاه إلى جبريل ننعاه فلما دفن قالت فاطمة عليها السلام يا أنس أطابت أنفسكم ان تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب
الطبري بسند صحيح إلى الإمام الباقر
دثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر قال مكثت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر وما رؤيت ضاحكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنهم قد امتروا في طرف نابها
[line]-[/line]
كنية السيدة الزهراء ، مستفاد من بعض أبحاث أخينا الفاضل أسد الله الغالب
في مقاتل الطالبيين للاصفهاني
كانت فاطمة تكنى أم أبيها ، ذكر ذلك قعيب بن محرز الباهلي ، حدثني بن محمد بن زكريا الصحاف ، عن أبي نعيم الفضل بن دكين عن الحسين بن زيد بن علي ، عن جعفر بن محمد عن أبيه
الطبراني في المعجم الكبير
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن بن جريج قال قال لي غير واحد كانت فاطمة أصغرهن وأحبهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكذلك
حدثنا الحسين بن فهم ثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال كنية فاطمة أم أبيها
وكذلك
حدثنا محمد بن علي المديني فستقة قال وكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تكنى أم أبيها
لا شك ولا شبهة أن الصديقة الطاهرة سيدة النساء فاطمة كانت منذ درجت تكبر بين يدي رسول الله ، الملجأ والملاذ و المستودع لرسول الله عندما تثقله هموم الدعوة و مشاكلها ، كانت المرأة الأولى التي يسكن رسول الله لها ويشعر بالأمن والاطمئنان والاستبشار، والسر في ذلك ليس انها ابنته وحسب ، بل الأمر أعمق من ذلك بكثير .
ومن المؤسف المؤذي لمحبي هذه السيدة الطاهرة ، أن هناك من يحاول بأي طريقة امكنه ، ان يضع هذه الصورة الناصعة التي اختصت بها السيدة الزهراء لعائشة ، ولا أعرف أي شيء كان في عائشة يجعلها تساوي الزهراء ، هل هو مؤامراتها على بقية ازواج الرسول ، هل هو كثرة شكايتها الذي صدعت به رأس رسول الله بأبي هو وأمي ، هل هو لغطها في محضره ، هل هو سعيها الحثيث لتقريب أبيها حتى في أشد حالات رسول الله حرجاً وهو محتضر .
والله الأمر يدمي القلب .
أحاول في هذا الموضوع أن اذكر سيرة سيدتي مولاتي نور عيوننا و بهجة قلوبنا شفيعة يوم الحشر فاطمة الزهراء في شدة اهتمامها بأبيها و حبها له و حنانها عليه ، والموضوع مفتوح للاخوة لمن أراد أن يضيف :
------
الشاهد الأول
مسند أحمد
حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَى قُرَيْشٍ غَيْرَ يَوْمٍ وَاحِدٍ ، فَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي وَرَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ جُلُوسٌ ، وَسَلَى جَزُورٍ قَرِيبٌ مِنْهُ ، فَقَالُوا : مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّلَى ، فَيُلْقِيَهُ عَلَى ظَهْرِهِ ، قَالَ : فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ : أَنَا ، فَأَخَذَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى ظَهْرِهِ ، فَلَمْ يَزَلْ سَاجِدًا ، حَتَّى جَاءَتْ فَاطِمَةُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهَا ، فَأَخَذَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ عَلَيْكَ الْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ أَوْ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ " ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ جَمِيعًا ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ غَيْرَ أُبَيٍّ ، أَوْ أُمَيَّةَ ، فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا ضَخْمًا ، فَتَقَطَّعَ
البزار في مسنده بسند جيد
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ ، قَالَ : نا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، قَالَ : نا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، قَالَ : ناعَبْدُ اللَّهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَمَلأٌ مِنْ قُرَيْشٍ جُلُوسٌ وَقَدْ نَحَرُوا جَزُورًا ، فَقَالَ : أَظُنُّهُ أَبُو جَهْلٍ : أَيُّكُمْ يَأْخُذُ هَذَا الْفَرْثَ بِدَمِهِ ، ثُمَّ يُمْهِلُ حَتَّى يَضَعَ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ سَاجِدًا فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِهِ ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا فَأَخَذَ الْفَرْثَ ، فَلَمَّا خَرَّ سَاجِدًا وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ ، فَأُخْبِرَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَهِيَ جَارِيَةٌ فَجَاءَتْ تَسْعَى ، فَأَخَذَتْهُ مِنْ ظَهْرِهِ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ ، قَالَ : اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ " ، حَتَّى عَدَّ سَبْعَةً مِنْ قُرَيْشٍ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ فِي قَلِيبٍ وَاحِدٍ
لاحظ نقاء معدن هذه الصبية المقدسة بأبي هي وأمي ونفسي وعيالي ، لاحظ كيف سبقت سواها من وهي صبية صغيرة يحملها هذا الحنان الكبير والمعرفة الفريدة بوالدها ، لتخرج من بيتها بمجرد ما سمعت عن أذية قريش له ، تسعى في طلبه حتى أتته والقوم مجتمعون على أذيته وهي وحدها فقط من قام باماطة الأذى عنه ، بالرغم من صغر سنها ، فداها العالم بأسره صلوات الله عليها
[line]-[/line]
الشاهد الثاني :
صحيح البخاري
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلٍ ، قَالَ : " لَمَّا كُسِرَتْ بَيْضَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِهِ وَأُدْمِيَ وَجْهُهُ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي الْمِجَنِّ ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَغْسِلُهُ ، فَلَمَّا رَأَتِ الدَّمَ يَزِيدُ عَلَى الْمَاءِ كَثْرَةً عَمَدَتْ إِلَى حَصِيرٍ ، فَأَحْرَقَتْهَا وَأَلْصَقَتْهَا عَلَى جُرْحِهِ فَرَقَأَ الدَّمُ
السباعيات الألف مِنْ مَسْمُوعَاتِ أَبِي الْقَاسِمِ زَاهِرِ بْنِ طَاهِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الشَّحَّامِيِّ ، واخترته لخصوصية في متنه لطيفة
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ خَلَفٍ الْمَغْرِبِيُّ ، أنبا أَبُو الْفَضْلِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّصْرَابَاذِيُّ الْفَامِيُّ ، أنبا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّقَفِيُّ ، نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , وَهُوَ يُسْأَلُ عَنْ جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَا أَعْرِفُ مَنْ كَانَ يَغْسِلُ جُرْحَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَنْ كَانَ يَسْكُبُ الْمَاءَ , وَبِمَا دُوِيَ , قَالَ : كَانَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَغْسِلُهُ ، وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْكُبُ الْمَاءَ بِالْمِجَنِّ , فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْمَاءَ لا يَزِيدُ الدَّمَ إِلَّا كَثْرَةً أَخَذَتْ قِطْعَةً مِنْ حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهَا فَأَلْصَقَتْهَا فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ , وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ وَجُرِحَ وَجْهُهُ وَكُسِرَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ
نعم ، هذه هي الحقيقة التي لا يريد البعض أن يفهمها ، كان علي صلوات الله عليه عضد رسول الله اليمين المحامي عنه والمستميت في الدفاع عنه ، الثابت القدم في دفع الأذى عنه في الحروب وفي غيرها ، و الزهراء صلوات الله عليها هي محل سكونه و اطمئنانه .
مثال صادق على ذلك أنه عندما خذله اصحابه في احد وعلى رأسهم الثاني والثالث ، لم يذهب لأحد ليحمله ثقل ألامه وجراحاته صلوات الله عليه ، لم يجد أحداً أهل لذلك إلا الزهراء صلوات الله عليها وزوجها الوصي علي ، ففيما يسكب علي الماء كانت تغسل جرحه وتضمده ولا أظنه بسوى ماء عيونها الطاهرة
[line]-[/line]
الشاهد الثالث :
أخرج الطبري في تهذيب الآثار ، بسند حسن :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ الأَسَدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ ، عَنْ مُسْهِرِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَلْعِ الْهَمْدَانِيُّ ، عَنْ عُتْبَةَ أَبِي مُعَاذٍ الْبَصْرِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا ، إِذْ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ رَحِمَهَا اللَّهُ ، فَوَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا ، وَقَدْ ذَهَبَ الدَّمُ مِنْ وَجْهِهَا ، وَغَلَبَتِ الصُّفْرَةُ مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ ، قَالَ : فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " ادْنِي يَا فَاطِمَةُ " ، فَدَنَتْ ، ثُمَّ قَالَ : " ادْنِي يَا فَاطِمَةُ " ، فَدَنَتْ ، ثُمَّ قَالَ : " ادْنِي يَا فَاطِمَةُ " ، فَدَنَتْ ، حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَوَضَعَهَا عَلَى صَدْرِهَا ، فِي مَوْضِعِ الْقِلادَةِ ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ، ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ مُشْبِعَ الْجَاعَةِ ، وَرَافِعَ الْوَضَعَةِ ، لا تُجِعْ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ، قَالَ عِمْرَانُ : فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا ، وَقَدْ غَلَبَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهَا ، وَذَهَبْتِ الصُّفْرَةُ ، كَمَا كَانَتِ الصُّفْرَةُ ، قَدْ غَلَبَتْ عَلَى الدَّمِ ، قَالَ عِمْرَانُ : فَلَقِيتُهَا بَعْدُ ، فَسَأَلْتُهَا ، فَقَالَتْ : مَا جُعْتُ بَعْدُ يَا عِمْرَانُ .
مسهر بن عبد الملك وثق من غير واحد وتكلم فيه بعضهم ، وأبو معاذ قال عنه أبو حاتم : صالح الحديث ، و ابن حجر : صدوق له اوهام ، وضعفه ابن حنبل.
----------
التعليق على الحديث :
إن الشعور بالجوع والألم المترتب عليه من السنن الطبيعية في الإنسان ، ولا يظن أن رسول الله صلى الله عليه وآله يدعوا الله بخرق هذا القانون الطبيعي لمجرد رفقه بابنته ، فكل الناس يجوعون وهذا أمر طبيعي ، لكان لأن مكان هذه السيدة الجليلة عظيم عند الله و عنده ، والأمر أكبر من مجرد البنوة ، لا يُحسن أن يرى وجهها يصفر من شدة الجوع .
وهذه من الكرامات التي خصها رسول الله بأثنين فقط : علي وفاطمة ، فلم نر رسول الله يدعوا لأحد بأن لا يتألم ولا يجوع ولا يشعر بالحر والبرد ، إلا لعلي وفاطمة . وفي هذا سر لمن تأمل ، لم نر أحداً لا يجوع غير فاطمة دعا لها رسول الله بذلك ، ولم نر أحداً لا يرمد أو لا يشعر بالحر والبرد غير أمير المؤمنين دعا له رسول الله بذلك .
ومن أسرار هذه الكرامة أمران :
1- الشأن الخاص جداً لهذين الإنسانين الخاصين بكل المعايير عند الله ورسوله ، بحيث كانا أهل لان تخرق لهما النواميس والسنن الطبيعية ، إذ لا يصعب على رسول الله مطلقاً وبالكلية أن يرى أحداً يتألم بقدر ما يصعب عليه أن يرى فاطمة وعلي يفعل بهما ذلك .
2-أن هذه الكرامة الثابتة لهما دليل ناصع على صدق دعواهما ، فإن وجاهتهما عند الله قد تجلت في أمر حسي ملموس ، ولا يسع لأحد بعد ذلك أن يكذبهما في أمر يدعيانه ، إلا أن يكون كافراًُ ، وذلك نظير ما اختص به الله أنبياءه و حججه من كرامات ومعاجز ظاهرة .
[line]-[/line]
الشاهد الخامس
أخرج الطبراني في المعجم الكبير
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رِشْدِينَ ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي الطَّاهِرِ بْنِ السَّرْحِ الْمِصْرِيَّانِ ، قَالا : ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ ، عَنِ الأَعْمَشِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : " كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ تَكْفِيهِ الدَّاخِلَ ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ أَسَدٍ تَكْفِيهِ الْخَارِجَ " ، يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أحمد بن رشدين وإن كان متهم بالوضع إلا أنه تابعه عمرو بن أبي الطاهر الثقة ، وبقية رجال السند ثقات غير أن أبي البختري لم يسمع من علي ، فالإسناد قوي وإن كان مرسلاً
[line]-[/line]
الشاهد الخامس
النسائي في سننه بسند صحيح
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : أنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : أنا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ مَيْسَرَةَ بْنِ حَبِيبٍ ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ ، أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَتْ : " مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا ، وَهَدْيًا ، وَدَلا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ إِلَيْهَا وَقَبَّلَهَا ، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا ، فَقَبَّلَتْهُ وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا ، فَلَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ وَقَبَّلَتْهُ ، ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا فَبَكَتْ ، ثُمَّ أَكَبَّتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا فَضَحِكَتْ ، فَقُلْتُ : إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ مِنْ أَعْقِلِ النِّسَاءِ ، فَإِذَا هِيَ مِنَ النِّسَاءِ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْتُ : أَرَأَيْتِ حِينَ أَكَبَّيْتِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَفَعْتِ رَأْسَكِ فَبَكَيْتِ ، ثُمَّ أَكَبَّيْتِ عَلَيْهِ فَرَفَعْتِ فَضَحِكْتِ ، مَا حَمَلَكِ عَلَى ذَلِكَ ؟ قَالَتْ : أَخْبَرَنِي تَعْنِي أَنَّهُ مَيِّتٌ مِنْ وَجَعِهِ هَذَا ، فَبَكَيْتُ ، ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنِّي أَسْرَعُ أَهْلِ بَيْتِي لُحُوقًا بِهِ ، فَذَلِكَ حِينَ ضَحِكْتُ " .
وهذا الحديث مما علق عليه الشيعة مفصلاً ، قيام رسول الله وهو نبي الأمة وخير الخلق اجمعين لابنته الصبية وتقبيلها ثم يجلسها في مجلسه ، هذه كلها والله اشارات واضحة لدلالات عميقة لا يفهمها إلا من ألقى السمع ، وإلا من طهر قلبه فاستعد لقبول الايمان بهذا المقام الخاص جداً لفاطمة .
أما ان تفعل هي له ذلك ففيه دلالة على غاية الادب وشدة الاحترام و عمق معرفتها بأبيها حبيب الله جعلني الله فداء معرفتها ، اما عن ما اصابها في مرض أبيها صلى الله عليه وآله وتعاطي النبي (ص) بهذا النحو من الرأفة و خصها بهذه الأسرار ، فأقول يكفي ان ذلك لم يكن لغيرها لبيان فضلها عليهم ، فهي أفضل من الكل غير علي أشهد الله على ذلك بقلبي وعقلي ولحمي ودمي وبدني
[line]-[/line]
الشاهد السادس : حال مولاتنا الحوراء الطاهرة بعد وفاة أبيها
البخاري
حدثنا سليمان بن حرث حدثنا حماد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه فقالت فاطمة عليها السلام واكرب أباه فقال لها ليس على أبيك كرب بعد اليوم فلما مات قالت يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه يا أبتاه إلى جبريل ننعاه فلما دفن قالت فاطمة عليها السلام يا أنس أطابت أنفسكم ان تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب
الطبري بسند صحيح إلى الإمام الباقر
دثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر قال مكثت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر وما رؤيت ضاحكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنهم قد امتروا في طرف نابها
[line]-[/line]
كنية السيدة الزهراء ، مستفاد من بعض أبحاث أخينا الفاضل أسد الله الغالب
في مقاتل الطالبيين للاصفهاني
كانت فاطمة تكنى أم أبيها ، ذكر ذلك قعيب بن محرز الباهلي ، حدثني بن محمد بن زكريا الصحاف ، عن أبي نعيم الفضل بن دكين عن الحسين بن زيد بن علي ، عن جعفر بن محمد عن أبيه
الطبراني في المعجم الكبير
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن بن جريج قال قال لي غير واحد كانت فاطمة أصغرهن وأحبهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكذلك
حدثنا الحسين بن فهم ثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال كنية فاطمة أم أبيها
وكذلك
حدثنا محمد بن علي المديني فستقة قال وكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تكنى أم أبيها