بسم الله
السلام عليكم
بعد أن أغلق المشرف الإسلامي الموضوع الذي فتحه الأخ الباقر حول سهو المعصوم - بناءً على رأي السيد لخوئي قدس سره ، وقد وصل فيه الموضوع إلى تهديدات لا داعي لها أبداً ، فأحببت أن أدافع عن أستاذ الفقهاء السيد الخوئي قدس سره وأبيّن من نفس كلمات السيد نفسه أن السيد الخوئي قدس سره لا يقول بسهو المعصوم ، وطبعاً هذا الموضوع الذي أفتحه الآن ليس لي طاقة فيه على مناوشات ومهاوشات خارج صلب الموضوع ، ومن هنا من يريد أن يدلي بدلوه فليكن شعاره : حرية التعبير لا تقتضي حرية التدمير .
*********************
في استفتاء وجّه لسماحة المقدس الخوئي رضوان الله عليه حول قضية سهو النبي صلى الله عليه وآله ، فأجاب بجواب فهم منه أناس أنه ينفي عصمة المعصوم عليه السلام في الأمور والموضوعات الخارجية ، وإليكم الإستفتاء المعلوم لديكم :
22 السؤال ما هي حقيقة الحال في مسألة إسهاء النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن صلاة الصبح ؟.. وهل يلزم أن يسهي الله تعالى نبيه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ليعلم أنه ليس بإله ، والله تعالى يقول ( وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق ) ـ الفرقان ـ 25 ـ 7 إلى آيات أخرى ، تدل على أنه بشر علاوة على ولادته ووفاته صلى الله عليه وآله وسلم ؟ ثم .. هل يلزم أن يسهي الله تعالى رسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لتكون رحمة للامة لكي لا يعير أحد أحدا إذا نام عن صلاته ، وقد أجرى الله سبحانه كثيرا من أحكامه على أناس آخرين لا على الرسول نفسه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ هذا إذا لا حظنا أنه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان قد ( أنيم ) وليس ( نام ) والفرق واضح بين الحالتين ؟.. وهل صحيح أن ذا اليدين الذي تدور عليه روايات الاسهاء أو السهو لا أصل له ، وأنه رجل مختلق كما يذهب إلى ذلك الشيخ الحر العاملي قدس سره في رسالته التنبيه بالمعلوم من البرهان على تنزيه المعصوم عن السهو النسيان ؟
الجواب القدر المتيقن من السهو الممنوع على المعصوم هو السهو في غير الموضوعات الخارجية ، والله العالم.
ولكن هل يستشف حقيقة من هذا الجواب أن السيد قدس سره يقول بأن المعصوم عليه السلام هو غير معصوم عن السهو والخطأ في الأمور والموضوعات الخارجية ؟
ويمكن القول في الجواب :
* إن حديث السيد رضوان الله تعالى عليه يصب في نقطة معينة وهي أن السهو في غير الموضوعات الخارجية هو ممنوع ، لأنه القدر المتيقن ، فهل الأفراد الأخرى من قائمة السهو يقول السيد بأنها غير ممتنعة وأنه غير معصوم فيها ؟ والحق أن السيد قدس سره لم يُبدِ رأياً في الموضوع لا إيجاباً ولا سلباً ، ولا بد حينئذ من التماس دليل آخر غير ما ذكر ، لأن السيد ليس في مقام بيان جميع جهات الموضوع ( قائمة أفراد السهو ) وإنما في مقام بيان أن المعصوم معصوم عن السهو في غير الموضوعات الخارجية فقط وفقط .
* ولكن لو راجعنا كلمات السيد قدس سره في بحوثه العالية والتي كتبت بقلم كبار تلامذته قدس الله أرواحهم ، نجد جواباً واضحاً عن هذا السؤال ، ولكن قبل استعراض كلمات السيد في ذلك نقدّم مقدمة صغيرة :
* بما أن مورد الإستفتاء المتقدم هو قضية سهو النبي صلى الله عليه وآله عن الصلاة ، فهل يمكننا نفي القول بأن هذا السهو هو سهو شيطاني ؟
الحقيقة لا يمكننا ذلك ، وذلك لأن السهو كما في الروايات هو من الشيطان ، وخصوصاً في مورد الصلاة ، والدليل على تلك الروايات التي تتحدث عن أن السهو في الصلاة هو من الشيطان ، من مثل :
+ صحيحة ابن مسلم : «إذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك ، فانّه يوشك أن يدعك ، إنّما هو من الشيطان» الوسائل 8 : 227 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 16 ح 1 .
+ صحيحة زرارة وأبي بصير ـ ولعلّها أوضح ـ قالا «قلنا له : الرجل يشكّ كثيراً في صلاته حتّى لايدري كم صلّى ولا ما بقي عليه ، قال : يعيد ، قلنا : فانّه يكـثر عليه ذلك ، كلّما أعاد شكّ ، قال : يمضي في شكّه ، قال : لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه ، فانّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد فليمض أحدكم في الوهم ، ولا يكثرنّ نقض الصلاة ، فانّه إذا فعل ذلك مرّات لم يعد إليه الشكّ ... » إلخ
الوسائل 8 : 228 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 16 ح
وطبعاً لا فرق بين كثرة السهو وقلته حتى في المرة الواحدة في كونه من الشيطان الرجيم ، ولا شك أن السهو حينئذ - إذا تابعنا هذه الروايات الصريحة - يكون مصداقاً من مصاديق الرجس ، والله عصم نبيه وآله الطاهرين من الرجس بنص آية التطهير .
*********************
إذا عرفنا هذا ، فكلمات السيد الخوئي في عدة موارد طافحة بنفي السهو عن المعصوم في الموضوعات الخارجية ، وإليكم كلماته ( لا حظ تكبير الخط ) :
( 1 ) = ومنها : ما روى عن زيد بن علي عن آبائه عن علي (عليه السلام) المشتمل على حكاية سهو النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وزيادته الخامسة في صلاة الظهر ، وإتيانه بسجدتي السهو بعد أن ذكّره الأصحاب (1) ، ولكنّها بالرغم من صحّة سندها غير ثابتة عندنا ، لمنافاة مضمونها مع القواعد العقلية كما لا يخفى فهي غير قابلة للتصديق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 233 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 19 ح 9 .
( ج 8 من مستند العروة الوثقى ص 40 - 41 )
**************************************************
( 2 ) = فمنها : صحيحة جميل «عن رجل صلّى ركعتين ثمّ قام ، قال : يستقبل ، قلت : فما يروي الناس ، فذكر حديث ذي الشـمالين ، فقال : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يبرح من مكانه ، ولو برح استقبل»(4) .
ونحوها موثّقة أبي بصير (1) وسماعة (2) .
ولا يقدح اشتمال هذه الروايات على حكاية سهو النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ـ المنافي لاُصول المذهب ـ في صحّة الاستدلال بها ، فانّ الإمام (عليه السلام) لم يصدّق السائل ولم يقرّره في تلك الحكاية كما يشعر به جوابه بما يشتمل على كلمة «لو» في قوله : «ولو برح ... » التي هي للامتناع ، غايته أ نّه (عليه السلام) لم يكذّبه فيما زعمه ، فلتكن محمولة على التقية من هذه الجهة . وأمّا بيان الحكم الكلّي وهو أنّ المصلّي لو برح استقبل الذي هو مناط الاستدلال فهو حكم واقعي، ولا تقيّة فيه وإن كان التطبيق على المورد بعدم التكذيب مبنيّاً عليها كما عرفت .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) الوسائل 8 : 200 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 ح 7 .
(1) ، (2) الوسائل 8 : 201 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 ح 10 ، 11 .
( ج 8 من نفس المصدر السابق ص 80 - 81 ) .
**************************
( 3 ) = وربما يستدلّ أيضاً بجملة من الروايات الواردة في سهو النبيّ (صلّى الله عليه وآله) في صلاة الظهر وتسليمه على الركعتين المشتملة على قصة ذي الشمالين وأ نّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعد أن سأل القوم وتثبّت من سهوه تدارك الركعتين ثمّ سجد سجدتين للسهو(1) ، وفي بعضها كصحيح الأعرج التصريح بأ نّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سجد سجدتين لمكان الكلام (2) .
وفيه أوّلاً : أنّ هذه الروايات في أنفسها غير قابلة للتصديق وإن صحّت أسانيدها، لمخالفتها لاُصول المذهب . على أ نّها معارضة في موردها بموثّقة زرارة المصرّحة بأ نّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يسـجد للسهو ، قال : «سألت أبا جعفر (عليه السلام) هل سجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سجدتي السهو قط ؟ قال : لا ، ولا يسجدهما فقيه» (1) . فلا بدّ من ارتكاب التأويل أو الحمل على التقية أو الضرب عرض الجدار .
(1) الوسائل 8 : 198 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 .
(2) الوسائل 8 : 203 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 ح 16
(1) الوسائل 8 : 202 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 ح 13 .
( ج 8 من المصدر السابق ص 340 - 341 )
****************
( 4 ) = بقي الكلام حول هذه الأذكار نفسها وأ نّه هل يجزي أحدها من باب التخيير أو يتعيّن الذكر الأخير مع الواو في «السلام عليك» أو بدونه فنقول : قد عرفت أنّ الحلبي رواها عن أبي عبدالله (عليه السلام) تارة بصيغة الصلاة وسمعه مرّة اُخرى يقولها بصيغة التسليم ، لا بمعنى مباشرته (عليه السلام) لها في سجود السهو كي يخدش في صحّة الحديث بمنافاته مع ما استقرّت عليه اُصول المذهب من تنزّه المعصوم (عليه السلام) من السهو ، بل بمعنى سماع الفتوى منه وأ نّه سمعه يقول في حكم المسألة كذا ، بشهادة صدر الحديث ، حيث قال : تقول في سجدتي السهو كذا ، وهذا استعمال دارج في لسان الأخبار وغيرها ، حيث يعبّر عند حكاية رأي أحد بالسماع عنه أ نّه يقول كذا ، نظير ما ورد من أ نّه سمعته يقـول : في القتل مائة من الإبل ، كما مثّل به صاحب الوسائل (1) . فهو من باب حكاية القول ، لا حكاية الفعل كما لا يخفى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الظهور مبنيّ على ثبوت نسخة الفقيه بصورة «تقول» ، وهو غير واضح بعد اختلاف النسخ وعدم الجزم بالصحيح منها كما لا يخفى .
(2) [ ذهب إلى الوجوب بعض العامة ، لاحظ المجموع 4 : 161 ، فتح العزيز 4 : 179 ، الفتاوى الهندية 1 : 125 ] .
(1) الوسائل 8 : 234 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 20 ذيل ح 1
المصدر السابق ص 391
********************
( 5 ) = موثّقة زيد بن علي الواردة في سهو النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في صلاة الظهر والإتيـان بها خمس ركعات ، وفيها « ... فاسـتقبل القبلة وكبّر وهو جالس ، ثمّ سجد سجدتين ... » إلخ (2) .
وفيه أوّلاً : معارضتها بما ورد في غير واحد من الأخبار من تكذيب نسبة السهو إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأ نّه لم يسهُ في صلاته قط ، ولم يسجد سجدتي السهو قط (3) . فهي محمولة على التقية لا محالة .
( 3 ) الوسائل 8 : 202 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 ح 13 وغيره .
المصدر السابق ص 397
****************
( 6 ) = في صحيح زرارة «أن علياً (عليه السلام) طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد وأضاف إليه ستّاً ، ثمّ صلّى ركعتين» (1) فهو كالصريح في أنّ الطّواف الثاني هو الواجب وهو الّذي يعتد به ، وأمّا السبعة الاُولى فقد تركها أي رفع اليد عنها وألغاها ، ولو كان الأوّل هو الواجب لا معنى لقوله : «فيترك سبعة» . ويؤيّد بأنّ الأوّل لو كان واجباً لاستلزم القران بين الفريضة والنافلة ، وهذا بخلاف ما إذا كان الثاني واجباً فان إتيان الفريضة بعد النافلة غير ممنوع وليس من القِران الممنوع .
نعم ، هنا إشكال آخر وهو منافاة الاتيان بالشوط الثامن سهواً لعصمة الإمام (عليه السلام) حتّى في الاُمور الخارجية وذلك مناف لمذهب الشيعة ، فيمكن إخراج هذه الرواية مخرج التقية في إسناد السهو إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ومثل ذلك غير عزيز في الأخبار فلا ينافي ثبوت أصل الحكم .
(1) الوسائل 13 : 365 / أبواب الطّواف ب 34 ح 7
المعتمد في شرح المناسك ج 4 ص 75
السلام عليكم
بعد أن أغلق المشرف الإسلامي الموضوع الذي فتحه الأخ الباقر حول سهو المعصوم - بناءً على رأي السيد لخوئي قدس سره ، وقد وصل فيه الموضوع إلى تهديدات لا داعي لها أبداً ، فأحببت أن أدافع عن أستاذ الفقهاء السيد الخوئي قدس سره وأبيّن من نفس كلمات السيد نفسه أن السيد الخوئي قدس سره لا يقول بسهو المعصوم ، وطبعاً هذا الموضوع الذي أفتحه الآن ليس لي طاقة فيه على مناوشات ومهاوشات خارج صلب الموضوع ، ومن هنا من يريد أن يدلي بدلوه فليكن شعاره : حرية التعبير لا تقتضي حرية التدمير .
*********************
في استفتاء وجّه لسماحة المقدس الخوئي رضوان الله عليه حول قضية سهو النبي صلى الله عليه وآله ، فأجاب بجواب فهم منه أناس أنه ينفي عصمة المعصوم عليه السلام في الأمور والموضوعات الخارجية ، وإليكم الإستفتاء المعلوم لديكم :
22 السؤال ما هي حقيقة الحال في مسألة إسهاء النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ عن صلاة الصبح ؟.. وهل يلزم أن يسهي الله تعالى نبيه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ليعلم أنه ليس بإله ، والله تعالى يقول ( وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق ) ـ الفرقان ـ 25 ـ 7 إلى آيات أخرى ، تدل على أنه بشر علاوة على ولادته ووفاته صلى الله عليه وآله وسلم ؟ ثم .. هل يلزم أن يسهي الله تعالى رسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ لتكون رحمة للامة لكي لا يعير أحد أحدا إذا نام عن صلاته ، وقد أجرى الله سبحانه كثيرا من أحكامه على أناس آخرين لا على الرسول نفسه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ هذا إذا لا حظنا أنه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ كان قد ( أنيم ) وليس ( نام ) والفرق واضح بين الحالتين ؟.. وهل صحيح أن ذا اليدين الذي تدور عليه روايات الاسهاء أو السهو لا أصل له ، وأنه رجل مختلق كما يذهب إلى ذلك الشيخ الحر العاملي قدس سره في رسالته التنبيه بالمعلوم من البرهان على تنزيه المعصوم عن السهو النسيان ؟
الجواب القدر المتيقن من السهو الممنوع على المعصوم هو السهو في غير الموضوعات الخارجية ، والله العالم.
ولكن هل يستشف حقيقة من هذا الجواب أن السيد قدس سره يقول بأن المعصوم عليه السلام هو غير معصوم عن السهو والخطأ في الأمور والموضوعات الخارجية ؟
ويمكن القول في الجواب :
* إن حديث السيد رضوان الله تعالى عليه يصب في نقطة معينة وهي أن السهو في غير الموضوعات الخارجية هو ممنوع ، لأنه القدر المتيقن ، فهل الأفراد الأخرى من قائمة السهو يقول السيد بأنها غير ممتنعة وأنه غير معصوم فيها ؟ والحق أن السيد قدس سره لم يُبدِ رأياً في الموضوع لا إيجاباً ولا سلباً ، ولا بد حينئذ من التماس دليل آخر غير ما ذكر ، لأن السيد ليس في مقام بيان جميع جهات الموضوع ( قائمة أفراد السهو ) وإنما في مقام بيان أن المعصوم معصوم عن السهو في غير الموضوعات الخارجية فقط وفقط .
* ولكن لو راجعنا كلمات السيد قدس سره في بحوثه العالية والتي كتبت بقلم كبار تلامذته قدس الله أرواحهم ، نجد جواباً واضحاً عن هذا السؤال ، ولكن قبل استعراض كلمات السيد في ذلك نقدّم مقدمة صغيرة :
* بما أن مورد الإستفتاء المتقدم هو قضية سهو النبي صلى الله عليه وآله عن الصلاة ، فهل يمكننا نفي القول بأن هذا السهو هو سهو شيطاني ؟
الحقيقة لا يمكننا ذلك ، وذلك لأن السهو كما في الروايات هو من الشيطان ، وخصوصاً في مورد الصلاة ، والدليل على تلك الروايات التي تتحدث عن أن السهو في الصلاة هو من الشيطان ، من مثل :
+ صحيحة ابن مسلم : «إذا كثر عليك السهو فامض على صلاتك ، فانّه يوشك أن يدعك ، إنّما هو من الشيطان» الوسائل 8 : 227 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 16 ح 1 .
+ صحيحة زرارة وأبي بصير ـ ولعلّها أوضح ـ قالا «قلنا له : الرجل يشكّ كثيراً في صلاته حتّى لايدري كم صلّى ولا ما بقي عليه ، قال : يعيد ، قلنا : فانّه يكـثر عليه ذلك ، كلّما أعاد شكّ ، قال : يمضي في شكّه ، قال : لا تعوّدوا الخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه ، فانّ الشيطان خبيث معتاد لما عوّد فليمض أحدكم في الوهم ، ولا يكثرنّ نقض الصلاة ، فانّه إذا فعل ذلك مرّات لم يعد إليه الشكّ ... » إلخ
الوسائل 8 : 228 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 16 ح
وطبعاً لا فرق بين كثرة السهو وقلته حتى في المرة الواحدة في كونه من الشيطان الرجيم ، ولا شك أن السهو حينئذ - إذا تابعنا هذه الروايات الصريحة - يكون مصداقاً من مصاديق الرجس ، والله عصم نبيه وآله الطاهرين من الرجس بنص آية التطهير .
*********************
إذا عرفنا هذا ، فكلمات السيد الخوئي في عدة موارد طافحة بنفي السهو عن المعصوم في الموضوعات الخارجية ، وإليكم كلماته ( لا حظ تكبير الخط ) :
( 1 ) = ومنها : ما روى عن زيد بن علي عن آبائه عن علي (عليه السلام) المشتمل على حكاية سهو النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وزيادته الخامسة في صلاة الظهر ، وإتيانه بسجدتي السهو بعد أن ذكّره الأصحاب (1) ، ولكنّها بالرغم من صحّة سندها غير ثابتة عندنا ، لمنافاة مضمونها مع القواعد العقلية كما لا يخفى فهي غير قابلة للتصديق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1) الوسائل 8 : 233 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 19 ح 9 .
( ج 8 من مستند العروة الوثقى ص 40 - 41 )
**************************************************
( 2 ) = فمنها : صحيحة جميل «عن رجل صلّى ركعتين ثمّ قام ، قال : يستقبل ، قلت : فما يروي الناس ، فذكر حديث ذي الشـمالين ، فقال : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يبرح من مكانه ، ولو برح استقبل»(4) .
ونحوها موثّقة أبي بصير (1) وسماعة (2) .
ولا يقدح اشتمال هذه الروايات على حكاية سهو النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ـ المنافي لاُصول المذهب ـ في صحّة الاستدلال بها ، فانّ الإمام (عليه السلام) لم يصدّق السائل ولم يقرّره في تلك الحكاية كما يشعر به جوابه بما يشتمل على كلمة «لو» في قوله : «ولو برح ... » التي هي للامتناع ، غايته أ نّه (عليه السلام) لم يكذّبه فيما زعمه ، فلتكن محمولة على التقية من هذه الجهة . وأمّا بيان الحكم الكلّي وهو أنّ المصلّي لو برح استقبل الذي هو مناط الاستدلال فهو حكم واقعي، ولا تقيّة فيه وإن كان التطبيق على المورد بعدم التكذيب مبنيّاً عليها كما عرفت .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) الوسائل 8 : 200 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 ح 7 .
(1) ، (2) الوسائل 8 : 201 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 ح 10 ، 11 .
( ج 8 من نفس المصدر السابق ص 80 - 81 ) .
**************************
( 3 ) = وربما يستدلّ أيضاً بجملة من الروايات الواردة في سهو النبيّ (صلّى الله عليه وآله) في صلاة الظهر وتسليمه على الركعتين المشتملة على قصة ذي الشمالين وأ نّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعد أن سأل القوم وتثبّت من سهوه تدارك الركعتين ثمّ سجد سجدتين للسهو(1) ، وفي بعضها كصحيح الأعرج التصريح بأ نّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سجد سجدتين لمكان الكلام (2) .
وفيه أوّلاً : أنّ هذه الروايات في أنفسها غير قابلة للتصديق وإن صحّت أسانيدها، لمخالفتها لاُصول المذهب . على أ نّها معارضة في موردها بموثّقة زرارة المصرّحة بأ نّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يسـجد للسهو ، قال : «سألت أبا جعفر (عليه السلام) هل سجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سجدتي السهو قط ؟ قال : لا ، ولا يسجدهما فقيه» (1) . فلا بدّ من ارتكاب التأويل أو الحمل على التقية أو الضرب عرض الجدار .
(1) الوسائل 8 : 198 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 .
(2) الوسائل 8 : 203 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 ح 16
(1) الوسائل 8 : 202 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 ح 13 .
( ج 8 من المصدر السابق ص 340 - 341 )
****************
( 4 ) = بقي الكلام حول هذه الأذكار نفسها وأ نّه هل يجزي أحدها من باب التخيير أو يتعيّن الذكر الأخير مع الواو في «السلام عليك» أو بدونه فنقول : قد عرفت أنّ الحلبي رواها عن أبي عبدالله (عليه السلام) تارة بصيغة الصلاة وسمعه مرّة اُخرى يقولها بصيغة التسليم ، لا بمعنى مباشرته (عليه السلام) لها في سجود السهو كي يخدش في صحّة الحديث بمنافاته مع ما استقرّت عليه اُصول المذهب من تنزّه المعصوم (عليه السلام) من السهو ، بل بمعنى سماع الفتوى منه وأ نّه سمعه يقول في حكم المسألة كذا ، بشهادة صدر الحديث ، حيث قال : تقول في سجدتي السهو كذا ، وهذا استعمال دارج في لسان الأخبار وغيرها ، حيث يعبّر عند حكاية رأي أحد بالسماع عنه أ نّه يقول كذا ، نظير ما ورد من أ نّه سمعته يقـول : في القتل مائة من الإبل ، كما مثّل به صاحب الوسائل (1) . فهو من باب حكاية القول ، لا حكاية الفعل كما لا يخفى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الظهور مبنيّ على ثبوت نسخة الفقيه بصورة «تقول» ، وهو غير واضح بعد اختلاف النسخ وعدم الجزم بالصحيح منها كما لا يخفى .
(2) [ ذهب إلى الوجوب بعض العامة ، لاحظ المجموع 4 : 161 ، فتح العزيز 4 : 179 ، الفتاوى الهندية 1 : 125 ] .
(1) الوسائل 8 : 234 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 20 ذيل ح 1
المصدر السابق ص 391
********************
( 5 ) = موثّقة زيد بن علي الواردة في سهو النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في صلاة الظهر والإتيـان بها خمس ركعات ، وفيها « ... فاسـتقبل القبلة وكبّر وهو جالس ، ثمّ سجد سجدتين ... » إلخ (2) .
وفيه أوّلاً : معارضتها بما ورد في غير واحد من الأخبار من تكذيب نسبة السهو إلى النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأ نّه لم يسهُ في صلاته قط ، ولم يسجد سجدتي السهو قط (3) . فهي محمولة على التقية لا محالة .
( 3 ) الوسائل 8 : 202 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 3 ح 13 وغيره .
المصدر السابق ص 397
****************
( 6 ) = في صحيح زرارة «أن علياً (عليه السلام) طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد وأضاف إليه ستّاً ، ثمّ صلّى ركعتين» (1) فهو كالصريح في أنّ الطّواف الثاني هو الواجب وهو الّذي يعتد به ، وأمّا السبعة الاُولى فقد تركها أي رفع اليد عنها وألغاها ، ولو كان الأوّل هو الواجب لا معنى لقوله : «فيترك سبعة» . ويؤيّد بأنّ الأوّل لو كان واجباً لاستلزم القران بين الفريضة والنافلة ، وهذا بخلاف ما إذا كان الثاني واجباً فان إتيان الفريضة بعد النافلة غير ممنوع وليس من القِران الممنوع .
نعم ، هنا إشكال آخر وهو منافاة الاتيان بالشوط الثامن سهواً لعصمة الإمام (عليه السلام) حتّى في الاُمور الخارجية وذلك مناف لمذهب الشيعة ، فيمكن إخراج هذه الرواية مخرج التقية في إسناد السهو إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) ومثل ذلك غير عزيز في الأخبار فلا ينافي ثبوت أصل الحكم .
(1) الوسائل 13 : 365 / أبواب الطّواف ب 34 ح 7
المعتمد في شرح المناسك ج 4 ص 75