ابن حجر العسقلاني يرد على ابن الجوزي وابن تيمية في قضية رد الشمس لعلي صلوات الله عليه

18 أبريل 2010
30
0
0
بسم الله
السلام عليكم

لا شك أن لعلي صلوات الله عليه من الفضائل ما ملأ الخافقين ، إذ أخفى أعداؤه فضائله عداوة وحسداً ، وأخفى أولياؤه وأحباؤه فضائله خوفاً وفرقاً ، فظهر ما بينهما ما ملأ الخافقين .

ومن تلك الفضائل المجيدة هي قضية رد الشمس له صلوات الله عليه أسوة بالأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين .

وقد حاول البعض طمس الحقيقة والفضائل المشرقة التي ملأت الخافقين ، وكان من روّاد الطمس ابن تيمية وابن الجوزي ، ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره ولو كره المنكرون .

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ اَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزَا نَبِيٌّ مِنْ الْاَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَاَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ اَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا وَلَا اَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا وَلَا اَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا اَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلَادَهَا فَغَزَا فَدَنَا مِنْ الْقَرْيَةِ صَلَاةَ الْعَصْرِ اَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ لِلشَّمْسِ اِنَّكِ مَاْمُورَةٌ وَاَنَا مَاْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ فَجَاءَتْ يَعْنِي النَّارَ لِتَاْكُلَهَا فَلَمْ تَطْعَمْهَا فَقَالَ اِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمْ الْغُلُولُ فَلْيُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ اَوْ ثَلَاثَةٍ بِيَدِهِ فَقَالَ فِيكُمْ الْغُلُولُ فَجَاءُوا بِرَاْسٍ مِثْلِ رَاْسِ بَقَرَةٍ مِنْ الذَّهَبِ فَوَضَعُوهَا فَجَاءَتْ النَّارُ فَاَكَلَتْهَا ثُمَّ اَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الْغَنَائِمَ رَاَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَاَحَلَّهَا لَنَا

الشرح‏:‏

حديثه في قصة النبي الذي غزا القرية قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن المبارك‏)‏ كذا في جميع الروايات، لكن قال ابو نعيم في المستخرج ‏"‏ اخرجه البخاري عن محمد بن العلاء عن ابن المبارك او غيره ‏"‏ وهذا الشك انما هو من ابي نعيم، فقد اخرجه الاسماعيلي عن ابي يعلى عن محمد بن العلاء عن ابن المبارك وحده به

قوله‏:‏ ‏(‏غزا نبي من الانبياء‏)‏ اي اراد ان يغزو، وهذا النبي هو يوشع بن نون كما رواه الحاكم من طريق كعب الاحبار وبين تسمية القرية كما سياتي، وقد ورد اصله من طريق مرفوعة صحيحة اخرجها احمد من طريق هشام عن محمد بن سيربن عن ابي هريرة قال ‏"‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشمس لم تحبس لبشر الا ليوشع بن نون ليالي سار الى بيت المقدس ‏"‏

واغرب ابن بطال فقال في ‏"‏ باب استئذان الرجل الامام ‏"‏‏:‏ في هذا المعنى حديث لداود عليه الصلاة والسلام انه قال في غزوة خرج اليها ‏"‏ لا يتبعني من ملك بضع امراة ولم يبن بها، او بنى دارا ولم يسكنها ‏"‏ ولم اقف على ما ذكره مسندا

لكن اخرج الخطيب في ‏"‏ ذم النجوم ‏"‏ له من طريق ابي حذيفة والبخاري في ‏"‏ المبتدا ‏"‏ له باسناد له عن علي قال ‏"‏ سأل قوم يوشع منه ان يطلعهم على بدء الخلق واجالهم، فاراهم ذلك في ماء من غمامة امطرها الله عليهم، فكان احدهم يعلم متى يموت، فبقوا على ذلك الى ان قاتلهم داود على الكفر، فاخرجوا الى داود من لم يحضر اجله فكان يقتل من اصحاب داود ولا يقتل منهم، فشكى الى الله ودعاه فحبست عليهم الشمس فزيد في النهار فاختلطت الزيادة بالليل والنهار، فاختلط عليهم حسابهم ‏"‏ قلت‏:‏ واسناده ضعيف جدا، وحديث ابي هريرة المشار اليه عند احمد اولى، فان رجال اسناده محتج بهم في الصحيح، فالمعتمد انها لم تحبس الا ليوشع،

ولا يعارضه ما ذكره ابن اسحاق في ‏"‏ المبتدا ‏"‏ من طريق يحيى بن عروة بن الزبير عن ابيه ‏"‏ ان الله لما امر موسى بالمسير ببني اسرائيل امره ان يحمل تابوت يوسف فلم يدل عليه حتى كاد الفجر ان يطلع، وكان وعد بني اسرائيل ان يسير بهم اذا طلع الفجر، فدعا ربه ان يؤخر الطلوع حتى فرغ من امر يوسف ففعل، لان الحصر انما وقع في حق يوشع بطلوع الشمس فلا ينفي ان يحبس طلوع الفجر لغيره

وقد اشتهر حبس الشمس ليوشع حتى قال ابو تمام في قصيدة‏:‏ فوالله لا ادري أأحلام نائم المت بنا ام كان في الركب يوشع

ولا يعارضه ايضا ما ذكره يونس بن بكير في زياداته في مغازي ابن اسحاق ‏"‏ ان النبي صلى الله عليه وسلم لما اخبر قريشا صبيحة الاسراء انه راى العير التي لهم وانها تقدم مع شروق الشمس، فدعا الله فحبست الشمس حتى دخلت العير ‏"‏ وهذا منقطع

لكن وقع في ‏"‏ الاوسط للطبراني ‏"‏ من حديث جابر ‏"‏ ان النبي صلى الله عليه وسلم امر الشمس فتاخرت ساعة من نهار ‏"‏ واسناده حسن

ووجه الجمع ان الحصر محمول على ما مضى للانبياء قبل نبينا صلى الله عليه وسلم فلم تحبس الشمس الا ليوشع وليس فيه نفي انها تحبس بعد ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم

وروى الطحاوي والطبراني في ‏"‏ الكبير ‏"‏ والحاكم والبيهقي في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ عن اسماء بنت عميس انه صلى الله عليه وسلم دعا لما نام على ركبة علي ففاتته صلاة العصر فردت الشمس حتى صلى علي ثم غربت، وهذا ابلغ في المعجزة

وقد أخطأ ابن الجوزي بايراده له في ‏"‏ الموضوعات ‏"‏ وكذا ابن تيمية في ‏"‏ كتاب الرد على الروافض ‏"‏ في زعم وضعه والله اعلم


واما ما حكى عياض ان الشمس ردت للنبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق لما شغلوا عن صلاة العصر حتى غربت الشمس فردها الله عليه حتى صلى العصر - كذا قال وعزاه للطحاوي، والذي رايته في ‏"‏ مشكل الاثار للطحاوي ‏"‏ ما قدمت ذكره من حديث اسماء فان ثبت ما قال فهذه قصة ثالثة والله اعلم....


http://www.al-eman.com/hadeeth/viewc...=12&CID=308&SW