وعندما صار عبدا، صار ربا ... دليلها من صحيح البخاري

قاسم

New Member
18 أبريل 2010
245
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين .

ورد في الأثر عن عيسى بن مريم عليه السلام انه قال: يا بني إسرائيل لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلوهم (1) .

العبارة التي قالها آية الله العظمى الوحيد الخرساني دام ظله العالي في إحدى محاظراته المكتوبة، فعلا هي من مصايق: "لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها" على الأقل من وجهة نظري، فمن يكون فلان وفلان حتى يخوضوا في أبحاث ليست من مستواهم...

ونص العبارة وردت في كلام الشيخ حفظه الله في سياق شرحه لإحدى فقرات الزيارة الجامعة الكبيرة مع تطبيقها على مولانا الإمام المهدي عليه السلام وهي فقرة: "وذل كل شئ لكم" وقال ما يلي:

فكل ما يصدق عليه انه شئ فقد ذل لساحتكم، جبرئيل شئ فهو ذليل لكم، وميكائيل كذلك، العرش شئ فهو ذليل أمام ساحتكم، إنه ذليل قبال إمام العصر، الكرسي واللوح والقلم هي أشياء، فهي خاضعة وذليلة لدى الحجة بن الحسن عليه السلام، هناك يذل كل شئ ... لماذا ؟ لأنه صار عبدا، وعندما صار عبدا، صار ربا، فالعبودية جوهرة كنهها الربوبية، فمن ملك هذه الجوهرة تحققت ربوبيته بالله تعالى لا بالاستقلال بالنسبة للأشياء .
انتهى المقصود من كلامه (2)

وهذا الكلام لا إشكال فيه، فلا يوجد فيه شئ من الغلو، ولا يوجد فيه شئ من الشرك، لأن هذا الكلام يذكر مقام الإمام الحجة عليه السلام بما هو عبدٌ لله تعالى، ولكن ليست أية عبودية، بل هي عبودية بمعنىِ راقِ جدا، وليتضح المطلب أكثر لنقرأ هذه الرواية الموجودة في كتب الشيعة والسنة:

1 - مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَأَبُو عَلِيٍّ الأشْعَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عَلَيهِ السَّلام) يَقُولُ قَالَ رَسُولُ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه) قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيّاً فَقَدْ أَرْصَدَ لِمُحَارَبَتِي وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدٌ بِشَيْ‏ءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَيَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّافِلَةِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَلِسَانَهُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا إِنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ وَإِنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْ‏ءٍ أَنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِي عَنْ مَوْتِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ.
الكافي ج 2 ص 352

2 - ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَطَاءٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ ‏
‏قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِنَّ اللَّهَ قَالَ ‏ ‏مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ ‏ ‏آذَنْتُهُ ‏ ‏بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ

صحيح البخاري ج 7 ص 190


وبعد، فهل ترون في كلام الشيخ صان الله مهجته أي زيادة عما ذكرته الرواية أعلاه ؟؟؟
نحن نعتقد بأن النبي الأعظم وأهل بيته عليهم السلام هم أفضل خلق الله تعالى، والرواية أعلاه تعطي تلك الخصوصيات للمؤمن العادي الذي يتقرب إلى الله تعالى بالنوافل، بعد الفرائض، وهي ثمرة المحبة الإلهية، فأي إشكال في ذلك ؟؟؟





----------------------------------
هامش:
(1) انظر: الكافي للكليني ج 1 ص 42 والمستدرك للحاكم ج 4 ص 270 واللفظ للأول.
(2) انظر: مقتطفات ولائية، ترجمة عباس بن نخي ص 39 و 40