صحيح مسلم: أبو الجهم صحابي لا يخاف الله في معاملة الزوجة!

أدب الحوار

New Member
18 أبريل 2010
126
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد


صحيح مسلم: أبو الجهم صحابي لا يخاف الله في معاملة الزوجة!



كثير من الأزواج يسيئون المعاملة مع زوجاتِهم، إلاَّ أنَّ المؤمن الحقيقي يزنُ سلوكه وانفعالاته على ميزان الشريعة، فيُراعي الله تعالى بقدر ما أمكن، ويخاف الله تعالى فلا يظلم الناس، ولا ريب في أن الزوجة من أخص الناس بالرجل، حتى إن الله تعالى وصفها بأنَّها لباسٌ لزوجها، وأنها سكينةٌ له.. فمن الواضح أن من يتقي الله تعالى، لا يمكن أن يكون سلوكه سلبياً تجاه زوجته بحد مفرط.. وأمَّا الأخطاء اليسيرة، فيقع فيها غير المعصوم، ولكن المتقي سرعان ما يستغفر الله.. ومن أجل هذا الانضباط الذي يفترض بالمؤمن؛ نجد الشارع المقدس أمر بتزويج من حسُن دينه وخلقه، ولم يعتن بالجانب المادي بذاك القدر، بل أوكل التيسر المالي إلى إغناء الله تعالى: (...إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) ..

إلاَّ أنَّ بعض الرجال الذين لا يخافون الله، وهم إضافة إلى ذلك ذوو طبيعة منحرفة عن فطرة الإنسان المجبول على الإحسان إلى الآخر، قد تجد فيهم شذوذاً في التعاطي مع النساء، بحدٍّ يوجب أن ننصح المؤمنات ألاَّ يقبلنَ بهم إذا تقدموا لخطبتهن.. ومن يصل إلى هذا الحد من العتو، فإنه يمثل شخصية شريرة، لا يمكن بحال من الأحوال أن نصفها بالاتزان والفضيلة الأخلاقية، ولا يمكن أن نتصور أن شخصاً ذا أخلاقية عدائية إزاء زوجته، يمكن أن يكون ممن يخاف الله تعالى.

هذا الكلام الذي ذكرناه، يبدو طبيعياً، ويوافق عليه جميع العقلاء، ولكن الغريب أن هناك عينة من هذا النوع من الرجال التقطتْهَا عدسةُ البحث من بطون الكتب، والغريب أن هذا الرجل هو من جيل الصحابة الذي يزعم بعض المسلمين أنهم كانوا في أعلى درجات التُّقى والصلاح..! والأغرب من هذا أن الذي صرح بخصائص هذا الصحابي – وكنيته أبو جهم – هم أنفسهم أصحاب نظرية صيانة الصحابة من منافيات العدالة..

فقد روى مسلم في صحيحه (4/195 ) دار الفكر – بيروت، عن الصحابية فاطمة بنت قيس، أنه خطبها صحابيان: معاوية بن أبي سفيان، وأبو الجهم بن حذيفة القرشي، فاستشارت رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال لها ما نصه:

(أمَّا أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد..) الخ الرواية.

وقال النووي – شارح صحيح مسلم – (10/97 ) إن الأصح في تفسير (فلا يضع عصاه عن عاتقه) هو أنه كثير الضرب للنساء !

وقال ابن حزم (ت 456 هـ) معلِّقاً على هذا الخبر في كتابه المحلى (10/34 ) : فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أشار عليها بالذي هو أجمل صحبة لها من أبى جهم الكثير الضرب للنساء.

وللرواية لفظ آخر في صحيح مسلم (4/199 ) ، تم التصريح فيه بالمعنى الذي يمنع من النصح بالزواج من أبي الجهم، حيث جاء في هذا الموضع قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أمَّا معاوية فرجل ترب لا مال له، وأمَّا أبو جهم فرجل ضرّاب للنساء) .

وللخبر في سنن النسائي (6/47 دار الفكر - بيروت) لفظٌ أشدُّ وطأة على قلوب مُقدِّسي الصحابة، حيث جاء فيه:
(فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَنْ خَطَبَكِ؟ فَقُلْتُ: مُعَاوِيَةُ وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَإِنَّهُ غُلامٌ مِنْ غِلْمَانِ قُرَيْشٍ لا شَيْءَ لَهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَإِنَّهُ صَاحِبُ شَرٍّ لا خَيْرَ فِيهِ..)

وحكم الألباني على سند هذا الخبر بالصحة في (صحيح وضعيف سنن النسائي) .

فقد تمَّ توصيف الصحابي أبي الجهم في هذا الخبر بصاحب الشر الذي لا خير فيه!

وبعد هذا الاستعراض الموجز نقول:

إنَّ ما ذُكر يعني أنَّ في الصحابة أناساً لا ينصح بتزويج المؤمنات منهم؛ بسبب سوء خلقهم، وعدم رعايتهم لحق الزوجة وكرامتها، وعدم خوفهم من الله في ضرب المرأة الضعيفة، حتى إنه ليصح التعبير في حقهم بأنهم أصحاب شر لا خير فيهم.

ولئن كان هذا طبيعياً بالنسبة لأيِّ مجتمع، فإنه – في خصوص أبي الجهم بن حذيفة القرشي - يدخل تحت عنوان سب الصحابة الذي يقوم خصوم الشيعة باستعماله ضد شيعة أهل البيت عليهم السلام، فما قام به علماء أهل السنة في هذا الموضوع، هو سب وانتقاص من شأن الصحابي أبي الجهم وحط من عدالته بكل صراحة.


وحصيلة الموضوع في أمرين:

الأول: أن الصحابة كغيرهم، فيهم الصالح الخيِّر، وفيهم الطالح صاحب الشر الذي لا خير فيه، وليسوا أُناساً فوق النقد.

الثاني: أن أهل السنة أيضاً ينسبون إلى الصحابة ما يوجب الحط من بعضهم، فما لهم يُشنِّعون على شيعة أهل البيت هذا العمل نفسه؟