بسم الله الرحمن الرحيم
بيان موقف اهل البيت من الشيخين بالتوااااااااااتر
تمهيد :
اتفق الشيعة والسنة وكل المسلمين على أن تواتر قضية ما يحصل عن طريق كثرة الاخبار الواردة في حقها بغض النظر عن حال الرواة الناقلين للخبر لان شرط التواتر هو اخبار جماعة كثيرين يمتنع تواطؤهم على الكذب .
ولذلك لايشترط في الاسانيد ان تكون صحيحة بل يحصل التواتر بنقل الكثيرين حتى لو كانوا كفارا كما قيل ومن هنا نجد اعلام الشيعة والسنة يصرحون بذلك بلا تأمل لوضوح الامر فخذ مثلا :
من مصادر شيعة اهل البيت :
الرعاية في علم الدراية (حديث) - الشهيد الثاني - ص 62 - 71
في : المتواتر وشروط تحققه وينقسم الخبر مطلقا " - أعم من المعلوم صدقه وعدمه - إلى : متواتر ، وآحاد . أما الحديث في هذا الحقل فهو عن : المتواتر . ، من حيث :
أولا " : شرايط مخبريه وهو : ما بلغت رواته في الكثرة مبلغا " ، أحالت العادة تواطؤهم - أي : اتفاقهم - على الكذب . واستمر ذلك الوصف ، في جميع الطبقات حيث يتعدد . ، بأن يرويه قوم عن قوم ، و هكذا إلى الأول . فيكون أوله في هذا الوصف كآخره ، ووسطه كطرفيه . ، ليحصل الوصف : وهو استحالة التواطي على الكذب ، للكثرة في جميع الطبقات المتعددة .
وبهذا ، ينتفي التواتر عن كثير من الاخبار ، التي قد بلغت رواتها في زماننا ذلك الحد . ، لكن ، لم يتفق ذلك في غيره ، خصوصا " في الابتداء . ، وظن كونها متواترة " ، من لم يتفطن لهذا الشرط
ولا ينحصر ذلك : في عدد خاص ، على الأصح . ، بل ، المعتبر : العدد المحصل للوصف . ، فقد يحصل في بعض المخبرين بعشرة وأقل ، وقد لا يحصل بماءة . ، بسبب قربهم إلى وصف الصدق وعدمه . وقد خالف في ذلك قوم فاعتبروا : اثني عشر ، عدد النقباء. ، أو عشرين ، لآية العشرين الصابرين. ، أو السبعين ، لاختيار موسى لهم ، ليحصل العلم بخبرهم إذا رجعوا. ، أو ثلاثمائة وثلاثة عشر ، عدد أهل بدر: ولا يخفى ما في هذه الاختلافات من فنون الجزافات. وأي ارتباط لهذا العدد بالمراد ؟ وما الذي أخرجه عن نظائره ، مما ذكر في القرآن من ضروب الاعداد ؟
الأصول العامة للفقه المقارن - السيد محمد تقي الحكيم - ص 194 - 196
الخبر المتواتر : ويراد به إخبار جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب وصدورهم جميعا عن خطأ أو اشتباه أو خداع حواس ، على أن يجري هذا المستوى في الاخبار ‹ صفحة 195 › في جميع طبقات الرواة ، حتى الطبقة التي تنقل عن المعصوم مباشرة . فلو تأخر التعدد في طبقة ما ، أو فقد أحد تلكم الشروط ، خرج عن كونه متواترا إلى أخبار الآحاد ، لان النتائج - كما يقول علماء الميزان - : تتبع دائما أخس المقدمات . ومثل هذا الخبر - أعني المتواتر - مما يوجب علما بصدور مضمونه ، والعلم - كما سبق بيانه - : حجة ذاتية لا تقبل الوضع والرفع . شروطه : وقد جعلوا له شروطا اختلفوا في تعددها ، ويمكن انتزاعها جميعا من نفس التعريف : يقول المقدسي : ( وللتواتر ثلاثة شروط ) : ( الأول : أن يخبروا عن علم ضروري مستند إلى محسوس ، إذ لو أخبرنا الجم الغفير عن حدوث العالم وعن صدق الأنبياء ، لم يحصل لنا العلم بخبرهم ) . ( الثاني : أن يستوي طرف الخبر ووسطه في هذه الصفة وفي كمال العدد ، لان كل عصر يستقل بنفسه فلا بد من وجود الشروط فيه ، ولأجل ذلك لم يحصل لنا العلم بصدق اليهود مع كثرتهم في نقلهم عن موسى ( ع ) تكذيب كل ناسخ لشريعته ) . ( الشرط الثالث : في العدد الذي يحصل به التواتر واختلف الناس فيه ، فمنهم من قال : يحصل باثنين ، ومنهم من قال : يحصل بأربعة ، وقال قوم : بخمسة ، وقال قوم : بعشرين ، وقال آخرون : بسبعين ، وقيل : غير ذلك ) . ( والصحيح أنه ليس له عدد محصور ( 1 ) ) . ويقول زين الدين العاملي الملقب بالشهيد الثاني في درايته وهو يعرفه ‹ صفحة 196 › ويشير إلى شروطه : ( هو ما بلغت رواته في الكثرة مبلغا أحالت العادة تواطؤهم على الكذب ، واستمر ذلك الوصف في جميع الطبقات حيث تتعدد ، فيكون أوله كآخره ، ووسطه كطرفيه ، ولا ينحصر ذلك بعدد خاص ( 1 ) ) . ومثلهما غيرهما من أعلام الشيعة والسنة على غموض في أداء بعضهم ربما أو هم خلاف ذلك . على أن هذه التحديدات ، ليست بذات ثمرة إلا في حدود تشخيص المصطلح للخبر المتواتر وتحديد مفهومه ، وكل ما كتب في هذا الشأن ، فإنما هو لتشخيص صغريات ما يقع به العلم عادة ، وهذه الشرائط وأشباهها من موجبات ما يحصل بها التشخيص ، وإلا فإن المدار على العلم فإن حصل منها فهو الحجة ، وإن لم يحصل احتجنا إلى التماس دليل على الحجية ، وليس في هذه الشرائط ما يشير إليه . وأمثلة المتواتر كثيرة ، وقد عدوا منها كل ما يتصل بضروريات الدين ، كالفرائض اليومية وأعدادها وأعداد ركعاتها ، وصوم شهر رمضان ، وكالذي مر في حديث الثقلين ، والغدير ، وأشباههما . واعتبروا منها قوله ( ع ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ( 2 ) ) . ( 2 )
ومن مصادر المخالفين
يقول ابن تيمية في كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 18، صفحة 50
وأما عدد ما يحصل به التواتر فمن الناس من جعل له عددا محصورا ثم يفرق هؤلاء فقيل اكثر من أربعة وقيل إثنا عشر وقيل أربعون وقيل سبعون وقيل ثلاثمائة وثلاثة عشر وقيل غير ذلك وكل هذه الأقوال باطلة لتكافئها فى الدعوى
والصحيح الذى عليه الجمهور أن التواتر ليس له عدد محصور والعلم الحاصل بخبر من الأخبار يحصل فى القلب ضرورة كما يحصل الشبع عقيب الأكل والرى عند الشرب وليس لما يشبع كل واحد ويرويه قدر معين بل قد يكون الشبع لكثرة الطعام وقد يكون لجودته كاللحم وقد يكون لإستغناء الآكل بقليله وقد يكون لإشتغال نفسه بفرح أو غضب أو حزن ونحو ذلك
كذلك العلم الحاصل عقيب الخبر تارة يكون لكثرة المخبرين وإذا كثروا فقد يفيد خبرهم العلم وإن كانوا كفارا وتارة يكون لدينهم وضبطهم فرب رجلين أو ثلاثة يحصل من العلم بخبرهم مالا يحصل بعشرة وعشرين لا يوثق بدينهم وضبطهم وتارة قد يحصل العلم بكون كل من المخبرين أخبر بمثل ما أخبر به الآخر مع العلم بأنهما لم يتواطآ وأنه يمتنع فى العادة الإتفاق فى مثل ذلك مثل من يروى حديثا طويلا فيه فصول ويرويه آخر لم يلقه وتارة يحصل العلم بالخبر لمن عنده الفطنة والذكاء والعلم بأحوال المخبرين وبما أخبروا به ما ليس لمن له مثل ذلك وتارة يحصل العلم بالخبر لكونه روى بحضرة جماعة كثيرة شاركوا المخبر فى العلم ولم يكذبه أحد منهم فإن الجماعة الكثيرة قد يمتنع تواطؤهم على الكتمان كما يمتنع تواطؤهم على الكذب وإذا عرف ان العلم بأخبار المخبرين له اسباب غير مجرد العدد علم أن من قيد العلم بعدد معين وسوى بين جميع الأخبار فى ذلك فقد غلط غلطا عظيما ولهذا كان التواتر ينقسم إلى عام وخاص فأهل العلم بالحديث والفقه قد تواتر عندهم من السنة ما لم يتواتر عند العامة كسجود السهو ووجوب الشفعة وحمل العاقلة العقل ورجم الزانى المحصن وأحاديث الرؤية وعذاب القبر والحوض والشفاعة أمثال ذلك وإذا كان الخبر قد تواتر عند قوم دون قوم وقد يحصل العلم بصدقه لقوم دون قوم فمن حصل له العلم به وجب عليه التصديق به والعمل بمقتضاه كما يجب ذلك فى نظائره ومن لم يحصل له العلم بذلك فعليه أن يسلم ذلك لأهل الإجماع الذين أجمعوا على صحته كما على الناس أن يسلموا الأحكام المجمع عليها إلى من أجمع عليها من أهل العلم فإن الله عصم هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة وإنما يكون إجماعها بأن يسلم غير العالم للعالم إذ غير العالم لا يكون له قول وإنما القول للعالم فكما أن من لا يعرف أدلة الأحكام لا يعتد بقوله فمن لا يعرف طرق العلم بصحة الحديث لا يعتد بقوله بل على كل من ليس بعالم أن يتبع إجماع أهل العلم
ويقول الحافظ العراقي في التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح بتحقيق : عبد الرحمن محمد عثمان [ جزء 1 - صفحة 264 ]
وأما حديث الهرماس بن زياد فرواه الطبرانى من رواية عثمان بن فايد عن عكرمة بن عمار عن الهرماس بن زياد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وعثمان ابن فايد ضعفه ابن معين والبخارى وابن حبان وغيرهم وكذلك حديث من آذى ذميا هو معروف أيضا بنحوه رواه أبو داود من رواية صفوان بن مسلم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم دنية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال إلا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة ) سكت عليه أبو داود أيضا فهو عنده صالح وهو كذلك إسناده جيد وهو وإن كان فيه من لم يسم فانهم عدة من أبناء الصحابة يبلغون حد التواتر الذى لا يشترط فيه العدالة
ويقول ابن بهادر في النكت على مقدمة ابن الصلاح [ جزء 1 - صفحة 322 ]
وشذ ابن حزم عن الجمهور فقال " ولو بلغت طرق الضعيف ألفا لا يقوى ولا يزيد انضمام الضعيف إلى الضعيف إلا ضعفا " وهذا مردود ؛ لأن الهيئة الاجتماعية لها أثر ألا ترى أن خبر المتواتر يفيد القطع مع أنا لو نظرنا إلى آحاده لم يفد ذلك فإذا كان ما لا يفيد القطع بانفراده يفيده عند الانضمام فأولى أن يفيد الانضمام الانتقال من درجة الضعف إلى درجة القوة فهذا سؤال لازم لا سيما إذا بلغ مبلغ التواتر فإن المتواتر لا يشترط في أخباره العدالة كما تقرر في علم الأصول
توجيه النظر إلى أصول الأثر [ جزء 1 - صفحة 139 ]
هذا وما قاله ابن الصلاح من ان التواتر لا يبحث عنه في علم الأثر مما لا يمترى فيه قال بعض العلماء العلام ليس المتواتر من مباحث علم الإسناد إذ هو علم فيه عن صحة الحديث أو ضعفه من حيث صفات رواته وصيغ أدائهم ليعمل به أو يترك والمتواتر لا يبحث فيه عن رواته بل يجب العمل به من غير بحث لإفادته علم اليقين وغن ورد عن غير الأبرار بل عن الكفار
وأراد بما ذكر أن المتواتر لا يبحث فيه عن رواته وصفاتهم على الوجه الذي يجري في أخبار الآحاد وهذا لا ينافي البحث عن رواته إجمالا من جهة بلوغهم في الكثرة إلى حد يمنع تواطؤهم على الكذب فيه أو حصوله منهم بطريق التفاق والمراد بالاتفاق وقوع الكذب منهم من غير تشاور سواء كان عمدا وكذلك البحث عن القرائن المحتفة به لا سيما إن كان العدد غير كثير جدا ويلحق بالمتواتر في عدم البحث عنه في علم الأثر المستفيض إذا كان أخص من المشهور
ومما يدل على أن المتواتر ليس من مباحث علم الإسناد أنه لا يكون له إلا في النادر جدا إسناد على الوجه المألوف في رواته أخبار الآحارد ولذلك ترى علماء الأصول يقسمون خبر الواحد إلى قسمين مسند ومرسل ولا يتعرضون إلى تقسيم المتواتر إلى ذلك فإن اتفق للمتواتر إسناد لم يبحث في أحوال رجاله البحث الذي يجري في أحوال الأسانيد التي تروي بها الآحاد هذا إذا ثبت تواتره لأن الإسناد الخاص يكون مستغنى عنه وإن كان لا يخلو عن الفائدة
ومع ان العدد ليس مهما _ على التحقيق _ في اثبات التواتر الا ان بعض الاعداد يمكن التسليم بانها محققة لتواتر الخبر كما يقول الحافظ العراقي في التقييد والإيضاح [ جزء 1 - صفحة 272 ]
الأمر السادس قول المصنف أن من سئل عن ابراز مثال للمتواتر أعياه تطلبه ثم لم يذكر مثالا إلا حديث من كذب على وقد وصف غيره من الأئمة عدة أحاديث بأنها متواترة فمن ذلك أحاديث حوض النبى صلى الله عليه وسلم ورد ذلك عن أزيد من ثلاثين صحابيا واوردها البيهقى فى كتاب البعث والنشور أفردها المقدسى بالجمع قال القاضى عياض وحديثه متواتر بالنقل رواه خلائق من الصحابة فذكر جماعة من رواته ثم قال وفى بعض هذا ما يقتضى كون الحديث متواترا ومن ذلك أحاديث الشفاعة فذكر القاضى عياض أيضا أنه بلغ مجموعها التواتر ومن ذلك أحاديث المسح على الخفين فقال ابن عبد البر رواه نحو أربعين من الصحابة واستفاض وتواتر وكذا قال ابن حزم فى المحلى أنه نقل تواتر يوجب العلم ومن ذلك أحاديث النهى عن الصلاة فى معاطن الابل قال ابن حزم فى المحلى أنه نقل تواتر يوجب العلم ومن ذلك أحاديث النهى عن اتخاذ القبور مساجد قال ابن حزم إنها متواترة ومن ذاك أحاديث رفع اليدين فى الصلاة للاحرام والركوع والرفع منه قال ابن حزم إنها متواترة توجب يقين العلم
ومن ذلك الأحاديث الواردة فى قول المصلى ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شئ بعد قال ابن حزم إنها أحاديث متواترة
وغير معلوم عند أبسط المطلعين أن التواتر ينقسم الى ثلاثة اقسام هي :
الأول : التواتر اللفظي وهو ما لو كان جميع الاخبار لفظها واحدا كخبر غدير الخم ، فان هذه العبارة - من كنت مولاه فعلى مولاه - نقلها الجميع .
الثاني : التواتر المعنوي ، وهو ما إذا اتفقوا على نقل مضمون واحد بالمطابقة أو بالتضمن أو بالالتزام ، كالاتفاق على شجاعة الإمام علي ( ع ) .
الثالث : التواتر الاجمالي وهو ما إذا كانت الاخبار مختلفة لفظا ومعنى ، ولكن يعلم بصدور واحد منها .
ومايهمنا في المقام هو النوع الثاني والثالث كما سيتضح جليا
ويجب أن ننبه على أن حجية التواتر قطعية وهو كما يعبرون ( يفيد القطع لذاته ) بمعنى :
أن التواتر يفيد القطع والعلم اليقييني الذي لايجوز للعاقل أن يخالفه ويتملص من تبعاته وهذا أمر واضح ومقرر في الابوب الخاصة به ولايحتاج الى كثرة كلام
بعد هذا البيان -- الموجز جدا عن التواتر والذي تعمدت ان يكون مختصرا حتى لاأدخل القاريء الى مداخل قد تصعب عليه فأرهقه بها وانما أردته ان يعرف مجمل الفكرة والتي تكفينا في هذا المقام -- نقول :
أضحكني العرض الذي تقدم به الدكتور السلفي الشيخ محمد سليمان البراك والذي طرحه في منتدى الدفاع عن السنة متحديا الشيعة في أن يثبتوا أستناد عقائدهم الى اهل بيت العصمة والطهارة في كل العقائد التي يتبنونها وضرب بعض الامثلة لما يريده بعقيدة الشيعة في صحابة النبي الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وغيرها
والذي زاد الطين بلة أن الدكتور بدأ كلامه ببيان مدى احاطته بكتب الشيعة وأنه كان ولا زال يدٌرس تلك الكتب لا انه قاريء لها فقط مما يعني أن الرجل قد سبر غورها ووقف على مافيها والحال أنه بتحديه أثبت للجميع أنه بالكاد تصفح بعض منتديات من يقفون بوجه أهل البيت من قبيل النتدى الذي كتب فيه ماكتب
فرأيت الرجل قد ارتقى مرتقا صعبا وورد بحرا متلاطما من غير سارية ومجذاف ولذا أحببت ان أرمي له بطوق النجاة واضع بين يديه وأيدي الباحثين عن الحقيقة هذا البعض اليسيير من الروايات التي تثبت وبالتواتر موقف اهل البيت من الشيخين على وجه التحديد
فهذه هديتي للشيعي ليعرف موقفه بعلم ودراية وأن كان احباب الزهراء عارفين بذلك ولكن لامانع أن نقول : ليطمئن قلبي
وهديتي لكل سني منصف يتحرى أتباع اهل البيت الذين أمرنا الله ورسوله باتباعهم والذي يدعي كل المسلمون انهم منهم واليهم
وهديتي لكل متعصب يريد ان يقف مع نفسه وقفة صدق وينقذ نفسه قبل أن تبلغ الروح التراق وتلف الساق بالساق ويقف أمام ربه تحت راية لاتمت لرسول الله بصلة
فحياكم الله جميعا ونحن مع بيان موقف أهل البيت في الشيخين وعن طريق التواتر لا الآحاد مع ملاحظة أنه يوجد فيما سأنقل اكثر من ثلاثين رواية صحيحة السند وسافسح المجال للاخوة أن يتدبروا في دلالات هذه الآثار عن طريق عرض الروايات على التوالي والتدرج وبالله التوفيق وعليه أتوكل وهو حسبي
الحديث الاول :بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 289 :
حدثنى احمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن محمد بن الفضيل عن ابى حمزة الثمالى عن على بن الحسين عليه السلام قال قلت له اسالك جعلت فداك عن ثلث خصال انفي عنى فيه التقية قال فقال ذلك لك قلت اسالك عن فلان وفلان قال فعليها لعنة الله بلعناته كلها ماتا والله وهما كافران مشركان بالله العظيم ثم قلت الائمة يحيون الموتى ويبرؤن الاكمه والابرص ويمشون على الماء قال ما اعطى الله نبيا شيئا قط الا وقد اعطاه محمدا صلى الله عليه وآله واعطاه ما لم يكن عندهم قلت وكل ماكان عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقد اعطاه امير المؤمنين عليه السلام قال نعم ثم الحسن والحسين عليهما السلام ثم من بعد كل امام اماما إلى يوم القيامة مع الزيادة التى تحدث في كل سنة وفى كل شهر ثم قال أي والله في كل ساعة .
الحديث الثاني:الكافي - الشيخ الكليني ج 3 ص 342 :
10 - محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن الخيبري ، عن الحسين بن ثوير ، وأبي سلمة السراج قالا : سمعنا أبا عبد الله عليه السلام و هو يلعن في دبر كل مكتوبة أربعة من الرجال وأربعا من النساء فلان وفلان وفلان ومعاوية ويسميهم وفلانة وفلانة وهند وام الحكم أخت معاوية .
تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي ج 2 ص 321 :
169 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن اسماعيل ابن بزيع عن الحسين بن ثوير وأبي سلمة السراج قالا : سمعنا أبا عبد الله عليه السلام وهو يلعن في دبر كل مكتوبة أربعة من الرجال وأربعا من النساء التيمي والعدوي وفعلان ومعاوية ويسميهم وفلانة وفلانة وهند وام الحكم اخت معاوية .
أقول : أوردته كشاهد لبيان من هم فلان وفلان
الحديث الثالث : 34 - أمالي الطوسي ( 3 ) : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن علي بن حاتم ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن الحسن بن موسى ، عن ابن أبي نجران ، ومحمد بن عمر بن يزيد معا ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ، عن الفضيل قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : لمن كان الامر حين قبض رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : لنا أهل البيت . فقلت : كيف صار في تيم وعدي ؟ قال : إنك سألت فافهم الجواب ! إن الله تعالى لما كتب ( 4 ) أن يفسد في الأرض وتنكح الفروج الحرام ، ويحكم بغير ما أنزل الله ، خلى ( 5 ) بين أعدائنا وبين مرادهم من الدنيا حتى دفعونا عن حقنا وجرى الظلم على أيديهم دوننا .
الحديث الرابع:الكافي - الشيخ الكليني ج 8 ص 245 :
علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن حنان بن سدير ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال : سألت أبا جعفر عليه السلامعنهما فقال : يا أبا الفضل ما تسألني عنهما فوالله ما مات منا ميت قط إلا ساخطا عليهما وما منا اليوم إلا ساخطا عليهما يوصي بذلك الكبير منا الصغير ، إنهما ظلمانا حقنا ومنعانا فيئنا وكانا أول من ركب أعناقنا وبثقا علينا بثقا في الاسلام لا يسكر أبدا حتى يقوم قائمنا أو يتكلم متكلمنا .
ثم قال : أما والله لو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا لابدى من امورهما ما كان يكتم ولكتم من امورهما ما كان يظهر والله ما أسست من بلية ولا قضية تجري علينا أهل البيت إلا هما أسسا أولها فعليمهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
الحديث الخامس :الكافي - الشيخ الكليني ج 8 ص:
حنان عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : ما كان ولد يعقوب أنبياء ؟ قال : لا ولكنهم كانوا أسباط أولاد الانبياء ولم يكن يفارقوا الدنيا إلا سعداء تابوا وتذكروا ما صنعوا وإن الشيخين فارقا الدنيا ولم يتوبا ولم يتذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين عليه السلام فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
الحديث السادس : الكافي - الشيخ الكليني - ج 8 - ص 343 – 345علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت سلمان الفارسي رضي الله عنه يقول : لما قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وصنع الناس ما صنعوا وخاصم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح الأنصار فخصموهم بحجة علي ( عليه السلام ) قالوا : يا معشر الأنصار قريش أحق بالامر منكم لان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من قريش والمهاجرين منهم إن الله تعالى بدأ بهم في كتابه وفضلهم وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : الأئمة من قريش ، قال سلمان رضي الله عنه : فأتيت عليا ( عليه السلام ) وهو يغسل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأخبرته بما صنع الناس وقلت : إن أبا بكر الساعة على منبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والله ما يرضى أن يبايعوه بيد واحدة إنهم ليبايعونه بيديه جميعا بيمينه وشماله ، فقال لي : يا سلمان هل تدري من أول من بايعه على منبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قلت : لا أدري ، إلا أني رأيت في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار وكان أول من بايعه بشير بن سعد وأبو عبيدة بن الجراح ثم عمر ثم سالم قال : لست أسألك عن هذا ولكن تدري أول من بايعه حين صعد منبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قلت : لا ولكني رأيت شيخا كبيرا متوكئا على عصاه بين عينيه سجاده شديد التشمير صعد إليه أول من صعد وهو يبكي ويقول : الحمد لله الذي لم يمتني من الدنيا حتى رأيتك في هذا المكان ، أبسط يدك ، فبسط يده فبايعه ثم نزل فخرج من المسجد فقال علي ( عليه السلام ) : هل تدري من هو ؟ قلت : لا ولقد ساءتني مقالته كأنه شامت بموت النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال : ذاك إبليس لعنه الله ، أخبرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إياي للناس بغدير خم بأمر الله عز وجل فأخبرهم أني أولى بهم من أنفسهم وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب فأقبل إلى إبليس أبالسته ومردة أصحابه فقالوا : إن هذه أمة مرحومة ومعصومة ومالك ولا لنا عليهم سبيل قد أعلموا إمامهم ومفزعهم بعد نبيهم ، فأنطلق إبليس لعنه الله كئيبا حزينا وأخبرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه لو قبض أن الناس يبايعون أبا بكر في ظلة بني ساعدة بعد ما يختصمون ، ثم يأتون المسجد فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس لعنه الله في صورة رجل شيخ مشمر يقول كذا وكذا ، ثم يخرج فيجمع شياطينه وأبالسته فينخر ويكسع ويقول : كلا زعمتم أن ليس لي عليهم سبيل فكيف رأيتم ما صنعت بهم حتى تركوا أمر الله عز وجل وطاعته وما أمرهم به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
قال السيد الخوئي : ان ابراهيم بن عمر يمكن ان يروي عن سليم بلا واسطة فالحديث صحيح
الحديث السابع : الكافي : 542 - محمد بن يحيى ، عن أحمد بن سليمان ، عن عبد الله بن محمد اليماني ، عن مسمع ابن الحجاج ، عن صباح الحذاء ، عن صباح المزني ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : لما أخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بيد علي ( عليه السلام ) يوم الغدير صرخ إبليس في جنوده صرخة فلم يبق منهم أحد في بر ولا بحر إلا أتاه فقالوا : يا سيدهم ومولاهم ماذا دهاك فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه ؟ فقال لهم : فعل هذا النبي فعلا إن تم لم يعص الله أبدا فقالوا : يا سيدهم أنت كنت لآدم ، فلما قال المنافقون : إنه ينطق على الهوى وقال أحدهما لصاحبه : أما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون ، يعنون رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صرخ إبليس صرخة بطرب ، فجمع أولياءه فقال : أما علمتم أني كنت لآدم من قبل ؟ قالوا : نعم قال : آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول . فلما قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأقام الناس غير علي لبس إبليس تاج الملك و نصب منبرا وقعد في الوثبة ( 1 ) وجمع خليلة ورجله ثم قال لهم : أطربوا لا يطاع الله حتى يقوم الامام . وتلا أبو جعفر ( عليه السلام ) : " ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين ( 2 ) " قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : كان تأويل هذه الآية لما قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . والظن من إبليس حين قالوا لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنه ينطق على الهوى فظن بهم إبليس ظنا فصدقوا ظنه .
الحديث الثامن : بصائر الدرجات ( 4 ) : محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الصمد ، عن جابر ( 5 ) عن أبي جعفر عليه السلام ، قال سمعته يقول : إن من وراء هذه أربعين عين شمس ما بين شمس إلى شمس أربعون عاما فيها خلق كثير ما يعلمون أن الله خلق آدم أو لم يخلقه ، وإن من وراء قمركم هذا أربعين قمرا ما بين قمر إلى قمر مسيرة أربعين يوما فيها خلق كثير ما يعلمون أن الله خلق آدم أو لم يخلقه ، قد ألهموا كما ألهمت النحل لعنة الأول والثاني في كل وقت من الأوقات ، وقد وكل بهم ملائكة متى ما لم يلعنوهما عذبوا .
الحديث التاسع : السرائر : عبد الله بن بكير ، عن حمزة بن حمران ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام في احتجاج الناس علينا في الغار ، فقال عليه السلام : حسبك بذلك عارا - أو قال : شرا - إن الله لم يذكر رسول الله صلى الله عليه وآله مع المؤمنين إلا أنزل الله السكينة عليهم جميعا ، وإنه أنزل السكينة على رسوله وأخرجه منها و خص رسول الله صلى الله عليه وآله دونه
الحديث العاشر : تفسير العياشي : عن عبد الله بن كثير الهاشمي ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله : * ( إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا ) * قال : نزلت في فلان وفلان آمنوا برسول الله صلى الله عليه وآله في أول الامر ثم كفروا حين عرضت عليهم الولاية ، حيث قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام ديث قالوا له : بأمر الله وأمر رسوله . . فبايعوه ، ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يقروا بالبيعة ، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعوه بالبيعة لهم ، فهؤلاء لم يبق فيهم من الايمان شئ .
الكافي ( 2 ) : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن محمد بن أورمة وعلي بن عبد الله ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير . . مثله . بيان : المراد بمن بايعوه : أمير المؤمنين صلوات الله عليه
الحادي عشر : مجالس المفيد : عمر بن محمد ، عن جعفر بن محمد الحسني ، عن عيسى ابن مهران ، عن مخول ، عن الربيع بن المنذر ، عن أبيه ، قال : سمعت الحسن ابن علي عليهما السلام يقول : إن أبا بكر وعمر عمدا إلى هذا الامر وهو لنا كله فأخذاه دوننا ، وجعلا لنا فيه سهما كسهم الجد ، أما والله لتهمنهما أنفسهما يوم يطلب الناس فيه شفاعتنا . بيان : التشبيه بسهم الجد إما من جهة القلة ، أو عدم اللزوم مع وجود الوالدين ، أو إشارة إلى الشورى ، فإن عمر جعل أمير المؤمنين عليه السلام أحد الستة و سهم الجد السدس .
الثاني عشر : مناقب ابن شهرآشوب: حدثت أبو عبد الله محمد بن أحمد الديلمي البصري ، عن محمد بن أبي كثير الكوفي ، قال : كنت لا أختم صلاتي ولا أستفتحها إلا بلعنهما ، فرأيت في منامي طائرا معه تور من الجوهر فيه شئ أحمر شبه الخلوق ، فنزل إلى البيت المحيط برسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم أخرج شخصين من الضريح فخلقهما بذلك الخلوق في عوارضهما ، ثم ردهما إلى الضريح وعاد مرتفعا ، فسألت من حولي من هذا الطائر ؟ وما هذا الخلوق ؟ . فقال : هذا ملك يجئ في كل ليلة جمعة يخلقهما ، فأزعجني ما رأيت فأصبحت لا تطيب نفسي بلعنهما ، فدخلت على الصادق عليه السلام ، فلما رآني ضحك وقال : رأيت الطائر ؟ . فقلت : نعم يا سيدي . فقال : اقرأ : * ( إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله ) * فإذا رأيت شيئا تكره فاقرأها ، والله ما هو بملك موكل بهما لاكرامهما ، بل هو ملك موكل بمشارق الأرض ومغاربها ، إذا قتل قتيل ظلما أخذ من دمه فطوقهما به في رقابهما ، لأنهما سبب كل ظلم مذ كان
الثالث عشر : الكافي [ الجزء 1 / صفحة 195 ] باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل الرواية رقم [ 5 ]
علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن عبد الله بن القاسم ، عن صالح بن سهل الهمداني قال : قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى : " الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة " فاطمة عليهما السلام " فيها مصباح " الحسن " المصباح في زجاجة " الحسين " الزجاجة كأنها كوكب دري " فاطمة كوكب دري بين نساء أهل الدنيا " يوقد من شجرة مباركة " إبراهيم عليه السلام " زيتونة لا شرقية ولا غربية " لا يهودية ولا نصرانية " يكاد زيتها يضئ " يكاد العلم ينفجر بها " ولو لم تمسسه نار نور على نور " إمام منها بعد إمام " يهدي الله لنوره من يشاء " يهدي الله للأئمة من يشاء " ويضرب الله الأمثال للناس " ، قلت : " أو كظلمات " قال : الأول وصاحبه " يغشاه موج " الثالث " من فوقه موج " ظلمات الثاني " بعضها فوق بعض " معاوية لعنه الله وفتن بني أمية " إذا أخرج يده " المؤمن في ظلمة فتنتهم " لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا " إماما من ولد فاطمة عليها السلام " فما له من نور " إمام يوم القيامة . وقال في قوله : " يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم " : أئمة المؤمنين يوم القيامة تسعى بين يدي المؤمنين وبأيمانهم حتى ينزلوهم منازل أهل الجنة . علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن موسى بن القاسم البجلي ومحمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي جميعا ، عن علي بن جعفر عليه السلام ، عن أخيه موسى عليه السلام مثله
الرابع عشر : رجال الكشي: جعفر بن معروف ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن نعمان ، عن أبيه ، عن صالح الحذاء ، قال : لما أمر النبي صلى الله عليه وآله ببناء المسجد قسم عليهم المواضع ، وضم إلى كل رجل رجلا ، فضم عمارا إلى علي عليه السلام ، قال : فبينا هم في علاج البناء إذ خرج عثمان عن داره وارتفع الغبار فتمنع بثوبه وأعرض بوجهه ، قال : فقال علي عليه السلام لعمار : إذا قلت شيئا فرد علي ، قال : فقال علي عليه السلام : لا يستوي من يعمر المساجدا * يظل فيها راكعا وساجدا كمن ترى عن الطريق حائدا و عائدا قال : فأجابه عمار كما قال ، فغضب عثمان من ذلك فلم يستطع أن يقول لعلي شيئا ، فقال لعمار : يا عبد ! يا لكع ! ومضى ، فقال علي عليه السلام لعمار : رضيت بما قال ؟ . ألا تأتي النبي صلى الله عليه وآله فتخبره ؟ . قال : فأتاه فأخبره ، فقال يا نبي الله ( ص ) ! إن عثمان قال لي : يا لكع ! . فقال : رسول الله صلى الل عليه وآله : من يعلم ذلك ؟ ، قال : علي . قال : فدعاه وسأله ، فقال له كما قال عمار ، فقال لعلي عليه السلام : اذهب فقل له حيث ما كان : يا عبد ! يا لكع ! أنت القائل لعمار يا عبد ! يا لكع ! ، فذهب علي عليه السلام فقال له ذلك فانصرف
الخامس عشر : رجال الكشي: حمدويه وإبراهيم معا ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن أبي جميلة ، عن الحارث بن المغيرة ، عن الورد بن زيد ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : جعلني الله فداك قدم الكميت . فقال : أدخله . فسأله الكميت عن الشيخين ؟ ، فقال له أبو جعفر عليه السلام : ما أهريق دم ولا حكم بحكم غير موافق لحكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وآله وحكم علي عليه السلام إلا وهو في أعناقهما . فقال الكميت : الله أكبر الله أكبر حسبي حسبي .
السادس عشر : رجال الكشي " حمدويه بن نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام : إن محمد بن أبي بكر بايع عليا عليه السلام على البراءة من أبيه "
السابع عشر : رجال الكشي : حمدويه وإبراهيم ، قالا : حدثنا محمد بن عبد الحميد ، قال : حدثني أبو جميلة ، عن ميسر بن عبد العزيز ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : بايع محمد بن أبي بكر على البراءة من الثاني " .
الثامن عشر : رجال الكشي : محمد بن مسعود ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن العباس بن عامر وجعفر بن محمد بن حكيم ، عن أبان بن عثمان الأحمر ، عن أبي بصير ، قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه السلام إذ جاءت أم خالد - التي كان قطعها يوسف - يستأذن عليه ، قال : فقال أبو عبد الله عليه السلام : أيسرك أن تشهد كلامها ؟ . قال : فقلت : نعم ، جعلت فداك . فقال : إما لا فأدن . قال : فأجلسني على عقبة الطنفسة ثم دخلت فتكلمت ، فإذا هي امرأة بليغة ، فسألته عن فلان وفلان ، فقال لها : توليهما . فقالت : فأقول لربي إذ لقيته إنك أمرتني بولايتهما . قال : نعم . قالت : فإن هذا الذي معك على الطنفسة يأمرني بالبراءة منهما ، وكثير النوا يأمرني بولايتهما ، فأيهما أحب إليك ؟ . قال : هذا والله وأصحابه أحب إلي من كثير النوا وأصحابه ، إن هذا يخاصم فيقول : ) من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) * * ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) * * ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) . فلما خرجت ، قال : إني خشيت أن تذهب فتخبر كثير النوا فتشهرني بالكوفة ، اللهم إني إليك من كثير النوا برئ في الدنيا والآخرة .
بيان : قوله عليه السلام : إما لا . . لعله على الاكتفاء ببعض الكلام لظهور المراد ، أي إما إذا كان لا بد من سماعك فأدن . وفي بعض النسخ : إما الآن فأدن . وفي روضة الكافي قال : فأذن لها ، وأجلسني . وفي القاموس : الطنفسة - مثلثة الطاء والفاء وبكسر الطاء وفتح الفاء وبالعكس - : واحدة الطنافس للبسط والثياب وكحصير من سعف عرضه ذراع. قوله عليه السلام : إن هذا يخاصم . . أي أبو بصير يخاصم في شأن كثير وذمه أو الرجلين وكفرهما بالآيات المذكورة ، فأبهم عليه السلام تقية مع أنه لو كان المراد به كثير لدل على كفرهما بل كفر جميع خلفاء الجور لاشتراك الدليل ، فبين عليه السلام الحق مع نوع من التقية
التاسع عشر : الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن أورمة وعلي بن عبد الله ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، في قول الله تعالى : * ( إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى ) * فلان . . وفلان . . وفلان ارتدوا عن الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنين عليه السلام . قلت : قوله تعالى : ) ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر (قال : نزلت والله فيهما وفي أتباعهما ، وهو قول الله عز وجل الذي نزل به جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله : )ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله ) * في علي * ( سنطيعكم في بعض الامر ) قال : دعوا بني أمية إلى ميثاقهم ألا يصيروا الامر فينا بعد النبي صلى الله عليه وآله ولا يعطونا من الخمس شيئا ، وقالوا : إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شئ ، ولم يبالوا أن لا يكون الامر فيهم ، فقالوا : * ( سنطيعكم في بعض الامر ) * الذين دعوتمونا إليه - وهو الخمس - أن لا نعطيهم منه شيئا ، وقوله : (كرهوا ما نزل الله (والذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، وكان معهم أبو عبيدة وكان كاتبهم ، فأنزل الله : * ( أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون * أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجويهم . . ) * الآية .
بيان : ظاهر السياق أن فاعل قالوا الضمير الراجع إلى الذين ارتدوا ، فلو فسرنا الكنايات الثلاث الأول بأبي بكر وعمر وعثمان - كما هو ظاهر - لا يستقيم النظام ، ويمكن توجيهه بوجهين : الأول : أن يكون المراد بالكنايات بعض بني أمية كعثمان وأبي سفيان ومعاوية ، فالمراد بx( الذين كرهوا ما نزل الله ) أبو بكر وأخواه . الثاني : أن يكون المراد بالكنايات أبا بكر وعمر وأبا عبيدة ، وضمير ( قالوا ) راجعا إلى بني أمية ، والمراد بx( الذين كرهوا ) الذين ارتدوا ، فيكون من قبيل وضع المظهر موضع المضمر ، ويؤيد هذا عدم وجود الكناية الثالثة في بعض النسخ .
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ [الأنبياء : 18]
نواصل وبحروف اكبر وأوضح حتى يتدبر بعض الأخوة المساكين اذ ربما يكون النظر ضعيف عندهم
فنقول وعلى الله قصد السبيل :
العشرون : الكافي بالاسناد المتقدم (الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن أورمة وعلي بن عبد الله ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ) عن أبي عبد الله عليه السلام: ومن يرد فيه بإلحاد بظلم قال : نزلت فيهم ، حيث دخلوا الكعبة فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين عليه السلام ، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليه فبعدا للقوم الظالمين
الحادي والعشون : الكافي : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشا ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن الله عز ذكره من علينا بأن عرفنا توحيده ، ثم من علينا بأن أقررنا بمحمد صلى الله عليه وآله بالرسالة ، ثم اختصنا بحبكم أهل البيت (ع) نتولاكم ونتبرأ من عدوكم ، وإنما يريد الله بذلك خلاص أنفسنا من النار . قال : ورققت وبكيت . فقال أبو عبد الله عليه السلام : سلني ، فوالله لا تسألني عن شئ إلا أخبرتك به . قال : فقال له عبد الملك بن أعين : ما سمعته قالها لمخلوق قبلك ، قال : قلت : خبرني عن الرجلين ؟ . قال : فقال ظلمانا حقنا في كتاب الله عز وجل ومنعا فاطمة عليها السلام ميراثها من أبيها ، وجرى ظلمهما إلى اليوم ، قال : - وأشار إلى خلفه - ونبذا كتاب الله وراء ظهورهما .
الثاني والعشرون : الكافي : وبهذا الاسناد (الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشا )، عن أبان ، عن عقبة بن بشير الأسدي ، عن الكميت بن زيد الأسدي ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام ، فقال : والله يا كميت ! لو كان عندنا مال لأعطيناك منه ، ولكن لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لحسان بن ثابت : لن يزال معك روح القدس ما ذببت عنا ، قال : قلت : خبرني عن الرجلين ؟ . قال : فأخذ الوسادة فكسرها في صدره ثم قال : والله يا كميت ! ما أهريق محجمة من دم ، ولا أخذ مال من غير حله ، ولا قلب حجر عن حجر إلا ذاك في أعناقهما .
الثالث والعشرون : الكافي : وبهذا الاسناد(الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشا ) ، عن أبان بن عثمان ، عن الحارث النضري ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام : عن قول الله عز وجل : * ( الذين بدلوا نعمت الله كفرا ) * قال : ما تقولون في ذلك ؟ . قلت : نقول : هم الأفجران من قريش ، بنو أمية وبنو المغيرة . قال : ثم قال : هي والله قريش قاطبة ، إن الله تبارك وتعالى خاطب نبيه صلى الله عليه وآله فقال : إني فضلت قريشا على العرب ، وأتممت عليهم نعمتي ، وبعثت إليهم رسولي: بدلوا نعمتي كفرا وأحلوا قومهم دار البوار
الرابع والعشرون : الكافي : علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : كانت امرأة من الأنصار تودنا أهل البيت وتكثر التعاهد لنا ، وإن عمر بن الخطاب لقيها ذات يوم وهي تريدنا ، فقال لها : أين تذهبين يا عجوز الأنصار ؟ . فقالت : أذهب إلى آل محمد صلى الله عليه وآله أسلم عليهم وأجدد بهم عهدا ، وأقضي حقهم . فقال لها عمر : ويلك ليس لهم اليوم حق عليك ولا علينا ، إنما كان لهم حق على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ، فأما اليوم فليس لهم حق ، فانصرفي . فانصرفت حتى أتت أم سلمة ، فقالت لها أم سلمة : ماذا أبطأ بك عنا ؟ . فقالت : إني لقيت عمر بن الخطاب . . فأخبرتها (بما قالت لعمر وما قال لها عمر ، فقالت لها أم سلمة : كذب ، لا يزال حق آل محمد واجبا على المسلمين إلى يوم القيامة .
الخامس والعشرون : الكافي حميد ، عن ابن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن الفضيل بن الزبير ، عن فروة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : ذاكرته شيئا من أمرهما ، فقال : ضربوكم على دم عثمان ثمانين سنة وهم يعلمون إنه كان ظالما ، فكيف - يا فروة - إذا ذكرتم صنميهم ؟ .
السادس والعشرون : الكافي : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل : * ( وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه (قال : نزلت في أبي الفصيل ، إنه كان رسول الله صلى الله عليه وآله عنده ساحرا فكان إذا مسه الضر - يعني السقم - دعا ربه منيبا إليه - يعني تائبا إليه من قوله في رسول الله صلى الله عليه وآله ما يقول - * ( ثم إذا خوله نعمة منه ) * يعني العافية * ( نسي ما كان يدعو إليه ) * يعني نسي التوبة إلى الله عز وجل مما كان يقول في رسول الله صلى الله عليه وآله أنه ساحر ، ولذلك قال الله عز وجل : * ( قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار ) * يعني إمرتك على الناس بغير حق من الله عز وجل ومن رسوله صلى الله عليه وآله . قال : ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : ثم عطف القول من الله عز وجل في علي عليه السلام يخبر بحاله وفضله عند الله تبارك وتعالى ، فقال : * ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون ) * أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله * ( والذين لا يعلمون ) * أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأنه ساحر كذاب * ( إنما يتذكر أولوا الألباب ) * قال : ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : هذا تأويله يا عمار .
السابع والعشرون : الكافي : علي ، عن أبيه ، عن حنان ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : . . إن الشيخين فارقا الدنيا ولم يتوبا ، ولم يذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين عليه السلام ، فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
الثامن والعشرون :الكافي - الشيخ الكليني - ج 8 - ص 245 علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حنان بن سدير ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عنهما فقال : يا أبا الفضل ما تسألني عنهما فوالله ما مات منا ميت قط إلا ساخطا عليهما وما منا اليوم إلا ساخطا عليهما يوصي بذلك الكبير منا الصغير ، إنهما ظلمانا حقنا ومنعانا فيئنا وكانا أول من ركب أعناقنا وبثقا علينا بثقا في الاسلام لا يسكر أبدا حتى يقوم قائمنا أو يتكلم متكلمنا. ثم قال : أما والله لو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا لأبدى من أمورهما ما كان يكتم ولكتم من أمورهما ما كان يظهر والله ما أسست من بلية ولا قضية تجري علينا أهل البيت إلا هما أسسا أولها فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
التاسع والعشرون : كمال الدين وتمام النعمة - الشيخ الصدوق - ص 454 - 456
حدثنا محمد بن علي بن محمد بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي قال : حدثنا أحمد بن طاهر القمي قال : حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني قال : حدثنا أحمد بن مسرور ، عن سعد بن عبد الله القمي قال : كنت امرءا لهجا بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم ودقائقها ، كلفا باستظهار ما يصح لي من حقائقها ، مغرما بحفظ مشتبهها ومسغلقها ، شحيحا على ما أظفر به من معضلاتها ومشكلاتها ، متعصبا لمذهب الامامية راغبا عن الامن والسلامة في انتظار التنازع والتخاصم والتعدي إلى التباغض والتشاتم ، معيبا للفرق ذوي الخلاف ، كاشفا عن مثالب أئمتهم ، هتاكا لحجب قادتهم ، إلى أن بليت بأشد النواصب منازعة ، وأطولهم مخاصمة ، وأكثرهم جدلا ، وأشنعهم سؤالا وأثبتهم على الباطل قدما . فقال ذات يوم - وأنا أناظره - : تبا لك ولأصحابك يا سعد إنكم معاشر الرافضة تقصدون على المهاجرين والأنصار بالطعن عليهما ، وتجحدون من رسول الله ولايتهما وإمامتهما ، هذا الصديق الذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته ، أما علمتم أن رسول الله ما أخرجه مع نفسه إلى الغار إلا علما منه أن الخلافة له من بعده وأنه هو المقلد لأمر التأويل والملقى إليه أزمة الأمة ، وعليه المعول في شعب الصدع ، ولم الشعث ، وسد الخلل ، وإقامة الحدود ، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الشرك ، وكما أشفق على نبوته أشفق على خلافته ، إذ ليس من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة إلى مكان يستخفي فيه ، ولما رأينا النبي متوجها إلى الانجحار ولم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد استبان لنا قصد رسول الله بأبي بكر للغار للعلة التي شرحناها ، وإنما أبات عليا على فراشه لما لم يكن يكترث به ، ولم يحفل به لاستثقاله ، ولعلمه بأنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها . قال سعد : فأوردت عليه أجوبة شتى ، فما زال يعقب كل واحد منها بالنقض والرد علي ، ثم قال : ، يا سعد ودونكها أخرى بمثلها تخطم أنوف الروافض ، ألستم تزعمون أن الصديق المبرأ من دنس الشكوك والفارق المحامي عن بيضة الاسلام كانا يسر ان النفاق ، واستدللتم بليلة العقبة ، أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو كرها ؟ قال سعد : فاحتلت لدفع هذه المسألة عني خوفا من الالزام وحذرا من أني إن أقررت له بطوعهما للاسلام احتج بأن بدء النفاق ونشأه في القلب لا يكون إلا عند هبوب روائح القهر والغلبة ، وإظهار البأس الشديد في حمل المرء على من ليس ينقاد إليه قلبه نحو قول الله تعالى " فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا " وإن قلت : أسلما كرها كان يقصدني بالطعن إذ لم تكن ثمة سيوف منتضاة كانت تريهما البأس . قال سعد : فصدرت عنه مزورا قد انتفخت أحشائي من الغضب وتقطع كبدي من الكرب وكنت قد اتخذت طومارا وأثبت فيه نيفا وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا على أن أسال عنها خبير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي - محمد عليه السلام فارتحلت خلفه وقد كان خرج قاصدا نحو مولانا بسر من رأى فلحقته في بعض المنازل فلما تصافحنا قال : بخير لحاقك بي ، قلت : الشوق ثم العادة في الأسؤلة قال : قد تكافينا على هذه الخطة الواحدة ، فقد برح بي القرم إلي لقاء مولانا أبي محمد عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن معاضل في التأويل ومشاكل في التنزل فدونكها الصحبة المباركة فإنها تقف بك على ضفة بحر لا تنقضي عجائبه ، ولا تفنى غرائبه ، وهو إمامنا . فوردنا سر من رأى فانتهينا منها إلى باب سيدنا فاستأذنا فخرج علينا الاذن بالدخول عليه وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطاه بكساء طبري فيه مائة وستون صرة من الدنانير والدراهم ، على كل صرة منها ختم صاحبها . قال سعد : فما شبهت وجه مولانا أبي محمد عليه السلام حين غشينا نور وجهه إلا ببدر قد استوفى من لياليه أربعا بعد عشر ، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر ، على رأسه فرق بين وفرتين كأنه ألف بين واوين ، وبين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها ، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة ، وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئا قبض الغلام على أصابعه ، فكان مولانا يدحرج الرمانة بين يديه ويشغله بردها كيلا يصده عن كتابة ما أراد فسلمنا عليه فألطف في الجواب وأومأ إلينا بالجلوس فلما فرغ من كتبة البياض الذي كان بيده ، أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طي كسائه فوضعه بين يديه فنظر الهادي عليه السلام إلى الغلام وقال له : يا بني فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك ، فقال : يا مولاي أيجوز أن أمد يدا طاهرة إلى هدايا نجسة وأموال رجسة قد شيب أحلها بأحرمها ؟ فقال مولاي : يا ابن إسحاق استخرج ما في الجراب ليميز ما بين الحلال والحرام منها ، فأول صرة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام : " هذه لفلان بن فلان ، من محلة كذا بقم ، يشتمل على اثنين وستين دينارا ، فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها وكانت إرثا له عن أبيه خمسة وأربعون دينارا ، ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا ، وفيها من أجرة الحوانيت ثلاثة دنانير " فقال مولانا : صدقت يا بني دل الرجل على الحرام منها ، فقال عليه السلام : " فتش عن دينار رازي السكة ، تاريخه سنة كذا ، قد انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه ، وقراضة آملية وزنها ربع دينار ، والعلة في تحريمها أن صاحب هذه الصرة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل منا وربع من فأتت على ذلك مدة وفي انتهائها قيض لذل الغزل سارق ، فأخبر به الحائك صاحبه فكذبه واسترد منه بدل ذلك منا ونصف من غزلا أدق مما كان دفعه إليه واتخذ من ذلك ثوبا ، كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه " فلما فتح رأس الصرة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقدارها على حسب ما قال ، واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة . ثم أخرج صرة أخرى فقال الغلام : " هذه لفلان بن فلان ، من محلة كذا بقم تشتمل على خمسين دينارا لا يحل لنا لمسها " . قال : وكيف ذاك ؟ قال : " لأنها من ثمن حنطة حاف صاحبها على أكاره في المقاسمة ، وذلك أنه قبض حصته منها بكيل واف وكان ما حص الأكار بكيل بخس " فقال مولانا : صدقت يا بني . ثم قال : يا أحمد بن إسحاق احملها بأجمعها لتردها أو توصي بردها على أربابها فلا حاجة لنا في شئ منها ، وائتنا بثوب العجوز . قال أحمد : وكان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيته. فلما انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إلي مولانا أبو محمد عليه السلام فقال : ما جاء بك يا سعد ؟ فقلت : شوقني أحمد بن إسحاق على لقاء مولانا . قال : والمسائل التي أردت أن تسأله عنها ؟ قلت : على حالها يا مولاي قال : فسل قرة عيني - وأومأ إلى الغلام - فقال لي الغلام : سل عما بدا لك منها ، فقلت له : مولانا وابن مولانا إنا روينا عنكم أن رسول الله صلى الله عليه وآله جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين عليه السلام حتى أرسل يوم الجمل إلى عائشة : إنك قد أرهجت على الاسلام وأهله بفتنتك ، وأوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك ، فإن كففت عنى غربك وإلا طلقتك ، ونساء رسول الله صلى الله عليه وآله قد كان طلاقهن وفاته ، قال : ما الطلاق ؟ قلت : تخلية السبيل ، قال : فإذا كان طلاقهن وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله قد خليت لهن السبيل فلم لا يحل لهن الأزواج ؟ قلت : لان الله تبارك وتعالى حرم الأزواج عليهن ، قال : كيف وقد خلى الموت سبيلهن ؟ قلت : فأخبرني يا ابن مولاي عن معنى الطلاق الذي فوض رسول الله صلى الله عليه وآله حكمه إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : إن الله تقدس اسمه عظم شأن نساء النبي صلى الله عليه وآله فخصهن بشرف الأمهات ، فقال رسول الله : يا أبا الحسن إن هذا الشرف باق لهن ما دمن الله على الطاعة ، فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج وأسقطها من شرف أمومة المؤمنين . قلت : فأخبرني عن الفاحشة المبينة التي إذا أتت المرأة بها في عدتها حل للزوج أن يخرجها من بيته ؟ قال : الفاحشة المبينة هي السحق دون الزنا فإن المرأة إذا زنت وأقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزوج بها لأجل الحد وإذا سحقت وجب عليها الرجم والرجم خزي ومن قد أمر الله برجمه فقد أخزاه ، ومن أخزاه فقد أبعده ، ومن أبعده فليس لأحد أن يقربه قلت : فأخبرني يا ابن رسول الله عن أمر الله لنبيه موسى عليه السلام " فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى " فإن فقهاء القريقين يزعمون أنها كانت من إهاب الميتة ، فقال : عليه السلام من قال ذلك فقد افترى على موسى واستجهله في نبوته لأنه ما خلا الامر فيها من خطيئتين إما أن تكون صلاة موسى فيهما جائزة أو غير جائزة ، فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسهما في تلك البقعة ، وإن كانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس وأطهر من الصلاة وإن كانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب على موسى أنه لم يعرف الحلال من الحرام وما علم ما تجوز فيه الصلاة وما لم تجز ، وهذا كفر. قلت : فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما قال : إن موسى ناجى ربه بالواد المقدس فقال : يا رب إني قد أخلصت لك المحبة مني ، وغسلت قلبي عمن سواك - و كان شديد الحب لأهله - فقال الله تعالى : " إخلع نعليك " أي أنزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة ، وقلبك من الميل إلى من سواي مغسولا. قلت : فأخبرني يا ابن رسول الله عن تأويل " كهيعص " قال هذه الحروف من أنباء الغيب ، أطلع الله عليها عبده زكريا ، ثم قصها على محمد صلى الله عليه وآله وذلك أن زكريا سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل فعلمه إياها ، فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين سري عنه همه ، وانجلى كربه ، وإذا ذكر الحسين خنقته العبرة ، ووقعت عليه البهرة ، فقال ذات يوم : يا إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي ، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي ؟ فأنبأه الله تعالى عن قصته ، وقال : " كهيعص " " فالكاف " اسم كربلاء . و " الهاء " هلاك العترة . و " الياء " يزيد ، وهو ظالم الحسين عليهما السلام . و " العين " عطشه . و " الصاد " صبره. فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيها الناس من الدخول عليه ، وأقبل على البكاء والنحيب وكانت ندبته ( إلهي أتفجع خير خلقك بولده إلهي أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه ، إلهي أتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة ، إلهي أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما ) ؟ ! ثم كان يقول : ( اللهم ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر ، وأجعله وارثا وصيا ، واجعل محله مني محل الحسين ، فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ، ثم فجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده ) فرزقه الله يحيى و فجعه به . وكان حمل يحيى ستة أشهر وحمل الحسين عليه السلام كذلك ، وله قصة طويلة . قلت : فأخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم ، قال : مصلح أو مفسد ؟ قلت : مصلح ، قال : فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد ؟ قلت : بلى ، قال : فهي العلة ، وأوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله تعالى وأنزل عليهم الكتاب وأيدهم بالوحي والعصمة إذ هم أعلام الأمم وأهدي إلى الاختيار منهم مثل موسى وعيسى عليهما السلام هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذا هما بالاختيار أن يقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان أنه مؤمن ، قلت : لا ، فقال : هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا ممن لا يشك في إيمانهم وإخلاصهم ، فوقعت خيرته على المنافقين ، قال الله تعالى : " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا - إلى قوله - لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم " فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد علمنا أن لا اختيار إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور وما تكن الضمائر وتتصرف عليه السرائر وأن لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح . ثم قال مولانا : يا سعد وحين ادعى خصمك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخرج مع نفسه مختار هذه الأمة إلى الغار إلا علما منه أن الخلافة له من بعده وأنه هو المقلد أمور التأويل والملقى إليه أزمة الأمة وعليه المعول في لم الشعث وسد الخلل وإقامة الحدود ، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر ، فكما أشفق على نبوته أشفق على خلافته إذ لم يكن من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة من غيره إلى مكان يستخفي فيه وإنما أبات عليا على فراشه لما لم يكن يكترث له ولم يحفل به لاستثقاله إياه وعلمه أنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها . فهلا نقضت عليه دعواه بقولك أليس قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " الخلافة بعدي ثلاثون سنة " فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم فكان لا يجد بدا من قوله لك : بلى ، قلت : فكيف تقول حينئذ : أليس كما علم رسول الله أن الخلافة من بعده لأبي بكر علم أنها من بعد أبي بكر لعمر ومن بعد عمر لعثمان ومن بعد عثمان لعلي فكان أيضا لا يجد بدا من قوله لك : نعم ، ثم كنت تقول له : فكان الواجب على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخرجهم جميعا ( على الترتيب ) إلى الغار ويشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر ولا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إياهم وتخصيصه أبا بكر وإخراجه مع نفسه دونهم . ولما قال : أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو كرها ؟ لم لم تقل له : بل أسلما طمعا وذلك بأنهما كانا يجالسان اليهود ويستخبرانهم عما كانوا يجدون في التوراة وفى سائر الكتب المتقدمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال من قصة محمد صلى الله عليه وآله ومن عواقب أمره ، فكانت اليهود تذكر أن محمدا يسلط على العرب كما كان بختنصر سلط على بني إسرائيل ولا بد له من الظفر بالعرب كما ظفر بختنصر ببني إسرائيل غير أنه كاذب في دعواه أنه نبي . فأتيا محمدا فساعداه على شهادة ألا إله إلا الله وبايعاه طمعا في أن ينال كل واحد منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت أموره واستتبت أحواله فلما آيسا من ذلك تلثما وصعدا العقبة مع عدة من أمثالهما من المنافقين على أن يقتلوه فدفع الله تعالى كيدهم وردهم بغيظهم لم ينالوا خيرا كما أتى طلحة والزبير عليا عليه السلام فبايعاه وطمع كل واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد ، فلما أيسا نكثا بيعته وخرجا عليه فصرع الله كل واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين قال سعد : ثم قام مولانا الحسن بن علي الهادي عليه السلام للصلاة مع الغلام فانصرفت عنهما وطلبت أثر أحمد بن إسحاق فاستقبلني باكيا فقلت : ما أبطأك وأبكاك ؟ قال : قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي إحضاره ، قلت : لا عليك فأخبره ، فدخل عليه مسرعا وانصرف من عنده متبسما وهو يصلي على محمد وآل محمد ، فقلت : ما الخبر ؟ قال : وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا يصلي عليه . قال سعد : فحمدنا الله تعالى على ذلك وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أياما ، فلا نرى الغلام بين يديه فلما كان يوم الوداع دخلت أنا وأحمد بن إسحاق وكهلان من أهل بلدنا وانتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما وقال : يا ابن رسول الله قد دنت الرحلة واشتد المحنة ، فنحن نسأل الله تعالى أن يصلي على المصطفى جدك وعلى المرتضى أبيك وعلى سيدة النساء أمك وعلى سيدي شباب أهل الجنة عمك و أبيك وعلى الأئمة الطاهرين من بعدهما آبائك ، وأن يصلي عليك وعلى ولدك و نرغب إلى الله أن يعلي كعبك ويكبت عدوك ، ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك . قال : فلما قال هذه الكلمات استعبر مولانا حتى استهلت دموعه وتقاطرت عبراته ثم قال : يا ابن إسحاق لا تكلف في دعائك شططا فإنك ملاق الله تعالى في صدرك هذا فخر أحمد مغشيا عليه ، فلما أفاق قال : سألتك بالله وبحرمة جدك إلا شرفتني بخرقة أجعلها كفنا ، فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهما فقال : خذها و لا تنفق على نفسك غيرها ، فإنك لن تعدم ما سألت ، وإن الله تبارك وتعالى لن يضيع أجر من أحسن عملا قال سعد : فلما انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان على ثلاثة فراسخ حم أحمد بن إسحاق وثارت به علة صعبة أيس من حياته فيها ، فلما وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطنا بها ، ثم قال : تفرقوا عني هذه الليلة واتركوني وحدي ، فانصرفنا عنه ورجع كل واحد منا إلى مرقده . قال سعد : فلما حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة ففتحت عيني فإذا أنا بكافور الخادم ( خادم مولانا أبي محمد عليه السلام ) وهو يقول : أحسن الله بالخير عزاكم ، وجبر بالمحبوب رزيتكم ، قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه ، فقوموا لدفنه فإنه من أكرمكم محلا عند سيدكم . ثم غاب عن أعيننا فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والعويل حتى قضينا حقه ، وفرغنا من أمره - رحمه الله -
الثلاثون : بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن الحسين ، عن علي بن الزيات ، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان ، عن أبي الحسن (الرضا) عليه السلام ، قال : سمعته يقول : إن لله خلف) هذا النطاق زبرجدة خضراء ، فبالخضرة منها خضرت السماء ، قلت : وما النطاق ؟ . قال : الحجاب ، ولله عز وجل وراء ذلك سبعون ألف عالم أكثر من عدد الجن والإنس ، وكل يلعن . . فلانا وفلانا.
نكمل أيها الأحبة ونقيم الحجة على من كان يخشى يوما تتقلب فيه الابصار وتنكشف فيه الأسرار
الحادي و الثلاثون: - الكافي : محمد بن أحمد القمي ، عن عمه عبد الله بن الصلت ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن حسين الجمال ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، في قول الله تبارك وتعالي : ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين قال : هما ، ثم قال : وكان فلان شيطانا.
. بيان : إن المراد بفلان : عمر . . أي الجن المذكور في الآية عمر ، وإنما كنى به عنه لأنه كان شيطانا ، إما لأنه كان شرك شيطان لكونه ولد زنا ، أو لأنه كان في المكر والخديعة كالشيطان ، وعلى الأخير يحتمل العكس بأن يكون المراد بفلان : أبا بكر .
الثاني و الثلاثون: الكافي : بالاسناد ، عن يونس ، عن سورة بن كليب ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى : ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والانس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين قال : يا سورة ! هما والله هما . . ثلاثا ، والله يا سورة ! إنا لخزان علم الله في السماء وإنا لخزان علم الله في الأرض .
الثالث والثلاثون: - الكافي : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن سليمان الجعفري ، قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول في قول الله تبارك : * ( إذ يبيتون ما لا يرضى من القول ) * قال : يعني فلانا وفلانا وأبا عبيدة بن الجراح . بيان : بيت أمرا . . أي دبره ليلا.
الرابع والثلاثون:- الكافي: علي ، عن أبيه ، عن محمد بن إسماعيل وغيره ، عن منصور بن يونس ، عن ابن أذينة ، عن عبد الله بن النجاشي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في قول الله عز وجل : أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا ) يعني والله فلانا وفلانا ،
الخامس والثلاثون : الأصول الستة عشر - ص 30
عنه عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر ع يقول إن أبا بكر وعمر لم يأكلا مما انتزعا منا ولم يورثاه ولدا ولو فعلا ذلك أنكر الناس ذلك فلما قسماه بينهم رضوا وسكتوا ولو ذكرت ذلك لاحد من الناس قال اسكت قد فعله أبو بكر وعمر ولو حدثتهم لجهدوا به وكفروا وان عمر لما طعن جعل يقول يا بنى عبد المطلب أرضيتم عنى فكانوا يقولون نعم وكان يكثر ما يقول ذلك حتى قال له قومه وهل يجد عليك أحد من الناس فقال إني اعلم بالذي ائتمرنا به في حياة رسول الله ص والذي صنعنا و تواثقنا ان نبي الله قتل ( قال خ د ) لاتولى ( نولي ح د ) أحدا منهم هذا الامر ثم ندم على ما قال
السادس والثلاثون : النوادر - أحمد بن عيسى الأشعري - ص 103
محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، قال : حدثني سعيد بن أبي عروة ، عن قتادة ، عن الحسن البصري . أن رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج امرأة من بني عامر بن صعصعة يقال لها " سناه " وكانت من أجمل أهل زمانها ، فلما نظرت إليها عائشة وحفصة ، قالتا : لتغلبنا على رسول الله فقالتا لها : لا يرى رسول الله صلى الله عليه وآله منك حرصا . فلما دخلت على النبي فناولها يده ، فقالت : أعوذ بالله منك . فانقبضت يد رسول الله عنها ، فطلقها ، وألحقها بأهلها . وتزوج رسول الله امرأة من كندة ، ابنة أبي الجون . فلما مات إبراهيم بن رسول الله ابن مارية القبطية . قالت : لو كان نبيا ما مات ابنه ، فألحقها رسول الله بأهلها قبل أن يدخل بها . فلما قبض رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، وولى الناس أبو بكر أتته العامرية والكندية ، وقد خطبتا ، فاجتمع أبو بكر وعمر فقالا لهما : اختارا إن شئتما الحجاب ، وإن شئتما الباه ؟ فاختارتا الباه ، فتزوجتا ، فجذم أحد الرجلين ، وجن الاخر . قال عمر بن أذينة : فحدثت بهذا الحديث زرارة والفضيل ، فرويا عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : ما نهى النبي عن شئ إلا وقد عصي فيه ، حتى لقد نكحوا أزواجه وحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله أعظم حرمة من آبائهم.
السابع والثلاثون : الكافي - الشيخ الكليني - ج 5 - ص 23 - 27
دخول عمرو بن عبيد والمعتزلة على أبي عبد الله عليه السلام
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ، عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال : كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه السلام بمكة إذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وحفص بن سالم مولى ابن هبيرة وناس من رؤسائهم وذلك حدثان قتل الوليد واختلاف أهل الشام بينهم فتكلموا وأكثروا و خطبوا فأطالوا فقال لهم أبو عبد الله ( عليه السلام : إنكم قد أكثرتم علي فأسندوا أمركم إلى رجل منكم وليتكلم بحججكم ويوجز ، فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد ، فتكلم فأبلغ وأطال ، فكان فيما قال أن قال : قد قتل أهل الشام خليفتهم وضرب الله عز وجل بعضهم ببعض وشتت الله أمرهم فنظرنا فوجدنا رجلا له دين وعقل ومروة وموضع ومعدن للخلافة وهو محمد بن عبد الله بن الحسن فأردنا أن نجتمع عليه فنبايعه ثم نظهر معه فمن كان بايعنا فهو منا وكنا منه ومن اعتزلنا كففنا عنه ومن نصب لنا جاهدناه ونصبنا له على بغيه ورده إلى الحق وأهله وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك فتدخل معنا فإنه لا غنى بنا عن مثلك لموضعك وكثرة شيعتك ، فلما فرغ قال أبو عبد الله عليه السلام : أكلكم على مثل ما قال عمرو ؟ قالوا : نعم فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ( صلى الله عليه وآله ثم قال : إنما نسخط إذا عصي الله فأما إذا أطيع رضينا ، أخبرني يا عمرو لو أن الأمة قلدتك أمرها وولتك بغير قتال ولا مؤونه وقيل لك : ولها من شئت من كنت توليها ؟ قال : كنت أجعلها شورى بين المسلمين قال : بين المسلمين كلهم ؟ قال : نعم ، قال : بين فقهائهم وخيارهم ؟ قال : نعم ، قال : قريش وغيرهم ؟ قال : نعم ، قال : والعرب والعجم ؟ قال : نعم ، قال : أخبرني يا عمرو أتتولى أبا بكر وعمر أو تتبرء منهما ؟ قال : أتولاهما ، فقال : فقد خالفتهما ما تقولون أنتم تتولونهما أو تتبرؤون منهما ، قالوا : نتولاهما . قال : يا عمرو إن كنت رجلا تتبرء منهما فإنه يجوز لك الخلاف عليهما وإن كنت تتولاهما فقد خالفتهما قد عهد عمر إلى أبي بكر فبايعه ولم يشاور فيه أحدا ثم ردها أبو بكر عليه ولم يشاور فيه أحدا ثم جعلها عمر شورى بين ستة وأخرج منها جميع المهاجرين والأنصار غير أولئك الستة من قريش وأوصى فيهم شيئا لا أراك ترضى به أنت ولا أصحابك إذ جعلتها شورى بين جميع المسلمين ، قال : وما صنع ؟ قال : أمر صهيبا أن يصلي بالناس ثلاثة أيام وأن يشاور أولئك الستة ليس معهم أحد ابن عمر يشاورونه وليس له من الأمر شئ وأوصى من بحضرته من المهاجرين والأنصار إن مضت ثلاثة أيام قبل أن يفرغوا أو يبايعوا رجلا أن يضربوا أعناق أولئك الستة جميعا فإن اجتمع أربعة قبل أن تمضي ثلاثة أيام وخالف اثنان أن يضربوا أعناق الاثنين أفترضون بهذا أنتم فيما تجعلون من الشورى في جماعة من المسلمين قالوا : لا . ثم قال : يا عمرو دع ذا أرأيت لو بايعت صاحبك الذي تدعوني إلى بيعته ثم اجتمعت لكم الأمة فلم يختلف عليكم رجلان فيها فأفضتم إلى المشركين الذين لا يسلمون ولا يؤدون الجزية أكان عندكم وعند صاحبكم من العلم ما تسيرون بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله في المشركين في حروبه ؟ قال : نعم ، قال : فتصنع ماذا ؟ قال : ندعوهم إلى الإسلام فإن أبوا دعوناهم إلى الجزية . قال : وإن كانوا مجوسا ليسوا بأهل الكتاب ؟ قال : سواء ، قال : وإن كانوا مشركي العرب وعبدة الأوثان ؟ قال : سواء ، قال : أخبرني عن القرآن تقرؤه ؟ قال : نعم ، قال : اقرأ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فاستثناء الله عز وجل واشتراطه من الذين أوتوا الكتاب فهم والذين لم يؤتوا الكتاب سواء ؟ قال : نعم ، قال عمن أخذت ذا ؟ قال : سمعت الناس يقولون ، قال : فدع ذا ، فإن هم أبوا الجزية فقاتلتهم فظهرت عليهم كيف تصنع بالغنيمة ؟ قال : اخرج الخمس وأقسم أربعة أخماس بين من قاتل عليه . قال : أخبرني عن الخمس من تعطيه ؟ قال : حيثما سمى الله ، قال : فقرأ واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل قال : الذي للرسول من تعطيه ؟ ومن ذو القربى قال : قد اختلف فيه الفقهاء فقال بعضهم : قرابة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته ، وقال بعضهم : الخليفة ، وقال بعضهم : قرابة الذين قاتلوا عليه من المسلمين ، قال : فأي ذلك تقول أنت ؟ قال : لا أدري ، قال : فأراك لا تدري فدع ذا . ثم قال : أرأيت الأربعة أخماس تقسمها بين جميع من قاتل عليها ؟ قال : نعم ، قال : فقد خالفت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في سيرته بيني وبينك فقهاء أهل المدينة ومشيختهم فأسألهم فإنهم لا يختلفون ولا يتنازعون في أن رسول الله صلى الله عليه وآله إنما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا على إن دهمه من عدوه دهم أن يستنفرهم فيقاتل بهم وليس لهم في الغنيمة نصيب وأنت تقول بين جميعهم فقد خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله في كل ما قلت في سيرته في المشركين ومع هذا ما تقول في الصدقة ؟ فقرأ عليه الآية : إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها . . إلى آخر الآية قال : نعم ، فكيف تقسمها ؟ قال : اقسمها على ثمانية أجزاء فاعطي كل جزء من الثمانية جزءا ، قال : وإن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف منهم رجلا واحدا أو رجلين أو ثلاثة جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف ؟ قال : نعم ، قال : وتجمع صدقات أهل الحضر وأهل البوادي فتجعلهم فيها سواء ؟ قال : نعم ، قال : فقد خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله في كل ما قلت في سيرته ، كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر ولا يقسمه بينهم بالسوية وإنما يقسمه على قدر ما يحضره منهم وما يرى وليس عليه في ذلك شئ موقت موظف وإنما يصنع ذلك بما يرى على قدر من يحضره منهم فإن كان في نفسك مما قلت شئ فالق فقهاء أهل المدينة فإنهم لا يختلفون في أن رسول الله صلى الله عليه وآله كذا كان يصنع . ثم أقبل على عمرو بن عبيد فقال له : اتق الله وأنتم أيها الرهط فاتقوا الله فإن أبي حدثني وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله : أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف .
الثامن والثلاثون : الكافي - الشيخ الكليني - ج 5 - ص 421
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة قال : حدثني سعد بن أبي عروة ، عن قتادة ، عن الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج امرأة من بني عامر بن صعصعة يقال لها : سنى وكانت من أجمل أهل زمانها فلما نظرت إليها عائشة وحفصة قالتا : لتغلبنا هذه على رسول الله صلى الله عليه وآله بجمالها فقالتا لها : لا يرى منك رسول الله صلى الله عليه وآله حرصا فلما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله تناولها بيده فقالت : أعوذ بالله فانقبضت يد رسول الله صلى الله عليه وآله عنها فطلقها وألحقها بأهلها وتزوج رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة من كندة بنت أبي الجون فلما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله ابن مارية القبطية قالت : لو كان نبيا ما مات ابنه فألحقها رسول الله صلى الله عليه وآله بأهلها قبل أن يدخل بها فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وولى الناس أبو بكر أتته العامرية والكندية وقد خطبتا فاجتمع أبو بكر وعمر فقالا لهما : اختارا إن شئتما الحجاب وإن شئتما الباه فاختارتا الباه فتزوجتا فجذم أحد الرجلين وجن الآخر قال عمر ابن أذينة : فحدثت بهذا الحديث زرارة والفضيل فرويا عن أبي جعفر ( عليه السلام أنه قال : ما نهى الله عز وجل عن شئ إلا وقد عصى فيه حتى لقد نكحوا أزواج النبي صلى الله عليه وآله من بعده وذكر هاتين العامرية والكندية ، ثم قال أبو جعفر عليه السلام : لو سألتهم عن رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها أتحل لابنه ؟ لقالوا : لا فرسول الله صلى الله عليه وآله أعظم حرمة من آبائهم . .
محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) نحوه ، وقال في حديثه ، ولاهم يستحلون أن يتزوجوا أمهاتهم إن كانوا مؤمنين وإن أزواج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في الحرمة مثل أمهاتهم .
وهذا معنى كلام الامام من كتبهم أن كانوا لايعلمون :
الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 616 ]
قتيلة بن قيس
بن معد يكرب الكندية . أخت الأشعث بن قيس الكندي . ويقال : قيلة وليس بشيء . والصواب قتيلة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة عشر ثم اشتكى في النصف من صفر ثم قبض يوم الاثنين ليومين مضيا من ربيع الأول من سنة إحدى عشرة ولم تكن قدمت عليه ولا رآها ولا دخل بها وقال بعضهم : كان تزويجه إياها قبل وفاته بشهرين وزعم آخرون أيضا أنه تزوجها في مرضه
وقال منهم قائلون : إنه صلى الله عليه وسلم أوصى أن تخير فإن شاءت ضرب عليها الحجاب وتحرم على المؤمنين وإن شاءت فلتنكح من شاءت فاختارت النكاح فتزوجها عكرمة بن أبي جهل بحضرموت فبلغ أبا بكر فقال : لقد هممت أن أحرق عليهما بيتهما فقال له عمر : ما هي من أمهات المؤمنين ولا دخل بها ولا ضرب عليها الحجاب
وقال الجرجاني : زوجها أخوها منه صلى الله عليه وسلم فمات عليه الصلاة والسلام قبل خروجها من اليمن فخلف عليه عكرمة بن أبي جهل وقال بعضهم : ما أوصى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء ولكنها ارتدت حين ارتد أخوها فاحتج عمر على أبي بكر بأنها ليست من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بارتدادها ولم تلد لعكرمة بن أبي جهل وفيها اختلاف كثير جدا
التاسع والثلاثون : الكافي - الشيخ الكليني - ج 8 - ص 343 - 344
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت سلمان الفارسي رضي الله عنه يقول : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وصنع الناس ما صنعوا وخاصم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح الأنصار فخصموهم بحجة علي عليه السلام قالوا : يا معشر الأنصار قريش أحق بالامر منكم لان رسول الله صلى الله عليه وآله من قريش والمهاجرين منهم إن الله تعالى بدأ بهم في كتابه وفضلهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الأئمة من قريش ، قال سلمان رضي الله عنه : فأتيت عليا ( عليه السلام وهو يغسل رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبرته بما صنع الناس وقلت : إن أبا بكر الساعة على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله والله ما يرضى أن يبايعوه بيد واحدة إنهم ليبايعونه بيديه جميعا بيمينه وشماله ، فقال لي : يا سلمان هل تدري من أول من بايعه على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قلت : لا أدري ، إلا أني رأيت في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار وكان أول من بايعه بشير بن سعد وأبو عبيدة بن الجراح ثم عمر ثم سالم قال : لست أسألك عن هذا ولكن تدري أول من بايعه حين صعد منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قلت : لا ولكني رأيت شيخا كبيرا متوكئا على عصاه بين عينيه سجاده شديد التشمير صعد إليه أول من صعد وهو يبكي ويقول : الحمد لله الذي لم يمتني من الدنيا حتى رأيتك في هذا المكان ، أبسط يدك ، فبسط يده فبايعه ثم نزل فخرج من المسجد فقال علي ( عليه السلام : ‹ هل تدري من هو ؟ قلت : لا ولقد ساءتني مقالته كأنه شامت بموت النبي صلى الله عليه وآله ، فقال : ذاك إبليس لعنه الله ، أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله صلى الله عليه وآله إياي للناس بغدير خم بأمر الله عز وجل فأخبرهم أني أولى بهم من أنفسهم وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب فأقبل إلى إبليس أبالسته ومردة أصحابه فقالوا : إن هذه أمة مرحومة ومعصومة ومالك ولا لنا عليهم سبيل قد أعلموا إمامهم ومفزعهم بعد نبيهم ، فأنطلق إبليس لعنه الله كئيبا حزينا وأخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لو قبض أن الناس يبايعون أبا بكر في ظلة بني ساعدة بعد ما يختصمون ، ثم يأتون المسجد فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس لعنه الله في صورة رجل شيخ مشمر يقول كذا وكذا ، ثم يخرج فيجمع شياطينه وأبالسته فينخر ويكسع ويقول : كلا زعمتم أن ليس لي عليهم سبيل فكيف رأيتم ما صنعت بهم حتى تركوا أمر الله عز وجل وطاعته وما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وآله .
الاربعون : الكافي - الشيخ الكليني - ج 8 - ص 345
محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن حديد ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام قال : أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله يوما كئيبا حزينا ؟ فقال له : علي عليه السلام مالي أراك يا رسول الله كئيبا حزينا ؟ فقال : وكيف لا أكون كذلك وقد رأيت في ليلتي هذه إن بني تيم وبني عدي وبني أمية يصعدون منبري هذا ، يردون الناس عن الاسلام القهقرى ، فقلت : يا رب في حياتي أو بعد موتي ؟ فقال : بعد موتك .
الحادي والاربعون : عيون أخبار الرضا (ع) - الشيخ الصدوق - ج 1 - ص 199 - 204 -
حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا : حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس جميعا قالا حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري قال : حدثني أبو الحسين صالح بن أبي حماد الرازي ، عن إسحاق بن حماد بن زيد قال : جمعنا يحيى بن أكثم القاضي قال أمرني المأمون باحضار جماعة من أهل الحديث وجماعة من أهل الكلام والنظر فجمعت له من الصنفين زهاء أربعين رجلا ثم مضيت بهم ، فأمرتهم بالكينونة في مجلس الحاجب لاعلمه بمكانهم ففعلوا فأعلمته فأمرني بإدخالهم فدخلوا ، فسلموا ، فحدثهم ساعة وآنسهم ثم قال : إني أريد أن أجعلكم بيني وبين الله تبارك وتعالى في يومي هذا حجة فمن كان حاقنا أو له حاجة فليقم إلى قضاء حاجته وانبسطوا وسلوا خفافكم وضعوا أرديتكم ففعلوا ما أمروا به فقال : يا أيها القوم إنما استحضرتكم لأحتج بكم عند الله تعالى فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم وامامكم ولا يمنعكم جلالتي ومكاني من قول الحق حيث كان ورد الباطل على من أتى به وأشفقوا على أنفسكم من النار وتقربوا إلى الله تعالى برضوانه وإيثار طاعته فما أحد تقرب إلى مخلوق بمعصية الخالق إلا سلطه عليه فناظروني بجميع عقولكم إني رجل أزعم أن عليا عليه السلام خير البشر بعد رسول الله ص فإن كنت مصيبا فصوبوا قولي وإن كنت مخطئا فردوا علي وهلموا ، فإن شئتم سألتكم وإن شئتم سألتموني فقال له الذين يقولون بالحديث : بل نسألك ، فقال : هاتوا وقلدوا كلامكم رجلا واحدا منكم فإذا تكلم فإن كان عند أحدكم زيادة فليزد وإن أتى بخلل فسددوه ، فقال قائل منهم : إنما نحن نزعم أن خير الناس بعد رسول الله ص أبو بكر من قبل أن الرواية المجمع عليها جاءت عن الرسول الله ص أنه قال : اقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر فلما أمر نبي الرحمة بالاقتداء بهما علمنا أنه لم يأمر بالاقتداء إلا بخير الناس فقال المأمون : الروايات كثيرة ولا بد من أن تكون كلها حقا أو كلها باطلا أو بعضها حقا أو بعضها باطلا ، فلو كانت كلها حقا كانت كلها باطلا من قبل أن بعضها ينقض بعضا ، ولو كانت كلها باطلا كان في بطلانها بطلان الدين ودروس الشريعة ، فلما بطل الوجهان ثبت الثالث بالاضطرار وهو بعضها حق وبعضها باطل ، فإذا كان كذلك فلا بد من دليل على ما يحق منها ليعتقد وينفي خلافه فإذا كان دليل الخبر في نفسه حقا كان أولى ما اعتقده وأخذ به وروايتك هذه من الاخبار التي أدلتها باطلة في نفسها وذلك رسول الله ص احكم الحكماء وأولى الخلق بالصدق وأبعد الناس من الامر بالمحال وحمل الناس على التدين بالخلاف وذلك أن هذين الرجلين لا يخلوا من أن يكونا متفقين من كل جهة أو مختلفين فإن كانا متفقين من كل جهة كانا واحدا في العدد والصفة والصورة والجسم وهذا معدوم أن يكون اثنان بمعنى واحد من كل جهة وإن كانا مختلفين فكيف يجوز الاقتداء بهما وهذا تكليف ما لا يطاق ، لأنك إذا اقتديت لواحد خالفت الاخر والدليل على اختلافهما أن أبا بكر سبى أهل الردة وردهم عمر أحرارا وأشار إلى أبي بكر بعزل خالد وبقتله بمالك بن نويرة ، فأبى أبو بكر عليه وحرم عمر المتعتين ولم يفعل ذلك أبو بكر ووضع عمر ديوان العطية ولم يفعله أبو بكر وأستخلف أبو بكر ولم يفعل ذلك عمر ولهذا نظائر كثيرة . قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : في هذا فصل ولم يذكر المأمون لخصمه وهو أنهم لم يرووا أن النبي ص قال : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، وإنما رووا أبو بكر وعمر ، ومنهم من روى أبا بكر وعمر فلو كانت الرواية صحيحة لكان معنى قوله بالنصب اقتدوا باللذين من بعدي كتاب الله والعترة يا أبا بكر وعمر ومعنى قوله بالرفع : اقتدوا أيها الناس وأبو بكر وعمر بالذين من بعدي كتاب الله والعترة رجعنا إلى حديث المأمون ، فقال آخر من أصحاب الحديث فإن النبي ص قال : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا فقال المأمون : هذا مستحيل من قبل أن رواياتكم أنه ص آخى بين أصحابه وآخر عليا عليه السلام ، فقال له في ذلك ؟ فقال : وما أخرتك إلا لنفسي ، فأي الروايتين ثبتت بطلت الأخرى ؟ قال الآخران عليا عليه السلام قال : على المنبر خير هذه الأمة بعد نبيها أبو وعمر ، وقال المأمون : هذا مستحيل من قبل النبي ص لو علم إنهما أفضل ما ولى عليهما مرة عمرو بن العاص ومرة أسامة بن زيد ومما يكذب هذه الرواية قول علي عليه السلام لما قبض النبي ص : وأنا أولى بمجلسه مني بقميصي ولكني أشفقت أن يرجع الناس كفارا وقوله عليه السلام : أنى يكونان خيرا مني وقد عبدت الله تعالى قبلهما وعبدته بعدهما ؟ قال آخر : فإن أبا بكر أغلق بابه وقال : هل من مستقيل فأقيله ؟ فقال علي عليه السلام : قدمك رسول الله ص فمن ذا يؤخرك ؟ فقال المأمون : هذا باطل من قبل أن عليا عليه السلام قعد بيعة أبي بكر ورويتم أنه قعد عنها حتى قبضت فاطمة عليها السلام وأنها أوصت أن تدفن ليلا لئلا يشهدا جنازتها ووجه آخر وهو إنه أن كان النبي ص استخلفه فكيف كان له أن يستقيل وهو يقول للأنصار : قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أبا عبيدة وقال آخر : إن عمرو بن العاص قال : يا نبي الله من أحب الناس إليك من النساء ؟ قال : عائشة من الرجال ؟ فقال : أبوها فقال المأمون : هذا باطل قبل إنكم رويتم : أن النبي ص وضع بين يديه طائر مشوي فقال اللهم أتني بأحب خلقك إليك فكان عليا عليه السلام فأي روايتكم تقبل ؟ فقال آخر : فإن عليا عليه السلام قال من فضلني على أبي بكر وعمر جلدته حد المفتري قال المأمون كيف يجوز أن يقول علي عليه السلام : أجلد الحد على من لا يجب حد عليه فيكون متعديا لحدود الله عز وجل عاملا بخلاف أمره وليس تفضيل من فضله عليهما فرية وقد رويتم عن إمامكم أنه قال : وليتكم ولست بخيركم فأي الرجلين أصدق عندكم أبو بكر على نفسه أو علي عليه السلام على أبي بكر مع تناقض الحديث في نفسه ؟ ولا بد له في قوله من أن يكون صادقا أو كاذبا فإن كان صادقا فأني عرف ذلك ؟ بوحي ؟ فالوحي منقطع أو بالتظني فالمتظني متحير أو بالنظر فالنظر مبحث ، وإن كان غير صادق فمن المحال أن يلي أمر المسلمين ويقوم بأحكامهم ويقيم حدودهم كذاب ، قال آخر : جاء أن النبي ص قال : أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة قال المأمون : هذا الحديث محال لأنه لا يكون في الجنة كهل ويروى أن اشجعيه كانت عند النبي ( ص ) فقال : لا يدخل الجنة عجوز فبكت فقال لها النبي ص : إن الله تعالى يقول : ( إنا أنشأناهن انشآءا فجعلناهن أبكارا عربا أترابا فإن زعمتم إن أبا بكر ينشأ شابا إذا دخل الجنة فقد رويتم أن النبي ص قال للحسن والحسين : إنهما سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين وأبوهما خير منهما قال آخر : فقد جاء أن النبي ص: قال : لو لم أكن أبعث فيكم لبعث عمر قال المأمون : هذا محال لأن الله تعالى يقول إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ) وقال تعالى : ( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم فهل يجوز أن يكون من لم يؤخذ ميثاقه على النبوة مبعوثا ومن أخذ ميثاقا على النبوة مؤخرا ؟ قال آخر : إن النبي ص نظر إلى عمر يوم عرفة فتبسم فقال : إن الله تبارك وتعالى باهى بعباده عامة وبعمر خاصة فقال : المأمون : هذا مستحيل من قبل أن الله تبارك وتعال لم يكن ليباهي بعمر ويدع نبيه ص فيكون عمر في الخاصة والنبي ص في العامة ، وليست هذه الروايات بأعجب من روايتكم : أن النبي ص قال : دخلت الجنة : فسمعت خفق نعلين ، فإذا بلال مولا أبي بكر سبقني إلى الجنة ، وإنما قالت الشيعة : علي عليه السلام خير من أبي بكر فقلتم عبد أبي بكر خير من الرسول ص لأن السابق أفضل من المسبوق وكما رويتم أن الشيطان يفر من ظل عمر والقى على لسان نبي الله ص وأنهن الغرانيق العلى ففر من عمر وألقى على لسان النبي ص بزعمكم الكفار ، قال آخر : قد قال النبي ص : لو نزل العذاب ما نجى إلا عمر بن الخطاب قال المأمون : هذا خلاف الكتاب أيضا ، لأن الله تعالى يقول لنبيه ص وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم فجعلتم عمر مثل الرسول ، قال آخر : فقد شهد النبي ص لعمر بالجنة في عشرة من الصحابة فقال المأمون : لو كان هذا كما زعمتم لكان عمر لا يقول لحذيفة : نشدتك بالله أمن المنافقين أنا ؟ فإن كان قد قال له النبي ص: أنت من أهل الجنة ولم يصدقه حتى ذكاة حذيفة فصدق حذيفة ولم يصدق النبي ص فهذا على غير الاسلام وإن كان قد صدق النبي ص فلم سأل حذيفة ؟ وهذان الخبران متناقضان في أنفسهما قال الآخر : قال النبي ص : وضعت في كفة الميزان ووضعت أمتي في كفة أخرى فرجحت بهم ثم وضع مكاني أبو بكر فرجح بهم ، ثم عمر فرجح بهم ، ثم رفع الميزان فقال ، المأمون : هذا محال من قبل أنه لا يخلو من أن يكون أجسامهما أو أعمالهما فإن كانت الأجسام فلا يخفى على ذي روح أنه محال لأنه لا يرجح أجسامهما بأجسام الأمة وإن كانت أفعالهما فلم تكن بعد فكيف ترجح بما ليس ، فأخبروني بما يتفاضل الناس ؟ فقال بعضهم بالأعمال الصالحة قال : فأخبروني فممن فضل صاحبه على عهد النبي ص ثم أن المفضول عمل بعد وفاة رسول الله بأكثر من عمل الفاضل على عهد النبي ص أيلحق به ؟ فإن قلتم : نعم أوجدتكم في عصرنا هذا من هو أكثر جهادا وحجا وصوما وصلاة وصدقة من أحدهم ! قالوا : صدقت لا يلحق فاضل دهرنا لفاضل عصر النبي ص قال المأمون : فانظروا فيما روت أئمتكم الذين أخذتم عنهم أديانكم في فضائل علي عليه السلام وقيسوا إليها ما رووا في فضائل تمام العشرة الذين شهدوا لهم بالجنة فإن كانت جزءا من اجزاء كثيرة فالقول قولكم وإن كانوا قد رووا في فضائل علي عليه السلام أكثر فخذوا عن أئمتكم ما رووا ولا تعدوه قال : فأطرق القوم جميعا فقال المأمون : ما لكم سكتم ؟ قالوا : قد أستقصينا ، قال المأمون : فأني أسألكم خبروني أي الأعمال كان أفضل يوم بعث الله نبيه ص ؟ قالوا : السبق إلى الاسلام لان الله تعالى يقول : ( السابقون السابقون أولئك المقربون قال : فهل علمتم أحدا أسبق من علي عليه السلام إلى الاسلام ؟ قالوا : إنه سبق حدثا لم يجر عليه حكم وأبو بكر أسلم كهلا قد جرى عليه الحكم وبين هاتين الحالتين فرق قال المأمون : فخبروني عن إسلام علي عليه السلام بالهام من قبل الله تعالى أم بدعاء النبي ص فإن قلتم بإلهام فضلتموه على النبي ص لأن النبي ص لم يلهم بل أتاه جبرئيل عن الله تعالى داعيا ومعرفا فإن قلتم بدعاء النبي ص فهل دعاه من قبل نفسه أو بأمر الله تعالى ؟ فإن قلتم : من قبل نفسه فهذا خلاف ما وصف الله تعالى به نبيه ص في قوله تعالى وما انا من المتكلفين ) وفي قوله تعالى : ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وإن كان من قبل الله تعالى فقد أمر الله تعالى نبيه ص بدعاء علي عليه السلام من بين صبيان الناس وايثاره عليهم ، فدعاه ثقة به وعلما بتأييد الله تعالى وعلة أخرى خبروني عن الحكيم هل يجوز أن يكلف خلقه ما لا يطيقون ؟ فإن قلتم : نعم فقد كفرتم وإن قلتم : لا فكيف يجوز أن يأمر نبيه ص بدعاء من لا يمكنه قبول ما يؤمر به لصغره وحداثة سنه وضعفه عن القبول وعلة أخرى هل رأيتم النبي ص دعا أحدا من صبيان أهله وغيرهم فيكونوا أسوة علي عليه السلام ؟ فإن زعمتم أنه لم يدع غيره فهذه فضيلة لعلي عليه السلام على جميع صبيان الناس ثم قال : أي الأعمال بعد السبق إلى الايمان قالوا : الجهاد في سبيل الله ، قال : فهل تجدون لاحد من العشرة في الجهاد ما لعلي عليه السلام في جميع مواقف النبي ص من الأثر هذه ؟ بدر قتل من المشركين فيها نيف وستون رجلا قتل علي عليه السلام منهم نيفا وعشرين وأربعون لسائر الناس فقال قائل : كان أبو بكر مع النبي ص في عريشة يدبرها فقال المأمون : لقد جئت بها عجيبة ! أكان يدبر دون النبي ص أو معه فيشركه أو لحاجة النبي( ص إلى رأي أبي بكر ؟ أي الثلاث أحب إليك أن تقول ؟ فقال : أعوذ بالله من أن أزعم أنه يدبر دون النبي ص أو يشركه أو بافتقار من النبي ص إليه قال : فما الفضيلة في العريش ؟ فإن كانت فضيلة أبي بكر بتخلفه عن الحرب فيجب أن يكون كل متخلف فاضلا أفضل من المجاهدين والله عز وجل يقول : لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما قال : إسحاق بن حماد بن زيد ثم قال لي : إقرأ هل أتى على الانسان حين من الدهر فقرأت حتى بلغت ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إلى قوله وكان سعيكم مشكورا (فقال : فيمن نزلت هذه الآيات : فقلت في علي عليه السلام قال : فهل بلغك أن عليا عليه السلام قال : حين أطعم المسكين واليتيم والأسير : إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا على ما وصف الله عز وجل في كتابه ؟ فقلت : لا ، قال فإن الله تعالى عرف سريرة علي عليه السلام ونيته فأظهر ذلك في كتابه تعريفا لخلقه أمره فهل علمت أن الله تعالى وصف في شئ مما وصف في الجنة ما في هذه السورة ( قوارير من فضة قلت : لا قال : فهذه فضيلة أخرى فكيف تكون القوارير من فضة ؟ فقلت : لا أدري قال يريد كأنها من صفائها من فضة يرى داخلها كما يرى خارجها وهذا مثل قوله ص يا إسحاق رويدا شوقك بالقوارير وعني به نساء كأنها القوارير رقة وقوله ص : ركبت فرس أبي طلحة فوجدته بحرا أي كأنه بحر من كثرة جريه وعدوه وكقول الله تعالى : ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ورائه عذاب غليظ أي كأنه يأتيه الموت ولو أتاه من مكان واحد مات ثم قال : يا إسحاق ألست ممن يشهد أن العشرة في الجنة ؟ فقلت : بلى ثم قال : أرأيت لو أن رجلا قال : ما أدري أصحيح هذا الحديث أم لا ، أكان عندك كافرا ؟ قلت لا قال أفرأيت لو قال ما أدري هذه السورة قرآن أم لا أكان عندك كافرا ؟ قلت بلى قال : أرى فضل الرجل يتأكد خبروني يا إسحاق عن حديث الطائر المشوي أصحيح عندك ؟ قلت : بلى قال : بان والله عنادك لا يخلوا هذا من أن يكون كما دعاه النبي ص أو يكون مردودا أو عرف الله الفاضل من خلقه وكان المفضول أحب إليه أو تزعم إن الله لم يعرف الفاضل من المفضول فأي الثلاث أحب إليك أن تقول به ؟ قال : إسحاق : فأطرقت ساعة ثم قلت : يا أمير المؤمنين إن الله تعالى يقول في أبي بكر : ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فنسبه الله عز وجل إلى صحبة نبيه ص فقال المأمون : سبحان الله ما أقل علمك باللغة والكتاب ؟ أما يكون الكافر صاحبا للمؤمن ؟ فأي فضيلة في هذا أما سمعت قول الله تعالى : ( قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سويك رجلا فقد جعله له صاحبا وقال الهذلي شعرا : ‹ ولقد غدوت وصاحبي وحشية * تحت الرداء بصيرة بالمشرق وقال الأزدي شعرا :
ولقد ذعرت الوحش فيه وصاحبي * محض القوائم من هجان هيكل
فصير فرسه صاحبه وأما قوله إن الله معنا فان الله تبارك وتعالى مع البر والفاجر ، أما سمعت قوله تعالى : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا وأما قوله : لا تحزن فأخبرني من حزن أبي بكر أكان طاعة أو معصية فإن زعمت إنه طاعة فقد جعلت النبي ص ينهى عن الطاعة وهذا خلاف صفة الحكيم ، وإن زعمت أنه معصية فأي فضيلة للعاصي ؟ وخبرني عن قوله تعالى فأنزل الله سكينته عليه على من ؟ قال إسحاق : فقلت على أبي بكر لأن النبي ص كان مستغنيا عن الصفة السكينة قال : فخبرني عن قوله عز وجل : ( ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين أتدري من المؤمنون الذين أراد الله تعالى في هذا الموضع ؟ قال : فقلت لا ، فقال : إن الناس انهزموا يوم حنين فلم يبق مع النبي ص إلا سبعة من بني هاشم علي عليه السلام يضرب بسيفه والعباس أخذ بلجام بغلة رسول الله ص والخمسة يحدقون بالنبي ص خوفا من أن يناله سلاح الكفار حتى أعطى الله تبارك وتعالى رسوله ص الظفر عني بالمؤمنين في هذا الموضع عليا عليه السلام ومن حضر من بني هاشم فمن كان أفضل أمن كان مع النبي ص فنزلت السكينة على النبي ص وعليه أم من كان في الغار مع النبي ص ولم يكن أهلا لنزولها عليه يا إسحاق من أفضل ؟ من مع النبي ص في الغار أو من نام على مهاده وفراشه ووقاه بنفسه حتى تم للنبي ص ما عزم عليه من الهجرة ، إن الله تبارك وتعالى أمر نبيه ص أن يأمر عليا عليه السلام بالنوم على فراشه ووقايته بنفسه فأمره بذلك فقال علي عليه السلام أتسلم يا نبي الله ؟ قال : بلى قال سمعا وطاعة ثم أتى مضجعه وتسجى بثوبه وأحدق المشركون به لا يشكون في أنه النبي ص وقد أجمعوا على أن يضربه من كل بطن من قريش رجل ضربة لئلا يطلب الهاشميون بدمه وعلي عليه السلام يسمع بأمر القوم فيه من التدبير في تلف نفسه ؟ فلم يدعه إلى الجزع كما جزع أبو بكر في الغار وهو مع النبي ص وعلي عليه السلام وحده فلم يزل صابرا محتسبا فبعث الله تعالى ملائكته تمنعه من مشركي قريش فلما أصبح قام فنظر القوم إليه فقالوا : أين محمد ؟ قال : وما علمي به قالوا : فأنت غدرتنا ثم لحق بالنبي ص فلم يزل علي عليه السلام أفضل لما بدأ منه إلا ما يزيد خيرا حتى قبضه الله تعالى إليه وهو محمود مغفور يا إسحاق أما تروي حديث الولاية ؟ فقلت : نعم قال : أروه فرويته فقال أما ترى أنه أوجب لعلي عليه السلام على أبي بكر وعمر من الحق ما لم يوجب لهما عليه ؟ قلت : إن الناس يقولون إن هذا قاله بسبب زيد بن حارثة فقال : وأين قال النبي ص هذا ؟ قلت : بغدير خم بعد منصرفه من حجة الوداع قال فمتى قتل زيد بن حارثة ؟ قلت : بموته قال : أفليس قد كان قتل زيد بن حارثة قبل غدير خم ؟ قلت بلى قال : أخبرني لو رأيت ابنا لك أتت عليه خمسة عشر سنة يقول مولاي مولى ابن عمي أيها الناس فأقبلوا أكنت تكره له ذلك ؟ فقلت : بلى ، قال : أفتنزه ابنك عما لا يتنزه النبي ص عنه ويحكم ! أجعلتم فقهاءكم أربابكم إن الله تعالى يقول : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والله ما صاموا ولا صلوا لهم ولكنهم أمروا لهم فأطيعوا ثم قال : أتروي قول النبي ص لعلي عليه السلام أنت مني بمنزلة هارون من موسى ؟ قلت : نعم قال أما تعلم أن هارون أخو موسى لأبيه وأمه ؟ قلت : بلى ، قال : فعلي عليه السلام كذلك قلت : لا قال وهارون نبي وليس علي كذلك فما المنزلة الثالثة إلا الخلافة وهذا كما قال المنافقون استخلفه استثقالا له فأراد أن يطيب بنفسه وهذا كما حكى الله تعالى عن موسى عليه السلام حيث يقول لهارون أخلفني في قومي وأصلح لي ولا تتبع سبيل المفسدين فقلت : إن موسى خلف هارون في قومه وهو حي ثم مضى إلى ميقات ربه تعالى وأن النبي ص خلف عليا عليه السلام حين خرج إلى غزاته فقال : أخبرني عن موسى حين خلف هارون أكان معه حيث مضى إلى ميقات ربه عز وجل أحد من أصحابه ؟ فقلت : نعم ، قال : أوليس قد أستخلفه على جميعهم ؟ قلت : بلى ، قال : فكذلك علي عليه السلام خلفه النبي ص حين خرج إلى غزاته في الضعفاء والنساء والصبيان إذا كان أكثر قومه معه وأن كان قد جعله خليفة على جميعهم والدليل على أنه جعله خليفة عليهم في حياته إذا غاب وبعد موته قوله ص : علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وهو وزير النبي ص أيضا بهذا القول لأن موسى عليه السلام قد دعا الله تعالى وقال فيما دعا : وأجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري فإذا كان علي عليه السلام منه ص بمنزلة هارون من موسى فهو وزيره كما كان هارون وزير موسى وهو خليفته كما كان هارون خليفة موسى عليه السلام ثم أقبل على أصحاب النظر والكلام فقال : أسألكم أو تسألوني ؟ فقالوا : بل نسألك قال : قولوا فقال قائل منهم : أليست إمامة علي عليه السلام من قبل الله عز وجل نقل ذلك عن رسول الله ص من نقل الفرض مثل الظهر أربع ركعات وفي مأتي درهم خمسة دراهم والحج إلى مكة ؟ فقال : بلى قال : فما بالهم لم يختلفوا في جميع الفرض واختلفوا في خلافة علي عليه السلام وحدها ؟ قال المأمون : لأن جميع الفرض لا يقع فيه من التنافس والرغبة ما يقع في الخلافة فقال آخر : ما أنكرت أن يكون النبي ص أمرهم باختيار رجل منهم يقوم مقامه رأفة بهم ورقة عليهم من غير أن يستخلف هو بنفسه فيعصي خليفته فينزل بهم العذاب ؟ فقال : أنكرت ذلك من قبل أن الله تعالى أرأف بخلقه من النبي ص وقد بعث نبيه ص إليهم وهو يعلم أن فيهم عاص ومطيع فلم يمنعه تعالى ذلك من إرساله وعلة أخرى : ولو أمرهم باختيار رجل منهم كان لا يخلو من أن يأمرهم كلهم أو بعضهم فلو أمر الكل من كان المختار ؟ ولو أمر بعضنا دون بعض كان لا يخلو من أن يكون على هذا البعض علامة فإن قلت : الفقهاء ، فلا بد من تحديد الفقيه وسمته قال آخر : فقد روي : أن النبي ص قال : ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله تعالى حسن وما رأوه قبيحا فهو عند الله قبيح فقال هذا القول لا بد من أن يكون يريد كل المؤمنين أو البعض فإن أراد الكل فهذا مفقود لأن الكل لا يمكن اجتماعهم وإن كان البعض فقد روى كل في صاحبه حسنا مثل رواية الشيعة في علي ورواية الحشوية في غيره فمتى يثبت ما تريدون من الإمامة ؟ قال آخر : فيجوز أن تزعم أن أصحاب محمد أخطأوا قال : كيف نزعم أنهم أخطأوا واجتمعوا على ضلالة وهم لم يعلموا فرضا ولا سنة لأنك تزعم أن الإمامة لا فرض من الله تعالى ولا سنة من الرسول ص فكيف يكون فيما ليس عندك بفرض ولا سنة خطأ ؟ قال آخر : أن كنت تدعي لعلي عليه السلام من الإمامة دون غيره فهات بينتك على ما تدعي فقال : ما أنا بمدع ولكني مقر ولا بينة على مقر والمدعي من يزعم أن إليه التولية والعزل وأن إليه الاختيار والبينة لا تعري من أن تكون من شركائه فهم خصماء أو تكون من غيرهم والغير معدوم فكيف يؤتي بالبينة على هذا ؟ قال آخر : فما كان الواجب على علي عليه السلام بعد مضي رسول الله ص ؟ قال : ما فعله قال : أفما وجب عليه أن يعلم الناس إنه إمام ؟ فقال : إن الإمامة لا تكون بفعل منه في نفسه ولا بفعل من الناس فيه من اختيار أو تفضيل أو غير ذلك وأنها يكون بفعل من الله تعالى فيه كما قال لإبراهيم عليه السلام : إني جاعلك للناس إماما وكما قال تعالى لداود عليه السلام : يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض وكما قال عز وجل للملائكة في آدم : ( إني جاعل في الأرض خليفة فالامام إنما يكون إماما من قبل الله تعالى وباختياره إياه في بدء الصنيعة والتشريف في النسب والطهارة في المنشأ والعصمة في المستقبل ولو كانت بفعل منه في نفسه كان من فعل ذلك الفعل مستحقا للإمامة وإذا عمل خلافها اعتزل فيكون خليفة قبل أفعاله قال آخر : فلم أوجبت الإمامة لعلي عليه السلام بعد الرسول ص ؟ فقال : لخروجه من الطفولية إلى الايمان كخروج النبي ص من الطفولية إلى الايمان والبراءة من ضلالة قومه عن الحجة وإجتنابه الشرك كبراءة النبي ص من الضلالة وإجتنابه للشرك لأن الشرك ظلم ولا يكون الظالم إماما ولا من عبد وثنا باجماع ومن شرك فقد حل من الله تعالى محل أعدائه فالحكم فيه الشهادة عليه بما اجتمعت عليه الأمة حتى يجئ إجماع آخر مثله ولأن من حكم عليه مرة فلا يجوز أن يكون حاكما فيكون الحاكم محكوما عليه فلا يكون حينئذ فرق بين الحاكم والمحكوم عليه قال آخر : فلم يقاتل علي عليه السلام أبا بكر وعمر كما قاتل معاوية ؟ فقال المسألة محال لأن لم اقتضاء ولم يفعل نفي والنفي لا يكون له علة ، إنما العلة للاثبات وإنما يجب أن ينظر في أمر علي عليه السلام أمن قبل الله أم من قبل غيره فإن صح أنه من قبل الله تعالى فالشك في تدبيره كفر لقوله تعالى : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فافعال الفاعل تبع لاصله ، فإن كان قيامه عن الله تعالى فأفعاله عنه وعلى الناس الرضا والتسليم وقد ترك رسول الله ص القتال يوم الحديبية يوم صد المشركون هديه عن البيت فلما وجد الأعوان وقوى حارب كما قال الله تعالى في الأول : فاصفح الصفح الجميل ثم قال عز وجل : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم وأحصروهم وأقعدوا لهم كل مرصد قال آخر إذا زعمت أن إمامة علي عليه السلام من قبل الله تعالى وإنه مفترض الطاعة فلم لم يجز إلا التبليغ والدعاء للأنبياء عليهم السلام وجاز لعلي أن يترك ما أمر به من دعوه الناس إلى طاعته ؟ فقال : من قبل انا لم نزعم إن عليا عليه السلام أمر بالتبليغ فيكون رسولا ولكنه عليه السلام وضع علما بين الله تعالى وبين خلقه فمن تبعه كان مطيعا ومن خالفه كان عاصيا فإن وجد أعوانا يتقوى بهم جاهد وإن لم يجد أعوانا فاللوم عليهم لا عليه لأنهم أمروا بطاعته على كل حال ولم يؤمر هو بمجاهدتهم إلا بقوة وهو بمنزلة البيت على الناس الحج إليه فإذا حجوا أدوا ما عليهم وإذا لم يفعلوا كانت اللائمة عليهم لا على البيت وقال آخر إذا أوجب أنه لا بد من إمام مفترض الطاعة بالاضطرار كيف يجب بالاضطرار أنه علي عليه السلام دون غيره ؟ فقال : من قبل أن الله تعالى لا يفرض مجهولا ولا يكون المفروض ممتنعا إذ المجهول ممتنع فلا بد من دلالة الرسول ص على الفرض ليقطع العذر بين الله عز وجل وبين عباده أرأيت لو فرض الله تعالى على الناس صوم شهر فلم يعلم الناس أي شهر هو ؟ ولم يوسم بوسم وكان على الناس استخراج ذلك بعقولهم حتى يصيبوا ما أراد الله تعالى فيكون الناس حينئذ مستغنين عن الرسول المبين لهم وعن الامام الناقل خبر الرسول إليهم وقال آخر : من أين أوجبت أن عليا عليه السلام كان بالغا حين دعاه النبي ص فان الناس يزعمون إنه كان صبيا حين دعى ولم يكن جاز عليه الحكم ولا بلغ مبلغ الرجال فقال : من قبل أنه لا يعرى في ذلك الوقت من أن يكون ممن أرسل إليه النبي ص ليدعوه فإن كان كذلك فهو محتمل التكليف قوي على أداء الفرائض وإن كان ممن لم يرسل إليه فقد لزم النبي ص قول الله عز وجل : ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين وكان مع ذلك فقد كلف النبي ص عباد الله ما لا يطيقون عن الله تبارك وتعالى وهذا من المحال الذي يمتنع كونه ولا يأمر به حكيم ولا يدل عليه الرسول تعالى الله عن أن يأمر بالمحال وجل الرسول من أن يأمر بخلاف ما يمكن كونه في حكمة الحكيم فسكت القوم عند ذلك جميعا فقال المأمون : قد سألتموني ونقضتم علي أفأسألكم ؟ قالوا : نعم ، قال : أليس قد روت الأمة بإجماع أن النبي ص قال : من كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار ؟ قالوا : بلى قال : ورووا عنه عليه السلام إنه قال : من عصى الله بمعصية صغرت أو كبرت ثم أتخذها دينا ومضى مصرا عليها فهو مخلد بين أطباق الجحيم ؟ قالوا : بلى قال : فخبروني عن رجل يختاره الأمة فتنصبه خليفة هل يجوز أن يقال له خليفة رسول ص ومن قبل الله عز وجل ولم يستخلفه الرسول : فإن قلتم : نعم ، فقد كابرتم وإن قلتم : لا ، وجب أن أبا بكر لم يكن خليفة رسول الله ص ولا كان من قبل الله عز وجل وأنكم تكذبون على نبي الله ص فإنكم متعرضون لأن تكونوا ممن وسمه النبي ص بدخول النار ، وخبروني في أي قوليكم صدقتم أفي قولكم مضى عليه السلام ولم يستخلف أو في قولكم لأبي بكر يا خليفة رسول الله ص ؟ فإن كنتم صدقتم في القولين فهذا ما لا يمكن كونه إذ كان متناقضا وإن كنتم صدقتم في أحدهما بطل الاخر فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم ودعوا التقليد وتجنبوا الشبهات فوالله ما يقبل الله تعالى إلا من عبد لا يأتي إلا بما يعقل ولا يدخل إلا فيما يعلم أنه حق والريب شك وإدمان الشك كفر بالله تعالى وصاحبه في النار وخبروني هل يجوز أن يبتاع أحدكم عبدا فإذا أبتاعه صار مولاه وصار المشتري عبده ؟ قالوا : لا قال : فكيف جاز أن يكون من اجتمعتم عليه أنتم لهواكم واستخلفتموه صار خليفة عليكم وأنتم وليتموه إلا كنتم أنتم الخلفاء عليه بل تؤتون خليفة وتقولون إنه خليفة رسول الله ص ثم إذا أسخطتم عليه قتلتموه كما فعل بعثمان بن عفان ؟ فقال قائل منهم : لأن الامام وكيل المسلمين إذا رضوا عنه ولوه وإذا سخطوا عليه عزلوه قال : فلمن المسلمون والعباد والبلاد ؟ قالوا لله تعالى فوالله أولى أن يوكل على عباده وبلاده من غيره لأن من إجماع الأمة أنه من أحدث حدثا في ملك غيره فهو ضامن وله أن يحدث فإن فعل فآثم غارم ثم قال : خبروني عن النبي ص هل استخلف حين مضى أم لا فقالوا : لم يستخلف قال فتركه ذلك هدى أم ضلال ؟ قالوا : هدى فعلى الناس أن يتبعوا الهدى ويتركوا الباطل ويتنكبوا الضلال قالوا : قد فعلوا ذلك قال : فلم استخلف الناس بعده وقد تركه هو فترك فعله ضلال ، ومحال أن يكون خلاف الهدى هدى ، وإذا كان ترك الاستخلاف هدى فلم أستخلف أبو بكر ولم يفعله النبي ص ؟ ولم جعل عمر الامر بعده شورى بين المسلمين خلافا على صاحبه ؟ لأنكم زعمتم أن النبي لم يستخلف وأن أبا بكر استخلف وعمر لم يترك الاستخلاف كما تركه النبي ص بزعمكم ولم يستخلف كما فعل أبو بكر وجاء بمعنى ثالث فخبروني أي ذلك ترونه صوابا ؟ فإن رأيتم فعل النبي ص صوابا فقد أخطأتم أبا بكر وكذلك القول في بقية الأقاويل وخبروني أيهما أفضل ما فعله النبي ص بزعمكم من ترك الاستخلاف أو ما صنعت طائفة من الاستخلاف ؟ وخبروني هل يجوز أن يكون تركه من الرسول ص هدى وفعله من غيره هدى فيكون هدى ضد هدى ؟ فأين الضلال حينئذ وخبروني هل ولى أحد بعد النبي ص باختيار الصحابة منذ قبض النبي ص إلى اليوم ؟ فإن قلتم : لا ، فقد أوجبتم أن الناس كلهم عملوا ضلالة بعد النبي ص وأن قلتم : نعم كذبتم الأمة وأبطل قولكم الوجود الذي لا يدفع ، وخبروني عن قول الله عز وجل : قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله أصدق هذا أم كذب ؟ قالوا : صدق قال : أفليس ما سوى الله لله إذ كان محدثه ومالكه ؟ قالوا : نعم قال : ففي هذا بطلان ما أوجبتم اختياركم خليفة تفترضون طاعته وتسمونه خليفة رسول الله ص وأنتم استخلفتموه وهو معزول عنكم إذا غضبتم عليه وعمل بخلاف محبتكم ومقتول إذا أبى الاعتزال ويلكم ! لا تفتروا على الله كذبا فتلقوا وبال ذلك غدا إذا قمتم بين يدي الله تعالى وإذا وردتم على رسول الله ص وقد كذبتم عليه متعمدين وقد قال من كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار ثم استقبل القبلة ورفع يديه وقال : اللهم إني قد أرشدتهم اللهم إني قد أخرجت ما وجب علي إخراجه من عنقي اللهم إني لم أدعهم في ريب ولا في شك ، اللهم إني أدين بالتقرب إليك بتقديم علي عليه السلام على الخلق بعد نبيك محمد ص كما أمرنا به رسولك ص قال : ثم افترقنا فلم نجتمع بعد ذلك حتى قبض المأمون قال محمد بن يحيى بن عمران الأشعري : وفي حديث آخر ، قال : فسكت القوم ، فقال لهم : لم سكتم ؟ قالوا : لا ندري ما تقول ؟ قال : تكفيني هذه الحجة عليكم ثم أمر باخراجهم قال : فخرجنا متحيرين خجلين ثم نظر المأمون إلى الفضل بن سهل فقال : هذا أقصى ما عند القوم فلا يظن ظان أن جلالتي منعتهم من النقض علي
بيان موقف اهل البيت من الشيخين بالتوااااااااااتر
تمهيد :
اتفق الشيعة والسنة وكل المسلمين على أن تواتر قضية ما يحصل عن طريق كثرة الاخبار الواردة في حقها بغض النظر عن حال الرواة الناقلين للخبر لان شرط التواتر هو اخبار جماعة كثيرين يمتنع تواطؤهم على الكذب .
ولذلك لايشترط في الاسانيد ان تكون صحيحة بل يحصل التواتر بنقل الكثيرين حتى لو كانوا كفارا كما قيل ومن هنا نجد اعلام الشيعة والسنة يصرحون بذلك بلا تأمل لوضوح الامر فخذ مثلا :
من مصادر شيعة اهل البيت :
الرعاية في علم الدراية (حديث) - الشهيد الثاني - ص 62 - 71
في : المتواتر وشروط تحققه وينقسم الخبر مطلقا " - أعم من المعلوم صدقه وعدمه - إلى : متواتر ، وآحاد . أما الحديث في هذا الحقل فهو عن : المتواتر . ، من حيث :
أولا " : شرايط مخبريه وهو : ما بلغت رواته في الكثرة مبلغا " ، أحالت العادة تواطؤهم - أي : اتفاقهم - على الكذب . واستمر ذلك الوصف ، في جميع الطبقات حيث يتعدد . ، بأن يرويه قوم عن قوم ، و هكذا إلى الأول . فيكون أوله في هذا الوصف كآخره ، ووسطه كطرفيه . ، ليحصل الوصف : وهو استحالة التواطي على الكذب ، للكثرة في جميع الطبقات المتعددة .
وبهذا ، ينتفي التواتر عن كثير من الاخبار ، التي قد بلغت رواتها في زماننا ذلك الحد . ، لكن ، لم يتفق ذلك في غيره ، خصوصا " في الابتداء . ، وظن كونها متواترة " ، من لم يتفطن لهذا الشرط
ولا ينحصر ذلك : في عدد خاص ، على الأصح . ، بل ، المعتبر : العدد المحصل للوصف . ، فقد يحصل في بعض المخبرين بعشرة وأقل ، وقد لا يحصل بماءة . ، بسبب قربهم إلى وصف الصدق وعدمه . وقد خالف في ذلك قوم فاعتبروا : اثني عشر ، عدد النقباء. ، أو عشرين ، لآية العشرين الصابرين. ، أو السبعين ، لاختيار موسى لهم ، ليحصل العلم بخبرهم إذا رجعوا. ، أو ثلاثمائة وثلاثة عشر ، عدد أهل بدر: ولا يخفى ما في هذه الاختلافات من فنون الجزافات. وأي ارتباط لهذا العدد بالمراد ؟ وما الذي أخرجه عن نظائره ، مما ذكر في القرآن من ضروب الاعداد ؟
الأصول العامة للفقه المقارن - السيد محمد تقي الحكيم - ص 194 - 196
الخبر المتواتر : ويراد به إخبار جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب وصدورهم جميعا عن خطأ أو اشتباه أو خداع حواس ، على أن يجري هذا المستوى في الاخبار ‹ صفحة 195 › في جميع طبقات الرواة ، حتى الطبقة التي تنقل عن المعصوم مباشرة . فلو تأخر التعدد في طبقة ما ، أو فقد أحد تلكم الشروط ، خرج عن كونه متواترا إلى أخبار الآحاد ، لان النتائج - كما يقول علماء الميزان - : تتبع دائما أخس المقدمات . ومثل هذا الخبر - أعني المتواتر - مما يوجب علما بصدور مضمونه ، والعلم - كما سبق بيانه - : حجة ذاتية لا تقبل الوضع والرفع . شروطه : وقد جعلوا له شروطا اختلفوا في تعددها ، ويمكن انتزاعها جميعا من نفس التعريف : يقول المقدسي : ( وللتواتر ثلاثة شروط ) : ( الأول : أن يخبروا عن علم ضروري مستند إلى محسوس ، إذ لو أخبرنا الجم الغفير عن حدوث العالم وعن صدق الأنبياء ، لم يحصل لنا العلم بخبرهم ) . ( الثاني : أن يستوي طرف الخبر ووسطه في هذه الصفة وفي كمال العدد ، لان كل عصر يستقل بنفسه فلا بد من وجود الشروط فيه ، ولأجل ذلك لم يحصل لنا العلم بصدق اليهود مع كثرتهم في نقلهم عن موسى ( ع ) تكذيب كل ناسخ لشريعته ) . ( الشرط الثالث : في العدد الذي يحصل به التواتر واختلف الناس فيه ، فمنهم من قال : يحصل باثنين ، ومنهم من قال : يحصل بأربعة ، وقال قوم : بخمسة ، وقال قوم : بعشرين ، وقال آخرون : بسبعين ، وقيل : غير ذلك ) . ( والصحيح أنه ليس له عدد محصور ( 1 ) ) . ويقول زين الدين العاملي الملقب بالشهيد الثاني في درايته وهو يعرفه ‹ صفحة 196 › ويشير إلى شروطه : ( هو ما بلغت رواته في الكثرة مبلغا أحالت العادة تواطؤهم على الكذب ، واستمر ذلك الوصف في جميع الطبقات حيث تتعدد ، فيكون أوله كآخره ، ووسطه كطرفيه ، ولا ينحصر ذلك بعدد خاص ( 1 ) ) . ومثلهما غيرهما من أعلام الشيعة والسنة على غموض في أداء بعضهم ربما أو هم خلاف ذلك . على أن هذه التحديدات ، ليست بذات ثمرة إلا في حدود تشخيص المصطلح للخبر المتواتر وتحديد مفهومه ، وكل ما كتب في هذا الشأن ، فإنما هو لتشخيص صغريات ما يقع به العلم عادة ، وهذه الشرائط وأشباهها من موجبات ما يحصل بها التشخيص ، وإلا فإن المدار على العلم فإن حصل منها فهو الحجة ، وإن لم يحصل احتجنا إلى التماس دليل على الحجية ، وليس في هذه الشرائط ما يشير إليه . وأمثلة المتواتر كثيرة ، وقد عدوا منها كل ما يتصل بضروريات الدين ، كالفرائض اليومية وأعدادها وأعداد ركعاتها ، وصوم شهر رمضان ، وكالذي مر في حديث الثقلين ، والغدير ، وأشباههما . واعتبروا منها قوله ( ع ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ( 2 ) ) . ( 2 )
ومن مصادر المخالفين
يقول ابن تيمية في كتاب مجموع الفتاوى، الجزء 18، صفحة 50
وأما عدد ما يحصل به التواتر فمن الناس من جعل له عددا محصورا ثم يفرق هؤلاء فقيل اكثر من أربعة وقيل إثنا عشر وقيل أربعون وقيل سبعون وقيل ثلاثمائة وثلاثة عشر وقيل غير ذلك وكل هذه الأقوال باطلة لتكافئها فى الدعوى
والصحيح الذى عليه الجمهور أن التواتر ليس له عدد محصور والعلم الحاصل بخبر من الأخبار يحصل فى القلب ضرورة كما يحصل الشبع عقيب الأكل والرى عند الشرب وليس لما يشبع كل واحد ويرويه قدر معين بل قد يكون الشبع لكثرة الطعام وقد يكون لجودته كاللحم وقد يكون لإستغناء الآكل بقليله وقد يكون لإشتغال نفسه بفرح أو غضب أو حزن ونحو ذلك
كذلك العلم الحاصل عقيب الخبر تارة يكون لكثرة المخبرين وإذا كثروا فقد يفيد خبرهم العلم وإن كانوا كفارا وتارة يكون لدينهم وضبطهم فرب رجلين أو ثلاثة يحصل من العلم بخبرهم مالا يحصل بعشرة وعشرين لا يوثق بدينهم وضبطهم وتارة قد يحصل العلم بكون كل من المخبرين أخبر بمثل ما أخبر به الآخر مع العلم بأنهما لم يتواطآ وأنه يمتنع فى العادة الإتفاق فى مثل ذلك مثل من يروى حديثا طويلا فيه فصول ويرويه آخر لم يلقه وتارة يحصل العلم بالخبر لمن عنده الفطنة والذكاء والعلم بأحوال المخبرين وبما أخبروا به ما ليس لمن له مثل ذلك وتارة يحصل العلم بالخبر لكونه روى بحضرة جماعة كثيرة شاركوا المخبر فى العلم ولم يكذبه أحد منهم فإن الجماعة الكثيرة قد يمتنع تواطؤهم على الكتمان كما يمتنع تواطؤهم على الكذب وإذا عرف ان العلم بأخبار المخبرين له اسباب غير مجرد العدد علم أن من قيد العلم بعدد معين وسوى بين جميع الأخبار فى ذلك فقد غلط غلطا عظيما ولهذا كان التواتر ينقسم إلى عام وخاص فأهل العلم بالحديث والفقه قد تواتر عندهم من السنة ما لم يتواتر عند العامة كسجود السهو ووجوب الشفعة وحمل العاقلة العقل ورجم الزانى المحصن وأحاديث الرؤية وعذاب القبر والحوض والشفاعة أمثال ذلك وإذا كان الخبر قد تواتر عند قوم دون قوم وقد يحصل العلم بصدقه لقوم دون قوم فمن حصل له العلم به وجب عليه التصديق به والعمل بمقتضاه كما يجب ذلك فى نظائره ومن لم يحصل له العلم بذلك فعليه أن يسلم ذلك لأهل الإجماع الذين أجمعوا على صحته كما على الناس أن يسلموا الأحكام المجمع عليها إلى من أجمع عليها من أهل العلم فإن الله عصم هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة وإنما يكون إجماعها بأن يسلم غير العالم للعالم إذ غير العالم لا يكون له قول وإنما القول للعالم فكما أن من لا يعرف أدلة الأحكام لا يعتد بقوله فمن لا يعرف طرق العلم بصحة الحديث لا يعتد بقوله بل على كل من ليس بعالم أن يتبع إجماع أهل العلم
ويقول الحافظ العراقي في التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح بتحقيق : عبد الرحمن محمد عثمان [ جزء 1 - صفحة 264 ]
وأما حديث الهرماس بن زياد فرواه الطبرانى من رواية عثمان بن فايد عن عكرمة بن عمار عن الهرماس بن زياد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وعثمان ابن فايد ضعفه ابن معين والبخارى وابن حبان وغيرهم وكذلك حديث من آذى ذميا هو معروف أيضا بنحوه رواه أبو داود من رواية صفوان بن مسلم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم دنية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال إلا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة ) سكت عليه أبو داود أيضا فهو عنده صالح وهو كذلك إسناده جيد وهو وإن كان فيه من لم يسم فانهم عدة من أبناء الصحابة يبلغون حد التواتر الذى لا يشترط فيه العدالة
ويقول ابن بهادر في النكت على مقدمة ابن الصلاح [ جزء 1 - صفحة 322 ]
وشذ ابن حزم عن الجمهور فقال " ولو بلغت طرق الضعيف ألفا لا يقوى ولا يزيد انضمام الضعيف إلى الضعيف إلا ضعفا " وهذا مردود ؛ لأن الهيئة الاجتماعية لها أثر ألا ترى أن خبر المتواتر يفيد القطع مع أنا لو نظرنا إلى آحاده لم يفد ذلك فإذا كان ما لا يفيد القطع بانفراده يفيده عند الانضمام فأولى أن يفيد الانضمام الانتقال من درجة الضعف إلى درجة القوة فهذا سؤال لازم لا سيما إذا بلغ مبلغ التواتر فإن المتواتر لا يشترط في أخباره العدالة كما تقرر في علم الأصول
توجيه النظر إلى أصول الأثر [ جزء 1 - صفحة 139 ]
هذا وما قاله ابن الصلاح من ان التواتر لا يبحث عنه في علم الأثر مما لا يمترى فيه قال بعض العلماء العلام ليس المتواتر من مباحث علم الإسناد إذ هو علم فيه عن صحة الحديث أو ضعفه من حيث صفات رواته وصيغ أدائهم ليعمل به أو يترك والمتواتر لا يبحث فيه عن رواته بل يجب العمل به من غير بحث لإفادته علم اليقين وغن ورد عن غير الأبرار بل عن الكفار
وأراد بما ذكر أن المتواتر لا يبحث فيه عن رواته وصفاتهم على الوجه الذي يجري في أخبار الآحاد وهذا لا ينافي البحث عن رواته إجمالا من جهة بلوغهم في الكثرة إلى حد يمنع تواطؤهم على الكذب فيه أو حصوله منهم بطريق التفاق والمراد بالاتفاق وقوع الكذب منهم من غير تشاور سواء كان عمدا وكذلك البحث عن القرائن المحتفة به لا سيما إن كان العدد غير كثير جدا ويلحق بالمتواتر في عدم البحث عنه في علم الأثر المستفيض إذا كان أخص من المشهور
ومما يدل على أن المتواتر ليس من مباحث علم الإسناد أنه لا يكون له إلا في النادر جدا إسناد على الوجه المألوف في رواته أخبار الآحارد ولذلك ترى علماء الأصول يقسمون خبر الواحد إلى قسمين مسند ومرسل ولا يتعرضون إلى تقسيم المتواتر إلى ذلك فإن اتفق للمتواتر إسناد لم يبحث في أحوال رجاله البحث الذي يجري في أحوال الأسانيد التي تروي بها الآحاد هذا إذا ثبت تواتره لأن الإسناد الخاص يكون مستغنى عنه وإن كان لا يخلو عن الفائدة
ومع ان العدد ليس مهما _ على التحقيق _ في اثبات التواتر الا ان بعض الاعداد يمكن التسليم بانها محققة لتواتر الخبر كما يقول الحافظ العراقي في التقييد والإيضاح [ جزء 1 - صفحة 272 ]
الأمر السادس قول المصنف أن من سئل عن ابراز مثال للمتواتر أعياه تطلبه ثم لم يذكر مثالا إلا حديث من كذب على وقد وصف غيره من الأئمة عدة أحاديث بأنها متواترة فمن ذلك أحاديث حوض النبى صلى الله عليه وسلم ورد ذلك عن أزيد من ثلاثين صحابيا واوردها البيهقى فى كتاب البعث والنشور أفردها المقدسى بالجمع قال القاضى عياض وحديثه متواتر بالنقل رواه خلائق من الصحابة فذكر جماعة من رواته ثم قال وفى بعض هذا ما يقتضى كون الحديث متواترا ومن ذلك أحاديث الشفاعة فذكر القاضى عياض أيضا أنه بلغ مجموعها التواتر ومن ذلك أحاديث المسح على الخفين فقال ابن عبد البر رواه نحو أربعين من الصحابة واستفاض وتواتر وكذا قال ابن حزم فى المحلى أنه نقل تواتر يوجب العلم ومن ذلك أحاديث النهى عن الصلاة فى معاطن الابل قال ابن حزم فى المحلى أنه نقل تواتر يوجب العلم ومن ذلك أحاديث النهى عن اتخاذ القبور مساجد قال ابن حزم إنها متواترة ومن ذاك أحاديث رفع اليدين فى الصلاة للاحرام والركوع والرفع منه قال ابن حزم إنها متواترة توجب يقين العلم
ومن ذلك الأحاديث الواردة فى قول المصلى ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شئ بعد قال ابن حزم إنها أحاديث متواترة
وغير معلوم عند أبسط المطلعين أن التواتر ينقسم الى ثلاثة اقسام هي :
الأول : التواتر اللفظي وهو ما لو كان جميع الاخبار لفظها واحدا كخبر غدير الخم ، فان هذه العبارة - من كنت مولاه فعلى مولاه - نقلها الجميع .
الثاني : التواتر المعنوي ، وهو ما إذا اتفقوا على نقل مضمون واحد بالمطابقة أو بالتضمن أو بالالتزام ، كالاتفاق على شجاعة الإمام علي ( ع ) .
الثالث : التواتر الاجمالي وهو ما إذا كانت الاخبار مختلفة لفظا ومعنى ، ولكن يعلم بصدور واحد منها .
ومايهمنا في المقام هو النوع الثاني والثالث كما سيتضح جليا
ويجب أن ننبه على أن حجية التواتر قطعية وهو كما يعبرون ( يفيد القطع لذاته ) بمعنى :
أن التواتر يفيد القطع والعلم اليقييني الذي لايجوز للعاقل أن يخالفه ويتملص من تبعاته وهذا أمر واضح ومقرر في الابوب الخاصة به ولايحتاج الى كثرة كلام
بعد هذا البيان -- الموجز جدا عن التواتر والذي تعمدت ان يكون مختصرا حتى لاأدخل القاريء الى مداخل قد تصعب عليه فأرهقه بها وانما أردته ان يعرف مجمل الفكرة والتي تكفينا في هذا المقام -- نقول :
أضحكني العرض الذي تقدم به الدكتور السلفي الشيخ محمد سليمان البراك والذي طرحه في منتدى الدفاع عن السنة متحديا الشيعة في أن يثبتوا أستناد عقائدهم الى اهل بيت العصمة والطهارة في كل العقائد التي يتبنونها وضرب بعض الامثلة لما يريده بعقيدة الشيعة في صحابة النبي الأكرم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وغيرها
والذي زاد الطين بلة أن الدكتور بدأ كلامه ببيان مدى احاطته بكتب الشيعة وأنه كان ولا زال يدٌرس تلك الكتب لا انه قاريء لها فقط مما يعني أن الرجل قد سبر غورها ووقف على مافيها والحال أنه بتحديه أثبت للجميع أنه بالكاد تصفح بعض منتديات من يقفون بوجه أهل البيت من قبيل النتدى الذي كتب فيه ماكتب
فرأيت الرجل قد ارتقى مرتقا صعبا وورد بحرا متلاطما من غير سارية ومجذاف ولذا أحببت ان أرمي له بطوق النجاة واضع بين يديه وأيدي الباحثين عن الحقيقة هذا البعض اليسيير من الروايات التي تثبت وبالتواتر موقف اهل البيت من الشيخين على وجه التحديد
فهذه هديتي للشيعي ليعرف موقفه بعلم ودراية وأن كان احباب الزهراء عارفين بذلك ولكن لامانع أن نقول : ليطمئن قلبي
وهديتي لكل سني منصف يتحرى أتباع اهل البيت الذين أمرنا الله ورسوله باتباعهم والذي يدعي كل المسلمون انهم منهم واليهم
وهديتي لكل متعصب يريد ان يقف مع نفسه وقفة صدق وينقذ نفسه قبل أن تبلغ الروح التراق وتلف الساق بالساق ويقف أمام ربه تحت راية لاتمت لرسول الله بصلة
فحياكم الله جميعا ونحن مع بيان موقف أهل البيت في الشيخين وعن طريق التواتر لا الآحاد مع ملاحظة أنه يوجد فيما سأنقل اكثر من ثلاثين رواية صحيحة السند وسافسح المجال للاخوة أن يتدبروا في دلالات هذه الآثار عن طريق عرض الروايات على التوالي والتدرج وبالله التوفيق وعليه أتوكل وهو حسبي
الحديث الاول :بصائر الدرجات- محمد بن الحسن الصفار ص 289 :
حدثنى احمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن محمد بن الفضيل عن ابى حمزة الثمالى عن على بن الحسين عليه السلام قال قلت له اسالك جعلت فداك عن ثلث خصال انفي عنى فيه التقية قال فقال ذلك لك قلت اسالك عن فلان وفلان قال فعليها لعنة الله بلعناته كلها ماتا والله وهما كافران مشركان بالله العظيم ثم قلت الائمة يحيون الموتى ويبرؤن الاكمه والابرص ويمشون على الماء قال ما اعطى الله نبيا شيئا قط الا وقد اعطاه محمدا صلى الله عليه وآله واعطاه ما لم يكن عندهم قلت وكل ماكان عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقد اعطاه امير المؤمنين عليه السلام قال نعم ثم الحسن والحسين عليهما السلام ثم من بعد كل امام اماما إلى يوم القيامة مع الزيادة التى تحدث في كل سنة وفى كل شهر ثم قال أي والله في كل ساعة .
الحديث الثاني:الكافي - الشيخ الكليني ج 3 ص 342 :
10 - محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن الخيبري ، عن الحسين بن ثوير ، وأبي سلمة السراج قالا : سمعنا أبا عبد الله عليه السلام و هو يلعن في دبر كل مكتوبة أربعة من الرجال وأربعا من النساء فلان وفلان وفلان ومعاوية ويسميهم وفلانة وفلانة وهند وام الحكم أخت معاوية .
تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي ج 2 ص 321 :
169 - محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن اسماعيل ابن بزيع عن الحسين بن ثوير وأبي سلمة السراج قالا : سمعنا أبا عبد الله عليه السلام وهو يلعن في دبر كل مكتوبة أربعة من الرجال وأربعا من النساء التيمي والعدوي وفعلان ومعاوية ويسميهم وفلانة وفلانة وهند وام الحكم اخت معاوية .
أقول : أوردته كشاهد لبيان من هم فلان وفلان
الحديث الثالث : 34 - أمالي الطوسي ( 3 ) : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن علي بن حاتم ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن الحسن بن موسى ، عن ابن أبي نجران ، ومحمد بن عمر بن يزيد معا ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ، عن الفضيل قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : لمن كان الامر حين قبض رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : لنا أهل البيت . فقلت : كيف صار في تيم وعدي ؟ قال : إنك سألت فافهم الجواب ! إن الله تعالى لما كتب ( 4 ) أن يفسد في الأرض وتنكح الفروج الحرام ، ويحكم بغير ما أنزل الله ، خلى ( 5 ) بين أعدائنا وبين مرادهم من الدنيا حتى دفعونا عن حقنا وجرى الظلم على أيديهم دوننا .
الحديث الرابع:الكافي - الشيخ الكليني ج 8 ص 245 :
علي بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن حنان بن سدير ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال : سألت أبا جعفر عليه السلامعنهما فقال : يا أبا الفضل ما تسألني عنهما فوالله ما مات منا ميت قط إلا ساخطا عليهما وما منا اليوم إلا ساخطا عليهما يوصي بذلك الكبير منا الصغير ، إنهما ظلمانا حقنا ومنعانا فيئنا وكانا أول من ركب أعناقنا وبثقا علينا بثقا في الاسلام لا يسكر أبدا حتى يقوم قائمنا أو يتكلم متكلمنا .
ثم قال : أما والله لو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا لابدى من امورهما ما كان يكتم ولكتم من امورهما ما كان يظهر والله ما أسست من بلية ولا قضية تجري علينا أهل البيت إلا هما أسسا أولها فعليمهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
الحديث الخامس :الكافي - الشيخ الكليني ج 8 ص:
حنان عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قلت له : ما كان ولد يعقوب أنبياء ؟ قال : لا ولكنهم كانوا أسباط أولاد الانبياء ولم يكن يفارقوا الدنيا إلا سعداء تابوا وتذكروا ما صنعوا وإن الشيخين فارقا الدنيا ولم يتوبا ولم يتذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين عليه السلام فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
الحديث السادس : الكافي - الشيخ الكليني - ج 8 - ص 343 – 345علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت سلمان الفارسي رضي الله عنه يقول : لما قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وصنع الناس ما صنعوا وخاصم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح الأنصار فخصموهم بحجة علي ( عليه السلام ) قالوا : يا معشر الأنصار قريش أحق بالامر منكم لان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من قريش والمهاجرين منهم إن الله تعالى بدأ بهم في كتابه وفضلهم وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : الأئمة من قريش ، قال سلمان رضي الله عنه : فأتيت عليا ( عليه السلام ) وهو يغسل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فأخبرته بما صنع الناس وقلت : إن أبا بكر الساعة على منبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) والله ما يرضى أن يبايعوه بيد واحدة إنهم ليبايعونه بيديه جميعا بيمينه وشماله ، فقال لي : يا سلمان هل تدري من أول من بايعه على منبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قلت : لا أدري ، إلا أني رأيت في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار وكان أول من بايعه بشير بن سعد وأبو عبيدة بن الجراح ثم عمر ثم سالم قال : لست أسألك عن هذا ولكن تدري أول من بايعه حين صعد منبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قلت : لا ولكني رأيت شيخا كبيرا متوكئا على عصاه بين عينيه سجاده شديد التشمير صعد إليه أول من صعد وهو يبكي ويقول : الحمد لله الذي لم يمتني من الدنيا حتى رأيتك في هذا المكان ، أبسط يدك ، فبسط يده فبايعه ثم نزل فخرج من المسجد فقال علي ( عليه السلام ) : هل تدري من هو ؟ قلت : لا ولقد ساءتني مقالته كأنه شامت بموت النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال : ذاك إبليس لعنه الله ، أخبرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إياي للناس بغدير خم بأمر الله عز وجل فأخبرهم أني أولى بهم من أنفسهم وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب فأقبل إلى إبليس أبالسته ومردة أصحابه فقالوا : إن هذه أمة مرحومة ومعصومة ومالك ولا لنا عليهم سبيل قد أعلموا إمامهم ومفزعهم بعد نبيهم ، فأنطلق إبليس لعنه الله كئيبا حزينا وأخبرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه لو قبض أن الناس يبايعون أبا بكر في ظلة بني ساعدة بعد ما يختصمون ، ثم يأتون المسجد فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس لعنه الله في صورة رجل شيخ مشمر يقول كذا وكذا ، ثم يخرج فيجمع شياطينه وأبالسته فينخر ويكسع ويقول : كلا زعمتم أن ليس لي عليهم سبيل فكيف رأيتم ما صنعت بهم حتى تركوا أمر الله عز وجل وطاعته وما أمرهم به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
قال السيد الخوئي : ان ابراهيم بن عمر يمكن ان يروي عن سليم بلا واسطة فالحديث صحيح
الحديث السابع : الكافي : 542 - محمد بن يحيى ، عن أحمد بن سليمان ، عن عبد الله بن محمد اليماني ، عن مسمع ابن الحجاج ، عن صباح الحذاء ، عن صباح المزني ، عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : لما أخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بيد علي ( عليه السلام ) يوم الغدير صرخ إبليس في جنوده صرخة فلم يبق منهم أحد في بر ولا بحر إلا أتاه فقالوا : يا سيدهم ومولاهم ماذا دهاك فما سمعنا لك صرخة أوحش من صرختك هذه ؟ فقال لهم : فعل هذا النبي فعلا إن تم لم يعص الله أبدا فقالوا : يا سيدهم أنت كنت لآدم ، فلما قال المنافقون : إنه ينطق على الهوى وقال أحدهما لصاحبه : أما ترى عينيه تدوران في رأسه كأنه مجنون ، يعنون رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صرخ إبليس صرخة بطرب ، فجمع أولياءه فقال : أما علمتم أني كنت لآدم من قبل ؟ قالوا : نعم قال : آدم نقض العهد ولم يكفر بالرب وهؤلاء نقضوا العهد وكفروا بالرسول . فلما قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وأقام الناس غير علي لبس إبليس تاج الملك و نصب منبرا وقعد في الوثبة ( 1 ) وجمع خليلة ورجله ثم قال لهم : أطربوا لا يطاع الله حتى يقوم الامام . وتلا أبو جعفر ( عليه السلام ) : " ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين ( 2 ) " قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : كان تأويل هذه الآية لما قبض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . والظن من إبليس حين قالوا لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إنه ينطق على الهوى فظن بهم إبليس ظنا فصدقوا ظنه .
الحديث الثامن : بصائر الدرجات ( 4 ) : محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الصمد ، عن جابر ( 5 ) عن أبي جعفر عليه السلام ، قال سمعته يقول : إن من وراء هذه أربعين عين شمس ما بين شمس إلى شمس أربعون عاما فيها خلق كثير ما يعلمون أن الله خلق آدم أو لم يخلقه ، وإن من وراء قمركم هذا أربعين قمرا ما بين قمر إلى قمر مسيرة أربعين يوما فيها خلق كثير ما يعلمون أن الله خلق آدم أو لم يخلقه ، قد ألهموا كما ألهمت النحل لعنة الأول والثاني في كل وقت من الأوقات ، وقد وكل بهم ملائكة متى ما لم يلعنوهما عذبوا .
الحديث التاسع : السرائر : عبد الله بن بكير ، عن حمزة بن حمران ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام في احتجاج الناس علينا في الغار ، فقال عليه السلام : حسبك بذلك عارا - أو قال : شرا - إن الله لم يذكر رسول الله صلى الله عليه وآله مع المؤمنين إلا أنزل الله السكينة عليهم جميعا ، وإنه أنزل السكينة على رسوله وأخرجه منها و خص رسول الله صلى الله عليه وآله دونه
الحديث العاشر : تفسير العياشي : عن عبد الله بن كثير الهاشمي ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله : * ( إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا ) * قال : نزلت في فلان وفلان آمنوا برسول الله صلى الله عليه وآله في أول الامر ثم كفروا حين عرضت عليهم الولاية ، حيث قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام ديث قالوا له : بأمر الله وأمر رسوله . . فبايعوه ، ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يقروا بالبيعة ، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعوه بالبيعة لهم ، فهؤلاء لم يبق فيهم من الايمان شئ .
الكافي ( 2 ) : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن محمد بن أورمة وعلي بن عبد الله ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير . . مثله . بيان : المراد بمن بايعوه : أمير المؤمنين صلوات الله عليه
الحادي عشر : مجالس المفيد : عمر بن محمد ، عن جعفر بن محمد الحسني ، عن عيسى ابن مهران ، عن مخول ، عن الربيع بن المنذر ، عن أبيه ، قال : سمعت الحسن ابن علي عليهما السلام يقول : إن أبا بكر وعمر عمدا إلى هذا الامر وهو لنا كله فأخذاه دوننا ، وجعلا لنا فيه سهما كسهم الجد ، أما والله لتهمنهما أنفسهما يوم يطلب الناس فيه شفاعتنا . بيان : التشبيه بسهم الجد إما من جهة القلة ، أو عدم اللزوم مع وجود الوالدين ، أو إشارة إلى الشورى ، فإن عمر جعل أمير المؤمنين عليه السلام أحد الستة و سهم الجد السدس .
الثاني عشر : مناقب ابن شهرآشوب: حدثت أبو عبد الله محمد بن أحمد الديلمي البصري ، عن محمد بن أبي كثير الكوفي ، قال : كنت لا أختم صلاتي ولا أستفتحها إلا بلعنهما ، فرأيت في منامي طائرا معه تور من الجوهر فيه شئ أحمر شبه الخلوق ، فنزل إلى البيت المحيط برسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم أخرج شخصين من الضريح فخلقهما بذلك الخلوق في عوارضهما ، ثم ردهما إلى الضريح وعاد مرتفعا ، فسألت من حولي من هذا الطائر ؟ وما هذا الخلوق ؟ . فقال : هذا ملك يجئ في كل ليلة جمعة يخلقهما ، فأزعجني ما رأيت فأصبحت لا تطيب نفسي بلعنهما ، فدخلت على الصادق عليه السلام ، فلما رآني ضحك وقال : رأيت الطائر ؟ . فقلت : نعم يا سيدي . فقال : اقرأ : * ( إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله ) * فإذا رأيت شيئا تكره فاقرأها ، والله ما هو بملك موكل بهما لاكرامهما ، بل هو ملك موكل بمشارق الأرض ومغاربها ، إذا قتل قتيل ظلما أخذ من دمه فطوقهما به في رقابهما ، لأنهما سبب كل ظلم مذ كان
الثالث عشر : الكافي [ الجزء 1 / صفحة 195 ] باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل الرواية رقم [ 5 ]
علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن عبد الله بن القاسم ، عن صالح بن سهل الهمداني قال : قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى : " الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة " فاطمة عليهما السلام " فيها مصباح " الحسن " المصباح في زجاجة " الحسين " الزجاجة كأنها كوكب دري " فاطمة كوكب دري بين نساء أهل الدنيا " يوقد من شجرة مباركة " إبراهيم عليه السلام " زيتونة لا شرقية ولا غربية " لا يهودية ولا نصرانية " يكاد زيتها يضئ " يكاد العلم ينفجر بها " ولو لم تمسسه نار نور على نور " إمام منها بعد إمام " يهدي الله لنوره من يشاء " يهدي الله للأئمة من يشاء " ويضرب الله الأمثال للناس " ، قلت : " أو كظلمات " قال : الأول وصاحبه " يغشاه موج " الثالث " من فوقه موج " ظلمات الثاني " بعضها فوق بعض " معاوية لعنه الله وفتن بني أمية " إذا أخرج يده " المؤمن في ظلمة فتنتهم " لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا " إماما من ولد فاطمة عليها السلام " فما له من نور " إمام يوم القيامة . وقال في قوله : " يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم " : أئمة المؤمنين يوم القيامة تسعى بين يدي المؤمنين وبأيمانهم حتى ينزلوهم منازل أهل الجنة . علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن موسى بن القاسم البجلي ومحمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي جميعا ، عن علي بن جعفر عليه السلام ، عن أخيه موسى عليه السلام مثله
الرابع عشر : رجال الكشي: جعفر بن معروف ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن نعمان ، عن أبيه ، عن صالح الحذاء ، قال : لما أمر النبي صلى الله عليه وآله ببناء المسجد قسم عليهم المواضع ، وضم إلى كل رجل رجلا ، فضم عمارا إلى علي عليه السلام ، قال : فبينا هم في علاج البناء إذ خرج عثمان عن داره وارتفع الغبار فتمنع بثوبه وأعرض بوجهه ، قال : فقال علي عليه السلام لعمار : إذا قلت شيئا فرد علي ، قال : فقال علي عليه السلام : لا يستوي من يعمر المساجدا * يظل فيها راكعا وساجدا كمن ترى عن الطريق حائدا و عائدا قال : فأجابه عمار كما قال ، فغضب عثمان من ذلك فلم يستطع أن يقول لعلي شيئا ، فقال لعمار : يا عبد ! يا لكع ! ومضى ، فقال علي عليه السلام لعمار : رضيت بما قال ؟ . ألا تأتي النبي صلى الله عليه وآله فتخبره ؟ . قال : فأتاه فأخبره ، فقال يا نبي الله ( ص ) ! إن عثمان قال لي : يا لكع ! . فقال : رسول الله صلى الل عليه وآله : من يعلم ذلك ؟ ، قال : علي . قال : فدعاه وسأله ، فقال له كما قال عمار ، فقال لعلي عليه السلام : اذهب فقل له حيث ما كان : يا عبد ! يا لكع ! أنت القائل لعمار يا عبد ! يا لكع ! ، فذهب علي عليه السلام فقال له ذلك فانصرف
الخامس عشر : رجال الكشي: حمدويه وإبراهيم معا ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن أبي جميلة ، عن الحارث بن المغيرة ، عن الورد بن زيد ، قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : جعلني الله فداك قدم الكميت . فقال : أدخله . فسأله الكميت عن الشيخين ؟ ، فقال له أبو جعفر عليه السلام : ما أهريق دم ولا حكم بحكم غير موافق لحكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وآله وحكم علي عليه السلام إلا وهو في أعناقهما . فقال الكميت : الله أكبر الله أكبر حسبي حسبي .
السادس عشر : رجال الكشي " حمدويه بن نصير ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر عليه السلام : إن محمد بن أبي بكر بايع عليا عليه السلام على البراءة من أبيه "
السابع عشر : رجال الكشي : حمدويه وإبراهيم ، قالا : حدثنا محمد بن عبد الحميد ، قال : حدثني أبو جميلة ، عن ميسر بن عبد العزيز ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : بايع محمد بن أبي بكر على البراءة من الثاني " .
الثامن عشر : رجال الكشي : محمد بن مسعود ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن العباس بن عامر وجعفر بن محمد بن حكيم ، عن أبان بن عثمان الأحمر ، عن أبي بصير ، قال : كنت جالسا عند أبي عبد الله عليه السلام إذ جاءت أم خالد - التي كان قطعها يوسف - يستأذن عليه ، قال : فقال أبو عبد الله عليه السلام : أيسرك أن تشهد كلامها ؟ . قال : فقلت : نعم ، جعلت فداك . فقال : إما لا فأدن . قال : فأجلسني على عقبة الطنفسة ثم دخلت فتكلمت ، فإذا هي امرأة بليغة ، فسألته عن فلان وفلان ، فقال لها : توليهما . فقالت : فأقول لربي إذ لقيته إنك أمرتني بولايتهما . قال : نعم . قالت : فإن هذا الذي معك على الطنفسة يأمرني بالبراءة منهما ، وكثير النوا يأمرني بولايتهما ، فأيهما أحب إليك ؟ . قال : هذا والله وأصحابه أحب إلي من كثير النوا وأصحابه ، إن هذا يخاصم فيقول : ) من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) * * ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) * * ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) . فلما خرجت ، قال : إني خشيت أن تذهب فتخبر كثير النوا فتشهرني بالكوفة ، اللهم إني إليك من كثير النوا برئ في الدنيا والآخرة .
بيان : قوله عليه السلام : إما لا . . لعله على الاكتفاء ببعض الكلام لظهور المراد ، أي إما إذا كان لا بد من سماعك فأدن . وفي بعض النسخ : إما الآن فأدن . وفي روضة الكافي قال : فأذن لها ، وأجلسني . وفي القاموس : الطنفسة - مثلثة الطاء والفاء وبكسر الطاء وفتح الفاء وبالعكس - : واحدة الطنافس للبسط والثياب وكحصير من سعف عرضه ذراع. قوله عليه السلام : إن هذا يخاصم . . أي أبو بصير يخاصم في شأن كثير وذمه أو الرجلين وكفرهما بالآيات المذكورة ، فأبهم عليه السلام تقية مع أنه لو كان المراد به كثير لدل على كفرهما بل كفر جميع خلفاء الجور لاشتراك الدليل ، فبين عليه السلام الحق مع نوع من التقية
التاسع عشر : الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن أورمة وعلي بن عبد الله ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، في قول الله تعالى : * ( إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى ) * فلان . . وفلان . . وفلان ارتدوا عن الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنين عليه السلام . قلت : قوله تعالى : ) ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر (قال : نزلت والله فيهما وفي أتباعهما ، وهو قول الله عز وجل الذي نزل به جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله : )ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله ) * في علي * ( سنطيعكم في بعض الامر ) قال : دعوا بني أمية إلى ميثاقهم ألا يصيروا الامر فينا بعد النبي صلى الله عليه وآله ولا يعطونا من الخمس شيئا ، وقالوا : إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شئ ، ولم يبالوا أن لا يكون الامر فيهم ، فقالوا : * ( سنطيعكم في بعض الامر ) * الذين دعوتمونا إليه - وهو الخمس - أن لا نعطيهم منه شيئا ، وقوله : (كرهوا ما نزل الله (والذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، وكان معهم أبو عبيدة وكان كاتبهم ، فأنزل الله : * ( أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون * أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجويهم . . ) * الآية .
بيان : ظاهر السياق أن فاعل قالوا الضمير الراجع إلى الذين ارتدوا ، فلو فسرنا الكنايات الثلاث الأول بأبي بكر وعمر وعثمان - كما هو ظاهر - لا يستقيم النظام ، ويمكن توجيهه بوجهين : الأول : أن يكون المراد بالكنايات بعض بني أمية كعثمان وأبي سفيان ومعاوية ، فالمراد بx( الذين كرهوا ما نزل الله ) أبو بكر وأخواه . الثاني : أن يكون المراد بالكنايات أبا بكر وعمر وأبا عبيدة ، وضمير ( قالوا ) راجعا إلى بني أمية ، والمراد بx( الذين كرهوا ) الذين ارتدوا ، فيكون من قبيل وضع المظهر موضع المضمر ، ويؤيد هذا عدم وجود الكناية الثالثة في بعض النسخ .
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ [الأنبياء : 18]
نواصل وبحروف اكبر وأوضح حتى يتدبر بعض الأخوة المساكين اذ ربما يكون النظر ضعيف عندهم
فنقول وعلى الله قصد السبيل :
العشرون : الكافي بالاسناد المتقدم (الكافي : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن أورمة وعلي بن عبد الله ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ) عن أبي عبد الله عليه السلام: ومن يرد فيه بإلحاد بظلم قال : نزلت فيهم ، حيث دخلوا الكعبة فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين عليه السلام ، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليه فبعدا للقوم الظالمين
الحادي والعشون : الكافي : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشا ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن الله عز ذكره من علينا بأن عرفنا توحيده ، ثم من علينا بأن أقررنا بمحمد صلى الله عليه وآله بالرسالة ، ثم اختصنا بحبكم أهل البيت (ع) نتولاكم ونتبرأ من عدوكم ، وإنما يريد الله بذلك خلاص أنفسنا من النار . قال : ورققت وبكيت . فقال أبو عبد الله عليه السلام : سلني ، فوالله لا تسألني عن شئ إلا أخبرتك به . قال : فقال له عبد الملك بن أعين : ما سمعته قالها لمخلوق قبلك ، قال : قلت : خبرني عن الرجلين ؟ . قال : فقال ظلمانا حقنا في كتاب الله عز وجل ومنعا فاطمة عليها السلام ميراثها من أبيها ، وجرى ظلمهما إلى اليوم ، قال : - وأشار إلى خلفه - ونبذا كتاب الله وراء ظهورهما .
الثاني والعشرون : الكافي : وبهذا الاسناد (الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشا )، عن أبان ، عن عقبة بن بشير الأسدي ، عن الكميت بن زيد الأسدي ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه السلام ، فقال : والله يا كميت ! لو كان عندنا مال لأعطيناك منه ، ولكن لك ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لحسان بن ثابت : لن يزال معك روح القدس ما ذببت عنا ، قال : قلت : خبرني عن الرجلين ؟ . قال : فأخذ الوسادة فكسرها في صدره ثم قال : والله يا كميت ! ما أهريق محجمة من دم ، ولا أخذ مال من غير حله ، ولا قلب حجر عن حجر إلا ذاك في أعناقهما .
الثالث والعشرون : الكافي : وبهذا الاسناد(الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشا ) ، عن أبان بن عثمان ، عن الحارث النضري ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام : عن قول الله عز وجل : * ( الذين بدلوا نعمت الله كفرا ) * قال : ما تقولون في ذلك ؟ . قلت : نقول : هم الأفجران من قريش ، بنو أمية وبنو المغيرة . قال : ثم قال : هي والله قريش قاطبة ، إن الله تبارك وتعالى خاطب نبيه صلى الله عليه وآله فقال : إني فضلت قريشا على العرب ، وأتممت عليهم نعمتي ، وبعثت إليهم رسولي: بدلوا نعمتي كفرا وأحلوا قومهم دار البوار
الرابع والعشرون : الكافي : علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : كانت امرأة من الأنصار تودنا أهل البيت وتكثر التعاهد لنا ، وإن عمر بن الخطاب لقيها ذات يوم وهي تريدنا ، فقال لها : أين تذهبين يا عجوز الأنصار ؟ . فقالت : أذهب إلى آل محمد صلى الله عليه وآله أسلم عليهم وأجدد بهم عهدا ، وأقضي حقهم . فقال لها عمر : ويلك ليس لهم اليوم حق عليك ولا علينا ، إنما كان لهم حق على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ، فأما اليوم فليس لهم حق ، فانصرفي . فانصرفت حتى أتت أم سلمة ، فقالت لها أم سلمة : ماذا أبطأ بك عنا ؟ . فقالت : إني لقيت عمر بن الخطاب . . فأخبرتها (بما قالت لعمر وما قال لها عمر ، فقالت لها أم سلمة : كذب ، لا يزال حق آل محمد واجبا على المسلمين إلى يوم القيامة .
الخامس والعشرون : الكافي حميد ، عن ابن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن الفضيل بن الزبير ، عن فروة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : ذاكرته شيئا من أمرهما ، فقال : ضربوكم على دم عثمان ثمانين سنة وهم يعلمون إنه كان ظالما ، فكيف - يا فروة - إذا ذكرتم صنميهم ؟ .
السادس والعشرون : الكافي : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل : * ( وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه (قال : نزلت في أبي الفصيل ، إنه كان رسول الله صلى الله عليه وآله عنده ساحرا فكان إذا مسه الضر - يعني السقم - دعا ربه منيبا إليه - يعني تائبا إليه من قوله في رسول الله صلى الله عليه وآله ما يقول - * ( ثم إذا خوله نعمة منه ) * يعني العافية * ( نسي ما كان يدعو إليه ) * يعني نسي التوبة إلى الله عز وجل مما كان يقول في رسول الله صلى الله عليه وآله أنه ساحر ، ولذلك قال الله عز وجل : * ( قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار ) * يعني إمرتك على الناس بغير حق من الله عز وجل ومن رسوله صلى الله عليه وآله . قال : ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : ثم عطف القول من الله عز وجل في علي عليه السلام يخبر بحاله وفضله عند الله تبارك وتعالى ، فقال : * ( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون ) * أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله * ( والذين لا يعلمون ) * أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأنه ساحر كذاب * ( إنما يتذكر أولوا الألباب ) * قال : ثم قال أبو عبد الله عليه السلام : هذا تأويله يا عمار .
السابع والعشرون : الكافي : علي ، عن أبيه ، عن حنان ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : . . إن الشيخين فارقا الدنيا ولم يتوبا ، ولم يذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين عليه السلام ، فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
الثامن والعشرون :الكافي - الشيخ الكليني - ج 8 - ص 245 علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حنان بن سدير ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عنهما فقال : يا أبا الفضل ما تسألني عنهما فوالله ما مات منا ميت قط إلا ساخطا عليهما وما منا اليوم إلا ساخطا عليهما يوصي بذلك الكبير منا الصغير ، إنهما ظلمانا حقنا ومنعانا فيئنا وكانا أول من ركب أعناقنا وبثقا علينا بثقا في الاسلام لا يسكر أبدا حتى يقوم قائمنا أو يتكلم متكلمنا. ثم قال : أما والله لو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا لأبدى من أمورهما ما كان يكتم ولكتم من أمورهما ما كان يظهر والله ما أسست من بلية ولا قضية تجري علينا أهل البيت إلا هما أسسا أولها فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .
التاسع والعشرون : كمال الدين وتمام النعمة - الشيخ الصدوق - ص 454 - 456
حدثنا محمد بن علي بن محمد بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي قال : حدثنا أحمد بن طاهر القمي قال : حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيباني قال : حدثنا أحمد بن مسرور ، عن سعد بن عبد الله القمي قال : كنت امرءا لهجا بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم ودقائقها ، كلفا باستظهار ما يصح لي من حقائقها ، مغرما بحفظ مشتبهها ومسغلقها ، شحيحا على ما أظفر به من معضلاتها ومشكلاتها ، متعصبا لمذهب الامامية راغبا عن الامن والسلامة في انتظار التنازع والتخاصم والتعدي إلى التباغض والتشاتم ، معيبا للفرق ذوي الخلاف ، كاشفا عن مثالب أئمتهم ، هتاكا لحجب قادتهم ، إلى أن بليت بأشد النواصب منازعة ، وأطولهم مخاصمة ، وأكثرهم جدلا ، وأشنعهم سؤالا وأثبتهم على الباطل قدما . فقال ذات يوم - وأنا أناظره - : تبا لك ولأصحابك يا سعد إنكم معاشر الرافضة تقصدون على المهاجرين والأنصار بالطعن عليهما ، وتجحدون من رسول الله ولايتهما وإمامتهما ، هذا الصديق الذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته ، أما علمتم أن رسول الله ما أخرجه مع نفسه إلى الغار إلا علما منه أن الخلافة له من بعده وأنه هو المقلد لأمر التأويل والملقى إليه أزمة الأمة ، وعليه المعول في شعب الصدع ، ولم الشعث ، وسد الخلل ، وإقامة الحدود ، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الشرك ، وكما أشفق على نبوته أشفق على خلافته ، إذ ليس من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة إلى مكان يستخفي فيه ، ولما رأينا النبي متوجها إلى الانجحار ولم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد استبان لنا قصد رسول الله بأبي بكر للغار للعلة التي شرحناها ، وإنما أبات عليا على فراشه لما لم يكن يكترث به ، ولم يحفل به لاستثقاله ، ولعلمه بأنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها . قال سعد : فأوردت عليه أجوبة شتى ، فما زال يعقب كل واحد منها بالنقض والرد علي ، ثم قال : ، يا سعد ودونكها أخرى بمثلها تخطم أنوف الروافض ، ألستم تزعمون أن الصديق المبرأ من دنس الشكوك والفارق المحامي عن بيضة الاسلام كانا يسر ان النفاق ، واستدللتم بليلة العقبة ، أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو كرها ؟ قال سعد : فاحتلت لدفع هذه المسألة عني خوفا من الالزام وحذرا من أني إن أقررت له بطوعهما للاسلام احتج بأن بدء النفاق ونشأه في القلب لا يكون إلا عند هبوب روائح القهر والغلبة ، وإظهار البأس الشديد في حمل المرء على من ليس ينقاد إليه قلبه نحو قول الله تعالى " فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا " وإن قلت : أسلما كرها كان يقصدني بالطعن إذ لم تكن ثمة سيوف منتضاة كانت تريهما البأس . قال سعد : فصدرت عنه مزورا قد انتفخت أحشائي من الغضب وتقطع كبدي من الكرب وكنت قد اتخذت طومارا وأثبت فيه نيفا وأربعين مسألة من صعاب المسائل لم أجد لها مجيبا على أن أسال عنها خبير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي - محمد عليه السلام فارتحلت خلفه وقد كان خرج قاصدا نحو مولانا بسر من رأى فلحقته في بعض المنازل فلما تصافحنا قال : بخير لحاقك بي ، قلت : الشوق ثم العادة في الأسؤلة قال : قد تكافينا على هذه الخطة الواحدة ، فقد برح بي القرم إلي لقاء مولانا أبي محمد عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن معاضل في التأويل ومشاكل في التنزل فدونكها الصحبة المباركة فإنها تقف بك على ضفة بحر لا تنقضي عجائبه ، ولا تفنى غرائبه ، وهو إمامنا . فوردنا سر من رأى فانتهينا منها إلى باب سيدنا فاستأذنا فخرج علينا الاذن بالدخول عليه وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطاه بكساء طبري فيه مائة وستون صرة من الدنانير والدراهم ، على كل صرة منها ختم صاحبها . قال سعد : فما شبهت وجه مولانا أبي محمد عليه السلام حين غشينا نور وجهه إلا ببدر قد استوفى من لياليه أربعا بعد عشر ، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر ، على رأسه فرق بين وفرتين كأنه ألف بين واوين ، وبين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها ، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة ، وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئا قبض الغلام على أصابعه ، فكان مولانا يدحرج الرمانة بين يديه ويشغله بردها كيلا يصده عن كتابة ما أراد فسلمنا عليه فألطف في الجواب وأومأ إلينا بالجلوس فلما فرغ من كتبة البياض الذي كان بيده ، أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طي كسائه فوضعه بين يديه فنظر الهادي عليه السلام إلى الغلام وقال له : يا بني فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك ، فقال : يا مولاي أيجوز أن أمد يدا طاهرة إلى هدايا نجسة وأموال رجسة قد شيب أحلها بأحرمها ؟ فقال مولاي : يا ابن إسحاق استخرج ما في الجراب ليميز ما بين الحلال والحرام منها ، فأول صرة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام : " هذه لفلان بن فلان ، من محلة كذا بقم ، يشتمل على اثنين وستين دينارا ، فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها وكانت إرثا له عن أبيه خمسة وأربعون دينارا ، ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا ، وفيها من أجرة الحوانيت ثلاثة دنانير " فقال مولانا : صدقت يا بني دل الرجل على الحرام منها ، فقال عليه السلام : " فتش عن دينار رازي السكة ، تاريخه سنة كذا ، قد انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه ، وقراضة آملية وزنها ربع دينار ، والعلة في تحريمها أن صاحب هذه الصرة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل منا وربع من فأتت على ذلك مدة وفي انتهائها قيض لذل الغزل سارق ، فأخبر به الحائك صاحبه فكذبه واسترد منه بدل ذلك منا ونصف من غزلا أدق مما كان دفعه إليه واتخذ من ذلك ثوبا ، كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه " فلما فتح رأس الصرة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقدارها على حسب ما قال ، واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة . ثم أخرج صرة أخرى فقال الغلام : " هذه لفلان بن فلان ، من محلة كذا بقم تشتمل على خمسين دينارا لا يحل لنا لمسها " . قال : وكيف ذاك ؟ قال : " لأنها من ثمن حنطة حاف صاحبها على أكاره في المقاسمة ، وذلك أنه قبض حصته منها بكيل واف وكان ما حص الأكار بكيل بخس " فقال مولانا : صدقت يا بني . ثم قال : يا أحمد بن إسحاق احملها بأجمعها لتردها أو توصي بردها على أربابها فلا حاجة لنا في شئ منها ، وائتنا بثوب العجوز . قال أحمد : وكان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيته. فلما انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إلي مولانا أبو محمد عليه السلام فقال : ما جاء بك يا سعد ؟ فقلت : شوقني أحمد بن إسحاق على لقاء مولانا . قال : والمسائل التي أردت أن تسأله عنها ؟ قلت : على حالها يا مولاي قال : فسل قرة عيني - وأومأ إلى الغلام - فقال لي الغلام : سل عما بدا لك منها ، فقلت له : مولانا وابن مولانا إنا روينا عنكم أن رسول الله صلى الله عليه وآله جعل طلاق نسائه بيد أمير المؤمنين عليه السلام حتى أرسل يوم الجمل إلى عائشة : إنك قد أرهجت على الاسلام وأهله بفتنتك ، وأوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك ، فإن كففت عنى غربك وإلا طلقتك ، ونساء رسول الله صلى الله عليه وآله قد كان طلاقهن وفاته ، قال : ما الطلاق ؟ قلت : تخلية السبيل ، قال : فإذا كان طلاقهن وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله قد خليت لهن السبيل فلم لا يحل لهن الأزواج ؟ قلت : لان الله تبارك وتعالى حرم الأزواج عليهن ، قال : كيف وقد خلى الموت سبيلهن ؟ قلت : فأخبرني يا ابن مولاي عن معنى الطلاق الذي فوض رسول الله صلى الله عليه وآله حكمه إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : إن الله تقدس اسمه عظم شأن نساء النبي صلى الله عليه وآله فخصهن بشرف الأمهات ، فقال رسول الله : يا أبا الحسن إن هذا الشرف باق لهن ما دمن الله على الطاعة ، فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج وأسقطها من شرف أمومة المؤمنين . قلت : فأخبرني عن الفاحشة المبينة التي إذا أتت المرأة بها في عدتها حل للزوج أن يخرجها من بيته ؟ قال : الفاحشة المبينة هي السحق دون الزنا فإن المرأة إذا زنت وأقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزوج بها لأجل الحد وإذا سحقت وجب عليها الرجم والرجم خزي ومن قد أمر الله برجمه فقد أخزاه ، ومن أخزاه فقد أبعده ، ومن أبعده فليس لأحد أن يقربه قلت : فأخبرني يا ابن رسول الله عن أمر الله لنبيه موسى عليه السلام " فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى " فإن فقهاء القريقين يزعمون أنها كانت من إهاب الميتة ، فقال : عليه السلام من قال ذلك فقد افترى على موسى واستجهله في نبوته لأنه ما خلا الامر فيها من خطيئتين إما أن تكون صلاة موسى فيهما جائزة أو غير جائزة ، فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسهما في تلك البقعة ، وإن كانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس وأطهر من الصلاة وإن كانت صلاته غير جائزة فيهما فقد أوجب على موسى أنه لم يعرف الحلال من الحرام وما علم ما تجوز فيه الصلاة وما لم تجز ، وهذا كفر. قلت : فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما قال : إن موسى ناجى ربه بالواد المقدس فقال : يا رب إني قد أخلصت لك المحبة مني ، وغسلت قلبي عمن سواك - و كان شديد الحب لأهله - فقال الله تعالى : " إخلع نعليك " أي أنزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة ، وقلبك من الميل إلى من سواي مغسولا. قلت : فأخبرني يا ابن رسول الله عن تأويل " كهيعص " قال هذه الحروف من أنباء الغيب ، أطلع الله عليها عبده زكريا ، ثم قصها على محمد صلى الله عليه وآله وذلك أن زكريا سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل فعلمه إياها ، فكان زكريا إذا ذكر محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين سري عنه همه ، وانجلى كربه ، وإذا ذكر الحسين خنقته العبرة ، ووقعت عليه البهرة ، فقال ذات يوم : يا إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي ، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي ؟ فأنبأه الله تعالى عن قصته ، وقال : " كهيعص " " فالكاف " اسم كربلاء . و " الهاء " هلاك العترة . و " الياء " يزيد ، وهو ظالم الحسين عليهما السلام . و " العين " عطشه . و " الصاد " صبره. فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ومنع فيها الناس من الدخول عليه ، وأقبل على البكاء والنحيب وكانت ندبته ( إلهي أتفجع خير خلقك بولده إلهي أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه ، إلهي أتلبس عليا وفاطمة ثياب هذه المصيبة ، إلهي أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما ) ؟ ! ثم كان يقول : ( اللهم ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر ، وأجعله وارثا وصيا ، واجعل محله مني محل الحسين ، فإذا رزقتنيه فافتني بحبه ، ثم فجعني به كما تفجع محمدا حبيبك بولده ) فرزقه الله يحيى و فجعه به . وكان حمل يحيى ستة أشهر وحمل الحسين عليه السلام كذلك ، وله قصة طويلة . قلت : فأخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم ، قال : مصلح أو مفسد ؟ قلت : مصلح ، قال : فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد ما يخطر ببال غيره من صلاح أو فساد ؟ قلت : بلى ، قال : فهي العلة ، وأوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله تعالى وأنزل عليهم الكتاب وأيدهم بالوحي والعصمة إذ هم أعلام الأمم وأهدي إلى الاختيار منهم مثل موسى وعيسى عليهما السلام هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذا هما بالاختيار أن يقع خيرتهما على المنافق وهما يظنان أنه مؤمن ، قلت : لا ، فقال : هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا ممن لا يشك في إيمانهم وإخلاصهم ، فوقعت خيرته على المنافقين ، قال الله تعالى : " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا - إلى قوله - لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم " فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعا على الأفسد دون الأصلح وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد علمنا أن لا اختيار إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور وما تكن الضمائر وتتصرف عليه السرائر وأن لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لما أرادوا أهل الصلاح . ثم قال مولانا : يا سعد وحين ادعى خصمك أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخرج مع نفسه مختار هذه الأمة إلى الغار إلا علما منه أن الخلافة له من بعده وأنه هو المقلد أمور التأويل والملقى إليه أزمة الأمة وعليه المعول في لم الشعث وسد الخلل وإقامة الحدود ، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر ، فكما أشفق على نبوته أشفق على خلافته إذ لم يكن من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة من غيره إلى مكان يستخفي فيه وإنما أبات عليا على فراشه لما لم يكن يكترث له ولم يحفل به لاستثقاله إياه وعلمه أنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها . فهلا نقضت عليه دعواه بقولك أليس قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " الخلافة بعدي ثلاثون سنة " فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم فكان لا يجد بدا من قوله لك : بلى ، قلت : فكيف تقول حينئذ : أليس كما علم رسول الله أن الخلافة من بعده لأبي بكر علم أنها من بعد أبي بكر لعمر ومن بعد عمر لعثمان ومن بعد عثمان لعلي فكان أيضا لا يجد بدا من قوله لك : نعم ، ثم كنت تقول له : فكان الواجب على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخرجهم جميعا ( على الترتيب ) إلى الغار ويشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر ولا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إياهم وتخصيصه أبا بكر وإخراجه مع نفسه دونهم . ولما قال : أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعا أو كرها ؟ لم لم تقل له : بل أسلما طمعا وذلك بأنهما كانا يجالسان اليهود ويستخبرانهم عما كانوا يجدون في التوراة وفى سائر الكتب المتقدمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال من قصة محمد صلى الله عليه وآله ومن عواقب أمره ، فكانت اليهود تذكر أن محمدا يسلط على العرب كما كان بختنصر سلط على بني إسرائيل ولا بد له من الظفر بالعرب كما ظفر بختنصر ببني إسرائيل غير أنه كاذب في دعواه أنه نبي . فأتيا محمدا فساعداه على شهادة ألا إله إلا الله وبايعاه طمعا في أن ينال كل واحد منهما من جهته ولاية بلد إذا استقامت أموره واستتبت أحواله فلما آيسا من ذلك تلثما وصعدا العقبة مع عدة من أمثالهما من المنافقين على أن يقتلوه فدفع الله تعالى كيدهم وردهم بغيظهم لم ينالوا خيرا كما أتى طلحة والزبير عليا عليه السلام فبايعاه وطمع كل واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد ، فلما أيسا نكثا بيعته وخرجا عليه فصرع الله كل واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين قال سعد : ثم قام مولانا الحسن بن علي الهادي عليه السلام للصلاة مع الغلام فانصرفت عنهما وطلبت أثر أحمد بن إسحاق فاستقبلني باكيا فقلت : ما أبطأك وأبكاك ؟ قال : قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي إحضاره ، قلت : لا عليك فأخبره ، فدخل عليه مسرعا وانصرف من عنده متبسما وهو يصلي على محمد وآل محمد ، فقلت : ما الخبر ؟ قال : وجدت الثوب مبسوطا تحت قدمي مولانا يصلي عليه . قال سعد : فحمدنا الله تعالى على ذلك وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أياما ، فلا نرى الغلام بين يديه فلما كان يوم الوداع دخلت أنا وأحمد بن إسحاق وكهلان من أهل بلدنا وانتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائما وقال : يا ابن رسول الله قد دنت الرحلة واشتد المحنة ، فنحن نسأل الله تعالى أن يصلي على المصطفى جدك وعلى المرتضى أبيك وعلى سيدة النساء أمك وعلى سيدي شباب أهل الجنة عمك و أبيك وعلى الأئمة الطاهرين من بعدهما آبائك ، وأن يصلي عليك وعلى ولدك و نرغب إلى الله أن يعلي كعبك ويكبت عدوك ، ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك . قال : فلما قال هذه الكلمات استعبر مولانا حتى استهلت دموعه وتقاطرت عبراته ثم قال : يا ابن إسحاق لا تكلف في دعائك شططا فإنك ملاق الله تعالى في صدرك هذا فخر أحمد مغشيا عليه ، فلما أفاق قال : سألتك بالله وبحرمة جدك إلا شرفتني بخرقة أجعلها كفنا ، فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهما فقال : خذها و لا تنفق على نفسك غيرها ، فإنك لن تعدم ما سألت ، وإن الله تبارك وتعالى لن يضيع أجر من أحسن عملا قال سعد : فلما انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان على ثلاثة فراسخ حم أحمد بن إسحاق وثارت به علة صعبة أيس من حياته فيها ، فلما وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطنا بها ، ثم قال : تفرقوا عني هذه الليلة واتركوني وحدي ، فانصرفنا عنه ورجع كل واحد منا إلى مرقده . قال سعد : فلما حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة ففتحت عيني فإذا أنا بكافور الخادم ( خادم مولانا أبي محمد عليه السلام ) وهو يقول : أحسن الله بالخير عزاكم ، وجبر بالمحبوب رزيتكم ، قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه ، فقوموا لدفنه فإنه من أكرمكم محلا عند سيدكم . ثم غاب عن أعيننا فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والعويل حتى قضينا حقه ، وفرغنا من أمره - رحمه الله -
الثلاثون : بصائر الدرجات : حدثنا أحمد بن الحسين ، عن علي بن الزيات ، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان ، عن أبي الحسن (الرضا) عليه السلام ، قال : سمعته يقول : إن لله خلف) هذا النطاق زبرجدة خضراء ، فبالخضرة منها خضرت السماء ، قلت : وما النطاق ؟ . قال : الحجاب ، ولله عز وجل وراء ذلك سبعون ألف عالم أكثر من عدد الجن والإنس ، وكل يلعن . . فلانا وفلانا.
نكمل أيها الأحبة ونقيم الحجة على من كان يخشى يوما تتقلب فيه الابصار وتنكشف فيه الأسرار
الحادي و الثلاثون: - الكافي : محمد بن أحمد القمي ، عن عمه عبد الله بن الصلت ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن حسين الجمال ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، في قول الله تبارك وتعالي : ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين قال : هما ، ثم قال : وكان فلان شيطانا.
. بيان : إن المراد بفلان : عمر . . أي الجن المذكور في الآية عمر ، وإنما كنى به عنه لأنه كان شيطانا ، إما لأنه كان شرك شيطان لكونه ولد زنا ، أو لأنه كان في المكر والخديعة كالشيطان ، وعلى الأخير يحتمل العكس بأن يكون المراد بفلان : أبا بكر .
الثاني و الثلاثون: الكافي : بالاسناد ، عن يونس ، عن سورة بن كليب ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى : ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والانس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين قال : يا سورة ! هما والله هما . . ثلاثا ، والله يا سورة ! إنا لخزان علم الله في السماء وإنا لخزان علم الله في الأرض .
الثالث والثلاثون: - الكافي : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن سليمان الجعفري ، قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول في قول الله تبارك : * ( إذ يبيتون ما لا يرضى من القول ) * قال : يعني فلانا وفلانا وأبا عبيدة بن الجراح . بيان : بيت أمرا . . أي دبره ليلا.
الرابع والثلاثون:- الكافي: علي ، عن أبيه ، عن محمد بن إسماعيل وغيره ، عن منصور بن يونس ، عن ابن أذينة ، عن عبد الله بن النجاشي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في قول الله عز وجل : أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا ) يعني والله فلانا وفلانا ،
الخامس والثلاثون : الأصول الستة عشر - ص 30
عنه عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر ع يقول إن أبا بكر وعمر لم يأكلا مما انتزعا منا ولم يورثاه ولدا ولو فعلا ذلك أنكر الناس ذلك فلما قسماه بينهم رضوا وسكتوا ولو ذكرت ذلك لاحد من الناس قال اسكت قد فعله أبو بكر وعمر ولو حدثتهم لجهدوا به وكفروا وان عمر لما طعن جعل يقول يا بنى عبد المطلب أرضيتم عنى فكانوا يقولون نعم وكان يكثر ما يقول ذلك حتى قال له قومه وهل يجد عليك أحد من الناس فقال إني اعلم بالذي ائتمرنا به في حياة رسول الله ص والذي صنعنا و تواثقنا ان نبي الله قتل ( قال خ د ) لاتولى ( نولي ح د ) أحدا منهم هذا الامر ثم ندم على ما قال
السادس والثلاثون : النوادر - أحمد بن عيسى الأشعري - ص 103
محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، قال : حدثني سعيد بن أبي عروة ، عن قتادة ، عن الحسن البصري . أن رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج امرأة من بني عامر بن صعصعة يقال لها " سناه " وكانت من أجمل أهل زمانها ، فلما نظرت إليها عائشة وحفصة ، قالتا : لتغلبنا على رسول الله فقالتا لها : لا يرى رسول الله صلى الله عليه وآله منك حرصا . فلما دخلت على النبي فناولها يده ، فقالت : أعوذ بالله منك . فانقبضت يد رسول الله عنها ، فطلقها ، وألحقها بأهلها . وتزوج رسول الله امرأة من كندة ، ابنة أبي الجون . فلما مات إبراهيم بن رسول الله ابن مارية القبطية . قالت : لو كان نبيا ما مات ابنه ، فألحقها رسول الله بأهلها قبل أن يدخل بها . فلما قبض رسول الله ، صلى الله عليه وآله ، وولى الناس أبو بكر أتته العامرية والكندية ، وقد خطبتا ، فاجتمع أبو بكر وعمر فقالا لهما : اختارا إن شئتما الحجاب ، وإن شئتما الباه ؟ فاختارتا الباه ، فتزوجتا ، فجذم أحد الرجلين ، وجن الاخر . قال عمر بن أذينة : فحدثت بهذا الحديث زرارة والفضيل ، فرويا عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال : ما نهى النبي عن شئ إلا وقد عصي فيه ، حتى لقد نكحوا أزواجه وحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله أعظم حرمة من آبائهم.
السابع والثلاثون : الكافي - الشيخ الكليني - ج 5 - ص 23 - 27
دخول عمرو بن عبيد والمعتزلة على أبي عبد الله عليه السلام
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ، عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال : كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه السلام بمكة إذ دخل عليه أناس من المعتزلة فيهم عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وحفص بن سالم مولى ابن هبيرة وناس من رؤسائهم وذلك حدثان قتل الوليد واختلاف أهل الشام بينهم فتكلموا وأكثروا و خطبوا فأطالوا فقال لهم أبو عبد الله ( عليه السلام : إنكم قد أكثرتم علي فأسندوا أمركم إلى رجل منكم وليتكلم بحججكم ويوجز ، فأسندوا أمرهم إلى عمرو بن عبيد ، فتكلم فأبلغ وأطال ، فكان فيما قال أن قال : قد قتل أهل الشام خليفتهم وضرب الله عز وجل بعضهم ببعض وشتت الله أمرهم فنظرنا فوجدنا رجلا له دين وعقل ومروة وموضع ومعدن للخلافة وهو محمد بن عبد الله بن الحسن فأردنا أن نجتمع عليه فنبايعه ثم نظهر معه فمن كان بايعنا فهو منا وكنا منه ومن اعتزلنا كففنا عنه ومن نصب لنا جاهدناه ونصبنا له على بغيه ورده إلى الحق وأهله وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك فتدخل معنا فإنه لا غنى بنا عن مثلك لموضعك وكثرة شيعتك ، فلما فرغ قال أبو عبد الله عليه السلام : أكلكم على مثل ما قال عمرو ؟ قالوا : نعم فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ( صلى الله عليه وآله ثم قال : إنما نسخط إذا عصي الله فأما إذا أطيع رضينا ، أخبرني يا عمرو لو أن الأمة قلدتك أمرها وولتك بغير قتال ولا مؤونه وقيل لك : ولها من شئت من كنت توليها ؟ قال : كنت أجعلها شورى بين المسلمين قال : بين المسلمين كلهم ؟ قال : نعم ، قال : بين فقهائهم وخيارهم ؟ قال : نعم ، قال : قريش وغيرهم ؟ قال : نعم ، قال : والعرب والعجم ؟ قال : نعم ، قال : أخبرني يا عمرو أتتولى أبا بكر وعمر أو تتبرء منهما ؟ قال : أتولاهما ، فقال : فقد خالفتهما ما تقولون أنتم تتولونهما أو تتبرؤون منهما ، قالوا : نتولاهما . قال : يا عمرو إن كنت رجلا تتبرء منهما فإنه يجوز لك الخلاف عليهما وإن كنت تتولاهما فقد خالفتهما قد عهد عمر إلى أبي بكر فبايعه ولم يشاور فيه أحدا ثم ردها أبو بكر عليه ولم يشاور فيه أحدا ثم جعلها عمر شورى بين ستة وأخرج منها جميع المهاجرين والأنصار غير أولئك الستة من قريش وأوصى فيهم شيئا لا أراك ترضى به أنت ولا أصحابك إذ جعلتها شورى بين جميع المسلمين ، قال : وما صنع ؟ قال : أمر صهيبا أن يصلي بالناس ثلاثة أيام وأن يشاور أولئك الستة ليس معهم أحد ابن عمر يشاورونه وليس له من الأمر شئ وأوصى من بحضرته من المهاجرين والأنصار إن مضت ثلاثة أيام قبل أن يفرغوا أو يبايعوا رجلا أن يضربوا أعناق أولئك الستة جميعا فإن اجتمع أربعة قبل أن تمضي ثلاثة أيام وخالف اثنان أن يضربوا أعناق الاثنين أفترضون بهذا أنتم فيما تجعلون من الشورى في جماعة من المسلمين قالوا : لا . ثم قال : يا عمرو دع ذا أرأيت لو بايعت صاحبك الذي تدعوني إلى بيعته ثم اجتمعت لكم الأمة فلم يختلف عليكم رجلان فيها فأفضتم إلى المشركين الذين لا يسلمون ولا يؤدون الجزية أكان عندكم وعند صاحبكم من العلم ما تسيرون بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله في المشركين في حروبه ؟ قال : نعم ، قال : فتصنع ماذا ؟ قال : ندعوهم إلى الإسلام فإن أبوا دعوناهم إلى الجزية . قال : وإن كانوا مجوسا ليسوا بأهل الكتاب ؟ قال : سواء ، قال : وإن كانوا مشركي العرب وعبدة الأوثان ؟ قال : سواء ، قال : أخبرني عن القرآن تقرؤه ؟ قال : نعم ، قال : اقرأ قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون فاستثناء الله عز وجل واشتراطه من الذين أوتوا الكتاب فهم والذين لم يؤتوا الكتاب سواء ؟ قال : نعم ، قال عمن أخذت ذا ؟ قال : سمعت الناس يقولون ، قال : فدع ذا ، فإن هم أبوا الجزية فقاتلتهم فظهرت عليهم كيف تصنع بالغنيمة ؟ قال : اخرج الخمس وأقسم أربعة أخماس بين من قاتل عليه . قال : أخبرني عن الخمس من تعطيه ؟ قال : حيثما سمى الله ، قال : فقرأ واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل قال : الذي للرسول من تعطيه ؟ ومن ذو القربى قال : قد اختلف فيه الفقهاء فقال بعضهم : قرابة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته ، وقال بعضهم : الخليفة ، وقال بعضهم : قرابة الذين قاتلوا عليه من المسلمين ، قال : فأي ذلك تقول أنت ؟ قال : لا أدري ، قال : فأراك لا تدري فدع ذا . ثم قال : أرأيت الأربعة أخماس تقسمها بين جميع من قاتل عليها ؟ قال : نعم ، قال : فقد خالفت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في سيرته بيني وبينك فقهاء أهل المدينة ومشيختهم فأسألهم فإنهم لا يختلفون ولا يتنازعون في أن رسول الله صلى الله عليه وآله إنما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا على إن دهمه من عدوه دهم أن يستنفرهم فيقاتل بهم وليس لهم في الغنيمة نصيب وأنت تقول بين جميعهم فقد خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله في كل ما قلت في سيرته في المشركين ومع هذا ما تقول في الصدقة ؟ فقرأ عليه الآية : إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها . . إلى آخر الآية قال : نعم ، فكيف تقسمها ؟ قال : اقسمها على ثمانية أجزاء فاعطي كل جزء من الثمانية جزءا ، قال : وإن كان صنف منهم عشرة آلاف وصنف منهم رجلا واحدا أو رجلين أو ثلاثة جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف ؟ قال : نعم ، قال : وتجمع صدقات أهل الحضر وأهل البوادي فتجعلهم فيها سواء ؟ قال : نعم ، قال : فقد خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله في كل ما قلت في سيرته ، كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر ولا يقسمه بينهم بالسوية وإنما يقسمه على قدر ما يحضره منهم وما يرى وليس عليه في ذلك شئ موقت موظف وإنما يصنع ذلك بما يرى على قدر من يحضره منهم فإن كان في نفسك مما قلت شئ فالق فقهاء أهل المدينة فإنهم لا يختلفون في أن رسول الله صلى الله عليه وآله كذا كان يصنع . ثم أقبل على عمرو بن عبيد فقال له : اتق الله وأنتم أيها الرهط فاتقوا الله فإن أبي حدثني وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله : أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف .
الثامن والثلاثون : الكافي - الشيخ الكليني - ج 5 - ص 421
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة قال : حدثني سعد بن أبي عروة ، عن قتادة ، عن الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج امرأة من بني عامر بن صعصعة يقال لها : سنى وكانت من أجمل أهل زمانها فلما نظرت إليها عائشة وحفصة قالتا : لتغلبنا هذه على رسول الله صلى الله عليه وآله بجمالها فقالتا لها : لا يرى منك رسول الله صلى الله عليه وآله حرصا فلما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله تناولها بيده فقالت : أعوذ بالله فانقبضت يد رسول الله صلى الله عليه وآله عنها فطلقها وألحقها بأهلها وتزوج رسول الله صلى الله عليه وآله امرأة من كندة بنت أبي الجون فلما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله ابن مارية القبطية قالت : لو كان نبيا ما مات ابنه فألحقها رسول الله صلى الله عليه وآله بأهلها قبل أن يدخل بها فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وولى الناس أبو بكر أتته العامرية والكندية وقد خطبتا فاجتمع أبو بكر وعمر فقالا لهما : اختارا إن شئتما الحجاب وإن شئتما الباه فاختارتا الباه فتزوجتا فجذم أحد الرجلين وجن الآخر قال عمر ابن أذينة : فحدثت بهذا الحديث زرارة والفضيل فرويا عن أبي جعفر ( عليه السلام أنه قال : ما نهى الله عز وجل عن شئ إلا وقد عصى فيه حتى لقد نكحوا أزواج النبي صلى الله عليه وآله من بعده وذكر هاتين العامرية والكندية ، ثم قال أبو جعفر عليه السلام : لو سألتهم عن رجل تزوج امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها أتحل لابنه ؟ لقالوا : لا فرسول الله صلى الله عليه وآله أعظم حرمة من آبائهم . .
محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) نحوه ، وقال في حديثه ، ولاهم يستحلون أن يتزوجوا أمهاتهم إن كانوا مؤمنين وإن أزواج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في الحرمة مثل أمهاتهم .
وهذا معنى كلام الامام من كتبهم أن كانوا لايعلمون :
الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 616 ]
قتيلة بن قيس
بن معد يكرب الكندية . أخت الأشعث بن قيس الكندي . ويقال : قيلة وليس بشيء . والصواب قتيلة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة عشر ثم اشتكى في النصف من صفر ثم قبض يوم الاثنين ليومين مضيا من ربيع الأول من سنة إحدى عشرة ولم تكن قدمت عليه ولا رآها ولا دخل بها وقال بعضهم : كان تزويجه إياها قبل وفاته بشهرين وزعم آخرون أيضا أنه تزوجها في مرضه
وقال منهم قائلون : إنه صلى الله عليه وسلم أوصى أن تخير فإن شاءت ضرب عليها الحجاب وتحرم على المؤمنين وإن شاءت فلتنكح من شاءت فاختارت النكاح فتزوجها عكرمة بن أبي جهل بحضرموت فبلغ أبا بكر فقال : لقد هممت أن أحرق عليهما بيتهما فقال له عمر : ما هي من أمهات المؤمنين ولا دخل بها ولا ضرب عليها الحجاب
وقال الجرجاني : زوجها أخوها منه صلى الله عليه وسلم فمات عليه الصلاة والسلام قبل خروجها من اليمن فخلف عليه عكرمة بن أبي جهل وقال بعضهم : ما أوصى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء ولكنها ارتدت حين ارتد أخوها فاحتج عمر على أبي بكر بأنها ليست من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بارتدادها ولم تلد لعكرمة بن أبي جهل وفيها اختلاف كثير جدا
التاسع والثلاثون : الكافي - الشيخ الكليني - ج 8 - ص 343 - 344
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن سليم بن قيس الهلالي قال : سمعت سلمان الفارسي رضي الله عنه يقول : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وصنع الناس ما صنعوا وخاصم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح الأنصار فخصموهم بحجة علي عليه السلام قالوا : يا معشر الأنصار قريش أحق بالامر منكم لان رسول الله صلى الله عليه وآله من قريش والمهاجرين منهم إن الله تعالى بدأ بهم في كتابه وفضلهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الأئمة من قريش ، قال سلمان رضي الله عنه : فأتيت عليا ( عليه السلام وهو يغسل رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبرته بما صنع الناس وقلت : إن أبا بكر الساعة على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله والله ما يرضى أن يبايعوه بيد واحدة إنهم ليبايعونه بيديه جميعا بيمينه وشماله ، فقال لي : يا سلمان هل تدري من أول من بايعه على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قلت : لا أدري ، إلا أني رأيت في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار وكان أول من بايعه بشير بن سعد وأبو عبيدة بن الجراح ثم عمر ثم سالم قال : لست أسألك عن هذا ولكن تدري أول من بايعه حين صعد منبر رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قلت : لا ولكني رأيت شيخا كبيرا متوكئا على عصاه بين عينيه سجاده شديد التشمير صعد إليه أول من صعد وهو يبكي ويقول : الحمد لله الذي لم يمتني من الدنيا حتى رأيتك في هذا المكان ، أبسط يدك ، فبسط يده فبايعه ثم نزل فخرج من المسجد فقال علي ( عليه السلام : ‹ هل تدري من هو ؟ قلت : لا ولقد ساءتني مقالته كأنه شامت بموت النبي صلى الله عليه وآله ، فقال : ذاك إبليس لعنه الله ، أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله صلى الله عليه وآله إياي للناس بغدير خم بأمر الله عز وجل فأخبرهم أني أولى بهم من أنفسهم وأمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب فأقبل إلى إبليس أبالسته ومردة أصحابه فقالوا : إن هذه أمة مرحومة ومعصومة ومالك ولا لنا عليهم سبيل قد أعلموا إمامهم ومفزعهم بعد نبيهم ، فأنطلق إبليس لعنه الله كئيبا حزينا وأخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لو قبض أن الناس يبايعون أبا بكر في ظلة بني ساعدة بعد ما يختصمون ، ثم يأتون المسجد فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس لعنه الله في صورة رجل شيخ مشمر يقول كذا وكذا ، ثم يخرج فيجمع شياطينه وأبالسته فينخر ويكسع ويقول : كلا زعمتم أن ليس لي عليهم سبيل فكيف رأيتم ما صنعت بهم حتى تركوا أمر الله عز وجل وطاعته وما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وآله .
الاربعون : الكافي - الشيخ الكليني - ج 8 - ص 345
محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن حديد ، عن جميل بن دراج ، عن زرارة ، عن أحدهما عليهما السلام قال : أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله يوما كئيبا حزينا ؟ فقال له : علي عليه السلام مالي أراك يا رسول الله كئيبا حزينا ؟ فقال : وكيف لا أكون كذلك وقد رأيت في ليلتي هذه إن بني تيم وبني عدي وبني أمية يصعدون منبري هذا ، يردون الناس عن الاسلام القهقرى ، فقلت : يا رب في حياتي أو بعد موتي ؟ فقال : بعد موتك .
الحادي والاربعون : عيون أخبار الرضا (ع) - الشيخ الصدوق - ج 1 - ص 199 - 204 -
حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا : حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس جميعا قالا حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري قال : حدثني أبو الحسين صالح بن أبي حماد الرازي ، عن إسحاق بن حماد بن زيد قال : جمعنا يحيى بن أكثم القاضي قال أمرني المأمون باحضار جماعة من أهل الحديث وجماعة من أهل الكلام والنظر فجمعت له من الصنفين زهاء أربعين رجلا ثم مضيت بهم ، فأمرتهم بالكينونة في مجلس الحاجب لاعلمه بمكانهم ففعلوا فأعلمته فأمرني بإدخالهم فدخلوا ، فسلموا ، فحدثهم ساعة وآنسهم ثم قال : إني أريد أن أجعلكم بيني وبين الله تبارك وتعالى في يومي هذا حجة فمن كان حاقنا أو له حاجة فليقم إلى قضاء حاجته وانبسطوا وسلوا خفافكم وضعوا أرديتكم ففعلوا ما أمروا به فقال : يا أيها القوم إنما استحضرتكم لأحتج بكم عند الله تعالى فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم وامامكم ولا يمنعكم جلالتي ومكاني من قول الحق حيث كان ورد الباطل على من أتى به وأشفقوا على أنفسكم من النار وتقربوا إلى الله تعالى برضوانه وإيثار طاعته فما أحد تقرب إلى مخلوق بمعصية الخالق إلا سلطه عليه فناظروني بجميع عقولكم إني رجل أزعم أن عليا عليه السلام خير البشر بعد رسول الله ص فإن كنت مصيبا فصوبوا قولي وإن كنت مخطئا فردوا علي وهلموا ، فإن شئتم سألتكم وإن شئتم سألتموني فقال له الذين يقولون بالحديث : بل نسألك ، فقال : هاتوا وقلدوا كلامكم رجلا واحدا منكم فإذا تكلم فإن كان عند أحدكم زيادة فليزد وإن أتى بخلل فسددوه ، فقال قائل منهم : إنما نحن نزعم أن خير الناس بعد رسول الله ص أبو بكر من قبل أن الرواية المجمع عليها جاءت عن الرسول الله ص أنه قال : اقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر فلما أمر نبي الرحمة بالاقتداء بهما علمنا أنه لم يأمر بالاقتداء إلا بخير الناس فقال المأمون : الروايات كثيرة ولا بد من أن تكون كلها حقا أو كلها باطلا أو بعضها حقا أو بعضها باطلا ، فلو كانت كلها حقا كانت كلها باطلا من قبل أن بعضها ينقض بعضا ، ولو كانت كلها باطلا كان في بطلانها بطلان الدين ودروس الشريعة ، فلما بطل الوجهان ثبت الثالث بالاضطرار وهو بعضها حق وبعضها باطل ، فإذا كان كذلك فلا بد من دليل على ما يحق منها ليعتقد وينفي خلافه فإذا كان دليل الخبر في نفسه حقا كان أولى ما اعتقده وأخذ به وروايتك هذه من الاخبار التي أدلتها باطلة في نفسها وذلك رسول الله ص احكم الحكماء وأولى الخلق بالصدق وأبعد الناس من الامر بالمحال وحمل الناس على التدين بالخلاف وذلك أن هذين الرجلين لا يخلوا من أن يكونا متفقين من كل جهة أو مختلفين فإن كانا متفقين من كل جهة كانا واحدا في العدد والصفة والصورة والجسم وهذا معدوم أن يكون اثنان بمعنى واحد من كل جهة وإن كانا مختلفين فكيف يجوز الاقتداء بهما وهذا تكليف ما لا يطاق ، لأنك إذا اقتديت لواحد خالفت الاخر والدليل على اختلافهما أن أبا بكر سبى أهل الردة وردهم عمر أحرارا وأشار إلى أبي بكر بعزل خالد وبقتله بمالك بن نويرة ، فأبى أبو بكر عليه وحرم عمر المتعتين ولم يفعل ذلك أبو بكر ووضع عمر ديوان العطية ولم يفعله أبو بكر وأستخلف أبو بكر ولم يفعل ذلك عمر ولهذا نظائر كثيرة . قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه : في هذا فصل ولم يذكر المأمون لخصمه وهو أنهم لم يرووا أن النبي ص قال : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، وإنما رووا أبو بكر وعمر ، ومنهم من روى أبا بكر وعمر فلو كانت الرواية صحيحة لكان معنى قوله بالنصب اقتدوا باللذين من بعدي كتاب الله والعترة يا أبا بكر وعمر ومعنى قوله بالرفع : اقتدوا أيها الناس وأبو بكر وعمر بالذين من بعدي كتاب الله والعترة رجعنا إلى حديث المأمون ، فقال آخر من أصحاب الحديث فإن النبي ص قال : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا فقال المأمون : هذا مستحيل من قبل أن رواياتكم أنه ص آخى بين أصحابه وآخر عليا عليه السلام ، فقال له في ذلك ؟ فقال : وما أخرتك إلا لنفسي ، فأي الروايتين ثبتت بطلت الأخرى ؟ قال الآخران عليا عليه السلام قال : على المنبر خير هذه الأمة بعد نبيها أبو وعمر ، وقال المأمون : هذا مستحيل من قبل النبي ص لو علم إنهما أفضل ما ولى عليهما مرة عمرو بن العاص ومرة أسامة بن زيد ومما يكذب هذه الرواية قول علي عليه السلام لما قبض النبي ص : وأنا أولى بمجلسه مني بقميصي ولكني أشفقت أن يرجع الناس كفارا وقوله عليه السلام : أنى يكونان خيرا مني وقد عبدت الله تعالى قبلهما وعبدته بعدهما ؟ قال آخر : فإن أبا بكر أغلق بابه وقال : هل من مستقيل فأقيله ؟ فقال علي عليه السلام : قدمك رسول الله ص فمن ذا يؤخرك ؟ فقال المأمون : هذا باطل من قبل أن عليا عليه السلام قعد بيعة أبي بكر ورويتم أنه قعد عنها حتى قبضت فاطمة عليها السلام وأنها أوصت أن تدفن ليلا لئلا يشهدا جنازتها ووجه آخر وهو إنه أن كان النبي ص استخلفه فكيف كان له أن يستقيل وهو يقول للأنصار : قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أبا عبيدة وقال آخر : إن عمرو بن العاص قال : يا نبي الله من أحب الناس إليك من النساء ؟ قال : عائشة من الرجال ؟ فقال : أبوها فقال المأمون : هذا باطل قبل إنكم رويتم : أن النبي ص وضع بين يديه طائر مشوي فقال اللهم أتني بأحب خلقك إليك فكان عليا عليه السلام فأي روايتكم تقبل ؟ فقال آخر : فإن عليا عليه السلام قال من فضلني على أبي بكر وعمر جلدته حد المفتري قال المأمون كيف يجوز أن يقول علي عليه السلام : أجلد الحد على من لا يجب حد عليه فيكون متعديا لحدود الله عز وجل عاملا بخلاف أمره وليس تفضيل من فضله عليهما فرية وقد رويتم عن إمامكم أنه قال : وليتكم ولست بخيركم فأي الرجلين أصدق عندكم أبو بكر على نفسه أو علي عليه السلام على أبي بكر مع تناقض الحديث في نفسه ؟ ولا بد له في قوله من أن يكون صادقا أو كاذبا فإن كان صادقا فأني عرف ذلك ؟ بوحي ؟ فالوحي منقطع أو بالتظني فالمتظني متحير أو بالنظر فالنظر مبحث ، وإن كان غير صادق فمن المحال أن يلي أمر المسلمين ويقوم بأحكامهم ويقيم حدودهم كذاب ، قال آخر : جاء أن النبي ص قال : أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة قال المأمون : هذا الحديث محال لأنه لا يكون في الجنة كهل ويروى أن اشجعيه كانت عند النبي ( ص ) فقال : لا يدخل الجنة عجوز فبكت فقال لها النبي ص : إن الله تعالى يقول : ( إنا أنشأناهن انشآءا فجعلناهن أبكارا عربا أترابا فإن زعمتم إن أبا بكر ينشأ شابا إذا دخل الجنة فقد رويتم أن النبي ص قال للحسن والحسين : إنهما سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين وأبوهما خير منهما قال آخر : فقد جاء أن النبي ص: قال : لو لم أكن أبعث فيكم لبعث عمر قال المأمون : هذا محال لأن الله تعالى يقول إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ) وقال تعالى : ( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم فهل يجوز أن يكون من لم يؤخذ ميثاقه على النبوة مبعوثا ومن أخذ ميثاقا على النبوة مؤخرا ؟ قال آخر : إن النبي ص نظر إلى عمر يوم عرفة فتبسم فقال : إن الله تبارك وتعالى باهى بعباده عامة وبعمر خاصة فقال : المأمون : هذا مستحيل من قبل أن الله تبارك وتعال لم يكن ليباهي بعمر ويدع نبيه ص فيكون عمر في الخاصة والنبي ص في العامة ، وليست هذه الروايات بأعجب من روايتكم : أن النبي ص قال : دخلت الجنة : فسمعت خفق نعلين ، فإذا بلال مولا أبي بكر سبقني إلى الجنة ، وإنما قالت الشيعة : علي عليه السلام خير من أبي بكر فقلتم عبد أبي بكر خير من الرسول ص لأن السابق أفضل من المسبوق وكما رويتم أن الشيطان يفر من ظل عمر والقى على لسان نبي الله ص وأنهن الغرانيق العلى ففر من عمر وألقى على لسان النبي ص بزعمكم الكفار ، قال آخر : قد قال النبي ص : لو نزل العذاب ما نجى إلا عمر بن الخطاب قال المأمون : هذا خلاف الكتاب أيضا ، لأن الله تعالى يقول لنبيه ص وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم فجعلتم عمر مثل الرسول ، قال آخر : فقد شهد النبي ص لعمر بالجنة في عشرة من الصحابة فقال المأمون : لو كان هذا كما زعمتم لكان عمر لا يقول لحذيفة : نشدتك بالله أمن المنافقين أنا ؟ فإن كان قد قال له النبي ص: أنت من أهل الجنة ولم يصدقه حتى ذكاة حذيفة فصدق حذيفة ولم يصدق النبي ص فهذا على غير الاسلام وإن كان قد صدق النبي ص فلم سأل حذيفة ؟ وهذان الخبران متناقضان في أنفسهما قال الآخر : قال النبي ص : وضعت في كفة الميزان ووضعت أمتي في كفة أخرى فرجحت بهم ثم وضع مكاني أبو بكر فرجح بهم ، ثم عمر فرجح بهم ، ثم رفع الميزان فقال ، المأمون : هذا محال من قبل أنه لا يخلو من أن يكون أجسامهما أو أعمالهما فإن كانت الأجسام فلا يخفى على ذي روح أنه محال لأنه لا يرجح أجسامهما بأجسام الأمة وإن كانت أفعالهما فلم تكن بعد فكيف ترجح بما ليس ، فأخبروني بما يتفاضل الناس ؟ فقال بعضهم بالأعمال الصالحة قال : فأخبروني فممن فضل صاحبه على عهد النبي ص ثم أن المفضول عمل بعد وفاة رسول الله بأكثر من عمل الفاضل على عهد النبي ص أيلحق به ؟ فإن قلتم : نعم أوجدتكم في عصرنا هذا من هو أكثر جهادا وحجا وصوما وصلاة وصدقة من أحدهم ! قالوا : صدقت لا يلحق فاضل دهرنا لفاضل عصر النبي ص قال المأمون : فانظروا فيما روت أئمتكم الذين أخذتم عنهم أديانكم في فضائل علي عليه السلام وقيسوا إليها ما رووا في فضائل تمام العشرة الذين شهدوا لهم بالجنة فإن كانت جزءا من اجزاء كثيرة فالقول قولكم وإن كانوا قد رووا في فضائل علي عليه السلام أكثر فخذوا عن أئمتكم ما رووا ولا تعدوه قال : فأطرق القوم جميعا فقال المأمون : ما لكم سكتم ؟ قالوا : قد أستقصينا ، قال المأمون : فأني أسألكم خبروني أي الأعمال كان أفضل يوم بعث الله نبيه ص ؟ قالوا : السبق إلى الاسلام لان الله تعالى يقول : ( السابقون السابقون أولئك المقربون قال : فهل علمتم أحدا أسبق من علي عليه السلام إلى الاسلام ؟ قالوا : إنه سبق حدثا لم يجر عليه حكم وأبو بكر أسلم كهلا قد جرى عليه الحكم وبين هاتين الحالتين فرق قال المأمون : فخبروني عن إسلام علي عليه السلام بالهام من قبل الله تعالى أم بدعاء النبي ص فإن قلتم بإلهام فضلتموه على النبي ص لأن النبي ص لم يلهم بل أتاه جبرئيل عن الله تعالى داعيا ومعرفا فإن قلتم بدعاء النبي ص فهل دعاه من قبل نفسه أو بأمر الله تعالى ؟ فإن قلتم : من قبل نفسه فهذا خلاف ما وصف الله تعالى به نبيه ص في قوله تعالى وما انا من المتكلفين ) وفي قوله تعالى : ( وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وإن كان من قبل الله تعالى فقد أمر الله تعالى نبيه ص بدعاء علي عليه السلام من بين صبيان الناس وايثاره عليهم ، فدعاه ثقة به وعلما بتأييد الله تعالى وعلة أخرى خبروني عن الحكيم هل يجوز أن يكلف خلقه ما لا يطيقون ؟ فإن قلتم : نعم فقد كفرتم وإن قلتم : لا فكيف يجوز أن يأمر نبيه ص بدعاء من لا يمكنه قبول ما يؤمر به لصغره وحداثة سنه وضعفه عن القبول وعلة أخرى هل رأيتم النبي ص دعا أحدا من صبيان أهله وغيرهم فيكونوا أسوة علي عليه السلام ؟ فإن زعمتم أنه لم يدع غيره فهذه فضيلة لعلي عليه السلام على جميع صبيان الناس ثم قال : أي الأعمال بعد السبق إلى الايمان قالوا : الجهاد في سبيل الله ، قال : فهل تجدون لاحد من العشرة في الجهاد ما لعلي عليه السلام في جميع مواقف النبي ص من الأثر هذه ؟ بدر قتل من المشركين فيها نيف وستون رجلا قتل علي عليه السلام منهم نيفا وعشرين وأربعون لسائر الناس فقال قائل : كان أبو بكر مع النبي ص في عريشة يدبرها فقال المأمون : لقد جئت بها عجيبة ! أكان يدبر دون النبي ص أو معه فيشركه أو لحاجة النبي( ص إلى رأي أبي بكر ؟ أي الثلاث أحب إليك أن تقول ؟ فقال : أعوذ بالله من أن أزعم أنه يدبر دون النبي ص أو يشركه أو بافتقار من النبي ص إليه قال : فما الفضيلة في العريش ؟ فإن كانت فضيلة أبي بكر بتخلفه عن الحرب فيجب أن يكون كل متخلف فاضلا أفضل من المجاهدين والله عز وجل يقول : لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما قال : إسحاق بن حماد بن زيد ثم قال لي : إقرأ هل أتى على الانسان حين من الدهر فقرأت حتى بلغت ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا إلى قوله وكان سعيكم مشكورا (فقال : فيمن نزلت هذه الآيات : فقلت في علي عليه السلام قال : فهل بلغك أن عليا عليه السلام قال : حين أطعم المسكين واليتيم والأسير : إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا على ما وصف الله عز وجل في كتابه ؟ فقلت : لا ، قال فإن الله تعالى عرف سريرة علي عليه السلام ونيته فأظهر ذلك في كتابه تعريفا لخلقه أمره فهل علمت أن الله تعالى وصف في شئ مما وصف في الجنة ما في هذه السورة ( قوارير من فضة قلت : لا قال : فهذه فضيلة أخرى فكيف تكون القوارير من فضة ؟ فقلت : لا أدري قال يريد كأنها من صفائها من فضة يرى داخلها كما يرى خارجها وهذا مثل قوله ص يا إسحاق رويدا شوقك بالقوارير وعني به نساء كأنها القوارير رقة وقوله ص : ركبت فرس أبي طلحة فوجدته بحرا أي كأنه بحر من كثرة جريه وعدوه وكقول الله تعالى : ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ورائه عذاب غليظ أي كأنه يأتيه الموت ولو أتاه من مكان واحد مات ثم قال : يا إسحاق ألست ممن يشهد أن العشرة في الجنة ؟ فقلت : بلى ثم قال : أرأيت لو أن رجلا قال : ما أدري أصحيح هذا الحديث أم لا ، أكان عندك كافرا ؟ قلت لا قال أفرأيت لو قال ما أدري هذه السورة قرآن أم لا أكان عندك كافرا ؟ قلت بلى قال : أرى فضل الرجل يتأكد خبروني يا إسحاق عن حديث الطائر المشوي أصحيح عندك ؟ قلت : بلى قال : بان والله عنادك لا يخلوا هذا من أن يكون كما دعاه النبي ص أو يكون مردودا أو عرف الله الفاضل من خلقه وكان المفضول أحب إليه أو تزعم إن الله لم يعرف الفاضل من المفضول فأي الثلاث أحب إليك أن تقول به ؟ قال : إسحاق : فأطرقت ساعة ثم قلت : يا أمير المؤمنين إن الله تعالى يقول في أبي بكر : ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فنسبه الله عز وجل إلى صحبة نبيه ص فقال المأمون : سبحان الله ما أقل علمك باللغة والكتاب ؟ أما يكون الكافر صاحبا للمؤمن ؟ فأي فضيلة في هذا أما سمعت قول الله تعالى : ( قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سويك رجلا فقد جعله له صاحبا وقال الهذلي شعرا : ‹ ولقد غدوت وصاحبي وحشية * تحت الرداء بصيرة بالمشرق وقال الأزدي شعرا :
ولقد ذعرت الوحش فيه وصاحبي * محض القوائم من هجان هيكل
فصير فرسه صاحبه وأما قوله إن الله معنا فان الله تبارك وتعالى مع البر والفاجر ، أما سمعت قوله تعالى : ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا وأما قوله : لا تحزن فأخبرني من حزن أبي بكر أكان طاعة أو معصية فإن زعمت إنه طاعة فقد جعلت النبي ص ينهى عن الطاعة وهذا خلاف صفة الحكيم ، وإن زعمت أنه معصية فأي فضيلة للعاصي ؟ وخبرني عن قوله تعالى فأنزل الله سكينته عليه على من ؟ قال إسحاق : فقلت على أبي بكر لأن النبي ص كان مستغنيا عن الصفة السكينة قال : فخبرني عن قوله عز وجل : ( ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين أتدري من المؤمنون الذين أراد الله تعالى في هذا الموضع ؟ قال : فقلت لا ، فقال : إن الناس انهزموا يوم حنين فلم يبق مع النبي ص إلا سبعة من بني هاشم علي عليه السلام يضرب بسيفه والعباس أخذ بلجام بغلة رسول الله ص والخمسة يحدقون بالنبي ص خوفا من أن يناله سلاح الكفار حتى أعطى الله تبارك وتعالى رسوله ص الظفر عني بالمؤمنين في هذا الموضع عليا عليه السلام ومن حضر من بني هاشم فمن كان أفضل أمن كان مع النبي ص فنزلت السكينة على النبي ص وعليه أم من كان في الغار مع النبي ص ولم يكن أهلا لنزولها عليه يا إسحاق من أفضل ؟ من مع النبي ص في الغار أو من نام على مهاده وفراشه ووقاه بنفسه حتى تم للنبي ص ما عزم عليه من الهجرة ، إن الله تبارك وتعالى أمر نبيه ص أن يأمر عليا عليه السلام بالنوم على فراشه ووقايته بنفسه فأمره بذلك فقال علي عليه السلام أتسلم يا نبي الله ؟ قال : بلى قال سمعا وطاعة ثم أتى مضجعه وتسجى بثوبه وأحدق المشركون به لا يشكون في أنه النبي ص وقد أجمعوا على أن يضربه من كل بطن من قريش رجل ضربة لئلا يطلب الهاشميون بدمه وعلي عليه السلام يسمع بأمر القوم فيه من التدبير في تلف نفسه ؟ فلم يدعه إلى الجزع كما جزع أبو بكر في الغار وهو مع النبي ص وعلي عليه السلام وحده فلم يزل صابرا محتسبا فبعث الله تعالى ملائكته تمنعه من مشركي قريش فلما أصبح قام فنظر القوم إليه فقالوا : أين محمد ؟ قال : وما علمي به قالوا : فأنت غدرتنا ثم لحق بالنبي ص فلم يزل علي عليه السلام أفضل لما بدأ منه إلا ما يزيد خيرا حتى قبضه الله تعالى إليه وهو محمود مغفور يا إسحاق أما تروي حديث الولاية ؟ فقلت : نعم قال : أروه فرويته فقال أما ترى أنه أوجب لعلي عليه السلام على أبي بكر وعمر من الحق ما لم يوجب لهما عليه ؟ قلت : إن الناس يقولون إن هذا قاله بسبب زيد بن حارثة فقال : وأين قال النبي ص هذا ؟ قلت : بغدير خم بعد منصرفه من حجة الوداع قال فمتى قتل زيد بن حارثة ؟ قلت : بموته قال : أفليس قد كان قتل زيد بن حارثة قبل غدير خم ؟ قلت بلى قال : أخبرني لو رأيت ابنا لك أتت عليه خمسة عشر سنة يقول مولاي مولى ابن عمي أيها الناس فأقبلوا أكنت تكره له ذلك ؟ فقلت : بلى ، قال : أفتنزه ابنك عما لا يتنزه النبي ص عنه ويحكم ! أجعلتم فقهاءكم أربابكم إن الله تعالى يقول : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والله ما صاموا ولا صلوا لهم ولكنهم أمروا لهم فأطيعوا ثم قال : أتروي قول النبي ص لعلي عليه السلام أنت مني بمنزلة هارون من موسى ؟ قلت : نعم قال أما تعلم أن هارون أخو موسى لأبيه وأمه ؟ قلت : بلى ، قال : فعلي عليه السلام كذلك قلت : لا قال وهارون نبي وليس علي كذلك فما المنزلة الثالثة إلا الخلافة وهذا كما قال المنافقون استخلفه استثقالا له فأراد أن يطيب بنفسه وهذا كما حكى الله تعالى عن موسى عليه السلام حيث يقول لهارون أخلفني في قومي وأصلح لي ولا تتبع سبيل المفسدين فقلت : إن موسى خلف هارون في قومه وهو حي ثم مضى إلى ميقات ربه تعالى وأن النبي ص خلف عليا عليه السلام حين خرج إلى غزاته فقال : أخبرني عن موسى حين خلف هارون أكان معه حيث مضى إلى ميقات ربه عز وجل أحد من أصحابه ؟ فقلت : نعم ، قال : أوليس قد أستخلفه على جميعهم ؟ قلت : بلى ، قال : فكذلك علي عليه السلام خلفه النبي ص حين خرج إلى غزاته في الضعفاء والنساء والصبيان إذا كان أكثر قومه معه وأن كان قد جعله خليفة على جميعهم والدليل على أنه جعله خليفة عليهم في حياته إذا غاب وبعد موته قوله ص : علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وهو وزير النبي ص أيضا بهذا القول لأن موسى عليه السلام قد دعا الله تعالى وقال فيما دعا : وأجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري فإذا كان علي عليه السلام منه ص بمنزلة هارون من موسى فهو وزيره كما كان هارون وزير موسى وهو خليفته كما كان هارون خليفة موسى عليه السلام ثم أقبل على أصحاب النظر والكلام فقال : أسألكم أو تسألوني ؟ فقالوا : بل نسألك قال : قولوا فقال قائل منهم : أليست إمامة علي عليه السلام من قبل الله عز وجل نقل ذلك عن رسول الله ص من نقل الفرض مثل الظهر أربع ركعات وفي مأتي درهم خمسة دراهم والحج إلى مكة ؟ فقال : بلى قال : فما بالهم لم يختلفوا في جميع الفرض واختلفوا في خلافة علي عليه السلام وحدها ؟ قال المأمون : لأن جميع الفرض لا يقع فيه من التنافس والرغبة ما يقع في الخلافة فقال آخر : ما أنكرت أن يكون النبي ص أمرهم باختيار رجل منهم يقوم مقامه رأفة بهم ورقة عليهم من غير أن يستخلف هو بنفسه فيعصي خليفته فينزل بهم العذاب ؟ فقال : أنكرت ذلك من قبل أن الله تعالى أرأف بخلقه من النبي ص وقد بعث نبيه ص إليهم وهو يعلم أن فيهم عاص ومطيع فلم يمنعه تعالى ذلك من إرساله وعلة أخرى : ولو أمرهم باختيار رجل منهم كان لا يخلو من أن يأمرهم كلهم أو بعضهم فلو أمر الكل من كان المختار ؟ ولو أمر بعضنا دون بعض كان لا يخلو من أن يكون على هذا البعض علامة فإن قلت : الفقهاء ، فلا بد من تحديد الفقيه وسمته قال آخر : فقد روي : أن النبي ص قال : ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله تعالى حسن وما رأوه قبيحا فهو عند الله قبيح فقال هذا القول لا بد من أن يكون يريد كل المؤمنين أو البعض فإن أراد الكل فهذا مفقود لأن الكل لا يمكن اجتماعهم وإن كان البعض فقد روى كل في صاحبه حسنا مثل رواية الشيعة في علي ورواية الحشوية في غيره فمتى يثبت ما تريدون من الإمامة ؟ قال آخر : فيجوز أن تزعم أن أصحاب محمد أخطأوا قال : كيف نزعم أنهم أخطأوا واجتمعوا على ضلالة وهم لم يعلموا فرضا ولا سنة لأنك تزعم أن الإمامة لا فرض من الله تعالى ولا سنة من الرسول ص فكيف يكون فيما ليس عندك بفرض ولا سنة خطأ ؟ قال آخر : أن كنت تدعي لعلي عليه السلام من الإمامة دون غيره فهات بينتك على ما تدعي فقال : ما أنا بمدع ولكني مقر ولا بينة على مقر والمدعي من يزعم أن إليه التولية والعزل وأن إليه الاختيار والبينة لا تعري من أن تكون من شركائه فهم خصماء أو تكون من غيرهم والغير معدوم فكيف يؤتي بالبينة على هذا ؟ قال آخر : فما كان الواجب على علي عليه السلام بعد مضي رسول الله ص ؟ قال : ما فعله قال : أفما وجب عليه أن يعلم الناس إنه إمام ؟ فقال : إن الإمامة لا تكون بفعل منه في نفسه ولا بفعل من الناس فيه من اختيار أو تفضيل أو غير ذلك وأنها يكون بفعل من الله تعالى فيه كما قال لإبراهيم عليه السلام : إني جاعلك للناس إماما وكما قال تعالى لداود عليه السلام : يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض وكما قال عز وجل للملائكة في آدم : ( إني جاعل في الأرض خليفة فالامام إنما يكون إماما من قبل الله تعالى وباختياره إياه في بدء الصنيعة والتشريف في النسب والطهارة في المنشأ والعصمة في المستقبل ولو كانت بفعل منه في نفسه كان من فعل ذلك الفعل مستحقا للإمامة وإذا عمل خلافها اعتزل فيكون خليفة قبل أفعاله قال آخر : فلم أوجبت الإمامة لعلي عليه السلام بعد الرسول ص ؟ فقال : لخروجه من الطفولية إلى الايمان كخروج النبي ص من الطفولية إلى الايمان والبراءة من ضلالة قومه عن الحجة وإجتنابه الشرك كبراءة النبي ص من الضلالة وإجتنابه للشرك لأن الشرك ظلم ولا يكون الظالم إماما ولا من عبد وثنا باجماع ومن شرك فقد حل من الله تعالى محل أعدائه فالحكم فيه الشهادة عليه بما اجتمعت عليه الأمة حتى يجئ إجماع آخر مثله ولأن من حكم عليه مرة فلا يجوز أن يكون حاكما فيكون الحاكم محكوما عليه فلا يكون حينئذ فرق بين الحاكم والمحكوم عليه قال آخر : فلم يقاتل علي عليه السلام أبا بكر وعمر كما قاتل معاوية ؟ فقال المسألة محال لأن لم اقتضاء ولم يفعل نفي والنفي لا يكون له علة ، إنما العلة للاثبات وإنما يجب أن ينظر في أمر علي عليه السلام أمن قبل الله أم من قبل غيره فإن صح أنه من قبل الله تعالى فالشك في تدبيره كفر لقوله تعالى : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فافعال الفاعل تبع لاصله ، فإن كان قيامه عن الله تعالى فأفعاله عنه وعلى الناس الرضا والتسليم وقد ترك رسول الله ص القتال يوم الحديبية يوم صد المشركون هديه عن البيت فلما وجد الأعوان وقوى حارب كما قال الله تعالى في الأول : فاصفح الصفح الجميل ثم قال عز وجل : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم وأحصروهم وأقعدوا لهم كل مرصد قال آخر إذا زعمت أن إمامة علي عليه السلام من قبل الله تعالى وإنه مفترض الطاعة فلم لم يجز إلا التبليغ والدعاء للأنبياء عليهم السلام وجاز لعلي أن يترك ما أمر به من دعوه الناس إلى طاعته ؟ فقال : من قبل انا لم نزعم إن عليا عليه السلام أمر بالتبليغ فيكون رسولا ولكنه عليه السلام وضع علما بين الله تعالى وبين خلقه فمن تبعه كان مطيعا ومن خالفه كان عاصيا فإن وجد أعوانا يتقوى بهم جاهد وإن لم يجد أعوانا فاللوم عليهم لا عليه لأنهم أمروا بطاعته على كل حال ولم يؤمر هو بمجاهدتهم إلا بقوة وهو بمنزلة البيت على الناس الحج إليه فإذا حجوا أدوا ما عليهم وإذا لم يفعلوا كانت اللائمة عليهم لا على البيت وقال آخر إذا أوجب أنه لا بد من إمام مفترض الطاعة بالاضطرار كيف يجب بالاضطرار أنه علي عليه السلام دون غيره ؟ فقال : من قبل أن الله تعالى لا يفرض مجهولا ولا يكون المفروض ممتنعا إذ المجهول ممتنع فلا بد من دلالة الرسول ص على الفرض ليقطع العذر بين الله عز وجل وبين عباده أرأيت لو فرض الله تعالى على الناس صوم شهر فلم يعلم الناس أي شهر هو ؟ ولم يوسم بوسم وكان على الناس استخراج ذلك بعقولهم حتى يصيبوا ما أراد الله تعالى فيكون الناس حينئذ مستغنين عن الرسول المبين لهم وعن الامام الناقل خبر الرسول إليهم وقال آخر : من أين أوجبت أن عليا عليه السلام كان بالغا حين دعاه النبي ص فان الناس يزعمون إنه كان صبيا حين دعى ولم يكن جاز عليه الحكم ولا بلغ مبلغ الرجال فقال : من قبل أنه لا يعرى في ذلك الوقت من أن يكون ممن أرسل إليه النبي ص ليدعوه فإن كان كذلك فهو محتمل التكليف قوي على أداء الفرائض وإن كان ممن لم يرسل إليه فقد لزم النبي ص قول الله عز وجل : ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين وكان مع ذلك فقد كلف النبي ص عباد الله ما لا يطيقون عن الله تبارك وتعالى وهذا من المحال الذي يمتنع كونه ولا يأمر به حكيم ولا يدل عليه الرسول تعالى الله عن أن يأمر بالمحال وجل الرسول من أن يأمر بخلاف ما يمكن كونه في حكمة الحكيم فسكت القوم عند ذلك جميعا فقال المأمون : قد سألتموني ونقضتم علي أفأسألكم ؟ قالوا : نعم ، قال : أليس قد روت الأمة بإجماع أن النبي ص قال : من كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار ؟ قالوا : بلى قال : ورووا عنه عليه السلام إنه قال : من عصى الله بمعصية صغرت أو كبرت ثم أتخذها دينا ومضى مصرا عليها فهو مخلد بين أطباق الجحيم ؟ قالوا : بلى قال : فخبروني عن رجل يختاره الأمة فتنصبه خليفة هل يجوز أن يقال له خليفة رسول ص ومن قبل الله عز وجل ولم يستخلفه الرسول : فإن قلتم : نعم ، فقد كابرتم وإن قلتم : لا ، وجب أن أبا بكر لم يكن خليفة رسول الله ص ولا كان من قبل الله عز وجل وأنكم تكذبون على نبي الله ص فإنكم متعرضون لأن تكونوا ممن وسمه النبي ص بدخول النار ، وخبروني في أي قوليكم صدقتم أفي قولكم مضى عليه السلام ولم يستخلف أو في قولكم لأبي بكر يا خليفة رسول الله ص ؟ فإن كنتم صدقتم في القولين فهذا ما لا يمكن كونه إذ كان متناقضا وإن كنتم صدقتم في أحدهما بطل الاخر فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم ودعوا التقليد وتجنبوا الشبهات فوالله ما يقبل الله تعالى إلا من عبد لا يأتي إلا بما يعقل ولا يدخل إلا فيما يعلم أنه حق والريب شك وإدمان الشك كفر بالله تعالى وصاحبه في النار وخبروني هل يجوز أن يبتاع أحدكم عبدا فإذا أبتاعه صار مولاه وصار المشتري عبده ؟ قالوا : لا قال : فكيف جاز أن يكون من اجتمعتم عليه أنتم لهواكم واستخلفتموه صار خليفة عليكم وأنتم وليتموه إلا كنتم أنتم الخلفاء عليه بل تؤتون خليفة وتقولون إنه خليفة رسول الله ص ثم إذا أسخطتم عليه قتلتموه كما فعل بعثمان بن عفان ؟ فقال قائل منهم : لأن الامام وكيل المسلمين إذا رضوا عنه ولوه وإذا سخطوا عليه عزلوه قال : فلمن المسلمون والعباد والبلاد ؟ قالوا لله تعالى فوالله أولى أن يوكل على عباده وبلاده من غيره لأن من إجماع الأمة أنه من أحدث حدثا في ملك غيره فهو ضامن وله أن يحدث فإن فعل فآثم غارم ثم قال : خبروني عن النبي ص هل استخلف حين مضى أم لا فقالوا : لم يستخلف قال فتركه ذلك هدى أم ضلال ؟ قالوا : هدى فعلى الناس أن يتبعوا الهدى ويتركوا الباطل ويتنكبوا الضلال قالوا : قد فعلوا ذلك قال : فلم استخلف الناس بعده وقد تركه هو فترك فعله ضلال ، ومحال أن يكون خلاف الهدى هدى ، وإذا كان ترك الاستخلاف هدى فلم أستخلف أبو بكر ولم يفعله النبي ص ؟ ولم جعل عمر الامر بعده شورى بين المسلمين خلافا على صاحبه ؟ لأنكم زعمتم أن النبي لم يستخلف وأن أبا بكر استخلف وعمر لم يترك الاستخلاف كما تركه النبي ص بزعمكم ولم يستخلف كما فعل أبو بكر وجاء بمعنى ثالث فخبروني أي ذلك ترونه صوابا ؟ فإن رأيتم فعل النبي ص صوابا فقد أخطأتم أبا بكر وكذلك القول في بقية الأقاويل وخبروني أيهما أفضل ما فعله النبي ص بزعمكم من ترك الاستخلاف أو ما صنعت طائفة من الاستخلاف ؟ وخبروني هل يجوز أن يكون تركه من الرسول ص هدى وفعله من غيره هدى فيكون هدى ضد هدى ؟ فأين الضلال حينئذ وخبروني هل ولى أحد بعد النبي ص باختيار الصحابة منذ قبض النبي ص إلى اليوم ؟ فإن قلتم : لا ، فقد أوجبتم أن الناس كلهم عملوا ضلالة بعد النبي ص وأن قلتم : نعم كذبتم الأمة وأبطل قولكم الوجود الذي لا يدفع ، وخبروني عن قول الله عز وجل : قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله أصدق هذا أم كذب ؟ قالوا : صدق قال : أفليس ما سوى الله لله إذ كان محدثه ومالكه ؟ قالوا : نعم قال : ففي هذا بطلان ما أوجبتم اختياركم خليفة تفترضون طاعته وتسمونه خليفة رسول الله ص وأنتم استخلفتموه وهو معزول عنكم إذا غضبتم عليه وعمل بخلاف محبتكم ومقتول إذا أبى الاعتزال ويلكم ! لا تفتروا على الله كذبا فتلقوا وبال ذلك غدا إذا قمتم بين يدي الله تعالى وإذا وردتم على رسول الله ص وقد كذبتم عليه متعمدين وقد قال من كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار ثم استقبل القبلة ورفع يديه وقال : اللهم إني قد أرشدتهم اللهم إني قد أخرجت ما وجب علي إخراجه من عنقي اللهم إني لم أدعهم في ريب ولا في شك ، اللهم إني أدين بالتقرب إليك بتقديم علي عليه السلام على الخلق بعد نبيك محمد ص كما أمرنا به رسولك ص قال : ثم افترقنا فلم نجتمع بعد ذلك حتى قبض المأمون قال محمد بن يحيى بن عمران الأشعري : وفي حديث آخر ، قال : فسكت القوم ، فقال لهم : لم سكتم ؟ قالوا : لا ندري ما تقول ؟ قال : تكفيني هذه الحجة عليكم ثم أمر باخراجهم قال : فخرجنا متحيرين خجلين ثم نظر المأمون إلى الفضل بن سهل فقال : هذا أقصى ما عند القوم فلا يظن ظان أن جلالتي منعتهم من النقض علي