ظلامة نبي الله يوسف عليه السلام

قاسم

New Member
18 أبريل 2010
245
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآله الطاهرين

احتوت كتب التفسير لأهل السنة (خصوصا تفسير الطبري) على روايات مخزية يندى لها جبين الحقيقة ! حيث نسبت فيها ما لا يليق بجلالة مقام الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، ومن تلك الموارد ما رووه في تفسير الآية الكريمة : {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} (24) سورة يوسف

وتنزيها لمقام الأنبياء عليهم السلام فإنني لن أنقل شيئا من تلك الرويات الخرافية المكذوبة، وسأكتفي بنقل كلام المحقق الفيض الكاشاني أعلى الله مقامه قال:

{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ} قصدت مخالطته {وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} معناه لولا أن رأى برهان ربه لهم بها فحذف جواب (لولا) لدلالة المذكور سابقا عليه هذا عند من لم يجوز تقدم الجزاء على الشرط ومن جوزه فلا حاجة له إلى هذا التقدير.
في المجمع عن الصادق عليه السلام: البرهان النبوة المانعة من ارتكاب الفواحش والحكمة الصارفة عن القبائح.
{كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} الذين أخلصهم الله لطاعته وقرئ بكسر اللام أي الذين أخلصوا دينهم لله.
في العيون عن الرضا عليه السلام وقد سأله المأمون عن عصمة الأنبياء: لقد همت به ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها كما همت به لكنه كان معصوما والمعصوم لا يهم بذنب ولا يأتيه. وقال: ولقد حدثني أبي عن الصادق عليه السلام إنه قال: همت بأن تفعل وهم بأن لا يفعل.

وفي رواية أنها همت بالمعصية وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما تداخله فصرف الله عنه قتلها والفاحشة وهو قوله تعالى {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء} يعني القتل والزنا.

وعن السجاد عليه السلام قامت إمرأة العزيز إلى الصنم فألقت عليه ثوبا فقال لها يوسف أتستحيين ممن لا يسمع ولا يبصر ولا يفقه ولا يأكل ولا يشرب ولا استحي أنا مم خلق الأنسان وعلمه فذاك قوله تعالى {لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}.

والعياشي مثله عن الباقر عليه السلام بعدما كذب قول الناس أنه رأى يعقوب عاضا على أصبعه.
والقمي أيضا روى قيامها إلى الصنم عن الصادق عليه السلام.

وفي المجالس عنه عليه السلام إن رضا الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط وكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحجج الله ألم ينسبوا يوسف إلى أنه هم بالزنا.

أقول: وقد نسبت العامة خذلهم الله إلى يوسف في هذا المقام أمورا ورووا بها روايات مختلقة لا يليق للمؤمن من نقلها فكيف باعتقادها ونعم ما قيل إن الذين لهم تعلق بهذه الواقعة هم يوسف والمرأة وزوجها والنسوة والشهود ورب العالمين وإبليس وكلهم قالوا ببراءة يوسف عن الذنب فلم يبق لمسلم توقف في هذا الباب.

* أما يوسف:
فقوله : {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي} (26) سورة يوسف وقوله : {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} (33) سورة يوسف

* وأما المرأة:
فلقولها : {وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ} (32) سورة يوسف وقالت : {الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهَِ} (51) سورة يوسف

* وأما زوجها:
فلقوله : {إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} (28) سورة يوسف

* وأما النسوة:
فلقولهن {امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} (30) سورة يوسف وقولهن : {حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍَ} (51) سورة يوسف

* وأما الشهود:
قوله تعالى : {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا} الآية... (26) سورة يوسف

* وأما شهادة الله بذلك:
فقوله عز من قائل : {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} (24) سورة يوسف

* وأما إقرار إبليس بذلك:
فلقوله : {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (82-83) سورة ص فأقر بأنه لا يمكنه إغواء العباد المخلصين وقد قال الله تعالى : {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} (24) سورة يوسف ، فقد أقر إبليس بأنه لم يغوه.

وعند هذا نقول إن هؤلاء الجهال الذين نسبوا إلى يوسف الفضيحة إن كانوا من أتباع دين الله فليقبلوا شهادة الله بطهارته وإن كانوا من أتباع إبليس وجنوده فليقبلوا إقرار إبليس بطهارته.
التفسير الصافي ج 3 ص 13


* * * * *

وقد سُئل المرجع الكبير الشيخ ميرزا جواد التبريزي دام ظله هذا السؤال:
ما هو رأيكم في قوله تعالى : {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} هل يمكن حملها على ظاهرها ونقول: إن يوسف (ع) تحرك بغريزية وبما هو بشر نحو المعصية؟

فأجاب: إن عصمة الأنبياء والأئمة (ع) تعني أنهم بلغوا من العلم واليقين حدا لا تنقدح في نفوسهم الدواعي فضلا عن فعلها، وهذا لا ينافي قدرة الإنسان على المعصية، كما أن الإنسان العادي الشريف معصوم عن بعض الأفعال القبيحة ككشف العورة أمام الناس في الشارع مع قدرته على ذلك، لكنه لشدة قبحها في نظره لا ينقدح في نفسه الداعي لفعلها فضلا عن القيام بها.

وأما الاية المذكورة {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} فهي على عكس المطلوب أدل، لأن لفظ ((لولا)) دال على امتناع همه بالمعصية لرؤية برهان ربه، وهذه هي عقيدة الشيعة المستفادة من الآيات والأخبار المعتبرة، والله العا لم.
صراط النجاة ج 3 ص 448