بسم الله الرحمن الرحيم ،
اللهم صلّ على محمد وآل محمد ،
وعجّل فرجهم ، والعن أعدائهم ،،
اللهم صلّ على محمد وآل محمد ،
وعجّل فرجهم ، والعن أعدائهم ،،
** أقول : هذا يكشف للمسلمين وبكل وضوح أنّ الامام الحسن عليه السلام ، كان هدفه الأساسي مُنذ البداية محاربة وقتال معاوية وحزبه ، ولم يكن هدفه الهدنة والصلح أبداً .
فمالذي جعل الامام الحسن عليه السلام يَقبل بالهدنة والصلح؟!!
لنسمع ما يقوله ابن كثير في البداية والنهاية :
وهذا نص كلامه :
"خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه
قد ذكرنا أن عليا رضي الله عنه لما ضربه ابن ملجم قالوا له : استخلف يا أمير المؤمنين فقال لا ولكن أدعكم كما ترككم رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني بغير استخلاف - فإن يرد الله بكم خيرا يجمعكم على خيركم كما جمعكم على خيركم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما توفي وصلى عليه ابنه الحسن - لأنه أكبر بنيه رضي الله عنهم - ودفن كما ذكرنا بدار الامارة على الصحيح من أقوال الناس ، فلما فرغ من شأنه كان أول من تقدم إلى الحسن بن علي رضي الله عنه قيس بن سعد بن عبادة فقال له . ابسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه ، فسكت الحسن فبايعه ثم بايعه الناس بعده ، وكان ذلك يوم مات علي ، وكان موته يوم ضرب على قول وهو يوم الجمعة السابع عشر من رمضان سنة أربعين ، وقيل إنما مات بعد الطعنة بيومين ، وقيل مات في العشر الأخير من رمضان ، ومن يومئذ ولي الحسن بن علي ، وكان قيس بن سعد على إمرة أذربيجان ، تحت يده أربعون ألف مقاتل ، قد بايعوا عليا على الموت ، فلما مات علي ألح قيس بن سعد على الحسن في النفير لقتال أهل الشام ، فعزل قيسا عن إمرة أذربيجان ، وولى عبيد الله بن عباس عليها ، ولم يكن في نية الحسن أن يقاتل أحدا ، ولكن غلبوه على رأيه ، فاجتمعوا اجتماعا عظيما لم يسمع بمثله ، فأمر الحسن بن علي قيس بن سعد بن عبادة على المقدمة في اثني عشر ألفا بين يديه ، وسار هو بالجيوش في أثره قاصدا بلاد الشام ، ليقاتل معاوية وأهل الشام فلما اجتاز بالمدائن نزلها وقدم المقدمة بين يديه ، فبينما هو في المدائن معسكرا بظاهرها ، إذ صرخ في الناس صارخ : ألا إن قيس بن سعد بن عبادة قد قتل ، فثار الناس فانتهبوا أمتعة بعضهم بعضا حتى انتهبوا سرادق الحسن ، حتى نازعوه بساطا كان جالسا عليه ، وطعنه بعضهم حين ركب طعنة أثبتوه وأشوته فكرههم الحسن كراهية شديدة ، وركب فدخل القصر الأبيض من المدائن فنزله وهو جريح ، وكان عامله على المدائن سعد بن مسعود الثقفي - أخو أبي عبيد صاحب يوم الجسر - فلما استقر الجيش بالقصر قال المختار بن أبي عبيد قبحه الله لعمه سعد بن مسعود : هل لك في الشرف والغنى ؟ قال : ماذا ؟ قال : تأخذ الحسن بن علي فتقيده وتبعثه إلى معاوية ، فقال له عمه : قبحكم الله وقبح ما جئت به ، أغدر بابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ولما رأى الحسن بن علي تفرق جيشه عليه مقتهم وكتب عند ذلك إلى معاوية بن أبي سفيان - وكان قد ركب في أهل الشام فنزل مسكن - يراوضه على الصلح بينهما ، فبعث إليه معاوية عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة ، فقدما عليه الكوفة فبذلا له ما أراد من الأموال ، فاشترط أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف درهم ، وأن يكون خراج دار أبجرد له ، وأن لا يسب علي وهو يسمع ، فإذا فعل ذلك نزل عن الامرة لمعاوية ، ويحقن الدماء بين المسلمين . فاصطلحوا على ذلك واجتمعت الكلمة على معاوية على ما سيأتي بيانه وتفصيله ، وقد لام الحسين لأخيه الحسن على هذا الرأي فلم يقبل منه ، والصواب مع الحسن رضي الله عنه كما سنذكر دليله قريبا . وبعث الحسن بن علي إلى أمير المقدمة قيس بن سعد أن يسمع ويطيع ، فأبى قيس بن سعد من قبول ذلك ، وخرج عن طاعتهما جميعا ، واعتزل بمن أطاعه ثم راجع الامر فبايع معاوية بعد قريب كما سنذكره . ثم المشهور أن مبايعة الحسن لمعاوية كانت في سنة أربعين ، ولهذا يقال له عام الجماعة ، لاجتماع الكلمة فيه على معاوية ، والمشهور عند ابن جرير وغيره من علماء السير أن ذلك كان في أوائل سنة إحدى وأربعين كما سنذكره إن شاء الله ، وحج بالناس في هذه السنة - أعني سنة أربعين - المغيرة بن شعبة ، وزعم ابن جرير فيما رواه عن إسماعيل بن راشد أن المغيرة بن شعبة افتعل كتابا على لسان معاوية ليلي إمرة الحج عامئذ ، وبادر إلى ذلك عتبة بن أبي سفيان ، وكان معه كتاب من أخيه بأمرة الحج ، فتعجل المغيرة فوقف بالناس يوم الثامن ليسبق عتبة إلى الامرة . وهذا الذي نقله ابن جرير لا يقبل ، ولا يظن بالمغيرة رضي الله عنه ذلك ، وإنما نبهنا على ذلك ليعلم أنه باطل ، فإن الصحابة أجل قدرا من هذا ، ولكن هذه نزعة شيعية . قال ابن جرير : وفي هذه السنة بويع لمعاوية بايلياء - يعني لما مات علي - قام أهل الشام فبايعوا معاوية على إمرة المؤمنين لأنه لم يبق له عندهم منازع ، فعند ذلك أقام أهل العراق الحسن بن علي رضي الله عنه ليمانعوا به أهل الشام فلم يتم لهم ما أرادوه وما حاولوه ، وإنما كان خذلانهم من قبل تدبيرهم وآرائهم المختلفة المخالفة لأمرائهم ، ولو كانوا يعلمون لعظموا ما أنعم الله به عليهم من مبايعتهم ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسيد المسلمين ، وأحد علماء الصحابة وحلمائهم وذوي آرائهم . والدليل على أنه أحد الخلفاء الراشدين الحديث الذي أوردناه في دلائل النبوة من طريق سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا " وإنما كملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي ، فإنه نزل عن الخلافة لمعاوية في ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ، وذلك كمال ثلاثين سنة من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه توفي في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة ، وهذا من دلائل النبوة صلوات الله وسلامه عليه وسلم تسليما . وقد مدحه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صنيعه هذا وهو تركه الدنيا الفانية ، ورغبته في الآخرة الباقية ، وحقنه دماء هذه الأمة ، فنزل عن الخلافة وجعل الملك بيد معاوية حتى تجتمع الكلمة على أمير واحد . وهذا المدح قد ذكرناه وسنورده في حديث أبي بكرة الثقفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر يوما وجلس الحسن بن علي إلى جانبه ، فجعل ينظر إلى الناس مرة وإليه أخرى ثم قال : " أيها الناس إن ابني هذا سيد ، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " رواه البخاري ."انتهى
** يقول شيخ المسلمين المُفيد رضي الله عنه في كتابه الإرشاد ج 2 ص12 ما نصّه:
"..وحمل الحسن عليه السلام على سرير إلى المدائن ، فأنزل به على سعد بن مسعود الثقفي ، وكان عامل أمير المؤمنين عليه السلام بها فأقره الحسن عليه السلام على ذلك ، واشتغل بنفسه يعالج جرحه . وكتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالطاعة له في السر ، واستحثوه على السير نحوهم ، وضمنوا له تسليم الحسن عليه السلام إليه عند دنوهم من عسكره أو الفتك به ، وبلغ الحسن ذلك . وورد عليه كتاب قيس بن سعد رضي الله عنه وكان قد أنفذه مع عبيد الله بن العباس عند مسيره من الكوفة ، ليلقى معاوية فيرده عن العراق ، وجعله أميرا على الجماعة وقال : " إن أصبت فالأمير قيس بن سعد فوصل كتاب ابن سعد يخبره أنهم نازلوا معاوية بقرية يقال لها الحبونية بإزاء مسكن ، وأن معاوية أرسل إلى عبيد الله بن العباس يرغبه في المصير إليه ، وضمن له ألف ألف درهم ، يعجل له منها النصف ، ويعطيه النصف الآخر عند دخوله الكوفة ، فانسل عبيد الله بن العباس في الليل إلى معسكر معاوية في خاصته ، وأصبح الناس قد فقدوا أميرهم ، فصلى بهم قيس رضي الله عنه ونظر في أمورهم . فازدادت بصيرة الحسن عليه السلام بخذلان القوم له ، وفساد نيات المحكمة فيه بما أظهروه له من السب والتكفير واستحلال دمه ونهب أمواله ، ولم يبق معه من يأمن غوائله إلا خاصة من شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين عليه السلام ، وهم جماعة لا تقوم لأجناد الشام . فكتب إليه معاوية في الهدنة والصلح ، وأنفذ إليه بكتب أصحابه التي ضمنوا له فيها الفتك به وتسليمه إليه ، واشترط له على نفسه في إجابته إلى صلحه شروطا كثيرة وعقد له عقودا كان في الوفاء بها مصالح شاملة ، فلم يثق به الحسن عليه السلام وعلم احتياله بذلك واغتياله ، غير أنه لم يجد بدا من إجابته إلى ما التمس ( من ترك ) الحرب وإنفاذ الهدنة ، لما كان عليه أصحابه مما وصفناه من ضعف البصائر في حقه والفساد عليه والخلف منهم له ، وما انطوى كثير منهم عليه في استحلال دمه وتسليمه إلى خصمه ، وما كان في خذلان ابن عمه له ومصيره إلى عدوه ، وميل الجمهور منهم إلى العاجلة وزهدهم في الآجلة ."انتهى
جابر المحمدي ،،
"خلافة الحسن بن علي رضي الله عنه
قد ذكرنا أن عليا رضي الله عنه لما ضربه ابن ملجم قالوا له : استخلف يا أمير المؤمنين فقال لا ولكن أدعكم كما ترككم رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني بغير استخلاف - فإن يرد الله بكم خيرا يجمعكم على خيركم كما جمعكم على خيركم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما توفي وصلى عليه ابنه الحسن - لأنه أكبر بنيه رضي الله عنهم - ودفن كما ذكرنا بدار الامارة على الصحيح من أقوال الناس ، فلما فرغ من شأنه كان أول من تقدم إلى الحسن بن علي رضي الله عنه قيس بن سعد بن عبادة فقال له . ابسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه ، فسكت الحسن فبايعه ثم بايعه الناس بعده ، وكان ذلك يوم مات علي ، وكان موته يوم ضرب على قول وهو يوم الجمعة السابع عشر من رمضان سنة أربعين ، وقيل إنما مات بعد الطعنة بيومين ، وقيل مات في العشر الأخير من رمضان ، ومن يومئذ ولي الحسن بن علي ، وكان قيس بن سعد على إمرة أذربيجان ، تحت يده أربعون ألف مقاتل ، قد بايعوا عليا على الموت ، فلما مات علي ألح قيس بن سعد على الحسن في النفير لقتال أهل الشام ، فعزل قيسا عن إمرة أذربيجان ، وولى عبيد الله بن عباس عليها ، ولم يكن في نية الحسن أن يقاتل أحدا ، ولكن غلبوه على رأيه ، فاجتمعوا اجتماعا عظيما لم يسمع بمثله ، فأمر الحسن بن علي قيس بن سعد بن عبادة على المقدمة في اثني عشر ألفا بين يديه ، وسار هو بالجيوش في أثره قاصدا بلاد الشام ، ليقاتل معاوية وأهل الشام فلما اجتاز بالمدائن نزلها وقدم المقدمة بين يديه ، فبينما هو في المدائن معسكرا بظاهرها ، إذ صرخ في الناس صارخ : ألا إن قيس بن سعد بن عبادة قد قتل ، فثار الناس فانتهبوا أمتعة بعضهم بعضا حتى انتهبوا سرادق الحسن ، حتى نازعوه بساطا كان جالسا عليه ، وطعنه بعضهم حين ركب طعنة أثبتوه وأشوته فكرههم الحسن كراهية شديدة ، وركب فدخل القصر الأبيض من المدائن فنزله وهو جريح ، وكان عامله على المدائن سعد بن مسعود الثقفي - أخو أبي عبيد صاحب يوم الجسر - فلما استقر الجيش بالقصر قال المختار بن أبي عبيد قبحه الله لعمه سعد بن مسعود : هل لك في الشرف والغنى ؟ قال : ماذا ؟ قال : تأخذ الحسن بن علي فتقيده وتبعثه إلى معاوية ، فقال له عمه : قبحكم الله وقبح ما جئت به ، أغدر بابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ولما رأى الحسن بن علي تفرق جيشه عليه مقتهم وكتب عند ذلك إلى معاوية بن أبي سفيان - وكان قد ركب في أهل الشام فنزل مسكن - يراوضه على الصلح بينهما ، فبعث إليه معاوية عبد الله بن عامر وعبد الرحمن بن سمرة ، فقدما عليه الكوفة فبذلا له ما أراد من الأموال ، فاشترط أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف درهم ، وأن يكون خراج دار أبجرد له ، وأن لا يسب علي وهو يسمع ، فإذا فعل ذلك نزل عن الامرة لمعاوية ، ويحقن الدماء بين المسلمين . فاصطلحوا على ذلك واجتمعت الكلمة على معاوية على ما سيأتي بيانه وتفصيله ، وقد لام الحسين لأخيه الحسن على هذا الرأي فلم يقبل منه ، والصواب مع الحسن رضي الله عنه كما سنذكر دليله قريبا . وبعث الحسن بن علي إلى أمير المقدمة قيس بن سعد أن يسمع ويطيع ، فأبى قيس بن سعد من قبول ذلك ، وخرج عن طاعتهما جميعا ، واعتزل بمن أطاعه ثم راجع الامر فبايع معاوية بعد قريب كما سنذكره . ثم المشهور أن مبايعة الحسن لمعاوية كانت في سنة أربعين ، ولهذا يقال له عام الجماعة ، لاجتماع الكلمة فيه على معاوية ، والمشهور عند ابن جرير وغيره من علماء السير أن ذلك كان في أوائل سنة إحدى وأربعين كما سنذكره إن شاء الله ، وحج بالناس في هذه السنة - أعني سنة أربعين - المغيرة بن شعبة ، وزعم ابن جرير فيما رواه عن إسماعيل بن راشد أن المغيرة بن شعبة افتعل كتابا على لسان معاوية ليلي إمرة الحج عامئذ ، وبادر إلى ذلك عتبة بن أبي سفيان ، وكان معه كتاب من أخيه بأمرة الحج ، فتعجل المغيرة فوقف بالناس يوم الثامن ليسبق عتبة إلى الامرة . وهذا الذي نقله ابن جرير لا يقبل ، ولا يظن بالمغيرة رضي الله عنه ذلك ، وإنما نبهنا على ذلك ليعلم أنه باطل ، فإن الصحابة أجل قدرا من هذا ، ولكن هذه نزعة شيعية . قال ابن جرير : وفي هذه السنة بويع لمعاوية بايلياء - يعني لما مات علي - قام أهل الشام فبايعوا معاوية على إمرة المؤمنين لأنه لم يبق له عندهم منازع ، فعند ذلك أقام أهل العراق الحسن بن علي رضي الله عنه ليمانعوا به أهل الشام فلم يتم لهم ما أرادوه وما حاولوه ، وإنما كان خذلانهم من قبل تدبيرهم وآرائهم المختلفة المخالفة لأمرائهم ، ولو كانوا يعلمون لعظموا ما أنعم الله به عليهم من مبايعتهم ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسيد المسلمين ، وأحد علماء الصحابة وحلمائهم وذوي آرائهم . والدليل على أنه أحد الخلفاء الراشدين الحديث الذي أوردناه في دلائل النبوة من طريق سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكا " وإنما كملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي ، فإنه نزل عن الخلافة لمعاوية في ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين ، وذلك كمال ثلاثين سنة من موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه توفي في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة ، وهذا من دلائل النبوة صلوات الله وسلامه عليه وسلم تسليما . وقد مدحه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صنيعه هذا وهو تركه الدنيا الفانية ، ورغبته في الآخرة الباقية ، وحقنه دماء هذه الأمة ، فنزل عن الخلافة وجعل الملك بيد معاوية حتى تجتمع الكلمة على أمير واحد . وهذا المدح قد ذكرناه وسنورده في حديث أبي بكرة الثقفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر يوما وجلس الحسن بن علي إلى جانبه ، فجعل ينظر إلى الناس مرة وإليه أخرى ثم قال : " أيها الناس إن ابني هذا سيد ، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين " رواه البخاري ."انتهى
** يقول شيخ المسلمين المُفيد رضي الله عنه في كتابه الإرشاد ج 2 ص12 ما نصّه:
"..وحمل الحسن عليه السلام على سرير إلى المدائن ، فأنزل به على سعد بن مسعود الثقفي ، وكان عامل أمير المؤمنين عليه السلام بها فأقره الحسن عليه السلام على ذلك ، واشتغل بنفسه يعالج جرحه . وكتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالطاعة له في السر ، واستحثوه على السير نحوهم ، وضمنوا له تسليم الحسن عليه السلام إليه عند دنوهم من عسكره أو الفتك به ، وبلغ الحسن ذلك . وورد عليه كتاب قيس بن سعد رضي الله عنه وكان قد أنفذه مع عبيد الله بن العباس عند مسيره من الكوفة ، ليلقى معاوية فيرده عن العراق ، وجعله أميرا على الجماعة وقال : " إن أصبت فالأمير قيس بن سعد فوصل كتاب ابن سعد يخبره أنهم نازلوا معاوية بقرية يقال لها الحبونية بإزاء مسكن ، وأن معاوية أرسل إلى عبيد الله بن العباس يرغبه في المصير إليه ، وضمن له ألف ألف درهم ، يعجل له منها النصف ، ويعطيه النصف الآخر عند دخوله الكوفة ، فانسل عبيد الله بن العباس في الليل إلى معسكر معاوية في خاصته ، وأصبح الناس قد فقدوا أميرهم ، فصلى بهم قيس رضي الله عنه ونظر في أمورهم . فازدادت بصيرة الحسن عليه السلام بخذلان القوم له ، وفساد نيات المحكمة فيه بما أظهروه له من السب والتكفير واستحلال دمه ونهب أمواله ، ولم يبق معه من يأمن غوائله إلا خاصة من شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين عليه السلام ، وهم جماعة لا تقوم لأجناد الشام . فكتب إليه معاوية في الهدنة والصلح ، وأنفذ إليه بكتب أصحابه التي ضمنوا له فيها الفتك به وتسليمه إليه ، واشترط له على نفسه في إجابته إلى صلحه شروطا كثيرة وعقد له عقودا كان في الوفاء بها مصالح شاملة ، فلم يثق به الحسن عليه السلام وعلم احتياله بذلك واغتياله ، غير أنه لم يجد بدا من إجابته إلى ما التمس ( من ترك ) الحرب وإنفاذ الهدنة ، لما كان عليه أصحابه مما وصفناه من ضعف البصائر في حقه والفساد عليه والخلف منهم له ، وما انطوى كثير منهم عليه في استحلال دمه وتسليمه إلى خصمه ، وما كان في خذلان ابن عمه له ومصيره إلى عدوه ، وميل الجمهور منهم إلى العاجلة وزهدهم في الآجلة ."انتهى
جابر المحمدي ،،