بسم الله الرحمن الرحيم
مرآة الجنان وعبرة اليقظان
أبو محمد عبدالله بن أسعد بن علي نزيل الحرمين الشريفين اليمني المعروف باليافعي
ترجمة الغزالي (أبو حامد)
...
...
...
وكان قد سئل في حياته عن يزيد بن معاوية فقدح فيه وشطح وكتب فصلاً طويلاً ثم قلب وكتب: فلان ابن فلان.
قال ابن خلكان: وقد افتى الامام ابو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في مثل هذه المسالة بخلاف ذلك فانه سئل عمن صرح بلعن يزيد
هل يحكم بفسقه ام هل يكون ذلك مرخصاً فيه؟
وهل كان مريداً قتل الحسين رضي الله تعالى عنه ام كان قصده الدفع؟
وهل يسوغ الترحم عليه ام السكوت افضل؟
انعم بازالة الاشتباه مثاباً
فاجاب:
لا بجوز لعن مسلم اصلاً ومن لعن مسلماً فهو الملعون وقد قال رسول الله - صلى الله عليه واله وسلم -: " المسلم ليس بلعان " لما وكيف يجوز لعن مسلم ولا يجوز لعن البهائم - وقد ورد النهي عن ذلك - وحرمة المسلم اعظم من حرمة الكعبة بنص النبي صلى الله عليه واله وسلم ويزيد صح اسلامه وما صح قتله للحسين ولا امره به وما لم يصح منه ذلك لا يجوز ان يظن ذلك به فان اساءة الظن بالمسلم حرام وقد قال الله تعالى: " اجتنبوا كثيراً من الظن ان بعض الظن اثم " - الحجرات - وقال النبي صل الله عليه واله وسلم: " ان الله حرم من المسلم دمه وماله وعرضه وان يظن به ظن ".
ومن زعم ان يزيد امر بقتل الحسين رضي الله تعالى ورضي به - فينبغي ان يعلم به غاية حماقة فان من قتل من الاكابر والوزراء والسلاطين في عصره لو اراد احد ان يعلم حقيقة من الذي امر بقتله ومن الذي رضي به ومن الذي - وان كرهه لم يقدر على ذلك كان قد قتل بجواره وزمانه وهو يشاهده فكيف يعلم ذلك فيما انقضى عليه قريب من اربعمائة سنة في مكان بعيد فهذا لا يعرف حقيقته اصلا واذا لم تعرف وجب احسان الظن بكل مسلم يمكن احسان الظن به
ومع هذا فالقتل ليس بكفر بل هو معصية وربما مات القاتل بعد التوبة
ولو جاز لعن احد فسكت عن ذلك لم يكن الساكت عاصياً بل لو لم يلعن ابليس طول عمره لا يقال له في القيامة لم لم تلعن ابليس
واما الترحم عليه فانه جائز بل مستحب اذ هو داخل في قوله: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات. والله اعلم. - كتبه الغزالي -.
قلت: ينبغي ان يوضح الامر في ذلك ويفصل وهو انه لا يخلو: اما ان يعلم انه امر بقتله فلا يخلو اما ان يكون معتقداً جله اولا فان استحله فقد كفر
وان امر به ولى [ كذا ولعل الصحيح (ولم )]يستحله فقد فسق فليس القتل مقتضياً للكفر
الا اذا كان قتلاً لنبي وان لم يعلم انه امر بقتله فلا يجوز ان يفسق بمجرد ظن ذلك والله اعلم.
http://www.ghazali.org/articles/mirat-jinan-Yafai.htm