بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ان من اخطر الذنوب والمعاصي هي الشرك بالله فقد قال سبحانه : إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا {النساء/48}
فالاية واضحة وصريحة بان الله يغفر مادون الشرك ..
ومن هنا نقول ان هذه قاعدة وضعها الله تعالى بانه لا يغفر الشرك وهذا من حدود الله تعالى : تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {البقرة/187}
البحث الذي سوف اقدمه بحث قراني بحت فاستدل به بالقران ولا شي سوى القران الكريم .
ان في القران الكريم ايات وردت بها كلمة (( دعاء )) فتارة تاتي بمعنى دعاء العبادة وتارة اخرى
تاتي بمعنى دعاء الطلب والمسالة ,ولكي نثبت هذا الكلام يلزمنا البحث في الايات الشريفة ولكن
قبل ان نخوض بالبحث ونورد الايات نريد ان نعرف كلا من دعاء العبادة ودعاء المسالة , ثم نورد
الايات التي تدعم التعريف..
دعاء العبادة
هو التوجه بالعبادة لموجود لا لغيره , سواء كانت بالسؤال او بالطقوس والشعائر .
دعاء المسالة
هو التوجه بالسؤال لمن وهبه الله القدرة على النفع .
دعاء العبادة :
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر/60}
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا {الفرقان/68
وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {الأنعام/108}
أَلا إِنَّ لِلّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ شُرَكَاء إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ {يونس/66}
نرى أن لفظ ( الدعاء ) في الآيات المتقدمة بمعنى ( العبادة ) .
دعاء المسالة :
لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور/63}
وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {الحديد/8}
هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء {آل عمران/38}
نرى أن لفظ ( دعاء ) في هذه الآيات بمعنى ( الطلب والمسألة ) .
اكتفي بهذا القدر لان الايات غزيرة بالتعريفين.
يطرح سؤال ما الدليل على وجوب هذا التقسيم اصلا ؟
الجواب :
قال تعالى : وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا {الجن/18}
فقوله تعالى فلا تدعوا مع الله احدا , يدل على ان دعوة الميت والحي محرمة على حد سواء فالاية عامة لم تخصص ابدا ! حل هذا الاشكال هو معرفة معنى مفردة (( دعاء)) وما تنقسم اليه فالدعاء هنا بمعنى العبادة لله تعالى وحده فلا تعبدوا معه أحدا , لا بمعنى لا تسألوا أحدا , كون أن الله سبحانه وتعالى أقر بالمسألة والطلب على ما سيتبين أدناه .
الاية التي تقول بالشرك وشرحها ...
مثال قال تعالى : مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى.... الزمر
ان المشركين هنا يعبدون ( يدعون ) الاصنام بدعاء العبادة فهم يعتقدون بانهم اذا عبدوا الاصنام سوف تقربهم لله تعالى وبهذا يكونون اشركوا مع الله الها اخر !!
اما المسلمين يدعون الانبياء والاولياء والصالحين دعاء المسالة يعني انهم يقرون بوحدانية الله تعالى وحده لا شريك له وان الولي المدعو وهبه الله تعالى القدرة على النفع ليس ينفع ويضر بذاته .
هنا سؤال .. ما الدليل على ان هذا الانسان وسيلة او ينفع بقدرة الله تعالى ؟
الجواب قسم لقسمين :
الاول:
هب انه لا يوجد دليل على ان العبد الذين يدعونه دعاء المسالة ينفع باذن الله فهل يعتبر هذا شركا ام بدعة ؟
فان قلنا انه شرك فهم يقرون بوحدانية الله تعالى وان قلنا انه بدعه فلم ننعتهم بالمشركين ؟
فاقصى ما يمكن ان ننعت به من ليس لديه دليل انه مبتدع لا مشرك!!
الثاني:
قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة/35}
أُولَئِكَ الَّذِينَ(( يَدْعُونَ)) يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا {الإسراء/57}
فالاية الاولى بسورة المائدة قالت بالوسيلة والاية الاخرى وضحت الاولى وقالت بدعاء المسالة مع الوسيلة .
ماهي الوسيلة ؟
هي الواسطة وتنقسم الى ثلاث كما في القران الكريم :
1- وسيلة زمانية
2- وسيلة مكانية
3- وسيلة شخضية
الوسيلة الزمانية :
هي التي تكون بزمان او وقت معين يحبه الله تعالى ويستجاب فيه الدعاء.
1 - شهر رمضان
قال تعالى : شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {البقرة/185}
فمن منا يقول بان شهر رمضان ليس بافضل الشهور ففيه تنزل الرحمة وتفتح ابوب الجنة ويسع الرزق وتضاعف الحسنات وتقل السيئات وتغلق ابوب النار والانفاس فيه عبادة , فالله تعالى يحب هذا الشهر وهو وقت مناسب للتوبة النصوح .
2- ليلة القدر
قال تعالى : إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ {القدر/1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ {القدر/2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ {القدر/3} تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ {القدر/4} سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ {القدر/5}فالايات واضحة ببيان فضل ليلة القدر....
الوسيلة المكانية :
هي ان التي تكون بمكان معين يحبه الله تعالى ويستجاب فيه الدعاء .
1- الكعبة
قال تعالى : ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ {الحج/29} ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج/30}فالاية توضح ان للكعبة مكانة كبيرة وهي بيت الله تعالى ويتم الناس به الحج والعمرة وينالوا الاجر العظيم وهي من شعائر الله تعالى .
2- المسجد النبوي
قال تعالى : ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ {الحج/29} ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج/30}
طبعا ظاهر الاية يدل على انه مسجد قباء ولكنه المسجد البنوي الشريف الذي اسس على التقوى والدعاء عنده مستجاب .
الوسيلة الشخصية :
وهي ان تدعو شخصا يحبه الله تعالى واعطاه القدره على النفع .
قال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا {النساء/64}
هذه الاية واضحة بان من ظلم نفسه وجاء النبي صلى الله عليه واله الله يغفر له وهي شخصية لان الدعاء اصبح لشخص الوسيلة ولا تخصيص بأن يأتيه حيا أو ميتا .
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين واصحابه المنتجبين ...
اللهم صل على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
ان من اخطر الذنوب والمعاصي هي الشرك بالله فقد قال سبحانه : إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا {النساء/48}
فالاية واضحة وصريحة بان الله يغفر مادون الشرك ..
ومن هنا نقول ان هذه قاعدة وضعها الله تعالى بانه لا يغفر الشرك وهذا من حدود الله تعالى : تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {البقرة/187}
البحث الذي سوف اقدمه بحث قراني بحت فاستدل به بالقران ولا شي سوى القران الكريم .
ان في القران الكريم ايات وردت بها كلمة (( دعاء )) فتارة تاتي بمعنى دعاء العبادة وتارة اخرى
تاتي بمعنى دعاء الطلب والمسالة ,ولكي نثبت هذا الكلام يلزمنا البحث في الايات الشريفة ولكن
قبل ان نخوض بالبحث ونورد الايات نريد ان نعرف كلا من دعاء العبادة ودعاء المسالة , ثم نورد
الايات التي تدعم التعريف..
دعاء العبادة
هو التوجه بالعبادة لموجود لا لغيره , سواء كانت بالسؤال او بالطقوس والشعائر .
دعاء المسالة
هو التوجه بالسؤال لمن وهبه الله القدرة على النفع .
دعاء العبادة :
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر/60}
وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا {الفرقان/68
وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {الأنعام/108}
أَلا إِنَّ لِلّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ شُرَكَاء إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ {يونس/66}
نرى أن لفظ ( الدعاء ) في الآيات المتقدمة بمعنى ( العبادة ) .
دعاء المسالة :
لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {النور/63}
وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {الحديد/8}
هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء {آل عمران/38}
نرى أن لفظ ( دعاء ) في هذه الآيات بمعنى ( الطلب والمسألة ) .
اكتفي بهذا القدر لان الايات غزيرة بالتعريفين.
يطرح سؤال ما الدليل على وجوب هذا التقسيم اصلا ؟
الجواب :
قال تعالى : وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا {الجن/18}
فقوله تعالى فلا تدعوا مع الله احدا , يدل على ان دعوة الميت والحي محرمة على حد سواء فالاية عامة لم تخصص ابدا ! حل هذا الاشكال هو معرفة معنى مفردة (( دعاء)) وما تنقسم اليه فالدعاء هنا بمعنى العبادة لله تعالى وحده فلا تعبدوا معه أحدا , لا بمعنى لا تسألوا أحدا , كون أن الله سبحانه وتعالى أقر بالمسألة والطلب على ما سيتبين أدناه .
الاية التي تقول بالشرك وشرحها ...
مثال قال تعالى : مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى.... الزمر
ان المشركين هنا يعبدون ( يدعون ) الاصنام بدعاء العبادة فهم يعتقدون بانهم اذا عبدوا الاصنام سوف تقربهم لله تعالى وبهذا يكونون اشركوا مع الله الها اخر !!
اما المسلمين يدعون الانبياء والاولياء والصالحين دعاء المسالة يعني انهم يقرون بوحدانية الله تعالى وحده لا شريك له وان الولي المدعو وهبه الله تعالى القدرة على النفع ليس ينفع ويضر بذاته .
هنا سؤال .. ما الدليل على ان هذا الانسان وسيلة او ينفع بقدرة الله تعالى ؟
الجواب قسم لقسمين :
الاول:
هب انه لا يوجد دليل على ان العبد الذين يدعونه دعاء المسالة ينفع باذن الله فهل يعتبر هذا شركا ام بدعة ؟
فان قلنا انه شرك فهم يقرون بوحدانية الله تعالى وان قلنا انه بدعه فلم ننعتهم بالمشركين ؟
فاقصى ما يمكن ان ننعت به من ليس لديه دليل انه مبتدع لا مشرك!!
الثاني:
قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة/35}
أُولَئِكَ الَّذِينَ(( يَدْعُونَ)) يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا {الإسراء/57}
فالاية الاولى بسورة المائدة قالت بالوسيلة والاية الاخرى وضحت الاولى وقالت بدعاء المسالة مع الوسيلة .
ماهي الوسيلة ؟
هي الواسطة وتنقسم الى ثلاث كما في القران الكريم :
1- وسيلة زمانية
2- وسيلة مكانية
3- وسيلة شخضية
الوسيلة الزمانية :
هي التي تكون بزمان او وقت معين يحبه الله تعالى ويستجاب فيه الدعاء.
1 - شهر رمضان
قال تعالى : شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {البقرة/185}
فمن منا يقول بان شهر رمضان ليس بافضل الشهور ففيه تنزل الرحمة وتفتح ابوب الجنة ويسع الرزق وتضاعف الحسنات وتقل السيئات وتغلق ابوب النار والانفاس فيه عبادة , فالله تعالى يحب هذا الشهر وهو وقت مناسب للتوبة النصوح .
2- ليلة القدر
قال تعالى : إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ {القدر/1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ {القدر/2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ {القدر/3} تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ {القدر/4} سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ {القدر/5}فالايات واضحة ببيان فضل ليلة القدر....
الوسيلة المكانية :
هي ان التي تكون بمكان معين يحبه الله تعالى ويستجاب فيه الدعاء .
1- الكعبة
قال تعالى : ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ {الحج/29} ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج/30}فالاية توضح ان للكعبة مكانة كبيرة وهي بيت الله تعالى ويتم الناس به الحج والعمرة وينالوا الاجر العظيم وهي من شعائر الله تعالى .
2- المسجد النبوي
قال تعالى : ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ {الحج/29} ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج/30}
طبعا ظاهر الاية يدل على انه مسجد قباء ولكنه المسجد البنوي الشريف الذي اسس على التقوى والدعاء عنده مستجاب .
الوسيلة الشخصية :
وهي ان تدعو شخصا يحبه الله تعالى واعطاه القدره على النفع .
قال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا {النساء/64}
هذه الاية واضحة بان من ظلم نفسه وجاء النبي صلى الله عليه واله الله يغفر له وهي شخصية لان الدعاء اصبح لشخص الوسيلة ولا تخصيص بأن يأتيه حيا أو ميتا .
وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين واصحابه المنتجبين ...