مع الالباني في قصة دعوة عثمان بن حنيف لرجل أن يتوسل بالنبي بعد وفاته

نواف

New Member
16 مايو 2010
46
0
0
هذا البحث المتواضع بحث لمناقشة الألباني حول تضعيفه قصة دعوة عثمان بن حنيف لرجل توسل به بعد وفاته

وهذا البحث ومحصلته هو إجتهاد مني ، و ليس فيه إلزام لأحد ، بل هو رأي يطرح وكل ورايه


قال الألباني في التوسل ص85 :

الزيادة الثانية :

قصة الرجل مع عثمان بن عفان وتوسله به صلى الله عليه و سلم حتى قضى له حاجته أخرجها الطبراني في ( المعجم الصغير ) وفي ( الكبير ) من طريق عبد الله بن وهب عن شبيب بن سعيد المكي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي المدني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه فقال له عثمان : ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد صلى الله عليه و سلم نبي الرحمة وتذكر حاجتك ورح إلي حتى أروح معك فانطلق الرجل فصنع ما قال ثم أتى باب عثمان بن عفان رضي الله عنه فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله عليه فأجلسه معه على الطنفسة وقال : حاجتك ؟ فذكر حاجته فقضاها له ثم قال له : ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة وقال : ما كانت لك من حاجة فأتنا . ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له : جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته في فقال عثمان بن حنيف : والله ما كلمته ولكن هدت رسول الله صلى الله عليه و سلم وأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : فتصبر فقال : يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ( ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات ) قال عثمان بن حنيف : فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط . قال الطبراني : ( لم يروه عن روح بن القاسم إلا شبيب بن سعيد أبو سعيد المكي وهو ثقة وهو الذي يحدث عنه أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس بن يزيد الأيلي وقد روى هذا الحديث شعبة عن أبي جعفر الخطمي - واسمه عمير بن يزيد - وهو ثقة تفرد به عثمان بن عمر بن فارس عن شعبة والحديث صحيح )

قلت : لا شك في صحة الحديث وإنما البحث الآن في هذه القصة التي تفرد بها شبيب بن سعيد كما قال الطبراني وشبيب هذا متكلم فيه وخاصة في رواية ابن وهب عنه لكن تابعه عنه إسماعيل وأحمد ابنا شبيب بن سعيد هذا أما إسماعيل فلا أعرفه ولم أجد من ذكره ولقد أغفلوه حتى لم يذكروه في الرواة عن أبيه بخلاف أخيه أحمد فإنه صدوق وأما أبوه شبيب فملخص كلامهم فيه أنه ثقة في حفظه ضعف إلا في رواية ابنه أحمد هذا عنه عن يونس خاصة فهو حجة فقال الذهبي في ( الميزان ) : ( صدوق يغرب ذكره ابن عدي في ( كامله ) فقال . . . له نسخة عن يونس بن زيد مستقيمة حدث عنه ابن وهب بمناكير قال ابن المديني : كان يختلف في تجارة إلى مصر وكتابه صحيح قد كتبه عن ابنه أحمد . قال ابن عدي : كان شبيب لعله يغلط ويهم إذا حدث من حفظه وأرجو أنه لا يعتمد فإذا حدث عنه ابنه أحمد
بأحاديث يونس فكأنه يونس آخر . يعني يجود ) فهذا الكلام يفيد أن شبيبا هذا لا بأس بحديثه بشرطين اثنين : الأول أن يكون من رواية ابنه أحمد عنه والثاني أن يكون من رواية شبيب عن يونس والسبب في ذلك أنه كان عنده كتب يونس بن يزيد كما قال ابن أبي حاتم في ( الجرح والتعديل ) عن أبيه فهو إذا حدث من كتبه هذه أجاد وإذا حدث من حفظه وهم كما قال ابن عدي وعلى هذا فقول الحافظ في ترجمته من ( التقريب ) : ( لا بأس بحديثه من رواية ابنه أحمد عنه لا من رواية ابن وهب ) فيه نظر لأنه أوهم أنه لا بأس بحديثه من رواية أحمد عنه مطلقا وليس كذلك بل هذا مقيد بأن يكون من روايته هو عن يونس لما سبق ويؤيده أن الحافظ نفسه أشار لهذا القيد فإنه أورد شبيبا هذا في ( من طعن فيه من رجال البخاري ) من ( مقدمة فتح الباري ) ثم دفع الطعن عنه - بعد أن ذكر من وثقه وقول ابن عدي فيه - بقوله : ( قلت : أخرج البخاري من رواية ابنه عنه عن يونس أحاديث ولم يخرج من روايته عن غير يونس ولا من رواية ابن وهب عنه شيئا ) . فقد أشار رحمه الله بهذا الكلام إلى أن الطعن قائم في شبيب إذا كانت روايته عن غير يونس ولو من رواية ابنه أحمد عنه وهذا هو الصواب كما بينته آنفا وعليه يجب أن يحمل كلامه في ( التقريب ) توفيقا بين كلاميه ورفعا للتعارض بينهما
إذا تبين هذا يظهر لك ضعف هذه القصة وعدم صلاحية الاحتجاج بها . ثم ظهر لي فيها علة أخرى وهي الاختلاف على حمد فيها فقد أخرج الحديث ابن السني في ( عمل اليوم والليلة ) والحاكم من ثلاثة طرق عن أحمد بن شبيب بدون القصة وكذلك رواه عون بن عمارة البصري ثنا روح ابن القاسم به أخرجه الحاكم وعون هذا وإن كان ضعيفا فروايته أولى من رواية شبيب لموافقتها لرواية شعبة وحماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي
وخلاصة القول : إن هذه القصة ضعيفة منكرة لأمور ثلاث : ضعف حفظ المتفرد بها والاختلاف عليه فيها ومخالفته للثقات الذين لم يذكروها في الحديث وأمر واحد من هذه الأمور كاف لإسقاط هذه القصة فكيف بها مجتمعة ؟
ومن عجائب التعصب واتباع الهوى أن الشيخ الغماري أورد روايات هذه القصة في ( المصباح ) من طريق البيهقي في ( الدلائل ) والطبراني ثم لم يتكلم عليها مطلقا لا تصحيحا ولا تضعيفا والسبب واضح أما التصحيح فغير ممكن صناعة وأما التضعيف فهو الحق ولكن
ونحو ذلك فعل من لم يوفق في ( الإصابة ) فإنهم أوردوا الحديث بهذه القصة ثم قالوا : ( وهذا الحديث صححه الطبراني في الصغير والكبير )
وفي هذا القول على صغره جهالات :

أولا : أن الطبراني لم يصحح الحديث في ( الكبير ) بل في ( الصغير ) فقط وأنا نقلت الحديث عنه للقارئين مباشرة لا
الواسطة كما يفعل أولئك لقصر باعهم في هذا العلم الشريف ( ومن ورد البحر استقل السواقيا )

ثانيا : أن الطبراني إنما صحح الحديث فقط دون القصة بدليل قوله . وقد سبق : ( قد روى الحديث شعبة . . والحديث صحيح ) فهذا نص على أنه أراد حديث شعبة وشعبة لم يرو هذه القصة فلم يصححها إذن الطبراني فلا حجة لهم في كلامه

ثالثا : أن عثمان بن حنيف لو ثبتت عنه القصة لم يعلم ذلك الرجل فيها دعاء الضرير بتمامه فإنه أسقط منه جملة ( اللهم فشفه في وشفعني فيه ) لأنه يفهم بسليقته العربية أن هذا القول يستلزم أن يكون النبي صلى الله عليه و سلم داعيا لذلك الرجل كما كان داعيا للأعمى ولما كان هذا منفيا بالنسبة للرجل لم يذكر هذه الجملة ؟ قال شيخ الإسلام : ( ومعلوم أن الواحد بعد موته صلى الله عليه و سلم إذا قال : اللهم فشفعه في وشفعني فيه - مع أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يدع له - كان هذا كلاما باطلا مع أن عثمان بن حنيف لم يأمره أن يسأل النبي صلى الله عليه و سلم شيئا ولا أن يقول : ( فشفعه في ) ولم يأمره بالدعاء المأثور على وجهه وإنما أمره ببعضه وليس هناك من النبي صلى الله عليه و سلم شفاعة ولا ما يظن أنه شفاعة فلو قال بعد موته : ( فشفعه في ) لكان كلاما لا معنى له ولهذا لم يأمر به عثمان والدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه و سلم لم يأمر به والذي أمر به ليس مأثورا عن النبي صلى الله عليه و سلم ومثل هذا لا تثبت به شريعة كسائر ما ينقل عن آحاد الصحابة في حسن العبادات أو الإباحات أو الإيجابيات أو التحريمات إذ لم يوافقه غيره من الصحابة عليه وكان ما يثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم
الفه ولا يوافقه لم يكن فعله سنة يجب على المسلمين اتباعها بل غايته أن يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد ومما تنازعت فيه الأمة فيجب رده إلى والرسول )

ثم ذكر أمثلة كثيرة مما تفرد به بعض الصحابة ولم يتبع عليه مثل إدخال ابن عمر الماء في عينيه في الوضوء ونحو ذلك فراجعه . ثم قال :
وإذا كان ذلك كذلك فمعلوم أنه إذا ثبت عن عثمان بن حنيف أو غيره أنه جعل من المشروع المستحب أن يتوسل بالنبي صلى الله عليه و سلم بعد موته من غير أن يكون النبي صلى الله عليه و سلم داعيا له ولا شافعا فيه فقد علمنا أن عمر وأكابر الصحابة لم يروا هذا مشروعا بعد مماته كما كان يشرع في حياته بل كانوا في الاستسقاء في حياته صلى الله عليه و سلم يتوسلون فلما مات لم يتوسلوا به بل قال عمر في دعائه الصحيح المشهور الثابت باتفاق أهل العلم بمحضر من المهاجرين والأنصار في عام الرمادة المشهور لما اشتد بهم الجدب حتى حلف عمر : لا يأكل سمينا حتى يخصب الناس ثم لما استسقى بالناس قال : اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا . فيسقون . وهذا دعاء أقره عليه جميع الصحابة ولم ينكره أحد مع شهرته وهو من أظهر الإجماعات الإقرارية ودعا بمثله معاوية بن أبي سفيان في خلافته فلو كان توسلهم بالنبي صلى الله عليه و سلم بعد مماته كتوسلهم في حياته لقالوا : كيف نتوسل بمثل العباس ويزيد بن الأسود ونحوهما ونعدل عن التوسل بالنبي صلى الله عليه و سلم الذي هو أفضل الخلائق وهو أفضل الوسائل وأعظمها ذا وفي القصة جملة إذا تأمل فيها العاقل العارف بفضائل الصحابة وجدها من الأدلة الأخرى على نكارتها وضعفها وهي أن الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه كان لا ينظر في حاجة ذلك الرجل ولا يلتفت إليه فكيف يتفق هذا مع ما صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أن الملائكة تستحي من عثمان ومع ما عرف به رضي الله عنه من رفقه بالناس وبره بهم ولينه معهم ؟ هذا كله يجعلنا نستبعد وقوع ذلك منه لأنه ظلم يتنافى مع كماله رضي الله عنه وأرضاه

يقول الالباني :

(( القصة جملة إذا تأمل فيها العاقل العارف بفضائل الصحابة وجدها من الأدلة الأخرى على نكارتها وضعفها وهي أن الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه كان لا ينظر في حاجة ذلك الرجل ولا يلتفت إليه فكيف يتفق هذا مع ما صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أن الملائكة تستحي من عثمان ومع ما عرف به رضي الله عنه من رفقه بالناس وبره بهم ولينه معهم ؟ هذا كله يجعلنا نستبعد وقوع ذلك منه لأنه ظلم يتنافى مع كماله رضي الله عنه وأرضاه ))

أقول نواف : ليس في الرواية أي نكارة ، أما قول الألباني : (( لأنه ظلم يتنافى مع كماله رضي الله عنه و أرضاه ))

أقول نواف : الكمال لله وحده و للمعصومين ( الكمال البشري ) ، و ليس بعثمان عند السنة بمعصوم ثم إن عثمان ثبت بإجماع السنة وقوعه في كبائر مثل الفرار بوم الزحف كما في البخاري .

وقال النسائي في السنن الكبرى : أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال حدثنا خالد عن شعبة عن أبي إسحاق عن العلاء قال سأل رجل بن عمر عن عثمان قال : كان من الذين تولوا يوم التقى الجمعان فتاب الله عليه ثم أصاب ذنبا فقتلوه وسأله عن علي فقال لا تسأل عنه ألا ترى منزله من رسول الله صلى الله عليه و سلم


أقول نواف : وهذا إسناد صحيح .
أما قول الألباني : ((ومع ما عرف به رضي الله عنه من رفقه بالناس وبره بهم ولينه معهم ؟ ))

أقول نواف : ليس في القصة ما يتناقض مع رفقه بالناس وبره بهم و لينه معهم ،لاحتمال أن يكون سبب إعراض عثمان عنه كثرة مشاغله ، أو أن البواب كان هو سبب عدم التفات عثمان له والنظر إليه فقد ورد في نفس الرواية ( ثم أتى باب عثمان بن عفان رضي الله عنه فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله عليه فأجلسه معه على الطنفسة وقال : حاجتك ؟ فذكر حاجته فقضاها له )



يقول الالباني : (( قال ابن عدي : كان شبيب لعله يغلط ويهم إذا حدث من حفظه وأرجو أنه لا يعتمد فإذا حدث عنه ابنه أحمد
بأحاديث يونس فكأنه يونس آخر . يعني يجود
) فهذا الكلام يفيد أن شبيبا هذا لا بأس بحديثه بشرطين اثنين : الأول أن يكون من رواية ابنه أحمد عنه والثاني أن يكون من رواية شبيب عن يونس والسبب في ذلك أنه كان عنده كتب يونس بن يزيد كما قال ابن أبي حاتم في ( الجرح والتعديل ) عن أبيه فهو إذا حدث من كتبه هذه أجاد وإذا حدث من حفظه وهم كما قال ابن عدي وعلى هذا فقول الحافظ في ترجمته من ( التقريب ) : ( لا بأس بحديثه من رواية ابنه أحمد عنه لا من رواية ابن وهب ) فيه نظر لأنه أوهم أنه لا بأس بحديثه من رواية أحمد عنه مطلقا وليس كذلك بل هذا مقيد بأن يكون من روايته هو عن يونس لما سبق ويؤيده أن الحافظ نفسه أشار لهذا القيد فإنه أورد شبيبا هذا في ( من طعن فيه من رجال البخاري ) من ( مقدمة فتح الباري ) ثم دفع الطعن عنه - بعد أن ذكر من وثقه وقول ابن عدي فيه - بقوله : ( قلت : أخرج البخاري من رواية ابنه عنه عن يونس أحاديث ولم يخرج من روايته عن غير يونس ولا من رواية ابن وهب عنه شيئا ) . فقد أشار رحمه الله بهذا الكلام إلى أن الطعن قائم في شبيب إذا كانت روايته عن غير يونس ولو من رواية ابنه أحمد عنه وهذا هو الصواب كما بينته آنفا وعليه يجب أن يحمل كلامه في ( التقريب ) توفيقا بين كلاميه ورفعا للتعارض بينهما ))

أقول نواف : قول الألباني : ((له نسخة عن يونس بن زيد مستقيمة حدث عنه ابن وهب بمناكير قال ابن المديني : كان يختلف في تجارة إلى مصر وكتابه صحيح قد كتبه عن ابنه أحمد . قال ابن عدي : كان شبيب لعله يغلط ويهم إذا حدث من حفظه وأرجو أنه لا يعتمد فإذا حدث عنه ابنه أحمد بأحاديث يونس فكأنه يونس آخر . يعني يجود )فهذا الكلام يفيد أن شبيبا هذا لا بأس بحديثه بشرطين اثنين : الأول أن يكون من رواية ابنه أحمد عنه والثاني أن يكون من رواية شبيب ))


أقول نواف : ليس في كلام ابن عدي الذي نقله الألباني ما يقيد صحة حديث شبيب بروايته عن يونس فقط .

بل كل ما هنالك أن ابن عدي يتعهد بصحة حديث شبيب عن يونس من رواية ابنه أحمد .

أما باقي حديث شبيب فيفهم من كلام ابن عدي أنه متوقف فيه - ليس له فيه رأي -أو أنه لم يمحصه أو يستقرئه لا أن حديثه عن غير يونس و عن غير ابنه أحمد أنه ضعيف



ثم يقول الألباني : (( وعلى هذا فقول الحافظ في ترجمته من ( التقريب ) : ( لا بأس بحديثه من رواية ابنه أحمد عنه لا من رواية ابن وهب ) فيه نظر لأنه أوهم أنه لا بأس بحديثه من رواية أحمد عنه مطلقا وليس كذلك بل هذا مقيد بأن يكون من روايته هو عن يونس لما سبق ويؤيده أن الحافظ نفسه أشار لهذا القيد فإنه أورد شبيبا هذا في ( من طعن فيه من رجال البخاري ) من ( مقدمة فتح الباري ) ثم دفع الطعن عنه - بعد أن ذكر من وثقه وقول ابن عدي فيه - بقوله : ( قلت : أخرج البخاري من رواية ابنه عنه عن يونس أحاديث ولم يخرج من روايته عن غير يونس ولا من رواية ابن وهب عنه شيئا ) . فقد أشار رحمه الله بهذا الكلام إلى أن الطعن قائم في شبيب إذا كانت روايته عن غير يونس ولو من رواية ابنه أحمد عنه وهذا هو الصواب ))

أقول نواف : الحافظ في الفتح لا يفهم من كلامه أنه يقيد صحة حديث شبيب فقط بروايته عن يونس . بل إن الوحيد الذي تكلم في شبيب هو ابن عدي و ضعف رواية ابن وهب عنه و صحح رواية إبنه أحمد عنه عن يونس .فيريد يقول الحافظ ابن حجر إن صنيع البخاري في صحيحه حتى على وفق ما تعهد به هذا المتكلم ( ابن عدي ) متماشي معه ، فلا وجه لانتقاد البخاري بإخراجه لشبيب طالما صنيعه متوافق مع ما صححه ابن عدي .

والذي يدل عليه قول الحافظ ابن حجر في التقريب : لا بأس بحديثه من رواية ابنه أحمد عنه لا من رواية ابن وهب


فهنا ابن حجر لم يقيد صحة حديث شبيب برواية يونس وهذا يعني أن فهمنا لكلامه صحيح

ومن الأدلة على أن ابن عدي لا يقصد تضعيف ما سوى ما رواه أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس

أنه عندما عقد مقارنة بين صحيح حديث شبيب وضعيفه قال : كان شبيب إذا روى عنه ابنه أحمد بن شبيب نسخة يونس عن الزهري إذ هي أحاديث مستقيمة ليس هو شبيب بن سعيد الذي يحدث عنه بن وهب بالمناكير الذي يرويها عنه

أقول نواف : فجعل في مقابلة صحة حديث أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس حديث عبد الله بن وهب عن شبيب فقط .

فهذا يعني أن التضعيف خاص برواية ابن وهب عنه لا بباقي حديثه

ولو كان يقصد أن غير حديث أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس ضعيف

لقال ليس هو شبيب بن سعيد الذي يحدث عن غير يونس ،والذي يحدث عنه غير ابنه أحمد .

أقول نواف : فقول ابن عدي :كان شبيب إذا روى عنه ابنه أحمد بن شبيب نسخة يونس عن الزهري إذ هي أحاديث مستقيمة ليس هو شبيب بن سعيد الذي يحدث عنه بن وهب بالمناكير الذي يرويها عنه

فحصر ابن عدي المقارنة بين شريحتين فقط من حديث شبيب بين فارق الصحة والضعف ، يدل دلالة قاطعة على أن ابن عدي لم يراجع حديث شبيب ككل ، بل ينحصر كلامه وحكمه في هذين الشريحتين


فالقول الذي أرجحه حول شبيب بن سعيد

هو أنه ثقة في كل شئا عدا في رواية ابن وهب عنه ، ويكون أوثق ما يكون في رواية ابنه أحمد عنه فهو كما قال فيه ابن حجر في التقريب : لا بأس بحديثه من رواية ابنه أحمد عنه لا من رواية ابن وهب


فإذا علمت ذلك : فقد ورد هذا الحديث من رواية ابنه أحمد عنه :فقد روى البيهقي في دلائل النبوة :

خبرنا أبو سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد رحمه الله أنبأنا الإمام أبو بكر محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي القفال قال أنبأنا أبو عروبة حدثنا العباس بن الفرج حدثنا إسماعيل بن شبيب حدثنا أبي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر المديني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ان رجلا كان يختلف الى عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجته وكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي عثمان بن حنيف فشكى إليه ذلك فقال له عثمان بن حنيف أئت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمدني أتوجه بك إلى ربي فتقضي لي حاجتي واذكر حاجتك ثم رح حتى أرفع فانطلق الرجل وصنع ذلك ثم أتى باب عثمان بن عفان رضي الله عنه فجاء البواب فأخذ بيده فأدخله على عثمان فأجلسه معه على الطنفسة فقال انظر ما كانت لك من حاجة ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتى ولا يلتفت إلي حتى كلمته فقال له عثمان بن حنيف ما كلمته ولكني سمعت رسول الله وجاءه ضرير فشكى إليه ذهاب بصره فقال له النبي أو تصبر فقال يا رسول الله ليس لي قائد وقد شق علي فقال أئت الميضأة فتوضأ وصل ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيجلي لي عن بصري اللهم شفعه في وشفعني في نفسي قال عثمان فو الله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل الرجل كأن لم يكن به ضرر وقد رواه أحمد بن شبيب عن سعيد عن أبيه أيضا بطوله
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان أنبأنا عبد الله بن جعفر بن درستويه حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد فذكره بطوله وهذه زيادة ألحقتها به في شهر رمضان سنة أربع وأربعين

أقول نواف : و إسناده يعقوب بن سفيان حسن ، فثبت بذلك الحديث من رواية أحمد بن شبيب عن أبيه

قلت: وإسماعيل هذا ليس له ذكر في كتب التراجم، ولا ذُكر ضمن الرواة عن شبيب ابن سعيد، ولم يذكر المترجمون لشبيب أن له ابناً اسمه إسماعيل.
وفي هذا السند محمد بن علي بن إسماعيل، الشاشي القفال، وهو من كبار الشافعية وأئمتهم، إلا أن من ترجمه لم يذكر فيه ما يدل على ضبطه، وجل عنايته كانت بالفقه، وهو مبرَّز فيه، فلعله وقع منه الوهم في هذا السند.
ثم تبين لي بعد ذلك أنه قد وهم فيها ولا ريب،
والسند الأول : الذي فيه إسماعيل بن شبيب قال فيه عمرو بن المنعم سليم - أحد شيوخ الوهابية - في كتابه هدم المنارة ص10 :
قلت: وإسماعيل هذا ليس له ذكر في كتب التراجم، ولا ذُكر ضمن الرواة عن شبيب ابن سعيد، ولم يذكر المترجمون لشبيب أن له ابناً اسمه إسماعيل.
وفي هذا السند محمد بن علي بن إسماعيل، الشاشي القفال، وهو من كبار الشافعية وأئمتهم، إلا أن من ترجمه لم يذكر فيه ما يدل على ضبطه، وجل عنايته كانت بالفقه، وهو مبرَّز فيه، فلعله وقع منه الوهم في هذا السند.
ثم تبين لي بعد ذلك أنه قد وهم فيها ولا ريب،


اقول نواف : فكلامه وجيه جدا وبذلك يكون الراوي في سند البيهقي - الأول - هو أحمد بن شبيب وليس إسماعيل .





روى المبرد في في كتابه التعازي والمرائي :حدثني الرياشي العباس بن الفرج قال: أخبرنا أحمد بن شبيب قال: أخبرنا أبي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطي المدني عن أبي أمامة بن سهل ابن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان رحمة الله عليه في حاجة له، وكان عثمان لا ينظر إليه ولا يلتفت إلى حاجته. فلقي عثمان بن حنيف فشكا ذلك إليه، فقال له عثمان بن حنيف: إيت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك بنبيي محمد، نبي الرحمة، يا محمد، إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي لي حاجتي وتذكر حاجتك، ثم رح حيث تروح.
فانطلق الرجل فصنع ذلك. ثم أتى باب عثمان بن عفان، رحمة الله عليه فأخذ البواب بيده، فأدخله على عثمان بن عفان رضي الله عنه فأجلسه معه على الطنفسة، فقال له: حاجتك ؟ فذكر له حاجته فقضاها، ثم قال: ما فهمت حاجتك حتى كانت الساعة. وقال: انظر ما كانت لك من حاجة.
ثم إن الرجل خرج فلقي عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله خيراً. ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلمته، فقال عثمان بن حنيف: ما كلمته، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء ضرير فشكا إليه ذهاب البصر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو تصبر ؟ فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد، وقد شق علي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إيت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين، ثم قل: اللهم، إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم. يا محمد، إني أتوجه بك إلى ربي ليرد لي بصري. اللهم شفعه في، وشفعني في نفسي. قال عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث حتى دخل الرجل كأنه لم يكن به ضرر.

أقول نواف : وهذا إسناد صحيح ومتابعة أخرى ليعقوب بن سفيان في أحمد بن شبيب

و أكثر ما يمكن الطعن فيه في هذا السند هو المبرد و هو إمام في اللغة ، فقد ورد في


تاريخ بغداد ( 3/380 ) :حدثني أبو عبد الله المفجع قال كان المبرد لعظم حفظه اللغة واتساعه فيها يتهم بالكذب فتواضعنا على مسألة لا أصل لها نساله عنها لننظر كيف يجيب وكنا قبل ذلك قد تمارينا في عروض بيت الشاعر ... أبا منذر افنيت فاستبق بعضنا ... ... فقال بعضنا هو من البحر الفلانى وقال آخرون هو من البحر الفلانى فقطعناه وتردد على أفواهنا من تقطيعه ألق بعض فقلت له انبئنا ايدك الله ما القبعض عند العرب فقال المبرد القطن يصدق ذلك قول اعرابي ... كأن سنامها حشى القبعضا ... ... قال فقلت لاصحابى هو ذا ترون الجواب والشاهد ان كان صحيحا فهو عجيب وان كان اختلق الجواب وعمل الشاهد في الحال فهو اعجب

أقول نواف : لن يأخذ السنة و لا الوهابية بهذا الجرح ولا ينبغي لهم أن يأخذوا به لعدة أمور مجتمعة :

1- سعة الحفظ ليست دليل على الكذب
2- المفجع هذا مجهول الحال عند السنة
3- عندما ترجموا له ترجموا له على أساس أنه شيعي محترق

قال الذهبي في تاريخ الإسلام (5/4270) : المفجع.
هو محمد بن عبد الله البصري النحوي.
من كبار النحاة. يكنى أبا عبد الله، وهو مشهور بلقبه.
أخذ عنه: ثعلب، وغيره.
وكان شاعراً مفلقاً وشيعياً متحرقاً، وبينه وبين ابن دريد مهاج صنف كتاب " الترجمان " ، وكتاب " عرائس المجالس " ، وكتاب " المتقدمين في الأيمان " ، وغير ذلك.
ذكره القفطي في تاريخه.

4- قال النجاشي - قدس الله سره - في رجاله ص289 : وكان صحيح المذهب حسن الإعتقاد


فهذا يعني أنه إمامي في عقيدته ومحسوب عليهم ، وبالتالي بعد هذا كله هذا المفجع عند السنة لا يقبل منه قول لا في جرح ولا في تعديل

5- قال ابن حجر عن النخع البصري - وهو المفجع هذا - في لسان الميزان (5/431) :

والنخع لا يعتد بجرحه