** توفيق الباري في الرد على خليفة الكواري ** [ حول رواية أنا مدينة العلم وعلي بابها ]

28 أبريل 2010
163
0
0
بسمه تعالى ،،،



الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهيده ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فرد صمد أحد ما اتخذ صاحبة ولا ولد ، وأشهد أن محمد بن عبد الله ، نبيك وصفيك ونجيك وخيرتك من خلقك أصطفيته لرسالتك وائتمنته على وحيك ، و أشهد أن عليا وليك و وزير نبيك و وصي رسولك ، و أشهد أن الأئمة المعصومين من ولده حججك على خلقك ، لا يفارقون كتابك ولا يفارقهم ، أما بعد ..



أطلعنا أحد الأخوة المؤمنين الأخ ( طالب ثانوية ) -عفا الله عنه-


على كتاب بعنوان ( تخريج حديث أنا مدينة العلم و علي بابها ) للكاتب خليفة الكواري


وفيه حاول المذكور أن يرد جميع الطرق التي جمعها على مباني أهل السنة و الجماعة في القواعد الحديثية ، و إن شاء الباري عز وجل سنرد عليه في هذا البحث حيث فصلته إلى ثلاث فصول :


فصل : بيان من قال بضعف الحديث و الرد عليه


فصل : بيان من صحح الحديث


فصل : بيان العلة التي من أجلها ضعف الكاتب الحديث و الرد عليه


.
.



( وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ )

بسمه تعالى ،،،


فصل : بيان من قال بضعف الحديث و الرد عليه




قال خليفة الكواري في ص3و4 :
( وأَمّا مَن ضَعفه أو حكم عليه بالوضع . فالإمام البخاري ، فإنَّه أنكره ، وقال: ليس له وجه صحيح .

وقال الترمذي: حديثٌ غريبٌ منكرٌ .

وقال ابن حبان: هذا شيء لا أصل له من حديث ابن عباس ، ولا مجاهد ، ولا الأعمش ، ولا أبو معاوية حدّث به ، وكل من حدّث بهذا المتن ، فإنما سرقه من أبي الصلت هذا ، وإن أقلب إسناده .

وقال أيضاً: وهذا خبر لا أصل له عن النبي عليه الصلاة والسلام .

وقال العقيلي: ولا يصح في هذا المتن حديث .

وقال الدارقطني: الحديث مضطرب غير ثابت .

وحكم عليه بالوضع كل من : ابن الجوزي ، والذهبي ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، والعلامة عبد الرحمن المعلمي ، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني )



أقول : كل من حكم بضعف الحديث و وضعه لم يأتي بعلة واحدة قادحة فيه .
.
.


1- البخاري و العقيلي ، قالا ( ليس له وجه صحيح ، ولا يصح في هذا المتن حديث )


أقول : وهذا خلاف الواقع و المتحصل و لعل البخاري و العقيلي لم ينالا الطريق الصحيح الموجود في المستدرك للحاكم و غيره ، فلذلك حكما بهذا الحكم و سنورد ما يبين هذا في الفصل الثالث . مع العلم أن العقيلي أورد طريقا في الضعفاء وفيه من أتهموه .


2- الترمذي ، قال ( غريب منكر )
.
.

أقول : قول الترمذي هذا لا يفرح به ، بعد وقوع العلم أن الرجل قد يطلق مثل هذا القول على الأحاديث الجياد .. مثل ما رواه في سننه :

( حدثنا عباس الدوري حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا سعيد بن أبي أيوب عن أبي مرحوم عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أعطى لله ومنع لله وأحب لله وأبغض لله وأنكح لله فقد استكمل إيمانه . قال أبو عيسى هذا حديث منكر )


وهذا حسنه الألباني في ج6-ص21 من صحيح وضعيف سنن الترمذي ، و مثل إسناده رواه أحمد و حسنه الأرنؤوط ج3 - ص487 ، و مثله في المستدرك ج2-ص178 وصححه الحاكم على شرط البخاري ومسلم و مثله الذهبي .

فلا حجة في قول الترمذي أنه منكر ، مع العلم ان لفظ النكارة عند الترمذي هو تفرد من اشتد ضعفه و هذا غلط منه لأنه لم يطلع على طريق أبو معاوية عن الاعمش عن مجاهد كما رواه الحاكم وغيره و رجاله ثقات كما أقر بذلك الكواري بنفسه ( كما بين في خاتمة بحثه ) حينما حصر علته بتدليس الأعمش وتفرد أبو معاوية عنه -سيأتي الحديث عن هذا في الفصل الأخير- و بهذا يكون قول الترمذي أيضا مردود .



3- ابن حبان ، قال ( هذا شيء لا أصل له من حديث ابن عباس ، ولا مجاهد ، ولا الأعمش ، ولا أبو معاوية حدّث به ، وكل من حدّث بهذا المتن ، فإنما سرقه من أبي الصلت هذا ، وإن أقلب إسناده وقال أيضاً: وهذا خبر لا أصل له عن النبي عليه الصلاة والسلام )


أقول : هذا غريب ! فقد روى الخبر عن أبو معاوية ، محمد بن جعفر الفيدي وهو ثقة وثقه ابن معين و وثقه ابن حبان نفسه ! رواه الحاكم وغيره -وسيأتي التفصيل في هذا في الفصل الأخير-

كما أن الكوراي نفسه أقر بأن أبو معاوية حدث بهذا الخبر ثم رجع عنه -وسيأتي تفنيد رجوعه في الفصل الأخير- و مثل هذا الإقرار ، يبين قلة إطلاع ابن حبان على الأخبار حيث جعل الحديث لا أصل له و للحديث أصل رجاله ثقات جميعا وثقهم ابن حبان بنفسه !



4- الدارقطني ، قال ( الحديث مضطرب غير ثابت )
.
.

أقول : لا أعلم ما وجه الإضطراب في الحديث و على كل حال سنأتي لذكر الرواية و ذكر شواهدها مما نبين فيه وهن قول الدارقطني هذا ، و ثبوتها سيأتي إن شاء الباري عز وجل


5- من حكم على الحديث بالوضع ( الذهبي-ابن تيمية-الألباني-المعلمي-ابن الجوزي )
.
.

أما الذهبي : لم أرى له علة رميه للحديث بالوضع غير ما أورده في تذكرة الحفاظ ج4-ص1321 بأبو الصلت الهروي ، و علة أخرى في طريق الحاكم بأحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني قال كذاب دجال

ولم أر تعليق الذهبي على هذا الطريق الذي أورده الحاكم خاليا من الهروي و الحراني


( ثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم القنطري ثنا الحسين بن فهم ثنا محمد بن يحيى بن الضريس ثنا محمد بن جعفر الفيدي ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب )



وقد يقال أن القنطري لم يرد في حقه توثيق ، نقول أن تصحيح الحاكم لأسانيد و روايات القنطري دلالة على حسن حديثه -كما في الوثيقة التالية- ** سألت أخي و شيخي ( محامي أهل البيت ) حفظه الله عن ما يمكن الإستدلال به في تصحيح الحاكم للأسانيد في المستدرك فأطلعني على هذه الوثيقة للذهبي **

alkafi-2323cd227a.jpg


فضلا عن موافقة الذهبي له في مواضع عدة مثل ج1-ص169 و ص431 و ج2-ص95 و غيرها ، ليرتفع درجة حديثه إلى الصحة لتوثيق الذهبي إياه في التصحيح


و قد يقال أن الحسين بن فهم قال عنه الدارقطني ( ليس بالقوي ) كما في علله ،

نقول : أن هذا اللفظ من الجرح لا يعد مفسدا لروايات الرجل خصوصا مع قول الحاكم في مستدركه ( أن الحسين بن فهم بن عبد الرحمن ثقة مأمون حافظ ) ج3-ص137



وقد يقال هنا أن الحاكم متساهل ،

نقول : تساهل الحاكم بالتوثيق لا يعرف به بل قال المعلمي في التنكيل ج2-ص325 :
( والحاكم إمام مقبول القول في الجرح والتعديل ما لم يخالفه من يرجح عليه )


و إن قيل في الفيدي كلام و في عنعنة الاعمش نظر فتفصيل ذلك في الفصل الأخير إن شاء الله الباري عز وجل



أما ابن تيمية الحراني : لم أنل على سبب رميه الحديث بالوضع وكل ما وجدته هو قوله في مجموع فتاويه ج4-ص145 :
( هذا حديث ضعيف بل موضوع عند أهل المعرفة بالحديث لكن قد رواه الترمذي وغيره ومع هذا فهو كذب )
.
.

و مع هذا فمثل ابن تيمية الحراني لا يأخذ منه صحيح أو ضعيف في حق فضائل أمير المؤمنين على ما هو المشهور عليه من تضعيفها دون وجه حق بل ضعف المتسالم عليه بين المسلمين من فضائله عليه السلام كما بين غير واحد مثل ابن حجر و الألباني

وكل ما اورده ابن تيمية حول الحديث هو مناقشة في المتن حيث قال في منهاجه ج7-ص515 :

( و حديث: أنا مدينة العلم و علي بابها ، أضعف ، وأوهى ، ولهذا إنما يعد في الموضوعات ، و إن رواه الترمذي ، وذكره ابن الجوزي ، و بين أن سائر طرقه موضوعة ، و الكذب يعرف من نفس متنه ، فإن النبي إذا كان مدينة العلم ولم يكن لها إلا باب واحد ، ولم يبلغ عنه العلم إلا واحد ، فسد أمر الإسلام ، و لهذا اتفق المسلمون على أنه لا يجوز أن يكون المبلغ عنه العلم واحداً ، بل يجب أن يكون المبلغون أهل التواتر ؛ الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب )


أقول : ومن العجائب أن الكواري ختم بحثه بنقل هذا القول الركيك عن ابن تيمية ! و في الرد عليه نقول ما قال احد أن أمير المؤمنين سلام الله عليه هو وحده العالم بسنة النبي الأكرم و علمه دون غيره من الأئمة الأطهار أو دون سائر الصحابة الصالحين الاخيار ، بل غاية ما في هذا الحديث الشريف هو بيان علم أمير المؤمنين و بيان أنه أعلم الخلائق أجمعين بعلم و سنة المصطفى المختار ! فبهذا القول فقط رمى ابن تيمية الحديث بالوضع نسأل الله السلامة من هذا التعصب الذي يشم منه رائحة النصب !


ثم قال ابن تيمية في ج1-ص328 من مجموع فتاويه :

( لم يقل أحد من علماء المسلمين المعتبرين : إن عليا أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر بل ولا من أبي بكر وحده )


أقول : بل قالها ورب الكعبة من هو فوق علماء المسلمين أجمعين ، قالها ريحانة المصطفى المجتبى سيد شباب أهل الجنة الإمام الهمام الحسن بن علي بن ابي طالب صلوات الله عليه وعلى أبيه

روى أحمد في مسنده ج1 - ص233

( حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن حبشي قال خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي رضي الله عنهما فقال : لقد فارقكم رجل بالأمس ما سبقه الأولون بعلم ولا أدركه الآخرون ان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبعثه ويعطيه الراية فلا ينصرف حتى يفتح له وما ترك من صفراء ولا بيضاء الا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم لأهل )

قال شعيب الأرنؤوط : حسن


أضاف شيعي سني:
قال أحمد شاكر إسناده صحيح 3/168.
ولكن ابن تيمية ناصبي لا يعتبر الإمام الحسن عليه السلام من علماء المسلمين كما نعلم.

بارك الله فيكم مولانا

واكمل ناصر الحسين..

أقول : و هذا يدعم بل شاهد على صحة متن رواية ( أنا مدينة العلم وعلي بابها )



أما المعلمي : فقد وضع للرواية ثلاث علل سنبينها في الفصل الأخير


أما الألباني : فلم أنل سبب رميه للحديث بالوضع وغاية ما وجدته قوله ( موضوع ) وفي موضع آخر ( ضعيف )



أما ابن الجوزي : فقد أورد طرق عديدة في كتاب الموضوعات ج1-ص235-245 فيها ما يمكن الإستفادة منها ولو كانت ضعيفة كشواهد تقوي الأصل . و وقع ابن الجوزي كما وقع غيره من علماء القوم في خلط شديد حينما أتهموا أبو الصلت الهروي في وضع الحديث على أبو معاوية

و الواقع خلاف ذلك كما سنفصل في هذا أكثر في الفصل الأخير ونبين رأي الخطيب البغدادي ورأي يحيى بن معين ، بل ورأي الكواري نفسه !



-------