ابن حزم: القرآن نزل بالمسح (في الوضوء) ومع ذلك فهم يغسلون!!!

قاسم

New Member
18 أبريل 2010
245
0
0
قال ابن حزم (200) مسألة: وأما قولنا في الرجلين فإن القرآن نزل بالمسح، قال الله تعالى {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} وسواء قرئ بخفض اللام أو بفتحها هي على كل حال عطف على الرؤوس: إما على اللفظ وإما على الموضع، لا يجوز غير ذلك، لأنه لا يجوز أن يحال بين المعطوف والمعطوف عليه بقضية مبتدأة.

وهكذا جاء عن ابن عباس: نزل القرآن بالمسح، يعني في الرجلين في الوضوء.

وقد قال بالمسح على الرجلين جماعة من السلف، منهم: علي بن أبى طالب، وابن عباس، والحسن، وعكرمة، والشعبي، وجماعة غيرهم، وهو قول الطبري، ورويت في ذلك آثار، منها:


أثر من طريق همام عن اسحاق بن عبدالله بن أبى طلحة ثنا علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه - هو رفاعة بن رافع - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (انها لا يجوز صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل ثم يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين).

وعن اسحاق بن راهويه ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن عبد خير عن علي: (كنت أرى باطن القدمين أحق بالمسح حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهرهما).

قال علي بن أحمد: وإنما قلنا بالغسل فيهما لما حدثنا عبدالرحمن بن عبدالله ثنا ابراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا مسدد ثنا أبو عوانة، عن أبى بشر عن يوسف بن ماهك عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: (تخلف النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فادركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته ويل للاعقاب (1) من النار، مرتين أو ثلاثا).

كتب إلى سالم بن أحمد قال ثنا عبدالله بن سعيد الشنتجالى ثنا عمر بن محمد السجستاني ثنا محمد بن عيسى الجلودى ثنا ابراهيم بن محمد بن سفيان ثنا مسلم ابن الحجاج ثنا إسحاق بن راهويه ثنا جرير - هو ابن عبدالحميد - عن منصور - هو ابن المعتمر - عن هلال بن أساف عن أبى يحيى - هو مصدع الاعرج - عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجل قوم عند العصر، فتوضؤا وهم عجال، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء).

فأمر عليه السلام بإسباغ الوضوء في الرجلين، وتوعد بالنار على ترك الأعقاب، فكان هذا الخبر زائدا على ما في الآية، وعلى الأخبار التي ذكرنا، وناسخا لما فيها، ولما في الآية والأخذ بالزائد واجب...

المحلى ج 2 ص 56



فلينظر العاقل في ما فعله أهل السنة بتركهم كتاب الله تعالى، وعمل أهل بيته وعلى رأسهم أمير المؤمنين عليه السلام، وهو باب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله، ومن لازمه منذ أول يوم بعث فيه، إلى آخر لحظة حين واراه صلى الله عليه وآله في ملحودته...

فعندما يتعارض حديث مع كتاب الله تعالى، يتعين تقديم كتاب الله تعالى على ذلك الحديث، لأن الكتاب متواتر، والحديث آحاد، يحتمل فيه الخطأ...

روى الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه.

وعن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف.

وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أيوب بن راشد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف.

وعن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم وغيره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خطب النبي صلى الله عليه وآله بمنى فقال: أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله.
الكافي ج 1 ص 69

هذا هو الأصل، ووجود اختلاف بين كتاب الله تعالى والأحاديث الواردة من طرق أهل البيت عليهم السلام من جهة.... وبين الأحاديث الواردة من طرق أعداء أهل البيت عليهم السلام من جهة أخرى: يقتضي ضرورة الأخذ بما وافق كتاب الله تعالى...

وهذا يثبت أن هناك خلل في مباني أهل السنة لمعرفة الحديث الصحيح من غيره...


عبد الله بن عمرو بن العاص، حامل راية معاوية في صفين:
الروايات التي اعتمد عليها ابن حزم جاءت من طريق عبدالله بن عمرو بن العاص، وهو صحابي، ولكنه كان حامل راية معاوية يوم صفين، خرج يحارب أمير المؤمنين عليه السلام وقد سمع حديث "عمار تقتله الفئة الباغية" !!!

قال الذهبي: وفي "مسند أحمد": حدثنا يزيد، أنبأنا العوام، حدثني أسود بن مسعود، عن حنظلة بن خويلد العنبري، قال: بينما أنا عند معاوية، إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار رضي الله عنه، فقال كل واحد منهما: أنا قتلته.
فقال عبدالله بن عمرو: ليطب به أحدكما نفسا لصاحبه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تقتله الفئة الباغية".
فقال معاوية: يا عمرو! ألا تغني عنا مجنونك، فما بالك معنا ؟
قال: إن أبي شكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أطلع أباك ما دام حيا" فأنا معكم، ولست أقاتل.


وروى نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، قال: قال عبدالله بن عمرو رضي الله عنه: مالي ولصفين، مالي ولقتال المسلمين، لوددت أني مت قبلها بعشرين سنة -أو قال بعشر سنين- أما والله على ذلك ما ضربت بسيف، ولا رميت بسهم.
وذكر أنه كانت الراية بيده.
سير أعلام النبلاء ج 3 ص 92


...........................................
هامش:
(1) قال السيد المرتضى رحمه الله: وقلنا: إن قوله (عليه السلام) : ويل للأعقاب من النار مجمل لا يدل على وجوب غسل الأعقاب في الطهارة الصغرى دون الكبرى، ويحتمل أنه وعيد على ترك غسل الأعقاب في الجنابة، وقد روى قوم أن أجلاف الأعراب كانوا يبولون وهم قيام فيترشش البول على أعقابهم وأرجلهم فلا يغسلونها ويدخلون المسجد للصلاة، فكان ذلك سببا لهذا الوعيد.
الانتصار ص 112