الإمام الحسين عليه السلام سيرة وموقف

التلميذ

New Member
18 أبريل 2010
217
0
0
الإمام الحسين عليه السلام سيرة وموقف

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الولادة المباركة :

في الثالث من شهر شعبان من السنة الثالثة للهجرة ولد أبو الأحرار وسيد الشهداء الإمام أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، فاستبشر به النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فحنّكه بريقه وأذن في أذنه وسمّاه حسيناً وأمر بحلق رأسه والتصدق بوزنه فضّة، وعق عنه صلوات الله وسلامه عليه كبشاً.

الحسين في القرآن :

والإمام الحسين عليه السلام هو أحد أفراد أهل البيت الذين أشاد القرآن الكريم بطهارتهم ومكانتهم وقربهم من الله عزّ وجل وسعيهم المبارك والحثيث لنيل رضوانه والتقرب إليه، فقد أنزل الله عز وجل في ذلك العديد من الآيات القرآنية منها قوله تعالى: { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهركم تطهير } (1) فقد استفاضت الروايات من طرق الفريقين شيعة وسنّة في تخصيص النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لها بعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام دون غيرهم، ففي كتاب المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري يروي بسنده عطاء بن يسار عن أم سلمة رضي الله عنها أنّه قالت: ( في بيتي نزلت هذه الآية: {إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت } قالت: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم أجمعين، فقال: ( اللهم هؤلاء أهل بيتي ) ، قالت أم سلمة: يا رسول الله، أنا من أهل البيت، قال: إنّك إلى خير، ( وهؤلاء أهل بيتي ، اللهم أهلي أحق ( قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين وأقرّه الذهبي في تلخيصه (2) وفيه أيضاً روى الحاكم بسنده عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: ( أتيت عليا فلم أجده فقالت لي فاطمة انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه فجاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلا ودخلت معهما فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين فأقعد كل واحد منهما على فخذيه وأدنى فاطمة من حجره وزوجها ثم لف عليهم ثوبا وقال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ثم قال هؤلاء أهل بيتي اللهم أهل بيتي أحق ) قال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) قال الذّهبي في التلخيص (على شرط مسلم) ((3) والآية الكريمة دليل على عصمتهم من كل معصية وذنب وطهارتهم من كل دنس ورجس.

ومنها قوله تعالى : { فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين } (4) .

فقد أجمع المفسرون (5) أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لمّا أن أراد الذهاب لمباهلة نصارى نجران بعد أن أنزل الله عز وجل عليه الآية غدا محتضناً الحسين وآخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي عليه السلام خلفهما ولم يصطحب للمباهلة معه غير هؤلاء، وطلب منهم أن يؤمنوا على دعائه، فكان علي عليه السلام مصداق قوله تعالى: ( وأنفسنا ) وفاطمة عليها السلام ( ونساءنا ) و الحسنين عليهما السلام ( وأبناءنا ) واختيار النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهؤلاء في هذه المناسبة وطلبه منهم أن يؤمنوا على دعائه ينبئ عن عظيم منزلتهم ومكانتهم وشأنهم عند الله عز وجل وتميزهم عن غيرهم من جميع من كان معه من المسلمين من أصحابه(6) .

ومنها قوله تعالى: { قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودة في القربى } (7) والمقصود بالقربى في هذه الآية هم علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، وفيها يفرض الله سبحانه وتعالى مودتهم ومحبتهم على كل مسلم، فقد روي عن عبد الله بن عباس رضوان الله تعالى عليه أنه قال: لما أنزل الله عزّ وجل: قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودة في القربى، قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الذين نودهم؟ قال: علي وفاطمة وأبناؤهما (8) وفي حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني روى بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضوان الله تعالى عليه أنه قال: ( جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا محمد أعرض عليّ الإسلام، فقال : تشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمداً عبده ورسوله . قال: تسألني عليه أجراً؟ قال: لا، إلاّ المودة في القربى، قال: قرباي أو قرباك؟ قال: قرباي، قال: هات أبايعك فعلى من لا يحبك ولا يحب قرباك لعنة الله، قال صلى الله عليه وآله وسلّم: آمين ) (9) .

ومنها قوله تعالى : { إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عيناً يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شرّه مستطيرا ويطعمون الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيرا إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءاً ولا شكورا إنّا نخاف من ربّنا يوماً عبوساً قمطريرا فواقهم الله شرّ ذلك اليوم ولقاهم نظرة وسرورا وجزاهم بما صبروا جنّة وحريرا ... } (10) .

فقد روي في سبب نزول هذه الآيات الكريمة أن الحسن والحسين عليهما السلام مرضا، فعادهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جماعة من المسلمين، فقال بعضهم للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك ، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن برآ مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام ، فشفيا ، فبادروا إلى الوفاء بالنذر فصاموا اليوم الأول وما معهم شيء ليفطروا به، فاستقرض علي عليه السلام ثلاثة أصواع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلاّ الماء القراح وأصبحوا صياماً فلما أمسوا وضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه وباتوا كليلتهم السابقة لم يذوقوا إلا الماء وفي اليوم الثالث آثروا طعامهم لأسير وقف على بابهم يسألهم الطعام ففعلوا معه مثل ما فعلوا مع المسكين واليتيم، فلما أصبحوا أخذ الإمام علي عليه السلام بيد الحسن والحسين عليهما السلام وأقبل بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع قال: ما يسوؤني ما أرى بكم ، وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها من الجوع فساءه ذلك، فنزل عليه جبريل عليه السلام وقال: خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك فاقرأه الآيات (11) .

يقول السيد عبد الحسين شرف الدّين: (( ... وأنت تعلم أن لفظ الأبرار في الآية جمع برّ أو با ، محلّى باللام كما ترى، فظهوره في الشمول والاستغراق مما لا ريب فيه، وإنما أطلق على علي وفاطمة والحسن والحسين تبياناً لكونهم أكمل الأبرار، وأذاناً بأنهم أفضل الأخيار، وبرهاناً على أنهم صفوة الصفوة، وحجة على أنهم خيرة الخيرة، فما عسى أن يقول القائلون في عظيم برّهم، أو يصف الواصفون سمو قدرهم ، وأي مدحة توازن مدحة الفرقان، وأي ثناء يكايل ثناء الذكر الحكيم...)) (12) .

الحسين في أحاديث الرسول (ص) :

وقد أثر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في حق الحسين عليه السلام الكثير من الأقوال منها قوله صلى الله عليه وآله وسلّم: (حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً) (13) فهو صلوات الله وسلامه عليه لا يريد من قوله هذا بيان صلة القرابة بينه وبين الإمام الحسين عليه السلام لأن ذلك معلوماً للأمة بل يريد منه صلوات الله وسلامه عليه بيان الصلة من جهة المقام المعنوي للحسين عليه السلام في الأمة المتمثل بدور الإمامة ووظائفها من الهداية والإرشاد لأفرادها ... وقال فيه وفي أخيه الإمام الحسن عليهما السلام: (الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا) (14) . وروى الخوارزمي بإسناده عن سلمان الفارسي رضوان الله تعالى عليه أنه قال: ( دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وإذا الحسين على فخذه وهو يقبل عينيه، ويلثم فاه ويقول: إنك سيد ابن سيد أبو سادة. انك إمام ابن إمام أبو أئمة. إنك حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم ) (15) وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) (16) وعن أسامة بن زيد بن حارثة قال: ( طرقت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ليلة لبعض الحاجة، فخرج وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو، فلمّا فرغت من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشفه فإذا الحسن والحسين على وركيه، فقال: هذان ابناي وابنا ابنتي، اللهم إنّك تعلم أني أحبّهما فأحبّهما، اللهم إنّك تعلم أنّي أحبهما فأحبّهما ) (17) .

وقد أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن مصير الحسين المؤلم وأنه سيقتل بأرض كربلاء من العراق على أيد عصابة من هذه الأمة، فقد روى الحاكم النيسابوري في كتابه المستدرك على الصحيحين بإسناده عن أم الفضل بنت الحرث زوجة العباس بن عبد المطلب: ( أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله إني رأيت حلماً منكراً الليلة، قال: وما هو؟ قالت: إنه شديدٌ، قال: وما هو؟ قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: رأيت خيراً، تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً فيكون في حجرك، فولدت الحسين فكان في حجري كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فدخلت يوماً على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوضعته في حجره. ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تهريقان من الدموع، قالت: فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي مالك؟ قال: أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا ، فقلت : هذا ؟ فقال : نعم وأتاني بتربة من تربته حمراء ) (18) .

موقف الإمام الحسين من إمرة يزيد عليه اللعنة :


ولقد كان البيت الأموي الجبهة المناوئة للإسلام منذ بزوغ الدعوة المحمدية، وقد حالت هذه الجبهة وبقيادة زعيم هذا البيت أبو سفيان وبكل السبل والوسائل المتاحة لها الحد والمنع من انتشار هذه الدعوة والقضاء عليها فخاضت مع المسلمين بقيادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حروباً عديدة كان النصر المؤزر فيها للإسلام ، ولما أن منّ الله على نبيّه وعلى من معه من المسلمين بفتح مكة دخل العديد من أقطاب هذا البيت إلىالإسلام نفاقاً وأخذوا يكيدون له من داخله وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم مهد إقصاء البيت العلوي عن منصب قيادة المسلمين إلى وصول معاوية بن أبي سفيان إلى الولاية على إحدى أهم المناطق الإسلامية وهي الشام كما مهد له ذلك الطمع في تولي أمرة المسلمين فبعد مقتل عثمان بن عفان جيش معاوية الجيوش لمحاربة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام للسيطرة عن منصب الخلافة لأن ذلك يسهل عليه القضاء على الدين وتحريفه بشكل أكبر وأوسع، فخاض معه حرباً طاحنة انتهت إلى التحكيم وخروج معاوية منتصرا من ذلك الصراع بوصوله إلى سدة الخلافة، وبعد الشهادة المفاجئة التي رزقها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام جاء دور الإمام الحسن عليه السلام فشكلت الكثير من الأمور عوائق للإمام عليه السلام منعته من إقصاء معاوية عن سدة الحكم أو القضاء عليه وإذلاله، حيث استطاع معاوية أن يخدع الكثيرين من أبناء الأمة المسلمة بسماته الكاذبة ودعاواه الباطلة وتستره بالإسلام فاستقطبهم إلى جبهته والتعاطف معه فاصبح شخصية مقبولة لديهم فضلاً عن أن يكونوا معارضين له ولحكمه، ونال الكثير ممن يمكن للإمام الحسن عليه السلام أن يعتمد عليهم في مقارعة معاوية الخذلان والميل إلى الدعة والراحة فكانت نتيجة ذلك أن معاوية استطاع أن يفرض على الإمام الحسن الصلح كخيار وحيد الأمر الذي أبقى معاوية في سدة الخلافة وبعد استشهاد الإمام الحسن عليه السلام بالسم الذي جرعته زوجته جعدة بن الأشعث بإيعاز من معاوية وخداعه لها لم يقم الإمام الحسين عليه السلام في وجه معاوية لأسباب عديدة أهمها ما ذكرناه من كون شخصية معاوية شخصية مقبولة عند أغلب الناس ممن خدعهم وموه عليهم لتستره بالإسلام فكان في ظاهره شخصية مصلية تؤم الناس في الصلاة وتعمل بكتاب الله وسنة رسوله ... الخ ، الأمر الذي جعله عليه السلام يحتاج لمزيد من الوقت لكشف حقيقة هذه الشخصية المنافقة للناس وبدون ذلك لا يمكن لنهوضه أن ينجح وستكون النتيجة حينها كما كانت مع الإمام علي عليه السلام وأخيه الإمام الحسن عليه السلام، وعاجل الأجل معاوية بعد أن مهد لابنه الكافر يزيد بن معاوية الوصول إلى منصب الخلافة، وبما أن شخصية يزيد تختلف عن شخصية معاوية حيث كانت معلومة ومعروفة وغير خافية على رجالات الأمة وأهل حلها وعقدها، من كونه شخصا فاسقا شاربا للخمر قاتلا للنفس غير ملتزم بالدين ولا بالأعراف (19) ، وبوجود مثل هذه الشخصية في مثل هذا المنصب الخطير منصب خلافة الأمة ورعاية أمورها وشؤونها ستكون الرسالة المحمدية معرضة للضياع والتحريف بشكل تام وكامل فما كان من الإمام الحسين عليه السلام إلاّ أن يعلن الثورة على يزيد والنظام الأموي حفاظاً على الإسلام فامتنع عن مبايعة يزيد وأعلن الثورة عليه ، وقد صرحّ عليه السلام في أكثر من موقف ومناسبة عن الهدف من ثورته والأسباب التي دعته للخروج ، فقال في وصيته لأخيه محمد بن الحنفية عند خروجه من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة:

( ... إني لم أخرج أشراً ولا بطراَ ولا مفسداً ولا ظالما ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد صلى الله عليه وآله ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي محمد صلى الله عليه وآله وأبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين ) (20) .

وقال في خطاب له أمام أصحاب الحر الرّياحي الذين التقى بهم وهو طريقه إلى الكوفة: (... إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله، ألا وإن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله وحرّموا حلاله، وأنا أحق من غيرّ ... ) (21) .

إضافة إلى ذلك فإن الإمام الحسين عليه السلام لو وضع يده بيد يزيد وبايعه لأعطى الشرعية لهذا النظام ولأصبح شريكاً من الناحية الشرعية والتاريخية في كل جرم يقترفه هذا النظام في حق الإسلام والمسلمين كما أنه عليه السلام كان ملزماً أيضاً بتلبية دعوة أهل الكوفة له للثورة والخروج حيث بذلك قامت عليه الحجة على الأقل في نظر هؤلاء الذين راسلوه وأعلنوا له استعدادهم التام للوقوف إلى صفه ودعم ثورته فخرج عليه السلام مجاهداً في سبيل الله عز وجل إلى أن سقط بأبي هو وأمي صريعاً على بوغاء كربلا مع ثلة من خيار أهل بيته وأصحابه على أيدي تلك الفئة الباغية من جيش الباغي ابن الباغي، وأعطت ثورته المباركة ثماراً كبيرة أهمها وأعظهما أنها أيقضت الأمة من سباتها ونبهتها إلى حقيقة الأمويين وتسترهم بالإسلام كيداً له وبغياً عليه، فالسلام على الحسين يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّا.

________________________________

(1) الأحزاب: 33 .

(2) المستدرك على الصحيحين ج 2 ص 416 .

(3) المستدرك على الصحيحن ج 3 ص 159 .

(4) آل عمران الآية 61 .

(5) راجع مثلاً تفسير البيضاوي ج 2 ص 47 ، تفسير القرطبي ج 4 ص 104 ، تفسير الطبري ج 3 ص 297 ، الدّر المنثور ج 2 ص 229 ، تفسير أبو السعود ج 2 ص 46 ، تفسير الواحدي ج 1 ص 214 ، تفسير البغوي ج 1 ص 310 ، فتح القدير ج 1 ص 347 ، زاد المسير ج 1 ص 398 ، تفسير الجلالين ج 1 ص 75 ، تفسير النسفي ج 1 ص 157 ، روح المعاني ج 3 ص 188 .

(6) أخرج الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحن ج 3 ص 136 بسنده عن عامر بن سعد عن أبيه أنه قال : ( لما نزلت هذه الآية ندع أبناءنا وأبناؤكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا رضي الله تعالى عنهم فقال اللهم هؤلاء أهلي هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) وقال الذهبي في التلخيص على شرط البخاري ومسلم وأخرج الترمذي في صحيحه المعروف بسنن الترمذي ج 5 ص 225 عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : ( لما أنزل الله هذه الآية { تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال اللهم هؤلاء أهلي قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب صحيح ) .

(7) الشورى الآية 23 .

(8) تفسير القرطبي ج 16 ص 22 وانظر تفسير البيضاوي ج 5 ص 128 وتفسير أبي السعود ج 8 ص 30 وتفسير النسفي ج 4 ص 101

(9) حلية الأولياء ج 1 ص 203 .

(10) الإنسان 5- 22 .

(11) انظر الكشاف للزمخشري ج 4 ص 670 ، تفسير البيضاوي ج 5 ص 428 .

(12) الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء ص 50 .

(13) الإرشاد ص 127 .

(14) علل الشرائع ص 211 .

(15) متقل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 146 .

(16) خصائص الإمام علي للنسائي ص 195 .

(17) المصدر المذكور ص 193 .

(18) المستدرك على الصحيحين ج 3 ص 176 .

(19) قال الإمام الحسين عليه السلام للوليد بن عتبة بن أبي سفيان والي المدينة عندما طلب منه أن يبايع ليزيد بعد وفاة معاوية : ( ... إنا أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ومبط الوحي ، بنا فتح الله وبنا ختم ، ويزيد رجل فاسق فاجر ، شارب للخمر قاتل للنفس المحترمة ، معلن بالفسق والفجور ، ومثلي لا يبايع مثله ) ( انظر مقتل الحسين للخوارزمي وتاريخ الطبري ج 3 ص 270 والإرشاد ص 207 ) .

(20) تاريخ الطبري ج 3 ص 280 .

(21) الكامل في التاريخ لابن الأثير ج 4 ص 48


بقلم : حسن عبد الله