مع المشبهة المجسمة من علماء أهل السنة

أدب الحوار

New Member
18 أبريل 2010
126
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد


مع المشبهة المجسمة من علماء أهل السنة




1ـ الشيخ الإمام(1) أبو علي الحسن بن علي الأهوازي(2) (ت : 446 هـ) :
ألّف كتاباً كبيراً حشاه بالأباطيل من الروايات الموضوعة والاستنباطات المغلوطة، فممّا روى فيه "حديث عَرَق الخيل" الذي نصُّه : "إنَّ الله لمّا أراد أن يخلُق نفسه خلقَ الخيل فأجراها حتّى عرقتْ، ثمَّ خلق نفسَه مِن ذلك العرق" . سبحانك ربَّنا هذا بهتانٌ عظيمٌ !! . وفي ذلك قال الذهبي : "وألّف كتاباً طويلاً في الصفات، فيه كذبٌ، وممّا فيه حديث عَرَق الخيل، وتلك الفضائح، فسـبَّه علمـاء الكلام وغيرُهم" (3).

وهُنا تعليقٌ للدكتور السنِّي السعوديِّ "حسن بن فرحان" جديرٌ بالتنويه إذ قال :
"فعجباً لمن يُكفِّرُ مَن يقول إنّ القرآن مخلوق، ولا يُكفِّر مَن يقول إنّ نفس الله مخلوق !!"(4).

فالأهوازي ـ بملاحظة طبيعة كتابه وما حواه من أحاديث التجسيم والتشبيه ـ مُجسِّمٌ بلا ريب .


2ـ شيخ الحنابلة القاضي أبو يعلى بن الفرَّاء(5) (458 هـ) :
ألّف كتاب "إبطال تأويل الصفات" حَوَى الواهي والموضوع من الأحاديث فيما يرتبط بموضوع معرفة صفات الباري عزّ وجل ، وفي ذلك يقول الذهبي : "جمع كتاب إبطال تأويل الصفات فقاموا عليه لما فيه من الواهي والموضوع"(6).

وقال ابن الأثير الجزري (630 هـ) : "وهو مُصنِّف كتاب الصفات أتى فيه بكلِّ عجيبة، وترتيبُ أبوابه يدلُّ على التجسيم المحض تعالى الله عن ذلك"(7).

وكتاب ابن الجوزي "دفع شُبه التشبيه" ردٌّ على كتاب القاضي أبي يعلى "إبطال تأويل الصفات" ومُرتَّبٌ على أدلَّته وأبوابه، وقد ذكر "ابنُ الجوزي" مراراً في كتابه آراءَ "أبي يعلى" في صفات الله عز وجل والتي تُفضي إلى التجسيم أو هي التجسيم بعينه، فلْتُراجَع هُناك .


3 ـ شيخ الإسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي(8) (481 هـ) :
ألَّف كسابقَيه كتاباً يدلُّ على التجسيم فحشاه بالأحاديث الباطلة، وفي ذلك يقول الذهبي : "كدَّر كتابَه "الفاروق في الصفات" بذكر أحاديث باطلة يجب بيانُها وهتكُها"(9).

4 ـ الإمام العلاّمة أبو الحسن علي بن عبيد الله بن الزاغوني(10) (ت : 527 هـ) :
هو ثالث الـثلاثة الـذين قـال عنهم أبن الجوزي : "فصنَّفوا كتباً شـانُوا بـها المذهب، ورأيتهم نزلوا إلى مرتبة العوام، فحملوا الصفات على مُقتضى الحسِّ . فسمعوا أنّ الله تعالى خلقَ آدم على صورته، فأثبتوا له صورةً ووجهاً زائداً على الذات، وعينين وفماً ولهوات وأضراساً وأضواءً لوجهه هي السُّبُحات ويدين وأصابع وكفّاً وخنصراً وإبهاماً وصدراً وفخذاً وساقين ورجلين"(11).

وقد أورد له الذهبي(12) بيتاً مِن نظمه يقول فيه :
عالٍ على العرش الرفيع بذاته(13) ***** سُـبحانه عن قول غـاوٍ مُلـحدِ

وقد رأى له الذهبي بحثاً يتكلّم فيه عن الحرف والصوت وصِلَتِهِما بالله تبارك وتعالى ، يبدو أنه قد تحدَّث فيه بما يُفضي إلى التجسيم والتشبيه ، ولذلك يقول الذهبي : "ورأيت لأبي الحسن بخطِّه مقالةً في الحرف والصوت عليه فيها مآخذ والله يغفر له، فيا ليته سكت"(14).

وفيما يتعلّق بالتجسيم والتشبيه ذكر له فضيلة السيد السقّاف كتاباً آخر(15).


5 ـ الشيخ الإمام المُحدِّث عبد المُغيث الحربي(16) (ت : 583 هـ) :
صحَّح هذا الفِطَحْلُ حديثَ الاستلقاء ونَصُّه : "إنَّ الله لمّا قضى خلقه ، استلقى ثمَّ وضع رجليه على الأخرى ، ثمَّ قال : لا ينبغي لأحد من خلقي أن يفعل هذا"(17).

وواضحٌ أنّ مَن يُصحِّح مثلَ هذا الحديث لا مجال للشكِّ في اعتقاده بالتجسيم والتشبيه .


6ـ شيخ الإسلام أبو العباس تقيُّ الدين ابن تيمية الحرّاني(18) (728 هـ) :
لم تكن ورطة التجسيم إلاّ إحدى الهُوَى المُظلمة الّتي خرَّ فيها ابنُ تيميَّة .. وما أسهل أن تُقلِّب بضعةَ صحائف مِن كُتبه التي تغصُّ بالانحراف العقيدي في عدَّة أصعدة ، فيتجلَّى لك ابنُ تيميّة المُجسِّمُ المُشبِّه ...

ونحن نقتصر هاهُنا بأقلِّ القليل روماً للاختصار :

أـ يعتقد ابن تيميَّة أنّ الله يجلسُ على "الكرسيِّ" وقد أبقى مكاناً بجانبه ليُقعد فيه النبيَّ . !! . قرأ له ذلك المُفسِّر السنِّي الكبير "أبو حيَّان الأندلسي"(19) من نُسخة بخطِّ يده ، يقول فيها ابنُ تيميَّة : "إنَّ الله يجلسُ على العرش وقد أخلى مكاناً يُقعد فيه معه رسول الله"(20).

وهذا الاعتقاد عند ابن تيميَّة ليس شيئاً غير التجسيم والتشبيه .

ب ـ شهد عليه الرحّالة الشيخ "ابنُ بطُّوطة"(21) أنَّه قال يوماً في حديثه على المنبر بنزول الله إلى السماء الدنيا نزولاً حِسيًّا ، فنزلَ ابنُ تيمية درجةً مِن دَرَج منبره ليُشبِّه لهم بذلك كيفيّة نزول الله(22) ! .

فهذا التصوير الحسِّي لنزول الله سبحانه وتعالى يُلازمُ القول بالتجسيم ؛ فإنّ القول بانتقال الله مِن موضع إلى آخر انتقالاً ماديًّا ليس ينفكُّ عن القول بجسميَّته تعالى الله عن ذلك عُلوًّا كبيراً .

جـ ـ كان ابنُ تيميَّة معتقداً بأنّ الله يُمكن أن يستقرَّ على ظهر بعوضة، وأنّ البعوضةَ ـ حينئذٍ ـ بإمكانها أن تحمل الله وتُحلِّق به، وكلُّ ما هنالك أنّ الأمر يتوقَّف على المشيئة الإلهيَّة فحسب !! وهذا نصُّ كلامه :
"ولو قد شاء لاستقرَّ على ظهر بعوضة فاستقلَّت(23) به.."(24) !! .

فهل مِن شكٍّ بعد هذه الشواهد في قول ابن تيميَّة بالتجسيم؟! وإذا لم تكن هذه الكلمات تدلُّ على التجسيم فأيُّ كلام سيدلُّ عليه؟! وإذا كان ابنُ تيمية مِن المُنزِّهة فأيُّ الناس يُمكن أن يُقال عنهم مُجسِّمة ومُشبِّهة؟! .

وهذا الضلال العقدي إنما نشأ بسبب بُعد القوم عن سفينة النجاة، أقصد أهل البيت عليهم السلام، إضافة إلى الروايات التي رووها في كتبهم، والتي قد نخصص موضوعاً لاستعراض نماذج منها.

والحمد لله أولاً وآخراً.

----------

الهوامش:

(1) هذه النعوت التي نقرن بها أعلام أهل السنة مأخوذة من كتب التراجم السنية ؛ وذلك للتدليل على المقام الذي يتمتّع به أمثال هؤلاء عندهم ، ولا دليل في ذلك على إعجاب كاتب هذه السطور بأحدٍ منهم أو تكلُّفه المُجاملة لأيِّ جهة .

(2) قال في حقه الذهبي "سير أعلام النبلاء" (18/13) : "هو الشيخ الإمام ، العلامة ، مُقرئ الآفاق" .

(3) سير أعلام النبلاء للذهبي : (18/15) مؤسسة الرسالة ـ بيروت .

(4) قراءةٌ في كتب العقائد للمالكي : ص129 مركز الدراسات التأريخية ـ عمَّان .

(5) قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (18/89) : "الإمام العلاّمة ، شيخ الحنابلة.." .

(6) سير أعلام النبلاء للذهبي : (18/90) مؤسسة الرسالة ـ بيروت .

(7) الكامل في التأريخ لابن الأثير : (8/378) دار الكتب العلمية ـ بيروت .

(8) قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (18/503) : "شيخ الإسلام الإمام القدوة ، الحافظ الكبير" .

(9) "سير أعلام النبلاء" للذهبي : (18/509) مؤسسة الرسالة ـ بيروت .

(10) قال عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (19/605) : "الإمام العلامة، شيخ الحنابلة.." .

(11) دفع شُبه التشبيه لابن الجوزي : ص98 ـ 100 دار الإمام النووي ـ عمّان .

(12) سير أعلام النبلاء للذهبي : (19/606) مؤسسة الرسالة ـ بيروت .

(13) قال فضيلة السيد السقّاف: "وزيادة لفظة "بذاته" خطيرة جداً في باب التوحيد، لأنها توجب التجسيم الصريح" . انظر كتاب "دفع شُبه التشبيه" : ص106 الحاشية (22) .

(14) سير أعلام النبلاء للذهبي : (19/607) مؤسسة الرسالة ـ بيروت .

(15) دفع شُبه التشبيه : ص99 الحاشية (7) .

(16) لا بأس بأن يطَّلع القارئ الكريم على أنّ هذا الرجل ألّف كتاباً ـ ولم يستحي ـ في فضائل "يزيد بن معاوية" !! ذكر ذلك الذهبي بترجمته في "السِّيَر" (20/160) قائلاً : "ألّف جُزءاً في فضائل يزيد أتى فيه بعجائب وأوابد، لو لم يُؤلِّفه لكان خيراً" اهـ . أقول : اِعلمْ أنّ الذي وصفه بـ "الشيخ الإمام المُحدِّث" هو الذهبي نفسه عند ترجمته له !! ، فتأمَّل .

(17) تخريج الحديث: "كتاب السنة" لابن أبي عاصم : ص248ـ 249 المكتب الإسلامي ـ بيروت . و"المعجم الكبير" للطبراني : (19/13) مكتبة ابن تيمية ـ القاهرة ، وعنه الهيثمي في "مجمع الزوائد" : (8/100) . وصحح الحديث الشيخ "عبد المغيث الحربي" (583 هـ) كما حكى الذهبي بترجمته في سير أعلام النبلاء : (21/160) مؤسسة الرسالة ـ بيروت .

(18) في "طبقات الحفاظ" للسيوطي ص520 : "الشيخ الإمام العلامة الحافظ الناقد الفقيه.." . وفي "البدر الطالع" للشوكاني (1/63) : "شيخ الإسلام ، إمام الأئمة.." . وعلى هذه فقس ما سواها .

(19) محمّد بن يوسف بن علي بن حيَّان بن يوسف ، حافظ ، مفسِّر ، نحويٌّ ، لغويٌّ .. تجد ترجمته في "طبقات الشافعية" لابن قاضي شهبة : (3/67 ـ 70) عالم الكتب ـ بيروت .

(20) أورده السيد السقَّاف في "صحيح شرح العقيدة الطحاويَّة" : ص312 ، الحاشية (163) عن تفسير "البحر الماد" لأبي حيَّان الأندلسي : (1/254) .

(21) محمّد بن عبدالله اللواتي الطنجي أبو عبد الله ، الرحالة المعروف بابن بطوطة من أعيان القرن الثامن الهجري .. تجد ترجمته في "الدرر الكامنة" : (5/227) وفيه أنه بقي إلى سنة (770) ومات .

(22) رحلة ابن بطوطة : (1/57 ـ 58) مطبعة مصطفى محمد ـ مصر .

(23) استقلَّت أي ارتفعت في طيرانها !! .

(24) بيان تلبيس الجهميَّة لابن تيمية : (1/568) و(2/160) مطبعة الحكومة ـ مكة المكرَّمة .


أضيف هنا مداخلة تفضل بها أحد المناظرين من شيعة أهل البيت عليهم السلام، وهو (سيف علي) في (منتديات السادة)، ووجدتها جديرة بأن تلحق بالموضوع:

عند مواجهة المخالف بأحاديث التجسيم ولأنها موجوده في كتب الصحاح لديهم وهم ملزمون بالإعتقاد بها حتى وان كان ذلك طعنا في الله جل جلاله .. نجدهم يقرون ولكنهم يستندون إلى كلمة بعد اثبات الحركة والإنتقال والجوارح لله جل جلاله .. فيقولون بعد كل ذلك .. نعم له يد ورجل وعين وووو .. ولكنها صفات ( تليق بجلاله ) !!

وازيدك مولاي ان ابن تيمية ( يكفر ) كل من لم يومن ويعترف بالحد لله جل جلاله قال في (موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول) : ( فهذا كله وما أشبهه شواهد ودلائل على الحد ومن لم يعترف به فقد كفر بتنزيل الله وجحد آيات الله ) !!

ومقابل هذا نجد الذهبي يقول في ( سير أعلام النبلاء) : ( وتعالى الله أن يحد أو يوصف إلا بما وصف به نفسه ، أو علمه رسله بالمعنى الذي أراد بلا مثل ولا كيف ( ليس كمثله شئ وهو السميع البصير ) . انتهى . فتأملوا!!

وسقطات كثيرة لابن تيمية لم نذكرها في اثباته الحركة لله وانكاره المجاز في اللغة وان الله جل جلاله على صورة إنسان وانه بذاته مع خلقه ! وكل هذه السقطات يرد عليه مقلده الألباني !!

ولا ننسى ابن باز الذي يقول في فتاويه في تفسير ( يوم يكشف عن ساق ) يقول ما نصه : بأن المراد يوم يجئ الرب يوم القيامة ويكشف لعباده المؤمنين عن ساقه وهي العلامة بينه وبينهم سبحانه وتعالى ... فإذا كشف عن ساقه عرفوه وتبعوه ، وهذه من الصفات التي تليق بجلال الله وعظمته !!
لا يشابهه فيها أحد جل وعلا!!!

-----------------

انتهى بفضل الله ومنه.


وفيما يلي أدرج مداخلة أحد فضلاء زملائنا السنة في موقع المجلس اليمني، حيث أحسن في إثبات أن التجسيم والتشبيه والقول بالجهة والتحيز، ليست إلا من الأقوال الكفرية في نظر علماء أهل السنة، ما عدا الوهابية.. وأنا أنقل كلامه ملخصاً:

أولاً: علماء الحنفية يكفرون المجسمة والمشبهة والقائلين بالجهة:

*في تبيين الحقائق للزيلعي 1/135 : (والمشبه إذا قال له تعالى يد ورجل كما للعباد، فهو كافر ملعون . وإن قال: جسم لا كالأجسام فهو مبتدع ; لأنه ليس فيه إلا إطلاق لفظ الجسم عليه، وهو موهم للنقص، فرفعه بقوله لا كالأجسام، فلم يبق إلا مجرد الإطلاق، وذلك معصية تنتهض سبباً للعقاب؛ لما قلنا من الإيهام، بخلاف ما لو قاله على التشبيه، فإنه كافر، وقيل يكفر بمجرد الإطلاق، أيضا وهو حسن بل أولى بالتكفير...
بخلاف مطلق اسم الجسم مع نفي التشبيه، فإنه يكفر لاختياره إطلاق ما هو موهم النقص بعد علمه بذلك . ولو نفى التشبيه فلم يبق منه إلا التساهل والاستخفاف بذلك) اهـ

وانظر نحو ذلك أيضا في فتح القدير 1/350 وكنز الدقائق 1/370 .

وقال الخادمي ( ت 1168) في بريقة محمودية 1/95 : (والبدعة في الاعتقاد هي المتبادرة من إطلاق البدعة و المبتدع والهوى وأهل الأهواء فبعضها كفر) .. والكفر كاعتقاد الجسمية كسائر الأجسام والتفصيل فيما سيذكره المصنف ...
( وبعضها ليست به ) أي بكفر كإنكار سؤال القبر واعتقاد أنه جسم لا كالأجسام
( ولكنها أكبر من كل كبيرة في العمل ) .. ( وليس فوقها ) أي البدعة في الاعتقاد ( إلا الكفر ) اه
ولكن ما هو المراد بقولهم جسم لا كالأجسام؟
المراد أن القائل يطلق على الله لفظ الجسم دون حقيقته ولوازمه فهو عنده بمعنى الموجود والقائم بنفسه ولا يريد ما يمكن فرض الأبعاد فيه فيكون الخلاف معه حينئذ في إطلاق اللفظ
أما إذا قال إن الله جسم بمعنى أنه يمكن فرض الأبعاد فيه وأن له مقدار وحدا ونهاية وجرم وكثافة فهذا داخل في قولهم ( جسم كالأجسام ) وإن قال صاحبه لا كالأجسام فهو لذر الرماد على العيون فهو في الحقيقة جعله كالأجسام

يبين هذا الخادمي في بريقة محمودية 1/225 بقوله : ( وفيها ( أي التترخانية ) ( إن ) ( اعتقد أن لله تعالى رجلا ) ( وهي الجارحة ) المستلزمة للجسمية قيد بهذا الاعتقاد, إذ ورد في الحديث الصحيح إطلاق القدم عليه تعالى وهو قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : { تطلب النار الزيادة حتى يضع الجبار فيها قدمه } فقيل للتعظيم وقيل وقيل .
( يكفر وفيها ومن ) ( قال بأن الله تعالى جسم لا كالأجسام) التي تتركب من الأجزاء وكان لها طول وعرض وعمق (فهو مبتدع) لعدم ورود الشرع ولإيهامه الجسم المنفي (وليس بكافر) ; لأنه حينئذ يكون بمعنى الذات أو النفس أو الشيء وإطلاقها عليه تعالى جائز وهذا إنما لا يكون كفرا إذا لم يثبت شيء من خواص الجسم كالحيز, والجهة إلى أن لا يبقى إلا اسم الجسم وإلا فكفر أيضا ) اه

وقال أيضا في بريقة محمودية 1/228 : ( وفيها ) ( رجل وصف الله تعالى بالفوق أو بالتحت ) ( فهذا تشبيه ) أي بالأجسام فتجسيم ( وكفر ) لعله إن كان مراده من الفوق هو العلو , والرفعة , والقهر , والغلبة فلا يكفر بل ينبغي إجراء التفصيل السابق من إرادة حكاية ما في الأخبار كقوله تعالى { يد الله فوق أيديهم } { وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله } ) اه

وفي حاشية ابن عابدين 1/562: (قوله كقوله جسم كالأجسام) وكذا لو لم يقل كالأجسام, وأما لو قال لا كالأجسام فلا يكفر لأنه ليس فيه إلا إطلاق لفظ الجسم الموهم للنقص فرفعه بقوله لا كالأجسام , فلم يبق إلا مجرد الإطلاق وذلك معصية ) اه

وفي التقرير والتحبير (لابن أمير الحاج حنفي ) 3/319 ولا تقبل شهادة المجسمة ; لأنهم كفرة ويوافقه ما في المواقف وقد كفر المجسمة مخالفوهم
قال الشارحون من أصحابنا والمعتزلة وقال شيخنا المصنف رحمه الله في المسايرة , وهو أظهر , فإن إطلاق الجسم مختارا بعد علمه بما فيه من اقتضاء النقص استخفاف)

وقال الملا علي القاري في شرح الفقه الأكبر ص271 : (من اعتقد أن الله لا يعلم الأشياء قبل وقوعها فهو كافر وإن عُدّ قائله من أهل البدعة، وكذا من قال: بأنه سبحانه جسم وله مكان ويمرّ عليه زمان ونحو ذلك كافر، حيث لم تثبت له حقيقة الإيمان ) اهـ

ثانياً: علماء المالكية يكفرون المجسمة والمشبهة والقائلين بالجهة:

لا يختلف حكم التجسيم والمجسمة عند المالكية عنه عند الحنفية فلهم نفس التفصيل في من قال إن الله جسم:

- فمن قال هو جسم كالأجسام أو أطلق فقال جسم فقد وقع في بدعة مكفرة.

- ومن قال إن الله جسم لا كالأجسام، فقد وقع في بدعة مفسقة غير مكفرة: وقيل: مكفرة.

وهذه بعض نصوص المالكية في الحكم على التجسيم والمجسمة :

في أحكام القران لابن العربي 2/475 : (فإذا أنكر أحد الرسل أو كذبهم فيما يخبرون عنه من التحليل والتحريم , والأوامر والندب , فهو كافر
وكل جملة من هذه الوجوه الثلاثة له تفصيل تدل عليه هذه الجملة التي أشرنا بها اختلف الناس في التكفير بذلك التفصيل , والتفسيق والتخطئة والتصويب ; وذلك كالقول في التشبيه والتجسيم والجهة , أو الخوض في إنكار العلم والقدرة , والإرادة والكلام والحياة , فهذه الأصول يكفر جاحدها بلا إشكال ) اهـ

وفي الفواكه الدواني 1/94 : (وقع نزاع في تكفير المجسم قال ابن عرفة : الأقرب كفره , واختيار العز عدم كفره لعسر فهم العوام برهان نفي الجسمية ) اهـ

وفي شرح الخرشي على خليل 8/62 (مثال اللفظ المقتضي للكفر أن يجحد ما علم من الدين بالضرورة كوجوب الصلاة , ولو جزءا منها , وكذا إذا قال : الله جسم متحيز ) اه

وفي حاشية العدوي على على شرح الخرشي : (قوله : وكذا إذا قال : الله جسم متحيز ) أي : آخذ قدرا من الفراغ , والمراد أنه قال : جسم كالأجسام هذا هو الذي يكفر قائله, أو معتقده, وأما من قال: جسم لا كالأجسام فهو مبتدع على الصحيح) اهـ

وفي حاشية العدوي على كفاية الطالب 1/102 : (فالذنب المخل بالإيمان يكفر به ; لأنه حينئذ ليس بمسلم أي كرمي مصحف بقذر وكمن يعتقد أن الله جسم كالأجسام, وأما من يعتقد أنه جسم لا كالأجسام فلا يكفر إلا أنه عاص; لأن المولى سبحانه وتعالى ليس بجسم ) اهـ

وفي حاشية الصاوى على الشرح الصغير 4/432 قوله : [ أي يقتضي الكفر ] : أي يدل عليه دلالة التزامية كقوله جسم متحيز أو كالأجسام, وأما لو قال: جسم لا كالأجسام فهو فاسق , وفي كفره قولان رجح عدم كفره ) اهـ

و في منح الجليل شرح مختصر خليل 9/206 : قال الشيخ محمد بن أحمد عليش المالكي ( ت 1299) عند ذِكر ما يوقع في الكفر والعياذ بالله ما نصه :
(باب الردة كفر المسلم بقول صريح أو بلفظ يقتضيه) أي يستلزم اللفظ الكفر استلزاما بينا كجحد مشروعية شيء مجمع عليه معلوم من الدين ضرورة , فإنه يستلزم تكذيب القرآن أو الرسول , وكاعتقاد جسمية الله وتحيزه, فإنه يستلزم حدوثه واحتياجه لمحدث ونفي صفات الألوهية عنه جل جلاله وعظم شأنه ) اهـ

وقال محمد بن علي بن حسين مفتي المالكية في مكة ( 1367هـ) في تهذيبه للفروق المسمى (تهذيب الفروق والقواعد السنية في الأسرار الفقهية ) 4 /266 :
( والقسم الثاني ) ما ورد نظيره في كتاب أو سنة صحيحة وإلى مثاله وحكمه أشار العلامة الأمير في حاشيته على شرح الشيخ عبد السلام على جوهرة التوحيد بقوله واعلم أن من قال جسم [ لا ]كالأجسام فاسق ولا يعول على استظهار بعض أشياخنا كفره كيف وقد صح وجه لا كالوجوه ويد لا كالأيدي نعم لم ترد عبارة جسم فليتأمل
اهـ بلفظها
قلت [ القائل هو المالكي ] : ومن هذا القسم قول القائل إنه تعالى في مكان ليس كمكان الحوادث لأنه قد صح استواء على العرش لا كالاستواء على السرير نعم لم ترد عبارة مكان ) اهـ
------------------------
انتهى ما استفدنا من مقال زميلنا السني في المجلس اليمني.

فثبت أن الوهابية جميعهم كفار عند السادة الحنفية والمالكية؛ لأن الوهابية يعتقدون بأن الله فوق العرش بذاته، ويعتقدون أن الله في الجهة العليا، وهم يقصدون الفوقية الحسية؛ بدليل سياقات كلامهم، ومنها: استدلالهم برفع اليد للدعاء..!

والحمد لله رب العالمين.