شُبهة حديث في ( كتاب المشارق ) يذكر ان عائشة زانية والعياذ بالله

جابر المحمدي

فلأجعَلنّ الحُزنَ بعدك مؤنسي
28 أبريل 2010
271
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم ،
والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى ابي القاسم محمد ،
وعلى آله الطيبين الطاهرين ،.
واللعنة الابدية السرمدية الخالدة على اعدائهم من الاولين والآخرين ،.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،



<< شُبهة حديث _في كتاب المشارق _ يذكر ان عائشة زانية والعياذ بالله >>.



قال الوهابي مُحتجاً:

إنّكم تدعون حبكم للنبي ثم تتجرؤون على عرضه فتتهمونه بالزنا والدليل على ذلك هو ما ذكره شيخكم البرسي في كتاب المشارق حيث قال ص 128 " أنه لما قدم من الكوفة جاءت النسوة يعزينه في أمير المؤمنين عليه السلام ، ودخلت عليه أزواج النبي صلى الله عليه وآله ، فقالت عائشة : يا أبا محمد ما مثل فقد جدك إلا يوم فقد أبوك ، فقال لها الحسن : نسيت نبشك في بيتك ليلا بغير قبس بحديدة ، حتى ضربت الحديدة كفك فصارت جرحا إلى الآن فأخرجت جردا أخضر فيه ما جمعته من خيانة حتى أخذت منه أربعين دينارا عددا لا تعلمين لها وزنا ففرقتيها في مبغضي علي صلوات الله عليه من تيم وعدي ، وقد تشفيت بقتله ، فقالت : قد كان ذلك."انتهى



والرد على هذه الشبهة من وجوه :

الوجه الاول: هل الخيانة هي الزنا .؟
الوجه الثاني:بيان حال كتاب مشارق انوار اليقين.
الوجه الثالث:بيان أصل الرواية وضعف سندها .

**الوجه الاول: هل الخيانة هي الزنا .؟،،

قال الزبيدي في العروس ج 18 - ص 183:
"( خون ) : الخون : أن يؤتمن الإنسان فلا ينصح .".، وقال الشيخ الطريحي في المجمع ج 1 - ص 715:"وفي الدعاء _ أعوذ بك من الخيانة _ هي مخالفة الحق بنقض العهد في السر ، وهي نقيض الأمانة ".

فالخيانة هي مُخالفة الحق جلا وعلا ، بنقض أمواره ،والاصغاء للباطل عن الحق ، وقد قال الله جلا وعلا في عائشة وحفصة " إن تتوبا الى الله فقد صغت قلوبكما".
وقال الله جلا وعلا عن زوجتي نوح ولوط حيث ضربهما مثلاً لعائشة وحفصة "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ".، فنسب الخيانة لهما ،وهي مخالفة لسان حجته جلا وعلا.

وعليه ، فشارب الخمر خائن ، والزاني خائن ، والسارق خائن، والكاذب خائن، والمنافق خائن ، وآكل الميتة خائن ، والعاق لوالديه خائن ،....الخ.

فلم لا يكون معنى الخيانة في قول الامام الحسن عليه السلام لعائشة في حديث البرسي "... فأخرجت جردا أخضر فيه ما جمعته من خيانة حتى أخذت منه أربعين دينارا عددا... "، السرقة .؟

فإن ذكر المال يُعد قرينة قوية على أنّ معنى الخيانة هي السرقة ، وفي أحاديث اهل البيت عليهم السلام الواردة أن السرقة من الخيانة ،. كما روى الشيخ الكليني في الكافي بسند موثق 5 / 98 ح 2 :
" علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن معاوية بن عمار قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : الرجل يكون لي عليه الحق فيجحدنيه ثم يستودعني مالا ألي أن آخذ مالي عنده ؟ قال : لا هذه خيانة".



وفي 7 / 226 ح 6
بسند معتبر قال الكليني رحمه الله " عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أربعة لا قطع عليهم : المختلس والغلول ومن سرق من الغنيمة وسرقة الأجير فإنها خيانة ".

فترجيح معنى السرقة أولى ،فلا تتعجب من ذلك ، لان اليد التي رُفعت لتحفيز الناس لقتال امير المؤمنين علي عليه السلام لا تخجل من أن تَسرق ! .،خصوصاً وأنّها بنت ابي بكر الذي سرق الحكومة وسرق أموال السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وسرق أرض فدك ، وقد شهد المخالفون بذلك فروى مسلم في صحيحه حديثاً يذكر فيه ان علياً عليه السلام كان يرى ابو بكر ( كاذباً غادراً خائناً آثماً) ج5ص152.

ثم حتى لو لم يثبت المعنى المُرجح ، فانّك عرفت ان كلمة الخيانة من المشتركات اللفظية ، ولذلك فانه من الصعب أن نحكم بأنّها تعني الزنا ،وإن قال قائل أنّ المُتبادر الى الذهن من كلمة الخيانة أولاً هو معنى الزنا ، وعليه فهو الاولى تقديمه ، قُلنا له : لزمك أن تقول بأن قوله تعالى عن زوجتي نوح ولوط " فخانتاهما " أي الزنا ، لانك قررت أن المتبادر من كلمة الخيانة هو معنى الزنا ،.
وعلى أيّة حال فانّ الخيانة في الحديث تعني المعصية ومخالفة الحق جلا وعلا.

**الوجه الثاني:بيان حال كتاب مشارق انوار اليقين.،،


قال الشيخ الجليل الحر العاملي في التذكرة "الشيخ رجب الحافظ البرسي : كان فاضلا محدثا شاعرا منشئا أديبا ، له كتاب مشارق أنوار اليقين في حقائق أسرار أمير المؤمنين عليه السلام ، وله رسائل في التوحيد وغيره ، وفي كتابه إفراط وربما نسب إلى الغلو ! .....الخ"المعجم ج 8 - ص 186 .

**الوجه الثالث:بيان أصل الرواية وضعف سندها .،،


وأصل هذه الرواية في كتاب الهداية الكبرى للحسين بن حمدان الخصيبي ،وفي وثاقته والطريق الى كتابه كلام لا فائدة من ذكره فالاعراض اولى ، . قال الحسين بن حمدان في هدايته الكبرى ص 196 :
"وعنه عن الحسن بن علي المقري الكوفي عن محمد بن جبلة التمار عن المخول بن إبراهيم عن زيد بن كثير الجمحي عن يونس بن ظبيان عن المفضل بن عمر الجعفي عن المولى الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال : لما قدم الحسن بن علي ( عليه السلام ) من الكوفة التقاه أهل المدينة معزين بأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ومهنئين له بالقدوم ، ودخلت عليه أزواج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقالت عائشة والله يا أبا محمد ما فقد جدك الا حيث فقد أبوك ولقد قلت يوم قام عندنا ناعيه قولا صدقت فيه ما كذبت . قال لها الحسن ( عليه السلام ) عسى هو تمثلك بقول لبيد بن ربيعة حيث يقول : وبشرتها فاستعجلت بخمارها * يحق على المستعجلين المباشر وأخبرها الركبان ان ليس بينها * وبين قرى نجران والشام كافر فألقت عصاها واستقرت بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر فقالت له يا ابن خبوت جدك وأبوك في علم الغيب ، فمن ذا الذي أخبرك بهذا عني ؟ فقال لها ما هذا غيب لأنك أظهرتيه ، وسمع منك ، وعن نبشك جزرا اخضر في وسط بيتك ليلا ، بلا قش فتترين الحديدة في كفك حتى صار جرحا الا فاكشفي عنه ، وأريه لمن حولك من النساء ، ثم اخراجك الجزر وما فيه وما جمعته من خيانة واخذك منه أربعين دينارا عددا لا تعلمين وزنها وتفريقك له في ضعفة مبغضي أمير المؤمنين من تيم وعدي شكرا لقتل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقالت : والله يا حسن لقد كان ما قلت ولله ابن هند فلقد شفا وشفا في . فقالت لها أم سلمة زوجة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ويحك يا عائشة ما هذا منك بعجب ، وإني لأشهد عليك أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لي وأنت حاضرة صوام أم أيمن وميمونة : يا أم سلمة كيف تجدين في نفسك ؟ فقلت يا رسول الله ما أجده قربا ولا أبلغه وصفا ، قال كيف تجدين عليا في نفسك قلت لا يتقدمك يا رسول الله ولا بتأخر عنك وأنتما في نفسي سواء فقال شكر الله فعلك يا أم سلمة لو لم يكن علي في نفسك مثلي لبرئت منك في الآخرة ولم ينفعك قربك مني في الدنيا فقلت انني يا رسول الله وكذلك أزواجك قال نعم قلت والله ما أجد لعلي في نفسي موضعا قريبا أو بعيدا فقال لك حسبك يا عائشة ثم يا أم سلمة يمضي محمد ويمضي الحسن عليهما ويمضي الحسين مقتولا كما اخبر جدهما فقال لها الحسن : وأخبرك جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ان تموتين والى ماذا تصيرين فقالت له ( نعم ) ما اخبرني الا بخير . فقال لها الحسن : تالله لقد أخبرك جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) انك تموتين بالداء والدبيلة فقالت يا حسن متى قال هذا قال أخبرك بعد لومك أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ونشائك حرما تجرين فيه عن بيتك متأمرة على جمل أحمر ممسوخ من مردة الجن يقال له عسكر تسفكين دم خمسة وعشرين ألفا من المؤمنين الذين يزعمون أنك أمهم قالت له جدك أخبرك بذلك أم هذا من غيبك قال هذا من علم الله وعلم رسوله وعلم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فأعرضت عنه بوجهها وقالت بنفسها والله لا تصدقن بأربعين دينارا ونهضت فقال لها ( عليه السلام ) والله لو تصدقت بأربعين قنطارا ما كان ثوابك الا النار . ."


ويكفي في ضعيف الاسناد وجود زيد بن كثير الجمحي وهو لم يوثق ولم يذكروه _ مستدرك النمازي ج 3 - ص 483_ ، إلا انه اجمالاً يُعد من ضمن الاخبار الذامة لعائشة ، .

والحمدُ لله رب العالمين ،.

جابر المحمدي المهاجر،