[ بحث ] إرتداد الأمة بين الجواز العقلي والمنع السمعي !!

18 نوفمبر 2010
15
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على إمام المرسلين ، وسيد المتقين علم الهدى ونور التقى محمد الأمين ، وعلى آله الطيبين الطاهرين ، واللعن الدائم على أعدائهم من الأولين والأخرين إلى قيام يوم الدين ، آمين ...

؛ وبعد ..




كَثُرَ في كثيرٍ من المناظراتِ والحواراتِ الكلام حول إرتداد الأمة !! فهل من الجائز أن ترتد الأمة وتخالف أمراً قد كُلِّفتْ بهِ ؟!! ، وقف كثيرٌ من الوهابية أمام الشيعة في هذه المسألة وبنوا على أساسها التهويل الكثير ولجأوا إلى الإصطياد في الماء العكر !! لذلك تبادر إلى زهني كتابة موضوع مختصر بسيط يوضح المسألة في بعض جوانبها لا كلَّها ، فبالله أستعين ، وعليه معولي ومعتمدي ورجائي ...





أولاً : هل من الجائز عقلاً القول بإرتداد الأمة جمعاء ؟!!


الجواب / القول بإرتداد كل الأمة عن الإسلام لا يمنعه الدليل العقلي كما إجتمعتْ على ذلك أقوال العلماء ، أنقل ُ منها :



1-
الآمدي : (( اخْتَلَفُوا فِي تَصَوُّرِ ارْتِدَادِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي عَصْرٍ مِنَ الْأَعْصَارِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَلَا شَكَّ فِي تَصَوُّرِ ذَلِكَ عَقْلًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي امْتِنَاعِهِ سَمْعًا ... [1] ))

2-
ابن النجَّار الحنبلي : ((ارْتِدَادُ الأُمَّةِ جَائِزٌ عَقْلاً قَطْعًا. لأَنَّهُ لَيْسَ بِمُحَالٍ، وَلا يَلْزَمُ مِنْهُ مُحَال ... [2] ))

3-
نجم الدين : (( قَوْلُهُ: « وَارْتِدَادُ الْأُمَّةِ جَائِزٌ عَقْلًا لَا سَمْعًا فِي الْأَصَحِّ » أَيِ: ارْتِدَادُ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ كَفَرَةً، فِي عَصْرٍ مِنَ الْأَعْصَارِ «جَائِزٌ عَقْلًا» أَيْ: مُمْكِنٌ فِي الْعَقْلِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، لِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَ تَصَوُّرُهُ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ مُحَالٌ لِذَاتِهِ .... [3] ))

4-
ابن المبرد : (( وإرتداد الأمة جائزٌ عقلاً لا سمعاً في الأصح ؛ لعصمتها من الخطأ و الرد أعظمه .... [4] ))

5-
علاء الدين الصالحي الدمشقي : (( { ارتداد الْأمة جَائِز عقلا } قطعا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بمحال، وَلَا يلْزم مِنْهُ محَال ... [5]))

6-
القاضي عبد الشكور البهاري : (( ( مسألة : إرتداد أمَّة عصر ) العياذ بالله تعالى ( ممتنع سمعاً ) وإن جاز عقلاً .... [6] ))

7-
عضد الدين الإيجي : (( أقول : يمتنع إرتداد كل الأمة في عصر من الأعصار سمعاً ، وإن جاز عقلاً ، وقال بعضهم يجوز [7] ))

8-
الأصفهاني : (( المسألة الثامة عشر : المختار أنَّه يمتنع سمعاً لا عقلاً إرتداد أمَّة محمد – صلى الله عليه [ وآله ] وسلم – بأجمعهم في عصر من الأعصار ... [8] ))

9-
زكريا الأنصاري : (( (و) علم (أنه يمتنع ارتداد الأمة) في عصر (سمعا) لخرقه إجماع من قبلهم على وجوب استمرار الإيمان. وقيل لا يمتنع سمعا لا يمتنع عقلاً قطعا .... [9] ))

10-
شمس الدين المحلى : (( وقيل يجوز إرتدادهم شرعاً كما يجوز عقلاً وليس في الحديث ما يمنع من ذلك لإنتفاء صدق الأمة وقت الإرتداد ... [10] ))



قلتُ : ما دام الفقهاء لا يرون مانعاً من إرتداد الأمة بالكلية عقلاً ، فمن باب أولى أنَّ إرتداد بعض الأمة أو نصفها أو جمهورها عقلاً غير مُحال !! ، أمَّا من الناحية الشرعية فقد وقع فيها خلاف فذهب البعض إلى أنَّ الشرع لا يمنع من إرتداد كل الأمة سمعاً ، وذهب البعض إلى أنَّ الأمة يمتنع عليها الإرتداد سمعاً ..!! ، وهنا نأتي بتفصيل !! ، مع تحرير لبعض تلك الآراء ؛




أمَّا القائلون بإمتناع إرتداد الأمة الإسلامية ككل فقد إستندلوا بالدليل السمعي وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (( لا تجتمع أمَّتي على ضلالة )) ، فهذا كلام الآمدي بالإستشهاد بالحديث المذكور :
(( وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي امْتِنَاعِهِ سَمْعًا، وَالْمُخْتَارُ امْتِنَاعُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " « أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى الْخَطَأِ » " إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ الدَّالَّةِ عَلَى عِصْمَةِ الْأُمَّةِ عَنْ فِعْلِ الْخَطَأِ وَالضَّلَالِ [11] ))




، ولي أن أقول /



أولاً : الحديث المُستشهد به في نقض المقالة المذكورة حيث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد ضعَّفه بعض الأئمة :


1-
النووي : (( وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ فَإِنَّ هَذَا الْوَصْفَ مَا زَالَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْآنَ وَلَا يَزَالُ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ وَفِيهِ دَلِيلُ لِكَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً وَهُوَ أَصَحُّ مَا اسْتُدِلَّ بِهِ لَهُ مِنَ الْحَدِيثِ وَأَمَّا حَدِيثُ لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ فَضَعِيفٌ وَاللَّهُ أعلم [12] ))

2-
ابن حزم الظاهري : (( قال أبو محمد وقد روي أنه عليه السلام قال لا تجتمع أمتي على ضلالة وهذا وإن لم يصح لفظه ولا سنده فمعناه صحيح بالخبرين المذكورين [13] ))


قلتُ : فسند الحديث لا يصح إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنمَّا هم صححوه تقبلاً لمتنه لا لسنده ، ولذلك قال ابن عثيمين : ((
إسناده ضعيف لكن يشهد لمتنه نص قرآني [14] )) .



الجواب على هذا الإشكال /

من المعلوم أنَّه لا تعارض بين العقل والنقل ، وما دام العقل لم يمنع من إرتداد الأمة ككل ، فالنقل أيضاً لا يمنعه لما عُرف من عدم وجود تعارض بينها ولهذا يقول ابن تيمية : (( فَإِنَّ الْعَقْلَ الصَّرِيحَ لَا يُخَالِفُ النَّقْلَ الصَّحِيحَ كَمَا أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ لَا يُخَالِفُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَلَكِنْ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَظُنُّ تَنَاقُضَ ذَلِكَ وَهَؤُلَاءِ مِنْ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ { وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } [15] )) ، وعليه فالنقل لا يخالف في حكمه حكم العقل الذي لم يمانع من إرتداد الأمة ككل ، وأمَّا ما استشهدوا به من أنَّ الأمة لا تجتمع على ضلالة وأنَّ إرتدادها هو أكبر ضلالة فكيف تجتمع عليه ؟!!



قلتُ : إنَّ هذا مُعارض لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح : (( حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ: اللهُ اللهُ " [16] ))

فها هو الشرع يبين أنَّ الأمة سترتد في عصر من العصور فلا يُقال في الأرض كلمة (( الله )) ، وحكم الشرع مُطلق لا مقيد ، وفي حديث آخر أورده مسلم في صحيحه : (( عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: « لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى
تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى » [17] )) ، فهذا أيضاً حكم من الشرع بعدم ممانعة إرتداد الأمة جمعاء بعد رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – فإنَّ كان الشرع يمانع من إجتماع الأمة على ضلالة لمانع من هذا كما هو ظاهر في هذا الحديث !!


ثانياً : استدل بعضهم بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
((
" لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ بِنَا، فَيَقُولُ: لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ " [18] ))


قلتُ : هذا الحديث مُقيَّد بظهور الإمام المهدي عجَّل الله فرجه الشريف ، ونزول عيسى بن مريم عليهما السلام ، وعليه فهو لا ينافي الأحاديث الأخرى التي تقدَّم ذكرها .




ثالثاً : ظهر لنا في بعض النقولات المتقدمة أنَّ فقهاء أهل السنة مختلفون في مسألة هل إرتداد الأمة جائز سمعاً أم لا ؟!! ، وعليه سأحاول ها هنا أن اذكر أحد تلك النقولات التي تبين وجود إختلاف فيما بينهم منها أنقل منها على سبيل المثال لا الحصر التالي : ((قَوْله: {وَلَا يجوز سمعا فِي الْأَصَح، وَهُوَ ظَاهر كَلَام أَصْحَابنَا} . قَالَه ابْن مُفْلِح وَغَيره، وَصرح بِهِ الطوفي وَغَيره، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ، وَابْن الْحَاجِب، وَصَححهُ التَّاج السُّبْكِيّ، وَغَيرهم، وَذَلِكَ لأدلة الْإِجْمَاع، وَقَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم -: " أمتِي لَا تَجْتَمِع على ضَلَالَة " وانعقد الْإِجْمَاع.

وَخَالف ابْن عقيل وَغَيره، وَقَالُوا: الرِّدَّة تخرجهم عَن أمته؛ لأَنهم إِذا ارْتَدُّوا، لم يَكُونُوا مُؤمنين فَلم يتناولهم الْأَدِلَّة
. [19] ))


قلتُ : بل هناك من الصحابة من كان يرى أنَّ الناس لا يمتنع عليهم أن يعودوا كفاراً بعد رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ومن هؤلاء الصحابة ، الصحابي عمر بن الخطاب وهو الخليفة الثاني حيثُ نُقل عنه بسند صحيح قوله :

(( وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، أَتَخْشَى أَنْ يَتْرُكَ النَّاسُ الْإِسْلَامَ وَيَخْرُجُونَ مِنْهُ؟ قُلْتُ: لَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - وَكَيْفَ يَتْرُكُونَهُ وَفِيهِمْ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ: لَئِنْ كَانَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ لَيَكُونَنَّ بَنُو فُلَانٍ [20] )) ، وعليه فهذا هو الصحابي لم يمانع من ذلك شرعاً فهذا ظاهر بعد قول عبد الرحمن بن عوف : (( كيف .. وفيهم كتاب الله وسنن رسول الله (ص) ؟!! ))




والحاصل ؛ فمن جنح إلى القول بجواز إرتداد الأمة ككل لا يمنع من إرتداد بعضها أو معظمها أو نصفها !! ، بل حتَّى القائلون بإمتناعه سمعاً لا يمنعون من هذا فكلامهم عن الإجماع ، وإرتداد البعض أو الجمهور لا يُحقق الإجماع فإنَّه قد انخرم بذلك !!





وفي الجملة : فما جنح إليه الشيعة من أنَّ العديد من الصحابة قد خالفوا أمر رسول الله فلم يتبعوا منهاج أهل البيت – عليهم السلام – على وجه العموم ، و علياً – عليه السلام – على وجه الخصوص !! ، فارتدوا بذلك عن أمر نبيهم ، فهو أمرٌ لا يمنه عقلٌ ولا شرعٌ ، وليس هو قولاً مبتدعاً لا يصح ، وإنما هو قول جائز الوقوع ، والأدلة التي برهن بها الشيعة على وقوعه تثبت ذلك !! ، فويل لأمَّة عصت ربَّها لترضي نفوسها !!!





والحمد لله رب العالمين ،،



________________

المصادر /


[1] الإحكام في أصول الأحكام للآمدي : ج1 ص280.

[2] مختصر التحرير شرح الكوكب المنبير : ج2 ص282 .

[3] شرح مختصر الروضة لنجم الدين : ج3 ص143 .

[4] شرح غاية السول لابن المبرد : ص259 .

[5] التحبير شرح التحرير : ج4 ص1668 .

[6] فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت : ج2 ص291 .

[7] شرح مختصر المنتهى الأصولي : ج2 ص369 .

[8] بيان المختصر شرح مختصر ابن الحجاب : ج1 ص611 .

[9] غاية الوصول في شرح لب الأصول : ج1 ص115 .

[10]
حاشية العلامة البناني علي شرح الجلال شمس الدين محمد بن احمد المحلي علي متن جمع الجوامع للامام تاج الدين عبد الوهاب ابن السبكي : ج2 ص183 .
[11] الإحكام في أصول الأحكام للآمدي : ج1 ص280 .

[12] شرح صحيح مسلم للنووي : ج13 ص67 .

[13] الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم : ج4 ص131 .

[14] فتاوي ابن عثيمين : ج8 ص649 .

[15] مجموع الفتواى لابن تيمية : ج7 ص665 .

[16] مسند الإمام أحمد بن حنبل : ج19 ص100 ، وقد صححه المحقق شعيب الأرنؤوط قائلاً : ((
إسناده صحيح على شرط الشيخين )) .
[17] صحيح مسلم : ج4 ص2230 .

[18] مسند الإمام أحمد بن حنبل : ج23 ص63 .

[19] التحبير شرح التحرير : ج4 ص1668 .

[20] مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي : ج1 ص113 ، وعلَّق عليه الهيثمي قائلاً : (( رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ )) ، وقد وقع التحريف فيه كالعادة فكلمة " فلان " في الرواية أصلها " بنو أمية " كما جاءت في مشكل الأثار للطحاوي :ج5 ص273 .

 

جمال آل محمد

جمال آل محمد
18 يناير 2011
5
0
0
أخي الكريم العمامة السوداء
مثل هذا الموضوع قد يفهم خطأ بأن الشيعة يقولون بارتداد الامة بمعنى الكفر ، بينما يقول الشيعة بعصيان بعض الصحابة لأوامر رسول الله صلى الله عليه وآله في مواقف عديدة ومنها في استخلاف علي عليه السلام.

وأنت وصلت إلى هذه النتيجة : (وفي الجملة : فما جنح إليه الشيعة من أنَّ العديد من الصحابة قد خالفوا أمر رسول الله فلم يتبعوا منهاج أهل البيت – عليهم السلام – على وجه العموم ، و علياً – عليه السلام – على وجه الخصوص !! ، فارتدوا بذلك عن أمر نبيهم ، فهو أمرٌ لا يمنه عقلٌ ولا شرعٌ ، وليس هو قولاً مبتدعاً لا يصح ، وإنما هو قول جائز الوقوع ، والأدلة التي برهن بها الشيعة على وقوعه تثبت ذلك !! ، فويل لأمَّة عصت ربَّها لترضي نفوسها !!!)

وأنت في هذه النتيجة لم تكن تحتاج إلى بحث ارتداد الأمة ، فإن ذلك البحث يوحي بأن الشيعة يقولون بارتداد الأمة عن دينها ، بينما أنت تريد مخالفة الأمة أو جزء منها لأمر من أوامر نبيها ، وبين المبحثين أمر شاسع
فكان يكفيك أن تثبت أن الأمة بمجموعها لا يمتنع أن تعصي رسول الله صلى الله عليه وآله في أمر من الأمور التي أمرها بها أو نهاها عنه ، دون أن تدخل في بحث الارتداد عن الدين بالكلية

وهنا أوامر عديدة خالفها جل الصحابة وكانوا مأمروين بها ، من مثل الامر بالصدقة قبل النجوى ولم يقم به إلا الأمام علي
ومن مثل مخالفة المجموع لأمر النبي صلى الله عليه وآله في الحديبية عندما أمرهم بالتقصير
ومن مثل أمره صلى الله عليه وآله بألا يضرب بعضهم رقاب بعض، فإن جلهم خالف ذلك وحارب الصحابة والأمة بعضها بعضا.
ومن مثل مخالفة الصحابة في تأمير النبي لزيد ولأبيه من قبله ، فإن الصحابة اعترضوا على ذلك
ومن اعترض على تأمير زيد وهو أمر يخص شيئا جزئيا وهو التأمر على جيش ، فيمكن أن يعترض على تعيين علي عليه السلام على الأمة بسهولة.

فهذه المواقف تدل على حصول حالات من العصيان من مجموع الأمة على اوامر نبيها صلى الله عليه وآله بحيث لا يسلم إلا القلة أو الفرد النادر
 
18 نوفمبر 2010
15
0
0
نعم ، مولاي جمال آل محمد ، قد يفهمه البعض فهماً خاطئ، لكن !!!

ما قاله المخالفون هو على جواز إرتداد الأمة ( = إرتداد عن الإسلام ) عقلاً وسمعاً ، في حين أنَّ الشيعة لا تقول بهذا النوع من الردة ، بل لا تصف الأمة كلها به ، وأنقل ها هنا عبارة
من كتاب ( وقفة مع الجزائري - الشيخ حسن عبد الله - ص 74 - 75 )

(( أولا : إن هذه الرواية ضعيفة فيها إرسا... ل فالواسطة بين الشيخ الكليني عليه الرحمة وحنان بن سدير غير معروفة .

وثانيا : ليس المراد بالردة في هذه الرواية ردة الكفر أو الإرتداد عن الإسلام بل المراد به تخلفهم عن إحدى أهم الواجبات الدينية وهي مبايعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم خليفة وإماما للأمة بعد أن نص عليه النبي في حياته في مواقف أشهرها نص غدير خم بعد رجوعه صلى الله عليه وآله وسلم من حجة الوداع ، وبهذا المعنى " أي معنى الإرتداد الذي أشرنا إليه " فسر ابن الأثير في كتابه النهاية في غريب الأثر ج 2 ص 241 لفظ الإرتداد الوارد في أحاديث الحوض حيث قال : ( وفي حديث القيامة والحوض ، فيقال : إنهم لم يزالوا مرتدين على أدبارهم القهقري ، أي متخلفين عن بعض الواجبات ، ولم يرد ردة الكفر . . . ) يشهد لما قلناه ما ورد في الحديث أعلاه ( . . . ثم عرف أناس بعد يسير ) أي عرف أناس من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد وقت قليل يسير من الزمن أن علي بن أبي طالب عليه السلام هو الأولى بالأمر من غيره . وكذلك ما ورد فيه : ( . . . وأبو أن يبايعوا حتى جاؤوا بأمير المؤمنين عليه السلام مكرها فبايع . . . ) فهذا القول صريح في أن المراد بالارتداد هنا هو تخلفهم عن مبايعة أمير المؤمنين علي عليه السلام ومبايعة غيره ممن لم ينص عليه من الله ورسوله ))


وإنَّما وضعتً هذا القول لأهل السنة لأمرين :

أولاً : أبين للقائل بدعية مقالة الشيعة ، أنَّ من باب أولى أن يكفر مقالة أهل السنة !!

ثانياً : رداً على بعض الوهابية الذين يلعبون في الألفاظ ، ويقولون إنما الشيعة يعتقدون بكفرهم أي خروجهم عن الإسلام ، وعليه فحتّى لو سلّمنا هذا ، فهو لا إشكال فيه عند أئمة أهل السنة أمثال ابن عقيل الحنبلي !!!