اعتقادنا في علم الائمة عليهم السلام، ليس فيه أدنى غلو

قاسم

New Member
18 أبريل 2010
245
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم

قال شيخ الإمامية المفيد أعلى الله مقامه:
إن الائمة من آل محمد (ص) قد كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد، ويعرفون ما يكون قبل كونه، وليس ذلك بواجب في صفاتهم، ولا شرطا في إمامتهم، وانما أكرمهم الله تعالى به، وأعلمهم إياه، للطف في طاعتهم، والتمسك بإمامتهم، وليس ذلك بواجب عقلا، ولكنه وجب لهم من جهة السماع.
فأما إطلاق القول عليهم بأنهم يعلمون الغيب فهو منكر بين الفساد، لأن الوصف بذلك إنما يستحقه من علم الأشياء بنفسه لا بعلم مستفاد، وهذا لا يكون إلا الله - عزوجل - وعلى قولي هذا جماعة أهل الإمامة، إلا من شذ عنهم من المفوضة ومن انتمى إليهم من الغلاة.

المصدر: أوائل المقالات ص 67

هذه هي عقيدتنا في علم الائمة عليهم الصلاة والسلام...


نعم وردت آيات كريمة ظاهرها اختصاص علم الغيب بالله تعالى لا يشاركه أحد من خلقه على الإطلاق، منها قول تعالى: (قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ) الأنعام 50

ومنها قوله تعالى: (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الأعراف 188

والجواب:
تكفل علماء الفريقين بتوضيح معنى الآيات المتقدمة، من خلال التدبر في مجموع الآيات القرآنية، فقد ورد في القرآن الكريم مضافاً لما تقدم آيات أخرى، منها قوله تعالى: (وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) آل عمران 50

ومنها قوله تعالى: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ * يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ) يوسف 37 - 42


قال العلامة السيد الطباطبائي رحمه الله:
وأما قوله: "قل لا يعلم من في السماوات والارض الغيب إلا الله" فلا يدل إلا على اختصاص علم الغيب بالذات به تعالى كسائر آيات اختصاص الغيب به، ولا ينفي علم الغير به بتعليم منه تعالى كما يشير إليه قوله: "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول" الجن: 27 ، وقد حكى الله سبحانه نحوا من هذا الاخبار عن المسيح عليه السلام إذ قال: "وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون" آل عمران: 49 ، ومن المعلوم أن القائل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يخبر الناس بما يكون في غد لا ينفي كون ذلك بتعليم من الله له. وقد تواترت الاخبار على تفرقها وتنوعها من طرق الفريقين على إخباره صلى الله عليه وآله وسلم بكثير من الحوادث المستقبلة.
المصدر: تفسير الميزان ج 15 ص 393

وقال ايضا رضوان الله عليه:
قوله تعالى: "إلا من ارتضى من رسول" استثناء من قوله: "أحدا" و "من رسول" بيان لقوله "من ارتضى" فيفيد أن الله تعالى يظهر رسله على ما شاء من الغيب المختص به فالآية إذا انضمت إلى الايات التي تخص علم الغيب به تعالى كقوله: "وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو" الانعام : 59
وقوله: "ولله غيب السماوات والارض" النحل : 77
وقوله: " قل لا يعلم من في السماوات والارض الغيب إلا الله " النمل : 65

أفاد ذلك معنى الاصالة والتبعية فهو تعالى يعلم الغيب لذاته وغيره يعلمه بتعليم من الله .
فهذه الآيات نظيرة الآيات المتعرضة للتوفي كقوله: "الله يتوفى الانفس" الزمر : 42 الدال على الحصر ، وقوله: "قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم" ألم السجدة : 11 ، وقوله: "حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا " الانعام : 61 فالتوفي منسوب إليه تعالى على نحو الاصالة وإلى الملائكة على نحو التبعية لكونهم أسبابا متوسطة مسخرة له تعالى.

المصدر: تفسير الميزان ج 20 ص 53



وقال القرطبي:
(فلا يظهر على غيبه أحدا . إلا من ارتضى من رسول) فإنه يظهره على ما يشاء من غيبه ، لان الرسل مؤيدون بالمعجزات، ومنها الاخبار عن بعض الغائبات ، وفي التنزيل: " وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم " [ آل عمران : 49 ] . وقال ابن جبير : " إلا من ارتضى من رسول " هو جبريل عليه السلام . وفيه بعد ، والاولى أن يكون المعنى: أي لا يظهر على غيبه إلا من ارتضى أي اصطفى للنبوة ، فإنه يطلعه على ما يشاء من غيبه: ليكون ذلك دالا على نبوته.
تفسير القرطبي ج 19 ص 27


وقال ابن حجر:
وإنما أنكر عليها ما ذكر من الاطراء حيث أطلق علم الغيب له وهو صفة تختص بالله تعالى كما قال تعالى قل لا يعلم من في السماوات والارض الغيب الا الله وقوله لنبيه قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضر إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وسائر ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخبر به من الغيوب بإعلام الله تعالى إياه لا أنه يستقل بعلم ذلك كما قال تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا الا من ارتضى من رسول.
فتح الباري - ابن حجر ج 9 ص 167 :


وقال ايضا:
قال الشيخ أبو الفضل بن عطاء في هذا الحديث عظم قدر الولي لكونه خرج عن تدبيره إلى تدبير ربه وعن انتصاره لنفسه إلى انتصار الله له وعن حوله وقوته بصدق توكله قال ويؤخذ منه أن لا يحكم لانسان آذى وليا ثم لم يعاجل بمصيبة في نفسه أو ماله أو ولده بأنه سلم من انتقام الله فقد تكون مصيبته في غير ذلك ما هو أشد عليه كالمصيبة في الدين مثلا قال ويدخل في قوله افترضت عليه الفرائض الظاهرة فعلا كالصلاة والزكاة وغيرهما من العبادات وتركا كالزنا والقتل وغيرهما من المحرمات والباطنة كالعلم بالله والحب له والتوكل عليه والخوف منه وغير ذلك وهي تنقسم أيضا إلى أفعال وتروك قال وفيه دلالة على جواز اطلاع الولي على المغيبات باطلاع الله تعالى له ولا يمنع من ذلك ظاهر قوله تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا الا من ارتضى من رسول فإنه لا يمنع دخول بعض اتباعه معه بالتبعية لصدق قولنا ما دخل على الملك اليوم الا الوزير ومن المعلوم أنه دخل معه بعض خدمه قلت الوصف المستثنى للرسول هنا ان كان فيما يتعلق بخصوص كونه رسولا فلا مشاركة لاحد من اتباعه فيه الا منه والا فيحتمل ما قال والعلم عند الله تعالى.
المصدر: فتح الباري ج 11 ص 298



إذا فمن ما تقدم يتبين ان دمشقية لا يعي ما يقول، فهو يذكر آيات قرآنية لا يفهم معناها أطلا...