عدالة الصحابة (إشكال مطروح على أهل السنة القائلين بعدالة جميع الصحابة)

17 أغسطس 2010
20
0
0
هذا الموضوع يتعلَّق بمسألة مهمة عند أهل السنة والجماعة وعند السلفيين، وهي مسألة عدالة الصحابة (أجمعين)، وأكثر الحساسيات التي يحملها هؤلاء وخصوصاً السلفيين تجاه الشيعة الإمامية تعود إلى هذه المسألة، لذلك سأطرح إشكالاً مهماً (من وجهة نظري) يتعلَّق بهذه المسألة، وأرجو من الأخوة من أهل السنة أن يجيبوه، وإن لم يتوصَّلوا إلى إجابة فليسألوا عنه العلماء ثم لينقلوا الإجابة لنا لتعم الفائدة.


أقدِّم ثلاثة مقدمات ضرورية قبل طرح الإشكال، ثم يكون الإشكال مستخرجاً ومستخلصاً من هذه المقدمات :



المقدمة الأولى : أنَّ أهل السنة يعتقدون أنَّ الدين كله وصلنا عن طريق الصحابة، ولولاهم لما كنا مسلمين، وعليه فإن الصحابة هم الذين نقلوا لنا جميع الأمور المرتبطة بالعقائد، بل كل مسألة دينية.


المقدمة الثانية : أنَّ أهل السنة أنَّ كل من انتقص صحابياً بسبه أو لعنه أو غير ذلك من أنواع الانتقاص فهو خارج عن الدين أو زنديق أو كافر مكذِّبٌ بالقرآن.




المقدمة الثالثة : من المعلوم والمقطوع به أنَّه قد وقع من الصحابة سب لصحابة آخرين ووقع من بعضهم لعن لبعض الصحابة، وصدر منهم ما هو أشد من السب واللعن وهو القتل، فقاتلوا بعضهم ، وقتل بعضهم بعضاً، بل وكفر بعضهم بعضاً كما صرَّح بذلك ابن تيمية والذهبي وغيرهما.



وهنا يطرح هذا الإشكال



الإشكال :

إذا كانت مسألة (عدالة الصحابة أجمعين) من حقائق الإسلام ومسلَّمات الدين، فإن الصحابة الذين نقلوا الدين هم أعلم الناس بها، وهم كلهم أدرى الناس بحرمة سب صحابي أو لعنه أو قتاله أو تكفيره. ومن المفترض أنَّ أهل السنة لم يعرفوا هذه المسألة الأساسية إلا عن طريقهم.



والمسألة لا تتعدى أحد أمرين :

1- أن يكون الصحابة جاهلين بهذه المسألة، ولذلك صدر منهم السب واللعن والقتل والتكفير في حق صحابة آخرين، وهذا يعني أنَّ هذه المسألة لم تكن معروفة عندهم وهم الذين نقلوا الدين، فمن أين علمتم بها وقد جهلها الصحابة؟


أليس الصحابة أعلم الناس وأحرصهم على تطبيق شرع الله عز وجل؟ فكيف جهلوا هذه المسألة البديهية التي هي من العقائد الأساسية عندكم أنتم الذين تزعمون أنكم عرفتم الدين كله من طريق الصحابة؟


2- أن يكونوا عالمين بهذه المسألة، ولكنهم انتهكوا حرمات الله وخالفوا هذه المسألة فصدر منهم ما صدر من سب ولعن وتكفير وقتل لغيرهم من الصحابة، فكيف يكونون بأجمعهم عدولاً؟




والنتيجة :


إما أن يكون الصحابة أعلم منا بحرمة غيرهم من الصحابة عند الله عز وجل ، وإما أن نكون نحن أعلم منهم .
والقول بأننا أعلم منهم بهذه المسألة لا يصح، لأن المفترض أنَّ كل مسألة دينية لم تصل إلينا إلا عن طريقهم.
وإن قلنا أنَّ الصحابة أعلم منا بهذه الحرمة فتلك مصيبة عظيمة لا نستطيع أن نسوِّغها بدواعي الاجتهاد ، ويكونون هم أول من خالف الشرع وهتك هذه الحرمة العظيمة ، فكيف نلتزم بعدالتهم جميعاً.



ثم إن جاءنا شخصٌ وقال أنهم : اجتهدوا فأخطؤوا، فسنقول له : سلَّمنا معك أنهم اجتهدوا، لكن ما هي النتيجة التي توصلوا إليها من خلال اجتهادهم، هل هو القول بعدالة جميع الصحابة أو لا؟ نحن نقول بالثاني وهو الواضح.




ملاحظة مهمة قبل الختام : لا يأتينا شخص ويقول أننا نطعن في جميع الصحابة، فهناك فرق بين أمرين :



الأول : كل الصحابة ليسوا عدولاً، وهو ما لا نوافق عليه.



الثاني : ليس كل الصحابة عدولاً، وهذا نعتقد به، إذ فيهم العادل وغير العادل.