اشكال حول رواية ( وكلتا يديه يمين ) من مصادر الامامية

المحقق الحيدري

خـــادم الائمة عليهم السلام
18 أبريل 2010
36
0
0
روى الحميري القمي
عن السندي بن محمد
عن صفوان الجمال
عن ابي عبد الله
انه قال " قال رسول الله صلى الله عليه وآله : عن يمين الله - وكلتا يديه يمين - عن يمين العرش قوم على وجوههم نور ، لباسهم من نور ، على كراسي من نور . فقال له علي : يا رسول الله ، من هؤلاء ؟ فقال له : شيعتنا وأنت إمامهم




وسند الحديث كالتالي
الحميري القمي
من مصنفي الشيعة


السندي بن محمد
قال النجاشي سندي بن محمد واسمه أبان ، يكنى أبا بشر ، صليب ، من جهينة ، ويقال : من بجيلة وهو الأشهر ، وهو ابن أخت صفوان بن يحيى ، كان ثقة ، وجها في أصحابنا الكوفيين ، له كتاب نوادر ، رواه عنه : محمد بن علي بن محبوب

صفوان الجمال
قال النجاشي : " صفوان بن مهران بن المغيرة الأسدي ، مولاهم ثم مولى بني كاهل منهم ، كوفي ، ثقة ، يكنى أبا محمد ، كان يسكن بني حرام بالكوفة ، وأخواه حسين ، ومسكين ، روى عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ، وكان صفوان جمالا ، له كتاب يرويه جماعة ، أخبرنا أحمد بن علي بن نوح ، قال : حدثنا أحمد ابن عبد الله بن قضاعة ، قال : حدثنا أبي ، ( قال : حدثنا أبي ) عن صفوان بن مهران بكتابه

-----------------


جواب الاشتر:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

قبل العروج على بيان بعض معالم هذا الحديث الشريف ينبغي أن يدرك المرء منا أنه لا يجوز رد أحاديثهم عليهم السلام مطلقاً لمجرد عدم الاستحسان الذوقي أو لعلة مفادها أن ظاهر الحديث لا يلاءم المشرب الذي نحن عليه وقد أوصيت كثير من الإخوة واشترطت عليهم عدم الرد ما لم يستحصلوا ملكة الاجتهاد لأننا كثيراًُ لا نلتفت إلى أن الموجب للرد الأحاديث ينبغي أن يكون حجة بيننا وبينهم عليهم السلام وبين الله يوم القيامة وعندي لا يجوز الرد مطلقاً، فإن هذا كله مخافة الوقوع في المحذور ونحن لسنا أهل رأي أو قياس واستحسان لنأخذ ما يحلوا لنا ونطرح ما لا يستساغ.!

ثم إن أحاديثهم عليهم السلام كلها نور وقد أجاد الآخوند صدر الدين الشيرازي قدس الله نفسه الزكية عندما قال: لا يدرك النور إلا بالنور. إن علمت ذلك وجب عليك التنبه إلى أن اصطلاح اليمين قد ورد في أحاديث متعددة وروايات مختلفة وتجدر الإشارة هنا أن الاصطلاح لم يوظف إطلاقا من أجل بيان الجهة أو المكان ونحن لعدم قابليتنا في التحرر من ظرف المكان أو الزمان دوماً نقع في فخ عدم تصور وجود معاني وحقائق غير قابلة للإشارة الحسية أو خاضعة للظرف الزماني أو المكاني، وهذا هو منهج أهل البيت عليهم السلام قد أشاروا إليه في كثير من الروايات وهذا ما دلت عليه العقول السليمة والأفهام المستقيمة حيث أن الواجب تنزيه ساحته المتعالية عما لا يليق بجنابه كالجسمية والصورة والحركة والانتقال والحلول والاتحاد والجهة والمكان والزمان وغير ذلك من النقائص التي هي في حقيقتها صفات الحدث الممكن لا الواجب القديم.

من هنا وجب التنبه إلى أن غالباً تكون هذه المفردات من سنخ المشترك لفظاً بين معاني متعددة أحدها يكون ما يتصوره الذهن من أنه إشارة إلى الجهة والمكان وهذا ظاهر البطلان فالحديث في خلافه، إذ لما كانت أفهامنا قاصرة عن إدراك ما هو الحق في المسائل العميقة المرتبطة بمعالم التوحيد خاطبنا الأنبياء والأولياء عليهم السلام على قدر عقولنا ومع ذلك لا نزال نرى الألفاظ متناقضة في الظاهر ونتيه فيها وهذا بين بالوجدان فقد أصبح المعبود عند الوهابية لعنهم الله شاباً أمرد ينتعل الذهب ويمتطي الحمار الأسود منتصف الليل، حتى قال أحد العظماء رحمهم الله: لا أدري وهل يضع أولئك المجسمة العلف فوق سطح المنزل ليعلفوا به حمار ربهم أم لا.!


مع الإشارة إلى أني قمت بكتابة تعقيب مطول على طريقة قواعد الحكمة العالية لبيان بعض أسرار هذه الرواية الشريفة ثم ارتأيت عدم إدراجها لبعض الاعتبارات وآثرت على ذلك نقل مقتطفات نوجه من خلاله مطلب الحديث بما يلاءم المعنى المشار إليه في جملة من المرويات الواردة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام. وهنا لا بد من مقدمات بسيطة ومختصرة:


المقدمة الأولى: أن وجود الحق واجب بذاته يأبى العدم في حقيقته لبساطته وأصالته، ولمقتضى ذلك فهو صرف لا يتثنى ولا يتكرر فالحق تعالى واحد لا شريك له، وقد سئل بعض أهل المعرفة عن الدليل على إثبات المطلب فقال: لقد أغنى الصباح عن المصباح. فتأمل.!


المقدمة الثانية: إن علمت ذلك تبين لك أن وجوده تعالى ليس له معنى وراء ذاته يكون زائداً عليه بل هو عين الوجود البحت الأصيل غير المنقسم لا وهماً ولا عقلاً ولا عيناً، فهو لبساطته وصرافته مستغن قائم بذاته لذاته.


المقدمة الثالثة: لما يتبصر الإنسان في واقعية هذا الوجود الواجب ويقف على ملامحه بتأمل يعلم أن الكمالات ليست عارضة عليه بل هي ذات عينه أيضاً، ذلك لعلمنا أن كل الكمالات في حقيقتها عارضة على الموجودات الممكنة، بخلاف واقعية الوجود الواجب فالإنسان بتبصره لهذه الواقعية يرى أن هذه الكمالات منشأها ومصدرها حاق ذات هذا الوجود الواجب، ولما علمنا أن ما عداه يعرض عليه الكمال علمنا أن كل كمال لموجود بما هو موجود فهو في أصالته ينتهي إلى الغني بالذات، وفاقد الشيء لا يعطيه.!


إذا أدركت الوارد أعلاه كله يتوضح لك أحد الأوجه البسيطة للمراد في الحديث الشريف الوارد لمعنى " كلتا يديه يمين " لأن اليمين في لغة العرب من اليمن وهو البركة، والبركة عطاء وفي كلام العرب أن اليمين هي المعطية وما ورد في الحديث أو بالقرآن فيه إشارة إلى يمين الحق تبارك وتعالى فهو إشارة إلى عدة أمور:

الأمر الأول:

أنه كامل بالذات، ولما كان كاملاً بالذات فإنه بالأصالة مصدر كل كمال، والمصدرية إشارة إلى أن كل كمال عند مخلوق فهو يرجع إليه تعالى ولما علمنا أن كل عالم الإمكان مسبوغ عليه بالعطاء الوجودي الذي هو في حقيقته إفاضة منه تعالى توضح لنا أن عطائه أولاً هو فيض جود وكرم، وثانياً أن فيضه مستمر لا ينتهي، فكأن لسان حال استعداد الممكنات في هذا الوجود قولهم: فلست أظهر لولا فيضك الكريم.

الأمر الثاني:

اليد على أحد المعاني هي القدرة، وعلى بعض المعاني هي الإحسان وكلاهما يصح على الحق تعالى، وبلحاظ كلا المعنيين يتحدس لدينا معنى لطيف يرتبط بمفهوم " الحمد " الذي هو ثناء على الجميل الاختياري كما أوردناه في بحوث التفسير الواردة في موضوع " الكلمات الربانية في شرح آيات الله النورانية " ومن أراد التزود فليرجع إليه. ثم إن القدرة والإحسان معاً إشارة إلى الفاعل بالاختيار لا القسر، فهو تعالى في فيضه ونعمه مختار وليس مجبور كالنار التي تعطي الحرارة وهي مجبورة.


الأمر الثالث:

لما كان متعلق الحديث بيمين العرش وجب البحث في المراد من العرش الذي هو في المفاهيم والاصطلاحات جملة خلق الله تعالى كما ورد في الرواية الواردة عن الصادق عليه السلام قوله: العرش في وجه هو جملة الخلق والكرسي وعاؤه. فالعرش هو مجموع العالم ومركز صدور القرار منقوش فيه أمر جملة هذا الخلق، ويؤيده ما ورد عن السجاد عليه السلام قوله: أن في العرش تمثال جميع ما خلق الله من البر والبحر.

ولما كان تعالى في حقيقته كما أشارت إليه الآية الكريمة أنه مستو على العرش مع الإشارة إلى أن المراد من هذا الاستيلاء لا يعني إلغاء القيمة الوجودية للعرش وجعله اعتباراً كأن يدعي بأن العرش إشارة إلى سلطان ملكه وما شابه فإن هذا يخالف المرويات الواردة عنهم عليهم السلام والتي تشير إلى أن العرش مخلوق كما مر بيانه.

قال السيد كمال الحيدري في شرح كلام العلامة صاحب الميزان رحمه الله حول حقيقة العرش ما يلي: حيث يدل أن هناك مرحلة حقيقية هي المقام الذي يجتمع فيه جميع أزمة الأمور على كثرتها واختلافها... فالآيات كما ترى تدل بظاهرها على أن العرش حقيقة من الحقائق العينية، وأمر من الأمور الخارجية، ولذلك نقول إن للعرش في قوله تعالى: ثم استوى على العرش، مصداقا خارجيا. من هذا المنطلق وجب التنبه إلى أن المراد من الاستواء على العرش كما أفاد الإمام الخميني قدس الله سره الشرف هو الفيض الوجودي المنبسط الذي به يسبغ الرحمن جل جلاله أصالة الوجود على ألواح الممكنات، فالعرش هو النور الذي به ترجح وجودات الممكنات على أعدامها.

عليه فالعرش من وسائط الفيض في النزول والصعود، ولعله من أقرب مخلوقات الله تبارك وتعالى إلى مقام ما يعبر عنه الحكماء بمقام أحدية الجمع والمراد من الأحاديث التي تحكي عن يمين العرش أو خبر زيارة المؤمن لعرش الله فإنه حاك عن مصداق معنوي وقرب معنوي من دون إلغاء الوجودية للعرش ولليمين الذي لعله هو ظهور أقرب إلى الحق تعالى من قرب حقيقة العرش الذي هو جملة خلق الله وأصالة عالم الأمر لما له من جهة اليمينية.

مع الإشارة إلى أن الموجود كلما ترقى في مراتبه الوجودية ازداد شرفاً وازداد قرباً من نور جلال الحق تعالى وهذا يحصل من خلال ترك التعلق والشوائب وعالم الكثرات والانصراف والاستغراق في عالم الوحدة وكل هذه المعاني تحتاج إلى دراسات وبحوث مطولة والإنسان إن تأمل في معاني هذا الحديث بالذات فإنه ليستخرج جملة من القواعد الحكمية والمعرفية الشريفة والمقام يحتاج إلى بسط البحث لا اختزاله وما أشرنا إليه مجرد ملاحظات قاصرة لا تصل لتصيب حقيقة معاني كلامهم الطاهرة فهم كلمات الله التامات والكلمة التامة لا يحيط به الداني وهو محاط به في مرتبته الوجودية.


والله الموفق
الأشتر


==================

جواب شديد الشكيمة

قال العلامة المجلسي
107
أقول : يمكن توجيهه بوجوه ثلاثة :
الأول : أن يكون المراد باليد القدرة ، واليمين كناية عن قدرته على اللطف و الاحسان والرحمة ، والشمال كناية عن قدرته على القهر والبلايا والنقمات ، والمراد بكون كل منهما يمينا كون قهره ونقمته وبلائه أيضا " لطفا " وخيرا " ورحمة .

والثاني : أن يكون المراد على هذا التأويل أيضا " أن كلا منهما كامل في ذاته لا نقص في شئ منهما .

والثالث أن يكون المراد بيمينه يمين الملك الذي أمره بذلك ، وبكون كلتا يديه يمينا " مساواة قوة يديه وكمالهما . 11 / 106.7


هنا نحل الإشكال في فهم الرواية

الإشكال وارد من وجود نصوص تنفي التجسيم والتشبيه

فيكون توجيه النظر تجاه تلك الرواية الصحيحة
نفس التوجيه مع الآية الكريمة في قوله تعالى

وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ


التوحيد - الشيخ الصدوق - ص 161 - 162
عن سليمان بن مهران ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل : ( والأرض جميعا قبضته يوم القيمة ) فقال : يعني ملكه لا يملكها معه أحد ، والقبض من الله تبارك وتعالى في موضع آخر المنع والبسط ، منه الاعطاء والتوسيع ، كما قال عز وجل : ( والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون ) ( 1 ) يعني يعطي ويوسع ويمنع ويضيق ، والقبض منه عز وجل في وجه آخر الأخذ
(2) في وجه القبول منه كما قال : ( ويأخذ الصدقات ) ( 3 ) أي يقبلها من أهلها ويثيب عليها ، قلت :
فقوله عز وجل : ( والسماوات مطويات بيمينه ) ؟ قال : اليمين اليد ، واليد القدرة والقوة ، يقول عز وجل : السماوات مطويات بقدرته وقوته ، سبحانه وتعالى عما يشركون
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
‹ هامش ص 161 › ( 1 ) الأنعام : 91 . ( 2 ) مراده عليه السلام أن قوله تعالى : ( والأرض جميعا - الخ ) حكاية قول من شبه الله بخلقه بتقدير إذ قالوا كما في الآية الأخرى ، فيكون قوله تعالى : ( وما قدروا الله حق قدره ) تعييرا من الله عليهم لقولهم ذلك ، فلذا نزه نفسه في آخر الآية غن ذلك لأنه تشبيه له بخلقه كما أنه تعالى عيرهم في الآية الأخرى لقولهم : ما أنزل الله ، ثم إن ( إذ ) في الموضعين للتعليل قال العلامة المجلسي في البحار في الصفحة الثانية من الجزء الرابع من الطبعة الحديثة : هذا وجه حسن لم يتعرض له المفسرون ، ويؤيده أن العامة رووا ( أن يهوديا أتى النبي صلى الله عليه وآله وذكر نحوا من ذلك فيضحك صلى الله عليه وآله ، وهذا التفسير لا ينافي ما في الحديث التالي وغيره لأن المتشابهات تحمل على بعض الوجوه الحقة المحكمة أو على جميعها بدلالة من الراسخين في العلم . ( 3 ) البقرة : 245 .


والحمد لله رب العالمين
 
23 يوليو 2010
3
0
0
كل التقدير أخي على الموضوع المتميز... والإجابات ترد على الإشكالات التي قد توجه التفكير نحو التجسيم، والعياذ به تعالى.

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم