حلقات في بيان سورة الاخلاص المباركة

19 أبريل 2010
20
0
0
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رأيت من المناسب البدء بحلقات تدريسية وبيانية لسورة هي من اعظم سور القرأن , بل لاتوجد سورة ولا اية فيها من التوحيد الحق بعظمة ما بينته هذه السورة الا ربما اوائل سورة الحديد المباركة .

ونحن سوف نستفيد من اعظم شروح اصول الكافي اعني شرح الملا صدرا قدس سره وغيره

بسم الله الرحمن الرحيم

اولا :


باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى
1

1 - علي بن إبراهيم، عن العباس بن معروف، عن ابن أبي نجران، عن حماد ابن عثمان، عن عبدالرحيم بن عتيك القصير قال: كتبت على يدي عبدالملك بن أعين إلى أبي عبدالله عليه السلام: أن قوما بالعراق يصفون الله بالصورة وبالتخطيط فإن رأيت - جعلني الله فداك - أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد؟ فكتب إلي: سألت رحمك الله عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك فتعالى الله الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، تعالى عما يصفه الواصفون المشبهون الله بخلقه المفترون على الله، فاعلم رحمك الله أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله عزوجل فانف عن الله تعالى البطلان والتشبيه فلا نفي ولا تشبيه هو الله الثابت الموجود تعالى الله عما يصفه الواصفون ولا تعدوا القرآن فتضلوا بعد البيان.

اما من حيث السند فهو عادي ضعيف
1- التخاطيط : الأشكال
قوله من قبلك , اما بفتح القاف وسكون الباء , اي من كان قبلك , او بكسر القاف وفتح الباء , اي من كان من جهتك وتلقائك , يعني به اهل العراق .
قوله عليه السلام : فانف عن الله البطلان والتشبيه , امر بنفي التعطيل والتشبيه , فإن جماعة ارادوا تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات فوقعوا في التعطيل ونفي الصفات رأسا , وجماعة اخرى ارادوا ان يصفوه بصفاته العليا واسمائه الحسنى فاثبتوا له صفات زائدة على ذاته فشبهوه بخلقه , فاكثر الناس الا القليل النادر منهم , بين معطل ومشبه .
وقوله : هو الله الثابت الموجود , اشارة الى نفي التعطيل والبطلان , وقوله : تعالى الله عما يصفه الواصفون , اشارة الى نفي التشبيه , فإن الواصفين هم الذين يصفون الله بصفات زائدة ويقال لهم الصفاتية , وكل من اثبت لله صفة زائدة فهو مشبهي لا محالة .
وقوله : لا تعدوا القرآن فتضلوا بعد البيان , اي فلا تجاوزوا ما في القرآن بأن تنفوا عن الله ما ورد في القرآن حتى تقعوا في ضلالة التعطيل والله يقول : ليس كمثله شئ وهو السميع البصير , او تثبتوا لله من الصفات ما يجب التنزيه عنها حتى تقعوا في زيغ التشبيه والله يقول : سبحان ربك رب العزة عما يصفون .
هذا : والوهابية اليوم يتهمون مدرسة اهل البيت عليهم السلام بكلا التهمتين التشبيه والتعطيل مع انهما في العادة لايجتمعان ولكنه من باب قل كل شئ في عدوك واتهمه بأي بهمة للافلاس من الحجة والبرهان فلا وفقهم الله لأي خير .
نعم هناك معنى دقيق لمعنى نفي الصفة الذي قد ورد ايضا ياتي ان شاء الله التعرض له

2 - محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن ابي عمير، عن إبراهيم ابن عبدالحميد، عن ابي حمزة قال: قال لي علي بن الحسين عليهما السلام: يا أبا حمزة إن الله لا يوصف بمحدودية، عظم ربنا عن الصفة فكيف يوصف بمحدودية من لا يحد ولا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير؟
هذا الحديث الشريف مسند صحيح السند من النوع العادي
وبيانه ياتي ان شاء الله


هذا بيان للحديث الثاني

اعلم ان كثيرا من الناس ذهبوا الى صدق المشتقات كالعالم والقادر والمجيد والكريم وغيرها , واتصافه به يستدعي به قيام من مبدأ الاشتقاق لذلك الشئ كالعلم والقدرة والمجد والكرم, فلا يطلق عندهم اسم الكريم الا على
من له علم زائد على ذاته ولا القادر الا على من له قدرة زائدة على ذاته ولا المجيد الكريم الا على من له مجدودية وكرامة زائدة على ذاته , فمناط صدق الاسامي المشتقات عنده تحقق الصفات الزائدة عندهم ,
وهذا منهم مجرد دعوى بلا دليل ولا برهان . هكذا ذكر الشيخ الملا صدرا الشيرازي قدس سره .
ونوضحه اكثر : ان هناك ذات ثبتت لها صفة هي تكون مبدأ الاشتقاق , كالقدرة , فالقادر من المشتقات حيث نشتق القدرة منه وقيام هذه الصفة بذات ما امر ضروري , من هنا , فانهم قد ادعوا ان صدق المشتقات كالقادر موقوف على ذات متلبسة بمبدأ الاشتقاق وهو تلك الحيثية او الصفة , فتكون الصفة امر زائد بالضرورة على تلك الذات . من هنا فاططاق صفة القادر على الله تعالى وتقدس بعني زيادة صفة القدرة على ذاته , او قل قيام الصفة بذاته فهما امران اثنان لا شئ واحد . ومن هنا معركة الشيعة تبعا لاهل البيت عليهم السلام مع المخالفين اتباع ائمة الضلال , فإنه لا دليل على دعواهم بل قامت الادلة على القدرة مثلا هي عين الذات الالهية بمعنة الوحدة العينية مصداقا وان اختلفا مفهوما بل وتعددا .
يقول الشيخ ملا صدرا قدس سره : والمحققون من الحكماء وموافقوهم على خلاف ما ذهب اليه هؤلاء وبينوا ذلك بوجوه من الشواهد والاعتبارات فقالوا : ليس من شرط الموجود او الواحد مثلا ان يكون له وجود زائد ووحدة زائدة , والا لذهب الامر متسلسلا الى غير النهاية , بل الموجود قد يؤخذ نفس الموجود بما هو موجود , وقد يؤخذ شئ اخر كإنسان او ماء او هواء وذلك الشئ هو الموجود, وكذا الواحد قد يؤخذ على المعنى البسيط الذي هو هو نفس الواحد بوحدة غير زائدة على ذاته , وقد يؤخذ بشئاخر موصوف بصفة الوحدانية كالانسان الواحد والشجر الواحد والماء الواحد .

فاذا فهمت هذا فاعلم / ان غرضه عليه السلام التنبيه على ان اتصاف الله بصفاه العلياء انما هو على المعنى البسيط , فهو موجود بذاته لا بصفة الوجود , واحد بذاته لا بصفة الوحدة , عليم بذاه لا بعلم زائد , وهكذا في جميع صفاته .
قلت في بيان التسلسل الذي ذكره : ان الواحد لو كان عبارة عن ذات متصفة بالوحدة وهي امر زائد على تلك الذات فنقول : هذه الصفة هل قامت بنفسها ام بذات ؟ فاذا قلت انها قامت بنفسها فقل ذلك من اول الامر , واذا ابيت الا وجدان ذات بها قيام تلك الصفة فإننا نسأل هل قيامها بذاتها ام بذات وهكذا يستمر السؤال لا الى نهاية وهذا تسلسل باطل وهو يعني عدم تحقق شئ اصلا , والحال انه تحقق شئ فعنى ذلك انه من اول الامر قيام الصفة ليس باذت تكون تلك الصفة زائدة بل ان الصفة هي عين الذات وان الذات هي عين تلك الصفة .


تكملة :

قال الشيخ صدر المتألهين قدس سره :
فقوله عليه السلام : لايوصف بمحدودية , اشارة الى انه مجيد بنفس ذاته لابصفة المجدودية , لانه لو وصف بصفة زائدة يلزم ان يكون محدودا مدركا بالاوهام , لأن تلك الصفة ليست بواجبة الوجود والا لزم تعدد الاله , تعالى الله عن الشريك علوا كبيرا , بل كانت ممكنة مخلوقة , فلزم اتصافه بصفات المخلوقات وسمات المحدثات , فكيف يوصف بصفة زائدة ممكنة من لايدركه بصائر العقول ولاتمثله ابصار العيون وهو البصير يدرك البصائر والابصار قبل خلق القوى والمشاعر وهو اللطيف ؟ فكيف يدركه الكثيف من عقل وحس وهو الخبير قبل ايجاد صفة العلم والخبر فكيف يوصف بزائد من الصفة ؟


بيانه : ان صفة من صفاته كالمجد وهو تعالى المجيد , هل هي صفة زائدة على ذاته ام انها صفة ذاته ؟!
بمعنى انه مجيد بشئ اخر خارج عن ذاته , ام انه مجيد بذاته نفسها تعالى وتقدس ؟؟

البرهان يقول انه مجيد بذاته نفسه وهكذا بقية صفاته وكمالاته .

والا , كان موصوفا بما هو خارج عن ذاته , وهذا الخارج لايمكن ان يكون واجبا بالذات والا تعدد الالهة وواجبي الذات وهو محال بالضرورة .

فمن هنا فهذا الخارج _ المفترض _ ممكن مخلوق !!!
وحاش لله تعالى ان يتصف بصفة المخلوقين والممكنات !!

من هنا ينحصر الأمر في انه متصف بالصفة ولمنها صفى هي عين ذاته , هو مجيد بذاته لا بشئ خارج عنها تعالى وتقدس .
وهو لايدركه بصائر العقول ولاتمثله ابصار العيون وهو البصير يدرك البصائر والابصار قبل خلق القوى والمشاعر وهو اللطيف ؟ فكيف يدركه الكثيف من عقل وحس وهو الخبير قبل ايجاد صفة العلم والخبر فكيف يوصف بزائد من الصفة ؟
فإن الله تعالى اعظم واكبر من ان تحيط به العقول و البصائر فضلا عن الابصار , نعم هو لم يحجبها عن واجب معرفته ولكن انا لها ان تحيط به سبحانه وتعالى !!
{ولايحيطون به علما } , هذا الانسان الكثيف من العقل والجسم كيف يحيط بباريه المنزه عن الحدود , وكل صفة زائدة عن ذاته اذا كان يتصف بها فهي يعني انه سبحانه تحده العقول تعالى وتقدس !!

وفي الحديث الرابع من الباب الحالي بالسند المذكور عن ابي حمزة عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال لو اجتمع اهل السماء والارض ان يصفوا الله بعظمته لم يقدروا .
وقال الملا صدرا رضوان الله عليه :
قوله : يصفوا الله بعظمته , اي يصفوه على ما هو عليه من العظمة , وقد مضى البرهان على هذا من ان الذا ت الاحدية والهوية القيومية مما لا ماهية له ولا جزء لذاته فلا حد له ولا صورة تساويه فلا حكاية عنه , ولان وجوده الذي عين ذاته غير متناهي الشدة في النورية , فلا يكتنهه لاحظ , ولايستقر لادراكه ناظر .

بيانه : نفي الماهية عن ذاته تعالى يعني نفي الحدود اذ الماهية حد الشئ سواء كان حدا عقليا ام خارجيا ام وهميا .
وذاته تعالى لا جزء لها , والا كان مركبا فلا جزء له بأي معنى , واثبات الاعضاء له شئ من هذا القبيل , فهو يستحيل ان يكون له جزء ولايمكن ان يكون له جزء او عضو وهذا امر بديهي , فلا يقوى على معارضته اي نقل مهما صح عن الثقات , والصورة لايمكن اثباتها عليه تعالى كونها حد وتحديد وتجسيم بنحو ما او في بعض الوجوه , من هنا فانعدمت الحكاية عنه !! ثم ان وجوده تعالى عين ذاته وليس شيئا زائدا عليها , ولأن وجوده غير متناهي القوة والشدة في الظهور والاظهار والنورية , فلا يكتنهه أي من الملاحظين , ولايستقر احد من الناظرين .