بطولية عمر بن الخطاب و شجاعته في حرق داربنت رسول الله صل الله عليه و اله

19 أبريل 2010
25
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم


أخرج الصنعاني بسند صحيح كل رجاله ثقات ج5ص439ح9758 :
عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف قال عمر بن الخطاب :
" ثم إنه كان من خبرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة ". راجع تاريخ الطبري ج2ص235. والفصل للوصل للخطيب البغدادي ج1 ص 490 .

وأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح كل رجاله ثقات حفاظ ج7ص432ح 37045 :
" حدثنا محمد بن بشر -الحافظ الثقة- اخبرنا عبيد الله بن عمر -ثقة حافظ- حدثنا زيد بن أسلم -ثقة حافظ إمام- عن أبيه أسلم مولى عمر قال : أنه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما من أحد أحب إلينا من أبيك وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك ((( وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت قال فلما خرج عمر جاؤوها فقالت تعلمون أن عمر قد جاءني وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت وأيم الله ليمضين لما حلف عليه ))) فانصرفوا راشدين فروا رأيكم ولا ترجعوا إلي فانصرفوا عنها فلم يرجعوا إليها حتى بايعوا لأبي بكر " .


( أقول : وأسلم كان معاصرا للحادثة كما نص على ذلك المترجمين له قال الذهبي في طبقات الحفاظ ج1ص24ت32 : " أسلم مولى عمر بن الخطاب أبو خالد ويقال أبو زيد حبشي بجاوي ، أدرك ، ومات سنة ثمانين وله أربع عشرة ومائة سنة ".

فعندما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان عمر أسلم 34 سنة تقريبا وقد أدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
وإن ادعى مدعي أنه لم يكن موجودا حينها في المدينة –ولا دليل عليه- فإن الشاهد من الرواية وهو قول عمر بن الخطاب : ( وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت ) بحكم المتصل سندا لأن أسلم مولى عمر وسمع منه فقول عمر هذا يحمل على سماع أسلم له من سيده عمر ، خاصة وأن أسلم راوية تاريخ عمر .


وقد نص علماء الحديث على حمل هذه الرواية وأمثالها على السماع ، فقد ذكر ابن حجر العسقلاني في فتح الباري موردا لذلك في رده على الدارقطني الذي اعترض على رواية في صحيح البخاري أن راويها لم يكن موجودا حين الحادثة فقال في رده العسقلاني إن الراوي للحادثة وإن لم يكن موجودا حينها إلا أنه قد سمع مؤخرا ممن حدثت معه تلك الحادثة فتحمل على سماع الراوي ممن حدثت معه تلك الحادثة وإن لم يصرح في الرواية أنه قد سمع الحادثة منه .

وهذه هي رواية البخاري التي اعترض عليه الدارقطني ، صحيح البخارى ج 5 ص 66 : حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض اسفاره ، وكان عمر بن الخطاب يسير معه ليلا ، فسأله عمر بن الخطاب عن شئ فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم سأله فلم يجبه ، ثم سأله فلم يجبه ، وقال عمر ابن الخطاب: ثكلتك أمك يا عمر ، نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك ، قال عمر: فحركت بعيرى ثم تقدمت امام المسلمين وخشيت ان ينزل في قرآن ، فما نشبت ان سمعت صارخا يصرخ بى قال فقلت لقد خشيت ان يكون نزل في قرآن وجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت فقال لقد انزلت على الليلة سورة لهى احب إلى مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ انا فتحنا لك فتحا مبينا"


ونقل ابن حجر في مقدمة فتح الباري ص371 اعتراض الداقطني عليها بالإرسال بدعوى أن أسلم مولى عمر لم يكن حاضرا الحادثة :
" قال الدارقطني: أخرج البخاري عن القعنبي وعبد الله بن يوسف وغيرهما عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسير وعمر معه الحديث في نزول سورة الفتح مرسلا وقد وصله قراد وغيره عن مالك " .

فعقب عليه ابن حجر العسقلاني قائلا : " قلت: بل ظاهر رواية البخاري الوصل ، فإن أوله وإن كان صورته صورة المرسل فإن بعده ما يصرح بأن الحديث لأسلم عن عمر ، ففيه بعد قوله فسأله عمر عن شئ فلم يجبه . فقال عمر نزرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك قال عمر فحركت بعيري ثم تقدمت امام الناس وخشيت أن ينزل في قرآن . وساق الحديث على هذه الصورة حاكيا لمعظم القصة عن عمر فكيف يكون مرسلا هذا من العجب والله أعلم ".
وهنا قول آخر لابن حجر العسقلاني يقرر القاعدة السابقة بمورد آخر يروي فيه عروة بن الزبير وهو تابعي ما حصل في زمن رسول الله وهو لم يدرك ذلك الزمن قطعا :

عند شرحه لهذا الحديث :
صحيح البخاري ج2ص896ح 2401 :
(( هشام بن عروة أخبرني أبي ثم أن حكيم بن حزام رضي الله عنه أعتق في الجاهلية مائة رقبة وحمل على مائة بعير فلما أسلم حمل على مائة بعير وأعتق مائة رقبة قال فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أرأيت أشياء كنت أصنعها في الجاهلية كنت أتحنث بها يعني أتبرر بها قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت على ما سلف لك من خير ))

قال ابن حجرالعسقلاني في فتح الباري ج5ص169 :
(( قوله أن حكيم بن حزام أعتق ظاهر سياقه الإرسال لأن عروة لم يدرك زمن ذلك لكن بقية الحديث أوضحت الوصل وهي قوله ( قال : فسألت ) ففاعل قال هو حكيم بالحق عروة قال قال حكيم فيكون بمنزلة قوله عن حكيم ))

فعروة بن الزبير لم يعاصر الحادثة - فهي أشكل من رواية أسلم الذي عاصرها ولا نسلم بأنه لم يكن موجودا حين الحادثة- ومع ذلك حكم على الرواية بالاتصال لأن في وسطها يوجد ( قال -أي حكيم- سألت ) وعروة سمع من حكيم بعد زمان الحادثة فتحمل على الاتصال ، وإن لم يعاصر الحادثة .
فرواية حكيم في بدايتها (( أن حكيم بن حزام رضي الله عنه أعتق في الجاهلية مائة رقبة )) مع أن عروة لم يدرك زمان النبي فكيف يدرك الجاهلية ؟! ومع ذلك هي متصلة لأنه سمع من حكيم بعد الحادثة وإن لم يصرح بسماعه منه ".

فإذن رواية أسلم وإن كان صورتها صورة المرسل إلا أنها متصلة السند لقرينة في داخل الرواية وهي نقله لقول عمر بن الخطاب وتهديده بحرق بيت فاطمة عليها السلام ، وأسلم سمع من عمر فيما بعد. ))


تاريخ الطبري ج2ص233 : " عن إبراهيم النخعي قال : فقالت الأنصار أو بعض الأنصار : لا نبايع إلا عليا . وعن زياد بن كليب قال : أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال : والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة فخرج عليه الزبير مصلتا السيف فعثر فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه ".

وقال محب الدين الطبري في الرياض النضرة ج2ص213 :" قال ابن شهاب الزهري : وغضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر منهم علي بن أبي طالب والزبير فدخلا بيت فاطمة الوقوف السلاح فجاءهما عمر بن الخطاب في عصابة من المسلمين منهم أسيد بن حضير وسلمة بن بالإجماع بن وقش وهما من بني عبد الأشهل ويقال منهم ثابت بن قيس بن شماس من بني الخزرج فأخذ أحدهم سيف الزبير فضرب به الحجر حتى كسره ويقال إنه كان فيهم عبد الرحمن بن عوف ومحمد بن مسلمة وإن محمد بن مسلمة هو الذي كسر سيف الزبير "

ثم قال : " وتخلف عن بيعة أبي بكر يومئذ سعد بن عبادة في طائفة من الخزرج وعلي بن أبي طالب وابناه والعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنوه في بني هاشم والزبير وطلحة وسلمان وعمار وأبو ذر والمقداد وغيرهم من المهاجرين وخالد بن سعيد بن العاص ".

تاريخ الطبري ج2ص353 والأحاديث المختارة ج1 ص 89 : "قال أما إني لا آسي على شيء إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني لم أفعلهن وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهن وثلاث وددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهن فأما الثلاث اللاتي وددت أني لم أفعلهن فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة أو تركته وأن أغلق على الحرب "


السلام عليكم

التشكيك في احراق الباب هو مخالف للنصوص الواردة في التاريخ ، التي تؤكد على أن القوم جاؤوا بقبس وانهم أشعلوا النار في باب البيت :



1 - كتاب سليم بن قيس المتوفى حدود سنة 76 ه‍فقد جاء فيه : ( ثم دعا عمر بالنار فأضرمها في الباب ، فأحرق الباب ثم دفعه عمر فاستقبلته فاطمة عليها السلام وصاحت : يا أبتاه يا رسول الله ) (1) .



2 - الهداية الكبرى للحسين بن حمدان الخصيبي المتوفى سنة 334 ه‍، فقد جاء فيه وجمع الحطب الجزل على النار لاحراق أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب ورقية وأم كلثوم وفضة وإضرامهم النار على الباب . . . وأخذ النار في خشب الباب) (2) .



3 - الشافي في الإمامة علي بن الحسين الموسوي ( السيد المرتضى ) المتوفى سنة 436 ه‍، فقد جاء فيه : ( قال - أي القاضي عبد الجبار الصمداني المعتزلي - : ( فأما ما ذكروه من حديث عمر في باب الاحراق فلو صح لم يكن طعنا على عمر لان له أن يهدد من امتنع عن المبايعة إرادة للخلاف على المسلمين لكنه غير ثابت لان أمير المؤمنين قد بايع وكذلك الزبير والمقداد والجماعة ، وقد بينا القول في ذلك فيما تقدم وان التمسك بما تواتر به الخبر من بيعتهم أولى من هذه الروايات شاذة ) . .

. فأما قوله : ( إن حديث الاحراق ما صح ، ولو صح لم يكن طعنا لان له أن يهدد من امتنع من المبايعة إرادة للخلاف على المسلمين ) فقد بينا أن خبر الاحراق قد رواه غير الشبعة ممن لا يتهم على القوم ، وإن دفع الروايات بغير حجة أكثر من نفس المذاهب المختلف فيها لا يجدي شيئا ، والذي اعتذر به من حديث الاحراق إذا صح طريف ، وأي عذر لمن أراد أن يحرف على أمير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام منزلهما ؟ وهل يكون في مثل ذلك علة يصغى إليها أو تسمع وإنما يكون مخالفا على المسلمين وخارقا لاجماعهم ، إذا كان الاجماع قد تقرر وثبت ، وإنما يصح لهم الاجماع متى كان أمير المؤمنين عليه السلام ومن قعد عن البيعة ممن انحاز إلى بيت فاطمة عليها السلام داخلا فيه وغير خارج عنه ، وأي إجماع يصح مع خلاف أمير المؤمنين عليه السلام وحده فضلا عن أن يتابعه على ذلك غيره ، وهذه زلة من صاحب الكتاب وممن حكى احتجاج ) (3) .



5 - تلخيص الشافي للشيخ محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة 460 ه‍فيما نقله عن أحمد بن يحيى البلاذري المتوفى ما بين أعوام 274 - 279 ه‍في تاريخه فيما رواه عن المدائني ، عن مسلمة بن محارب ، عن سليمان التميمي ، عن أبي عون : ( أن أبا بكر أرسل عمر إلى علي يريده على البيعة فلم يبايع ومعه قبس ، فتلقته فاطمة عليها السلام على الباب فقالت : يا ابن الخطاب ، أتراك محرقا علي بابي ؟ قال : نعم ، وكذلك أقوى فيما جاء به أبوك ، وجاء علي فبايع ) . ثم عقب الشيخ الطوسي ( قدس سره ) على الخبر قائلا : ( وهذا الخبر قد روته الشيعة من طرق كثيرة ، وإنما الطريق أن يرويه شيوخ محدثي العامة ، لكنهم كانوا يروون ما سمعوا بالسلامة ، وربما تنبهوا على ما في بعض ما يروونه عليهم فكفوا منه ، وأي اختيار لمن يحرق عليه بابه حتى يبايع ؟ وروى إبراهيم بن سعيد الثقفي ، قال : حدثني أحمد بن عمرو البجلي ، قال : حدثنا أحمد بن حبيب العامري ، عن حمران بن أعين ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال : والله ما بايع علي حتى رأى الدخان قد دخل بيته ) (4) .



والملاحظ أن الشيخ الطوسي ( رضوان الله عليه ) يريد أن يؤسس أصلا في مجال المطاعن والمثالب وهو أن الخصم يسعى دوما إلى ستر وكتمان ما بعد شنارا وعارا عليه ، ولا يظهر أمرا إلا لعدم قدرته على إنكاره ، فهو من إظهاره يبرز أقل مقدار يمكن كشفه ويخفي أمورا أخرى ، والخبير الحاذق هو من يستطيع أن يستكشف ما يخفيه الخصم وينتقل من المظهر إلى المخفي ، وهذا ما فعله الشيخ الطوسي حيث انتقل من رواية البلاذري بإحضار النار والتهديد بإحراق الباب وربه بما روي عن الامام الصادق عليه السلام من تحقق الاحراق وحصوله بالفعل ، وسنذكر لاحقا بعض الشواهد التي تؤيد هذا الأصل .



6 - شرح نهج البلاغة لأبي حامد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد المدائني المعتزلي المتوفى سنة 656 ه‍، حيث قال : ( فأما حديث التحريق وما جرى مجراه من الأمور الفظيعة ، وقول من قال إنهم أخذوا عليا عليه السلام يقاد بعمامته والناس حوله ، فأمر بعيد ، والشيعة تنفرد به ، على أن جماعة من أهل الحديث قد رووا نحوه وسنذكر ذلك ) (5)



7 - الطرف لعلي بن موسى بن طاووس المتوفى سنة 664 ه‍نقل حديثا عن الامام الكاظم ، عن أبيه الامام الصادق عليهما السلام ، إنه كان من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام : ( يا علي ويل لمن ظلمها ، وويل لمن ابتز حقها ، وويل لمن انتهك حرمتها ، وويل لمن أحرق بابها ) (6) .



8 - تجريد الاعتقاد للشيخ أبي جعفر محمد بن محمد بن الحسن المعروف ب‍( نصير الدين الطوسي ) المتوفى سنة 672 ه‍، فقد استدل لاثبات عدم صلاحية أبي بكر بأمور منها أنه ( بعث إلى بيت أمير المؤمنين عليه السلام - لما امتنع عن البيعة - فأضرم فيه النار ) (7) . تجدر الإشارة إلى أن النصوص التي تحدثت عن الهجوم على بيت الزهراء تذكر أن ( عمر أقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهما الدار ) بالإضافة إلى ما صاحب ذلك من تجميع حطب لتكتمل عملية الاحراق (8) .


(1) كتاب سليم بن قيس : ص 250 ط دار الفنون ، ج 2 ، ص 864 ط نشر الهادي .
(2) الهداية الكبرى : ص 407 ، وكذلك في الصفحات : 179 ، 402 .
(3) الشافي في الإمامة : ج 4 ، ص 112 و 119 .
(4) تلخيص الشافي : ج 3 ، ص 76 .
(5) شرح نهج البلاغة : ج 2 ، ص 21 .
(6) عنه عوالم سيدة النساء : ص 400 ، وكذلك عن مصباح الأنوار ( مخطوط ) : ص 268 .
(7) تجريد الاعتقاد : ص 250 .
(8) راجع العقد الفريد ، لابن عبد ربه : ج 5 ، ص 13 ، والإمامة والسياسة ، لابن قتيبة ، ص 30 تحقيق علي شيري ، وتاريخ أبي الفداء : ج 1 ، ص 164 .


هذه بعض ما نقل السيد الهاشمي في موقعه


يقول الشيخ عباس القمي ( رضوان الله عليه ) في كتابه:



( فقد ذكرت في كتابي المترجم بنفس المهموم في وقايع عاشوراء عن الطبري

: إ نه حمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين عليه السلام برمحه ونادى علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله ، قال : فصح النساء وخرجن من الفسطاط ، فصاح به الحسين عليه السلام : يا بن ذي الجوشن أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي ، أحرقك الله بالنار

. قال أبو مخنف : حدثني سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم قال : قلت لشمر بن ذي الجوشن : سبحان الله إن هذا لا يصلح لك ، أتريد أن تجمع على نفسك خصلتين ؟ تعذب بعذاب الله وتقتل الولدان والنساء ، والله إن في قتلك الرجال لما ترضي به أميرك ، قال : فقال : من أنت ؟ قلت : لا أخبرك من أنا ، قال : وخشيت والله لو أن عرفني أن يضرني عند السلطان ، قال : فجاء رجل كان أطوع له مني شبث بن ربعي ، فقال : ما رأيت مقالا أسوأ من قولك ولا موقفا أقبح من موقفك ، أمر عبا للنساء صرت ؟ قال : فأشهد إنه استحيى فذهب لينصرف .





أقول : هذا شمر مع إنه كان جلفا جافا قليل الحياء استحيى من قول شبث ثم انصرف ! ! وأما الذي جاء إلى باب أمير المؤمنين وأهل بيته عليهم السلام وهددهم بتحريقهم وقال : والذي نفس عمر بيده ليخرجن أو لأحرقنه على ما فيه ، فقيل له : إن فيه فاطمة بنت رسول الله وولد رسول الله وآثار رسول الله صلى الله عليه وآله فأشهد إنه لا يستحي ولم ينصرف بل فعل ما فعل ) (1) .


(1) بيت الأحزان : ص 126 .


يقولون الوهابية بالمعنى الأعم :

( وأنا لا أتفاعل مع كثير من الأحاديث التي تقول إن القوم كسروا ضلعها أو ضربوها على وجهها أو ما إلى ذلك ) .

--
الجواب

ومن المصادر التي صرحت بأن القوم ضربوا الزهراء عليها السلام سواء باليد أم بالسوط ما يلي :



1 - كتاب سليم بن قيس الهلالي المتوفى حدود سنة 76 ه‍حيث جاء فيه : ( . . . فأغرم عمر بن الخطاب تلك السنة جميع عماله أنصاف أموالهم لشعر أبي المختار ولم يغرم قنفذ العدوي شيئا وقد كان من عماله ، ورد عليه ما أخذ منه وهو عشرون ألف درهم ، ولم يأخذ منه عشره ولا نصف عشره . . . قال سليم : فلقيت عليا فسألته عما صنع عمر ، فقال عليه السلام : هل تدري لم كف عن قنفذ ولم يغرمه شيئا ؟ قلت : لا ، قال : لأنه هو الذي ضرب فاطمة بالسوط حين جاءت لتحول بيني وبينهم فماتت وإنه أثر السوط لفي عضدها مثل الدملج . قال سليم : انتهيت إلى حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ليس فيها إلا هاشمي غير سلمان وأبي ذر والمقداد ومحمد بن أبي بكر وعمر بن أبي سلمة وقيس بن سعد بن أبي عبادة ، فقال العباس لعلي عليه السلام : ما ترى عمر منعه من أن يغرم قنفذا كما أغرم جميع عماله ؟ فنظر علي عليه السلام إلى حوله ثم اغرورقت عيناه ثم قال : نشكو له ضربة ضربها فاطمة بالسوط فماتت وفي عضدها أثر كأنه الدملج ) (1) . والدملج والدملوج : المعضد من الحلي (2) .



2 - تفسير العياشي لمحمد بن مسعود بن عياش السلمي الذي عاش في أواخر القرن الثالث ، وجاء فيه : في رواية عن أحدهما عليه السلام : ( إن نبي الله صلى الله عليه وآله لم يقبض حتى أعلم الناس أمر علي عليه السلام فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، وقال : إنه مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ، وكان صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وآله في المواطن كلها ، وكان معه في المسجد يدخله على كل حال ، وكان أول الناس إيمانا ، فلما قبض نبي الله صلى الله عليه وآله كان الذي كان لما قد قضي من الاختلاف ، وعمد عمر فبايع أبا بكر ولم يدفن رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ، فلما رأى ذلك علي عليه السلام ورأى الناس قد بايعوا أبا بكر خشي أن يفتتن الناس ففرغ إلى كتاب الله وأخذ بجمعه في مصحف ، فأرسل أبو بكر إليه أن تعال فبايع ، فقال علي : لا أخرج حتى أجمع القرآن ، فأرسل إليه مرة أخرى فقال : لا أخرج حتى أفرغ ، فأرسل إليه الثالثة عمر رجلا يقال له قنفذ فقامت فاطمة بنت رسول الله صلوات الله عليه تحول بينه وبين علي عليه السلام فضربها ) (3) .



3 - الهداية الكبرى للحسين بن حمدان الخصيبي المتوفى سنة 334 ه‍، فقد جاء فيه : من حديث الامام الصادق عليه السلام : ( وضرب عمر لها بسوط أبي بكر على عضدها حتى صادر كالدملج الأسود المحترق وأنينها من ذلك وبكاها . . . وصفعة ( صفقة ) عمر على خدها حتى أبرى قرطها تحت خمارها فانتثر وهي تقول : يا أبتاه يا رسول الله ابنتك فاطمة تضرب ) (4) .



4 - كامل الزيارات لجعفر بن محمد بن قولويه المتوفى سنة 267 ه‍فقد روى حديثا عن الامام الصادق عليه السلام جاء فيه ان مما أخبر الله سبحانه وتعالى نبيه ليلة أسري به إلى السماء : ( وأما ابنتك فتظلم وتحرم ويؤخذ حقها غصبا الذي تجعله لها وتضرب وهي حامل ) (5) .



5 - الأمالي للشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ( الصدوق ) المتوفى سنة 381 ه‍فقد أسند إلى الامام علي عليه السلام أنه قال : ( بينما أنا وفاطمة والحسن والحسين عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذا التفت إلينا فبكى فقلت : ما يبكيك يا رسول الله ؟ فقال : أبكي مما يصنع بكم بعدي . فقلت : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : أبكي من ضربتك على القرن ولطم فاطمة خدها . . . ) (6) .



6 - الاختصاص لمحمد بن محمد بن النعمان المفيد المتوفى سنة 413 ه‍، فقد روى حديثا عن الامام الصادق عليه السلام جاء فيه : ( ثم لطمها ( أي عمر ) فكأني أنظر إلى قرط في أذنها حين نقفت ) (7) .



7 - الفرق بين الفرق لعبد القاهر بن طاهر الأسفرائيني التميمي المتوفى سنة 429 ه‍، فقد نقل في مجال ذكر مذهب إبراهيم بن سيار بن هاني النظام أنه طعن في عمر في جملة أمور ومنها : ( وانه ضرب فاطمة ) (8) .



8 - الشافي في الإمامة للسيد علي بن الحسين الموسوي ( المرتضى ) المتوفى سنة 436 ه‍، حيث جاء فيه : ( فأما حكايته عن أبي علي إنكاره ما روي من ضربها وادعاؤه أن جعفر بن محمد عليه السلام كان يتولاهما وكان أبوه وجده كذلك ، فأول ما فيه إن إنكار أبي علي لما وردت به الرواية من غير حجة لا يعتد به ، وكيف لا ينكر أبو علي هذه الرواية وعنده أن القوم لم يجلسوا من الإمامة إلا مجلسهم ، ولا تناولوا إلا بعض حقهم وأنهم كانوا على كثب عظيم من التوفيق والتأييد والتحري للدين ولو أخرج من قبله هذه الاعتقادات المبتدأ لعرف أمثال هذه الرواية أو الشك على أقل أحواله في صحتها وفسادها . . . وبعد ، فلا فرق بين أن يهدد بالاحراق للعلة التي ذكرها وبين ضرب فاطمة عليها السلام لمثل هذه العلة ، فإن إحراق المنازل أعظم من ضربه بالسوط ، وما يحسن الكبير ممن أراد الخلاف على المسلمين وأولى بأن يحسن الصغير ، فلا وجه لامتعاض صاحب الكتاب من ضربة السوط وتكذيب ناقلها ، وعنده مثل هذا الاعتذار ) (9) .



9 - تلخيص الشافي لمحمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة 460 ه‍، فقد ذكر : ( ومما أنكر عليه ضربهم لفاطمة عليها السلام ، وقد روي أنهم ضربوها بالسياط ) (10) .



10 - أحوال السقيفة أو كامل البهائي للحسن بن علي بن محمد بن علي بن الحسن الطبري المشهور بعماد الدين الطبري ، وهو من أعلام القرن السابع الهجري ومن معاصري العلامة والمحقق الحليين ونصير الدين الطوسي ، وقد جاء في كتابه : ( وفي اليوم التالي أقبل الناس لبيت فاطمة للصلاة على جنازتها ، وعندما رأى المقداد أبا بكر قال له : لقد دفناها البارحة ، فقال له عمر : يا أبا بكر ألم أخبرك أنهم فاعلون ذلك ، قال المقداد : لقد أوصت بذلك حتى لا تصليا على جنازتها ، فأخذ عمر يضرب المقداد على وجهه ورأسه حتى أجهده كثرة الضرب ، فخلصه الناس من بين يديه ، فقام المقداد وقال له : لقد رحلت بنت رسول الله صلى الله عليه وآله من الدنيا والدم ينزف من ظهرها وضلعها من ضربكم بالسيف والسوط إياها ، وإنني لأحقر عندكم من علي وفاطمة . فقال عمر : والله لاحق الناس بالضرب والعقوبة علي بن أبي طالب ، فجاءوا إلى علي وكان جالسا عند باب بيته وأصحابه مجتمعون حوله ، فقال عمر : يا علي ، ألن تدع حسدك القديم ، فقد غسلت رسول الله من غير حضور منا ، وصليت على فاطمة من دوننا ، وحملت الحسن عليه السلام على أن يصرخ في وجه أبي بكر أن انزل من منبر جدي ، فلم يقل علي في جوابه شيئا . فقال عقيل : وأنتم والله لأشد الناس حسدا وأقدم عداوة لرسول الله وآله ، ضربتموها بالأمس وخرجت من الدنيا وظهرها بدم وهي غير راضية عنكما ) (11) .



11 - المحتضر لحسن بن سلمان الحلي المتوفى بعد عام 802 ه‍، حيث جاء فيه أن الامام العسكري عليه السلام حدث عن أبيه ، إن حذيفة بن اليمان قال في حديث عن عمر : ( وأحرق بيت الوحي ، وأبدع السنن ، وغير الملة وبدل السنة ، ورد شهادة أمير المؤمنين عليه السلام ، وكذب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله واغتصب فدكا ، وأرضى المجوس واليهود والنصارى ، وأسخط قرة عين المصطفى ولم يرضها ، وغير السنن كلها ، ودبر على قتل أمير المؤمنين عليه السلام ، وأظهر الجور ، وحرم ما أحل الله ، وأحل ما حرم الله ، وألقى إلى الناس أن يتخذوا من جلود الإبل دنانير ، ولطم وجه الزكية ) (12) .



وقد روي هذا الحديث بنص مشابه آخر وهو : ( وكذب سيدة نساء العالمين ، واغتصب فدك منها ، وأرضى المجوس واليهود والنصارى ، وأشجى فؤاد قرة عين المصطفى ، وخرق كتابها ، وحرق بيتها ، وأمر بضربها ، وأسقط حملها ) (13) .



* * *


(1) كتاب سليم بن قيس : ص 96 ، وكذلك ما ذكره في الصفحة 134 ط دار الفنون ، وعنه الاحتجاج لأحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي المتوفى سنة 588 ه‍، ج 1 ، ص 109 ط مؤسسة النعمان : ج 1 ، ص 212 ط دار الأسوة .
(2) لسان العرب : ج 2 ، ص 276 ط دار صادر .
(3) تفسير العياشي : ج 2 ، ص 307 - 308 .
(4) الهداية الكبرى : ص 407 ، وكذلك ص 179 ، ونقل الحسن بن أبي الحسن الديلمي في إرشاد القلوب حديثا بنفس هذا المضمون كما حكاه عنه المجلسي في بحار الأنوار : ج 8 ، ص 240 - 241 .
(5) كامل الزيارات ص 332 ط المرتضوية ، ص 548 ط مؤسسة نشر الثقافة .
(6) الأمالي : ص 115 .
(7) الاختصاص : ص 185 .
(8) الفرق بين الفرق : ص 147 - 148 .
(9) الشافي في الإمامة : ج 4 ، ص 115 و 120 .
(10) تلخيص الشافي : ج 3 ، ص 156 .
(11) كامل بهائي : ج 1 ، ص 312 ، وقسم من النص معرب من الفارسية . وعن هذا الكتاب القيم يقول الشيخ عباس القمي ( رضوان الله عليه ) : ( ومما هو معلوم من وضع الكتاب أن النسخ الأصلية والكتب القديمة للأصحاب كانت موجودة لديه مثل ( فعلت فلا تلم ) وهو كتاب في المثالب من مصنفات أبي جيش المظفر بن محمد الخراساني الذي بعد من متكلمي الشيعة والعارفين بالاخبار ومن تلاميذ أبي السهل النوبختي ، وكذلك كتاب ( الحاوية ) وهو كتاب في مثالب معاوية ومؤلفه القاسم بن محمد بن أحمد المأموني ، وهو من أهل السنة ) . الفوائد الرضوية : ص 111 .
ويقول العلامة آقا بزرگ الطهراني : ( كامل البهائي فارسي في الإمامة وشرح ما جرى بعد الرسول صلى الله عليه وآله في السقيفة ، ولذا يسمى ب‍( كامل السقيفة ) أيضا . . . ، ويظهر من أواخره أنه صنفه في طول اثني عشر سنة ، وفرغ منه 675 ه‍) . الذريعة : ج 17 ، ص 252 .
وفي الكتاب الكثير من المطالب التاريخية المهمة المختصة به ، وفيه على سبيل المثال بعض الاحداث المتعلقة بأسر أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله في الشام مما يظنها بعض المتسرعين في الحكم نظرا لعدم وجودها في كتب المقاتل أنها من الموضوعات والمفتريات .
(12) عنه البحار : ج 31 ، ص 120 و 126 .
(13) عقد الدرر : ص 30 .
منقول من موقع السيد الهاشمي