روايات ابن الحنفية في صحاح العامة ( استغلال مكانته )

18 أبريل 2010
30
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآله

واللعن الدائم على أعدائهم .

*****************************

يحظى محمد بن علي بن امير المؤمنين المكنّى بابن الحنفيّة ( رضي الله عنه ) بمكانة لائقة عند جميع المسلمين ، ولكن البعض قد استغل هذه المكانة لوضع رويات عاطلة باطلة على لسانه ، يرويها عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام .

**************

الرواية الأولى ( صحيح البخاري باب من استحيا غيره بالسؤال ج 1 ص 61 ح 132 ) :

132 - حدثنا مسدد قال حدثنا عبد الله بن داود عن الأعمش عن منذر الثوري عن محمد بن الحنفية عن علي قال
: كنت رجلا مذاء فأمرت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه و سلم فسأله فقال ( فيه الوضوء )
[ 176 ، 266 ]

[ ش أخرجه مسلم في الطهارة باب المذي رقم 303
( مذاء ) كثير المذي وهو ماء أبيض رقيق يخرج غالبا عند ثوران الشهوة وعند ملاعبة النساء والتقبيل . ( فيه الوضوء ) يوجب الوضوء لا الغسل لأنه في حكم البول ]

التعليق :

إن هذه الرواية و ما شابهها من الروايات تفترض أن علياً صلى الله عليه وآله كان مذّاءً ، وهذا يكشف عن كثرة فعله لذلك ، فكيف نتصوّر أن عليا ً صلى الله عليه و آله يبقى على هذه الحالة مدة طويلة لا يسأل فيها رسول الله صلى الله عليه و آله عن حكم صلواته التي تشترط فيها الطهارة ؟!!! والحال أن الطهارة شرط واقعي ، والاخلال به يؤدي إلى بطلان الصلاة ، والرواية افترضت أنه يجب الوضوء عند خروج المذي .

مضافاً إلى أن هذا مخالف لسيرة أمير المؤمنين عليه السلام من السؤال الدائم من رسول الله صلى الله عليه و آله ، حيث قد بيّن هو عليه السلام ذلك ، وقد روى الشيخ الكليني ذلك :

( وقد كنت أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كلّ يوم دخلة، وكلّ ليلة دخلة، فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله أنّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري، فربّما كان في بيتي يأتيني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أكثر ذلك في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عنّي نساءه، فلا يبقى عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عنّي فاطمة، ولا أحد من بَنيّ، وكنت إذا سألته أجابني، وإذا سكتّ عنه وفُنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن إلاّ أقرأنيها وأملاها عليّ فكتبتها بخطّي، وعلّمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها، وخاصّها وعامّها، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علماً أملاه عليّ وكتبته منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك شيئاً علّمه الله من حلال وحرام ولا أمر ولا نهي كان أو يكون، ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلاّ علّمنيه، وحفظته، فلم أنس حرفاً واحداً، ثمّ وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً، فقلت: يا نبيّ الله بأبي أنت واُمّي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفُتني شيء لم أكتبه أفتتخوّف عليّ النسيان فيما بعد؟ فقال: لا، لست أتخوّف عليك النسيان والجهل .

فلا يعقل أخي القارئ أن يهمل السؤال من رسول الله صلى الله عليه و آله وخصوصاً أنه في أمر متعلق بالصلاة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

و يضاف لذلك : أنه لا يعقل أن امير المؤمنين عليه السلام أن يحكي لولده محمد بن الحنفية هذا الأمر مما هو من الأمور السرية التي تحصل للشخص بينه وبين زوجته ، فحتى لو لم يقل بأن خروج هذا المذي بكثرة يكون بيني و بين زوجتي ، فإنه يكفي لمن يدرك هذا الأمر أن يفهم ذلك ، و ليس من المعهود أن يتكلم أمير المؤمنين عليه السلام بهذه الصراحة فيما يتعلق بالأمور الجنسية .


مضافاً إلى أنه ما الغرض من ذكر هذه القصة من اميرالمؤمنين علهي السلام لولده ابن الحنفية ؟

فهل هو لبيان الحكم الشرعي ، فإنه إذا كان كذلك فلا يحتاج أمير المؤمنين عليه السلام إلى ذكر القصة التي تتنافى مع العفة والحياء ، بل يكفيه بيان الحكم الشرعي فقط وأن في خروج المذي - طبقاً لهذه الرواية - وجوب الوضوء .

وإن لم تكن لبيان الحكم الشرعي ، فإنه قطعاً سيكون من العبث ، سواء من الراوي ( ابن الحنفية ) أو من المروي عنه ( أمير المؤمنين عليه السلام ) .

هذا مضافاً إلى أن هذا الأمر ( وهو الجهل بالحكم الشرعي ) مناف لما استقر عندنا من أن المعصوم عليه السلام لا يجهل بأي حكم شرعي ، وما عارض ذلك فلا يؤخذ به .

------------------------------------------


بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآله

واللعن الدائم على أعدائهم .


*****************************

الحديث الثاني :

ما أخرجه البخاري ج 3 في : كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله ، 5 - باب قول النبي صلى الله عليه وآله ( لو كنت متخذا خليلاً ) :

3468 - حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا جامع بن أبي راشد حدثنا أبو يعلى عن محمد بن الحنفية قال : قلت لأبي : أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلّم ؟ قال : أبو بكر ، قلت : ثم مَنْ ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول : عثمان ، قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . اهـ


التعليق :


هذا الحديث لا شك في كونه مكذوباً على أبي الحسن عليه السلام ، إذ كيف يتلاءم هذا مع تلك النصوص الصريحة من :

أنه أول من صلّى مع النبي صلى الله عليه وآله .

ومن قال له النبي صلى الله عليه وآله لأبعثن رجلاً لا يخزيه الله أبداً ، يحب الله ورسوله .

أو من قال له النبي صلى الله عليه وآله : لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرّار .

ومن قال له النبي صلى الله عليه وآله حين بعثه خلف أبي بكر ليأخذ منه سورة براءة ليبلّغها : لا يذهب بها إلا رجل منّي وأنا منه .

ومِن أنه قال صلوات الله عليه : أنا عبدالله ، وأخو رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأنا الصدّيق الأكبر ، لا يقولها بعدي إلا كذّاب ، صلّيت قبل الناس لسبع سنين .

ومن قال النبي صلى الله عليه وآله في حقه : أنا دار الحكمة وعلي بابها .

ومن قال فيه النبي صلى الله عليه وآله : إن الله أمرني بحي أربعة وأخبرني أنه يحبهم ، قيل : يا رسول الله سمّهم لنا ، قال ك علي منهم ، يقول ذلك ثلاثاً ، وأبو ذر والمقداد وسلمان ، أمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم .

ومن قال له النبي صلى الله عليه وآله : سمعنا رسول الله يقول يوم غدير خم : ألست أولى المؤمنين بأنفسهم وأزواجي أمهاتهم ؟ فقلنا : بلى ! يا رسول الله !
قال : فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه .

ومن قال له النبي صلى الله عليه وآله : أنت وليي في كل مؤمن بعدي .
ومن قال له : من سبّ علياً فقد سبّني .

ومن قال له : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي .

ومن قال له : أنت أخي في الدنيا والآخرة .

ومن قال داعياً له : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك ، يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي ، فأكل معه .

ومن قال للناس : أيها الناس لا تشكوا علياً ، فوالله ! إنه لأخُيشن في ذات الله ، أو في سبيل الله .

وغير ذلك من الأحاديث الشريفة المتواترة والمستفيضة والصحيحة .


--------------------------------------------------

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآله

واللعن الدائم على أعدائهم .

*****************************
الحديث الثالث :

مارواه البخاري : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا سفيان عن عبدالعزيز بن رفيع ، قال :

دخلت أنا و شداد بن معقل على ابن عباس رضي الله عنهما ، فقال له شداد بن معقل : أترك فيكم رسول الله صلى الله عليه و سلم من شيء ؟
قال : ما ترك إلا ما بين الدفتين .

قال : و دخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه ، فقال :
ما ترك إلا ما بين الدفتين .

(ش) : ( من شيء ) شيئاً فيه شرع ونحوه غير القرآن ( الدفتين ) الجلدتين اللتين على جانبي المصحف .

************************

التعليق :

هذا الكلام المنسوب إلى السيدين الجليلين كذب عليهما ، لأنه قد وردت الروايات المتواترة على أن النبي صلى الله عليه وآله قد ترك في أمته الثقلين العظيمين ، وهما ما بين الدفتين والعترة الطاهرة .

فقد أخرج أحمد بن حنبل في مسنده : عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ( إني أوشك أن أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله عز وجل ، وعترتي ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني بهما أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما )

وفي صحيح مسلم : قال النبي صلى الله عليه وآله . ( وأنا تارك فيكم الثقلين : أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ، ثم قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ) .


وفي صحيح الترمذي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في حجته يوم عرفة ، وهو على ناقته القصوى ، يخطب فسمعته يقول : ( يا أيها الناس ، إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ) .


قال الترمذي - بعد إيراده الحديث - : وفي الباب عن أبي ذر ، وأبي سعيد ، وزيد بن أرقم ، وحذيفة بن أسيد . وفيه أيضا : عن زيد بن أرقم ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما )

قال الترمذي - بعد إيراده الحديث - : هذا حديث حسن . وأخرج هذا الحديث الطبري في ذخائر العقبى ص 16

وأخرج الحاكم في المستدرك عن زيد بن أرقم ، أن النبي صلى الله عليه وآله قال في حجة الوداع : ( إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله تعالى ، وعترتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) .

وذكر الحاكم هذا الحديث أيضا في ص 148 و 532 من مستدركه ، وقال - بعد إيراده الحديث - : إنه صحيح على شرط الشيخين . وقد أورد هذا الحديث الذهبي في تلخيص المستدرك .

نذكر في هذا الحديث الأخير شرحاً لعالمين من علماء العامة :

1- ابن كثير في التفسير :

تفرد به البخاري ومعناه : أنه - عليه السلام - ما ترك مالا ولا شيئا يورث عنه ، كما قال عمرو بن الحارث أخو جويرية بنت الحارث : ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا . وفي حديث أبي الدرداء : إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر . ولهذا قال ابن عباس : وإنما ترك ما بين الدفتين يعني القرآن ، والسنة مفسرة له ومبينة وموضحة له ، فهي تابعة له ، والمقصود الأعظم كتاب الله تعالى ، كما قال تعالى : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ) الآية [ فاطر : 32 ] ، فالأنبياء - عليهم السلام - لم يخلقوا للدنيا يجمعونها ويورثونها ، إنما خلقوا للآخرة يدعون إليها ويرغبون فيها ؛ ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نورث ، ما تركنا فهو صدقة وكان أول من أظهر هذه المحاسن من هذا الوجه أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، لما سئل عن ميراث النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبر عنه بذلك ، ووافقه على نقله عنه - عليه السلام - غير واحد من الصحابة ؛ منهم عمر وعثمان وعلي والعباس وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وأبو هريرة وعائشة وغيرهم ، وهذا ابن عباس يقول - أيضا - عنه عليه السلام ؟ رضي الله عنهم أجمعين .

http://www.islamweb.net/newlibrary/d...&bk_no=49&ID=9



وقال ايضاً :

حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا مالك بن مغول ، حدثنا طلحة بن مصرف قال : سألت عبد الله بن أبي أوفى : أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا . فقلت : كيف كتب على الناس الوصية ، أمروا بها ولم يوص ؟ قال : أوصى بكتاب الله ، عز وجل .

وقد رواه في مواضع أخر مع بقية الجماعة ، إلا أبا داود من طرق عن مالك بن مغول به وهذا نظير ما تقدم عن ابن عباس : ما ترك إلا ما بين الدفتين ، وذلك أن الناس كتب عليهم الوصية في أموالهم كما قال تعالى : ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين ) [ البقرة : 180 ] . وأما هو صلى الله عليه وسلم فلم يترك شيئا يورث عنه ، وإنما ترك ماله صدقة جارية من [ ص: 59 ] بعده ، فلم يحتج إلى وصية في ذلك ، و لم يوص إلى خليفة يكون بعده على التنصيص ؛ لأن الأمر كان ظاهرا من إشارته وإيمائه إلى الصديق ؛ ولهذا همّ بالوصية إلى أبي بكر ثم عدل عن ذلك فقال : يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر ، وكان كذلك ، وإنما أوصى الناس باتباع كتاب الله تعالى .

http://www.islamweb.net/newlibrary/d...bk_no=49&ID=11

****************************

2- ابن حجر العسقلاني في الفتح :

[ ص: 683 ] قوله : ( باب من قال : لم يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ما بين الدفتين ) أي ما في المصحف ، وليس المراد أنه ترك القرآن مجموعا بين الدفتين لأن ذلك يخالف ما تقدم من جمع أبي بكر ثم عثمان . وهذه الترجمة للرد على من زعم أن كثيرا من القرآن ذهب لذهاب حملته ، وهو شيء اختلقه الروافض لتصحيح دعواهم أن التنصيص على إمامة علي واستحقاقه الخلافة عند موت النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ثابتا في القرآن وأن الصحابة كتموه ، وهي دعوى باطلة : لأنهم لم يكتموا مثل " أنت عندي بمنزلة هارون من موسى " وغيرها من الظواهر التي قد يتمسك بها من يدعي إمامته ، كما لم يكتموا ما يعارض ذلك أو يخصص عمومه أو يقيد مطلقه .

وقد تلطف المصنف في الاستدلال على الرافضة بما أخرجه عن أحد أئمتهم الذين يدعون إمامته وهو محمد بن الحنفية وهو ابن علي بن أبي طالب . فلو كان هناك شيء ما يتعلق بأبيه لكان هو أحق الناس بالاطلاع عليه ، وكذلك ابن عباس فإنه ابن عم علي وأشد الناس له لزوما واطلاعا على حاله .


قوله : ( عن عبد العزيز بن رفيع ) في رواية علي بن المديني عن سفيان " حدثنا عبد العزيز " أخرجه أبو نعيم في " المستخرج " .

قوله : ( دخلت أنا وشداد بن معقل ) هو الأسدي الكوفي ، تابعي كبير من أصحاب ابن مسعود وعلي . ولم يقع له في رواية البخاري ذكر إلا في هذا الموضع ، وأبوه بالمهملة والقاف ، وقد أخرج البخاري في خلق أفعال العباد من طريق عبد العزيز بن رفيع عن شداد بن معقل عن عبد الله بن مسعود حديثا غير هذا .

قوله : ( أترك النبي - صلى الله عليه وسلم - من شيء ) ؟ في رواية الإسماعيلي " شيئا سوى القرآن " .

قوله : ( إلا ما بين الدفتين ) بالفاء تثنية دفة بفتح أوله وهو اللوح ، ووقع في رواية الإسماعيلي ، بين اللوحين " .

قوله : ( قال : ودخلنا ) القائل هو عبد العزيز ، ووقع عند الإسماعيلي " لم يدع إلا ما في هذا المصحف " أي لم يدع من القرآن ما يتلى إلا ما هو داخل المصحف الموجود .

ولا يرد على هذا ما تقدم في كتاب العلم عن علي أنه قال : " ما عندنا إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة " لأن عليا أراد الأحكام التي كتبها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينف أن عنده أشياء أخر من الأحكام التي لم يكن كتبها .

وأما جواب ابن عباس وابن الحنفية فإنما أرادا من القرآن الذي يتلى ، أو أرادا مما يتعلق بالإمامة ، أي لم يترك شيئا يتعلق بأحكام الإمامة إلا ما هو بأيدي الناس ، ويؤيد ذلك ما ثبت عن جماعة من الصحابة من ذكر أشياء نزلت من القرآن فنسخت تلاوتها وبقي حكمها ، أو لم يبق مثل حديث عمر " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة " وحديث أنس في قصة القراء الذين قتلوا في بئر معونة ، قال : فأنزل الله فيهم قرآنا " بلغوا عنا قومنا أنا لقد لقينا ربنا " وحديث أبي بن كعب " كانت الأحزاب قدر البقرة " وحديث حذيفة ما يقرءون ربعها يعني " براءة " ، وكلها أحاديث صحيحة . وقد أخرج ابن الضريس من حديث ابن عمر أنه " كان يكره أن يقول الرجل قرأت القرآن كله ، ويقول : إن منه قرآنا قد رفع " وليس في شيء من ذلك ما يعارض حديث الباب ، لأن جميع ذلك مما نسخت تلاوته في حياة النبي صلى الله عليه وسلم .

http://www.islamweb.net/newlibrary/d..._no=52&ID=9169


لاحظنا من خلال شرح هذين الرجلين للحديث ، فنجدهما يصران على أن النبي صلى الله عليه وآله لم يخلّف إلا الكتاب الكريم ، و ادعى الأول أنه لم يترك في الأمة حتى السنة المطهرة ، وإنما ( والسنة مفسرة له ومبينة وموضحة له ، فهي تابعة له ، والمقصود الأعظم كتاب الله تعالى ) ، و النتيجة أنهم ينفون ترك السنة في الأمة والذي نص عليه حديث الثقلين المُزوّر عندهم ( إني تارك فيكم الثقلين
كتاب الله و سنتي ) ، والحال أن النص المزعوم يؤكد على استقلالية السنة عن الكتاب ، فضلاً عن الحديث المتواتر الدال على أن النبي صلى الله عليه و آله ترك في أمته الثقلين الكتاب و العترة ، وكونها أو كونهم مفسران للكتاب الكريم و مبينان له لا يعني اندكاك السنة والعترة في الكتاب الكريم حتى تصح الوصية به بالخصوص .

وقد ادعى الأول أن هذا الحديث ما هو إلا لبيان عدم الوصية حتى لأبي بكر فضلاً عن غيره ، وأما الثاني فقد ادعى بأن هذا الحديث رد على الذين يقولون بأنه لا يوجد مما تركه رسول الله صلى الله عليه و آله إلا هذا الكتاب المتلو والذي لا يوجد به ما يدل على الامامة ، وإذا وجد مما يتمسك به الشيعة مما يدل على الامامة فهو من الأحاديث مما رواه الصحابة حيث لم يخفوه ولكنه لا يدل على مقصودهم من اثبات الامامة ، وأما القرآن الكريم فلا يوجد به شيء يدل على الامامة مطلقاً .

ولكن الحق أنه قد ثبت أن القرآن الكريم أثبت الامامة ، وكذلك النبي وعترته صلى الله عليهم أجمعين قد أثبتوا الامامة بما لا مزيد عليه .

وهنا نسأل : إذا كانت السنة التي تركها رسول الله صلى الله عليه وآله هي مفسرة ومبينة و تابعة للكتاب الكريم وليست مستقلة كما يدعي ابن كثير ، فإن حديث الثقلين يشرح أي آية من كتاب الله تعالى ، سواء بصيغته المزوّرة أو بصيغته المتواترة ؟

و نسأل ايضاً : إذا كانت خلافة أبي بكر لم تكن عن وصية لأن النبي لم يوص إلا بالكتاب الكريم ، فكيف تتمسكون بمثل الاشارات والايماءات غير الواضحة في اثبات الخلافة ؟
أيكون مثل الحديث الذي رويتموه ( يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر ) والحال أن دلالته بالايماء والاشارة أعظم من دلالة الصريح الذي تحاولون جاهدين حرف معانيه من مثل حديث المنزلة ومن حديث الغدير و من حديث الطير و من و من ........................... ، مالكم كيف تحكمون ؟






----

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآله

واللعن الدائم على أعدائهم .

*****************************

الحديث الرابع :


قال الطبري في تفسيره :

18030 - حدثني محمد بن خلف قال : حدثنا حسين بن محمد قال : حدثنا شيبان عن قتادة عن عروة عن محمد ابن الحنفية قال : قلت لأبي : يا أبت ، أنت التالي في ( ويتلوه شاهد منه ) ؟ قال : لا والله يا بني ! وددت أني كنت أنا هو ، ولكنه لسانه .

http://www.islamweb.net/newlibrary/d..._no=50&ID=2527


***************************

التعليق :

هذه الرواية باطلة ، لأن الآية الكريمة ( أفمن كان على بينة من ربه و يتلوه شاهد منه و من قبله كتاب موسى إماماً و رحمة ) حددت أن النبي صلى الله عليه وآله هو الربّاني العظيم الذي كانت الأمور واضحة لديه فلا يحتاج إلى غيره مطلقاً ، فلا يحتاج إلى تثبيت من غيره كورقة بن نوفل و خديجة و غيرهما ، لأنه يمتلك أعظم الأدلة على كونه الرجل الأوحد والأفضل والأجدر والأولى ، فلا يصل إلى مقامه نبي ولا وصي نبي ولا غيرهما .
ولا شك أن من يمتلك البينة التي جهزه الله تعالى بأدواتها ومنها لسانه الصادق ، كيف تفترض مرة أخرى أن الذي يتلوه هو شاهد منه وهو لسانه ، لأنه عندما ذكرت الآية ان النبي صلى الله عليه و آله على وضوح من أمره المادي و المعنوي ، فإنه يحتاج إلى شاهد عظيم يقارب صاحب البينة الأكبر الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله .
ولا يعقل أن يكون الشاهد هنا هو نفس لسانه ، لأن اللسان هو أحد أجزاء صاحب البينة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله ( أوتيت جوامع الكلم ) ، وإيتاؤه جوامع الكلم هو من مظاهر كونه على البينة ، و عليه فيحتاج إلى شاهد مماثل له .وليس ذلك الشاهد المماثل هو القرآن الكريم ، لأن القرآن الكريم هو أعظم البينات التي أعطاها الله تعالى لنبيه و جهّزه بها .
وليس هو جبرئيل عليه السلام ، لأنه ليس منه ، بل هو ملك والنبي إنسان .

وليس هو عبدالله بن سلام وغيره من علماء اليهود وإن اسلم بعضهم ، لأن الشهادة تقتضي حضور تلك البينات في صدورهم - كل البينات - ، قال تعالى ( بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ) ، ولو اصر أحد على ذلك ، فإننا نقول له : أين هذا العلم الذي يتمتع به ابن سلام حتى يكون شاهداً لرسول الله صلى الله عليه و آله ؟ إن كون الشخص يعلم بمعلومات متناثرة من هنا وهناك لا تصيره شاهداً عالماً حاضراً قد أدرك علم تلك الايات البينات التي جهز بها نبيه صلى الله عليه و آله .
فإذن يبقى ذلك الأمر الذي يقوله الشيعة ، أن الشاهد هو أمير المؤمنين عليه السلام ، و ما نسبوه إلى محمد بن الحنفية ليس إلا دجل و كذب ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .


قال سعيد ايوب :

قوله تعالى: ( أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعدة فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون* ومن أظلم ممن أفترى على الله كذباً أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ) [ هود:17- 18 ] روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: ( قال رسول الله ( ص ) : ( أفمن كان على بينة من ربه ) أنا، ( ويتلوه شاهد منه ) ( علي )، وعن علي أنه قال : (( ما من رجل من قريش إلا نزلت فيه طائفة من القرآن ، فقال له رجل: ما نزل فيك؟ قال: أما تقرأ سورة هود: ( أفمن كان على من ربه ويتلوه شاهد منه ) رسول الله ( ص ) على بينة من ربه، وأنا شاهد منه )

. وقال صاحب الميزان: والظاهر أن المراد بهذا الشاهد بعض من أيقن بحقية القرآن، وكان على بصيرة إلهية من أمره، فآمن به عن بصيرة، وشهد بأنه حق منزل من عند الله تعالى، كما يشهد بالتوحيد والرسالة، فأن شهادة الموقن البصير على أمر تدفع عن الإنسان مرية الاستيحاش وريب التفرد، فإن الإنسان إذا أعن بأمر وتفرد فيه،ربما أوحش التفرد فيه إذا لم يؤيده أحد في القول به، أما إذا قال به غيره من الناس وأيد نظره في ذلك، زالت عنه الوحشة وقوي قلبه وارتبط جأشه، وقد احتج- تعالى بما يماثل هذا المعنى في قوله تعالى ( قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني اسرائيل على مثله فآمن وأستكبرتم ) (الاحقاف:10 )

وعلى هذا فقوله ( يتلوه ) من التلو لامن التلاوة، والضمير في قوله( منه ) راجع الى ( من ) أو الى ( بينة ) باعتبار أنه نور أو دليل، ومآل الوجهين واحد ؛ فإن الشاهد الذي يلي صاحب البينة يلي بينته كما يلي نفسه، والضمير في قوله ( منه ) راجع الى ( من ) دون قوله
frown.gif
ربه ) وعدم رجوعه الى البينة ظاهر ، ومحصل المعنى: من كان على بصيرة الهية من امر ،ولحق به من هو من نفسه، فشهد على صحة أمره وأستقامته.

وعلى هذا الوجه ينطبق ما ورد في الروايات أن المراد بالشاهد علي بن أبي طالب،إن أريد به أنه المراد بحسب انطباق المورد، لابمعنى الارادة الاستعمالية، وقوله تعالى :

( ومن قبله كان موسى إماما ورحمة ) راجع الى الموصول او الى البينة على حد ماذكرناه في ضمير ( يتلوه ) والجملة حال بعد حال، أي: أفمن كان على بصيرة الهية ينكشف له بها أن القرآن حق منزل من عند الله، والحال أن معه شاهد منه يشهد بذلك عن بصيرة، والحال أن هذا الذي هو على بينة سبقه كتاب موسى إماما ورحمة، فليس ما عنده من البينة ببدع من الأمر غير مسبوق بمثل ونظير، بل هناك طريق مسلوك من قبل يهدي إليه كتاب موسى ، وقد ذكر الله تعالى كتاب موسى بالإمام والرحمة في موضع آخر، وقوله تعالى: ( ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة وهذا كتاب مصدق لساناً عربياً لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين ) [ الأحقاف:12 ].

وإذا كان صدر الآية، وهو قوله تعالى: ( ويتلوه شاهد منه )، قد ورد في تفسيره أن المراد بالشاهد علي بن أبي طالب، فإن قوله تعالى: ( ومن قبله كتاب موسى إماماً ) يرى في ظلاله منزلة هارون من موسى ( ع )، لأن موسى سأل ربه- جل وعلا- أن يؤيده بهارون ليشهد له شهادة الموقن البصير على أن الذي جاء به هو من عند الله، وهو قوله-تعالى-حاكياً عن موسى قوله: ( وأخي هارون هو أفصح مني لساناً فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون ) [ القصص: 34 ].

قال ابن كثير: ( سأل ربه أن يرسل معه هارون وزيراً ومعيناً ومقوياً لأمره، يصدقه في ما يقول ويخبر به عن الله تعالى، لأن خبر الاثنين أنجح في النفوس من خبر الواحد ) ، ويمكن القول: إن الآية الكريمة يرى في ظلالها المنزلتان، منزلة علي بن أبي طالب وهو من الرسول ( ص )، ومنزلة هارون وهو من موسى ( ع ).