الله عزوجل ما أنزل سكينته على ( أبي بكر ) في الغار . . . . لماذا ؟!

سبط الرسول

New Member
18 أبريل 2010
48
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أفضل الأنبياء و المرسلين محمد المصطفى و على اله الطيبين الطاهرين


قال الله عزوجل :

إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى‏ وَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (سورة التوبة ٤٠)

قال العلامة الطباطبائي (رحمه الله) - الميزان في تفسير القرآن، ج‏٩، ص: ٢٧٩ - :

قوله تعالى: « إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ » ثاني اثنين أي أحدهما، و الغار الثقبة العظيمة في الجبل، و المراد به غار جبل ثور قرب مني و هو غير غار حراء الذي ربما كان النبي ص يأوي إليه قبل البعثة للأخبار المستفيضة، و المراد بصاحبه هو أبو بكر للنقل القطعي.
و قوله: « إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا » أي لا تحزن خوفا مما تشاهده من الوحدة و الغربة و فقد الناصر و تظاهر الأعداء و تعقيبهم إياي فإن الله سبحانه معنا ينصرني عليهم.
و قوله: « فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها » أي أنزل الله سكينته على رسوله و أيد رسوله بجنود لم تروها يصرفون القوم عنهم بوجوه من الصرف بجميع العوامل التي عملت في انصراف القوم عن دخول الغار و الظفر به صلى الله عليه واله، و قد روي في ذلك أشياء ستأتي في البحث الروائي إن شاء الله تعالى.

والدليل على رجوع الضمير في قوله: « فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ » إلى النبي صلى الله عليه واله
أولا: رجوع الضمائر التي قبله و بعده إليه صلى الله عليه واله كقوله: « إِلَّا تَنْصُرُوهُ » و « نَصَرَهُ » و « أَخْرَجَهُ » و « يَقُولُ » و « لِصاحِبِهِ » و « أَيَّدَهُ » فلا سبيل إلى رجوع ضمير « عَلَيْهِ » من بينها وحده إلى غيره من غير قرينة قاطعة تدل عليه.
و ثانيا: أن الكلام في الآية مسوق لبيان نصر الله تعالى نبيه صلى الله عليه واله حيث لم يكن معه أحد ممن يتمكن من نصرته إذ يقول تعالى: « إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ » الآية و إنزال السكينة و التقوية بالجنود من النصر فذاك له صلى الله عليه واله خاصة.
و يدل على ذلك تكرار « إِذْ » و ذكرها في الآية ثلاث مرات كل منها بيان لما قبله بوجه فقوله « إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا » بيان لوقت قوله: « فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ » و قوله:« إِذْ هُما فِي الْغارِ » بيان لتشخيص الحال الذي هو قوله: « ثانِيَ اثْنَيْنِ » و قوله: « إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ » بيان لتشخيص الوقت الذي يدل عليه قوله: « إِذْ هُما فِي الْغارِ ».
و ثالثا: أن الآية تجري في سياق واحد حتى يقول: « وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى‏ وَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا » و لا ريب أنه بيان لما قبله، و أن المراد بكلمة الذين كفروا هي ما قضوا به في دار الندوة و عزموا عليه من قتله صلى الله عليه واله و إطفاء نور الله، و بكلمة الله هي ما وعده من نصره و إتمام نوره، و كيف يجوز أن يفرق بين البيان و المبين و جعل البيان راجعا إلى نصره تعالى إياه صلى الله عليه واله، و المبين راجعا إلى نصره غيره.
فمعنى الآية: إن لم تنصروه أنتم أيها المؤمنون فقد أظهر الله نصره إياه في وقت لم يكن له أحد ينصره و يدفع عنه و قد تظاهرت عليه الأعداء و أحاطوا به من كل جهة و ذلك إذ هم المشركون به و عزموا على قتله فاضطر إلى الخروج من مكة في حال لم يكن إلا أحد رجلين اثنين، و ذلك إذ هما في الغار إذ يقول النبي صلى الله عليه واله لصاحبه و هو أبو بكر: لا تحزن مما تشاهده من الحال إن الله معنا بيده النصر فنصره الله.
حيث أنزل سكينته عليه و أيده بجنود غائبة عن أبصاركم، و جعل كلمة الذين كفروا- و هي قضاؤهم بوجوب قتله و عزيمتهم عليه- كلمة مغلوبة غير نافذة و لا مؤثرة، و كلمة الله- و هي الوعد بالنصر و إظهار الدين و إتمام النور- هي العليا العالية القاهرة و الله عزيز لا يغلب حكيم لا يجهل و لا يغلط في ما شاءه و فعله.
و قد تبين مما تقدم أولا أن قوله: « فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ » متفرع على قوله: « فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ » في عين أنه متفرع على قوله: «إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ» فإن الظرف ظرف للنصرة على ما تقدم، و الكلام مسوق لبيان نصره تعالى إياه صلى الله عليه واله لا غيره فالتفريع تفريع على الظرف بمظروفه الذي هو قوله: « فَقَدْ نَصَرَه‏ اللَّهُ‏ » لا على قوله: « يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ ».

و ربما استدل لذلك بأن النبي صلى الله عليه واله لم يزل على سكينة من ربه فإنزال السكينة في هذا الظرف خاصة يكشف عن نزوله على صاحبه.
و يدفعه أولا قوله تعالى: « ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ » في قصة حنين، و القول بأن نفسه الشريفة اضطربت بعض الاضطراب في وقعة حنين فناسب نزول السكينة بخلاف الحال في الغار. يدفعه أنه من الافتعال بغير علم فالآية لا تذكر منه صلى الله عليه واله حزنا و لا اضطرابا و لا غير ذلك إلا ما تذكر من فرار المؤمنين.
على أنه يبطل أصل الاستدلال أن النبي صلى الله عليه واله لم يزل على سكينة من ربه لا يتجدد له شي‏ء منها فكيف جاز له أن يضطرب في حنين فتنزل عليه سكينة جديدة اللهم إلا أن يريدوا به أنه لم يزل في الغار كذلك.
و نظيرتها الآية الناطقة بنزول السكينة عليه صلى الله عليه واله و على المؤمنين في سورة الفتح: «إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ:» الفتح:-٢٦.
و يدفعه ثانيا: لزوم تفرع قوله: « وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها » على أثر تفرع قوله: « فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ » لأنهما في سياق واحد، و لازمه عدم رجوع التأييد بالجنود إليه صلى الله عليه واله أو التفكيك في السياق الواحد من غير مجوز يجوزه.
و يدفعه ثالثا: أن فيه غفلة عن حقيقة معنى السكينة و قد تقدم الكلام فيها في ذيل قوله تعالى: « ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ: » توبة:-٢٦.
إنتهى كلام العلامة رحمه الله



و أكثرعلماء أهل السنة وافقونا على أن المراد من قوله تعالى : ( فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) هو النبي صلى الله عليه واله ، منهم :

١- الطبري أبو جعفر محمد بن جرير ( في جامع البيان في تفسير القران، ج‏١٠، ص٩٦) – في القرن الرابع .

٢- الثعلبي النيشابوري أبوإسحاق أحمد بن إبراهيم ( في الكشف و البيان عن تفسير القرآن، ج‏٥، ص٤٨) – في القرن الخامس .

٣- القشيري عبدالكريم بن هوازن ( في لطايف الإشارات، ج‏٢، ص٢٨) – في القرن الخامس .

٤- البغدادي علاء الدين علي بن محمد (في لباب التأويل في معاني التنزيل، ج‏٢، ص٣٦٤) – في القرن الثامن .

٥- إبن كثير الدمشقي إسماعيل بن عمرو(في تفسير القرآن العظيم، ج٤،ص١٣٦)- في القرن الثامن-:
( فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) أي تأييده و نصره (عليه ) أي على الرسول صلى اللّه عليه و سلم في أشهر القولين و قيل على أبي بكر، و روي عن ابن عباس و غيره قالوا: لأن الرسول صلى اللّه عليه و سلم لم تزل معه سكينة و هذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال و لهذا قال: ( وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها ) أي الملائكة

٦- النيشابوري نظام الدين حسن بن محمد ( في تفسير غرائب القران و رغائب الفرقان ) - في القرن الثامن .

٧- إبن الجزي الغرناطي محمد بن أحمد ( في كتاب التسهيل لعلوم التنزيل، ج‏١، ص٣٣٨)
( فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) الضمير للرسول صلّى اللّه تعالى عليه و سلّم، و قيل: لأبي بكر، لأن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم نزل معه السكينة، و يضعف ذلك بأن الضمائر بعدها للرسول عليه السلام ( وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها )

٨- السعدي الكلبي المفتي ، نقله عنه الحقي بروسوي إسماعيل (في تفسير روح البيان، ج‏٣، ص٤٣٥) – في القرن الثاني عشر- :
قال سعدى چلبى المفتى فى حواشيه ( عليه ) علي النبي صلى الله عليه واله وهو الأظهر المناسب للمقام و إنزال السكينة لا يلزم ان يكون لرفع الانزعاج بل قد يكون لدفعه كما سبق فى قصة حنين و الفاء للتعقيب الذكرى انتهى‏

٩- البلاذري ، نقله عنه المظهري محمد ثناء الله ( في التفسير المظهري، ج‏٤، ص٢١٣) – في القرن الثالث عشر .

١٠- الالوسي السيد محمود ( في روح المعاني في تفسير القرآن العظيم، ج‏٥، ص٢٨٩) – في القرن الثالث عشر .

١١- ابن عاشور محمد بن طاهر ( في التحرير و التنوير، ج‏١٠، ص١٠١) – في القرن الرابع عشر - :
( فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَ جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى‏ وَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )
التفريع مؤذن بأنّ السكينة أنزلت عقب الحلول في الغار، و أنّها من النصر، إذ هي نصر نفساني، و إنّما كان التأييد بجنود لم يروها نصرا جثمانيا. و ليس يلزم أن يكون نزول السكينة عقب قوله: ( لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا ) بل إنّ قوله ذلك هو من آثار سكينة اللّه التي أنزلت عليه، و تلك السكينة هي مظهر من مظاهر نصر اللّه إيّاه، فيكون تقدير الكلام: فقد نصره اللّه فأنزل السكينة عليه و أيّده بجنود حين أخرجه الذين كفروا، و حين كان في الغار، و حين قال لصاحبه: لا تحزن إن اللّه معنا. فتلك الظروف الثلاثة متعلّقة بفعل نَصَرَهُ على الترتيب المتقدّم، و هي كالاعتراض بين المفرّع عنه و التفريع، و جاء نظم الكلام على هذا السبك البديع للمبادأة بالدلالة على أنّ النصر حصل في أزمان و أحوال ما كان النصر ليحصل في أمثالها لغيره لولا عناية اللّه به، و أنّ نصره كان معجزة خارقا للعادة.
و بهذا البيان تندفع الحيرة التي حصلت للمفسّرين في معنى الآية، حتّى أغرب كثير منهم فأرجع الضمير المجرور من قوله: ( فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) إلى أبي بكر، مع الجزم بأنّ الضمير المنصوب في ( أَيَّدَهُ ) راجع إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم فنشأ تشتيت الضمائر، و انفكاك الأسلوب بذكر حالة أبي بكر، مع أنّ المقام لذكر ثبات النبي‏ صلى اللّه عليه و سلم و تأييد اللّه إيّاه، و ما جاء ذكر أبي بكر إلّا تبعا لذكر ثبات النبي‏ عليه الصلاة و السلام، و تلك الحيرة نشأت عن جعل ( فَأَنْزَلَ اللَّهُ ) مفرّعا على ( إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ )


١٢- المراغي أحمد بن مصطفى ( في تفسير المراغي، ج‏١٠، ص١٢٢)

١٣- الزحيلي وهبة بن مصطفى ( في التفسير المنير في العقيدة و الشريعة و المنهج، ج‏١٠، ص٢١٨)
( فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ..) أي فأنزل اللّه طمأنينته و تأييده و نصره عليه، أي على الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم، في أشهر القولين، و قيل: على أبي بكر، قال ابن عباس و غيره: لأن الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم لم تزل معه سكينة، و هذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال. و السكينة: ما ألقى في قلبه من الأمن-الى ان قال :- و قال الجمهور: الضمير عائد على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم، لأن السكينة هنا بمعنى الصون و خصائص النبوة.

وكذا ( في تفسير الوسيط ، ج‏١، ص: ٨٦٣)
فأنزل اللّه طمأنينته و تأييده على رسوله، أو على أبي بكر،
قيل: إن الضمير في ( عَلَيْهِ ) عائد على أبي بكر: لأن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لم يزل ساكن النفس ثقة بالله عز و جل و هذا قول من لم ير السكينة إلا سكينة النفس و الجأش،
و قال الجمهور: الضمير عائد على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و هذا أقوى، و المراد بالسكينة: ما ينزل اللّه على أنبيائه من الصيانة (أو الحياطة) لهم، و الخصائص التي لا تصلح إلا لهم، و النصرة و الفتوح عليهم.


١٤- الطنطاوي السيد محمد ( في التفسير الوسيط للقرآن الكريم، ج‏٦، ص: ٢٩٣)
و قوله: ( فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها .. ) بيان لما أحاط اللّه به نبيه- صلى اللّه عليه و سلم- من مظاهر الحفظ و الرعاية.
و السكينة: من السكون، و هو ثبوت الشي‏ء بعد التحرك. أو من السكن- بالتحريك- و هو كل ما سكنت إليه نفسك، و اطمأنت به من أهل و غيرهم.
و المراد بها هنا: الطمأنينة التي استقرت في قلب النبي صلى اللّه عليه و سلم فجعلته لا يبالى بجموع المشركين المحيطين بالغار، لأنه واثق بأنهم لن يصلوا إليه.
و المراد بالجنود المؤيدين له. الملائكة الذين أرسلهم- سبحانه- لهذا الغرض: و الضمير في قوله: ( عَلَيْهِ ) يعود إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم.
أى. فأنزل اللّه سكينته و طمأنينته و أمنه على رسوله صلى اللّه عليه و سلم و أيده و قواه بجنود من الملائكة لم تروها أنتم، كان من وظيفتهم حراسته و صرف أبصار المشركين عنه.
و يرى بعضهم أن الضمير في قوله ( عَلَيْهِ ) يعود إلى أبى بكر الصديق، لأن الأصل في الضمير أن يعود إلى أقرب مذكور، و أقرب مذكور هنا هو الصاحب و لأن الرسول لم يكن في حاجة إلى السكينة. و إنما الذي كان في حاجة إليها هو أبو بكر، بسبب ما اعتراه من فزع و خوف.
و قد رد أصحاب الرأى الأول على ذلك بأن قوله ( وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها ) الضمير فيه لا يصح إلا للنبي صلى اللّه عليه و سلم و هو معطوف على ما قبله فوجب أن يكون الضمير في قوله ( عَلَيْهِ ) عائدا إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم حتى لا يحصل تفكك في الكلام.
أما نزول السكينة فلا يلزم منه أن يكون لدفع الفزع و الخوف، بل يصح أن يكون لزيادة الاطمئنان، و للدلالة على علو شأنه صلى اللّه عليه و سلم.
قال ابن كثير قوله ( فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ )أى تأييده و نصره عليه أى على الرسول صلى اللّه عليه و سلم في أشهر القولين. و قيل. على أبى بكر.
قالوا: لأن الرسول صلى اللّه عليه و سلم لم تزل معه سكينة. و هذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال، و لهذا قال: ( وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها )أى: الملائكة .


١٥- الخطيب عبدالكريم ( في التفسير القرآني للقرآن، ج‏٥، ص٧٧٦)

١٦- القاسمي محمد جمال الدين ( في محاسن التأويل، ج‏٥، ص٤١٩)

١٧- الزجاج ، نقله عنه القاسمي محمد جمال الدين ( في محاسن التأويل، ج‏٥، ص٤١٩)

١٨- ملا حويش ال غازي عبدالقادر

١٩- ال سعدي عبدالرحمن بن ناصر ( في تيسير الكريم الرحمن )

٢٠- السيد بن قطب بن إبراهيم شاذلي ( في ظلال القران )



سؤال :

سلمنا أن صحبة أبي بكر في الغار فضيلة (وغضضنا أبصارنا عما يدل على عدم كونها فضيلة –سورة الكهف الاية ٣٤ و٣٧)،
و سلمنا أن حزنه كان خوفا على رسول الله صلى الله عليه واله لا خوفا على نفسه،

لكن لماذا تركه الله عزوجل في حزنه وخوفه و لم ينزل عليه سكينته كما أنزلها على الرسول صلى الله عليه واله ؟!





والحمد لله


n.gif