مَعْبُودُ الوَهّْاَبِية..!!

18 أبريل 2010
131
0
0
مَعْبُودُ الوَهّْاَبِية



قال ابن باز في فتاويه ج4 ص131:
التأويل في الصفات منكر ولا يجوز ، بل يجب إقرار الصفات كما جاء‌ت على ظاهرها اللائق بالله جل وعلا ، بغير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وعلى هذا سائر أهل العلم من أصحاب النبي (ص) ومن بعدهم أئمة المسلمين كالأوزاعي والثوري ومالك وأبي حنيفة وأحمد واسحاق.انتهى

تعليق:
ليته سمى لنا واحداً من الصحابة أجرى الصفات على ظاهرها الحسي، وليته ذكر نصاً عن واحداً للتابعين أوتابعي التابعين الذين سماهم ، فقد تتبعنا أقوالهم في الصفات وذكرنا عدداً منها في فصل تجسيم الذهبي ، ولم نجد فيها مسألة الحمل على الظاهر الحسي ! وسوف تعرف إن شاء الله تعالى عدم صحة مانسبه إلى الإمام مالك ، وعدم صحة تسترهم به في الحمل على الظاهر ، فلم يبق عندهم إلا قدماء المجسمة مثل كعب الأحبار ووهب ومقاتل !

فتاوي الألباني ص509 :
سؤال : هل العقيدة التي يحملها السلفيون هي عقيدة الصحابة ؟ وإن هناك من الناس من يزعم إن كانت عقيده الصحابة فأتونا ولو بصحابي واحد يقول في الصفات نؤمن بالمعنى ونفوض الكيف .
جواب : هل هناك صحابي تأول تأويل الخلف ،نريد مثالاً أو مثالين ؟!

قال البغوي في تفسير قوله : ثم استوى على العرش ، قال الكلبي ومقاتل : استقر ، وقال أبو عبيدة صعد ، وأولت المعتزلة الإستواء بالاستيلاء ، وأما أهل السنة فيقولون : الإستواء على العرش صفة الله بلا كيف يجب على الرجل الإيمان به ويكل العلم فيه إلى الله. وسأل رجل مالك بن أنس عن قوله : الرحمن على العرش استوى ، كيف استوى ؟ فأطرق مالك رأسه ملياً وعلاه الرحضاء ثم قال : الإستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والايمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وما أراك إلا ضالاً ، ثم أمر به فأخرج . انتهى

تعليق:
فانظر إلى جواب هذا العالم الوهابي لهذا السائل العامي ، فهو يناقشه بأنك إن قلت لايوجد صحابي حمل الصفات على الظاهر الحسي كالوهابيين، فإنه لايوجد صحابي وافق مذهب المتأولين !

وللسائل أن يجيبه: مادام الصحابة لم يوافقوا الوهابيين ولا المتأولين، فالصحيح إذن هو مذهب التفويض ؟!
ثم كيف ينكر الألباني تأويل الصحابة كعائشة وابن عباس وابن مسعود، فضلاً عن أهل البيت عليهم السلام، وتأويل التابعين الذي ذكرنا منه نماذج في المذهب الأول ، والذي منه تأويل مالك لنزول الله تعالى بنزول أمره، كما سيأتي .

وأخيراً ، لم يجد الألباني مؤيداً لمذهبه الوهابي إلا مقاتلاً الفارسي المجوسي تلميذ اليهود المجسمين، وابن الكلبي المشهود عليه من الجميع بعدم الوثاقة ! فيالهما من مؤيدين يوهيان ما يؤيدانه ! ويجعلان الباحث يشك فيما يؤكدانه !

وقال الألباني في فتاويه ص516 :
سؤال : هل أن مذهب السلف هو التفويض في الصفات ؟
جواب : قال ابن حجر العسقلاني وهو أشعري : إن عقيدة السلف فهم الآيات على ظاهرها دون تأويل ودون تشويش ، إذا آمنا برب موجود لكن لانعرف له صفة من الصفات ... وحينئذٍ كفرنا برب العباد حينما أنكرنا الصفات بزعم التفويض . انتهى

تعليق:
يلاحظ أن السؤال عن تفويض السلف ، وينبغي أن يكون الجواب بذكر رأي أحد من السلف يفسر الصفات بالظاهر ولا يفوضها ، ولو كان شخصاً واحداً ، ولكن الألباني لم يقرأ للسائل هذه المرة أسطوانة مالك ، ولم يأت بمثال من السلف ، لأنه لايوجد كما رأيت في نصوصهم ! وجاء بدل ذلك بشهادة ادعاها لأحد علماء خلف خلف ... الخلف ، لأن ابن حجر متوفى سنة (582) يعني في أواخر القرن السادس ، ثم لم يذكر الألباني نص شهادة ابن حجر ومصدرها ! وسنذكر رأي ابن حجر في مذهب الألباني في كلام الشيخ محمد أبي زهرة وحملته على الحنابلة المجسمين .

هذا عن أكبر عالمين عند الوهابيين في عصرنا ، وسنذكر المزيد من نصوصهم عن مذهبهم وتجسيمهم .
أما عن إمام الوهابيين فلم أطلع له على بحث معمق في التوحيد أوالصفات ، أما كتابه التوحيد فيبدو أنه ألفه على عجل، حيث سرد فيه أحاديث في موضوعات متعددة تتعلق بالتوحيد، ووضع بعد كل حديث أو أكثر فهرساً مختصراً لما استفاده ، وسمى ذلك ( مسائل) ولم أجد فيه في مسألة الصفات إلا موردين فقط ولكنهما كافيان لإثبات أنه مجسم ، والحمدلله .

المورد الأول:
في ص130 ، ونذكر نصه كاملاً لاختصاره ، قال :
باب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات وقول الله تعالى : وهم يكفرون بالرحمن الآية ، قال البخاري في صحيحة عليّ : حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله ؟!
وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس أنه رأى رجلاً انتفض حين سمع حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات استنكاراً لذلك فقال : ما فرق هؤلاء ، يجدون رقة عند محكمه ويهلكون عند متشابهه . انتهى . ولما سمعت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الرحمن أنكروا ذلك فأنزل الله فيهم ( وهم يكفرون بالرحمن ) فيه مسائل:
الأولى : عدم الإيمان بجحد شئ من الأسماء والصفات .
الثانية : تفسير آية الرعد .
الثالثة : ترك التحديث بما لايفهم السامع .
الرابعة : ذكر العلة أنه يفضي إلى تكذيب الله ورسوله ولو لم يتعمد المنكر .
الخامسة : كلام ابن عباس لمن استنكر شيئاً من ذلك وأنه أهلكه . انتهى كلام إمام الوهابيين .

ويبدو بالنظرة الأولى أن استشهاده بحديث علي عليه السلام وحديث ابن عباس أمراً عادياً ، ولكن المطلع على عقائد المجسمين واستدلالهم يطمئن بأنه يقصد التجسيم المحض الوارد في خبر أم الطفيل ، الذي حكم بكذبه عدد من علماء الجرح والتعديل من إخواننا السنة ، وبعضهم صح عنده فتأوله أو فوضه، ولكن المجسمة صححوه‌ واعتبروه من العلم الذي يكتم عن العامة ، ويبقى محصوراً بين خاصة الخاصة !!

قال الذهبي في سيره ج10 ص602 :
فأما خبر أم الطفيل ، فرواه محمد بن اسماعيل الترمذي وغيره ، حدثنا نعيم ، حدثنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال أن مروان بن عثمان حدثه عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل إمرأة أبي بن كعب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه في صورة كذا، فهذا خبر منكر جداً ، أحسن النسائي حيث يقول : وَمَنْ مروان بن عثمان حتى يُصَدَّقَ على الله ! وهذا لم ينفرد به نعيم ، فقد رواه أحمد بن صالح المصري الحافظ ، وأحمد بن عيسى التستري ، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، عن ابن وهب قال أبوزرعة النصري : رجاله معروفون .

تعليق:
بلا ريب قد حدث به‌ ابن وهب وشيخه وابن أبي هلال ، وهم معروفون عدول ، فأما مروان، وما أدراك ما مروان ؟ فهو حفيد أبي سعيد بن المعلى الأنصاري ، وشيخه هو عمارة بن عامر بن عمرو بن حزم الأنصاري ، ولئن جوزنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله فهو أدرى بما قال ولرؤياه في المنام تعبير لم يذكره صلى الله عليه وسلم ، ولا نحن نحسن أن نعبره ، فأما أن نحمله على ظاهره الحسي فمعاذ الله أن نعتقد الخوض في ذلك بحيث أن بعض الفضلاء قال : تصحف الحديث ، وإنما هو : رأي رِئِيَّة بياء مشددة ، وقد قال علي رضي الله عنه : حدثوا الناس بما يعرفون ، ودعوا ما ينكرون . وقد صح أن أبا هريرة كتم حديثاً كثيراً مما لايحتاجه المسلم في دينه ، وكان يقول : لو بثثته فيكم لقطع هذا البلعوم ، وليس هذا من باب كتمان العلم في شئ ، فإن العلم الواجب يجب بثه ونشره ويجب على الأمة حفظه ، والعلم الذي في فضائل الأعمال مما يصح إسناده يتعين نقله ويتأكد نشره ، وينبغي للأمة نقله ، والعلم المباح لايجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء . انتهى كلام الذهبي .

ومن يتأمل هذا الفصل الذي عقده إمام الوهابيين للصفات يطمئن بأنه يقصد نفس ما قاله الذهبي وابن تيمية وأسلافهم في تفسير الصفات ، وغرضه منه بيان وجوب التقية في لوازم المذهب ، وهي أن الله تعالى وجود مادي محسوس على صورة البشر ، ولكن لاتحدثوا به غير أهله !! فقد عقد الباب بعنوان ( باب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات ) ليقول إن الإيمان بكل صفات الله تعالى واجب وإنكار شئ منها كفر ، وبما أن عدداً من صفات الله تعالى على مذهبه يلزم منها التجسيم ، لذا تحدث عن وجوب كتمان ذلك إلا عن أهله ، واستشهد بروايتين عن علي عليه السلام وابن عباس تجوزان كتمان هذا العلم !!

وهذا نفس ماقله الذهبي عن ( العلم المباح ) أي المحظور غير المباح ، من تسمية الشئ بضده ، ثم أفتى الذهبي بوجوب حصره بأهله وهم خواص العلماء فقال ( والعلم المباح لايجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء ) ! وذلك شبيهاً بالعلم الذي يحصره اليهود والنصارى برؤساء الاكليروس أي كبار الكرادلة والحاخامات !!
والنتيجة التي يهدفون اليها من هذا التوظيف الظالم لهذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وآله وعلياً عليه السلام ، وابن عباس ، وأبا هريرة ، كلهم مجسمون كالوهابيين ويكتمون صفات الله تعالى ويأمرون بكتمانها حتى لايتهمهم الناس بأنهم مجسمون !! ومن الواضح لمن له اطلاع على الحديث أن الأحاديث الثلاثة التي استشهد بها إمام الوهابيين والذهبي لايصلح شئ منها شاهداً .

أما حديث أبي هريرة فقال عنه الناشر في هامش سير أعلام النبلاء في نفس الموضع : أخرجه البخاري 1 ـ 191 ، 192 ( وفي طبعتنا ج1 ص 8 ) في العلم : باب حفظ العلم ، من طريق اسماعيل بن أبي أويس ، حدثني أخي ، عن ابن أبي ذئب ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاء‌ين ، فأما أحده‍ما فبثثته ، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم .

قال الحافظ : وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم ، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه ، ولايصرح به خوفاً على نفسه منهم ، كقوله : أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان ، يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية ، لأنها كانت سنة ستين للهجرة ، واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة . انتهى

فقصد أبي هريرة بشهادة ابن حجر وشهادة النصوص الأخرى المشابهة والقرائن ، أنه يكتم ما قاله النبي صلى الله عليه وآله في انحراف الأمة من بعده، وذلك خوفاً من السلطة ! وأين هذا من كتمان أحاديث الصفات وتفسيرها إلا عن خواص‌ العلماء كما زعموا ؟!!

وأما حديث علي عليه السلام فقد علق عليه في هامش سير النبلاء أيضاً بقوله : أخرجه عنه البخاري في صحيحه 1 ـ 199 (وفي طبعتنا ج1 ص41) في العلم : باب حفظ العلم ، في العلم : باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لايفهموا ، من طريق عبيد الله بن موسى ، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل ، عن علي . انتهى ورواه أيضاً في كنزالعمال ج10 ص247 وص301 وص304 ، وهو يقرر قاعدة عامة هي أن المخاطبة والتعليم ينبغي أن تكون متناسبة مع مستوى المخاطبين ، ولا دلالة فيه ولا إشارة على ارتباطه بصفات الله تعالى أو بغيرها من المواضيع ، وإن كنت أرجح أيضاً أن منظوره قريب من منظور الحديت المتقدم ، فمن أين حكموا أن علياً عليه السلام يقصد كتمان الصفات، وأنه كان وهابياً مجسماً يفتي بوجوب كتمان لوازم مذهبه عن المسلمين كما يفعلون !!

وأما حديث ابن عباس فقد تفرد به عبدالرزاق في مصنفه ج11ص422 ولم أجده في أي مصدر غيره مع كثرة ماراجعت ، ورواه بعد حديث أبي هريرة في مناظرة النار والجنة ، قال : عن معمر ، عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تحاجت الجنة والنار ، فقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجربين ، وقالت الجنة : فما لي لايدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وعرتهم ؟ فقال الله للجنة : إنماأنت رحمتي ، أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار : إنما أنت عذاب ، أعذب بك من أشاء من عبادي ، ولكل واحدة منكماملؤها ، فأما النار فإنهم يلقون فيها ( وتقول هل من مزيد ) فلاتمتلئ حتى يضع رجله أو قال : قدمه فيها ، فتقول : قط ، قط ، قط ، فهنالك تملأ وتنزوي بعضها إلى بعض ، ولا يظلم الله من خلقه أحداً ، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها ما شاء .

أخبرنا عبدالرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاووس عن أبيه قال : سمعت رجلاً يحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة هذا، فقام رجل فانتقض ، فقال ابن عباس: ما فرق من هؤلاء يجدون عند محكمه ، ويهلكون عند متشابهه .انتهى

وعبارة إمام الوهابية هي ( عن ابن عباس أنه رأى رجلاً انتفض حين سمع حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات استنكاراً لذلك فقال ) وقصده بالصفات أن الرجل المستمع لم يؤمن بأن الله تعالى له رجل ويضعها في النار واستنكر ذلك فوبخه ابن عباس ! ولكن من أين له العلم بذلك، فقد يكون الرجل صحابياً جليلاً استنكر على أحد رواة الحديث هذا التجسيم ، وقام من المجلس اعتراضاً . ثم إن قول ابن عباس مجمل لايدل على أنه قصد بالهلاك ذلك الرجل الذي انتفض أو تأفف ونكت ثيابه تبرأً ! فقد يكون قصد بعض رواة الحديث . وهل يستحق صحابي أوتابعي الحكم بالهلاك والكفر لأنه نهض ونكت ثيابه حتى لايتحمل مسؤولية حديث يراه كاذباً أو يشك فيه ؟!

ثم إن عبارة ابن عباس التي في مصنف عبد الرزاق ليس فيها كلمة (من) وليس فيها كلمة (رقة) التي نقلها إمام الوهابيين ، ولو قلنا إن أصلها ( يجدون رقة ) لم يستفم المعنى أيضاً ، لأن مقتضى مقابلتها بقوله ( ويهلكون عند متشابهه ) أن يقول ( يرقون عند محكمه ) لاأن يقول يجدون رقة عند محكمه كما أنه لامعنى مفهوماً لقوله ( مافرق من هؤلاء ) الخ . والظاهر أن في كلام ابن عباس تصحيفاً أوجب فيه هذا الابهام .
ولكن مع ذلك ينبغي أن نشهد لإمام الوهابيين بأنه أذكى من الذهبي ، لأن حديث ابن عباس الذي استشهد به أكثر قرباً من هدفه ، وإن كان لادلالة فيه عليه !

المورد الثاني:
تبنى إمام الوهابيين حديث الحاخام الذي فيه تجسيم ، والذي ادعت مصادر إخواننا أن النبي صلى الله عليه وآله صَدَّقَهُ ، وقد أورده ابن عبد الوهاب في آخر كتابه التوحيد وعقد له باباً خاصاً فقال :
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع ، والشجر على إصبع ، والماء على إصبع ، والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع ، فيقول : أنا الملك ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر ، ثم قرأ ( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة ) الآية . وفي رواية لمسلم والجبال والشجر على إصبع ، ثم يهزهن فيقول أنا الملك أنا الله ، وفي رواية للبخاري ( يجعل السموات على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع ) إلى آخره . انتهى . وراجع إن شئت قصة حديث الحاخام ومصادره في المجلد الأول من العقائد الاسلامية .

وقد تبنى ابن عبدالوهاب هذا الحديث ، وتعمق في الغوص على معانيه ، واستخراج لآليه ، فاستنبط منه تسع عشرة مسألة عقائدية ، قدمها إلى المسلمين ليوحدوا الله تعالى على أساسها فقال :
فيه مسائل :
الأولى : تفسير قوله : والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة .
الثانية : إن هذه العلوم وأمثالها باقية عند اليهود الذين في زمنه صلى الله عليه وسلم لم ينكروها ولم يتأولوها .
الثالثة : أن الحبر لما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم صدقه ، ونزل القرآن بتقرير ذلك !
الرابعة : وقوع الضحك الكثير من رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده، لما ذكر الحبر هذا العلم العظيم .
الخامسة : التصريح بذكر اليدين ، وأن السموات في اليد اليمنى والأرضين في الأخرى .
السادسة : التصريح بتسميتها الشمال .
السابعة : ذكر الجبارين والمتكبرين عند ذلك .
الثامنة : قوله كخردلة في كف أحدهم .
التاسعة : عظمة الكرسي بنسبته إلى السماوات .
العاشرة : عظمة العرش بنسبته إلى الكرسي .
الحادية عشرة : أن العرش غير الكرسي والماء .
الثانية عشرة : كم بين كل سماء إلى سماء .
الثالثة عشرة : كم بين السماء السابعة والكرسي .
الرابعة عشرة : كم بين الكرسي والماء .
الخامسة عشرة : أن العرش فوق الماء .
السادسة عشرة : أن الله فوق العرش .
السابعة عشرة : كم بين السماء والأرض .
الثامنة عشرة : كثف كل سماء خمسمائة سنة .
التاسعة عشرة : أن البحر الذي فوق السموات بين أسفله وأعلاه مسيرة خمسمائة سنة . انتهى

وهكذا أصدر إمام الوهابية حكمه بأن علوم اليهود هذه عن تجسيم الله تعالى بقيت سليمة لم تنلها يد التحريف ، وأن النبي صلى الله عليه وآله ضحك كثيراً لهذا العلم العظيم ، وأن الله تعالى أنزل بتصديقه قرآناً ، وقد يكون ضحك أيضاً مثل رسوله تصديقاً للحبر اليهودي ، وارث هذا العلم العظيم ومبلغه إلى خاتم النبيين !!

والنتيجة:
أن الله تعالى له يدان وأصابع بالمعنى المادي الحسي ، وأن النبي صلى الله عليه وآله أقر هذا المعنى المادي ليدي الله تعالى وأصابعه ولم يتأوله ، وأن الله تعالى موجود في منطقة فوق العالم على عرشه ، وأن المسافة بيننا وبينه محددة بكذا سنة من السير مشياً على الأقدام !!
______________________
من كتاب الوهابية والتوحيد للشيخ علي الكوراني..!!