شطحات الحنابلة والوهابية

6 مايو 2010
74
0
0
شطحات الحنابلة والوهابية
[FONT=AF_Jeddah]1- أقوال أحمد بن حنبل في كلام الله عزوجل[/FONT]​
لعل من أشد موارد الشطح الذي تورط فيه كثير من المحققين لا سيما من علماء الأشاعرة هي كلمات الإمام أحمد بن حنبل في خلق القرآن الكريم وحكمه بتكفير من قال غير قوله ، بل بتكفير من المتوقف والمتردد ، ولنذكر بعض عباراته بهذا الشأنْ :
أ- يقول الإمام أحمد بن حنبل : والقرآن كلام الله تكلم به ، ليس بمخلوق ومن زعم أنّ القرآن مخلوق فهو جهمي كافر ، ومن زعم أنّ القرآن كلام الله ووقف ولم يقل ليس بمخلوق فهو أخبث من قول الأول ، ومن زعم أنّ ألفاظنا به ، وتلاوتنا له مخلوقة ، والقرآن كلام الله فهو جهمي ، ومن لم يكفر هؤلاء القوم فهو مثلهم . ([1])
ب- يقول أيضاً : وما في اللوح المحفوظ وما في المصحف وتلاوة الناس وكيفما وُصف ، فهو كلام الله غير مخلوق ، فمن قال مخلوق ، فهو كافر بالله العظيم ، ومن لم يكفره فهو كافر ... الخ . ([2])
إلى أنْ قال : وأما الجهمية ، فقد أجمع من أدركنا من أهل العلم أنهم قالوا : إنّ الجهمية افترقت ثلاث فرق ، فقالت طائفة منهم القرآن كلام الله وهو مخلوق ، وقالت طائفة : القرآن كلام الله وسكتت ، وهي الواقفة الملعونة ، وقالت طائفة منهم : ألفاظنا بالقرآن مخلوقة ، فهؤلاء كلهم جهمية كفار يُستتابون ، فإن تابوا وإلا قتلوا . ([3])
وكلمات أحمد بن حنبل وغيره بهذا الشأنْ كثيرة يمكن تتبعها في كتب الحنابلة التي صنفت في العقائد مثل كتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل وأصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي الطبري وغيرهما .
وهذا الكلام مضافاً إلى كونه يرفض كون حتى الألفاظ التي تصدر منا عند قراءة القرآن الكريم مخلوقة لله عز وجل وهو خلاف الوجدان ، فإنه ما هو المقتضي للحكم على المتردد بالكفر ، والحكم على من لا يكفر من يقول بقدم القرآن بالكفر .
وبعبارة أخرى ، فإنّ الإمام أحمد بن حنبل كفر عامة المسلمين الذين لا يقولون بمعتقده ، مع أنّ المسألة من المسائل الخلافية بين الفرق الإسلامية ، وقد ذهب الأشاعرة من بعده إلى أنّ الكلام اللفظي ليس بكلام الله عز وجل وأنه مخلوق ، وأنّ الكلام الذي يوصف بالقدم إنما هو الكلام النفسي وقال المعتزلة في أيامه وبعد أيامه ، والكثير من المسلمين لو سئل عن خلق القرآن قد تراه على أقل تقدير يتردد ، وعلى وفق مقتضى كلام أحمد بن حنبل فلا بد من الحكم غالبية المسلمين أو عدد ضخم معتد به منهم بالكفر ، ولا أظن أحداً من الناس خصوصاً من لا يعرف قول أحمد بن حنبل لوسئل هل ألفاظنا التي نقرأ بها القرآن وهل تلاوتنا بالقرآن التي تكون بأصواتنا مخلوقة لله عز وجل أم لا ؟ سيجيب بأنها غير مخلوقة ، بل سيقول أنها مخلوقة لله عز وجل ، وحينئذ فعليه أنْ ينتظر القرار بالحكم عليه بالكفر من قبل الإمام أحمد بن حنبل ، وسيحكم عليه تبعاً لذلك أتباع مدرسته من الحنابلة ، فلم تُسجل حسب الإطلاع على مصادرهم الكثيرة ولا عبارة واحدة تنكر عليه هذا القول وتدعوا إلى حقن الدماء وعدم التسرع بتكفير المسلمين بمجرد الإختلاف الاجتهادي ، ثم ما هو المقتضي للحكم بالتكفير عند الخلاف في صفة الكلام الإلهي ، ولا يحكم بالتكفير عند الخلاف في باقي الصفات التي وقعت محل البحث والنقاش عند المسلمين أزمنة متمادية عبر التاريخ ، فمنهم من اثبت التجسيم ومنهم من نفاه ، وحتى الحنابلة أنفسهم لم يتفقوا على قول واحد في جميع مسائل الصفات الإلهية ، فهذا هو ابن الجوزي في رده على المجسمة لم يقبل منه ابن تيمية وغيره كثير من الردود مع أنه مثلهم شديد النكير على الأشاعرة وعلماء الكلام .
[FONT=AF_Jeddah]2- فتوى عبد العزيز بن باز باشتمال القرآن الكريم[/FONT]​
[FONT=AF_Jeddah]على آيات وقعت بإلقاء الشيطان على الرسول الأعظم [/FONT]ص
ومتن أغرب الشحطات ما صدر من شيخ الوهابية الشيخ عبد العزيز بن باز ، حيث أصر على كون فكرة الغرانيق فكرة قطعية وتردد فقط في الكلمات التي ألقاها الشيطان على لسان النبي ص بزعمه ، فقـد ورد السـؤال التالي : ورد في تفسـير الجلالين في سبب نـزول الآيـة ( 52 ) من سورة الحج : أن الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يقرأ : )أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (أن الشيطان ألقى على لسانه : < تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترتجى > . فهل هناك ما يدل على صحة هذه القصة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أم هي من الإسرائليات ؟ أفيدونا أفادكم الله .
فأجاب : ليس في إلقاء هذه الألفاظ في قراءته صلى الله عليه وسلم حديث صحيح يعتمد عليـه فيما أعلـم ، ولكنها رويت عـن النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم في أحاديث مرسلة كما نبه على ذلك الحافظ ابن كثير في تفسير آية الحج ، ولكن إلقاء الشيطان في قراءته صلى الله عليه وسلم في آيات النجم وهي قوله : ) أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى ( الآيات ، شيء ثابت بنص الآية في سورة الحج ، وهي قوله سبحانه : ) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ( فقوله سبحانه : إِلا إِذَا تَمَنَّى أي : تلا ، وقوله سبحانه : ) أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ [FONT=V_Symbols]([/FONT] أي : في تلاوته ، ثم إن الله سبحانه ينسخ ذلك الذي ألقاه الشيطان ويوضح بطلانه في آيات أخرى ، ويحكم آياته ؛ ابتلاءاً وامتحانا ، كما قال سبحانه بعد هذا : [FONT=V_Symbols])[/FONT]لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ (الآيات .
وهذا هو شيخ الوهابية كما ترى يزعم أنّ بعض الآيات الموجودة في كتاب الله عز وجل إنما كانت بإلقاء من الشيطان ، غاية الآمر أنها نُسخت وأوضح بطلانها بآيات أخرى ، وهو ما يقتضي كون آيات القرآن الكريم إختلطت فيه آيات الله عز وجل بإلقاءات الشيطان على نبيه ، ومع ذلك على حسب دعواه لم تحذف تلك الآيات من القرآن الكريم وإنما دونت وأعطيت حكم الآيات القرآنية .
[FONT=AF_Jeddah]3- شطحات الحنابلة في الإعتقاد بنزول الرب[/FONT]​
يصر علماء الوهابية وغالبية علماء الحنابلة على أنّ الله عز وجل ينزل نزولاً حقيقياً من السماء السابعة إلى سماء الدنيا ، فلا يكون موجوداً حين نزوله إلى سماء الدنيا في السماء السابعة ، وإنما يبقى علمه فقط ، وكان ذلك أحد أهم الأسباب لوقوف عدد كبير من علماء السنة الكبار ضد ابن تيمية وأمروا بسجنه حتى مات بالسجن ، وهذه العقيدة سيأتي عرضها والحديث عنها إنشاء الله تعالى عند التعرض للبحث في مسائل الخلاف ، والعجب أنهم لما رأوا أنّ الليل يختلف من بلد إلى آخر ، أجابوا بأنه عز وجل يبقى متنقلاً من مكان إلى آخر حسب تبدل حصول ثلث الليل مما قد ينتهي إلى القول بأنه عند التزامه بالنزول ثلث الليل لا يبقى لديه وقت أنْ يصعد ثانياً للسماء السابعة ، فقد سئل شيخ الوهابية محمد صالح العثيمين السؤال التالي : كيف نجمع بين حديث أبي هريرة في النزول، وبين الواقع إذ الليل عندنا مثلاً نهار في أمريكا ؟
فأجاب : سؤالكم عن الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم قال : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر ...
إلى أنْ قال : وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب الأمة جميعاً بهذا الحديث الذي خصص فيه نزول الله تبارك وتعالى، بثلث الليل الآخر فإنه يكون عاماً لجميع الأمة، فمن كانوا في الثلث الآخر من الليل تحقق عندهم النزول الإلهي ، وقلنا لهم : هذا وقت نزول الله تعالى بالنسبة إليكم ومن لم يكونوا في هذا الوقت فليس ثم نزول الله تعالى بالنسبة إليهم، والنبي صلى الله عليه وسلم حدد نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا بوقت خاص، فمتى كان ذلك الوقت كان النزول ، ومتى انتهى انتهى النزول ، وليس في ذلك أي إشكال .
إلى أنْ قال: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في شرح حديث النزول : فالنزول الإلهي لكل قوم مقدار ثلث ليلهم ، فيختلف مقداره بمقادير الليل في الشمال والجنوب ، كما اختلف في المشرق والمغرب ، وأيضاً فإنه إذا كان ثلث الليل عند قوم فبعده بلحظة ثلث الليل عند ما يقاربهم من البلاد، فيحصل النزول الإلهي الذي أخبر به الصادق المصدوق أيضاً عند أولئك ، إذا بقي ثلث ليلهم وهكذا إلى آخر العمارة . ([4])

[FONT=AF_Jeddah]4- فتوى ابن باز في تكفير من قال باستقرار الشمس[/FONT]​
ومن أغرب شطحات هذا العصر ما قام به شيخ الوهابية عبد العزيز بن باز من الحكم بما يقتضي كفر الكثير من المسلمين ، فقد حكم بكفر من يقول باستقرار الشمس وأنّ الليل والنهار متسبب من حركة الأرض بعد أنّ أصر بالحكم على أنّ الأرض لا تدور أصلاً بالرغم من الدلائل الحديثة القطعية ، حيث يقول : فأقول قد دل القرآن الكريم ، والأحاديث النبوية وإجماع علماء الإسلام ، والواقع المشاهد على أنّ الشمس جارية في فلكها كما سخـرها الله سبحانـه وتعـالى ، وأنّ الأرض ثابتـة قارة قد بسطها الله لعباده ([5])
إلى أنْ قال : وقد نص علماء التفسير رحمة الله عليهم كابن جرير والبغوي وابن كثير والقرطبي وغيرهم على ما دلت عليه الآيات المحكمات التي سبق ذكرها من جري الشمس ، وسيرها في فلكها طالعة وغاربة ، وسكون الأرض واستقرارها ، وهكذا علماء الإسلام المعروفون المعتمد عليهم في هذا الباب وغيره قد صرحوا بما دل عليه القرآن الكريم من كون الشمس والقمر جاريين سائرين في فلكهما على التنظيم الذي نظمه الله لهما ، وأنّ الأرض قارة ساكنة قد أرساها الله بالجبال وجعلها أوتاداً ، فمن زعم خلاف ذلك وقال إنّ الشمس ثابتة لا جارية فقد كذّب الله ، وكذّب كتابه الكريم الذي لا يأتيه الباطل مـن بين يديـه ، ولا من خلفه ، تنزيـل من حكيم حميد . ([6])
إلى أنْ قال : وكل من قال هذا القول فقد كفر كفراً وضلالة ، لأنه تكذيب الله وتكذيب للقرآن ، وتكذيب للرسول ص ، لأنه عليه الصلاة والسلام قد صرح في الأحاديث الصحيحة أنّ الشمس جارية ، ,أنه إذا غربت تذهب وتسجد بين يدي ربها تحت العرش كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي ذر رضي الله عنه ، وكل من كذّب الله سبحانه أو كذّب كتابه الكريم أو كذّب رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام فهو كافر ضال يُستتاب ، فإنْ تاب وإلا قتل كافراً مرتداً ، ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين ... ([7])
إلى أنْ قال : وكما أنّ هذا القول الباطل مخالف للنصوص ، فهو مخالف للمشاهد المحسوس ، ومكابرة للمعقول والواقع ، فلم يزل الناس مسلمهم وكافرهم يشاهدون الشمس جارية ، طالعة وغاربة ، ويشاهدون أنّ الأرض قارة ثابتة ، ويشاهدون كل بلد في جهته لم يتغير من ذلك شيء ، ولو كانت الأرض تدور كما يزعمون ، لكانت البلدان والجبال والأشجار والأنهار والبحار لا قرار لها ، ولشاهد الناس البلاد المغربية في المشرق ، والمشرقية في المغرب ، ولتغيرت القبلة على الناس حتى لا يقر لها قرار .
إلى أنْ قال : فأما من قال إنّ الأرض تدور والشمس جارية فقوله أسهل من قول من قال بثبوت الشمس ، ولكنه في نفس الأمر خطأ ظاهر مخالف للآيات المتقدمات ، وللمحسوس والواقع . ([8])
وخلاصة كلام ابن باز أنه وإنْ لم يكفر من قال بدوران الأرض ، ولكنه كفر من يقول بأنّ الليل والنهار ليس ناشئاً من حركة الشمس وانتقالها وأنه نشأ من القول بدوران الأرض ، والقول بخلاف ذلك لم يوافقه عليه أحد من عقلاء الناس ، وإنما جماعة ممن وافقوا رأيه ، والعجيب أنّ حكم بكون القائل بخلاف قوله يقتل ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين مع أنه لو قدرنا بالقول بصحة فكرته الباطلة بالضرورة ، فيمكن الحكم بكون القائل اشتبه في فهم الكتاب والسنة ، وليس بالضرورة كل مخالفة ما هو ثابت في القرآن الكريم يقتضي الكفر إذا كان ناشئاً من الاشتباه ، وإلا لزم الحكم بكفر كثير من الفقهاء في الجملة لحصول شبهات حصلت لديهم قد تؤدي إلى حكمهم بخلاف ما في كتاب الله عز وجل .






([1]) العقيدة للإمام أحمد بن حنبل برواية عبدوس العطار ، المطبوع مع العقيدة برواية أبي بكر الخلاّل ص 79 ط. دار قتيبة / دمشق سنة 1408هـ - 1988م .

([2]) العقيدة للإمام أحمد بن حنبل برواية مسدد بن مسرهد المطبوع برواية الخلال ص 60 .

([3]) العقيدة للإمام أحمد بن حنبل ص 61 .

([4]) مجموع فتاوى ورسائل بن عثيمين ج1 سؤال رقم 101 ط. مؤسسة بن عثيمين الخيرية. ، وراجع أيضاً : مجموع فتاوى ابن تيمية ج5 ص 475 .

([5]) لأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض ص 21 ط. الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ط2 سنة 1395هـ .

([6]) لأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض ص 22 ، 23 .

([7])الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض ص 23 .

([8]) الأدلة النقلية والحسية على جريان الشمس وسكون الأرض ص 23 .