لا حول ولا قوة الا ب الله
التوحيد عند الشيعة : - الأسماء والصفات : يعتقد الشيعة أن الله تعالى متصف بجميع صفات الكمال منزه عن جميع صفات النقص وعن كل ما يقتضي الحدوث . . وأن صفاته الثبوتية ثمان : قادر مختار . . عالم . . حي . . مريد كاره . . مدرك . . قديم أزلي باق أبدي . . متكلم . . صادق . . أما الخالق والرازق والمحيي والمميت وأمثالهما فهي من صفات الأفعال . . وصفاته السلبية سبع : ليس بمركب . . ليس بجسم . . ليس محلا للحوادث . . ليس بمرئي لا في الدنيا ولا في الآخرة . . ليس له شريك . . ليس بمحتاج . . نفي المعاني والصفات عنه . . ومعنى حياته أنه ليس مثل الجمادات لا أنه ذو روح . ومعنى مدرك أنه يبصر لا بعين ويسمع لا بأذن بل يدرك جميع المبصرات والمسموعات . .
ومعنى متكلم أنه ينطق لا بلسان بل يوجد الكلام في بعض مخلوقاته كالشجرة حين كلم موسى وكجبريل حين أنزله بالقرآن . . ومعنى أنه ليس محلا للحوادث أو للأمور الصفات الحادثة . . ومعنى نفي المعاني والصفات عنه أن صفاته ليست مغايرة لذاته بل هي عين ذاته لئلا يلزم تعدد القدماء . ويعتقدون أن الله تعالى منزه عن المكان والجهة والأعضاء والجوارح والشم والذوق واللون وكل لوازم الجسم وعن اللذة والألم . . ويعتقدون أن كل ما ورد من النقل مما ظاهره خلاف ذلك مثل قوله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) ( إلى ربها ناظرة ) ( وجاء ربك ) ( يد الله فوق أيديهم ) ( ومكروا ومكر الله ) ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض ) ( ولو شاء الله ما اقتتلوا ) وغير ذلك . يجب تأويله ورده إلى ما حكم به العقل أو يكال علمه إليه تعالى ( أعيان الشيعة ، المجلد الأول ، ق 2 ص 3 : 4 . ) . إن الشيعة ينفون التشبيه والتجسيم والرؤية ونسبة القبح إلى الله كما ينفون الجهة والتكلم . . يقول الإمام علي عن الرؤية : " لم تره العيون بمشاهدة الأبصار . ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان " ( العقائد الإسلامية . . محمد مهدي الشيرازي ) .
وقال الصادق عليه السلام : " لا جسم ولا صورة . . ولا يحس ولا يجس . ولا يدرك بالحواس الخمس . لا تدركه الأوهام ، ولا تنقصه الدهور ولا تغيره الأزمان . . إن الله تعالى لا يشبه شيئا . ولا يشبهه شئ . وكل ما وقع في الوهم فهو بخلافه " ( 3 ) . وقال : " هو سميع بصير . سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة ، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه " ( 4 ) . وقال الرضا عليه السلام : " كلام الخالق لمخلوق ليس ككلام المخلوق لمخلوق . ولا يلفظ بشق فم ولسان " ( 5 ) . وقال الإمام علي عليه السلام حين سمع رجلا يقول والذي احتجب بسبع طباق . فعلاه بالدرة . ثم قال : " يا ويلك ، إن الله أجل من أن يحتجب عن شئ سبحان الذي لا يحويه مكان ، ولا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء ( 6 ) .
وقال الصادق عليه السلام : " إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بزمان . ولا مكان . ولا حركة . ولا انتقال . ولا سكون . بل هو خالق الزمان . والمكان . والحركة . والسكون والانتقال " ( 1 ) . وقال الكاظم عليه السلام : " إن الله تبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يحد بيد . أو رجل . أو حركة أو سكون . أو يوصف بطول أو قصر . أو تبلغه الأوهام . أو تحيط بصفته العقول " ( 2 ) . وهذه الأقوال الواردة على لسان الأئمة إنما تحدد موقف الشيعة من النصوص التي تتحدث عن أسماء وصفات الله سبحانه ، وهو موقف على ما هو واضح يختلف مع موقف أهل السنة اختلافا جذريا . . يقول الشيخ محمد جواد مغنية : وأما قوله تعالى : ( إلى ربها ناظرة ) فالمراد به النظر بالعقل والبصيرة لا بالعين البصر . . إن الله سميع بصير . ولكن لا بآلة ، ولا جارحة . ومعنى سمعه وبصره أنه محيط بما يصلح أن يسمع
ويبصر . . وأن التكلم من صفات الله الإضافية كالخلق والرزق . لا من الصفات الذاتية القديمة كالعلم والقدرة والحياة . . والإمامية ينكرون التجسيم أشد الإنكار ويؤولون اليد في الآيات بالقدرة والعرش بالاستيلاء والوجه بالذات ومجئ الله بمجيئ أمره . . ( 3 ) . إن صفاته عين ذاته فالله قادر بالذات لا بقدرة زائدة . وعالم بالذات لا بعلم زائد . وحي بالذات لا بغيرها . وعلى هذا قياس سائر الصفات الذاتية . . ولو افترض أن صفاته غير ذاته فإما أن تكون قديمة . وإما حادثة . وعلى الأول يلزم تعدد القديم . وعلى الثاني يلزم أن يكون الله قد وجد في الأزل بدون علم ولا حياة ولا قدرة . ولا شئ أبدا ، لأن المفروض أن هذه الصفات قد حدثت
بعده . وكلاهما محال ، فتعين أن صفاته عين ذاته ونفس حقيقته ولا شئ زائد عليها وقائم بها . . ( 1 ) . - العدل : جعل الشيعة العدل أصلا من أصول الاعتقاد وإن كان هناك خلاف على جعل العدل أصلا مستقلا وإدخاله ضمنا في التوحيد لتعلقه به . . والعدل يدخل فيه بحث القضايا المتعلقة بالجبر والاختيار ونسبة الظلم إلى الله سبحانه وتعالى والقضاء والقدر والحسن والقبح . . وسئل الإمام علي عليه السلام عن العدل والتوحيد فقال : " التوحيد أن لا تتوهم . والعدل أن لا تتهم " ( 2 ) .
وسئل الإمام الصادق عليه السلام عن العدل فقال : " أما العدل فأن لا تنسب إلى خالقك ما لامك عليه . ولا أمره - أي العبد - بشئ إلا وقد علم أنه لا يستطيع فعله . لأنه ليس من صفته العبث والجور والظلم . وتكليف العباد ما لا يطيقون " ( 3 ) . وأفعال العبد نوعان : نوع تتعلق به إرادة واختيار كالذهاب والاياب والكتابة والقراءة . ونوع لا إرادة للعبد فيه ولا اختيار كالتنفس والنمو والحركة الدموية . والانسان مخير غير مسير في النوع الأول . ومسير غير مخير في النوع الثاني ( 4 ) . وأفعال العبد الحسنة يأمر بها الله والقبيحة ينهى عنها وهو يعلمها . والعبد باختياره إن شاء فعل وإن شاء ترك . . ( 5 ) . والأفعال منها ما هو حسن بحكم العقل لا باعتبار حكم الشرع كالصدق النافع وما إليه ومنها ما هو قبيح كذلك كالكذب الضار . ومنها ما لا يستقل العقل بالحكم عليه سلبا وإيجابا فنحتاج حينئذ إلى الشرع كوجوب الوفاء بعقد البيع وأكل لحم الميتة . . ( 1 ) .
والشيعة لكونها تعتقد أن الله عادل حكيم لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب تقول إنه لو لم يكن كذلك لنسب إليه النقص سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا . وأيضا لو جاز عليه فعل الكذب فيرتفع الوثوق بوعده ووعيده وترتفع الأحكام الشرعية وينقض الغرض المقصود من بعث الأنبياء والرسل ( 2 ) . وحول القضاء والقدر يقول الإمام عليه السلام : " إن الله عز وجل كلف تخييرا . ونهى تحذيرا . وأعطى على القليل كثيرا . ولم يعص مغلوبا . ولم يطع مكرها . ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا . ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار " ( 3 ) .
ونخلص من عرض قضية التوحيد عند الشيعة إلى ما يلي : - إن التوحيد عند الشيعة ابتعد عن متاهة التجسيم والتشبيه . . - إن التوحيد عند الشيعة أكثر ارتباطا بالقرآن والعقل . . - إن التوحيد عند الشيعة ثابت المعالم لا خلاف عليه في حدود المذهب . . - إن الشيعة لا ترى أن التوسل بالأنبياء والصالحين يتناقض مع التوحيد .
كتاب
عقائد السنة و عقائد الشيعه -التقارب و التباعد-صالح الوردان ص 66
-------
قال أمير المؤمنين ( ع ) : ( أول الدين معرفته ، وكمال معرفته توحيده ، وكمال توحيده نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف ، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة ، وأنه لا يرى لا في الدينا ولا في الآخرة ) .
------
من خطبة له عليه السلام " يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم " الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون . ولا يحصي نعماءه العادون . ولا يؤدي حقه المجتهدون ، الذي لا يدركه بعد الهمم ( 1 ) ولا يناله غوص الفطن ( 2 ) . الذي ليس لصفته حد محدود ( 3 ) ولا نعت موجود . ولا وقت معدود ولا أجل ممدود . فطر الخلائق بقدرته . ونشر الرياح برحمته . ووتد بالصخور ميدان أرضه ( 4 ) . أول الدين معرفته ( 5 ) وكمال معرفته التصديق به . وكمال التصديق به توحيده . وكمال توحيده الاخلاص له . وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة . فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه . ومن قرنه فقد ثناه ومن
ثناه فقد جزأه ، ومن جزأه فقد جهله ( 1 ) . ومن جهله فقد أشار إليه . ومن أشار إليه فقد حده ( 2 ) . ومن حده فقد عده ، ومن قال فيم فقد ضمنه . ومن قال علام فقد أخلى منه . كائن لا عن حدث ( 1 ) موجود لا عن عدم . مع كل شئ لا بمقارنة . وغير كل شئ لا بمزايلة ( 2 ) . فاعل لا بمعنى الحركات والآلة . بصير إذ لا منظور إليه من خلقه ( 3 ) . متوحد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده ( 4 ) . أنشأ الخلق إنشاء . وابتدأه ابتداء . بلا روية أجالها ( 5 ) . ولا تجربة استفادها . ولا حركة أحدثها . ولا همامة نفس اضطرب فيها ( 6 ) . أحال
نهج البلاعه -خطب الامام علي ج1 ص 15