إثبات :::أن ابن تيمية يقول بالنزول الحقيقي لله تعالى ::: بشهادة علماء عصره!!!

مرآة التواريخ

مرآة التواريخ
20 أبريل 2010
379
0
0
إثبات أن ابن تيمية يقول بالنزول الحقيقي لله تعالى الله علوا عما يقوله الجاهلون


قال ابن حجر في الدرر الكامنة ج1/153- 155 بترجمة ابن تيمية نقلاً عن رحلة الأقشهري (ت731هـ) (1):
: "وكان يتكلم على المنبر على طريقة المفسّرين مع الفقه والحديث فيورد في ساعة من الكتاب والسُّنّة واللُّغة والنظر ما لا يقدر أحد على أن يورده في عدة مجالس كأنّ هذه العلوم بين عينيه فيأخذ منها ما يشاء ويذر، ومن ثَمّ نُسِبَ أصحابه إلى الغلو فيه ، واقتضى له ذلك العُجب بنفسه ، حتى زَهَا على أبناء جِنْسِه ، واستشعر أنه مُجْتَهِدٌ فصار يرد على صغير العلماء وكبيرهم ، قويّهم وحديثهم ، حتى انتهى إلى عمر فخطّأه في شىء ، فبلغ الشيخ إبراهيم الرَّقي فأنكر عليه فذهب إليه واعتذر واستغفر، وقال في حق عليّ : "أخطأ في سبعة عشر شيئًا ، خالف فيها نَصّ الكتاب ، منها : اعتداد المتوفى عنها زوجها أطول الأجلين" . وكان لتعصبه لمذهب الحنابلة يقع في الأشاعرة حتى إنه سبّ الغزالي فقام عليه قوم كادوا يقتلونه.
ولما قدم غازان بجيوش التتر إلى الشام خرج إليه وكلّمه بكلام قوي ، فهمّ بقتله ثم نجا ، واشتهر أمره من يومئذ.
واتفق أن الشيخ نصرًا المنبجي كان قد تقدّم في الدولة لاعتقاد بيبرس الجاشنكير فيه، فبلغه أن ابن تيمية يقع في ابن العربي ، لأنه كان يعتقد أنه مستقيم ، وأن الذي ينسب إليه من الاتحاد أو الإلحاد من قصور فهم من ينكر عليه . فأرسل ينكر عليه وكتب إليه كتابًا طويلاً ، ونسبه وأصحابه إلى الاتحاد الذي هو حقيقة الإلحاد . فعظم ذلك عليهم ، وأعانه عليه قوم آخرون ضبطوا عليه كلمات في العقائد مغيرة وقعت منه في مواعظه وفتاويه ، فذكروا أنه ذكر حديث النزول فنزل عن المنبر درجتين فقال: كنزولي هذا ، فنسب إلى التجسيم ، وردّهِ على من توسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم أو استغاث ، فَأُشْخِصَ من دمشق في رمضان سنة خمس وسبعمائة فجرى عليه ما جرى وحبس مرارًا ، فأقام على ذلك نحو أربع سنين أو أكثر وهو مع ذلك يشتغل ويفتي ، إلى أن اتّفق أن الشيخ نصرًا قام على الشيخ كريم الدين الآملي شيخ خانقاه سعيد السعداء فأخرجه من الخانقاه ، وعلى شمس الدين الجزري فأخرجه من تدريس الشريفيّة ، فيقال إن الآملي دخل الخلوة بمصر أربعين يومًا فلم يخرج حتى زالت دولة بيبرس وخمل ذكر نصر وأطلق ابن تيمية إلى الشام . وافترق الناس فيه شيعًا فمنهم من نسبه إلى التجسيم لِمَا ذَكَرَ في "العقيدة الحموية" و "الواسطية" وغيرهما ، من ذلك كقوله : إن اليد ، والقدم ، والساق ، والوجه صفات حقيقيّة لله ، وإنه مستوٍ على العرش بذاته ، فقيل له: يلزم من ذلك التحيّز والانقسام!!. فقال: أنا لا أسلّم أن التحيز والانقسام من خواص الأجسام!. فَأُلْزِمَ بأنه يقول بتحيّز في ذات الله. ومنهم من ينسبه إلى الزندقة لقوله : إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُستغاث به ، وأن في ذلك تنقيصًا ومنعًا من تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أشد الناس عليه في ذلك النور البكري ، فإنه لَمَّا عُقِدَ له المجلس بسبب ذلك قال بعض الحاضرين : يُعَزَّر ، فقال البكري: لا معنى لهذا القول ، فإنه إن كان تنقيصًا يُقْتَل ، وإن لم يكن تنقيصًا لا يعزر. ومنهم من ينسبه إلى النفاق لقوله في عليّ ما تقدّم ، ولقوله: إنه كان مخذولاً حيثما توجه ، وإنه حاول الخلافة مرارًا فلم ينلها ، وإنما قاتل للرياسة لا للديانة، ولقوله: إنه كان يحب الرياسة، وإن عثمان كان يحب المال، ولقوله: أبو بكر أسلم شيخًا لا يدري ما يقول ، وعليّ أسلم صبيّا ، والصبي لا يصح إسلامه على قول". انتهى كلام ابن حجر.
---------------------------
(1) قال ابن حجر في ترجمته من الدرر الكامنة ج3/309 رقم (831) : محمد بن أحمد بن أمين بن معاذ بن إبراهيم بن عبد الله الأقشهري منسوب إلى أقشهر بقونية ولد بها سنة 665 ورحل إلى مصر ثم إلى المغرب فسمع من أبي جعفر بن الزبير بالأندلس ومحمد بن محمد بن عيسى بن منتصر بفاس وغيرهما وجمع رحلته إلى المشرق والمغرب في عدة أسفار وجمع كتابا فيه أسماء من دفن بالبقيع سماه الروضة قال القطب الحلبي تناولته منه وحدث عنه أبو الفضل النويري قاضي مكة وجاور بالمدينة ثم اتخذها موطنا إلى أن مات سنة 731 . انتهى


حال ابن تيمية في فهرس الفهارس للكتاني عبدالحي بن عبدالكبير (ت 1382هـ) :
ذكر عبد الحي الكتاني في ترجمة ابن تيمية في فهرس الفهارس 1 : 277 - 278 تحقيق د.إحسان عباس ، دار الغرب الإسلامي ، بيروت ، لبنان ، ما نصه : " ومن أبشع وأشنع ما نقل عنه رحمه الله قوله في حديث : " ينزل ربنا في الثلث الأخير من الليل " : كنزولي هذا .
قال الرحالة ابن بطوطة في رحلته : "وشاهدته نَزَلَ درجة من المنبر الذي كان يخطب عليه".
وقال القاضي أبو عبد الله المقري الكبير(1) في رحلته (نظم اللآلي في سلوك الأمالي) حين تعرض لشيخيه ابني الإمام التلمساني(2) ورحلتهما : "ناظرا تقي الدين ابن تيمية وظهرا عليه وكان ذلك من أسباب محنته" . وكان له مقالات شنيعة من إمرار حديث النزول على ظاهره ، وقوله فيه: "كنزولي هذا" ، وقوله فيمن سافر لا ينوي إلا زيارة القبر الكريم : لا يقصر ، لحديث لا تشد الرحال .اهـ. ونقله عنه حفيده أبو العباس المقري(3) في ( أزهار الرياض ج5/11) وأقرَّه .
---------------------------------
(1)هو المعروف بالمقري الكبير : محمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر المقري التلمساني ، من المعاصرين لابن تيمية ، ت759هـ ، ترجمته في فهرس الفهارس ج2/682 رقم (428) وبهامشه عدة مصادر لترجمته منها نفح الطيب للمقري الحفيد 5/203-341 وغيره.

(2)هما كل من الأخوين: أبو زيد عبدالرحمن (ت743هـ) و أبو موسى عيسى (ت749هـ) ابني محمد بن عبدالله التلمساني البرشنكي التنسي. ترجمتهما في كتاب "الديباج المذهب" لابن فرحون المالكي ص 152 ، والأعلام للزركلي 3/330 و 5/108 ، وتعريف الخلف برجال السلف للحفناوي الغول ج1/201 – 213 .

(3)هو المعروف بالمقري الصغير : أحمد بن محمد أبو العباس المقري التلمساني الفاسي صاحب كتاب "نفح الطيب" المشهور ت 1041هـ ، ترجمته في فهرس الفهارس للكتاني ج2/574 رقم (331) ، وبهامشه عدة مصادر لترجمته منها : خلاصة الأثر للمحبي 1/320 ، وريحانة الألبا للخفاجي 2/174 وغيرهما.



ثم قال الكتاني :
ومن أشنع ما نقل عن ابن تيمية أيضا قوله في حق ( شفاء القاضي عياض ) : "غَلا هذا المُغَيْرَبي" .

وقد قال في ذلك شيخ الإسلام بإفريقيا الإمام العلم أبو عبد الله ابن عرفة التونسي :
"شفـاء عيـاض" في كمال نبينــا......كواصف ضوء الشمس ناظر قرصها
فلا غرو في تبليغــهِ كُـنْهَ وصفه......وفي عجزهِ عن وصفهِ كُنَهَ شخصـها
وإن شئت تشبيهاً بذكــرِ إمــارةٍ......بأصـلٍ ببرهــانٍ مبـيـنٍ لنقصها
وهذا بقولٍ قيل عن ( زائغٍ ) : "غلا......عياضٌ" ، فَتَبَّتْ ذَاتُهُ عـن محيصـها

ذكرهم له تلميذه البسيلي في (تفسيره) ، والمقري في ( أزهار الرياض ج5/10) .
وفي (حواشي البخاري) لشيخ الجماعة بفاس أبي السعود عبد القادر الفاسي : "لم يقل بلزوم الذكر النبوي – يعني في الصلاة – دون غيره إلاّ ابن تيمية . قال الشيخ زروق : وهو مطعون عليه في العقائد ، وذكر غيره : أنه ظاهري؛ يقول بالتجسيم".اهـ. انتهى كلام الكتاني .

أقول :
وراجع كتاب (الجامع لسيرة ابن تيمية ص127) لمحمد عزيز شمس وعلي بن محمد العمران ، واقرأ المرسوم الذي كُتب بخصوص ابن تيمية بعد اجتماع الفقهاء به في مجلس بمصر (يوم الأحد 25 ربيع أول سنة 707هـ ) ، عن كتاب (نهاية الأرب للنويري ) ، ومن ضمن المرسوم المذكور أخذ إقراره على نفسه بأنه تراجع عن قوله فيما يخص "حديث النزول" و "الإستواء على العرش" وهو بخط يده ، مما يدل على أنه كان كما ذُكر بخصوص "حديث النزول" .

وفي الإقرار كتب ما يلي بالحرف الواحد: "والقول في النزول كالقول في الإستواء أقول فيه ما أقول فيه ولا أعلم كُنْه المراد به ، بل لا يعلم ذلك إلا الله تعالى ، وليس على حقيقته وظاهره . كتبه أحمد بن تيمية في يوم الأحد خامس عشرين من شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعمائة".انتهى

وصورة المرسوم كاملاً كما يلي بالحرف الواحد ننقله من كتاب (الجامع لسيرة شيخ الاسلام ابن تيمية ) ص126 – 127 ، نقلاً عن كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري (ت733هـ) بترجمة ابن تيميةج32/97-118 ، 33/211-213 ، 265-266 ، 276-277) نشر دار الكتب المصرية بالقاهرة ط. الأولى 1998م تحقيق د. فهيم شلتوت.

بسم الله الرحمن الرحيم : شهد من يضع خطه آخره أنه لما عقد مجلس لتقي الدين أحمد بن تيمية الحراني الحنبلي بحضرة المقر الأشرف العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي العادلي السيفي ملك الأمراء سلاَّر الملكي الناصري نائب السلطة المعظمة أسبغ الله ظله وحضر فيه جماعة من السادة العلماء الفضلاء أهل الفتيا بالديار المصرية بسبب ما نُقلَ عنه وَوُجِدَ بخطه الذي عُرِفَ به قبل ذلك من الأمور المتعلقة باعتقاده : أن الله تعالى يتكلم بصوت ، وأن الاستواء على حقيقته ، وغير ذلك مما هو مخالف لأهل الحق . انتهى المجلس بعد أن جرت فيه مباحث معه ليرجع عن اعتقاده في ذلك إلى أن قال بحضرة شهود : أنا أشعري ، ورَفَعَ كتاب الأشعرية على رأسه ، وَأُشْهِدَ عليه بما كتبَ به خطَّاً وصورته : الحمدلله الذي أعتقده أن القرآن معنى قائم بذات الله ، وهو صفة من صفات ذاته القديمة الأزلية ، وهو غير مخلوق ، وليس بحرف ولا صوت . كتبه أحمد ابن تيمية . والذي أعتقده من قوله : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طـه:5) : أنه على ما قاله الجماعة : أنه ليس على حقيقته وظاهره ، ولا أعلمُ كُنْهَ المراد منه ، بل لا يعلمُ ذلك إلاّ الله تعالى . كتبه أحمد بن تيمية . "والقول في النزول كالقول في الاستواء أقول فيه ما أقول فيه ولا أعلم كُنْه المراد به ، بل لا يعلم ذلك إلا الله تعالى ، وليس على حقيقته وظاهره . كتبه أحمد بن تيمية في يوم الأحد خامس عشرين من شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعمائة".انتهى . هذا صورة ما كتب به خطه ، واشهد عليه أيضاً أنه تاب إلى الله تعالى مما ينافي هذا الاعتقاد في المسائل الأربع المذكورة بخطّه ، وتلَفَّظَ بالشهادتين المعظَّمتين ، وأشهد عليه أيضاً بالطواعية والاختيار في ذلك ، ووقع ذلك كله بقعة الجبل المحروسة من الديار المصرية حرسها الله تعالى بتاريخ يوم الأحد الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعمائة ، وشهد عليه في هذا المحضر جماعة من الأعيان المقتنتين والعدول . انتهى بلفظه.

ونقله ابن حجر في الدرر الكامنة ج: 1 ص: 148 وقال انه قرأه في تاريخ البرزالي بما نصه :
قال: ...ولم يزل ابن تيمية في الجب إلى أن شفع فيه مهنا أمير آل فضل فأخرج في ربيع الأول في الثالث وعشرين منه وأحضر إلى القلعة ووقع البحث مع بعض الفقهاء فكتب عليه محضر بأنه قال : أنا أشعري ، ثم وجد خطه بما نصه : الذي اعتقد أن القرآن معنى قائم بذات الله ، وهو صفة من صفات ذاته القديمة وهو غير مخلوق ، وليس بحرف ولا صوت ، وأن قوله : (الرحمن على العرش استوى ) ليس على ظاهره ولا أعلم كنه المراد به ، بل لا يعلمه إلا الله ، والقول في النزول كالقول في الاستواء . وكتبه أحمد بن تيمية . ثم أشهدوا عليه أنه تاب مما ينافي ذلك مختارا وذلك في خامس عشري ربيع الأول سنة (707هـ) . وشهد عليه بذلك جمع جم من العلماء وغيرهم وسكن الحال وأفرج عنه وسكن القاهرة. انتهى

وقال ابن رجب الحنبلي في الذيل على طبقات الحنابلة : (عنه في الجامع لسيرة ابن تيمية ص412) :
في ربيع الأول من سنة سبع وسبعمائة دخل مهنا بن عيسى أمير العرب إلى مصر ، وحضر بنفسه إلى السجن ، وأخرج الشيخ منه ، بعد أن استأذن في ذلك ، وعُقد للشيخ مجالس حضرها أكابر الفقهاء ، وانفصلت على خير . وذكر الذهبي والبرزالي وغيرهما : أن الشيخ كتب لهم بخطّه مجملاً من القول ، وألفاظاً فيها بعض ما فيها ، لمَّا خاف وهُدِّدَ بالقتل ، ثمَّ أُطلِقَ وامتنع عن المجيء إلى دمشق . وأقام بالقاهرة يقرئ العلم ويتكلم في الجوامع والمجالس العامة ويجتمع عليه خلق. انتهى بلفظه.

وذكرها مختصراً ابن تغري بردي في كتابه "المنهل الصافي" ج1/358-362.

وأشار إليها الشوكاني في البدر الطالع ج1/63-73 (عنه في الجامع لسيرة ابن تيمية ص585)

أقول : وهكذا كلَّما تقادم الزمن كلما حذفوا من المرسوم شيئاً ‍‍!!
بل بعضهم لا يذكره البتة مثل ابن كثير وغيره
rolleyes.gif


ولتحيا الأمانة يا ابن كثير
frown.gif



الرد على من ردَّ شهادة ابن بطوطة في رؤيته ابن تيمية في قصة شرحه لحديث النزول :
قالوا في ردِّهم : إن ابن بطوطة(1) دخل دمشق في يوم الخميس 9 رمضان سنة 726هـ
بينما ابن تيمية اعتقل يوم الأثنين 6 شعبان 726هـ فمكثَ في السجن حتى أُخرج ميتاً في العشرين من شهر ذي القعدة سنة 728هـ ، فكيف رآه يعظ في مسجد دمشق ؟؟!!
---------------------------------
(1)قال ابن حجر في الدرر الكامنة ج: 3 ص: 480 رقم (1285) : محمد بن عبد الله بن ابراهيم بن محمد بن ابراهيم بن يوسف اللوائي الطنجي أبو عبد الله ابن بطوطة . قال ابن الخطيب : كان مشاركا في شىء يسير ورحل إلى المشرق في رجب سنة 25 ، فجال البلاد وتوغل في عراق العجم ، ثم دخل الهند والسند والصين ورجع على اليمن فحج سنة26 ، ولقى من الملوك والمشايخ خلقا كثيرا ، وجاور ثم رجع إلى الهند فولاه ملكها القضاء ، ثم خلص فرجع الى المغرب فحكى بها أحواله وما اتفق له وما استفاد من أهلها . قال شيخنا أبو البركات ابن البلفيقي : حدثنا بغرائب مما رآه ، فمن ذلك : أنه زعم انه دخل القسطنطينية فرأى في كنيستها اثني عشر ألف أسقف ، ثم انتقل إلى العدوة ودخل بلاد السودان ، ثم استدعاه صاحب فاس ، وأمره بتدوين رحلته . انتهى . وقرأت بخط ابن مرزوق : إن أبا عبد الله بن جزي (ت756هـ) نَمَّقَها وحررها بأمر السلطان أبي عنان ، وكان البلفيقي رماه بالكذب فبرأه ابن مرزوق وقال : إنه بقى إلى سنة سبعين ، ومات وهو متولى القضاء ببعض البلاد . قال ابن مرزوق : ولا اعلم أحدا جال البلاد كرحلته ، وكان مع ذلك جوادا محسناً. انتهى
أقول : ولابن جزي هذا ترجمة في الدرر الكامنة 4/165 رقم (440) ولد سنة (720 هـ) وتوفي سنة (756هـ) وله ست وثلاثون سنة .انتهى



أقول :
لا شك أن ظاهر هذا الأمر يعتبر من الأمور التي يجب أن يتوقف عندها المرء حين يريد أن يثبت أمراً معيناً. وقد يُستدلُّ بالتواريخ لإثبات أو نفي قضايا معينة. ولكن هذا الدليل يؤخذ به حين لا توجد أدلة أخرى نستدل بها في النفي أو الإثبات خاصة وأن التواريخ ممكن أن يدخل عليها الوهم والغلط والإشتباه. ودونك التاريخ الطويل ، تجد قضايا عديدة جداً جداً يصعب اتفاق الرواة والمؤرخين عليها. فمثلاً تأتي إلى ولادة عالم معين أو وفاته تجد الاختلافات الشديدة فيها ، فتجدهم يقولون : ولد سنة كذا ، وقيل كذا وقيل كذا وقيل كذا فيذكرون ثلاثة أقوال وربما خمسة ، وقد يكون الفارق بين التواريخ أياماً وقد يكون أشهراً ، لا بل قد يصل الفارق بين التواريخ إلى سنة أو سنتين أو ثلاث ...إلخ.

فعلى هذا يمكن لابن بطوطة أن يغلط في تاريخ دخوله دمشق ، خصوصاً أن رحلته استمرت قرابة الثلاثين سنة ، زار من المدن والبلدان ما لم يزره غيره ، والتقى بشعوب وقبائل مختلفة العادات والتقاليد واللغات ...إلخ ، تعرَّض خلالها لمصاعب ومخاطر وأهوال وغير ذلك تفرضها عليه طبيعة مثل هذه الرحلات . فإذا أخذنا كل هذه الاعتبارات وغيرها يجعلنا غير مستغربين فيما لو غلطَ أو وَهَمَ في تاريخ حادثة رآها ، خصوصاً أن ضبط التواريخ تحتاج لذهنية متوقّدة جداً جداً ، والرحلة كما ذكرنا استغرقت قرابة ثلاثة عقود فلا ريب بوقوع بعض الوهم والغلط في تأريخ الحوادث التي رآها طوال هذه السنين الطويلة.فلاحظ هذا جيداً واحفظه.

إضافة إلى أن الذي نمَّق الرحلة وحرَّرها هو ابن جزي وليس هو ، فدخول الوهم في ضبط تواريخ الحوادث يزداد لا شك.!

على أن قضية ضبط تاريخ الحوادث يقع عند الكثير ، فتراهم يقولون مثلا حين يذكرون رجلا ، أو حادثة : رأيته سنة كذا أو كذا. وتلك الحادثة حدثت سنة كذا أو كذا...إلخ.

يقول الصفدي في كتابه "أعيان العصر وأعوان النصر" وهو من تلاميذ ابن تيمية في ترجمته : وأول ما اجتمعتُ أنا به كان في سنة ثمان عشر ، أو سبع عشر وهو بمدرسته في القصاعين بدمشق المحروسة.

وفي ترجمته من الوافي بالوفيات قال : وسألته في سنة ثماني عشر أو سبع عشر وسبع مئة وهو بمدرسته بالقصاعين عن قوله تعالى : (وأخر متشابهات) فقلت له : المعروف بين النحاة ..إلخ فذكر قصة معه فيها أخذٌ ورد استغرقت حوالي صفحتين أو أقل بقليل .

فلاحظ أن الصفدي ضبط القصة التي حدثتْ له مع ابن تيمية بما تحويها من إشكالات وردود دقيقة ولم يضبط تاريخ القصة على التحقيق.!!
فهل هذا يعني إنكار أصل القصة ؟؟!!.

وقال الصفدي في أعيان النصر بترجمته أيضاً : فلما كان في يوم الثلاثاء تاسع عشر شهر رمضان سنة تسع عشرة وسبع مئة ، جمع الفقهاء والقضاة عند الأمير سيف الدين تنكز وقُرئ عليهم كتاب السلطان ، وفيه فصل يتعلق بالشيخ تقي الدين بسبب فتياه في مسألة الطلاق ، وعوتب على فتياه بعد المنع ، وانفصل المجلس عى توكيد المنع.

ولكن تلميذه الآخر ابن كثير ذكر أن تاريخ هذا المجلس كان يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر رمضان من سنة 719هـ. (14/96 حوادث سنة 719هـ).
فكان الفرق بين التاريخين المنقولين (10 أيام).

وذكر تلميذه ابن عبدالهادي الحنبلي في كتابه "مختصر طبقات علماء الحديث" ج4/279 – 296 أن ابن تيمية شيخه حج سنة (691هـ) وله ثلاثون سنة.

ولكن تلميذه الآخر ابن كثير ذكر أن حجه كان سنة (692هـ) ، راجع البداية والنهاية 13/352 حوادث سنة 692هـ. وكذا ذكر المقريزي في كتابه "المقفى" عند ترجمته.

وهذا عبدالباقي بن عبدالمجيد اليماني (ت743هـ) في كتابه "لقطة العجلان في مختصر وفيان الأعيان" مخطوط ذكر أن مولد ابن تيمية كان سنة (660هـ) . فخالف بذلك أكثر مترجميه حيث ذكروا أن مولده كان (661هـ). (راجع كتاب الجامع لسيرة شيخ الاسلام ابن تيمية ص185)

فإذا قيل أن تاريخ مشاهدة ابن بطوطة لابن تيمية في دمشق مردود بما ذكره غيره في تاريخ اعتقاله ، أفلا يمكن للغير أن يقول رداً عليهم : بل ما ذكروه في تاريخ اعتقاله 6 شعبان 726هـ مردود بمشاهدة ابن بطوطة له عياناً بعد هذا التاريخ.!!
smile.gif



وإليك بعض المشاكل الناتجة عن ضبط التواريخ

الشيخ مرتضى الزبيدي
للشيخ مرتضى الزبيدي كتاب اسمه "طرق حديث : اسمح يُسمح لك" ، أشار إليه في كتابه المشهور "إتحاف السادة المتقين" ج5/499 – 500 ، وقال بأنه ألفَّه سنة 1172هـ.

بينما ذكره في كتابه الآخر المشهور أيضاً "تاج العروس" ج9/354 ، وأشار بأنه ألَّفهُ سنة 1170هـ.
أقول : فهل ننفي نسبة الكتاب إليه كونه اختلف بنفسه في تاريخ تصنيفه لهذا الكتاب في موضعين مختلفين؟؟!!.

أبو هريرة وصحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
اشتهر بين الرواة والمحدثين أن أبا هريرة صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم حوالي ثلاث سنين ، ولكن لو رجعنا إلى الروايات وتحققنا من الأمر بالاعتماد إلى التواريخ ، نخرج بحصيلة خطيرة وهي أنه لم يصحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم سوى سنة وتسعة أشهر فقط .!! أو سنة وشهرين على رواية أخرى.!!

وأخيراً
هذا محقق كتاب "منهاج السنة" لابن تيمية الدكتور محمد رشاد سالم وجد نفسه في حيرة لم يعرف كيف يخرج منها بسبب مشكلة ضبط التواريخ!
فقال في مقدمة التحقيق للكتاب المذكور ص87 تحت عنوان (تاريخ تأليف الكتاب) : صرح ابن تيمية في أكثر من موضع بأن الإمام الثاني عشر من أئمة الشيعة الاثني عشرية – أو المهدي المنتظر – قد اختفى بحسب زعم هؤلاء الإمامية قبل كتابة "منهاج السنة" بأربعمائة وخمسين سنة ، وحدد لنا ابن تيمية سنة دخول الإمام السرداب على أنها ستين ومائتين أو قريباً من ذلك . وعلى ذلك يكون ابن تيمية قد ألف "منهاج السنة" حوالي سنة 710هـ . وهذا يعني أنه ألف هذا الكتاب أثناء وجوده في مصر إذ أنه حضر إلى مصر سنة 705هـ وعاد إلى دمشق سنة 712هـ ، على أن هذا لا يوجد ما يؤكده ، وقد ذكر ابن رجب أهم مؤلفات ابن تيمية التي ألفها بمصر ولم يذكر منها "منهاج السنة". انتهى بلفظه

إذن نخرج بنتيجة نهائية بخصوص ما ادُّعي عليى ابن تيمية بخصوص عقيدته في حديث النزول وهي التالي :

ثبوت القصة
وأن ما استدلوا به لنفيها غير ناهض البتة ، وهؤلاء يثبتونها وهم من معاصري ابن تيمية أو عصرهم يقرب من عصره كابن حجر ، ولدينا شواهد على ثبوتها ، إضافة إلى أننا لم نسمع أن أحداً نفى القصة من العلماء المعاصرين لابن تيمية ، أو من علماء العصر الذي يليه (حسب علمي على ألأقل)

والقصة نقلها غير ابن بطوطة كل من :
1-المقري الكبير وهو معاصر لابن تيمية(ت759هـ) في رحلته كما نقلناه لك عن فهرس الفهارس.
2-الأقشهري وهو معاصر أيضاً لابن تيمية (ت731هـ) نقلها في رحلته ، كما نقلها عنه ابن حجر في الدرر الكامنة.
3-ابن حجر العسقلاني ، حيث نقلها عن الأقشهري مستروحاً لها.
4-أضف على هذا : أن عقيدة ابن تيمية بخصوص "حديث النزول" مشهورة بين العلماء المعاصرين له ، بحيث أخذوا خطّه بإقراره بخلاف عقيدته في الحديث المذكور ، كما نقلناه لك من أوثق المصادر وأقربها لعصر ابن تيمية.

قد يقول قائل :
ولكن ابن تيمية له مؤلف أبان فيه عقيدته في حديث النزول ، ولم يذكر فيه ما نُقل عنه مما شُنِّع به عليه!!

نقول له : بالله عليك متى رأيت ابن تيمية غير متناقض؟؟!!!
هل قرأت ترجمته جيداً ؟؟
هل قرأتَ المرسوم الصادر بحقه في مصر ، وأن جميع ما ضُبطَ عليه من عقائد باطلة إنما هي بخطِّه؟!!.
هل قرأت ما نقله ابن حجر عن الأقشهري قوله فيه : "وكان – أي ابن تيمية - إذا حُوقِقَ وَأُلْزِمَ! يقول : لَمْ أُرِدْ هذا ، إنما أردتُ كذا ، فيذكر احتمالا بعيدا.!!!.".

وهل عرفتَ أنه أكثر من مرة يؤخذ اعترافه وإقراره بمخالفة عقائده الباطلة القديمة ثم بعد فترة يعود إليها؟!


هل من مجيب ومدافع عن الشيخ الأشعري؟!
wink.gif




مرآة التواريخ