تعريف (البَداء) في صيغة سؤال وجواب

أدب الحوار

New Member
18 أبريل 2010
126
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم


تعريف (البَداء) في صيغة سؤال وجواب



قالوا: أليس (البداء) بمعنى استصواب شيء عُلم بعد أن لم يُعلم؟

قلنا: هذا في أحد معانيه اللغوية، أي بمعنىً ذُكر في معاجم اللغة.

قالوا: فنسبته إلى الله كُفْرٌ؛ لأنَّه يستلزم أن يكون غير عالم ثم عَلِم.

قلنا: نعم هو كفرٌ بلا ريب.

قالوا: ولكنكم تنسبون البداء إلى الله!

قلنا: ليس بالمعنى اللغوي الذي يستلزم نسبة الجهل إليه تعالى.

قالوا: فبأي معنى؟

قلنا: بمعنى لُغويٍّ آخر.

قالوا: بأيِّ معنًى لُغويٍّ آخر؟

قلنا: ما جاء في لسان العرب: ويُقال بدا لي من أمركَ بَدَاءٌ أي ظهرَ لي.

قالوا: وما هي الميزة التي في هذا المعنى؟

قلنا: إنَّ هذا المعنى يستلزم وجود جهل مُسبَق بالنسبة للذي يشاهد الظهور، ولكن لا يستلزم أن يكون الذي أبرزَ هذا الظهور جاهلاً به أيضًا.

قالوا: فهذا هو البَدَاء الذي تنسبونه إلى الله تعالى؟

قلنا: نحن وأنتم ننسب هذا البَدَاء إلى الله!

قالوا: ولكن البداء منسوب إليكم وليس إلينا!

قلنا: هذا بالنسبة إلى اللفظ، وأمَّا المعنى: فكلانا نقول به.

قالوا: كيف عرفتُم أننا نقول به؟

قلنا: ألستم تَدْعُون الله أن يدفع عنكم الضر؟

قالوا: بلى!

قلنا: فهذا الضر الذي تسألون الله أن يدفعه؛ مِن المُقدَّر أن يقع أم ليس من المقدر أن يقع لولا دعاؤكم؟

قالوا: ليس من المُقدَّر أن يقع.

قلنا: فما ليس بمُقدَّر أن يقع؛ لماذا تسألون الله أن يدفعه وقد تكفَّل القدر بدفعه بلا حاجة إلى دعاء؟

قالوا: كلامكم صحيح، الإجابة الصحيحة: من المُقدَّر أن يقع.

قلنا: فما هو دور دعائكم إذا كان من المقدَّر أن يقع.

قالوا: يُغيِّرُ الله به التقدير، أي ما قد قُدِرَ.

قلنا: فلا يستلزم هذا التغيير أن يكون اللهُ غيرَ عالم بما بعد التغيير؟

قالوا: كلا، هو عالم بالتغيير قبل التغيير.

قلنا: فهذا التغيير للقدر هو الذي نسميه نحن بالبَدَاء.

قالوا: فماذا تقولون لمن لم يقبل أن الله يغيِّرُ القَدَر؟

قلنا: نقول له لقد أصبح الدعاء عندك بلا معنى، وأصبحت آيسًا من رحمة الله تعالى، وأصبح ربُّك بتصويرك هذا لا يملك تغييرًا ولا تدخُّلاً في العالم، وأصبح القدر أقوى من الله سبحانه وتعالى عما يصف الجاهلون علواً كبيرًا..

قالوا: فعندكم دليل من القرآن يعضد مُعتقدَكم في هذا التغيير في القدر الذي تقولون به؟

قلنا: نعم؛ قوله تعالى (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) (الرعد: 39) فالمحو والإثبات هو معنى البَدَاء، وأمُّ الكتاب هو علم الله تعالى المحيط بكل التفاصيل بما فيها التغيير وعدم التغيير. وهناك آيات عديدة تدل على أنَّ الله تعالى يُغيِّر الواقع والمقادير بناء على مقتضيات مُعيَّنة..

قالوا: فلِمَ أسميتم هذه العقيدة المتَّفق عليها بالبَدَاء؟

قُلنا: لأنَّها استُعملت في كلمات أئمة أهل البيت عليهم السلام، إضافة إلى عدم تضمُّنها أيَّةَ إشكالية؛ إذ عرفنا أنَّ لها في اللغة معنًى يتناسب مع علم الله تعالى..

قالوا: فلماذا كانت ولازالت هذه المفردة مَثارًا للشبهات والأقاويل ضدَّكم؟!

قلنا: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) (النحل: 105)

والحمد لله رب العالمين..