هذا جواب الفتاوى !!

18 أبريل 2010
21
0
0
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ بو حسن المحترم
حين قرأت العنوان ظننت أنك تستغيث ولكن ما أن قرأت المقدمة حتى شممت رائحة سعد الحمد وثابت وعلامتي الاستفهام (( ؟؟ )) حيث تحولت استغاثتك فجأة إلى تحدٍ بقولك: وإذا كانت لديكم إجابات موثقة فأجيبوا!!!

وجئتنا بالبحث من غير سابق سؤال لك، حتى ترينا أنك تريد الإجابة فعلاً .

ولكن ما على ذلك من حيف وسنجيبك و نستجيب لصرختك ونرى ما سيؤدي هذا الملف اللطيف ...

وعليكم الصبر والتحمل ولو تكلفاً ، وقد فرحت كثيراً بهذا البحث فيجب على المؤمنين أن يتحصنوا لمعرفة دينهم .. ويجب على المتلاعبين بالشرع أن يلوذوا بالفرار وأن يخزيهم الله حيث يريدون أن يحرموا الحلال ويحللوا الحرام .

وسأجيب بمرحلتين الأولى التحقق من هذه الفتاوى وشرح الصحيح في النقل منها والثانية في الفتاوى المقابلة حتى تعرفوا بأن هذه أحكام مجمع عليها في أغلبها وأنتم على ضلال مبين فيها .. وفشلكم محتم كحتمية دوران الأرض المنفية عندكم !.

والذي أرجوه أن يوفقني الله لأن تكون هذه الإجابة شاملة و دليلية لمثل هذه الاعتراضات الجاهلة بأسس الشريعة الإسلامية والمعتدية على كل المسلمين بلا استثناء .

أغلب المطروح جاء من قصر فهم وجهل وعدم معرفة ...
كما فهم الجامع لهذه الفتاوى من فتوى السيد الخوئي بقوله : " الخوئي يبيح لعب الرجل بعورة الرجل" بأن المقصود هو اللعب بما يستقبح ذكره من السوءتين !! وقد فاته بأن الخوئي عنده عورة الرجل والمرأة من السرة إلى الركبة ، وقد استشكل الكثير من مقلديه في مسألة ما إذا وضع أحدهم يده ولو مزاحاً على ركبة الآخر أو ما فوق الركبة بحائل وهي عورة عنده فهل ذلك من مس العورة أم لا ؟!!..

تهانينا على الفهم العظيم ...

ملاحظة هامة : سوف لن نناقش ما أورده عن الكشميري إلا إذا اعتبر كتاب أبو معشر الفلكي أو شمس المعارف للبوني من كتب الفقه السنية !! عند ذلك سنبحث في هذا الفقه العظيم من استخراج المخبوء والتزاوج بالهواتف والزواج من الجان وعمل الجلب والجذب والمحبة ومعرفة الظالم والخائن والفاسق بالأرقام والأعداد والحروف ألخ ..

______________________________

الحلقة الأولى

مقدمة : لا بد منها للمسلم ليعرف أخطر ما يدور حوله .

إن هذه الاعتراضات مبنية على جملة أمور :
1 - تأسيس مصدر جديد من مصادر التشريع لا يعرفه المسلمون .
2 - تسويق استعراض الموروث الشعبي على أنه قانون .
3 - المداخلة بين العقيدة الفقه .
4 - المراهنة على جهل الناس بالفقه ، وعدم مراجعة المطروح بعد القراءة ( نظرية [التلقي المجرد] السياسية ) .
5 - استخدام مبدأ التشويش في المراجعة من خلال تغيير أرقام الصفحات في المراجع ، ومن ثم الاقتطاع الفني للنص والكذب في التوصيف .

وسأشرح باختصار كل نقطة عل حدة ليكون مجموع الشرح مقدمة للجواب التفصيلي .

أولاً : تأسيس مصدر جديد من مصادر التشريع لا يعرفه المسلمون :

كل التعليقات وطريقة التوليفة للانتقاد يدور حول معيار مقبول عند الناس - لسر سنتكلم عنه في النقطة الثانية - وهو معيار « الغيرة » على العرض
وإعطاءه صفة التشريع أو الباعث إلى التشريع أو كما يسمى فقهيا ملاك التشريع .
وهذا معيار لا وجود له في الفقه الإسلامي ولا أي فقه وقانون في العالم و إنما هو من خزعبلات ذوي الأهداف السياسية للتأثير على عقول العامة والدهماء .

إن « الغيرة » هي حالة من حالات النفس لا ضابط لها ولا ميزان وهي بالأساس تأخذ قسماً كبيراً من مشروعيتها من القانون نفسه بمعنى أنه هو مصدرها ، فإذا زادت عن الحد تحوّلت إلى مرض عقلي وقد يؤدي إلى المخالفة القطعية للشريعة كما هو حال غيرة النساء المفرطة .
وأما الغيرة المحمودة فهي ما أمر بها الشرع الشريف ، ومفادها : « الغيرة من كل مخالف للشرع » وهذا قد تركز في نفوس المتشرعة من كل الشرائع والأمم ، ولكن ما حدث في هذه الورقة إنما هو العكس تماماً، حيث بنى على أن « الغيرة » هو المحرك للحكم الشرعي وهو الأساس للتشريع وإن أي حكم شرعي ينافي هذه « الغيرة » المدعاة سيكون باطلاً وتسقط أهليته مهما تكن هناك من أدلة شرعية .
وهذا خلاف أي تشريع بل هو من وجهة نظر إسلامية عين " الجاهلية و أحكامها " التي تحركها النوازع النفسية البعيدة عن الحق والعدل والقانون، فالشرع الإسلامي يتقيد بالنصوص الشرعية وبالقواعد الشرعية ولا علاقة له بمسائل مثل « الغيرة » وغيرها وعلى « الغيرة » أن تتابع الشرع الإسلامي .

فالقانوني والفقيه لا يعرف مصدراً من مصادر التشريع اسمه « الغيرة » و إنما يعرف الأدلة الشرعية من نصوص وإجماع وقواعد شرعية وأصول عملية ، فالأدلة هي الحكم..
والذي يريد أن يناقش حكماً شرعياً عليه مناقشة دليل الفقيه وقواعده التي بنى عليها حكمه ، وبخلاف ذلك فهو من عفاط العيارين وكلام أهل الرذيلة حيث ينتقدون القانون الإسلامي بمعاييرهم العامية وفكرهم المنحط .

ثانياً : تسويق استعراض الموروث الشعبي على أنه قانون :

هناك توجه سياسي يقوده اليهود سراً، لأجل تدمير البنية الأساسية للتشريع الإسلامي وغيره من التشريعات التي يريدون تدميرها في المجتمع ، وهذا المبدأ يستند إلى تشخيص الموروث الشعبي وتحويله تدريجياً إلى قانون موازٍ للقانون المراد ضربه كالتشريع الإسلامي ، وذلك بدفع العادات والتقاليد النابعة من التطور الاجتماعي، وتطور الامتثال للأحكام الشرعية ، بنفس الاتجاه، ولكن بقيم غير موجودة أساساً في ذلك التشريع، حتى تتحول العادات والتقاليد المنافية للإسلام إلى أنها هي القانون الذي يتحاكم عليه الناس، وهي العرف الذي يسود تفكير الإنسان، وبالتدريج يجد الإسلام والقرآن نفسه خارج حياة الناس، وهو مجرد تحفة فنية معلقة على الجدران .
إن خطورة تسويق استعراض الموروث الشعبي تتمثل في استبدال تشريع بدل تشريع ، واستبدال دين حقيقي بدين مزيف قد يسمى بنفس التسمية ولكن لا علاقة بينهما .. ومن قلة فهم الناس أنهم لا يستطيعون تمييز هذه اللعبة وفك دورتها فهي في دائرة محكمة غير منتجة منطقياً ؛ فالتقاليد السليمة هي ما أخذت من الشرع في الأساس، ولكن التسويق للتراث الشعبي يريد أن يجعل الشرع تابعاً لهذه التقاليد ، فدار الأمر دورة عجيبة فأيهما يأخذ من الثاني ؟!
وما هو المقبول ؟!!
وما هو الخطأ ؟!!!
في ظرف كهذا لا يمكن معرفة رأس الخيط الذي يفرّق بين الحقيقة والخطأ ، وها نحن في عالمنا قد تحوّلت الكثير من التقاليد إلى دين يخالف دين الإسلام فمثلا الأعياد الإسلامية أصبحت تدريجياً أياما للفساد الأخلاقي والعادات الغريبة عن جوهر الإسلام ، ويقابلها تحويل العادات والتقاليد البدوية الخشنة تجاه الأموات إلى دين يعادي الأموات والقبور. له خصائص دينية عجيبة غريبة لم يسمع بها الفقه الإسلامي وما هي إلا عادات بدوية جاهلية بدأت تتحوّل إلى دين شديد الخطورة وشديد العداء لرموز الإسلام بسبب العداء لقبورهم . وهذا كله لا علاقة له بالفقه الإسلامي بكل اتجاهاته . وكل التكيفات والتبريرات إنما هي في ربط ما لا علاقة له به.
حتى الاتجاه والمذهب الذي يُدّعى بأنه الأصل الذي يعتمده الهاجمون على الاسلام وهو المذهب الحنبلي. و الذي يتشدق به المعادون للإسلام، على اعتبار انه متشدد. ليس فيه أبداً مثل هذا التوجه أو التوجيه للعادات الشعبية الجلفة ففي المذهب الحنبلي كتب ودراسات عن عظمة قبر إمام المذهب أحمد وكرامات القبر وبركات زيارة قبر ابن حنبل والتبرك بجثمان ابن تيمية، إلى آخره مما لا يجوز التطويل فيه .

وها نحن نواجه قضية أكثر خطورة وهي اختراع أسس جديدة للتشريع على الطريقة الأمريكية حينما بدأ الفاسقون منهم بالضغط على الكنيسة للتخلي عن شروط الطلاق في الكنيسة حيث أوجدوا مقاييس مكونة من مجموعة من الأهواء والمنطق اللا ديني لفرضه على الدين وإعطاء صبغة الدين لفسقهم ، فلوريا صوفين تمكنت من تحصيل أمر بأمومتها لبنتها من الزنا بعد اثنتي عشر سنة بحكم أن تكوّن الطفلة كان من صداقة وحب ، وهذا ما يقبله المجتمع الأمريكي فوافقت الكنيسة اخيرا على هذا القرار ، وهنا الخطورة من إيجاد أسس للتشريع من خارج حدود الشرع .
وكاتب هذه الصفحات يريد منا هذا بالضبط... فهنا يطالبنا بالغيرة لتغيير أحكام الله وهناك يطالبنا بكره الرموز الإسلامية وتحويل عداءه القبور إلى عقيدة وتشريع وغيرها، من التلاعب بالمعايير ومصادر التشريع بما لم ينزل الله بها سلطاناً .

وهذا تسويق خطير لأفكار لابد للمسلمين عموما أن يلتفتوا لها ويجدوا حلاً لهذا التخريب للشريعة باسم الشريعة .

ثالثاً : المداخلة بين العقيدة الفقه :

عادة حينما يتحاور أصحاب المذاهب والديانات يكون أول بحثهم في مسائل العقيدة ونواحيها ولا يتطرقون إلى مسائل فقهية لأن ملاكات الفقه تنحدر من العقيدة.
ابتداءً من نظرية المعرفة وانتهاء بنظرية التكليف وكيفية براءة الذمة ، فتكون كل أبحاث الفقه فضلة بالنسبة للباحث عن الديانة وعن المبدأ .
ولكن لأن المسألة هنا فيها غش وفيها مسائل لا علاقة لها ببحوث الدين و إنما هي بحوث شغبية تؤمن بقاء المسلمين لا يفرقون بين الناقة والجمل ..
فأصبح من المألوف أن يقول لك أحدهم أنت كافر لأنك تقول بالتقية !!..
أو لأنك تصلي على الأرض وما انبتت عدا ما يؤكل ويلبس !!..
أو لأنك تقول بالمتعة وما شابه ذلك !!..
والحقيقة أن قوله « أنت كافر » يعني مخالفة العقيدة
والأسباب التي يدعيها (مثل التقية والمتعة ..) هي فقه ولا علاقة لها بالعقيدة من قريب أو بعيد فيقوم بالمداخلة بين العقيدة والفقه ويحكم بكفرك بناءاً على المخالفة مع رأيه الفقهي الفطير ، وهكذا يتم التحكم بمعايير لا عقلائية لتمشية أمر التكفير والتفسيق وإهانة الإسلام والمسلمين .
وهذه القضية لا يعانيها الشيعة وحدهم من هؤلاء، بل حتى السنة بمختلف اتجاهاتهم يتعرضون لهذه الهجمات.
بل حتى رؤوسهم من سلفية عتيدين، أنفسهم يتعرضون لنفس الجزاء في بعض الأحيان .
فهذه مسألة زواج المسيار والزواج بشرط الطلاق بعد ساعة التي قال بها شيوخهم (وهي صحيحة بحسب الفقه السني) .. تجد في هؤلاء وبكل وقاحة من يصفها بأنها باطل وكفر وفسق وخروج على الإسلام ! فقد تم تكفير علمائهم بسبب فقهي!! ( من حفر حفرة لأخيه وقع فيها ) .

ومسألة خلط الفقه بالعقيدة مسألة في غاية الخطورة لأنها تدل على عدم القدرة على تصنيف المواضيع وعدم استيعاب فكرة تقسيم الإسلام لحدود التزاماته الفكرية والقانونية والعبادية ، وهذا أخطر ما يواجه المسلم في الحقيقة وتفصيله ليس هنا.

رابعاً : المراهنة على جهل الناس بالفقه وعدم مراجعة المطروح بعد القراءة ( نظرية [التلقي المجرد] السياسية ) .

إن مما يساعد هؤلاء المندسين في الإسلام معرفتهم بالتسطيح الثقافي عند المسلمين، فالمسلم في الغالب لا يقرأ ، ولا يقبل أن يتحقق من معلومة قرأها، ولا يستثنى من ذلك الباحثين ، فهذه البحوث الإسلامية كأنها استنساخ لمقالات ليس إلا ...
فما أن يكذب أحدهم في بحث، فستجد البحوث كلها قائمة عليه، سواء ذُكر ذلك البحث كمصدر أم لا ، وتبنى عليه بنايات من البحوث الكاذبة، من دون تحقيق وليس ببعيد عنا الدراسات التافهة الكاذبة التي تربط بين التشيع والمجوسية أو عبد الله بن سبأ الشخصية المختلف في وجودها ، ولكن من غير المختلف على أسطورية تأثيرها في العالم الإسلامي .

وكل ذلك مبني على التأكد من عدم الرغبة في التحقق من المعلومة عند المثقف العربي ، والمنظور الفعلي هو لنظرية التلقي المجرد وخلق مبدأ الاستهلاك، بدل الإنتاج، لضمان تلهي الشعوب بثقافات مجهزة مسبقاً في الكواليس ومصاغة بشكل يساهم باتجاهين مزدوجين : الأول: الإلهاء والتحييد . والثاني: التحديد الفكري بالأطر الجاهزة .

وقد ثبت أن المسلم العادي يمكن تلّقيه لأي نظرية فقهية من دون أن يلتفت إلى ثوابته ، وهنا كان مبدأ مثل هذه الاعتراضات، على المسائل الفقهية، وتزييف المعايير ومصادر التشريع، لأن المسلم ليس من عادته أن يسأل : من أين لك هذا ؟!!

فثقة المسلم بطول اللحية، والتأشير بالمسواك عالية جداً ، ولا يستطيع أن يتخيل بأن وراء ذلك كارثة حضارية ودينية ..
وإذا بدأ يشك بالمظهر الديني فهذا أيضاً مطلوب من تلك الدوائر التي تختلق هذه المعايير حيث إن الشك بالمظهر الديني سيحوّل الشاك إلى (لا ديني) وهذا من أعظم انتصاراتهم ، فهي ضرب عصفورين بحجر واحد .

فإن هذه الانتقادات للفتاوى لها أكثر من سنة، وقد أجيب عليها بشدة، ولكن فاعليها يعيدونها بلا خجل أو حياء.
لتشخيصهم لطبيعة المجتمع وعدم إجراء تفحص لما يقولون وأن الشعوب العربية لا تسأل عن معايير الحكم الذي جاء به صاحب الورقة، ما دامت فيها شبهة القبول بمواد مثل الغيرة والشرف والكرامة ، وهم يعلمون علم اليقين بأن الدوائر اليهودية حينما بدأت تسرب عبر الأفلام السينمائية فكرة كرامة المرأة حتى اعتقدتها النساء المسلمات، كجزء من حق تشريعي ، وباتت معضلة فكرية لم يفكر حتى القضاء في معالجتها كمعيار خاطئ ، وكهذا أصبحت المرأة المسلمة ترفض الزواج المتعدد نهائياً، وهي مستعدة حتى للكفر في سبيل عدم مس « كرامتها » !
هذا المعيار المفتعل والذي يحيّر حتى القوانين الوضعّية في طلب الزوجة الطلاق بسبب زواج الزوج من ثانية .

وهذه التجربة وغيرها، منظورة لصانع هذه الورقة، فهو يعرف بأنه يستطيع خلق الخطأ بطريقة التلقي المجرد، من قبل المستهلك.

خامساً : استخدام مبدأ التشويش في المراجعة من خلال تغيير أرقام الصفحات في المراجع ومن ثم الاقتطاع الفني للنص والكذب في التوصيف .

وهنا نأتي إلى تقنيات التشويش على عقل من يريد التأكد من المعلومات ..
فإن صانع هذه الورقة يعلم علم اليقين أنه ليس بمقدوره دائماً إيجاد معيار جديد يتحكم به في عقول الناس حيث يحتاج في كثير من الأحيان إلى مادة ليستشهد بها ويجعلها مركز بحثه ..
ولكن ماذا يفعل إذا لم يجد بالطريقة التي يريد ؟!
سيقوم عند ذلك بعمليات تحريفية وتزوير في الوثائق ( تدليس ) بحيث يوجه النص كما يريد ، ويعمد قبل كل شيء إلى نص يرى أنه أكثر النصوص قابلية لتطبيق معاييره، ويهجم عليه بصورة كبيرة ويجعله أول النصوص، ليخلق حالة نفسية لتقبّل التطبيق للمعايير على التي بعدها، وإن كان نفس معياره لا ينطبق على تلك النصوص بدقة .

فمثلاً ما علاقة « غيرة » المسلمين في مسألة النظر إلى السافرات المتعريات في الشوارع بدون شهوة ؟؟!!

فهو يعرف إن معياره إذا طبقه على حياته فعلاً ينبغي عليه أن لا يجوّز السكن أو المشي في المدن التي ينتشر فيها السفور.
بينما نجد إن أصحاب هذا المعيار أنفسهم في حركة مكوكية في بلدان الغرب بين العراة ( بحسب الفقه الإسلامي) فكل المجتمع كاشف عن عورته لأن المرأة كلها عورة ما عدا الوجه واليدين وهن شبه عاريات في بلاد المسلمين!!.

فأين « الغيرة » وتطبيقها وهل يمكن أن يكون هناك ضحك على الذقون كهذا ؟!!

ومن هنا يقوم بعملية تزوير وإعطاء أوليات فنية ولكن يمكن أن ينكشف التزوير فماذا سيعمل ؟!
سيقوم بتزوير ثان ، وهو تعمية أرقام الصفحات وتغيير المواقع فالباحث حينما يريد التأكد من مثل هذه الفتيا لن يجدها فيقول لعل هناك خطأ في الطبعة أو لعل المؤلف رفع هذه الفتوى ويبقى في شك من نفسه ولا يكمل البحث. لعدم وجود المادة المشار إليها في مكانها !!

وسآتيكم بمثال من هذه المقالة فقط على مسألتين من كتاب السيد الخميني رحمه الله .. مثلاً يقول صاحب الورقة ما هذا نصه :
( يقول الخميني في كتابه تحرير الوسيلة ص241 مسالة رقم 12 )
وكذلك المسألة الثانية :
( يقول الخميني في تحرير الوسيلة ص241 مسألة رقم 11 )
وتحرير الوسيلة مكون من جزأين ، الأول في العبادات والثاني في المعاملات ، فلم يحدد في أي جزء !!
وحينما تبحث في الجزأين لن تجد النتيجة ، فما المشكلة إذن ؟!
سيقول لك خطأ طباعي !!.
ولكن حينما نرى الاقتطاع والتزوير نعرف بأنه ليس لخطأ طباعي و إنما لتصعيب عملية المتابعة والتحقيق .
بينما تجد الفتوى في الواقع في الجزء الثاني ص 216 المسالة 11 والمسألة 12 !!
وهي في ملحقات الوطء من باب النكاح ولا علاقة لها بالمتعة بالصغيرة وما شابه ذلك!!!.

و أما ما أورده من الزواج بالزانية فاختلاف الصفحة غريب حيث أنه أوقعها خارج باب النكاح فقال ( تحرير الوسيلة ج2 ص292) والحال أن هذه الصفحة في كتاب الطلاق ، بينما المسألة هي في ج 2 ص 261 وهذه أمثلة للتضييع والتشتيت المتعمد ، وذلك يعتمد إستراتيجية واضحة في تضييع القدرة على المتابعة والتحقيق فيما يقول وإعطاء صفة الموثوقية لنقده ومن ثم يتمكن من مقصده المزدوج بشتم الشيعة وتحطيم مباني الإسلام سنيه وشيعيه .

وهناك مسألة المداخلة بين الموضوع الفقهي وبين كتب الأحراز ! وحساب الجمل !! في مقابل الفتوى !!!

سنبيّن مدى الخيانة في التناول .. وسنبين الاقتطاع للنص حين دراسة النص المبتور .. وهذا كله يبين مدى الولع بالحقد والكره تجاه الفقه الإسلامي وتجاه أهل البيت خاصة بحيث يقرءون بلا عقل مفهرس فيداخلون ما لا يتداخل .

وعلى كل حال فإننا سنشرع ابتداء من الحلقة الثانية في دراسة كل فتوى أوردها على حدة لنرى مدى علم ومصداقية صاحب المعايير الجديدة ...

فتقبلوا تحيات
المنار ..




الحلقة الثانية

في هذه الحلقة سنشرع بدراسة إحدى الفتاوى التي أوردها صاحب المعايير المختلقة ونستشف من خلال ذلك الهدف الحقيقي لأمثال هؤلاء ...

أولاً : الفتوى الأولى التي طرحها .. هكذا يقول صاحب الملف :

الخميني يبيح التمتع بالبنت الرضيعة :
يقول الخميني في كتابه تحرير الوسيلة ص241 مسالة رقم 12 ( وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة ) !
انتهى قوله ....

وما هي الحقيقة ؟؟!

يجب أن ننقل كامل النص ثم نعلق :

تحرير الوسيلة في ج 2 ص 216 وهي على النحو التالي :

مسألة 12 – لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين ، دواماً كان النكاح أو منقطعاً ، وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة ، ولو وطأها قبل التسع ولم يفضها لم يترتب عليه شيء غير الإثم على الأقوى ... الخ .

وهنا ملاحظات :

أولاً : الفتوى ليست في باب المتعة إنما هي في باب النكاح عموماً .

ثانيا : الفتوى ليست في صدد إباحة التمتع أو عدم إباحته ، وإنما بصدد بيان لواحق الزواج بالزوجة الصغيرة، وهل يجوز وطؤها أم لا ، فالجواب لا يجوز قبل إكمال التسع كما هو واضح .. هناك سؤال ثاني يسأل إذن هل يجوز الاستمتاعات غير الوطء ، الجواب نعم .

ثالثاً : بيان حد الصغر ، أجاب بأن لا حد للصغيرة في الزواج حتى الرضيعة فهي يصح عنها زوجة بموجب العقد .

رابعاً : لو عبث بها لما دون الإفضاء - وهو اتحاد الموضعين - هل عليه حد أو غرامة ؟!. الجواب : لا حد عليه ولا غرامة .. ولكن عليه إثم شرعي .

خامساً : أراد أن يؤكد بأن هذه الأحكام هي لعموم النكاح بكل صوره فقال : دواماً كان النكاح أم منقطعاً ، وهنا نقول :

1 - تبيّن كذب وتحريف هذا الكاتب حين صورها بأنها في « المتعة » وأنه يجيز التمتع بالصغيرة !.

2 - أوردها مورد الشتم، والحقيقة إن هذه الفتوى مما أجمع عليه المسلمون ، وإني أتحدا أي فقيه أن يقول إن هذه الفتوى خلاف الفقه بكل المذاهب .. فعلى صعيد المذاهب الأربعة، يرون بالتسليم واليقين فتوى بل يرونه من عمل رسول الله ص وأن رسول الله ص فعل ذلك بالسيدة عائشة، فتزوجها بنت ست سنوات، ودخل بها بعد بلوغها التاسعة ، وهذا يكشف عن جواز الزواج من الصغيرة غير البالغة وعدم جواز وطئها قبل التاسعة ، وباقي الاستمتاعات مسكوت عنها ينطبق عليها عموم حقه في زوجته والأصل عدم التحريم فيما لا نص عليه .

3 - يُشم من شتمه للفتوى، رائحة اليهود والنصارى في شتمهم لرسول الله ص بتجويز الزواج من الصغيرة ، ورد هذا الاعتداء ليس تكليفنا فقط و إنما هو تكليف كل مسلم يدافع عن إسلامه ونبيّه أمام هذه الهجمة الكافرة غير المنطقية .. الذين لا يملكون الدليل على عدم صحة هذا الحكم غير التنطع والتكلم بكلام غير مفهوم وغير واقعي من قبيل ظلم البنت والوحشية وما شابه ذلك فأي ظلم؟ إذا كان على الزوج الإكرام والمحبة والنفقة، ولا يجوز له العبث بها، فأي ظلم في تعلق الحق بالعقد وإعطاءها صفة القيمة العقدية كإنسان كامل .

ولو أن الكاتب كشف عن هويته النصرانية أو اليهودية لأر‎يناه ما في كتبهم من جرائم وفضائح تجاه الأطفال والبشر والقوميات، مما يندى له الجبين ، ولكنه متستر بستر الإسلام تحت لواء اللا هوية . والمشكلة أنه يتكلم باسم إخواننا أهل السنة بما هم براء منه .

4 - فهذا الحكم عند جميع المسلمين من المسلّمات .. وللاختصار أورد بعض النصوص الفقهية من كتب أهل السنة – لأنه يتشدق بهم - ولا أستقصي لعدم الحاجة فهو من المسلمات الفقهية عند جميع المسلمين .

كلمبسوط ، للإمام السرخسي : المجلد الثامن ، الجزء 15 ، كتاب الإجارات .
( ولكن عرضية الوجود بكون العين منتفعاً بها تكفي لانعقاد العقد ، كما لو « تزوج رضيعة » صح النكاح )

فهذا نص صريح بجواز الزواج من الرضيعة، وحلية تعلق الاستمتاع بالمنفعة، إذ لا معنى لعروض المنفعة على العين المعقود عليها غير الانتفاع بشكل من الأشكال .

وما تقول فيمن عنده زوجة رضيعة أرضعتها زوجته الكبيرة ؟؟

المبسوط، الإصدار للإمام السرخسي : المجلد العاشر (الجزء 19) ، كتاب تفسير التحريم بالنسب ، باب نكاح الشبهة :

قال ولو أن رجلًا له امرأتان إحداهما كبيرة والأخرى صغيرة وللكبيرة لبن من غيره ولم يدخل بها « فأرضعت الكبيرة الصغيرة » بانتا منه بغير طلاق لأنهما صارتا أماً وبنتاً وذلك ينافي النكاح ابتداء وبقاء والفرقة بمثل هذا السبب تكون بغير طلاق .

أقول : ما سيقول حينما يجد حقيقة وهي افتراض أن الصغيرة ثيب أو حامل في الفقه السني وهل تكون ثيباً أو حاملاً إلا بما يلزم ؟؟!!

وهل يكون حمل من دون رواج بالبواعث النفسية(والجسدية ليتقرب البلوغ البيولوجي ؟!! أم لكم عقول لا تفكرون بها ؟!!

اقرأ :
الفقه على المذاهب الأربعة لعبد الرحمن الجزيري " الجزء الرابع ، مباحث العدة ، مبحث انقضاء العدة بوضع الحمل :

– « عدة الزوجة الصغيرة الحامل » - عدة الحبلى بوطء الشبهة –0أو ... .

المبسوط، الإصدار للإمام السرخسي : المجلد الثاني، (الجزء 4) ، كتاب النكاح.

وقوله : ( والثيب تشاور ) دليل على أنه لا يكتفي بسكوت الثيب فإن المشاورة على ميزان المفاعلة ، ولا يحصل ذلك إلا بالنطق من الجانبين و بظاهره يستدل الشافعي على أن « الثيب الصغيرة » لا يزوجها أحد حتى تبلغ فتشاور ، ولكنا نقول هذا اللفظ يتناول ثيباً تكون من أهل المشاورة ، والصغيرة ليست بأهل المشاورة فلا يتناولها الحديث.

المبسوط للإمام السرخسي : المجلد التاسع الجزء (17) ، كتاب الدعـوى ، باب الولادة والشهادة عليها :
قال : (( رجل طلق « امرأته الصغيرة ومات عنها فجاءت بولد » فهذا على ثلاثة أوجه : إما أن تدعي الحبل أو تقر بانقضاء العدة أو كانت ساكتة فإن ادعت حبلاً ثم جاءت بالولد لأقل من سنتين منذ مات الزوج أو فارقها ثبت النسب من الزوج )) ..

ثم إذا كان قد اطلع صاحبنا على الفئه كان لابد أن يعرف بأن في كتب الفقه السنية أن الصغيرة لا عورة لها، فما الذي يضير من النظر إليها وغيره في غير الزواج حتى يضير في الزواج بناءاً على مبانيهم . فليقـرأ :

فتح الباري ، شرح صحيح البخاري ، للإمام ابن حجر العسقلاني : المجلد التاسع ، كِتَاب النِّكَاحِ ، باب النَّظَرِ إِلَى الْمَرْأَةِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ .

وقال أيضاً : في الاحتجاج بهذا الحديث للترجمة نظر ، لأن عائشة ، كانت إذ ذاك في سن الطفولية (فلا عورة فيها البتة ) ، ولكن يستأنس به في الجملة في أن النظر إلى المرأة قبل العقد فيه مصلحة ترجع إلى العقد .

المبسوط، الإصدار للإمام السرخسي : المجلد الخامس (الجزء 10) ، كتاب الاستحسان . وجدت الكلمات في الفصل :

(وهذا فيما إذا كانت في حد الشهوة فإن كانت صغيرة لا يشتهى مثلها فلا بأس بالنظر إليها « ومن مسها » لأنه ليس لبدنها حكم العورة ولا في النظر والمس معنى خوف الفتنة . )

وهل الصغيرة إذا فعلت الزنى تكون زانية ليقرأ صاحبنا وليجيبنا بأيهما أهم الزواج من الصغيرة أم الزنا بالصغيرة ولا يعد زنى عندهم ؟؟! فهم يجوزون الزنى بالصغيرات بلا حرمة ولا تبعة اخلاقية او شرعية.

المبسوط، الإصدار للإمام السرخسي : المجلد الخامس (الجزء 9) ، كتاب الحدود ، باب الشهادة في القذف :
وقوله زنيت وأنت صغيرة محال شرعاً ؛ « لأن فعل الصغيرة لا يكون زناً شرعاً . ألا ترى أنها لا تأثم به » .


وهل وطء الصغيرة في نهار الصائم يوجب الكفارة ؟؟!!

اقرأ يا صاحبي الفهيم :

الفقه على المذاهب الأربعة لعبد الرحمن الجزيري : الجزء الأول ، كتاب الصيام ، ما يوجب القضاء والكفارة :
وأما وطء البهيمة والميت والصغيرة التي لا تشتهي فإنه لا يوجب الكفارة ويوجب القضاء بالإنزال.

ومعناه أنه لو لم ينزل لما وجب عليه حتى القضاء !! تحيــاتي ..
فأين دين فرويد يا نسل فرويد ؟!!

تابعوا معنا بقية الحلقات استجابة لصرخة الزميل بوحسن !! ..




الحلقة الثالثة

ثانياً : الفتوى الثانية .. يقول صاحبنا :

الخميني يبيح وطء الزوجة في الدبر :
يقول الخميني في تحرير الوسيلة ص241 مسألة رقم 11 ( المشهور الأقوى جواز وطء الزوجة دبراً على كراهية شديدة ) !
قلت: نشكر الخميني على قوله ( على كراهية شديدة ) ، ولا نملك إلا ذكر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( ملعون من أتى امرأة في دبرها )

انتهى قوله ..


ما هي الحقيقة ؟؟!

أولاً : ننقل المسألة من موقعها الصحيح وبنصها الكامل ثم نعلق عليها ...

تحرير الوسيلة في ج 2 ص 216 ( وهي بنفس صفحة المسألة السابقة وقبل تلك المسألة بمسألة ) :
مسألة 11 - المشهور الأقوى جواز وطء الزوجة دبراً على كراهية شديدة ، والأحوط تركه ، خصوصاً مع عدم رضاها .. انتهت المسألة....

فنبدأ بشرح لبعض المفردات في الفتوى :
1 - المشهور : يعني وجود فتويين وهذه اشهر من الثانية.
2 - الأقوى : يعني وجود دليلين ودليل هذه المسألة أقوى من الأخرى.
3 - على كراهية شديدة : يجتمع بين المنع ومنافي المروءة .
4 - والأحوط تركه : يعني بأن السيد لم يركن إلى المشهور لخدش فيه ومال إلى الأصل العملي وهو الاحتياط ، ومؤداه الترك .. ويعني عدم التأكد من توفر المعذورية لمن فعله حيث لم يركن إلى دليل المشهور.. ويتأكد الاحتياط بحالة عدم رضاها.
( وهناك تفسير ثان لهذا الاحتياط وهو التردد في المسألة لتعارض الدليلين والركون إلى الأصل العملي الذي هو المرجع حين فقد الدليل أو اشتباهه فيكون الاحتياط هنا محمول على المبغوضية العامة خصوصاً بناءً على مصطلح الاحتياط المسبوق بفتوى ) ..

النتيجة عدم إطلاق اليد بالجواز والحكم بالكراهة المشددة والاحتياط ... فأين ما فهمه صاحبنا الذي يقرأ بالمقلوب ؟؟!.

وكيف دلس ورفع اعتراضه على المشهور بقوله « والأحوط تركه » !! الذي لم يكمل به النص ولا بما بعده!!.

فهذا ما يكشف سبق التحضير للتزوير لأجل الشتم وإثارة الفتن الطائفية، بما يوقف نمو الفكر الإسلامي وتمكين الغرب الكافر من السيطرة على المسلمين وتدمير الإسلام من أساسه.

التعليق :

هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها المسلمون قديما، في بداية الإسلام وفيها نصوص متعارضة عند الطرفين ، وقد استقر الفقه السني المتأخر على التحريم .
ولكن المشكلة في الحقيقة هو في الاستقرار في الفقه السني بعد القرن الرابع أو الخامس هجري!!! .. وسوف نرى هل أن السنة الأوائل كانوا على رأيين أم رأي واحد !!.

ومن دراسة الموضوع فأن فقهاء السنة القدماء كانوا على رأيين، بينما ما اثر عن الصحابة لم يكن فيه اي نص على التحريم وسيأتي الكلام.
ويبدو بأن الفهم غير دقيق للأدلة بينما الأصل الأولي يقتضي الجواز لعموم صور الانتفاع والتلذذ بين الزوج والزوجة بمقتضى نفس الزوجية المزيلة للموانع الجسدية ما لم يخرج بدليل قطعي وأما العموم القرآني فلا شك فيه ولكنهم خدشوه برواية آحاد وظن شخصي بالتخصيص وكلاهما ليس بحجة خصوصاً إذا كان خبر الواحد معارضاً بمثله أو زيادة ولعل روايات سبب النزول رافعة لتخصيص خبر الآحاد .

وأطرف ما في الباب هو مناظرة الإمام الشافعي مع محمد بن الحسن في تخصيص الآية بالظن الشخصي .

وهنا سنبين بأن الفقه السني القديم فيه الاتجاهين ، ودليل الجواز أقوى من دليل الحرمة ، ولكن لأسباب مجهولة تبنى الفقه الدليل الضعيف في قرون متأخرة عن زمن التشريع .

ونأتي على الأدلة بالتفصيل :

أدلة الحرمة :

الدليل الأول :

========= رواية « ملعون من أتى امرأة في دبرها » =========

ونبدأ الرواية التي أوردها صاحبنا في ملفه بقوله : ولا نملك إلا ذكر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( ملعون من أتى امرأة في دبرها ) .

فهذا أولاً - وقبل كل شيء - مطعون سنداً ، وهو غير مسلم بالصحة .

ولكن الأهم فإنه مطعون متناً إذ هو ليس في حال الزوجة وإنما في حال المرأة غير الزوجة ولأن نكاح الدبر في المرأة لا يسمى زنا ( سيتبين فيما بعد ) فيكون اسمه هكذا « إتيان المرأة في دبرها » .. فهذا أجنبي تماماً عن محل البحث ، وهو نهي عن اللواط بالمرأة (مطلقا) وهذا مما لم يختلف عليه مسلم، وهكذا فهمها الإمام مالك ( انظر التعليق على الرواية تحت في فيض القدير ) ، وقد أورد أحدهم للنص بـ ( أتى امرأته ) ولكن لم يتابعه عليه أحد لأنه تصحيف قطعي .

وهنا سنعرض لتصحيح هذا الحديث :
فيض القدير، شرح الجامع الصغير، للإمامِ المناوي : الجزء السادس [ تابع حرف الميم ] الحديث رقم :
8204 - ( ملعون من أتى امرأة في دبرها ) أي جامعها فيه فهو من أعظم الكبائر إذا كان هذا في المرأة فكيف بالذكر وما نسب إلى مالك في كتاب السر من « حل دبر الحليلة » أنكره جمع .
(حم د) وكذا النسائي وابن ماجه كلهم في النكاح من طريق سهل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد (عن أبي هريرة) قال ابن حجر: والحارث بن مخلد ليس بمشهور وقال ابن القطان: لا يعرف حاله وقد اختلف فيه على سهل اهـ "فرمز المصنف لصحته غير مسلم"

هذا وقد ورد بلفظ آخر يدل على إرادة غير الزوجة ، أنظر:

فتح الباري، شرح صحيح البخاري، الإصدار 2.01 للإمام ابن حجر العسقلاني : المجلد الثامن. كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ. باب نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ الْآيَةَ.

وأخرجه الترمذي من وجه آخر بلفظ " لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر " وصححه ابن حبان أيضاً .

كشف الخفاء للإمام العجلوني ، حرف الميم ، الحديث رقم :
2331 - ملعون من أتى امرأة في دبرها.
.. وقال المناوي رحمه الله تعالى (( وسنده صحيح ونوزع )) .

أي نوزع في القول بالصحة لأن راويه مجهول والآخر مختلف فيه ولكن هناك رغبة شديدة بتصحيحه ، فحتى لو صح فهو لا يدل على المطلوب أي في الحليلة ، ولا يرتفع إلى مرتبة المخصص.

فهذا دليل ظني لا ينهض بنقض الأصل ولا بتخصيص العموم القرآني ؛ فهو منازع في سنده ومطعون في متنه حيث إن الأقرب إرادة غير الحليلة فيه، كما يدل على ذلك عموم لفظ امرأة وحديث فيض القدير في أنه بالدبر المحرم كدبر الرجل والمرأة .

ملاحظة هامة جداً :

وهي إن الفقهاء القدامى لما قبل القرن الخامس لم يستدلوا مطلقاً بهذه الرواية في الموضوع لأسباب مجهولة، وكأنهم غفلوا أربعة قرون عن هذه الرواية!!!! وكان جل استدلالهم بالرواية الآتية ورواية ابن عباس النافية لرواية بن عمر ، وبالاجتهاد في الفهم وسيأتي طرق ذلك.

الدليل الثاني :
========= حديث عمر هلكت حولت رحلي =========

يبدو أن أول من ثبته في كتب الحديث هو الإمام أحمد في مسنده كما تتبعت ذلك ..

مسند الإمام أحمد ، المجلد الأول ، مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم.

حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن حدثنا يعقوب يعني القمي عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
- جاء عمر بن الخطاب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هلكت قال : وما الذي أهلكك قال : حولت رحلي البارحة قال : فلم يرد عليه شيئا قال: فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم أقبل وأدبر واتقوا الدبر والحيضة.

( قالوا في تفسير حولت رحلي :
(قوله: « حولت رحلي الليلة » : كنى برحله عن زوجته أراد به غشيانها في قبلها من جهة ظهرها لأن المجامع يعلو المرأة ويركبها مما يلي وجهها فحيث ركبها من جهة ظهرها ، كنى عنه بتحويل رحله ، إما نقلاً من الرحل بمعنى المنزل أو من الرحل بمعنى الكور وهو للبعير كالسرج للفرس كذا في المجمع .
( أقبل ) أي جامع من جانب القبل .
( وأدبر ) أي أولج في القبل من جانب الدبر .
( واتق الدبر ) أي إيلاجه فيه ..
قال الطيبي رحمه الله : تفسير لقوله تعالى جل جلاله (( فأتوا حرثكم أني شئتم )) ..) تحفة الأحوذي.

والحديث يوصف بالغرابة والحسن وهو يعني خبر واحد تفرد به الراوي الأول له ؛ وفي بعض رواته ما لم يصل إلى حد الضبط ، وقد نص المباركفوري بأن اثنين من رجاله قليلي ضبط ( يهم ) فأنتبه.
مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي : رواه أحمد ورجاله ثقاة .
نيل الأوطار للإمام الشوكاني : رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن غريب .
سنن الترمذي وشرح العلل للإمام الترمذي : هذا حديث حسن غريب .
تحفة الأحوذي للمباركفوري : (( قوله : ( أخبرنا يعقوب بن عبد الله ) بن سعد الأشعري أبو الحسن القمي بضم القاف وتشديد الميم صدوق « يهم » من الثامنة ( عن جعفر بن أبي المغيرة ) الخزاعي القمي ؛ قيل اسم أبي المغيرة دينار صدوق « يهم » ، من الخامسة )) .

والنص الذي أورده الإمام أحمد يختلف عن نص الطبراني في معجمه حيث لم يورد كلمة واتق الدبر والحيضة وإنما أورد أمراً آخر وهو : (اتقي الدم والحيض) ليشمل النفاس والاستحاضة بقوله الدم ؛ وهذا معقول جداً لأنه من جنس واحد ولتكميل الممنوع القطعي. وهو يدل على احتمال تصحيف في تلك الرواية لن هذه اقرب للفقه من اتقاء بقية الدماء غير الحيض.

معجم الطبراني الكبير ، باب الظاء ، أحاديث عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، سعيد بن جبير عن ابن عباس .

حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا الحسين بن أبي السري العسقلاني ثنا يونس بن محمد ثنا يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت قال وما أهلكك قال حولت رحلي فلم يرد عليه شيئا حتى نزلت نساؤكم حرث لكم فائتوا حرثكم أنى شئتم يقول أقبل وأدبر « واتق الدم والحيض » (12/ 11) .

والتعليق على الحديث بشكل عام :

1 - الحديث ليس بالصحيح و إنما هو حسن غريب ، فهو خبر واحد فيه شبهة عدم الضبط فلا يسلم من الخدش .

2 - الحديث فيه شبهة التصحيف حيث رواه الطبراني بتبديل كلمة دبر بكلمة دم وهي أولى في المقام حيث إن الحديث بصيغة الدبر فيه سكوت عن دم النفاس و الاستحاضة وهذا مخالف للإجماع.
فتكون كلمة « دم » أولى من كلمة « دبر » من هذه الجهة .. وبهذا يخرج الاستدلال بهذا الحديث من المنع إلى الجواز .

3 - لا تناسب بين مقدمة الحديث وبين تاليه :
فقول الخليفة عمر (( هلكت )) : يدل على فعل غريب لم يفعله أحد وخشي أن يكون فيه حرمة ..
فلو كان بالمعنى الذي ذكروه من تحويل الرحل وهو أن يأتيها من خلفها في قبلها فالروايات تنص على أن أهل مكة ومنهم عمر كانوا يفعلون ذلك جميعاً ولكن نساء المدينة اشتكين من ذلك !!

وفي روايات إنما استنكر ذلك اليهود ولا علم للمسلمين بهذا المستنكر !!

اقرأ النص التالي وهو يختصر صفحات من النصوص المشابهة للنص الذي نقلته من الدر المنثور للإمام السيوطي :

وأخرج ابن أبي شيبة عن مرة قال : كانت اليهود يسخرون من المسلمين في إتيانهم النساء ، فأنزل الله {نساؤكم حرث لكم...} الآية .

وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال : كانت الأنصار تأتي نساءها مضاجعة ، وكانت قريش تشرح شرحاً كثيراً ، فتزوج رجل من قريش امرأة من الأنصار، فأراد أن يأتيها فقالت : لا ، إلا كما يفعل .

وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن أبي هلال أن عبد الله بن علي حدثه : أنه بلغه أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جلسوا يوماً ورجل من اليهود قريب منهم ، فجعل بعضهم يقول : إني لآتي امرأتي وهي مضطجعة .. ويقول الآخر : إني لآتيها وهي قائمة ، ويقول الآخر : إني لآتيها وهي باركة ..

فقال اليهودي : ما أنتم إلا أمثال البهائم ، ولكنا إنما نأتيها على هيئة واحدة ؛ فأنزل الله (( نساؤكم حرث لكم ...)) الآية .

فإذن قولهم بأنه أراد بتغيير الرحل ما ذكروه إنما هو فبركة واضحة وتصحيف وحرف للكلمة عن معناها وكذبة لم يستطيعوا الثبات عندها ؛ لأن قولهم صريح بأنه فِعلُ أهل مكة فكيف يستنكر بعد عشرين سنة من إسلامه تقريباً ؟!!.

4 – بعد أن ثبت بأن التفسير لتحويل الرحل تبرع غير مناسب منهم، يتبين بأن الإضافة بكلمة « اتق الدبر » تعني إثم الخليفة وارتكابه الفعلي لهذا الإثم في هذه المسألة وهم يوردوها بغير هذا المعنى بل بمعنى تنزيهه ولا يكون له تنزيهاً إلا بما رواه الطبراني بقوله اتق الدم ؛ لأنه لم يتق الدبر قطعاً بشهادة كل الروايات التي تنص على أن هذا المستنكر إنما هو فعل القرشيين من أهل مكة فليس بوارد أن يشك هو في فعل بعد عشرين سنة من إسلامه وممارسته نفس الفعل .

5 - في القول « اتق الدبر والحيضة » مشكلة في التخصيص لأن كلمة « أنّى » في الأية إذا كانت (( زمانية )) فلا معنى للتخصيص بالدبر لأنه مكان !
وهذا خارج موضوع العموم !!.
وإن كانت (( مكانية )) فلا معنى للتخصيص بـ « الحيضة » لأنها (( زمانية )) فهي خارجة موضوعاً !!
ولكن لو كان القول هو « الدم والحيض » يكون منسجماً مع القول بالزمانية ، وإن كان هناك رأي بأن « أنّى » تشعر بالعموم الاستغراقي كما يراه بعض المحققين فتكون غير قابلة للتخصيص ولذلك قال بعضهم بأنها مكانية ولا مخصص للمكان وأما الأزمان فهي محددة سلفاً ولا تعلق لها بـ « أنّى شئتم » فهناك أوقات الدم وأوقات الحيض وحين العبادة كالصوم والصلاة والحج وغيرها من الأزمنة والحالات التي لا تمثل المكان من جسد المرأة كثيرة في المنع ولا علاقة لها بشأن جسد المرأة نفسها.

وروى الربيع في (( الأم )) عن الشافعي قال : احتملت الآية معنيين أحدهما أن تؤتى المرأة حيث شاء زوجها ، لأن « أنى » بمعنى أين شئتم ) ..فتح الباري ، المجلد الثامن ، كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ .
وهذا هو فهم الأغلب بأن « أنّى » مكانية فلا يتناسب هذا العموم الاستغراقي بالتقييد كما لا يخفى .. وسيأتي الكلام .

الدليل الثالث :

========= رواية بن عباس في توهيم ابن عمر =========

والبحث فيها سيأتي في نفس رواية نافع عن ابن عمر وهي رواية نافية لرواية ابن عمر وقالوا بأن النافي لا يحج المثبت لجواز عدم إطلاعه على ما غاب عنه ؛ وهي في سبب نزول الآية والرواية مخالفة لروايات كثيرة تقابلها في الصحة تنص على سبب مخالف لما قاله بن عباس .. وعلى فرض الصحة للروايتين فيكونان متعارضتان متساقطتان .

وننتقل إلى :
أدلـــة الجـــواز :
1 - عموم النص القرآني .
2 - الفتاوى الأولى للصحابة كعبد الله بن عمر .
3 - عموم حق الزوج في الانتفاع وعدم سلامة المعارض
.

الدليل الأول :

========= عموم النص القرآني =========
وقد استدلوا بالآية الكريمة وسبب نزولها ، وهي قوله تعالى : (( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين )) سورة البقرة ، الآية : 223 .

والآية بعمومها تدل على أن النساء كسبٌ والإنسان يفعل بكسبه ما يشاء ، ونحن نفهم وجوب الاستثناء بالموانع الشرعية الثابتة ، ولا يجوز الاستثناء بالظن والمظنونات كخبر الواحد والظن الشخصي غير الثابت من الدلالة .

وقد اعترضوا على دلالة الآية على العموم في هذا المورد بنوعين من الاعتراض :

الأول : مفاد الحرث .
الثاني : مفاد « أنّى » هل هي مكانية غير قابلة للتخصيص أم زمانية فتكون غير شاملة للتعميم .


الأول : لقد أشكلوا بأن معنى الحرث مضيّق وموجّه وهو الزرع لا الكسب مطلقاً . ومعناه طلب الولد ؛ فيكون المسموح إنما هو مكان طلب الولد !
وقد أشكل عليهم إشكالاً عظيماً بوجوب التزام تحريم ما عدا ذلك لأنه لا يشمله الإذن وهذا باطل إجماعاً وهو من الوضوح بمكان .. وأجمل ما ورد من إشكال هو المناظرة بين الإمام الشافعي ومحمد بن الحسن وهي تغنينا عن البحث في هذا الجانب وصحته أو عدم صحته ، واليك نص المناظرة :

وروى الحاكم في « مناقب الشافعي » من طريق ابن عبد الحكم أنه حكى عن الشافعي مناظرة جرت بينه وبين محمد الحسن في ذلك ، وأن ابن الحسن احتج عليه بأن الحرث إنما يكون في الفرج ..
فقال له : فيكون ما سوى الفرج محرماً ، فالتزمه .
فقال : أ رأيت لو وطئها بين ساقها أو في أعكانها أنى ذلك حرث ؟
قال : لا.
قال : أ فيحرم ؟!
قال : لا.
قال : فكيف تحتج بما لا تقول به ؟!.

أنظر فتح الباري ، شرح صحيح البخاري للإمام ابن حجر العسقلاني ، المجلد الثامن.

وفي الختام أورد ما أورده الفيروزآبادي في القاموس المحيط من معنى كلمة حرث وهو يبيّن بكل وضوح بأن التضييق إنما هو تحكم تبرعي محض لا دليل عليه فالكلمة تعني هنا الكسب ويطبق على نفس النكاح وغيره .... أنظر:
الحَرْثُ: الكَسْبُ، وجَمْعُ المالِ، والجمعُ بين أربعِ نِسْوَةٍ، والنِّكاحُ بالمُبالَغَةِ، والمَحَجَّةُ المَكْدودةُ بِالحَوافِرِ، وأصْل جُرادنِ الحِمارِ، والسَّيْرُ على الظَّهْرِ حتى يُهْزَلَ، والزَّرْعُ، وتَحْريكُ النارِ، والتَّفْتيشُ، والتَّفَقُّه، وتَهْيئةُ الحَراثِ، كسَحابٍ، لفُرْضَةٍ في طَرَفِ القَوْسِ يَقَعُ فيها الوَتَرُ، وهي الحُرْثَةُ بالضم أيضاً، فِعْلُ الكُلِّ: يَحْرِثُ ويَحْرُثُ.

وهذا يكفي للعاقل أن يحكم بعدم جدوى هذا التضييق للمعنى : فلا اللغة تساعد ولا لوازم المعنى تساعد كما أشار الإمام الشافعي .

الثاني : النقاش في مفاد « أنّى » هل هي مكانية غير قابلة للتخصيص أم زمانية فتكون غير شاملة للتعميم ؟!.

حسب ما توصلت إليه إن هذا النقاش على كلٍ من الوجهين لا يمنع من أي من الرأيين ، ولكن لو تم الإدعاء بأن « أنّى » استغراقية وهي (( مكانية )) فتكون غير قابلة للتخصيص بالمكان وهو الدبر فتسقط روايات التخصيص ، وهذا ما تشكك به بعض الروايات السنية والشيعية حيث تعد « أنّى » زمانية .
ولكن اللغة لا تأبى المكانية إلا أنه ما الفائدة؟ فروايات التخصيص السنية ساقطة سنياً أساساً، لأنها لم تصل لحد الصحة، ولم تصل إلى أكثر من كونهما روايتين مبهمتين متناً وموهنتين سنداً !
وهما من أخبار الآحاد المعارضة بغيرها ، وهذه لا تنهض لتخصيص النص القرآني. وإلا لكان القرآن لا معنى له حيث يخصصه الفهم الخاطئ ورواية الآحاد المعارضة !.

الدليل الثاني :

========= الفتاوى والروايات وسبب النزول =========

والعمدة في هذا الموضوع هو الرواية الجامعة المسماة رواية نافع .. وقد رأيت أن العلامة ابن حجر العسقلاني قد أغنى الباحثين عن بحث رواية نافع عن ابن عمر وقد أوسعها بحثاً وأتى بكل التشكيك فيها وبما ينفيها وقد توسع فيها بما لا يقبل الشك، ولكن بما أن بحثه طويل جداً فسنأتي بمقتطفات مستوفية للبحث .. والعسقلاني يقرر ما يلي :

1 - إن البخاري قد تصرف بالرواية وحذف وحرّف في الرواية لسبب مجهول .
2 - أن الرواية تم تكذيبها في وقتها وقد جرى الحلف باليمين على صحتها من أن نافع سمعها وأنها ليست مفردة بل لها ما يشابهها من بقية الصحابة والتابعين .
3 - هناك محاولة لتحريف معناها تجدها غير سليمة وغير منطقية .
4 - قد أثبت على العموم صحة الرواية وصحة مفادها وتلائمها مع عموم القرآن ولكنها رفضت فتوائياً .

وهذه هي الرواية و أهم مقاطعها وكل ما فيها هو من نفس الموضع من كتاب فتح الباري :
1 - الحديث : فتح الباري ، شرح صحيح البخاري ، للإمام ابن حجر العسقلاني ، المجلد الثامن ، كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ ، باب نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ الْآيَةَ.

الحديث:

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ :
كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ ، قَالَ : تَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ ؟؟!
قُلْتُ : لَا .
قَالَ : أُنْزِلَتْ « فِي كَذَا وَكَذَا » (( !! ))
ثُمَّ مَضَى .
وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنِي أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ « قَالَ يَأْتِيهَا فِي » (( !! ))
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ .

2 - تصرف البخاري فيها:
في موضعين :
أ - ( قَالَ أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا )
ب - ( قَالَ يَأْتِيهَا فِي )

قال : أنزلت في كذا وكذا ثم مضى ) هكذا أورده مبهماً لمكان الآية والتفسير ...
وقد عاب الإسماعيلي صنيع البخاري فقال : جميع ما أخرج عن ابن عمر مبهم لا فائدة فيه ، وقد رويناه عن عبد العزيز - يعني الدراوردي - عن مالك وعبيد الله بن عمر وابن أبي ذئب ثلاثتهم عن نافع بالتفسير ، وعن مالك من عدة أوجه ا هـ . كلامه.

ورواية الدراوردي المذكورة قد أخرجها الدار قطني في « غرائب مالك » من طريقه عن الثلاثة عن نافع نحو رواية ابن عون عنه ولفظه : « نزلت في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها، فأعظم الناس في ذلك فنزلت.
قال : فقلت له من دبرها في قبلها ، فقال : لا إلا في دبرها » .

وأما رواية عبد الصمد فأخرجها ابن جرير في التفسير عن أبي قلابة الرقاشي عن عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي فذكره بلفظ يأتيها في الدبر ، وهو يؤيد قول ابن العربي ويرد قول الحميدي .
وهذا الذي استعمله البخاري نوع من أنواع البديع يسمى الاكتفاء ، ولا بد له من نكتة يحس بسببها استعماله . (؟؟؟؟)
وأما رواية محمد بن يحيى بن سعيد القطان فوصلها الطبراني في « الأوسط » من طريق أبي بكر الأعين عن محمد بن يحيى المذكور بالسند المذكور إلى ابن عمر قال :
" إنما نزلت على رسول " الله صلى الله عليه وسلم (نساؤكم حرث لكم) رخصة في إتيان الدبر ، قال الطبراني : لم يروه عن عبد الله ابن عمر إلا يحيى بن سعيد ، تفرد به ابنه محمد ، كذا قال ..
ولم يتفرد به يحيى ابن سعيد فقد رواه عبد العزيز الدراوردي عن عبيد الله بن عمر أيضاً كما سأذكره بعد ، وقد روي هذا الحديث عن نافع أيضاً جماعة غير ما ذكرنا ورواياتهم بذلك ثابتة عند ابن مردويه في تفسيره وفي « فوائد الأصبهانيين لأبي الشيخ » و « تاريخ نيسابور للحاكم » و « غرائب مالك للدار قطني » وغيرها. (؟؟؟؟)

قوله : ( يأتيها في ) هكذا وقع في جميع النسخ لم يذكر ما بعد الظرف وهو المجرور ، ووقع في « الجمع بين الصحيحين للحميدي » يأتيها في الفرج ، وهو من عنده بحسب ما فهمه . (!!!!)
ثم وقفت على سلفه فيه وهو البرقاني فرأيت في نسخة الصغاني « زاد البرقاني يعني الفرج » وليس مطابقاً لما في نفس الرواية عن ابن عمر لما سأذكره ، وقد قال أبو بكر بن العربي في « سراج المريدين » :
أورد البخاري هذا الحديث في التفسير فقال : « يأتيها في » وترك بياضاً ، والمسألة مشهورة صنف فيها محمد بن سحنون جزءاً ، وصنف فيها ابن شعبان كتاباً ، وبين أن حديث ابن عمر في إتيان المرأة في دبرها . (؟؟؟؟)

قوله : ( رواه محمد بن يحيى بن سعيد ) أي القطان ( عن أبيه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ) هكذا أعاد الضمير على الذي قبله ، والذي قبله قد اختصره كما ترى ، فأما الرواية الأولى وهي رواية ابن عون فقد أخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده وفي تفسيره بالإسناد المذكور.
وقال بدل قوله حتى انتهى إلى مكان " حتى انتهى إلى قوله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " ..
فقال : أتدرون فيما أنزلت هذه الآية ؟!
قلت : لا.
قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن!.
وهكذا أورده ابن جرير من طريق إسماعيل بن علية عن ابن عون مثله ، ومن طريق إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي عن ابن عون نحوه ، أخرجه أبو عبيدة في « فضائل القرآن » عن معاذ عن ابن عون فأبهمه فقال في كذا وكذا.


3 – توثيــق الروايــة :
وتابع نافعاً في ذلك على زيد بن أسلم عن ابن عمر وروايته عند النسائي بإسناد صحيح .. وتكلم الأزدي في بعض رواته
ورد عليه ابن عبد البر فأصاب قال :
ورواية ابن عمر لهذا المعنى « صحيحة مشهورة » من رواية نافع عنه بغير نكير أن يرويها عنه زيد بن أسلم. » » » »
( المشهور يقرب من المتواتر قيمة )
قلت : وقد رواه عن عبد الله بن عمر أيضاً ابنه عبد الله أخرجه النسائي أيضاً وسعيد بن يسار وسالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مثل ما قال نافع ، وروايتهما عنه عند النسائي وابن جرير ولفظه " عن عبد الرحمن بن القاسم
قلت لمالك : إن ناساً يروون عن سالم : كذب العبد على أبي !
فقال مالك : أشهد على زيد بن رومان أنه أخبرني عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مثل ما قال نافع !
فقلت له : إن الحارث بن يعقوب يروي عن سعيد بن يسار عن ابن عمر أنه قال أف ، أو يقول ذلك مسلم ؟!
فقال مالك : أشهد على ربيعة لأخبرني عن سعيد بن يسار عن ابن عمر مثل ما قال نافع !!


وأخرجه الدار قطني من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن مالك وقال : هذا محفوظ عن مالك صحيح ا هـ.
وإن كانت الرواية فيه صحيحة على قاعدته.
ولم ينفرد ابن عمر بسبب هذا النزول ، فقد أخرج أبو يعلى وابن مردويه وابن جرير والطحاوي من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري :
(( أن رجلاً أصاب امرأته في دبرها ، فأنكر الناس ذلك عليه وقالوا : نعيرها ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية )) ..
وعلقه النسائي عن هشام بن سعيد عن زيد ، وهذا السبب في نزول هذه الآية « مشهور » وكأن حديث أبي سعيد لم يبلغ ابن عباس وبلغه حديث ابن عمر فوهمه فيه ، فروى أبو داود من طريق مجاهد عن ابن عباس قال :
(( إن ابن عمر وهم والله يغفر له، إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب فكانوا يأخذون بكثير من فعلهم ، وكان أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف ، وذلك أستر ما تكون المرأة ، فأخذ ذلك الأنصار عنهم ، وكان هذا الحي من قريش يتلذذون بنسائهم مقبلات ومدبرات ومستلقيات ، فتزوج رجل من المهاجرين امرأة من الأمصار فذهب يفعل فيها ذلك فامتنعت ، فسرى أمرهما حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) مقبلات ومدبرات ومستلقيات ، في الفرج )) ..

4 - محاولة تحريف المعنى .

ووقع في « الجمع بين الصحيحين للحميدي » يأتيها في الفرج ، " وهو من عنده بحسب ما فهمه " .
ثم وقفت على سلفه فيه وهو البرقاني فرأيت في نسخة الصغاني « زاد البرقاني يعني الفرج » وليس مطابقاً لما في نفس الرواية عن ابن عمر لما سأذكره ، وقد قال أبو بكر بن العربي في « سراج المريدين » : أورد البخاري هذا الحديث في التفسير فقال : « يأتيها في » وترك بياضاً ..

5 - إثبات صحة الرواية والعمل خلافها :

قلت : وقد رواه عن عبد الله بن عمر أيضا ابنه عبد الله أخرجه النسائي أيضاً وسعيد بن يسار وسالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مثل ما قال نافع ، وروايتهما عنه عند النسائي وابن جرير ولفظه :
عن عبد الرحمن بن القاسم قلت لمالك : إن ناساً يروون عن سالم : كذب العبد على أبي ، فقال مالك : أشهد على زيد بن رومان أنه أخبرني عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مثل ما قال نافع ، فقلت له : إن الحارث بن يعقوب يروي عن سعيد بن يسار عن ابن عمر أنه قال أف ، أو يقول ذلك مسلم ؟ فقال مالك : أشهد على ربيعة لأخبرني عن سعيد بن يسار عن ابن عمر مثل ما قال نافع ، وأخرجه الدار قطني من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن مالك وقال: هذا محفوظ عن مالك صحيح ا هـ.
وإن كانت الرواية فيه صحيحة على قاعدته.
ولم ينفرد ابن عمر بسبب هذا النزول ، فقد أخرج أبو يعلى وابن مردويه وابن جرير والطحاوي من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخضري (( أن رجلاً أصاب امرأته في دبرها ، فأنكر الناس ذلك عليه وقالوا : نعيرها ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية )) وعلقه النسائي عن هشام بن سعيد عن زيد ، وهذا السبب في نزول هذه الآية مشهور ، وكأن حديث أبي سعيد لم يبلغ ابن عباس وبلغه حديث ابن عمر فوهمه فيه ..

الفتوى بخلافه : برواية بن عباس .
وقال المازري : اختلف الناس في هذه المسألة وتعلق من قال بالحل بهذه الآية ، وانفصل عنها من قال يحرم بأنها نزلت بالسبب الوارد في حديث جابر في الرد على اليهود ، يعنى كما في حديث الباب الآتي .
قال : والعموم إذا خرج على سبب قصر عليه عند بعض الأصوليين ، « وعند الأكثر العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وهذا يقتضى أن تكون الآية حجة في الجواز » ، لكن وردت أحاديث كثيرة بالمنع فتكون مخصصة لعموم الآية ، « وفي تخصيص عموم القرآن ببعض خبر الآحاد خلاف » ا هـ.

وذهب جماعة من أئمة الحديث – كالبخاري والذهلي والبزار والنسائي وأبي علي النيسابوري – إلى أنه لا يثبت فيه شيء .

قلت : لكن طرقها كثيرة فمجموعها صالح للاحتجاج به ، ويؤيد القول بالتحريم أنا لو قدمنا أحاديث الإباحة للزم أنه أبيح بعد أن حرم والأصل عدمه ، فمن الأحاديث الصالحة الإسناد حديث خزيمة بن ثابت أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان ، وحديث أبي هريرة أخرجه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان أيضاً ، وحديث ابن عباس وقد تقدمت إشارة إليه .

ورواية ابن عباس هي رد على نفس هذه الرواية وهي تذيل لها ولكن اتهم بن عباس انه لم يطلع على ذلك :

فروى أبو داود من طريق مجاهد عن ابن عباس قال: " إن ابن عمر وهم والله يغفر له، إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب فكانوا يأخذون بكثير من فعلهم، وكان أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف، وذلك أستر ما تكون المرأة، فأخذ ذلك الأنصار عنهم، وكان هذا الحي من قريش يتلذذون بنسائهم مقبلات ومدبرات ومستلقيات، فتزوج رجل من المهاجرين امرأة من الأمصار فذهب يفعل فيها ذلك فامتنعت، فسرى أمرهما حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) مقبلات ومدبرات ومستلقيات ، في الفرج "

وهذا التوهيم يشك في صدوره من ابن عباس لتضافر الروايات عن غير بن عمر في سبب نزول الآية الذي يخالف هذا السبب .. وهو يعلم أنه ليس من حقه النفي ما لم يعلم يقيناً بالواقعة ، والأمر مشكوك فيه بالنسبة لابن عباس لصغر سنه فقد مات رسول الله وابن عباس عمره ست سنوات وقيل عشر وهذا عمر لا يساعد على حضور الواقعة فلا بد من وجود واسطة لشهود الحدث وهو منفي في الرواية .

والخلاصة بأن رواية ابن عمر ثابتة ومعناها واضح ولكنها متروكة لأسباب يقال عنها وجود المعارض الأقوى بينما الموجود هو العكس لأن الدليل هو عموم الآية وسبب النزول نص صريح لتلك الحالة بينما الروايات المعارضة غير تامة المعنى والمتن بالإضافة إلى عدم التسليم بالحسن فضلاً عن الصحة .


الدليل الثالث على الجواز :
======== عموم حق الزوج في الانتفاع وعدم سلامة المعارض ========

هذا الموضوع لا يحتاج إلى مزيد كلام وتطويل بحث، فإن من المسلّمات إن أي عقد يجري على عينٍ يبيح التصرف فيها ما لم يدل نص على المنع وهنا القضية واضحة فالعقد على الزوجية يبيح تصرف أحدهما في الآخر والمنع مخدوش ولم يصل إلى حد اليقين التشريعي .


خلاصة مسألة إتيان الحلائل في الأدبار لا فرق بين السنة والشيعة في توفر الاتجاهين في المسألة .. واعلم بأن اتجاه الجواز بالنسبة لحاق الدليل عند السنة أقوى من المنع والتحريم ولكن الفتوى على خلافه ما عدا ما ينسب للإمام مالك وما يبدو من تلميذه الشافعي بخلاف تلميذه الآخر محمد بن الحسن. حيث النص على الجواز صراحة.

وقد ذهب السيد الخميني في فتواه إلى ترجيح أدلة المنع على تردد وهذا يتفق مع الاتجاه السائد في الفقه السني والشيعي .. ولو ذهب للطرف الآخر من الدليل لكان معه حجة أيضاً خصوصاً على الموازين السنية ولكن قادته مبانيه وأصوله الاجتهادية للتوقف في أدلة الجواز والركون إلى الأصل العملي.

فلا مجال لهذا الصراخ الزائف وتغيير الحقائق واستغلال جهل الناس بالفقه الإسلامي للاعتداء على فقيه محترم لم يقل أصلاً في المسألة بخلاف ما يستسيغه الناس وما هو مقرر في الفقه السني ... رغم جهل الناس بحقائق الأمور !!.

تقبلوا تحياتي ..

المنار ..




الحلقة الرابعة ..

الفتوى الثالثة : لننظر ماذا يقول صاحبنا ملفق الملف .. ونرى مقدار جهله بالفقه !!

يقول :
(( فضل الله يبيح النظر إلى النساء وهن عاريات !
يقول فضل الله في كتابه النكاح ج1 ص66 ( فلو أنّ النساء قد اعتادت الخروج بلباس البحر جاز النظر إليهن بهذا اللحاظ. ) إلى أن قال ( وفي ضوء ذلك قد يشمل الموضوع النظر إلى العورة عندما تكشفها صاحبتها ، كما في نوادي العراة أو السابحات في البحر في بعض البلدان أو نحو ذلك )

قلت : أي دين وأي منطق هذا ؟ لكنها مخرجات الحوزات التي ذكرنا في مقالة ( ماذا يقول الخوئي عن المخدرات ) أنها كانت مرتعاً للفساد ! فإنا لله وإنا إليه راجعون )) انتهى نقله وقوله.

== التحقيق في الفتوى ==

ليس تحت يدي الكتاب الذي أشار إليه ولكن بقراءة النص المنشور الآن يتبين مدى جهل واضع هذا الملف بالفقه وأصوله فهذه فتوى مطابقة لكل أصول الفقه الإسلامي عموماً .. وليس فيها أي مخالفة فقهية من ناحية إجرائية كتطبيق للقواعد العامة .

رغم رغبتي بوجود شرط عدم تقصد النظر في نص الفتوى ؛ وان كان يفهم من المسألة ذلك ولكن التصريح ضروري .. وبما أن الكلام مقطّع الأوصال فلا يمكن تمني تغيير النص لجواز أن يكون غير خالٍ مما نرغب بوضعه فيه .. ولكن يد التحريف والعبث نالت من النص .

ولا ننسى أن صاحب الفتوى له منهج معروف في تبسيط الفتاوى مما يضطره إلى التنازل عن المصطلح الفقهي وإجراء العملية الفقهية على أصولها في الصياغة وإنما يصير إلى الصياغة الأدبية وذلك جائز في التبليغ ، ويمكن لصاحب هكذا منهج أن ينفي قصده للجواب الفني الفقهي بدقته من ذكر الشروط والقيود الاحترازية.

غير أن حبنا للمؤمنين يجعلنا أن نتمنى منهم السعي إلى فهم المنهج الفقهي بدل أن نطلب من الفقيه تنازلا عن الصياغة العلمية لأجل التفهيم فما أحلى أن نفهم بدقة بدل أن نطلب التبسيط المخل في كثير من الأحيان .. وعلى المبلّغ أن يدرب اتباعه على مثل هذه الدقة في المصطلح والعرض .

ومع ذلك فان الفتوى المشار إليها - كما قلنا - لم تكن خارجة عن القواعد العامة للفقه الإسلامي ، وليس من حق الجاهل بدقائق الفقه أن يعترض فيما لا يعلم وهذه المسألة بالنسبة للفقه السني لم تحرر في المجاميع الفقهية بشكل واضح لغير المتخصص لأن الفقه السني لم يعالج موضوع النظر إلى غير المحترم شرعاً رغم توفر النصوص فيه وبعض الاجتهادات الدائرة حول المسألة .

وليس في ذلك عيب لأن الفقه غالباً وليد المواجهة للمشكلة ولم يكن الفقه القديم قبل إيقاف الاجتهاد قد واجه مشكلة حقيقية في هذا كالسفور والتعري والنظر إلى ما أبداه المنظور إليه متعمداً .. فهذه مشكلة متأخرة عن إيقاف الاجتهاد بمئات السنين وهي من المسائل التي نرجح أن تكون حافزاً لإخواننا من علماء السنة بفتح باب الاجتهاد وفتح باب المذهبية الفقهية من جديد أمام دراسات تحاول أن تستكشف حكم الله في المواضيع المستجدة كما يفعل علماء الشيعة من تكوين مناهج ومذاهب متجددة في الفقه بلا غضاضة .
نسأل الله التوفيق لرضاه وإحراز حكمه الشرعي.

وهنا نأتي إلى بيان جوانب في الصياغة للفتوى وإلى الحكم كما يفهم من المصادر السنية سواء بالنصوص الأساسية أو نصوص الفتاوى والأدلة الحاكمة في ذلك.

قوله : (( بهذا اللحاظ )) ..
يعني بلحاظ كونهن لا يرتدعن عن هذا اللباس وهن يقصدن هذا اللباس وقد اعتدن على ذلك وعودن الناس على النظر إليهن هكذا كما هو حال المتبرجات في أماكن عديدة من العالم الإسلامي وأما في غيره فأصبح هو الأصل .

لا إشكال في عـدم جـواز النظر إلى المسلمة أو المرأة المحترمة شرعاً لما عدا ما يجوز النظر إليه وهو الوجه والكفين ؛ ولكن المسألة حسب هذا الفرض لها موقع آخر سنبيّنه هنا.

المسألة معروفة وهي مبنية على المسألة التالية : ( هل يجوز النظر إلى اللواتي لا ينتهين إذا نهين عن إظهار العورة أو جزها ) ، والمرأة كلها عورة للأجنبي ما عدى الوجه والكفين ؟!.

والجواب بكل بساطة أن النظر جائز إلى ما يكشفه غير المرتدع بشرط عدم الريبة لأنها خارجة تخصصاً عن موضوع النظر وهو المؤمن المحترم شرعاً ، وكل ما ذكره ينطبق عليها .

وليس في الفتوى المذكورة ما يدل على جواز النظر بريبة حتى يخالف المجمع عليه إسلامياً من عدم الجواز ، وهي مسألة يبتلى بها كثيراً خصوصاً في زماننا وخصوصا لمن يسكن أو يذهب إلى البلدان التي لا تعرف إلا التفاخر بتقليل الستر عن جسد المرأة ..

فهل يمشي صاحبنا في أسواق أوربا والأمريكيتين وشرق أسيا وشمالها مغمض العينين ؟؟!.

لأنه أين ما أعطى وجهه يرى عورة بل حتى في بلاد المسلمين أو البلاد المختلطة ، بل أصبحت المسألة أسرية فكيف يعمل المسلم في القاهرة أو بيروت أو الدار البيضاء حين يذهب لزيارة بيت عمه أو خاله ونسائهم لا ينتهين عن السفور وإظهار ما يردن إظهاره من أجسادهن ؟!.

أعتقد أن عليه أن يحمل معه عصابة يشدها على عينيه لأن صاحبنا الأستاذ العالم جداً بالفقه واضع هذا الملف لا يقبل له أن ينظر إلى امرأة تكشف عن سترها بدون شهوة وريبة !!.

ما هذا الجهل بالفقه ؟!!.

تنبيه هام : كل النصوص المعتمدة التي تحرم النظر إلى الأجنبية أو إلى العورة ، هي مخصصة فيما يسمى فقهيًا « بالمحترم » وهي لا تشمل غير المحترم كاللذين لا ينتهون إذا نهوا ، ولعل إشارة غض البصر وحفظ الفرج موجه إلى المؤمنين خاصة له هذا المعنى ؛ لأنهم أهل الاحترام في الشرع وحسب المصطلح الفقهي ؛ ولهذا عبر بعض الفقهاء عن الذين لا ينتهون بأنهم أنعام وبأنهم بمنزلة البهائم وليس ذلك من باب القيمة الإنسانية وإنما من باب تجاوبهم مع الشريعة فكما لا يستجيب (( قـرد )) لطلب ستر العورة فكذلك لا يستجيب هذا أو تلك .

مع ملاحظة ثانية : وهي نص الفقهاء بأن هذه المسائل التي لا نص فيها كالنظر إلى العراة من الأمم أو الكفار فهو من باب القياس أو الاستحسان ، وفي الغالب يطبق عليها قاعدة عدم التكليف بالمتعذر أو عدم انطباق الحكم عليها موضوعاً ؛ لأن موضوع حكم الغض والستر هو المؤمن المحترم شرعاً والمتعري ليس بمؤمن أصلاً .. وأما النصوص فهي تشير إلى لوازم الأحكام في الغالب .

== فما يقول صاحبنا في هذه الفتوى ؟!..

نيل الأوطار ج 6 ص 242 :
( وحديث بريدة فيه دليل على أن النظر الواقع فجأة من دون قصد وتعمل لا يوجب إثم الناظر لأن التكليف به خارج عن الاستطاعة وإنما الممنوع منه النظر الواقع على طريقة التعمد أو ترك صرف البصر بعد نظر الفجأة وقد استدل بذلك من قال بتحريم النظر إلى الأجنبية ولم يحكه في البحر إلا عن المؤيد بالله وأبي طالب « وحكي في البحر أيضا عن الفقهاء والإمام يحيى أنه يجوز ولو لشهوة » ) ..

وهذا الكلام في المحترمات أي النساء المسلمات اللاتي ينتهين عن الحرام فما قوله بمن لا ينتهين ؟؟!!.

وهنا نأتي إلى مسألة « من لا تنتهي إذا نهيت » ومسألة تعريها ..

الحق أقول بأن من أراد أن يتعمق في الفقه السني يجد أن هذه المسألة ملوح إليها وليست مهملة تماماً كما قد يبدو من جرد المسألة في أبوابها الفقهية ؛ فإن أبواب اللباس والنظر والعورة والتعري لم تصرح قط بهذه المسألة في حدود معرفتي ؛ ولكن قد يجد الباحث في تلك الأبواب وأبواب الجهاد ما يشير إلى هذه المسألة التي تعتبر افتراضية لأنها لا واقع لها في حياة الفقهاء رغم إيرادهم لحادثة النظر إلى الحبش وحادثة وقعت في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهي حادثة بروز امرأة في الطائف حينما حاصرها رسول الله فنزعت ثيابها وكشفت عن فرجها أمام المسلمين فقال رسول الله دونكم المرأة فأصابها رامي المسلمين في فرجها !! .

هذه الحادثة مهمة جداً هنا وهي بيت القصيد في القضية ؛ لأن الفعل تعدى حالة ما هو ضرورة حيث أن الرامي لم يكتفِ بالتهديف إليها بالجملة بل هدّف على فرجها بالخصوص و أصابها فيه !!.

وهنا يسأل المتفقه هذا السؤال : لو كان جواز النظر إليها لضرورة الحرب فستبدو هنا تساؤلات مهمة ..
== هل التعري بنفسه يوجب القتل ؟؟!
ما قال بهذا فقيه ولا عرف من سيرة رسول الله !!.
فإذن هناك خصوصية لهذه المرأة في ذلك الموقف في مسألة طلب قتلها.

== هل طلب الرسول إصابة الفرج ؟؟! .
النصوص لا تشير إلى أكثر من طلب أصابتها بالجملة !!.

فإذن هناك اجتهاد من المقاتل المسلم في الإمعان بأذاها و إصابة فرجها !!
ولعله لم يشأ قتلها كما فهم من أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم ، وإنما أراد معاقبتها في الموضع الذي أرادت السخرية به من المسلمين !! فتكون واقعة الرد عليها لهذه الخصوصية .

وهناك إقرار من قبل الرسول ص لفهم هذا المقاتل لعدم الاعتراض عليه ، بالتركيز على الفرج وبعدم قتلها أو إصابتها في الأماكن الخطرة المميتة .

لو أن الرسول ص وصحبه الكرام مروا على الطائف في غير هذه الحالة وشاهدو امرأة تتعرى في حيها الكافر ..

== هل سيقول الرسول دونكم المرأة ؟؟!!
الجواب : لا يوجد لدينا ما يدل على مثل هذا الاتجاه !! وشواهد السيرة لا تساعد على الذهاب إلى مثل هذا القول .

إذن لم تكن الضرورة هي في مسألة النظر و إنما في مسألة الرد على السخرية التي قامت بها المرأة فجعلها في صف المحاربين بالوسائل غير القتالية فلذلك كان طلب إصابتها وتعطيل سخريتها ، وهذا يجعل الباب مفتوحاً في مسألة النظر إلى هذه المتعمدة للتعري التي لا تنتهي إذا نهيت .. والذي يستكشف من الحديث أن لا مانع منه إذا كان بدون شهوة كما تقرره نفس الحالة الحربية .

وهنا قد يتشدق المتشدق بضعف طرق الحديث ؛ فأقول في حالة الضعف لا يزيد الأمر شيئا فتبقى المسألة خالية من النص فتجري الأصول الاجتهادية أو العملية الأخرى ، ولكنه لا يستطيع أن يضعّف « الفتوى » فهي قد صدرت من الفقهاء .. ثم أن الحديث حتى لو كان ضعيفاً ولكن عمل الفقهاء به يجعله حجة عندهم وعلى مبناهم وليس كل ضعيف غير حجة في الفقه .. المهم هل يعتمده الفقهاء أم لا ؟!! .

وهذا نص الفتوى والحديث:

smile.gif
المغني لابن قدامة المقدسي الحنبلي ج 9 ص 231 :

( فصل ولو وقفت امرأة في صف الكفار أو على حصنهم فشتمت المسلمين أو تكشفت لهم جاز رميها قصدا لما روى سعيد حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف أشرفت امرأة فكشفت عن قبلها فقال ها دونكم فارموها فرماها رجل من المسلمين « فما أخطأ ذلك منها » !! ويجوز النظر إلى فرجها للحاجة إلى رميها لأن ذلك من ضرورة رميه )

smile.gif
smile.gif
كشاف القناع للبهوتي الحنبلي ج 3 ص 51 : ( ولو وقفت امرأة في صف الكفار أو على حصنهم فشتمت المسلمين أو تكشفت لهم جاز رميها والنظر إلى فرجها للحاجة إلى رميها ذكره في المغني والشرح ).

وقد استثنى الإسلام من حرمة النظر موارد أخرى غير الفجأة وحال الكفار مثل جواز النظر إلى المؤمنة إذا أراد التزويج بها ..

وفي بعض الروايات قوله : ( فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ) !! فما معنى ما يدعوه إلى نكاحها ؟؟!!

كما جاز النظر لضرورة كالتداوي أو شهادة بالزنا وغيره جاز التأكد في النظر إلى العورة.

== النظر إلى المخطوبة ==

ــ نيل الأوطار ج 6 ص 238 ، باب النظر إلى المخطوبة :

في حديث الواهبة المتفق عليه فصعد فيها النظر وصوبه ، وعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما !
رواه الخمسة إلا أبا داود ..

وعن أبي هريرة قال خطب رجل امرأة فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً !
رواه أحمد والنسائي ..

وعن جابر قال :
سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول :
إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل !
رواه أحمد وأبو داود ..

وعن موسى بن عبد الله عن أبي حميد أو حميدة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لا تعلم !
رواه أحمد ..

وعن محمد بن مسلمة قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :
إذا ألقى الله عز وجل في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها !
رواه أحمد وابن ماجه ..

ــ فتح الباري ج: 9 ص: 182
( ونقل الطحاوي عن قوم أنه لا يجوز النظر إلى المخطوبة قبل العقد بحال لأنها حينئذ أجنبية « ورد عليهم بالأحاديث المذكورة » ).

ليس من نيتي توبيخ جامع الملف على قوله هذا المخالف للفقه الإسلامي عموماً .. فليمشِ مغمض العينيين أو ليتلف عينيه أساساً كما تلف عقله ويستريح ، فلا شأن لنا به .. ولكن أن يغشَ المسلمين بهذا الشكل فهذا تلاعب بالقانون الإسلامي وسمعته ولعب بعواطف المسلمين وحشمتهم في سبيل دفعهم لما هو غير موجود في الشرع الشريف .

وعلى كلٍ هناك نصوص من السيرة النبوية وغيرها تدل على نظر المسلمين إلى هؤلاء العراة بما دون السوءة بروايات أرسلت إرسال المسلمات كروايات الحمامات ودخولها .

وهناك رواية حيرت فقهاء أهل السنة فأخذوا يؤولونها ويجدون لها حلاً لعدم تعقلها وهي تنص على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم مكّن زوجه عائشة من النظر إلى العراة من الراقصين الأحباش .. وقد رأيت إيراد هذه الرواية وما قيل فيها فهي أبلغ في تطويل أذن جامع الملف .

فتح الباري ، شرح صحيح البخاري ، لابن حجر العسقلاني : المجلد التاسع ، كِتَاب النِّكَاحِ ، باب نَظَرِ الْمَرْأَةِ إِلَى الْحَبَشِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ .

الحديث:
(حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ عَنْ عِيسَى عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ

الشرح:
قوله (باب نظر المرأة إلى الحبشة ونحوهم من غير ريبة) وظاهر الترجمة أن المصنف كان يذهب إلى جواز نظر المرأة إلى الأجنبي بخلاف عكسه ، وهي مسألة شهيرة ، واختلف الترجيح فيها عند الشافعية ، وحديث الباب يساعد من أجاز ، وقد تقدم في أبواب العيد جواب النووي عن ذلك بأن عائشة كانت صغيرة دون البلوغ أو كان قبل الحجاب، وقواه بقوله في هذه الرواية " فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن " لكن تقدم ما يعكر عليه وأن في بعض طرقه أن ذلك بعد قدوم وفد الحبشة وأن قدومهم كان سنة سبع ولعائشة يومئذ ست عشرة سنة ، فكانت بالغة ، وكان ذلك بعد الحجاب ).

والتعليق على الحديث بالتفكير في الأمور التالية :
1- من كلمة ( من غير ريبة ) يدل على خلاعة الأحباش وقلة سترهم.
2- ( يلعبون في مسجد رسول الله ) وهذا له دلالته في التسامح بالأمر سواء بسترهم أو بلعبهم.
3- يستر زوجه عائشة وعمرها ستة عشر سنة لتنظر إليهم وهم بتلك الحال كما فهمه.
4- إذا كان القياس جائز فما المانع من قياس نظر المرأة إلى الرجل المتعري على العكس ! وإذا كان الاستحسان يستكشف ذات الحكم في القضية فالملاك فيهما واحد فتكون النتيجة أن لا فرق بين نظر المرأة إلى المتعري بدون شهوة وبين نظر الرجل إلى المتعرية بدون شهوة خصوصا إذا أضفنا قيد عدم الانتهاء حين النهي فهو يخرج المسألة موضوعاً عن حكم النظر للمؤمن – هذا كلام موجه للفقيه وليس لغيره - .

والبقية بدون تعليق....

وهناك نصوص بالعشرات اكتفينا بهذا لأنه يمثلها جميعاً.
وهذه المسألة كثيرة الابتلاء قديماً وحديثاً حتى في المجتمع الإسلامي الخالص ، فمسألة دخول الحمامات وما فيها من كشف للعورات وعدم اعتناءٍ اغضب الكثير من الفقهاء وقالوا بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحمام لمن يكشف سوءته أو ينظر إلى عورات الآخرين بدون حائل بشرط عدم الضرر الراجع إلى الآمر ..

وقد بالغوا في التغليظ على التعري في الحمامات ودخولها من الأساس ، واعتمدوا على أحاديث يشهدون أنها ضعيفة أو لا تصلح متناً للاستدلال بل قال في كشف الخفاء للعجلوني في الخاتمة في باب الأحاديث الموضوعة : وباب النهي عن دخول الحمام لم يصح فيه شيء .

ولم يرد عندهم شيء في منع هذه الأماكن بل أفردوا له أبواب من قبيل جواز دخول الحمامات كما لم يرد أي إجراء رادع ضد التعري في الحمامات عدا الوعظ والتغليظ مما يدل على أن المسألة غير ثابتة عندهم بوضوح فقهي تام .. وقد حاولت أن أجد عقوبة من يدخل الحمام بلا مئزر ( متعرياً ) من المسلمين فلم أجد إلا انه لا تقبل شهادته في القضاء كما ورد في كتاب اللباب في شرح الكتاب للشيخ عبد الغني الغنيمي الدمشقي الميداني كتاب الأيمان ، كتاب الشهادات : ( ولا تقبل شهادة مخنث ، ولا نائحة ، ولا مغنيةٍ ، ولا مدمن الشرب على اللّهو ، ولا من يلعب بالطيور ولا من يغني للناس ، ولا من يأتي باباً من الكبائر التي يتعلق بها الحد ، « ولا من يدخل الحمام بغير إزار » ، أو يأكل الربا ، ولا المقامر بالنرد والشطرنج ، ولا من يفعل الأفعال المستخفة كالبول على الطريق ، والأكل على الطريق ).

وهذا الكلام كله في مسلمين مؤمنين ليسوا من أصحاب التعري ولا من لابسي المايوهات على البلاجات ولا ممن لا يؤمن بدين أو بشريعة إسلامية الخ ..

فهذا لا يلتفت إليه الفقيه باعتباره خارج عن اهتمام الفقيه في حينه ، وهو أن يفكر في حل مشكلة العراة في بلاد الكفار !! ولكن في هذا الزمن فقد زحف إلينا التعري من قبل ممولي حركة التكفير والتفسيق في الغرب ؛ حيث ابتلي العالم الإسلامي بما لم يفكر به فقيه في السابق ، و أصبحت القضية مشكلة معاشة فعلا في الحواضر الإسلامية .

والمشكلة الأكبر تشويش الصورة الفقهية أكثر مما هي مشوشة بما يقوم به هؤلاء المرتزقة الموكلين بتشويش عقول الناس بالكذب عليهم وتدليس المفاهيم والمعاني بمداخلتها بما لا يجوز مداخلته.

وهنا نقول له وبكل صراحة بأن هذه الحوزات العلمية التي تشتمها لهي فخر للمسلمين حيث الحفاظ على الثوابت الإسلامية والابتعاد عن أي تأثير أجنبي مهما بلغ من القوة ، والتمسك بفقه الإسلام وعدم تضييع قواعده الدقيقة.

ولكن ليقل لنا الأخ المفكر ماذا أنتجت لنا مدارسهم المسماة بمدارس تحفيظ القرآن وغيرها من مواقع التدريب الإرهابي في البنجاب وغيرها التي تديرها المخابرات العالمية ؟؟!

هل أنتجت غير الجهل والطائفية البغيضة المفرقة لوحدة المسلمين؟!.
هل أنتجت غير أشخاص مدربين على القتل والحقد ؟؟!.
مع حظ من العلم لا يجاوز مقدار معلومات ابتدائية قاصرة وخاطئة مائة في المائة وهي معلومات إسلامية يستخدمونها ضد الإسلام ، وبيانات تأكل البيانات الإسلامية وتدمر عقل المسلم .. وقد أعطيت بطريقة أكل السندويتش فيكفي عندهم تدريب سنتين ليخرج طالب علم قادر على السب والشتم والبذاءة الإسلامية الحديثة مع الامتلاء بالأمراض النفسية والعقلية المدمرة للحضارة الإسلامية.

ومن يقول أن هذا غير صحيح فليجرأ وليفتح على نفسه هذا الباب لنأتيه بالعجب العجاب والبيانات الدقيقة في شرح هذا الحال وتفصيله بدقة ابتداء من التدريس الأولي إلى التدريس العالي وكيف يتعلم الطالب فكرة « الغاية تبرر الواسطة » ؛ وبما إن غايتهم الإسلام كما يدعون فلا محرم في نصرته ! وكل الممنوعات والمحرمات الإسلامية جائزة ! في أذى من يعتقدون بأنهم كفار من المسلمين !!وتخدير العقول عن الكفار الحقيقيين إلا إذا كان لسبب التأليب على الإسلام وتشويه صورته النقية .

فليتفضل صاحبنا ليقل لنا لنبحث في هذا الموضوع حتى يعرف مدى صحة شتمه للحوزات العلمية.. ومن هو ؟!
وأين هو من الإسلام ؟!
وما علاقته بالمسلمين ؟!
وما علاقة معلوماته بالإسلام سنة وشيعة ؟!.

وإلى أن ألتقي بكم في الحلقة القادمة تقبلوا تحياتي ..

أخوكم / المنار ..




الحلقة الخامسة ..

الفتوى الرابعة : يقول صاحبنا :

(( الخوئي يبيح لعب الرجل بعورة الرجل والمرأة بعورة المرأة من باب المزاح !
سؤال 784 : هل يجوز لمس العورة من وراء الثياب من الرجل لعورة رجل آخر ، ومن المرأة لعورة أخرى ، لمجرد اللعب والمزاح ، مع فرض عدم إثارة الشهوة !
الخوئي : لا يحرم في الفرض ، والله العالم .
صراط النجاة في أجوبة الاستفتاءات ج3 ( مسائل في الستر والنظر والعلاقات )

نصيحة أخوية صغيرة : أحذر من مجالسة مقلّد للخوئي يكثر المزاح ! والله المستعان )) انتهى كلامه.

تبتني هذه المسألة على أمرين :
1 - عدم جواز لمس الرجل لعورة الرجل وكذا المرأة بغير حائل وجوازها بحائل بغير شهوة ، وهذا متفق عليه فقهياً .

ولا يعرف سبب النقد الذي وجهه صاحب الملف هل هو للإسلام عموماً أم لكونه جاهل لا يعرف ما هي الأحكام ، وهذا مرجح لأن كل ما وجدناه في هذا الملف هو من هذا القبيل .

2 - والأمر الثاني هو تعريف العورة فإن صاحبنا تبادر إلى ذهنه معنى « السوءة » لأنها حاضرة في ذهنه مسبقاً بحسب طبيعة تفكيره ..

والواقع أن السيد الخوئي عنده أن العورة من السرة إلى الركبة ؛ وهذا ما ولد هذا السؤال لأن من غير المعتاد أن يمزح الإنسان المسلم باللعب والمزاح بالسوءة ؛ بل هو الضرب على الفخذ أو الركبة .. وهذا كثير الابتلاء به بين المسلمين عموماً لمن يقول بأن العورة من السرة إلى الركبة .

والنصوص الفقهية في هذا الباب من الكثرة إلى حد عدم إمكان الإتيان بها جميعاً .. ولكن لا بأس بالإتيان بعينات مما يدل على المطلوب لمن لم يطلع نهائياً على الفقه كصاحبنا واضع الملف !! لأن المعنى المطروح مسلّم بين جميع الفقهاء المسلمين ، ولو التفت إلى تعميمات الفقهاء لوجدهم يتغافلون كثيراً عن موضوع الشهوة والريبة وما إليها من تعابير .. فيقولون إن بمجرد الحائل يجوز .

ولكن فرض السؤال الذي أجاب عليه السيد الخوئي هو مع عدم الشهوة فليلتفت إلى ذلك .

smile.gif
تحفة الأحوذي للمباركفوري : 42 ـ كتاب الاستئذان والاَداب عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم . باب مَا جَاءَ في كَرَاهِيَةِ مبَاشَرَةِ الرّجُلِ الرّجُلَ وَالمَرْأَةِ المَرْأَة :

2869 ـ حدثنا عَبْدُ الله بنُ أَبي زِيَادٍ، أخبرنا زَيْدُ بنُ حُبَابٍ، أخبرني الضّحّاكُ بن عُثْمَانَ، أخبرني زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ عن عَبْد الرّحْمَن بنِ أَبي سَعِيدٍ الخدري عن أَبِيهِ، قالَ : قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : "لاَ يَنْظُرُ الرّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرّجُلِ ، وَلاَ تَنْظُرُ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ المَرْأَةِ ، وَلاَ يُفْضِي الرّجُلُ إِلَى الرّجُلِ في الثَوْبِ الْوَاحِدِ ، وَلاَ تُفْضِي الْمرْأَةُ إِلَى المَرْأَةِ في الثّوْبِ الْوَاحِدِ ".
قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيحٌ.
(وفي الحديث تحريم ملاقاة بشرتي الرجلين « بغير حائل » إلا عند ضرورة ، ويستثنى المصافحة ) .

smile.gif
smile.gif
عون المعبود شرح سنن أبي داوود للآبادي : 27 - كتاب الحمام. 1493 - باب في التعري . الحديث رقم : 4015
( قال في المصباح : أفضى الرجل بيده إلى الأرض مسها ببطن راحته ، وأفضى إلى امرأته باشرها وجامعها ، وأفضيت إلى الشيء وصلت إليه ، وفيه النهي عن اضطجاع الرجل مع الرجل في ثوب واحد ، وكذلك المرأة مع المرأة سواء كان بينهما حائل أو لم يكن بينهما حائل بأن يكونا متجردين .
قال الطيبي: لا يجوز أن يضطجع رجلان في ثوب واحد متجردين وكذا المرأتان ومن فعل يعزر انتهى.
قال النووي: فهو نهى تحريم إذا لم يكن بينهما حائل، وفيه دليل على تحريم لمس عورة غيره بأي موضع من بدنه كان وهذا متفق عليه، وهذا مما تعم به البلوى ويتساهل فيه كثير من الناس باجتماع الناس في الحمام ، فيجب على الحاضر فيه أن يصون بصره ويده وغيرها عن عورة غيره ، وأن يصون عورته عن بصر غيره ويد غيره من قيم وغيره ، ويجب عليه إذا رأى من يخل بشيء من هذا أن ينكر عليه.)

الكلام صريح جدا بأن شرط الحرمة إزالة الحائل وأما مع الثياب والحائل فلا حرمة .. بل أن العورة لا تكون عورة مع الحائل أنظر :

smile.gif
smile.gif
smile.gif
المبسوط للسرخسي : المجلد الخامس (الجزء 10). كتاب الاستحسان :
( ولأن بسبب الستر ينعدم معنى العورة )

معنى العورة عند السيد الخوئي :
كما قلنا فإن الفقه الجعفري فيه ثلاثة آراء في حد العورة :
الرأي الأول : هو ما بين السرة والركبة .
والرأي الثاني : هو السوءتين ورأي بتفصيل بين حكم العورة للتخلي وعورة حكم العورة للصلاة ، كما يسمى بالفقه السني عورة مخففة وعورة مغلظة .. وهذا التفصيل نفسه عند باقي المذاهب والأمر فيه نقاش طويل عريض لا داعي لذكره بطوله ولكن نختار مقتطفات مما وافق رأي السيد الخوئي من أنه ما بين السرة والركبة احتياطاً ومما وافق غيره من فقهاء الشيعة .. بشكل نماذج من النقول والفتاوى.

قال السيد الخوئي : ( وفي حكم العورة ما بين السرة والركبة على الأحوط ) وهنا الاحتياط وجوبي . بمعنى عدم إحراز المعذورية بالترك . وهذا في أحكام التخلي وذكره فيها ...
منهاج الصالحين ج1 صفحة 21 ..

قال هذا بعد أن نقل المشهور من معنى العورة في مبحث التخلي وهو مقام يختلف فيه الحكم عن غيره كستر العورة في الصلاة لأن في التخلي يجب ستر العورة المغلظة كما يذهب إليه أغلب الفقهاء هو ( يجب حال التخلي بل في سائر الأحوال ستر بشرة العورة - وهي القبل والدبر والبيضتان - عن كل ناظر مميز عدا الزوج والزوجة .. ) ؛ وهذا الموجود في الفقه الشيعي هو كما يذهب إليه الفقه السني كما: ( وستر العورة في الصلاة وغير الصلاة واجب – « وفيه عند الخلوة خلاف » - قاله الجزري في النهاية ) .. والخلاف هو في حدها وليس في سترها أو عدم سترها لعدم القائل بعدم وجوب ستر العورة عند التخلي في الفقه السني .

== الرأي بأن العورة هي السوءة :

الدر المنثور للسيوطي : (وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله {خذوا زينتكم عند كل مسجد} قال: كان رجال يطوفون بالبيت عراة فأمرهم الله بالزينة ، والزينة اللباس ، وهو ما يواري السوءة وما سوى ذلك من جيد البز والمتاع.)
صحيح مسلم ؛ الجزء الأول . 3 – (كتاب الحيض). (18) باب جواز الاغتسال عرياناً في الخلوة. وجدت الكلمات في الحديث رقم: 75 - (339)
(السوءة هي العورة ، سميت بذلك لأنه يسوء صاحبها كشفها.)
فمما يقطع به المرء أن ما فوق الركبة أو الفخذ ليس مما يسوء صاحبه كشفه كما وردت أحاديث بكشف رسول الله فخذه .. وأعتمدها من يقول بأن العورة هي السوءتين من فقهاء السنة .

المبسوط للسرخسي المجلد الخامس (الجزء 10). كتاب الاستحسان.
وكان أبو بكر محمد بن الفضل - رحمه الله تعالى - يقول إلى موضع نبات الشعر ليس من العورة أيضاً لتعامل العمال في الإبداء عن ذلك الموضع عند الاتزار .

== الرأي بأن العورة هي ما بين الركبة والسرة :

المبسوط للسرخسي المجلد الخامس (الجزء 10) كتاب الاستحسان.
(لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - رضي الله عنهم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته) ..
وفي رواية : (ما دون سرته حتى يجاوز ركبته) وبهذا تبين أن السرة ليست من العورة بخلاف ما يقوله أبو عصمظ سعد بن معاذ أنه أحد حدي العورة فيكون من العورة كالركبة بل هو أولى لأنه في معنى الاشتهاء فوق الركبة)
(فأما نظر المرأة إلى الرجل فهو كنظر الرجل إلى الرجل لما بينا أن السرة وما فوقها وما تحت الركبة ليس بعورة من الرجل وما لا يكون عورة فالنظر إليه مباح للرجال والنساء كالثياب وغيرها )

== الرأي بالتفصيل بين العورة الخفيفة والعورة الغليظة :

المبسوط للسرخسي المجلد الخامس (الجزء 10). كتاب الاستحسان.
(فأما الآية فالمراد بالسوأة العورة الغليظة وبه نقول أن العورة الغليظة هي السوأة ولكن حكم العورة ثبت فيما حول السوأتين باعتبار القرب من موضع العورة فيكون حكم العورة فيه أخف فأما الركبة فهي من العورة عندنا)
الفقه على المذاهب الأربعة لعبد الرحمن الجزيري : الجزء الأول. كتاب الصلاة. [مباحث عامة]. مبحث ستر العورة في الصلاة.
(المالكية قالوا: إن العورة في الرجل والمرأة بالنسبة للصلاة تنقسم إلى قسمين: مغلظة؛ ومخففة، ولكل منهما حكم، فالمغلظة للرجل السوءتان، وهما القبل والخصيتان، وحلقة الدبر لا غير والمخففة له ما زاد على السوءتين مما بين السرة والركبة، وما حاذى ذلك من الخلف، والمغلظة للحرة جميع بدنها ما عدا الأطراف والصدر، وما حاذاه من الظهر، والمخففة لها هي الصدر، وما حاذاه من الظهر والذراعين والعنق والرأس، ومن الركبة إلى آخر القدم، أما الوجه والكفان ظهراً وبطناً فهما ليستا من العورة مطلقا) ....
وقد حكموا بأن انكشاف العورة المخففة في الصلاة لا توجب الإعادة إذا فات وقتها وإذا كان في الوقت عليه الإعادة .. بينما إذا انكشفت العورة المغلظة بطلت الصلاة ويجب الإعادة سواء في الوقت أو خارجه .

ــ مفهوم الشهوة عند الفقهاء :

لم أجد تحديداً لمفهوم الشهوة عندهم ويبدو أنهم أخذوا بالقدر المتيقن من مظاهر الشهوة ولم يعتنوا بمجرد الإرادة والطلب لها فقد نقل الجزيري ( وكان اللامس شهوياً - « فقصد اللذة ولكنه لم يجدها » - فإن وضوءه لا ينتقض بمجرد قصد اللذة ...) بينما نقل عن الحنفية ما يلي: الفقه على المذاهب الأربعة : الجزء الأول . كتاب الطهارة . مباحث الوضوء . مبحث نواقض الوضوء . (القسم الثاني من النواقض بغير الخارج: لمس من يشتهي ، سواء أكان امرأة ، أم غلاماً ).

وتكلم عن ذلك عند الأحناف ( وبقيت صورة أخرى ، وهي أن يتلاصق رجل مع آخر وهما عاريان ، كما قد يقع في الحمام حال الزحام ، وحكم هذه الحالة هو أن لا ينتقض وضوءهما - « إلا إذا كان اللامس منتصباً» ) فالانتصاب هو تمام الدليل على الشهوة عندهم .

فهل عند صاحبنا اعتراض على الفقه السني ؟!...

وهذه الأحكام والتعاريف متفق عليها ، ولا يوجد بين المسلمين اختلاف .. فعلى أي أساس وجه نقده وسبه وشتمه ؟؟!
والاستهزاء بالتحذير من مقلدي الخوئي فما سيقول لمقلدي الفقه السني الذي يعتبر الحائل مغيّر لمعنى العورة ولم يذكر قيد بعدم الشهوة ؟؟!

إذن عليه أن يحذر الناس من كل مسلم وهذا دليل صهيونية صاحب مثل هذا الاتجاه.

في انتظار إجابته ..

وإلى أن ألتقي بكم في الحلقة القادمة تقبلوا تحياتي ..

أخوكم / المنار ..




الحلقة السادسة

الأخوة الأعزاء الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وصلنا إلى :

الفتوى الخامسة:
يقول صاحبنا:
· محمد الحكيم يجوّز إعطاء فيلم يحتوي على صور نساء محجبات في حالة تكشف لرجل غريب أجنبي عن النساء لتحميض الفلم ولكن لا يجوز النظر بشهوة !

حواريات فقهية لمحمد سعيد الحكيم - الطبعة الأولى ص324


لم يذكر صاحب الملف نص الفتوى . وهذا يقلل من قيمة المطروح لأن صاحبنا حين ينقل النص يخون خيانة متميزة فكيف بنقله المعاني والتصرف الواضح. وعلى العموم النص الذي ذكره مشوش وغير معتمد علميا. ومع ذلك وجدت أن ما نقله لا يمثل أي مخالفة فقهية. ولهذا سأبيّن مقدار جهله بالفقه.

هذا الحكم يبتني على جملة أمور:
1- إن العورة هي للإنسان بما هو إنسان وأن الصورة لا عورة لها أي العورة هي بشرة العضو المسمى عورة بصورة طبيعية. فتكون الصورة بما هي صورة غير مشمولة بأحكام وجوب غض النظر ووجوب الستر. ولكن استشكل الفقهاء في المرأة المعروفة لمن ينظر إلى صورتها. وذلك بسبب الفتنة وغيرها من الأسباب
2- المسألة في فرض السؤال هو لنساء محجبات ويفهم منه أن المرأة محجبة في الصورة وهذا خارج عن إشكال الفتنة . ولا يتوجه إليه أي إشكال.
3- في حالة بعث فلم فيه نساء لم يتحجبن في الصورة إلى مصور فإذا كان المصور لا يعرف المرأة ، فلا إشكال من أمن الفتنة خصوصا وان المصور يقوم بعمل مهني محض. وإذا كان يعرفها ويخشى من الفتنة فقد أفتى الكثير من الفقهاء بالاحتياط في هذه المسألة. وإن كانوا يعلمون بان لا أثر شرعي على ذلك ما لم تتحقق أفعال تدفع بها الفتنة إلى فعل مخالف للشرع الشريف. لأن الفتنة ما هي إلا خيال والخيال لا حكم للشرع فيه. نعم هناك احتياطات لما قبل الوقوع في الخطأ. فهل عند صاحبنا اعتراض على هذا.

وهنا يجب التنويه بأن الفقه السني يرى عدم نشر الحرمة بالنظر إلى باطن فرج المرأة المحرمة إذا كان بواسطة المرآة أو انعكاس الماء ولو بشهوة. فلينظر صاحبنا الغيور جدا جدا وليتعلم الفقه الإسلامي. فهذا ما ورد في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة. عبد الرحمن الجزيري: الجزء الرابع. كتاب النكاح. (ويشترط في النظر أمور: ...... الثالث: أن يرى نفس الفرج لا صورته المنطبعة في مرآة أو ماء، فلو كانت متكئة و رأى صورة فرجها الداخل في المرآة بشهوة فإنها لا تحرم، و كذا لو كانت كذلك على شاطئ ماء، أما إذا كانت موجودة في ماء صاف فرآه و هي في نفس الماء فإن الرؤيا على هذا تحرم لأنه رآه بنفسه لا بصورته.) . فماذا سيقول إذا في الصور العارية؟، وهل يجوّز الفقه السني النظر إلى الصور والأفلام الجنسية بناءا على هذا. نحن لا نريد أن نشهّر ولكن هذا هو الفقه ولا شك في ذلك. إن صاحبنا ينتقد السيد محمد سعيد الحكيم لقوله بجواز تسليم فلم تصوير لنساء محجبات إلى مصور لا يعرفهن بدون شهوة !!! .. فماذا سيفعل مع الفقه السني الذي لا يمانع من النظر إلى فرج امرأة يعرفها بواسطة المرآة أمامه وبشهوة !!! تهانينا على ما وصل إليه صاحبنا الغيور جدا جدا . ولو أردت أن افصّل له أسرار الفقه السني لشيبت رأسه في طفولته. ولكن لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وسيعلم اللذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين. مع العلم أنني لا زلت مقتنعا بان كل هذه الشتائم على الشيعة إنما هي سب للإسلام سنيّه وشيعيّه . وأنه اعتداء على التسنن قبل التشيع وانه عمل دائب لنشر الرذيلة بين المسلمين باسم التعصب الطائفي المذهبي وهذا يعني بان القائمين على ذلك إنما هم رجال المخابرات العدوة للإسلام. وعلى المسلمين سنة وشيعة أن يلتفتوا لذلك ويحاربوا هذه الخزعبلات والاتهامات الفارغة المخربة لصفو ود المسلمين. وان يحاسبوهم على كل كلمة يقولونها. لأن لا خلاص لنا جميعا ما لم نخلص من هذه الهجمة المفرقة لقوة المسلمين التي تدعو ليل نهار لتفريقهم وتشكك بأي فائدة لجماعتهم وتشكك بأي دعوة للتوحيد وتحاربها بكل قوة . فعلينا جميعا تعرية هؤلاء وبيان أهدافهم وأساليبهم القذرة لضرب الإسلام من الداخل وتدمير التسنن والتشيع على حد سواء.

أريد أن انبه الأخوة بان موضوع صور النساء والنظر إليهن ليس هو حالة جديدة وغير موجودة في زمن النص بل أن صور النساء موجودة قبل الرسالة المحمدية بآلاف السنوات فالرسوم الجدارية وغيرها والتماثيل عارية وكاسية كلها موجودة في بابل ومصر وبلاد اليونان والرومان وبلاد فارس والصين والهند وغيرها من الحضارات القديمة . وحتى في الزمن المتاخم لبزوغ الرسالة المحمدية صلوات الله على من نزلت على قلبه. وهناك مدارس خاصة في الشام وروما لتصوير الإنسان بدقة عالية وكأنها صورة فوتوغرافية ففي زمن الأمويين هذه قصور الأمويين في الشام والفرات والأردن كلها تحتوي على حمامات فيها صور نساء عاريات وأوضاع مجامعة غاية في الدقة كما وصفها علماء الآثار وقد نُقل بعضها إلى أوربا وهي معروضة هناك كحمام الحلابات في الأردن الذي يقال انه اختفى قبل عشرين سنة وحمام قصر عمرة الذي يقال بأنه موجود فعلا الآن في الأردن وفيه صور نساء عاريات. وهذا كما ترون في زمن دولة إسلامية قريبة العهد من زمن الرسول. ولم تكن تلك الرسوم ناشئة عن فراغ و إنما هي نتيجة إفراز مدرسة فنية رعتها الدولة الأموية . وهذا يدل على شيئين الأول هو شهوانية ونزق رعاة تلك الدولة التي قادت الفكر المعادي لأهل البيت. الدولة التي هي قبلة واضع النقد للفتاوى التي طرحت وناقشناها . والأمر الثاني هو عدم وجود الدليل عند الفقهاء في حينه على أن عورة الصورة هي عورة محترمة يجب غض النظر عنها فلذلك لم يشنع أحد على هذا الموضوع بينما تم التشنيع على أنواع الفجور والملاهي الباطلة والمستقبحة من بني أمية. ولو كان ملفق تلك الفتاوى ومزيفها بالباطل صادقا في إيمانه ويشعر بالغيرة الحقيقية لتناول سلوك ملوك بني أمية المشين في الفسق والفجور العلني كما فعل الوليد بن يزيد وخلفه يزيد بن الوليد بن عبد الملك. ونقد تلك الصور الموجودة فعلا في قصورهم المحفوظة من قبل الدولة في سوريا والأردن كتراث إسلامي رائع . صور الراقصات والعاريات وصور المجامعة الذي يدل عندهم على روعة الحضارة والتقدم الإنساني . فأين هذا المتشدق بالغيرة والذي يريد جعلها قانونا؟ عليه أن يطبق غيرته على أئمته من بني أمية والعباس وغيرهم .

مع دعاء أخيكم المنار

لجماعة الديسكو الإسلامي الحشوي الأموي بالهداية وحسن التفكير وستر الحال.




الأخوة الأعزاء الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الفتوى السادسة :

هنا نتعرض إلى ما طرحه ملفق هذا الملف من نقد لفتاوى لا غبار عليها فقهيا عند جميع المسلمين فقال صاحبنا:

الحكيم يجوّز تفكير الرجل في غير زوجته مما في ذلك التفكير بنساء الكفار بمعنى التخايل إذا صاحبه انتصاب لعضو الذكورة من دون إنزال للمني إذا لم ينته تفكير الرجل إلى محرم !
قلت: أعوذ بالله ، أي فقه وأي دين هذا؟ إنه دين فرويد الذي لا يعرف إلا الجنس

انتهى ما أورده

هكذا أورد الأمر من دون توثيق أساسا ومن دون أن ينقل النص وسنتعامل مع ما نقله رغم ثبوت عدم أمانته وثبوت خيانته في التلاعب بالنصوص.
نسب الفتوى إلى دين فرويد !! فادخل وحاول أن تكشف أين تجد فرويد هذا؟؟ أفي الإسلام أم خارجه؟.
هذا النقد يكشف جهل جامع هذا الملف بالفقه بشكل عجيب فهذا حكم مجمع عليه فقهيا إذ لا عبرة بالتخيل ولا تبعة عليه ما لم يصحبه فعل يحاسب عليه القانون الإسلامي. والخيال والحلم لا يتعلق به حكم مطلقا بل لا تعلق على الإرادة فكيف بالخيال والأحلام ؟؟
ليقرأ هذا الجاهل حتى يتعلم الفقه ومآخذه لينجو من نار جهنم : لأن من أفتى بغير علم أكبه الله على منخريه في نار جهنم ... فإذا لم يكن يعلم بهذه الحقيقة فليعلمها الآن ويراجع مظانها.
اقرأ ما يلي :
مغني المحتاج، الإصدار 1.03للخطيب الشربيني : كتاب الصيام. [الباب الأول]. فصل شرط الصوم الإمساك عن الجماع. ( وكذا خروج المني " يفطر به إذا كان " بلمس وقبلة ومضاجعة " بلا حائل لأنه إنزال بمباشرة << لا فكر >> وهو إعمال الخاطر في الشيء << ونظر بشهوة >> إذا أمنى بهما أو بضم امرأة بحائل بشهوة وإن تكررت الثلاثة بها إذ لا مباشرة << فأشبه الاحتلام>>)
ما رأيه بهذا؟؟

الفقه على المذاهب الأربعة – الجزيري- كتاب الطهارة. مباحث الوضوء. مبحث نواقض الوضوء. (هذا ولا ينتقض الوضوء بفكر. أو نظر من غير لمس ولو قصد اللذة أو وجدها أو حصل له إنعاظ فإن أمذى<< بسبب الفكر أو النظر>> <انتقض وضوءه بالمذي. وإن أمني وجب عليه الغسل بخروج المني>.)

فأين التبعة على التخيل؟؟ ومن أين أتيت بها أيها المتخيل والآخذ بأحكام الله بالخيال؟ غفر الله للجميع وهدى الجهلة إلى معرفة أحكامه.

نسأل الله أن يوحّد شمل المسلمين ويحسّن في عينهم نور الأخوة والمعرفة الحقيقة للقواسم المشتركة والسكوت عن أسباب الخصام والابتعاد عن اللجاجة فضلا عن الافتراء وسوء النية والعمل.
هل رأيت يا صاحبي أي فقه هذا الذي تنقد وتسب؟ أنه فقه الإسلام العام.وهل رأيت فقهك من فقه الإسلام سنة وشيعة؟ هل اكتشفت مقدار جهلك بالفقه الإسلامي؟ أين اتهامك للفتوى بأنها دين فرويد؟؟

أخوتي الكرام إن هذا التجميع للفتاوى يهدف إلى تأجيج الطائفية ويعتمد مبدأ جهل الناس بالفقه الإسلامي وتنمية معايير يعتقد بأنها إسلامية بينما هي معايير اجتماعية ليست تشريعا إسلاميا. وهذا من جهة الجهل أيضا، فلولا الجهل لما تحولت المعايير الاجتماعية وسوء الفهم إلى قوانين مقبولة عند المسلم. فعلينا جميعا أن نتفقه في الدين وأن نتعلم طريقة الفقيه ولو بصورة إجمالية في تحديد الحكم الشرعي وكيف يصدر قراره الشرعي المبرئ للذمة. ( أرجو قراءة المقدمة لأجوبة الفتاوى فإنها مفيدة في تحديد المشكلة وقراءة هذه الشواهد يزيد من قدرة فهم تلك المقدمة).

أرجو أن يفهم أخوتي الكرام أنه لا يوجد أحرص من الفقهاء الشيعة المؤمنين على تطبيق الشريعة وعلى تنمية الشرف والفضيلة ولكن حين يأتي السؤال في منطقة فراغ من النص الشرعي لا بد من تطبيق القواعد العامة التي أمضاها الشرع الشريف . وهناك الكثير من المسائل التي سكت عنها الشرع الشريف ، وليس كما يتصور البعض بأنها مسائل لم تكن موجودة في زمن النص فهذا خطأ ، لأن هناك أشياء كانت تمارس في زمن النص وفي زمن رسول الله بالذات ولكن لا يوجد فيها نص محدد وقد مرت علينا بعض القضايا التي لم نجد فيها نص خصوصا عند السنة وهي قضايا معاصرة للرسول كما أن هناك قضايا مستجدة غير موجودة في زمن النص أصلا . والقاعدة العامة هي كل شيء حلال ما لم يرد فيه نهي أو تحريم . ولكن هذه القاعدة لا يتمكن منها الإنسان العامي الخالي من حلية التعمق بالفقه لأن موارد الفراغ يجب أن تكون من النصوص والقواعد والأصول العملية كالاستصحاب. وعليه لا يمكن لمن لم يعرف فن تناول الحكم بتطبيق هذه القاعدة فورا ... ولكن لا يجوز لمن يرى تطبيقا للقاعدة بأصولها الشرعية أن يقال له بأنك متساهل في الشرع وما شابه ذلك فان الدليل هو الذي حكمه . فهو معذور مبرئ الذمة أمام المولى سبحانه وتعالى .

وهنا احب أن أشير إلى أمر مهم جدا في اغلب الحوار الطائفي البغيض الذي تفرضه علينا دوائر التفريق ودعاة التمزيق الإسلامي . وهذا الأمر ينبغي أن تفرز له عناوين ومواضيع كثير انبّه لها الأخوة الكرام وهي موضوع التكليف . فأرجو من الأخوة زيادة الأبحاث في هذا الموضوع المهم الذي يراد له التضييع والتمييع. حيث يرسمون للأتباع أشياء يبدو عليها وجوب الاتباع بينما هي خارج حدود التكليف ولا يعطى للمسلم موضوع التكليف وتوابعه من براءة للذمة وغيرها.

حينما يتحاور المسلم مع أخيه المسلم لا بد أن يضع نصب عينيه مسألة مهمة جدا وهي: ما هو تكليف المسلم في القضية المطروحة؟
ويكون الحوار على أساس تحديد التكليف الذي يريده الله منا وفق المنهج الإسلامي؟ وهذا الموضوع يشمل حتى مسألة الإمامة وغيرها بل حتى الأمور الإعتقادية الغيبية حيث يمكن توجيه السؤال التالي : ما هو تكليفنا في ما يجب البحث عنه وما لا يجب في مسألة المعاد وغيرها؟.
فالمسلم إذا سعى لتحديد تكليفه الشرعي سيرى بأن أخيه المسلم الذي يسعى لنفس الهدف معذور حتى لو خالفه في النتيجة التي توصل إليها. وسيراه أخا يجب الارتباط به ويجب إعانته على فهم تكليفه الشرعي أكثر فاكثر لأجل النجاة للجميع من الحساب يوم القيامة, ولكن ومع كل الأسف هذا الطرح لا يتصدى له إلا الشيعة وهم يواجهون ردودا تبكيتية تستخدم الكذب والتزوير الرذيلين لتشويش البحث والابتعاد عن مسألة التكليف والدوران في فلك شبهات ساخرة على مواد صحيحة وثوابت عقلية ونقلية مثبتة عند الجميع وعليها الإجماع الإسلامي ، بل إن بعض النقود توجه إلى فكرة مسلمة عالميا وعلمياً بنوع من السخرية والتهويل والتحريف. وهذا وإن دل على إفلاس العارض والمعروض ولكنه يدل بصورة أهم على سوء النية من قبل العارض وسوء الفهم وضعف المبادئ من قبل المتلقي الساكت. المشكلة إنني لاحظت سكوتا ينتمي إلى "اللا أدري" تجاه معروض كهذا بل هناك في كثير من الأحيان تصفيق واستحسان فيما لو أشكل أحدهم على من يعارضه إشكالا يبدوا محرجا حتى لو كان الإشكال ينطبق على نفس المصفق والعارض. وهذا بالفعل ما نراه في الحوار بين الشيعة والمتهودين الذين ينسفون كل الثوابت السنية في إشكالاتهم على الشيعة فنرى الجهل يحرك البعض (وليس الكل) من شباب أهل السنة بالتصفيق والرضى لما يلحق الشيعي من إحراج بينما المشكلة هي عينها بل متعينة على الفكر السني كما هي على الفكر الشيعي ، وخير دليل على ما أقول ما نناقشه من هذه الفتاوى التي تطابق الفتاوى السنية بل لم نجد في بعضها رأيا مخالفا لما ينتقده صاحب الملف. فالجهل في فهم الفقه السني (قبل جهل الفقه الشيعي) هو الذي يحرك هذه الحالة ، ومنشأ الحالة نفسها هو الخطأ المنهجي في البحث حيث لا يكلف الإنسان بتحديد تكليفه الشرعي في الفكر والسلوك و إنما يصار إلى التغذية المعلوماتية الجاهزة ويقال للمتلقي هذا ما يجب اعتقاده والتعصب له والتمسك به بنفس طريقة الكاثوليك من استخدام النصوص المبرمجة من قبل الكنيسة ولا تسمح الكنيسة الكاثوليكية بتفسير الكتاب المقدس من طرف الشخص أو أي جهة غير الكنيسة حتى لو كان تفسيرها بالقلوب.

فعلينا إذن الحث على مباحث التكليف ابتداء من حسن التكليف ومرورا بوسائل التحقق المنهجي من التكليف وانتهاء بالتكليف في الموارد المعينة.

أخوتي الكرام.

لقد حدث عندي أن حذف اصل ما طرحه الزميل بو حسن وليس لدّي الآن غير هذه الفتاوى و أتذكر بأن هناك فتوى تتعلق بالتلقيح الصناعي وغيرها . وقد حاولت الحصول عليها فقيل لي بأنها موجودة في الديوان اليمني ولكنني لم استطع العثور عليها هناك. فمن كان عنده نسخة عنها فأرجو منه أن يضع الجزء الثاني مما طرحه بو حسن لنرد عليها وإذا لم نجدها ففي ما ناقشناه الكفاية وهو نموذج للتعامل مع هذا الخبل الفكري والجهل والأمية الساقطة في تناول اقدس المقدسات الإسلامية وهو الشريعة الإسلامية الغراء بهذا الشكل من التحريف والتزوير والنقد بأسس غير إسلامية أصلا. وليس ببعيد أنها جاءت من مختبرات المخابرات الكافرة كالموساد وغيرها.

تقبلوا تحيات
المنار