الداهية في مروية النبي في المهدي : واسم ابيه اسم ابي ، الواهية

الهاد

New Member
6 فبراير 2011
44
0
0
حديث النبي : أن المهدي من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي ، لا ريب في صدوره عن النبي ، لاحتفافه بقرائن القبول بين أهل القبلة كما لا يخفى ، لكن زيادة : واسم أبيه اسم أبي مُعلّة (=معلولة) ، بل مختلقة ، نحتمل أنّها محرّفة عن شيء ، أو ممّا ادرجت زوراً في أصل الحديث لاحقاً ..
يشهد لذلك أنّ أصل الحديث في المصادر القديمة -من دون الزيادة المزعومة- مروي عن خمسة أو ستة من الصحابة هم : أمير المؤمنين عليه السلام ، وابن مسعود ، وابو هريرة ، وابو سعيد الخدري ، وقرة ابن اياس ، وام سلمة . وهو حسن صحيح مستفيض ، بل مقطوع الصدور عن النبي مع القرائن ، سالم من أي شذوذ أو علة ..
أما الحديث مع زيادة وام ابيه اسم ابي ، فهي مروية في المصادر القديمة من طريق واحد راويه ضعيف هو عاصم ابن ابي النجود الكوفي ، وهو ضعيف الحفظ ليس ليس بحجة في الحديث ، وإليكم البيان بإيجاز في مطلبين :



المطلب الأول :
حديث النبي من دون زيادة : واسم ابيه اسم أبي .
فهذا الحديث – من دون الزيادة المزعومة- أوّل المصادر السنية القديمة التي روته هي بحسب استقصاؤنا القاصر : مسند الإمام أحمد ، وسنن الإمام الترمذي وما قاربهما في القدم عن خمسة من الصحابة ؛ كالاتي :
ففي الإمام احمد بن حنبل - ج 1 - ص 377حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عيينة ثنا عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمى|. انتهى
وفي مسند احمد - الإمام احمد بن حنبل - ج 1 - ص 377 أيضاً :
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تذهب الدنيا أو قال لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي ويواطئ اسمه اسمى . انتهى
وفي مسند الإمام احمد بن حنبل ج 1 - ص 376 – 377 أيضا :
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عمر بن عبيد عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي اسمه يواطئ اسمى . انتهى
وفي سنن الترمذي - الترمذي - ج 3 - ص 343حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي ، أخبرنا أبى أخبرنا سفيان الثوري عن عصام بن بهدلة عن زر عن عبد الله قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمى ) . وفي الباب عن علي ، وأبي سعيد ، وأم سلمة ، وأبي هريرة ، هذا حديث صحيح .انتهى
وفي سنن الترمذي - الترمذي - ج 3 - ص 343حدثنا عبد الجبار بن العلاء العطار ، أخبرنا سفيان بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ) . قال عاصم : أخبرنا أبو صالح عن أبي هريرة ، قال لو لم يبق من الدنيا إلا يوما لطول الله ذلك اليوم حتى بلى . هذا حديث حسن صحيح .


تحصل من ذلك وممّا سيأتي عدة أشياء :
الأول : الحديث رواه –من دون زيادة واسم ابيه اسم ابي المزعومة- خمسة أو ستة من الصحابة هم : أ- عبد الله بن مسعود ؛ وفيه طريقان : أحدهما : عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود ، كما هو أعلاه عند أحمد والترمذي .
وثانيهما ما رواه عمرو بن مرة عن زر عن ابن مسعود ؛ ففي المعجم الكبير للطبراني ( ج 10 - ص 131) :حدثنا محمد بن السري بن مهران الناقد ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ثنا يوسف بن حوشب الشيباني ثنا أبو يزيد الأعور عن عمرو بن مرة عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي يوافق اسمه اسمي .انتهى .
2- أبو هريرة .وهو ما رواه الترمذي بسند حسن صحيح ، عن عاصم عن أبي صالح هن أبي هريرة ، كما هو أعلاه . والإمام الترمذي عرض للفظ الذي تفرد به ابو هريرة وليست فيه زيادة .3
- حديث قرة بن إياس المزني .ففي المعجم الأوسط للطبراني - ج 8 - ص 178 ما نصّه : حدثنا موسى بن زكريا ، نا محمد بن يحيى الأزدي ، نا داود بن المحبر، نا المحبر بن قحذم عن معاوية بن قرة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتملأن الأرض جورا وظلما فإذا ملئت جورا وظلما بعث الله رجلا اسمه اسمي يملاها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما .قال الطبراني : ورواه معمر ، عن أبي هارون العبدي ، عن معاوية بن قرة ، عن أبي سعيد . انتهى
4- أبو سعيدالخدري .قال الطبراني (في المعجم الأوسط للطبراني ج 8 - ص 178 ) عقيب حديث قرة أعلاه ما نصّه :ورواه معمر ، عن أبي هارون العبدي ، عن معاوية بن قرة ، عن أبي سعيد . انتهى . وهو نص في مثليته لحديث قرة أعلاه ، وهو الصحابي قرة بن إياس المزني .
5- أميرالمؤمنين علي عليه السلام .وهو ما جزم به الترمذي كما هو أعلاه ، من دون اشارة للزيادة ، ولو وجدت لأشار كما فعل في حديث أبي هريرة .
6-
أم سلمة رضوان الله عليها كما ذكر الترمذي .



النتيجة : الحديث –من دون الزيادة المزعومة- مروي عن خمسة من الصحابة ، أو ستة مع حديث أم سلمة الذي عرض له الترمذي ، ناهيك عن كونه مروي عن زر عن ابن مسعود من طريقين ، هما : عاصم عن زر ، والثاني : عمرو بن مرة عن زر ، وهي متابعة جيدة للقول بصحة حديث عاصم المتهم في حفظه في خصوص المورد .

حديث النبي مع زيادة : واسم أبيه أبي .

أول من رواه أو روي عنه - مع الزيادة المزعومة- هو ابن أبي شيبة (في مسنده الحديث 283) حيث جاء فيه : حدثنا الفضل بن دكين، عن فطر بن خليفة، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله رجلا من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي» .


وفيه : أنّ التمسك به فاسد لمجموع عدّة أمور :
الأول : الاضطراب سنداً ومتنا ، وهو علة قادحة هنا ؛ فأمّا سنداً فلأنّ ابن أبي شيبة نفسه رواه في المصنف باسقاط عاصم هكذا : حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، قال: حَدَّثَنَا فِطْرٌ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُاسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمَ أَبِي .
وأمّا متنا : فلما رواه ابن حبان في صحيحه قال أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون الرياني، قال: حدثنا علي بن المنذر، قال: حدثنا ابن فضيل، قال: حدثنا عثمان بن شبرمة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر ، عن عبد الله، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:يخرج رجل من أمتي يواطئ اسمه اسمي، وخلقه خلقي.انتهى .
ففيه : وخلقه خلقي بدل واسم أبيه اسم أبي . وهذا يؤكد الشك في الزيادة ، وبالتالي الاضطراب ؛ لقوة احتمال التحريف أو التصحيف ، وهناك أيضا ما يشهد للاضطراب من الروايات ، تغاضينا عنه طلبا للاختصار .


الثاني : ضعف عاصم في الحديث كما جزم جهابذة النقد عند أهل السنة كالذهبي وغيره ، فلا يحتج بما يروي من دون متابعة صالحة ؛ والمحقق أنّه لا يوجد في المصادر القديمة المعاصرة لأحمد بن حنبل والترمذي وابن أبي شيبة أي شاهد أو متابع للزيادة المزعومة ، بخلاف ما رواه هو من دون الزيادة على ما اتضح .

الثالث : الشذوذ والإنكار في رواية عاصم مع الزيادة ، فالمحفوظ عن عاصم هو مارواه أحمد والترمذي عن جمع من الصحابة من دون زيادة .


الرابع : استحالة الزيادة (الاستحالة العاديّة لا العقلية) ، وبيانه أنّ الترمذي روى الحديث بأكثر من طريق ، وقد ذكر أنّه عن جمع من الصحابة ، بل قد عرض لاختلاف لفظي حديثي أبي هريرة وابن مسعود ، ولم يشر - كما هي عادته في سننه- الى الزيادة ..وهذا أحمد بن حنبل ضم مسنده أربعين الف حديثاً ، وقد روى حديث عاصم عن زر عن ابن مسعود بأكثر من طريق ، من دون هذه الزيادة المزعومة ، فعلى أي شيء يدل هذا ؟!!!.


الخامس : لا عبرة في مقام ترجيح ما روي عن عاصم مع الزيادة المزعومة بالشواهد والمتابعات المتأخرة - لو وجدت ؛ وليس.ووجهه عدم إشارة أحد من القدماء إليها ولو اشارة بسيطة ، في حين أشار الترمذي إلى كل الشواهد والمتابعات لحديث عاصم من دون الزيادة ، وهذا لا يطّرد بل في خصوص ما يماثل المقام .


تأكيد مهم جداً :
أصل البحث أعلاه ناظر أساساً إلى أول من روى حديث عاصم من أئمة الحديث عند أهل السنة ، سواء مع الزيادة أم من دونها ؛ فلا يأتي آت فيحاول دفع الاضطراب في حديث عاصم مع الزيادة بالترجيح خلال المرويات المتأخرة زمانا عمّا رواه ابن أبي شيبة في خصوص ما نحن فيه ؛ لمجموع ما قلناه ، ولابأس بذلك في حديث عاصم من دون الزيادة ؛ لسلامته من أي اضطراب أولا ؛ ولكثرة شواهده ومتابعاته ثانياً ، ولجزم الترمذي وهو من القدماء بتلك الشواهد كما اتضح ، وان كنّا لا نحتاج الى كل ذلك .


وأخيرا وليس آخرا ؛ فالبحث في هذا يحتاج الى استقصاء أكبر وإحاطة أوسع ، لكن أظن أنّ ما سقناه يفي ببعض الغرض وهو اماطة الخمار عن أهم ما فيه ، وأنّ هذه الزيادة مشكوكة بحسب الصناعة بل مختلقة ، لا يمكن الركون إليها اعتباطاً كما يفعل الحشوية من خوارج هذه الأمة .
الهاد