السرخسي: كان حذيفة يستخدم التقية وجوزها جابر الأنصاري, واستخدمها مسروق مع معاوية.

24 يونيو 2010
9
0
0
اللهم صلِّ على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.

من المسائل التي شنّع بها الوهابية على المسلمين إستخدامهم التقية ,ولكنَّ نرى بعض الصحابة قد إستخدموها , ودونك الحادثة المشهورة لعمار ابن ياسر رضي الله عنه مع كفار قريش.

اليوم وقفت على نص في كتاب (
المبسوط للسرخسي - باب الإكراه- ط دار المعرفة -بيروت ج24 ص 46
) كلاماً حول التقية فاحببت نقله لكم.
يقول ما نصه { وَلَا يُبَاحُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقَتْلِ فِي حَالَةِ الْإِكْرَاهِ فِيهِ يَتَبَيَّنُ عِظَمُ حُرْمَةِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مُرَادُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّمَا التَّقِيَّةُ بِاللِّسَانِ لَيْسَ بِالْيَدِ يَعْنِي الْقَتْلَ، وَالتَّقِيَّةُ بِاللِّسَانِ هُوَ إجْرَاءُ كَلِمَةِ الْكُفْرِ مُكْرَهًا، وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: فِتْنَةُ السَّوْطِ أَشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ السَّيْفِ قَالُوا لَهُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ إنَّ الرَّجُلَ لَيُضْرَبُ بِالسَّوْطِ حَتَّى يَرْكَبَ الْخَشَبَ يَعْنِي الَّذِي يُرَادُ صَلْبُهُ يُضْرَبُ بِالسَّوْطِ حَتَّى يَصْعَدَ السُّلَّمَ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ مَا يُرَادُ بِهِ إذَا صَعِدَ، وَفِيهِ دَلِيلٌ أَنَّ الْإِكْرَاهَ كَمَا يَتَحَقَّقُ بِالتَّهْدِيدِ بِالْقَتْلِ يَتَحَقَّقُ بِالتَّهْدِيدِ بِالضَّرْبِ الَّذِي يَخَافُ مِنْهُ التَّلَفَ، وَالْمُرَادُ بِالْفِتْنَةِ الْعَذَابُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: 14] ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {: إنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ، وَالْمُؤْمِنَاتِ} [البروج: 10] أَيْ عَذَّبُوهُمْ، فَمَعْنَاهُ عَذَابُ السَّوْطِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ السَّيْفِ؛ لِأَنَّ الْأَلَمَ فِي الْقَتْلِ بِالسَّيْفِ يَكُونُ فِي سَاعَتِهِ، وَتَوَالِي الْأَلَمِ فِي الضَّرْبِ بِالسَّوْطِ إلَى أَنْ يَكُونَ آخِرَهُ الْمَوْتُ، وَقَدْ «
كَانَ حُذَيْفَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِمَّنْ يَسْتَعْمِلُ التَّقِيَّةَ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُ يُدَارِي رَجُلًا، فَقِيلَ لَهُ: إنَّك مُنَافِقٌ، فَقَالَ لَا، وَلَكِنِّي أَشْتَرِي دِينِي بَعْضَهُ بِبَعْضٍ مَخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ كُلُّهُ، وَقَدْ اُبْتُلِيَ بِبَعْضِ ذَلِكَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَخَذُوهُ، وَاسْتَحْلَفُوهُ عَلَى أَنْ لَا يَنْصُرَ رَسُولَ اللَّهِ فِي غَزْوَةٍ، فَلَمَّا تَخَلَّصَ مِنْهُمْ جَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْفِ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَحْنُ نَسْتَعِينُ بِاَللَّهِ عَلَيْهِمْ» ، وَذَكَرَ عَنْ مَسْرُوقٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: بَعَثَ مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِتَمَاثِيلَ مِنْ صُفْرٍ تُبَاعُ بِأَرْضِ الْهِنْدِ، فَمُرَّ بِهَا عَلَى مَسْرُوقٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: وَاَللَّهِ لَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُنِي لَغَرَّقْتُهَا، وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ يُعَذِّبَنِي، فَيَفْتِنَنِي، وَاَللَّهِ لَا أَدْرِي أَيَّ الرَّجُلَيْنِ مُعَاوِيَةُ رَجُلٌ قَدْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ، أَوْ رَجُلٌ قَدْ يَئِسَ مِنْ الْآخِرَةِ
،
thumbup1.gif
فَهُوَ يَتَمَتَّعُ فِي الدُّنْيَا، وَقِيلَ هَذِهِ تَمَاثِيلُ كَانَتْ أُصِيبَتْ فِي الْغَنِيمَةِ، فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِبَيْعِهَا بِأَرْضِ الْهِنْدِ لِيَتَّخِذَ بِهَا الْأَسْلِحَةَ، وَالْكُرَاعَ لِلْغُزَاةِ، فَيَكُونُ دَلِيلًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي جَوَازِ بَيْعِ الصَّنَمِ، وَالصَّلِيبِ مِمَّنْ يَعْبُدُهُ كَمَا هُوَ طَرِيقَةُ الْقِيَاسِ.
وَقَدْ اسْتَعْظَمَ ذَلِكَ مَسْرُوقٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا هُوَ طَرِيقُ الِاسْتِحْسَانِ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ
وَمَسْرُوقٌ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ، وَكَانَ يُزَاحِمُ الصَّحَابَةَ
0014.gif
- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي الْفَتْوَى، وَقَدْ رَجَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ النَّذْرِ بِذَبْحِ الْوَلَدِ، وَلَكِنْ مَعَ هَذَا قَوْلُ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَقَدْ كَانُوا فِي الْمُجْتَهَدَاتِ يُلْحِقُ بَعْضُهُمْ الْوَعِيدَ بِالْبَعْضِ كَمَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَقَحَّمَ جَرَاثِيمَ جَهَنَّمَ، فَلْيَقُلْ فِي الْحَدِيثِ يَعْنِي بِقَوْلِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُظَنُّ بِمَسْرُوقٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ قَالَ فِي مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا قَالَ عَنْ اعْتِقَادٍ، وَقَدْ كَانَ هُوَ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَكَانَ كَاتِبَ الْوَحْيِ، وَكَانَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ أَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمُلْكِ بَعْدَهُ، فَقَالَ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَوْمًا إذَا مَلَكْتَ أَمَرَ أُمَّتِي، فَأَحْسِنْ إلَيْهِمْ إلَّا أَنَّ نَوْبَتَهُ كَانَتْ بَعْدَ انْتِهَاءِ نَوْبَةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَمَضَى مُدَّةُ الْخِلَافَةِ، فَكَانَ هُوَ مُخْطِئًا فِي مُزَاحَمَةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَارِكًا لِمَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مِنْ الِانْقِيَادِ لَهُ؛ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا،
29c337b2f97d9c0936c069c126103554.gif
وَيُحْكَى أَنَّ أَبَا بَكْرِ مُحَمَّدَ بْنَ الْفَضْلِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَنَالُ مِنْهُ فِي الِابْتِدَاءِ، فَرَأَى فِي مَنَامِهِ كَأَنَّ شَعْرَةً تَدَلَّتْ مِنْ لِسَانِهِ إلَى مَوْضِعِ قَدَمِهِ، فَهُوَ يَطَؤُهَا، وَيَتَأَلَّمُ مِنْ ذَلِكَ، وَيَقْطُرُ الدَّمُ مِنْ لِسَانِهِ، فَسَأَلَ الْمُعَبِّرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إنَّك تَنَالُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِيَّاكَ، ثُمَّ إيَّاكَ.
وَقَدْ قِيلَ: فِي تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ تِلْكَ التَّمَاثِيلَ كَانَتْ صِغَارًا لَا تَبْدُو لِلنَّاظِرِ مِنْ بُعْدٍ، وَلَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِ مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّهُ وُجِدَ خَاتَمُ دَانْيَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ عَلَيْهِ نَقْشُ رَجُلٍ بَيْنَ أَسَدَيْنِ يَلْحَسَانِهِ، وَكَانَ عَلَى خَاتَمِ أَبِي هُرَيْرَةَ ذُبَابَتَانِ، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِ مَا صَغُرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ مَسْرُوقًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يُبَالِغُ فِي الِاحْتِيَاطِ، فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا بَيْعُهُ، ثُمَّ كَانَ تَغْرِيقُ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ عِنْدَهُ، وَقَدْ تَرَكَ ذَلِكَ مَخَافَةً عَلَى نَفْسِهِ،
وَفِيهِ تَبْيِينُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ التَّقِيَّةِ
، وَأَنَّهُ يُرَخَّصُ لَهُ فِي تَرْكِ بَعْضِ مَا هُوَ فَرْضٌ عِنْدَ خَوْفِ التَّلَفِ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَقْصُودُهُ مِنْ إيرَادِ الْحَدِيثِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ التَّعْذِيبَ بِالسَّوْطِ يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ يَقْتُلُنِي لَغَرَّقْتهَا، وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ يُعَذِّبَنِي، فَيَفْتِنَنِي، فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ فِتْنَةَ السَّوْطِ أَشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ السَّيْفِ.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: لَا جُنَاحَ عَلَيَّ فِي طَاعَةِ الظَّالِمِ إذَا أَكْرَهَنِي عَلَيْهَا،
وَإِنَّمَا أَرَادَ بَيَانَ جَوَازِ التَّقِيَّةِ فِي إجْرَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ إذَا أَكْرَهَهُ الْمُشْرِكُ عَلَيْهَا
، فَالظَّالِمُ هُوَ الْكَافِرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {: وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 254] ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ طَاعَةَ الظَّالِمِ فِي الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ الْإِثْمَ عَلَى الْمُكْرَهِ فِي الْقَتْلِ لَا يَنْدَفِعُ بِعُذْرِ الْإِكْرَاهِ بَلْ إذَا قَدِمَ عَلَى الْقَتْلِ كَانَ آثِمًا إثْمَ الْقَتْلِ عَلَى مَا بَيَّنَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. }إنتهى


نستلخص من هذا النص:
1- جواز التقية عن ابن عباس وحذيفة وجابر ابن عبدالله ومسروق.
2- إثبات أن معاوية ابن ابي سفيان كان يبيع الأصنام ,وقد إستعظم مسروق هذا الفعل منه فقال في حقه {
وَاَللَّهِ لَا أَدْرِي أَيَّ الرَّجُلَيْنِ مُعَاوِيَةُ رَجُلٌ قَدْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ، أَوْ رَجُلٌ قَدْ يَئِسَ مِنْ الْآخِرَةِ، فَهُوَ يَتَمَتَّعُ فِي الدُّنْيَا
} وهو طعن صريح في معاوية
thumbup1.gif


وقال السرخسي قبل هذه الصفحة التي نقلنا منها (
وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - التَّقِيَّةُ جَائِزَةٌ لِلْمُؤْمِنِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْعَلُ فِي الْقَتْلِ تَقِيَّةً، وَبِهِ نَأْخُذُ.
، وَالتَّقِيَّةُ أَنْ يَقِيَ نَفْسَهُ مِنْ الْعُقُوبَةِ بِمَا يُظْهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ يُضْمِرُ خِلَافَهُ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَأْبَى ذَلِكَ، وَيَقُولُ: إنَّهُ مِنْ النِّفَاقِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28] ، وَإِجْرَاءُ كَلِمَةِ الشِّرْكِ عَلَى اللِّسَانِ مُكْرَهًا مَعَ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ مِنْ بَابِ التَّقِيَّةِ
)

هل يستطيع وهابي سلفي الأن أن يتهم هؤلاء الصحابة والتابعين بالنفاق؟