خطبة امير المؤمنين في يوم الغدير فيها مضامين عالية بهية سنية

19 أبريل 2010
20
0
0

- مصباح المتهجد- الشيخ الطوسي ص 752 :
خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في يوم الغدير : أخبرنا جماعة عن أبي محمد هرون بن موسى التلعكبري قال : حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الخراساني الحاجب في شهر رمضان سنة سبع وثلثين وثلثمائة قال : حدثنا سعيد بن هرون أبو عمر المروزي وقد زاد على الثمانين سنة ، قال : حدثنا الفياض بن محمد بن عمر الطرسوسي بطوس سنة تسع وخمسين ومائتين وقد بلغ التسعين أنه شهد أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام في يوم الغدير وبحضرته جماعة من خاصته قد احتبسهم للافطار وقد قدم إلى منازلهم الطعام والبر والصلات والكسوة حتى الخواتيم والنعال وقد غير من أحوالهم وأحوال حاشيته وجددت له آلة غير الالة التي جري الرسم بابتذالها قبل يومه وهو يذكر فضل اليوم وقدمه فكان من قوله عليه السلام : حدثني الهادى أبي قال : حدثني جدي الصادق قال : حدثني الباقر قال : حدثني سيد العابدين قال : حدثني أبي الحسين قال : اتفق في بعض سني أمير المؤمنين عليه السلام الجمعة والغدير ، فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم . ، فحمد الله وأثني عليه حمدا لم يسمع بمثله وأثني عليه ثناء لم يتوجه إليه غيره فكان ما حفظ من ذلك : الحمد لله الذي جعل الحمد من غير حاجة منه إلى حامديه طريقا من طرق الاعتراف بلاهوتيته وصمدانيته وربانيته وفردانيته وسببا إلى المزيد من رحمته ومحجة للطالب من فضله وكمن في إبطان اللفظ حقيقة الاعتراف له بأنه المنعم على كل حمد باللفظ وإن عظم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نزعت عن إخلاص الطوي ونطق اللسان بها عبارة عن صدق خفي أنه

* ( هامش ) * 256 - أبو عمرو : ب ، أبو علي : هامش ب * * 257 - الطوسي : ب وهامش ج * * 258 - وقديمه : ب * * 259 - بما لم : ب ، ما لم : ج * * 260 - حامد : هامش ب [ * ] / صفحة 753 /

الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسني ليس كمثله شئ إذ كان الشئ من مشيته فكان لا يشبهه مكونه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله استخلصه في القدم على سائر الأمم على علم منه انفرد عن التشاكل والتماثل من أبناء الجنس وانتجبه أمرا وناهيا عنه أقامه في سائر عالمه في الأداء مقامه إذ كان لا تدركه الابصار ولا تحويه خواطر الافكار ولا تمثله غوامض الظنن في الاسرار ، لا إله إلا هو الملك الجبار ، قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته واختصه من تكرمته بما لم يلحقه فيه أحد من بريته فهو أهل ذلك بخاصته وخلته إذ لا يختص من يشوبه التغيير ولا يخالل من يلحقه التظنين ، وأمر بالصلوة عليه مزيدا في تكرمته وطريقا للداعي إلى إجابته فصلي الله عليه وكرم وشرف وعظم مزيدا لا يلحقه التنفيد ولا ينقطع على التأبيد وأن الله تعالى اختص لنفسه بعد نبيه صلى الله عليه وآله من بريته خاصة علاهم بتعليته وسما بهم إلى رتبته وجعلهم الدعاة بالحق إليه والأدلاء بالارشاد عليه لقرن قرن وزمن زمن أنشأهم في القدم قبل كل مذرو ومبرو أنوارا أنطقها بتحميده ، وألهمها شكره وتمجيده وجعلها الحجج على كل معترف له بملكة الربوبية وسلطان العبودية واستنطق بها الخرسات بأنواع اللغات بخوعا له فإنه فاطر الأرضين والسموات ، وأشهدهم خلقه وولاهم ما شاء من أمره ، جعلهم تراجم مشيته وألسن إرادته عبيدا لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، يعلم مابين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من

* ( هامش ) * عنيد : ب * * 263 - بأنه : ب * * 264 - فولاهم : ألف [ * ] / صفحة 754 /


خشيته مشفقون ، يحكمون بأحكامه ويستنون بسنته ويعتمدون حدوده ويؤدون فرضه ولم يدع الخلق في بهم صما ولا في عمياء بكما بل جعل لهم عقولا مازجت شواهدهم وتفرقت في هياكلهم وحققها في نفوسهم واستعبد لها حواسهم فقرر بها على أسماع ونواظر وأفكار وخواطر ألزمهم بها حجته وأراهم بها محجته وأنطقهم عما شهد بألسن ذربة بما قام فيها من قدرته وحكمته وبين عندهم بها ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم بصير شاهد خبير ، ثم إن الله تعالى جمع لكم معشر المؤمنين في هذا اليوم عيدين عظيمين كبيرين لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه ليكمل عندكم جميل صنيعته ويقفكم على طريق رشده ويقفو بكم آثار المستضيئين بنور هدايته ويشملكم منهاج قصده ويوفر عليكم هنئ رفده فجعل الجمعة مجمعا ندب إليه لتطهير ما كان قبله وغسل ما كان أوقعته مكاسب السوء من مثله إلى مثله وذكرى للمؤمنين وتبيان خشية المتقين ووهب من ثواب الأعمال فيه أضعاف ما وهب لأهل طاعته في الأيام قبله وجعله لا يتم إلا بالايتمار لما أمر به والانتهاء عما نهى عنه والبخوع بطاعته فيما حث عليه وندب إليه فلا يقبل توحيده إلا بالاعتراف لنبيه صلى الله عليه وآله بنبوته ولا يقبل دينا إلا بولاية من أمر بولايته ولا تنتظم أسباب طاعته إلا بالتمسك بعصمه وعصم أهل ولايته فأنزل على نبيه
نبيه صلى الله عليه وآله في يوم الدوح مابين به عن إرادته في خلصائه وذوي اجتبائه

* ( هامش ) * 265 - تشهد به : ب وهامش ج * * 266 - صنعه : ب وهامش ألف وج * * 267 - ويسلككم : هامش ب وج * * 268 - كان : ليس في ب * * 269 - عنه : ألف [ * ] / صفحة 755 /

وأمره بالبلاغ وترك الحفل بأهل الزيغ والنفاق وضمن له عصمته منهم ، وكشف من خبايا أهل الريب وضمائر أهل الارتداد ما رمز فيه فعقله المؤمن والمنافق فأعز معز وثبت على الحق ثابت وازدادت جهلة المنافق وحمية المارق ووقع العض على النواجد والغمز على السواعد ونطق ناطق ونعق ناعق ونشق ناشق واستمر على مارقته مارق ووقع الاذعان من طائفة باللسان دون حقائق الايمان ومن طائفة باللسان وصدق الايمان وكمل الله دينه وأقر عين نبيه صلى الله عليه وآله والمؤمنين والمتابعين وكان ما قد شهده بعضكم وبلغ بعضكم وتمت كلمة الله الحسني الصابرين ودمر الله ما صنع فرعون وهامان وقارون وجنوده وما كانوا يعرشون ، وبقيت خثالة من الضلال لا يألون الناس خبالا يقصدهم الله في ديارهم ويمحو الله آثارهم ويبيد معالمهم ويعقبهم عن قرب الحسرات ويلحقهم بمن بسط أكفهم ومد أعناقهم ومكنهم من دين الله حتى بدلوه ومن حكمه حتى غيروه وسيأتي نصر الله على عدوه لحينه والله لطيف خبير ، وفي دون ما سمعتم كفاية وبلاغ فتأملوا رحمكم الله ما ندبكم الله إليه وحثكم عليه وأقصدوا شرعه واسلكو نهجه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ، إن هذا يوم عظيم الشأن فيه وقع الفرج ورفعت الدرج ووضحت الحجج وهو يوم الايضاح والافصاح عن المقام الصراح ويوم كمال الدين ويوم العهد المعهود ويوم الشاهد والمشهود ويوم تبيان العقود عن النفاق والجحود ويوم البيان عن

* ( هامش ) * 270 - فأعن معن : ب * * 271 - جهالة : هامش ب * * 272 - بعد ناشق : وبسق باسق : ب * * 273 - مارقيته : ب وهامش ج * * 274 - وأكمل : ب * * 275 - وجنودهم : ب وهامش ج * * 276 - حشالة : ب * * 277 - واقصدوا : ب [ * ] / صفحة 756 /

حقايق الايمان ويوم دحر الشيطان ويوم البرهان ، هذا يوم الفصل الذي كنتم توعدون ، هذا يوم الملا الأعلى الذي أنتم عنه معرضون ، هذا يوم الارشاد ويوم محنة العباد ويوم الدليل على الرواد ، هذا يوم أبدي خفايا الصدور ومضمرات الأمور هذا يوم النصوص على أهل الخصوص ، هذا يوم شيث هذا يوم إدريس هذا يوم يوشع هذا يوم شمعون هذا يوم الامن المأمون هذا يوم إظهار المصون من المكنون ، هذا يوم إبلاء السرائر فلم يزل عليه السلام يقول هذا يوم هذا يوم فراقبوا الله عزوجل واتقوه واسمعوا له وأطيعوه واحذروا المكر ولا تخادعوه ، وفتشوا ضمائركم ولا تواربوه ، وتقربوا إلى الله بتوحيده وطاعة من أمركم أن تطيعوه ولا تمسكوا بعصم الكوافر ولا يجنح بكم الغي فتضلوا عن سبيل الرشاد باتباع أولئك الذين ضلوا وأضلوا قال الله عز من قائل في طائفة ذكرهم با لذم في كتابه إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل ربنا اتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا ، وقال تعالى : وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شئ قالوا لو هدينا الله لهديناكم أفتدرون الاستكبار ما هو هو ترك الطاعة لمن أمروا بطاعته والترفع على من ندبوا إلى متابعته ، والقرءان ينطق من هذا عن كثير إن تدبره متدبر زجره ووعظه ، واعلموا أيها المؤمنون أن الله عزوجل قال : إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص أتدرون ما سبيل الله ومن سبيله ومن صراط الله ومن

* ( هامش ) * 278 - محبة : ألف [ * ] / صفحة 757 /

طريقه ، أنا صراط الله الذي من لم يسلكه بطاعة الله فيه هوي به إلى النار وأنا سبيله الذي نصبني للاتباع بعد نبيه صلى الله عليه وآله ، أنا قسيم الجنة والنار ، و أنا حجة الله على الفجار ونور الانوار فانتبهوا عن رقدة الغفلة وبادروا بالعمل قبل حلول الأجل وسابقوا إلى مغفرة من ربكم قبل أن يضرب بالسور بباطن الرحمة وظاهر العذاب فتنادون فلا يسمع نداؤكم وتضجون فلا يحفل بضجيجكم وقبل أن تستغيثوا فلا تغاثوا سارعوا إلى الطاعات قبل فوت الاوقات ، فكأن قد جاءكم هادم اللذات فلا مناص نجاء ولا محيص تخليص ، عودوا رحمكم الله بعد انقضاء مجمعكم بالتوسعة على عيالكم والبر بإخوانكم والشكر لله عزوجل على ما منحكم واجمعوا يجمع الله شملكم وتباروا يصل الله ألفتكم وتهادوا نعم الله كما مناكم بالثواب فيه على أضعاف الاعياد قبله وبعده إلا في مثله والبر فيه يثمر المال ويزيد في العمر ، والتعاطف فيه يقتضي رحمة الله وعطفه وهيؤا لاخوانكم وعيالكم عن فضله بالجهد من جودكم وبما تناله القدرة من استطاعتكم وأظهروا البشر فيما بينكم والسرور في ملاقاتكم ،


والحمد لله على ما منحكم وعودوا بالمزيد من الخير على أهل التأميل لكم ، وساووا بكم ضعفاءكم في مأكلكم وما تناله القدرة من استطاعتكم وعلى حسب إمكانكم فالدرهم فيه بمائة ألف درهم والمزيد من الله عزوجل ، وصوم هذا اليوم مما ندب الله تعالى إليه وجعل الجزاء العظيم كفالة عنه حتى لو تعبد له عبد من العبيد في الشبيبة من

* ( هامش ) * 279 - هدى : ألف * * 280 - تهانوا نعمة الله : ب وج * * 281 - هناكم : ج وهامش ب * * 282 - يثمر : ب [ * ] / صفحة 758 /


ابتداء الدنيا إلى تقضيها صائما نهارها قائما ليلها إذا أخلص المخلص في صومه لقصرت إليه أيام الدنيا عن كفاية ، ومن أسعف أخاه مبتدئا وبره راغبا فله كأجر من صام هذا اليوم وقام ليلته ومن فطر مؤمنا في ليلته فكأنما فطر فئاما وفئاما يعدها بيده عشرة . فنهض ناهض فقال : يا أمير المؤمنين وما الفئام ؟ قال : مائة ألف نبي وصديق وشهيد ، فكيف بمن تكفل عددا من المؤمنين والمؤمنات وأنا ضمينه على الله تعالى الأمان من الكفر والفقر وإن مات في ليلته أو يومه أو بعده إلى مثله من غير ارتكاب كبيرة فأجره على الله تعالى ، ومن استدان لإخوانه وأعانهم فأنا الضامن على الله إن بقاه قضاه وإن قبضه حمله عنه ، وإذا تلاقيتم فتصافحوا بالتسليم وتهانوا النعمة في هذا اليوم وليبلغ الحاضر الغائب والشاهد البائن وليعد الغني على الفقير والقوي على الضعيف أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك . ثم أخذ صلى الله عليه وآله في خطبة الجمعة وجعل صلاة جمعته صلاة عيده وانصرف بولده وشيعته إلى منزل أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام بما أعد له من طعامه وانصرف غنيهم وفقيرهم برفده إلى عياله .