هل خبر الواحد (ضعيف السند) حجة في التاريخ ؟!!!!.

الهاد

New Member
6 فبراير 2011
44
0
0
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :

فهذا الموضوع – فيما أحسب وأخال - في غاية الأهمية ، فلقد رأيت غير واحد في المنتديات يتخبط فيه ، حيث خلّطوا في أهدافه ومراميه ، وإليكم إيجازه هكذا :


أقسام حجية الخبر باعتبار الموضوع عند العلماء :


الأول : حجية الخبر في الفقه :
المشهور الأعظم -سنة وشيعة- على أنّ خبر الواحد يكفي فيالأحكام الشرعية الفقهية ، وأصل خبر الواحد الصحيح هو الذي يرويه راو ثقة واحد عن مثله الى المعصوم في كل سلسلةالطريق ، ومثل هذاالخبر حجة في الأحكام الفقهية ويلزم العمل به .


الثاني : حجية الخبر في العقائد الكبرى وأصول الدين .
اشترط العلماء جميعا ، سنة وشيعة، ان العقائد الكبرى (كالعقيدة بالسراط ، والحساب ، وحوض الكوثر ، والشفاعة ،والجنة والنار ...) لا تثبت إلا بالخبر المتواتر ، وهو الذي رواه جماعة يمتنع عادة تواطؤهم على الكذب ، وهو يورث اليقين بالصدور.
والعقيدة ما لم تثبت بالخبر المتواتر - أي الذي يفيد اليقين- لا تسمىعقيدة كبرى ؛ والعقيدة الكبرى : هي التي مَن جحدها –مِن بعد البيان- كفر ؛ لأنّ جحدها تكذيب لله ورسوله ومن كذب أحدهما كفر إجماعاً ، وعلى هذا علماء أهل القبلة سنة شيعة .
والأمر هو الأمر في أصول الدين ، التوحيد والنبوة والمعاد ، مع فرق فارق لا يهمنا الآن .


الثالث : حجية الخبر في العقائد الصغرى .
عرفنا أن العقائد الكبرى : هي التي من جحدها كفر ، أماالعقائد الصغرى فهي التي لا يكفر من جحدها ؛ فمن جحد السراط كفر إجماعاً ؛ لأنه تكذيب لله ورسوله ..

لكن من جحد أن طول السراط خمسمائة عام كما وردفي بعض الأخبار الصحيحة ؛ فإنه لا يكفر (وان كان ربما يأثم في بعض الصور) والسبب لأنّهلم يثبت بالخبر المتواتر الذي يفيد اليقن ، بل بالآحاد المفيد للظن ، فلا يقين بانه تكذيب لله ورسوله فلا تكفير إجماعاً ..
النتيجة هي : أنّ العقائد الصغرى تثبت بخبر الواحد الصحيح عند عامة أهلالقبلة ، لكن جاحدها لا يكفر وان كان يأثم ؛ لأن ردالخبر الصحيح بلا علم إثم .


الرابع : حجية الخبر في التاريخ .
وهنا أمر مهم وتساؤل أهم ؛ فهل نريد أننثبت من أخبار التاريخ ، حكم فقهي أو عقائدي؟! .
إذا كان الجواب نعم ، فلابد منالخبر الصحيح السند أو المتواتر على ما بينا أعلاه.
لكن هنا أضاف جماعة من العلماء -سنة وشيعة- شيئا مهمّا وهو :
وهو أن بعض الأحداث التاريخية ، والتي يمكن إثبات بعض الأحكامالفقهية ، أو بعض العقائدية الصغرى من خلالها ، لا نحتاج فيها الى السند الصحيح ،ويكفي فيها نفس وجود الخبر في مصادرالتاريخ ؛ لأمرين :


الأمر الأول :أن الغالب علىعمل علماء التاريخ أنهم ليسوا كالمحدثين ، فهم لا يهتمون للإسناد كثيراً ويتساهلون فيه ؛ فبما أنّ غالب أحداثالتاريخ لا علاقة له بالأحكام الشرعية ولا العقائد السماوية تساهلوا في أسانيدها ، فانصب جلّ همهم على سرد الواقعة التاريخية ، وهذا معناه أن أصل الأحداث التاريخيةمسندة عندهم لكنّهم تركوا السند .


والأمرالثاني :هو أن بعض الأحداث التاريخية غير المسندة ، يحدث أن نراها في أغلبالمصادر التاريخية القديمة ، فإذا رأينا هذه الواقعة التاريخية مشتهرة في أكثر منالمصادر التاريخية القديمة ، وكان مصنفوها ممّن عرفوا بهذا الفن ، وأنّهم أهل خبرة في هذا الشأن ، كأن يسردها أربعةأو خمسة منهم من دون رد ، بحيث يرسلونها إرسال المسلمات بمنتهى الجد ؛ فمجموع ذلك يورث الوثوق بأن لها أصلا، وهو المسمى بالوثوق النوعي ؛ أي أن نوع البشر يثق بوقوع هذا الحدث بشرط توفرالقرائن أعلاه حتى من دون سند صحيح.

ومن الأمثلة على ذلك اعتماد كثير من العلماء على كثير من منقولات ابن اسحاق والواقدي مع أنهما ضعيفان عندهم ، وهذا الامام ابن حجر العسقلاني يعتمد كثيرا في كتابه فتح الباري على ما يقوله ابن اسحاق في سيرته ، مع أنّه ضعيف عنده ، بل يقدم خبره على أخبار الثقات أحياناً ، والسبب هو ما قلناه من حصول الوثوق النوعي.
هذا يحتاج الى بسط أطول ، لكن أرجو أن يكتفى بما قلناه.
الهاد