هؤلاء هم خلفاء النبي صلى الله عليه وآله

التلميذ

New Member
18 أبريل 2010
217
0
0
هؤلاء هم خلفاء النبي صلى الله عليه وآله
بسم الله الرحمن الرحيم
قال العلامة الكليني في كتابه الكافي : (عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ومعه الحسن بن علي عليه السلام وهو متكئ على يد سليمان فدخل المسجد الحرام فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين، فرد عليه السلام فجلس، ثم قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضى عليهم وأن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم، وإن تكن الأخرى علمت أنك وهم شرع سواء.
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام سلني عما بدالك، قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن فقال: يا أبا محمد أجبه، قال: فأجابه الحسن عليه السلام فقال الرجل أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها وأشهد أن محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بذلك وأشهد أنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله والقائم بحجته - وأشار إلى أمير المؤمنين - ولم أزل أشهد بها وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته - وأشار إلى الحسن عليه السلام - وأشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه والقائم بحجته بعده وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين وأشهد على جعفر بن محمد بأنه القائم بأمر محمد وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى وأشهد على علي بن محمد بأنه القائم بأمر محمد بن علي وأشهد على الحسن بن علي بأنه القائم بأمر علي بن محمد وأشهد على رجل من ولد الحسن لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملأها عدلا كما ملئت جورا والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قام فمضى، فقال أمير المؤمنين: يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد فخرج الحسن بن علي عليهما السلام فقال: ما كان إلا أن وضع رجله خارجا من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله، فرجعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأعلمته، فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم، قال: هو الخضر عليه السلام (1) .
نظرة في سند الرواية :
هذه الرواية رواها العلامة الكليني في كتابه الكافي وهو من حيث الوثاقة في القمة لا يسأل عن مثله ولذلك لقّب بثقة الإسلام، وهو رواها عن عدّة من الأصحاب وهذه العدّة من جملتها الراوي إبراهيم بن هاشم القمي، والراجح عند الكثير من العلماء أنّه ثقة، وروايته عند علماء الطائفة مقبولة، ووافق إبراهيم بن هاشم على رواية هذه الرواية عن أحمد البرقي كل من سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس وذلك عند الشيخ علي بن الحسين ابن بابويه القمي والد الشيخ الصدوق في كتابه الإمامة والتبصرة من الحيرة (2)، وهؤلاء كلهم من الثقات الأجلاء، وأما أحمد بن محمد البرقي فهو ثقة، قال عنه الشيخ النجاشي في رجاله : ( وكان ثقة في نفسه) (3) وهو رواها عن داود بن قاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب أبي هاشم الجعفري، وهو ثقة جليل القدر ومنزلته عند الأئمة الطاهرين عليهم السلام عاليه، وهو رواها عن الإمام المعصوم أبي جعفر الثاني محمد بن علي بن موسى الجواد عليه السلام، فالرواية صحيحة .
الخلفاء من بعد رسول الله إثنا عشر:
في هذا الحديث تعيين لأئمة الهدى خلفاء النبي الأكرم صلى الله عليه وآله القائمين مقامه بعد رحيله عن أمته إلى يوم القيامة واحداً تلو الآخر، المنصوص عليهم من قبل الله عزّ وجل، فهم إثنا عشر إماماً، وقد أشارت إلى عددهم عدّة من الأحاديث المروية في مصادر أهل السنة من أشهرها الحديث المروي عن الصحابي جابر بن سمرة الوارد بلفظ : ( إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة ... ) (4)، و ( لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة أو يكون عليكم إثنا عشر خليفة كلهم من قريش ... ) (5)، و ( ... يكون لهذه الأمة إثنا عشر قيّماً ... ) (6)، وله ألفاط أخرى وكلها تدل على مفاد واحد، بل إن حديث الإثني عشر من طريق جابر بن سمرة متواتر عنه رواه عنه الحصين بن عبد الرحمن(7) وعبد الملك بن عمير(8)،وسمّاك بن حرب (9) والشعبي (10)، وعامر بن سعد بن أبي وقاص(11) وعبيد الله بن عبّاد (12)، والأسود بن سعيد الهمداني(13) وزياد بن علاقة(14) والمسيب بن رافع (15) ومعبد بن خالد (16) وأبو خالد الوالبي (17) والنضر بن صالح (18) وأبو بكر بن أبي موسى (19).
ورواه من الصحابة أيضاً عبد الله بن مسعود، ففي مسند أحمد بن حنبل روى بسنده عن مسروق أنّه قال: (كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم تملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك، ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل) (20).
وفي لفظ آخر رواه أحمد بن حنبل بسنده عن مسروق قال: ( كنّا مع عبد الله جلوساً في المسجد يقرئنا القرآن فأتاه رجل فقال: يا ابن مسعود هل حدّثكم نبيّكم كم يكون من بعده خليفة؟ قال: نعم كعدة نقباء بني إسرائيل) (21).
ورواه من الصحابة أبي جحيفة، ففي مجمع الزوائد للهيثمي قال: (وعن أبي جحيفة قال: كنت مع عمي عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقال: لا يزال أمر أمتي صالحاً حتى يمضي إثنا عشر خليفة، وخفض بها صوته، فقلت لعمي – وكان أمامي – ما قال يا عم؟ قال: كلهم من قريش)
قال الهيثمي : (رواه الطبراني في الأوسط والكبير والبزار ورجال الطبراني رجال الصحيح )(22).
والحديث موضوع حديثنا شخّص الأئمة خلفاء النبي صلى الله عليه وآله أيضاً بأسمائهم، وهو موافق للرواية الصحيحة التي أخرجها الشيخ الصدوق عليه الرّحمة في كتابه من لا يحضره الفقيه عن عبد الله بن جندب عن الإمام الكاظم موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال: (تقول في سجدة الشكر : اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبيائك ورسلك وجميع خلقك إنك أنت الله ربي ، والإسلام ديني ، ومحمدا نبيي ، وعليا والحسن والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، علي بن موسى ، ومحمد بن علي ، وعلي بن محمد ، والحسن بن علي ، والحجة بن الحسن بن علي أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرء ...) (23).
وهناك أحاديث كثيرة جداً تذكر عدد الأئمة وأنهم إثنا عشر إماماً من عترة النبي صلى الله عليه وآله أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وبعده الإمام الحسن وبعده الحسين ثم تسعة أئمة من ولد الحسين عليهم السلام، ففي الحديث الصحيح الذي رواه الشيخ الصدوق عليه الرحمة في كتابه كمال الدين وتمام النعمة فقال: (حدثنا محمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي عليهم السلام قال: سئل أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله: إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، من العترة؟ فقال: أنا والحسن والحسين والأئمة التسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله صلى الله عليه وآله حوضه)(24).
ومن هذه الروايات ما رواه العلامة الكليني في كتابه الكافي ففيه قال: (علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس وعلي بن محمد ،عن سهل بن زياد أبي سعيد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: [أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم] فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام: فقلت له: إنّ الناس يقولون: فما له لم يسم عليّاً وأهل بيته عليهم السلام في كتاب الله عز و جل؟ قال: فقال: قولوا لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثاً ولا أربعاً، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسّر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهماً درهم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزل الحج فلم يقل لهم: طوفوا أسبوعا حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت [أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ]- ونزلت في علي والحسن والحسين - فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : في علي : من كنت مولاه ، فعلي مولاه ، وقال صلى الله عليه وآله أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي ، فإني سألت الله عز وجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض ، فأعطاني ذلك وقال : لا تعلموهم فهم أعلم منكم ، وقال : إنهم لن يخرجوكم من باب هدى ، ولن يدخلوكم في باب ضلالة ، فلو سكت رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يبين من أهل بيته ، لادعاها آل فلان وآل فلان ، لكن الله عز وجل أنزله في كتابة تصديقا لنبيه صلى الله عليه وآله [ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ] فكان علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام، فأدخلهم رسول الله صلى الله عليه وآله تحت الكساء في بيت أم سلمة ، ثم قال: اللهم إنّ لكل نبي أهلاً وثقلاً وهؤلاء أهل بيتي وثقلي، فقالت أم سلمة: ألست من أهلك ؟ فقال: إنك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلغ فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وإقامته للناس وأخذه بيده، فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحدا من ولده إذا لقال الحسن والحسين : إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك وبلغ فينا رسول الله صلى الله عليه وآله كما بلغ فيك وأذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك، فلما مضى علي عليه السلام كان الحسن عليه السلام أولى بها لكبره، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك والله عز وجل يقول : [وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله] فيجعلها في ولده إذاً لقال الحسين أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك وبلغ فيَّ رسول الله صلى الله عليه وآله كما بلغ فيك وفي أبيك، وأذهب الله عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما صارت إلى الحسين عليه السلام لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه، لو أرادا أن يصرفا الأمر عنه ولم يكونا ليفعلا ثم صارت حين أفضت إلى الحسين عليه السلام فجرى تأويل هذه الآية [وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله] ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين ، ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي عليه السلام .
وقال: الرجس هو الشك، والله لا نشك في ربنا أبدا.
محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ،عن أيوب بن الحر وعمران بن علي الحلبي ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام مثل ذلك) (25) .
ومنها حديث لوح فاطمة عليها السلام، ومن جملة من رواه العلامة الكليني في الكافي فقال: ( محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن أبي الجاورد، عن أبي جعفر عليه السلام، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: دخلت على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها، فعددت إثني عشر آخرهم القائم، ثلاثة منهم محمد، وثلاثة منهم علي )(26).
مناقشتان:
وهذه الرواية فيها مناقشتان، الأولى سندية، والثانية في بعض ما ورد في مضمونها:
في بيان حال أبي الجارود:
أما المناقشة السندية فإن الرواة الواقعين في سند هذه الرواية كلهم من الثقات المنصوص على وثاقتهم واتفاق العلماء على ذلك، باستثناء أبي الجارود، وهو زياد بن المنذر الهمداني فقد اختلف العلماء فيه بين موثق ومضعف، إلاّ أن ضعّفه اعتمد على روايات وردت في ذمّه كلّها ضعيفة سنداً، وأغلبها منصب على الطعن فيه من ناحية عقيدته لا من جهة صدقه لأنّه كان زيدي المذهب وإليه تنسب الزيدية الجارودية، ولا يمكن تقديم هذه الروايات على كلام الشيخ المفيد عليه الرّحمة فقد عدّ أبا الجاورد من الأعلام والرؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام والفتيا والأحكام وممن لا يطعن عليهم ولا طريق إلى ذم واحد منهم، وذلك في رسالته جوابات أهل الموصل في العدد والرؤية، وفي رواية أبي الجاورد لهذه الرواية تأييد لرأي من ذهب إلى رجوعه عن الزيدية واعتناقه مذهب الحق، فرواية الحسن بن محبوب المتولد قريباً من وفاة الإمام الصادق عليه السلام عنه لا محالة تكون بعد اعتناقه مذهب الزيدية بكثير، فإذا روى أنّ الأوصياء اثنا عشر آخرهم القائم كان ذلك رجوعاً إلى الحق، وعليه فلا بد من الحكم بوثاقة الرجل اعتماداً على قول الشيخ المفيد، والحكم أيضاً برجوعه عن الزيدية إلى مذهب الإمامية الإثني عشرية لما ذكرناه، فالرواية صحيحة سنداً.
في مناقشة بعض ما ورد في مضمون الرواية:
ورد في مضمون رواية اللوح السالفة أن المسمين بمحمد من الأئمة ثلاثة والمراد بهم محمد بن علي الباقر ومحمد بن علي الجواد ومحمد بن الحسن المهدي عليهم جميعاً الصلاة والسلام، كما ورد في مضمونها أن المسمين بعلي ثلاثة من الأئمة وهذا مخالف لعقيدة الشيعة الإمامية الإثني عشرية لأن عدد الأئمة المسمين بعلي أربعة لا ثلاثة وهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعلي بن الحسين بن علي وعلي بن موسى بن جعفر وعلي بن محمد الهادي عليهم السلام، فيكون ذلك مورد إشكال على الرواية، ويمكن حل هذا الإشكال بعدة احتمالات :
1- أن لا يكون الرواي بصدد ذكر اسم الإمام علي عليه السلام وإنما ذكر الأئمة المسمين بعلي من ولد السيدة الزهراء عليها السلام، فيكون ضمير (منهم) راجع إلى لفظ (ولدها) أي أن عدد الأئمة المسمين بعلي من ولد فاطمة عليها السلام ثلاثة.
2- أن يكون لفظ (ثلاثة) اشتباهاً من الناسخ أو أحد الرواة وأصل الرواية ( وأربعة منهم علي) يؤيد هذا الاحتمال رواية رواها الشيخ الصدوق بنفس مضمون رواية الكافي هذه وفيها لفظ أربعة بدلاً من ثلاثة .
3- في بعض روايات اللوح لم يذكر اسم الإمام علي عليه السلام صريحاً وإنما صرّح بكونه إماماً من خلال لقبه، والرواي إنما أشار إلى عدد من ذكر صريحاً باسمه من المسمين بعلي وهم ثلاثة من ولد الزهراء عليها السلام فيكون ضمير (منهم) راجعاً إلى الإثني عشر بما فيهم أمير المؤمنين علي عليه السلام .
هؤلاء هم الخلفاء الراشدون:
ومما لا شك فيه أنّ هؤلاء الإثنا عشر هم الخلفاء الراشدون الذين أشار إليهم النبي صلى الله عليه وآله في قوله : (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ) (27).
فإن النبي صلى الله عليه وآله قرن في قوله هذا سنّته بسنة الخلفاء الراشدين في حث الأمة على الأخذ بهما جميعاً، فكما أن سنته صلى الله عليه وآله- وهي قوله وفعله وتقريره- حجة، فكذلك سنة هؤلاء الخلفاء- قولهم وفعلهم وتقريرهم - حجة كجيّة سنته، الأمر الذي يدل على أن هؤلاء الخلفاء لا يقعون في فعلهم وقولهم وتقريرهم في خطأ، فهم إذاً معصومون، فحاشا لرسول الله صلى الله عليه وآله أن يحث على الأخذ والعمل بسنة من يعلم أنه يقع في فعله أو قوله أو تقريره في الخطأ ويكون عرضة في كل ذلك إلى مخالفة الشريعة الإسلامية الغراء في أصولها وفروعها وتعاليمها وتوجيهاتها.
ويؤكد هذه الدلالة الأمر منه صلى الله عليه وآله للأمة بالعض على سنته وسنة هؤلاء الخلفاء بالنواجذ، فعلمنا من ذلك أنّ سنتهم كسنته لا يتطرق إليها الخطأ .
ثم إنّ في وصف النبي صلى الله عليه وآله لهؤلاء الخلفاء بأنهم مهديّون إشعار بعصمتهم أيضاً، فهم مهتدون في أنفسهم هادون لغيرهم ومن كان مهتدياً وهادياً مطلقاً فلا يكون إلاّ معصوما، وقد ثبت بالأدلة عصمة عترة النبي صلى الله عليه وآله وهم هؤلاء الإثنا عشر إماما ومن هذه الأدلة حديث الثقلين وهو قوله صلى الله عليه وآله : ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيت ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما)(28)، فهو يدل على عصمة العترة وذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله أوجب فيه التمسك بالعترة على نحو الإطلاق، ومن يحتمل معصيته وخطؤه واشتباهه يستحيل أن يأمر الله تعالى بالتمسك به على هذا النحو، فهم إذاً معصومون من كل ذلك.
هذا، مضافاً إلى أنه صلى الله عليه وآله قد صرّح في حديث الثقلين بعدم افتراقهم عن القرآن الكريم في قوله: «ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» وتجويز المعاصي والأخطاء والاشتباه عليهم يعني تجويز افتراقهم عن القرآن، وهذا دليل على عصمتهم أيضاً .
وعليه فدعوى أهل السنة أن أبا بكر وعمر وعثمان من جملة الخلفاء الراشدين دعوى باطلة لا دليل عليها، فهم أولا ليسوا من عترة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته ، وثانياً لم يدل دليل على عصمتهم، وثالثا لم يرد في حقهم نص على أنّهم من خلفاء النبي صلى الله عليه وآله الإثني عشر.
__________________
(1)الكافي 1/525- 526 .
(2) الإمامة والتبصرة من الحيرة صفحة 106 – 108 رواية رقم: 93.
(3) رجال النجاشي صفحة 74 رقم الترجمة: 182 .
(4) صحيح مسلم 3/1452 رواية رقم: 1821.
(5) صحيح مسلم 3/1453 رواية رقم: 1822 .
(6) معجم أبي يعلى صفحة 79 رواية رقم: 65.
(7) صحيح مسلم 3/1452 رواية رقم: 1821، المعجم الكبير 2/196 رواية رقم: 1798، مسند ابن الجعد 1/390 رواية رقم: 2660، مسند أبي عوانة 4/370 رواية رقم: 6979، تاريخ واسط صفحة 98.
(8) صحيح مسلم 3/1452 رواية رقم: 1821، صحيح البخاري 6/2640 رواية رقم: 6796، مسند أبي عوانة 4/370 رواية رقم: 6981، المعجم الكبير 2/214 رواية رقم: 1875، مسند أحمد 5/92 رواية رقم: 20902.
(9) صحيح مسلم 3/1453 رواية رقم: 1821، صحيح ابن حبان 15/44 رواية رقم: 6662، سنن الترمذي 4/501 رواية رقم: 2223، مسند أبي عوانة 4/370 رواية رقم: 6982، المعجم الكبير 2/218 رواية رقم: 1896، مسند ابن الجعد صفحة 390 رواية رقم: 2660، مسند أحمد 5/90 رواية رقم: 20868.
(10) صحيح مسلم 3/ 1453 رواية رقم: 1821، المستدرك على الصحيحين 3/715 رواية رقم: 6586، صحيح ابن حبان 15/45 رواية رقم: 6663، مسند أبي عوانة 4/369 رواية رقم: 6976، المعجم الأوسط 3/201 رواية رقم: 2992، مسند أحمد 5/93 رواية رقم: 20910.
(11) صحيح مسلم 3/1453 رواية رقم: 1822، سنن أبي داود 4/106 رواية رقم: 4280، مسند أبي عوانة 4/373 رواية رقم: 6996، مسند أحمد 5/87 رواية رقم: 20833، مسند أبي يعلى 13/456 رواية رقم: 7463.
(12) المعجم الأوسط 1/263 رواية رقم: 859، المعجم الكبير 2/206 رواية رقم: 1841.
(13) صحيح ابن حبان 15/43 رواية رقم: 6661، سنن أبي داود 4/106 رواية رقم: 4281، مسند ابن الجعد صفحة 390 رواية رقم: 2662، مسند أحمد 5/92 رواية رقم: 20890.
(14) مسند أبي عوانة 4/370 رواية رقم: 6083، المعجم الكبير 2/253 رواية رقم: 2061و 2062، مسند ابن الجعد صفحة 390 رواية رقم: 2660.
(15) مسند أبي عوانة 4/372 رواية رقم: 6991، المعجم الكبير 2/215 رواية رقم: 1883.
(16) مسند أبي عوانة 4/372 رواية رقم: 6992، المعجم الأوسط 4/189 رواية رقم: 3938.
(17) مسند أحمد 5/107 رواية رقم: 21071.
(18) المعجم الكبير 2/253 رواية رقم: 2060.
(19) المعجم الكبير 2/255 رواية رقم: 2071.
(20) مسند أحمد 4/28 رواية رقم: 3781، وقال الشيخ أحمد محمد شاكر: (إسناده صحيح).
(21) مسند أحمد 4/62 رواية رقم: 3859، وقال الشيخ أحمد محمد شاكر: (إسناده صحيح).
(22) مجمع الزوائد 5/190.
(23) من لا يحضره الفقيه 1/330- 331 .
(24) كمال الدين وتمام النعمة صفحة 240 .
(25) الكافي 1/288 – 289 .
(26) الكافي 1/532.
(27) المستدرك على الصحيحين 1/176 رواية رقم: 332، المسند المستخرج على صحيح مسلم 1/37 رواية رقم : 4 ، صحيح ابن حبان 1/178 – 179 رواية رقم : 5 موارد الظمآن صفحة 56 رواية رقم : 101، سنن أبي داود 4/200 رواية رقم : 4607، سنن ابن ماجة 1/15 رواية رقم : 42 و 1/16 رواية ر قم : 43 ، مسند أحمد 4/126 رواية رقم : 17184 ، 17185 ، مسند الشاميين 1/254 رواية رقم : 437 ، الفوائد لتمام الرازي، 1/98 رواية رقم : 225، شرح السنة للبغوي 1/205 رواية رقم : 102 ، حلية الأولياء 5/220 ، المعرفة والتاريخ 2/200 ، سنن الترمذي 5/44رواية رقم : 2676 ، سنن الدارمي 1/57 رواية رقم : 95 ، المعجم الكبير 18/284 رواية رقم : 623و 18/ 257 رواية رقم : 642 .
(28) سنن الترمذي 3/542 رواية رقم: 3786.

المصدر كتابنا ( الأربعون حديثا )