العلامة الأميني رحمه الله يرد على حديث نسب إلى النبي (ص) : (اللهم اجعله هاديا مهديا...) يعني معاوية

خادم النبي

إنّي لراجٍ من لا يرجى سواه
18 أبريل 2010
48
0
0
السعودية/الدمام
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم على النبي محمد وآله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:
يقول في كتابه الغدير الجزء العاشر الصفحة من 375 إلى 378 :
4 - ما قاله الحفاظ من أئمة الحديث وحملة السنة من إنه لم يصح لمعاوية منقبة، وسيوافيك بعيد هذا نص عباراتهم عند البحث عن فضائل معاوية المختلقة. 5 - النظر في إسناد ومتن ما جاء به ابن حجر، وعلا عليه أسس تمويهه على الحقايق، وبه طفق يرتأي معاوية خليفة حق، وإمام صدق. الرواية الأولى أما ما أخرجه الترمذي وحسنه عن عبد الرحمن بن أبي عميرة مرفوعا، أللهم اجعله هاديا مهديا واهد به .

فإن كون ابن أبي عميرة صحابيا في محل التشكيك فإنه لا يصح كما أن حديثه هذا لا يثبت، قال أبو عمر في الاستيعاب 2: 395 بعد ذكره بلفظ: أللهم اجعله هاديا مهديا واهده واهد به: عبد الرحمن حديثه مضطرب لا يثبت في الصحابة وهو شامي، ومنهم من يوقف حديثه هذا ولا يرفعه، ولا يصح مرفوعا عندهم. وقال: لا يثبت أحاديثه، ولا يصح صحبته.

ورجال الاسناد كلهم شاميون وهم:

أبو سهر الدمشقي. 2 - سعيد بن عبد العزيز الدمشقي. 3 - ربيعة بن يزيد الدمشقي 4 - ابن أبي عميرة الدمشقي.

وتفرد به ابن أبي عميرة ولم يروه غيره ولذلك حكم فيه الترمذي بالغرابة بعد ما حسنه، وابن حجر حرف كلمة الترمذي حرصا على إثبات الباطل، فما ثقتك برواية تفرد بها شامي عن شامي إلى شامي ثالث إلى رابع مثلهم أيضا، ولا يوجد عند غيرهم من حملة السنة علم بها، ولم يك يومئذ يتحرج الشاميون من الافتعال لما ينتهي فضله إلى معاوية ولو كانت مزعمة باطلة، على حين إن أمامهم القناطير المقنطرة لذلك العمل الشائن، ومن ورائهم النزعات الأموية السائقة لهم إلى الاختلاق، لتحصيل مرضاة صاحبهم. فهناك مرتكم الأباطيل والروايات المائنة. على أن هذا المزعوم حسنه كان بمرأى ومشهد من البخاري الذي يتحاشى في صحيحه عن أن يقول: باب مناقب معاوية. وإنما عبر عنه بباب ذكر معاوية. وكذلك من شيخه إسحاق بن راهويه الذي ينص على عدم صحة شيئ من فضائل معاوية. ومن الحفاظ: النسائي، والحاكم النيسابوري، والحنظلي، والفيروز آبادي، وابن تيمية، والعجلوني وغيرهم، وقد أطبقوا جميعا على أنه لم يصح لمعاوية حديث فضيلة، ومساغ كلماتهم يعطي نفي ما يصح الاعتماد عليه لا الصحيح المصطلح في باب الأحاديث، فلا ينافي شمول قولهم على حسنة الترمذي المزعومة مع غرابتها، فإنهم يقذفون الحديث بأقل مما ذكرناه في هذا المقام، ولو كان لهذه الحسنة وزن يقام " كحسنات معاوية " لا عزوا إليها عند نفيهم العام. وإن مفاد الحديث لمما يربك القارئ ويغنيه عن التكلف في النظر إلى إسناده فإن دعاء النبي صلى الله عليه وآله مستجاب لا محالة يقوله ابن حجر، ونحن في نتيجة البحث والاستقراء التام لأعمال معاوية لم نجده هاديا ولا مهديا في شيئ منها، ولعل ابن حجر يصافقنا على هذه الدعوى، وليس عنده غير أن الرجل مجتهد مخطئ في كل ما أقدم وأهجم، فله أجر واحد في مزعمته، ولا يلحقه ذم وتبعة لاجتهاده، وقد أعلمناك أن عامة أخطاءه وجرائمه مما لا يتطرق إليه الاجتهاد، على ما أسلفنا لك أنه ليس من الممكن أن يكون معاوية مجتهدا لفقدانه العلم بمبادئ الاستنباط من كتاب وسنة، وبعده عن الإجماع والقياس الصحيح. أو هل ترى إن الدعاء المستجاب كهذا يقصد به هذا النوع من الاجتهاد المستوعب للأخطاء في أقوال الرجل وأفعاله ؟ حتى أنه لا يرى مصيبا في واحد منها، وهل يحتاج تأتي مثل هذا الاجتهاد إلى دعاء صاحب الرسالة ؟ فمرحبا بمثله من اجتهاد معذر، وهداية لا تبارح الضلال. ثم من الذي هداه معاوية طيلة أيامه، وأنقذه من مخالب الهلكة ؟ ! أيعد منهم ابن حجر بسر بن أرطاة الذي أغار بأمره على الحرمين، وارتكب فيهما ما ارتكبه من الجرائم القاسية ؟ ! أم ضحاك بن قيس الذي أمره بالغارة على كل من في طاعة علي عليه السلام من الأعراب، وجاء بفجايع لم يعهدها التاريخ ؟ ! أم زياد بن أبيه أو أمه الذي استحوذ على العراق، فأهلك الحرث والنسل، وذبح الأتقياء، ودمر على الأولياء، وركب نهابير لا تحصى ؟ ! أم عمرو بن العاص الذي أطعمه مصر فباعه على ذلك دينه بدنياه، وفعل من الجنايات ما فعل ؟ ! أم مروان بن الحكم الطريد اللعين وابنهما الذي كان لعنه عليا أمير المؤمنين على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عدة أعوام إحدى طاماته ؟ ! أم عمرو بن سعيد الأشدق الجبار الطاغي الذي كان يبالغ في شتم علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه وبغضه إياه ؟ ! أم مغيرة بن شعبة أزنى ثقيف الذي كان ينال من علي عليه السلام ويلعنه على منبر الكوفة ؟ ! أم كثير بن شهاب الذي استعمله على الري، وكان يكثر سب علي عليه السلام أمير المؤمنين والوقيعة فيه ؟ ! أم سفيان بن عوف الذي أمره أن يأتي هيت والأنبار والمدائن، فقتل خلقا، و نهب أموالا، ثم رجع إليه ؟ ! أم عبد الله الفزازي الذي كان أشد الناس على علي عليه السلام، ووجهه إلى أهل البوادي فجاء بطامات كبرى ؟ ! أم سمرة بن جندب الذي كان يحرف كتاب الله لإرضائه، وقتل خلقا دون رغباته لا يحصى ؟ ! أم طغام الشام وطغاتها الذين كانوا يقتصون أثر كل ناعق، وانحاز بهم هو عن أي نعيق فأوردهم المهالك ؟ ! أهذه كلها من ولائد ذلك الدعاء المستجاب ؟ أللهم، لا. ولو كان مكان هذا الدعاء من رسول الله صلى الله عليه وآله - العياذ بالله - قوله: أللهم اجعله ضالا مضلا. لما عداه أن يكون كما كان عليه من البدع والضلالات. ولو كان لهذا الدعاء المزعوم نصيب من الصدق لما كان يعزب علمه عن مثل مولانا أمير المؤمنين، وولديه الإمامين وعيون الصحابة الذين كانوا لا يبارحون الحق كأبي أيوب الأنصاري، وعمار بن ياسر، وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين، ولما عهد إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله على حربه وقتاله، ولما عرف فئته بالبغي والقسط. ولو كان السلف الصالح يرى شيئا زهيدا من هداية الرجل واهتدائه أثر ذلك الدعاء المستجاب لما كانوا يعرفونه في صريح كتاباتهم وخطاباتهم بالنفاق والضلال والاضلال.