هل كل مافي كتاب الكافي الشريف صحيح ؟ الجواب.

6 مايو 2010
74
0
0
الكلام في صحة كتاب الكافي لثقة الإسلام الكليني رضوان الله تعالى عليه

ادعى جماعة من المعترضين على الشيعة بأن الشيعة يذهبون إلى صحة كل ما جاء في كتاب الكافي، قال بعضهم:
(( وهو عندهم بمنزلة صحيح البخاري عند المسلمين ))[1].

وهذا المعنى، أعني صحة كتاب الكافي وإن ذهب له بعض علماء الشيعة كالمحدث البحراني والحر العاملي، إلا أنه خلاف ما عليه المشهور بين علماء الشيعة من متقدميهم ومتأخريهم، ومخالف لما هو مقتضى التحقيق.

وبعبارة أخرى، فدعوى التسـالم بين علمـاء الشيعـة يدفعـها تصـريح جملـة مـن متقدمي علمائهم ومتأخريهم بعدم صحة كل ما جاء في كتاب الكافي، وأن فيه روايات لا يمكن قبولها، وممن صرح بذلك من متقدمي فقهائهم زعيم الطائفة في عصره السيد المرتضى قدس سره، حيث قال في مقام الجواب عن سؤال يتعلق برواية من روايات الكافي:

(( اعلم أنه لا يجب إقرار بما تضمنه الروايات، فإن الخبر المروي في كتب الشيعة وفي كتب جميع مخالفينا يتضمن ضروب الخطأ وصنوف الباطل من محال لا يجوز أن يتصور، ومن باطل دل الدليل على بطلانه وفساده كالتشبيه والجبر والرؤية... ))[2]
إلى أن قال :
(( وهذا الخبر المذكور بظاهره يقتضي تجويز المحال المعلوم بالضرورات فساده، وإن رواه الكليني رحمه الله في كتاب التوحيد، فكم روى هذا الرجل وغيره من أصحابنا رحمهم الله تعالى في كتبهم ماله ظواهر مستحيلة أو باطلة، والأغلب الأرجح أن يكون هذا الخبر موضوعا مدسوسا. ))[3]

وممن لم يعتمد على جملة من روايات الكافي شيخ الطائفة الطوسي قدس سره حيث رد بعض الروايات التي أوردها في الاستبصار وأخرجها بالإسناد عن الكليني، وأوردها الشيخ الكليني قدس سره في كتاب الكافي، وقال في مقام تضعيف تلك الرواية:
(( وأما الخبر الأول فراويه أبو سعيد الآدمي، وهو ضعيف جدا عند نقاد الأخبار، وقد استثناه أبو جعفر بن بابويه في رجال نوادر الحكمة... ))[4]


ولو كان جميع ما رواه الشيخ الكليني قدس سره في الكافي قد تسالموا على صحته وأنه ليس فيه شائبة الغمز لما أمكن رد مثل ذلك الخبر وتضعيفه باعتبار أن راويه سهل بن زياد أبو سعيد الآدمي.


وفي كتاب التهذيب نقل الشيخ قدس سره رواية عن الشيخ الكليني قدس سره رواها في الكافي ثم قال:
(( فما تضمن هذا الحديث من لحم الحمار الأهلي موافق للعامة، والرجال الذين رووا هذا الخبر أكثرهم عامة، وما يختصون بنقله لا يلتفت إليه...))[5]


وفي مورد آخر في الإستبصار نقل خبرين عن الكافي ثم ردهما وقال:
(( فلا ينافي هذان الخبران ما قدمناه في العمل على الرؤية لمثل ما قدمناه في الباب الأول من أنهما خبر واحد لا يوجبان علما ولا عملا، ولأن راويهما عمران الزعفراني وهو مجهول، وفي إسناد الحديثين قوم ضعفاء لا نعمل بما يختصون بروايته. ))[6]


وممن رد بعض ما رواه الشيخ الكليني قدس سره في الكافي الشيخ المفيد، حيث ذكر في الكافي عدة روايات تتضمن أن شهر رمضان المبارك ثلاثون يوما لا يزيد ولا ينقص[7]، وردها الشيخ المفيد قدس سره مع ذلك حيث قال:
(( فأما ما تعلق به أصحاب العدد من أن شهر رمضان لا يكون أقل من ثلاثين يوما فهي أحاديث شاذة قد طعن نقلة الآثار من الشيعة في سندها، وهي مثبتة في كتب الصيام في أبواب النوادر، والنوادر هي التي لا عمل عليها. ))[8]

وهذه أقوال ثلاثة من متقدمي علماء الشيعة، وكانوا زعماء الطائفة في أزمنتهم، وكلماتهم صريحة في أن ليس كل ما في كتاب الكافي صحيح يمكن الاعتماد عليه، بل فيه الصحيح والضعيف والموضوع الذي لا يجوز قبوله.

ومن هنا تتضح حقيقة دعوى الاتفاق بين علماء الشيعة على صحة كتاب الكافي وبقية الكتب الأربعة، فهذا الاتفاق لا صحة له، بل الثابت هو عكس ذلك.

ومما يدل على عدم صحة كل ما جاء في كتاب الكافي وبقية الكتب الأربعة اشتمال أسانيده وأسانيد تلك الكتب على من لا ينبغي الإشكال في ضعفه[9]، بل لا ينبغي إشكال في كذب بعض الرواة كأبي البختري، وعلى سبيل المثال نذكر جماعة ممن وقعوا في أسانيد الكافي ممن هم في غاية الضعف:
1- سهل بن زياد، أبو سعيد، الآدمي، الرازي. وهذا الرجل في غاية الضعف، ولا يمكن الاعتماد عليه بوجه من الوجوه فيما انفرد بنقله.
·قال فيه الشيخ النجاشي قدس سره : (( كان ضعيفا في الحديث، غير معتمد عليه فيه، وكان أحمد بن محمد بن عيسى[10] يشهد عليه بالغلو والكذب، وأخرجه من قم إلى الري. )).
·وقال فيه شيخ الطائفة الطوسي قدس سره في الاستبصار: (( وهو ضعيف جدا عند نقاد الأخبار. ))[11]
2- محمد بن سنان، أبو جعفر، الزاهري. وهو أيضا كسابقه ضعيف للغاية.
·قال فيه الشيخ المفيد قدس سره : (( وهو مطعون فيه، لا يختلف العصابة في تهمته وضعفه. ))[12]
·وقال فيه النجاشي قدس سره : (( وهو رجل ضعيف جدا، لا يعول عليه، ولا يلتفت إلى ما تفرد به.
·وقد ذكر أبو عمرو في رجاله أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: قال الفضل بن شاذان: لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان. ))
·وقال شيخ الطائفة الطوسي قدس سره : (( وقد طعن عليه وضعف، وكتبه مثل كتب الحسين بن سعيد على عددها، وله كتاب النوادر، وجميع ما رواه إلا ما كان فيها من تخليط أو غلو. ))[13]
3- عمرو بن شمرو، الجعفي، أبو عبدالله، الكوفي.
·قال فيه النجاشي: (( ضعيف جدا، زيّد أحاديث في كتب جابر الجعفي ينسب بعضها إليه ))
· وقال الشيخ الطوسي: (( ضعيف )).[14]
·وقال النجاشي في ترجمة جابر الجعفي: (( روى عنه جماعة غمز فيهم وضعفوا منهم عمرو بن شمر، ومفضل بن صالح، ومنخل بن جميل، ويوسف بن يعقوب، وكان في نفسه مختلطا. ))[15]
4- وهب بن وهب، القرشي، أبو البختري، المدني. وهو مجمع على ضعفه وكذبه بين الشيعة والسنة.
·قال فيه النجاشي: وكان كذابا، وله أحاديث مع الرشيد في الكذب،
· وعن الفضل بن شاذان قال: كان أبو البختري من أكذب البرية.[16]
·وقال فيه ابن عدي الجرجاني أحد كبار علماء السنة: (( وهو ممن يضع الحديث ))[17]
·وقال يحي بن معين: كان يكذب عدو الله، وقال عثمان بن أبي شيبة: أرى أنه يبعث يوم القيامة دجالا، وقال أحمد بن حنبل: كان يضع الحديث فيما نرى.[18]
أقول : ومما ينقل عنه في الكذب ما رواه الحافظ أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري في كتاب الجليس الصالح الكافي حيث قال:
وحدثنا محمد بن يحي الصولي، قال حدثنا وكيع، قال حدثنا محمد بن الحسن بن مسعود الزرقي، قال حدثنا عمر بن عثمان، قال حدثنا أبو سعيد العقيلي وكان من ظرفاء الناس وشعرائهم قال: لما قدم الرشيد المدينة أعظم أن يرقى منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قباء أسود ومنطقة، فقال أبو البختري: حدثني جعفر بن محمد بن علي عليه السلام عن أبيه عليهم السلام قال: نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعليه قباء ومنطقة مخنجرا فيها بخنجر، فقال المعاذي التيمي:


ويل وعول لأبي البختري إذا توافى النـاس للمحشـر


من قـوله الـزور وإعـلانــه بالكذب في الناس على جعفر


والله ما جـالسـه ساعــة للفقـــه في بـدو ولا محضـــر


يا قاتل الله ابـن وهب لقــد أعلــــن بالـــزور وبالمنكـــر


يزعم أن المصــطفى أحمــدا أتـــاه جــبريل التـقي البــري


عليه خف و قبا أســــود مخنجرا بالحقــو بالخنجــر[19]


5- عبدالله بن داهر بن يحي الأحمري. قال فيه النجاشي: (( ضعيف )).[20]


__

[1] الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب ص35.
[2] رسائل الشريف المرتضى(( قده )) ج1 ص409.
[3] رسائل الشريف المرتضى(( قده )) ج1 ص410.
[4] الاستبصار ج3 ص261 ذيل حديث 935.
[5] تهذيب الأحكام ج9 ص40 ح170، معجم رجال الحديث ج1 ص28.
[6] الاستبصار ج2 ص79 ذيل حديث 231، معجم رجال الحديث ج1 ص29.
[7] الكافي ج4 ص
[8] الدر المنثور للعلامة الشيخ علي بن محمد الجبعي العاملي ج1 ص125، معجم رجال الحديث ج1 ص31.
[9] مضافا لعدم وجود قرائن تدل على صحة جملة من تلك الروايات الضعيفة، بل قامت قرائن قطعية تدل على عدم صدور بعض تلك الأخبار مضافا لعدم اعتماد سندها كما تقرر في محله.
[10] وهو شيخ أصحابنا القميين في وقته.
[11] معجم رجال الحديث ج8 ص337 رقم5629.
[12] الدر المنثور لـ(( علي بن محمد الجبعي العاملي )) ج1 ص125، معجم رجال الحديث ج16 ص159 رقم10911.
[13] معجم رجال الحديث ج16 ص151 رقم 10911.
[14] معجم رجال الحديث ج13 ص106 رقم8922.
[15] معجم رجال الحديث ج4 ص18 رقم2025.
[16] معجم رجال الحديث ج19 ص211 رقم13199.
[17] الكامل في ضعفاء الرجال ج7 ص66 رقم 1990.
[18] ميزان الإعتدال ج4 ص354 رقم 9434.
[19] الجليس الصالح الكافي ج4 ص178.
[20] معجم رجال الحديث ج10 ص183 رقم 6844.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
25 يناير 2011
9
0
0
بحث جيد مولاي الحاج القدس
وهم كلامهم نور تستضيء به الخلق وقد نعرف صحة الر واية من الحق الذي بها بدون الحاجة الى اسانيد
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف: