الرد على أكاذيب الدكتور ناصر القفاري - الحلقة (1) التجسيم

قاسم

New Member
18 أبريل 2010
245
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ولي الحمد ومستحقه، وصلواته على خيرته من خلقه محمدٍ وآله الطاهرين...

تمهيد:
حصلتُ على نسخة من كتاب "أصول مذهب الشيعة الإمامية" بقلم الدكتور "ناصر القفاري" من موقع "فيصل نور" وهو عبارة عن رسالة الدكتوراه، وتقع في أكثر من 1.500 صفحة في 3 أجزاء...

وذكر الدكتور في المقدمة سبعة أسباب دعته لاختياره الشيعة الإمامية بالذات، منها:
أولاً: أن هذه الطائفة بمصادرها في التلقي وكتبها، وتراثها تمثل نحلة كبرى....
ثانياً: اهتمام هذه الطائفة بنشر مذهبها والدعوة إليه، وعندها دعاة متفرغون ومنظمون، ولها في كل مكان (غالباً) خلية ونشاط، وتوجه جل اهتمامها في الدعوة لنحلتها في أوساط أهل السنة، ولا أظن أن طائفة من طائف البدع تبلغ شأو هذه الطائفة في العمل لنشر معتقدها والاهتمام بذلك.. هي اليوم تسعى جاهدة لنشر "مذهبها" في العالم الإسلامي، وتصدير ثروتها، وإقامة دولتها الكبرى بمختلف الوسائل... وقد تشيع بسبب الجهود التي يبذلها شيوخ الاثني عشرية الكثيرُ من شباب المسلمين.. ومن يطالع كتاب "عنوان المجد في تاريخ البصرة ونجد" يهوله الأمر، حيث يجد قبائل بأكملها قد تشيعت....


منهج الرسالة ومصادرها:
قال الدكتور:
ولقد كتب أسلافنا عن الاثني عشرية، وهي التي يسمونها بالرافضة، وكان لمصنفاتهم أثرها، كما في كتابات أبي نعيم، وشيخ الإسلام ابن تيمية، المقدسي، والفيروزآبادي، وما في كتب الفرق والعقيدة، ولكن تلك الكتابات كانت قبل شيوع كتب الشيعة وانتشارها، وجملة منها يحمل صفة الرد على بعض مؤلفات الشيعة، ولا تدرس الطائفة بعقائدها وأفكارها بشكل شامل....
قال: كما أن أهم كتاب عند الشيعة وهو "أصول الكافي" لا تجد له ذكراً عند الأشعري، أو ابن حزام، أو ابن تيمية، وهو اليوم الأصل الأول المعتمد عند الطائفة في حديثها عن الأئمة الذي هو أساس مذهبها...

قال: أما عن المنهج الذي حكم أسلوب معالجتي للموضوع، والجديد الذي يحتمل إضافته، فإن أبواب هذا البحث خير من يتحدث عنه، وإذا كان لابد من إشارات في هذا التقديم فأقول:
قد عمدتُ في بداية رحلتي مع الشيعة وكتبها ألا أنظر في المصادر الناقلة عنهم، وأن أتعامل مباشرة مع الكتاب الشيعي حتى لا يتوجه البحث وجهة أخرى. وحاولت -جهد الطاقة- أن أكون موضوعياً، ضمن الإطار الذي يتطلبه موضوع له صلة وثيقة بالعقدية كموضعي هذا.
والموضوعية الصادقة أن تنقل من كتبهم بأمانة، أن تختار المصادر المعتمدة عندهم، وأن تعدل في الحكم، وأن تحرص على الروايات الموثقة عندهم أو المستفيضة في مصادرهم -ما أمكن-....
قال: رحلت في البحث عن الكتاب الشيعي إلى مصر، والعراق، والبحرين، والكويت، وباكستان، وحصلت من خلال ذلك على مصادر مهمة أفدت منها في أبواب هذا البحث وفصوله.

ثم قال: مصادر الرسالة: وقد اعتمدت في دراستي عنهم على مصادرهم المعتبرة من كتب التفسير والحديث، والرجال، والعقائد، والفرق، والفقه، والأصول.

وذكر جملة من كتب الشيعة ومما قاله: وأكثر ما رجعت إليه من هذه المصدر الثمانية كتابان هما: "أصول الكافي"، و"بحار الأنوار"؛ وذلك لأنهما أكثر اهتماماً بمسائل الاعتقاد، ولأن الشيعة تعلق عليهما أهمية بالغة.

ثم قال: والخلاصة: أنني لم أعمد إلا إلى كتبهم المعتمدة عندهم، في النقل والاقتباس لتصوير المذهب. ولم أذكر من عقائدهم في هذه الرسالة إلا ما استفاضت أخبارهم به، وأقره شيوخهم. وقد تكون الروايات من الكثرة فأشير إلى ذلك بذكر عدد الروايات وعناوين الأبواب في المسائل التي أتحدث عنها. وأذكر ما أجد لهم من تصحيحات وحكم على الروايات بمقتضى مقاييسهم. كل ذلك حتى لا يقال بأننا نتجه إلى بعض رواياتهم الشاذة، وأخبارهم الضعيفة التي لا تعبر عن حقيقة المذهب، فنأخذ بها.
واهتممت بالنقل "الحرفي" في الغالب رعاية للموضوعية، وضرورة الدقة في النقل والعزو، وهذا ما يفرضه المنهج العلمي في نقل كلام الخصوم.


التعليق:
قرأتُ مقدمة الدكتور القفاري التي نقلت منها بعض المقاطع، وهو يريد أن يعطي القارئ الاطمئنان التام بأمانته العلمية، وأنه سوف يعطي صورة حقيقة عن معتقدات الشيعة الإمامية، التي نطقت بها أهم كتبهم!!!

ولكنه وياللأسف لم يف بما وعد، وإنني لأقسم بالله العظيم أنه لو التزم بما تعهد به لما ألّف كتابه أصلاً، وقد تبين لي أنه لمن المستحيل أن يكتب أحد المتعصبين على الشيعة عن عقائدهم دون أن يستخدم الكذب والبتر والتدليس...

وسوف أتناول في هذا الموضوع بعض الفصول المتعلقة بالتوحيد وتحديداً فرية "التجسيم" التي ألصقها بالشيعة الإمامية رضوان الله عليهم، وسأكتب مواضيع نقدية أخرى إن شاء الله تعالى على فصولٍ أخرى من كتابه في حلقات حتى أبين أكاذيبه وتدليساته وبتره للنصوص، وبالله التوفيق...

قال الدكتور القفاري:
الفصل الثالث: عقيدتهم في أسماء الله وصفاته
للشيعة في هذا الفصل أربع ضلالات:
الضلالة الأولى: ضلالة الغلو في الإثبات (وما يسمى بالتجسيم).
قال: اشتهرت ضلالة التّجسيم بين اليهود، أوّل من ابتدع ذلك بين المسلمين هم الرّوافض، ولهذا قال الرّازي: "اليهود أكثرهم مشبّهة، وكان بدء ظهور التّشبيه في الإسلام من الرّوافض مثل هشام بن الحكم، وهشام بن سالم الجواليقي، ويونس بن عبد الرحمن القمي وأبي جعفر الأحول" [اعتقادات فِرق المسلمين والمشركين: ص97.].
وكل هؤلاء الرجال المذكورين هم ممن تعدهم الاثنا عشرية في الطليعة من شيوخها، والثقات من نقلة مذهبها.
وقد حدد شيخ الإسلام ابن تيمية أول من تولى كبر هذه الفرية من هؤلاء فقال: "وأول من عرف في الإسلام أنه قال: إن الله جسم هو هشام بن الحكم" [منهاج السنة: 1/20.].
وقبل ذلك يذكر الأشعري في مقالات الإسلاميين أنّ أوائل الشّيعة كانوا مُجسّمة، ثم بيّن مذاهبهم في التّجسيم، ونقل بعض أقوالهم في ذلك، إلا أنّه يقول بأنّه قد عدل عنه قوم من متأخّريهم إلى التّعطيل [انظر: مقالات الإسلاميّين: 1/ 106-109].
وهذا يدل على أن اتجاه الاثني عشرية إلى التعطيل قد وقع في فترة مبكرة، وسيأتي ما قيل في تحديد ذلك [في المبحث الثاني.].
وقد نقل أصحاب الفرق كلمات مغرقة في التشبيه والتجسيم منسوبة إلى هشام بن الحكم وأتباعه تقشعر من سماعها جلود المؤمنين.
يقول عبد القاهر البغدادي: "زعم هشام بن الحكم أن معبوده جسم ذو حد ونهاية وأنه طويل عريض عميق وأن طوله مثل عرضه.." [الفرق بين الفرق: ص65.].
ويقول: إن هشام بن سالم الجواليقي مفرط في التجسيم والتشبيه لأنه زعم أن معبوده على صورة الإنسان.. وأنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان [الفرق بين الفرق: ص68-69.]، وكذلك ذكر أن يونس بن عبد الرحمن القمي مفرط أيضًا في باب التشبيه، وساق بعض أقواله في ذلك [الفرق بين الفرق: ص70.].
وقال ابن حزم: "قال هشام إن ربه سبعة أشبار بشبر نفسه" [الفصل: 5/40.].
وقد نقل الإسفراييني مقالة هشام بن الحكم، وهشام الجواليقي وأتباعهما في التجسيم، ثم قال: "والعاقل بأول وهلة يعلم أن من كانت هذه مقالته لم يكن له في الإسلام حظ" [التبصير في الدين/ 24.].
وقد استفاض عن هشام بن الحكم ومن تبعه أمر الغلو في التجسيم في كتب الفرق وغيرها. وتحدثت عن ذلك أيضًا بعض كتب المعتزلة والزيدية. وممن نقل ذلك عن الروافض من المعتزلة الجاحظ حيث قال: وتكلمت هذه الرافضة وجعلت له صورة وجسدًا، وكفرت من قال بالرؤية على غير التجسيم والتصوير، وكذلك ابن الخياط [الانتصار: ص14.]، والقاضي عبد الجبار [تثبيت دلائل النبوة: 1/225.].
ومن الزيدية ابن المرتضى اليماني حيث قال بأن جل الروافض على التجسيم إلا من اختلف منهم بالمعتزلة [المنية والأمل ص19، وانظر: نشوان الحميري/ الحور العين ص148-149.].
إذًا تشبيه الله سبحانه بخلقه كان في اليهود، وتسرّب إلى التّشيّع، لأنّ التّشيّع كان مأوى لكلّ من أراد الكيد للإسلام وأهله، وأول من تولى كبره هشام بن الحكم.
ولكن شيوخ الاثني عشرية يدافعون عن هؤلاء الضلال الذين استفاض خبر فتنتهم، واستطار شرهم ويتكلفون تأويل كل بائقة منسوبة إليهم أو تكذيبها.
حتى قال المجلسي: "ولعل المخالفين نسبوا إليهما [يعني هشام بن الحكم، وهشام بن سالم الجواليقي.] هذين القولين [يشير إلى ما نسب إليهما من القول بالجسم، والقول بالصورة.] معاندة" [بحار الأنوار: 3/288.].
وأقول: أما إنكار بعض الشيعة لذلك فقد عهد منهم التكذيب بالحقائق الواضحات، والتصديق بالأكاذيب البينات.
وأما دفاعهم عن هؤلاء الضلال فالشيء من معدنه لا يستغرب، فهم يدافعون عن أصحابهم، وقد تخصص طغام منهم للدفاع عن شذاذ الآفاق، ومن استفاض شره، وتناقل الناس أخبار مروقه وضلاله، في حين أنهم يتناولون من أثنى الله عليهم ورسوله بالذم والتفكي.
وقد يقال: إن ما سلف من أقوال عن هشام وأتباعه هي من نقل خصوم الشيعة فلا يكون حجة عليهم.
ومع أن تلك النقول عن أولئك الضلال قد استفاضت من أصحاب المقالات على اختلاف اتجاهاتهم، وهم أصدق من الرافضة مقالاً، وأوثق نقلاً، وهي تثبت أن الرافضة هم الأصل في إدخال هذه البدعة على المسلمين. لكن القول بأن نسبة التجسيم إليهم قد جاءت من الخصوم، ولا شاهد عليها من كتب الشيعة قد يتوهمه من يقرأ إنكار المنكرين لذلك من الشيعة، وإلا فالواقع خلاف ذلك.
إذ قد جاء في رواياتهم في كتبهم المعتمدة ما يدل على أن متكلمي الشيعة كهشام بن الحكم، وهشام بن سالم الجواليقي ويونس بن عبد الرحمن القمي وأمثالهم لم يكتفوا بمجرد إثبات الصفات كما دل عليه القرآن والسنة، بل تجاوزوا ذلك حتى ابتدعوا الغلو في الإثبات والتجسيم.
جاء في أصول الكافي للكليني، وفي التوحيد لابن بابويه وغيرهما ما يدل على أن الشيعة في سنة (255ه‍) قد تاهوا في بيداء مظلمة، إذ قد غرقوا في خلافهم في التجسيم؛ فمن قائل: إنه صورة، ومن قائل: إنه جسم، وقد صوروا هذا الواقع لإمامهم فحكم عليهم بأنهم بمعزل عن التوحيد، تقول الرواية كما يرويها صدوقهم القمي عن سهل قال: كتبت إلى أبي محمد سنة (255ه‍) قد اختلف يا سيدي أصحابنا في التوحيد؛ منهم من يقول: هو جسم، ومنهم من يقول: هو صورة، فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه فعلت متطولاً على عبدك؟
فوقع بخطه: سألت عن التوحيد وهذا عنكم معزول، الله تعالى واحد أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد. خالق وليس بمخلوق، يخلق تبارك وتعالى ما يشاء من الأجسام ويصور ما يشاء وليس بمصوَّر، جل ثناؤه وتقدست أسماؤه، وتعالى أن يكون له شبيه هو لا غيره ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
وقد كان لهشام بن الحكم وهشام بن سالم الجواليقي بالذات دور ظاهر في اتجاه التجسيم عند الشيعة كما تذكر ذلك مجموعة من رواياتهم.
جاء في أصول الكافي وغيره.. عن محمد بن الفرج الرّخجي قال: "كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عما قال هشام بن الحكم في الجسم وهشام بن سالم في الصورة، فكتب: دع عنك حيرة الحيران واستعذ بالله من الشيطان، ليس القول ما قال الهشامان" [أصول الكافي: 1/105، وانظر هذه الرواية في التوحيد لصدوقهم ابن بابويه ص97، وفي "أمالي الصدوق": ص228، وبحار الأنوار: 3/288، والحر العاملي/ الفصول المهمة ص15.].
وكان الأئمة يتبرؤون منهما ومن قولهما، وحينما جاء بعض الشيعة إلى إمامهم وقال له: "إني أقول بقول هشام" قال إمامهم (أبو الحسن علي بن محمد): "ما لكم ولقول هشام؟ إنه ليس منا من زعم أن الله جسم، ونحن منه براء في الدنيا والآخرة" [ابن بابويه/ التوحيد: ص104، بحار الأنوار: 3/291.].
وتفصح بعض رواياتهم عما قالوه في الرب جل شأنه وتقدست أسماؤه، فهذا أحد رجالهم ينقل لأبي عبد الله – كما تقول الرواية – ما عليه طائفة من الشيعة من التجسيم فيقول: "إن بعض أصحابنا يزعم أن الله صورة مثل الإنسان، وقال آخر: إنه في صورة أمرد جعد قطط! فخرّ أبو عبد الله عليه السلام ساجدًا ثم رفع رأسه فقال: سبحان الذي ليس كمثله شيء ولا تدركه الأبصار ولا يحيط به علم.." [ابن بابويه/ التوحيد ص103-104، بحار الأنوار: 3/304.].
وروى ابن بابويه عن إبراهيم بن محمد الخراز ومحمد بن الحسين قالا: "دخلنا على أبي الحسن الرضا عليه السلام فحكينا له ما روي أن محمدًا رأى ربه في هيئة الشاب الموفق في سن أبناء ثلاثين سنة، رجلاه في خضره وقلنا: إن هشام بن سالم وصاحب الطاق والميثمي يقولون: إنه أجوف إلى السرة والباقي صمد، فخر ساجدًا ثم قال: سبحانك ما عرفوك ولا وحدوك فمن أجل ذلك وصفوك، سبحانك لو عرفوك لوصفوك بما وصفت به نفسك.." [ابن بابويه/ التوحيد ص113-114، بحار الأنوار: 4/40، أصول الكافي: 1/101.].
فأنت ترى أن كبار متكلميهم قد غلوا في الإثبات، حتى شبهوا الله جل شأنه بخلقه وهو كفر بالله سبحانه؛ لأنه تكذيب لقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى، آية:11.] وعطلوا صفاته اللائقة به سبحانه فوصفوه بغير ما وصف به نفسه، وإمامهم كان ينكر عليهم هذا المنهج الضال، ويأمر بالالتزام في وصف الله، بما وصف به نفسه. ورواياتهم في هذا الباب كثيرة.
فهذا الاتجاه إلى الغلو في الإثبات، قد طرأ على الإثبات الحق الذي عليه علماء أهل البيت، وأصبح المذهب يتنازعه اتجاهان: اتجاه التجسيم الذي تزعمه هشام، واتجاه التنزيه الذي عليه أهل البيت كما تشير إليه روايات الشيعة نفسها، وكما هو "ثابت مستفيض في كتب أهل العلم" [منهاج السنة: 20/144.].

انتهى كلام الدكتور

التعليق:
ولنا على كلام الدكتور القفاري ست ملاحظات نذكرها فيما يلي:

الملاحظة الأولى: اعتماد الدكتور على أقوال خصوم الشيعة الإمامية:
لقد قال الدكتور في المقدمة كما نقلت عنه: والموضوعية الصادقة أن تنقل من كتبهم بأمانة، أن تختار المصادر المعتمدة عندهم، وأن تعدل في الحكم، وأن تحرص على الروايات الموثقة عندهم أو المستفيضة في مصادرهم -ما أمكن-....

وقال ايضا: والخلاصة: أنني لم أعمد إلا إلى كتبهم المعتمدة عندهم، في النقل والاقتباس لتصوير المذهب. ولم أذكر من عقائدهم في هذه الرسالة إلا ما استفاضت أخبارهم به، وأقره شيوخهم.

لكنه عندما نسب عقيدة التجسيم إلى الشيعة الإمامية، لم ينقل نصا واحدا عن كتبهم المعتبرة أو حتى غير المعتبرة، بل إنه اعتمد على كتب خصومهم، فنقل عن الرازي، وابن تيمية، وابن حزم، والأشعري، والإسفراييني، والبغدادي، والجاحظ، وغيرهم، وكل هؤلاء من خصوم الشيعة، ولستُ أدري كيف أصبحوا هم المصدر المعتمد لتصوير عقائد الشيعة؟؟؟

ثم إنه حاول أن يبرر فعلته الشنيعة هذه بعذرٍ هو أقبح من ذنب، فقال: وقد يقال: إن ما سلف من أقوال عن هشام وأتباعه هي من نقل خصوم الشيعة فلا يكون حجة عليهم. ومع أن تلك النقول عن أولئك الضلال قد استفاضت من أصحاب المقالات على اختلاف اتجاهاتهم، وهم أصدق من الرافضة مقالاً، وأوثق نقلاً، وهي تثبت أن الرافضة هم الأصل في إدخال هذه البدعة على المسلمين!!!

فإذا كنت – أيها الدكتور – ترى أن خصوم الشيعة أصدق من الشيعة أنفسهم، فلماذا أخذت على نفسك في مقدمة كتابك أن لا تنقل إلا عن مصادرهم المعتمدة؟؟؟

ولماذا اعتبرت هذا من الأمانة العلمية والموضوعية الصادقة؟؟؟

وهل أصبحت الشيعة الإمامية ضحية لأكاذيب ابن تيمية وابن حزم؟؟؟

الملاحظة الثانية: لم ينقل الدكتور أي نص عن لسان من نسب إليهم القول بالتجسيم:
قال الدكتور في مقدمته: واهتممت بالنقل "الحرفي" في الغالب رعاية للموضوعية، وضرورة الدقة في النقل والعزو، وهذا ما يفرضه المنهج العلمي في نقل كلام الخصوم.
انتهى

ولكنه لم يف بهذا الوعد ايضا، فهو لم ينقل لنا أي نص صدر عن لسان هشام بن الحكم أو عن لسان هشام بن سالم أو عن لسان مؤمن الطاق رضي الله عنهم أو غيرهم من الشيعة، وأساساً النصوص التي نقلها قالها رجال لم يعاصروا المذكورين أصلا...

وقد كان عليه أن يتثبت ويقرأ كلام من يريد أن يقذفهم جيدا، فلعلهم قالوا ذلك من قبيل الإلزام في مقام المجادلة، قال الشهرستاني:
وغلا هشام بن الحكم في حق علي رضي الله عنه حتى قال: إنه إله واجب الطاعة. وهذا هشام بن الحكم صاحب غور في الأصول؛ لا يجوز أن يُغفل عن إلزاماته على المعتزلة؛ فإن الرجل وراء ما يلزم به على الخصم، ودون ما يظهره من التشبيه... وذلك أنه ألزم العّلاف فقال: إنك تقول: الباري تعالى عالم بعلم، وعلمه ذاته؛ فيشارك المحدثات في أنه عالم بعلم، ويباينها في أن علمه ذاته؛ فيكون عالماً لا كالعالمين، فلمَ لا تقول: إنه جسم لا كالأجسام، وصورة لا كالصور، وله قدر لا كالأقدار... إلى غير ذلك??
الملل والنحل للشهرستاني ص 54 (الوراق)

والشهرستاني منحرف عن الشيعة عموما وعن هشام رضي الله عنه خصوصا، فهو قد نسب إليه فرية تأليه أميرالمؤمنين عليه السلام دون مستند، وقد صرح ابن حزم ايضا بأن كلام هشام قاله أثناء مناظرته مع العّلاف، قال ابن حزم: وقد قال هشام هذا في حين مناظرته لأبي الهذيل العلاف أن ربه سبعة أشبار بشبر نفسه وهذا كفر صحيح.
الفصل في الملل والأهواء والنحل ص 520 (الوراق)

فعلى قول الشهرستاني يكون كلام هشام بن الحكم من باب الإلزام، ولا يجوز أن نأخذ ما يقوله المناظر كإلزام لخصمه على أنه عقيدته التي يؤمن بها!!! كما لا يجوز لنا أن نقول إن لله سبحانه وتعالى ولد بدليل قوله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}...

الملاحظة الثالثة: لو صحت نسبة القول بالتجسيم لمن سمّاهم فإن الشيعة لا تتحمل أقوالهم:
قال البخاري: حدثنا محمود، حدثنا عبدالرزاق، أخبرنا معمر، ح وحدثني نعيم، أخبرنا عبدالله، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا ان يقولوا أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، فجعل خالد يقتل منهم ويأسر ودفع إلى كل رجل منا أسيره حتى إذا كان يوم أمر خالد ان يقتل كل رجل منا أسيره فقلت: والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكرناه له: فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يده فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين.
صحيح البخارى ج 5 ص 107

فنسأل: هل يصح لأحد أن ينسب ما صنعه الصحابي خالد بن الوليد (وهو سيف الله المسلول كما يقول أهل السنة) إلى النبي صلى الله عليه وآله أو إلى الإسلام؟؟؟

الجواب: طبعا لا، لأن ذلك الفعل لم يصدر عن النبي صلى الله عليه وآله، ولا بأمره، وإنما صدر عن صحابي يخطئ ويصيب، ويعصي ويطيع...

فنقول: لو صحت نسبة القول بالتجسيم – وهي لا تصح – إلى هشام بن الحكم أو غيره من الشيعة، فلا يجوز أن ينسب قولهم إلى الشيعة ككل، وإنما ينسب لمن صحت النسبة إليه فقط، تماما كما هو الحال فيما صنعه خالد...

والشيعة إنما يتّبعون أقوال المعصومين، ولا حجة في أقوال غيرهم كائنا من كان...

فإن قال قائل: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد تبرأ من صنع خالد، قلنا: وأئمتنا عليهم السلام قد تبرأوا من القول بالتجسيم، وستأتي جملة من الروايات...

ومن العجيب حقا أن يجعل الدكتور السؤال أو الشبهة التي يوجهها الشيعة إلى الإمام عليه السلام هي القاعدة والأساس، ويتجاهل رأي الإمام عليه السلام!!!

والرجوع للأئمة وسؤالهم في أصول الدين وفروعه أمر طبيعي للغاية، وقد قال تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}...

فهل من الإنصاف تتبع الأسئلة والشبهات التي يطرحها عامة الناس، لجعلها عقيدة أساسية؟؟؟

الملاحظة الرابعة: بطلان نسبة القول بالتجسيم لهشام بن الحكم وهشام بن سالم وغيرهما:
لا يوجد دليل واحد صحيح على أن هشام بن الحكم وهشام بن سالم ومؤمن الطاق والميثمي وغيرهم من متكلمي الشيعة خصوصا أصحاب الأئمة عليهم السلام، كانوا يعتقدون بالتجسيم، قال العلامة المجلسي رحمه الله:
لا ريب في جلالة قدر الهشامين وبراءتهما عن هذين القولين، وقد بالغ السيد المرتضى قدس الله روحه في براءة ساحتهما عما نسب إليهما في كتاب الشافي، مستدلا عليها بدلائل شافية، ولعل المخالفين نسبوا إليهما هذين القولين معاندة كما - نسبوا المذاهب الشنيعة إلى زرارة وغيره من أكابر المحدثين، أو لعدم فهم كلامهما، فقد قيل : إنهما قالا بجسم لا كالاجسام، وبصورة لا كالصور، فلعل مرادهما بالجسم الحقيقة القائمة بالذات، وبالصورة الماهية، وإن أخطئا في إطلاق هذين اللفظين عليه تعالى.
بحار الأنوار ج 3 ص 288

وقد نقل الأشعري كلاما عن هشام بن الحكم، يوضح فيه المعنى الذي يقصده، قال الأشعري: وقال هشام بن الحكم: معنى الجسم أنه موجود، وكان يقول: إنما أريد بقولي جسم أنه موجود وأنه شيء وأنه قائم بنفسه.
مقالات الإسلاميين ص 75 (الوراق)

ولا تنس كلام الشهرستاني الذي مر عليك آنفا...

الملاحظة الخامسة: رمتني بدائها وانسلت، الدكتور هو من يعتقد بالتجسيم:
إذا كان الدكتور القفاري يرى لنفسه الحق في إلصاق عقيدة لطائفة كاملة بسبب وجود أفراد لا يشكلون حتى 1 في المائة مليون مليون، مع ما قد عرفت من عدم ثبوت نسبة تلك العقيدة، فلنا نحن أن نستخدم نفس المكيال الذي استخدمه الدكتور فنقول:

إن أهل السنة (كلهم) يعتقدون أن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله (والعياذ بالله) قد رأى الله سبحانه وتعالى على صورة شاب أمرد عليه نعلان من ذهب!!!

وايضا يفسرون قول الله تعالى: { فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ} بأن الله سبحانه وتعالى عما يقولون قد أخرج طرف خنصره فساخ الجبل!!!

ومستندنا في ذلك هي الكلمات الموجودة في مصادرهم المعتبرة، منها:

أولا: عقائد حماد بن سلمة:
الذي قال عنه الذهبي:
الإمام القدوة، شيخ الإسلام، أبو سلمة البصري، النحوي، البزاز، الخرقي، البطائني، مولى آل ربيعة بن مالك، وابن أخت حميد الطويل.
وقال علي بن المديني: هو عندي حجة في رجال، وهو أعلم الناس بثابت البناني، وعمار بن أبي عمار، ومن تكلم في حماد فاتهموه [في الدين].
قال الذهبي: قلت: كان بحرا من بحور العلم، وله أوهام في سعة ما روى، وهو صدوق حجة، إن شاء الله، وليس هو في الإتقان كحماد بن زيد، وتحايد البخاري إخراج حديثه، إلا حديثا خرجه في الرقاق...
وقال محمد بن مطهر: سألت أحمد بن حنبل، فقال: حماد بن سلمة عندنا من الثقات، ما نزداد فيه كل يوم إلا بصيرة.
قال شيخ الإسلام في: "الفاروق" له: قال أحمد بن حنبل: إذا رأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة، فاتهمه على الإسلام، فإنه كان شديدا على المبتدعة.

سير أعلام النبلاء ج 7 ص 444

ومن عقائد شيخ الإسلام حماد بن سلمة مايلي:
1 - قال الذهبي:
حماد، عن ثابت، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: فلما تجلى ربه للجبل.
قال: أخرج طرف خنصره، وضرب على إبهامه، فساخ الجبل.
فقال حميد الطويل لثابت: تحدث بمثل هذا ؟
قال: فضرب في صدر حميد وقال: يقوله أنس، ويقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكتمه أنا!
رواه جماعة عن حماد [وصححه الترمذي].

ميزان الاعتدال ج 1 ص 593

2 - قال الذهبي:
إبراهيم بن أبى سويد، وأسود بن عامر، حدثنا حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس - مرفوعا: رأيت ربى جعدا أمرد. عليه حلة خضراء. وقال ابن عدى: حدثنا عبدالله بن عبدالحميد الواسطي، حدثنا النضر بن سلمة شاذان، حدثنا الاسود بن عامر، عن حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن محمدا رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر من لؤلؤ قدميه أو رجليه في خضرة.
وحدثنا ابن أبى سفيان الموصلي، وابن شهريار، قالا: حدثنا محمد بن رزق الله ابن موسى، حدثنا الاسود بنحوه. وقال عفان: حدثنا عبدالصمد بن كيسان، حدثنا حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: رأيت ربى.
وقال أبو بكر بن أبى داود: حدثنا الحسن بن يحيى بن كثير، حدثنا أبى، حدثنا حماد بنحوه، فهذا من أنكر ما أتى به حماد بن سلمة، وهذه الرؤية رؤية منام إن صحت. قال المرودى: قلت لاحمد: يقولون لم يسمع قتادة عن عكرمة. فغضب وأخرج كتابه بسماع قتادة، عن عكرمة، في ستة أحاديث. ورواه الحكم بن أبان عن زيرك عن عكرمة. وهو غريب جدا. العيشى، حدثنا حماد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة - مرفوعا: أنزل القرآن على ثلاثة أحرف. ثم ساق ابن عدى لحماد جملة مما ينفرد به متنا أو إسنادا، ومنه ما يشاركه فيه غيره. وحماد إمام جليل، وهو مفتى أهل البصرة مع سعيد بن أبى عروبة.

ميزان الاعتدال ج 1 ص 593

ثانيا: عقائد نعيم بن حماد:
الذي قال عنه الذهبي:
نعيم بن حماد بن معاوية ابن الحارث بن همام بن سلمة بن مالك ، الإمام العلامة الحافظ، أبو عبدالله الخزاعي المروزي الفرضي الاعور ، صاحب التصانيف ...
وقال أحمد: كان نعيم كاتبا لابي عصمة - يعني نوحا - وكان شديد الرد على الجهمية ، وأهل الاهواء ، ومنه تعلم نعيم .
يوسف بن عبدالله الخوارزمي: سألت أحمد بن حنبل عن نعيم بن حماد، فقال: لقد كان من الثقات.

سير أعلام النبلاء ج 10 ص 595

ومن عقائد العلامة الحافظ تعيم بن حماد:
قال الذهبي: نعيم بن حماد، حدثنا ابن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبى هلال، عن مروان بن عثمان، عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل - أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: رأيت ربي في أحسن صورة شابا موقرا رجلاه في خضر عليه نعلان من ذهب. قال أبو عبدالرحمن النسائي: ومن مروان حتى يصدق على الله تعالى.
ميزان الاعتدال ج 4 ص 269

فعلى مقاييس الدكتور نقول: هذه هي عقيدة أهل السنة.
فإن قال الدكتور: قد أنكرها الذهبي والنسائي وابن عدي.
فنقول: وعقيدة التجسيم أنكرها أئمتنا المعصومون عليهم السلام، ومع ذلك لم تلتفت إلى إنكارهم عليهم السلام...


ثالثا: الأحاديث التي رواها ابن أبي عاصم وصححها الألباني:
1 - قال ابن أبي عاصم: (465) ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا إبراهيم ابن طهمان، ثنا سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى تجلى لي في أحسن صورة فسألني فيما يختصم الملأ الأعلى ؟. قال: قلت: ربي ! لا أعلم به، قال: فوضع يده بين كتفي حتى وحدت بردها بين ثديي أو وضعها بين ثديي حتى وجدت بردها بين كتفي فما سألني عن شيء إلا علمته ".
قال الألباني: إسناد حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سماك بن حرب فهو من رجال مسلم وحده، وفيه كلام كما تقدم بيانه قبل حديث. والحديث له شاهد من حديث معاذ وغيره، وقد مضى تخريجه تحت رقم (388).

2 - قال ابن أبي عاصم: (466) ثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير، عن ليث، عن ابن سابط، عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تراءى لي ربي في أحسن الصورة " ثم ذكر الحديث.
قال الألباني: حديث صحيح بما قبله وما بعده، ورجاله ثقات غير ليث وهو ابن أبي سليم وكان اختلط، وقد مضى برقم (389) بعض تمام هذا الحديث.

3 - قال ابن أبي عاصم: (467) حدثنا هشام بن عمار، ثنا الوليد بن مسلم وصدقة قالا ثنا ابن جابر قال: مر بنا خالد بن اللجلاج فدعاه مكحول فقال له يا أبا ابراهيم حدثنا حديث عبدالرحمن بن عائش قال: سمعت عبدالرحمن بن عائش يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأيت ربي في أحسن الصورة".
قال الألباني: حديث صحيح، وهو الطرف الأول للحديث المتقدم بهذا الإسناد (288) إلا أنه لم يذكر فيه هناك الوليد بن مسلم. وتقدم تخريجه هناك مع بيان أن عبدالرحمن بن عائش لم تثبت له حجته.

 

قاسم

New Member
18 أبريل 2010
245
0
0
4 - قال ابن أبي عاصم: (468) ثنا يحيى بن عثمان بن كثير، ثنا زيد بن يحيى، ثنا ابن ثوبان، ثنا أبي، عن مكحول وابن أبي زكريا، عن (ابن) عائش الحضرمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتاني ربي الليلة في احسن صورة ".
قال الألباني: حديث صحيح بما قبله وما بعده، ورجاله ثقات، لكن ابن عائش لم تثبت له صحبة كما سبق. وابن أبى زكريا اسمه عبدالله أبو يحيى الشامي. وابن ثوبان هو عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي الدمشقي.

5 - قال ابن أبي عاصم: (469) ثنا أبو موسى، ثنا معاذ بن هشام، ثنا أبي، عن قتادة، عن أبي كلابة عن خالد بن اللجلاج، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رأيت ربي عز وجل في أحسن صورة ".
قال الألباني: إسناده صحيح، على ما رجحنا فيما تقدم (388) من توثيق خالد بن اللجلاج، وسائر رجاله ثقات رجال الشيخين كما تقدم هناك. والحديث أخرجه الترمذي (2 / 215): حدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن هشام به " حديث حسن غريب من هذا الوجه "

6 - قال ابن أبي عاصم: (470) ثنا عبيد الله بن فضالة، ثنا عبدالله بن صالح، ثنا معاوية بن صالح عن أبي يحيى، عن أبي يزيد، عن أبي سلام الأسود، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن ربي أتاني الليلة في أحسن صورة ". وفي هذه الأخبار ووضع يده بين كتفي.
قال الألباني: حديث صحيح بما تقدم له من الشواهد، ورجاله ثقات، على ضعف في عبدالله بن صالح، غير أبي يحيى، فإني لم أعرفه. وأبي يزيد واسمه غيلان بن أنس الكلبي، روى عنه جمع من الثقات، ولم يذكروا توثيقه عن أحد. وأبو سلام الأسود اسمه ممطور. 99 –

7 - قال ابن أبي عاصم: (471) ثنا اسماعيل بن عبدالله، ثنا نعيم بن حماد ويحيى بن سليمان قالا: حدثنا عبدالله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال حدثه أن مروان بن عثمان، حدثه عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل امرأة أبي بن كعب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " رأيت ربي في المنام في أحسن صورة " وذكر كلاما.
قال الألباني: حديث صحيح بما قبله، وإسناده ضعيف مظلم، عمارة بن عامر أورده ابن أبي حاتم (3 / 1 / 367) من هذه الرواية ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. ومروان بن عثمان هو ابن أبي سعيد بن المعلى الأنصاري الزرقي ضعيف كما في " التقريب ". وذكر المزي في " التهذيب " أنه روى عن أم الطفيل امرأة أبي بن كعب، فتعقبه الحافظ في " تهذيبه " بقوله: " وفيه نظر فإن روايته إنما هي عن عمارة بن عمرو بن حزم عن أم الطفيل امرأة أبي في الرؤية وهو متن منكر ". كذا قال: ابن عمرو بن حزم. وإنما هو ابن عامر كما تراه في الكتاب، وكذلك هو عند ابن أبي حاتم كما سبقت الإشارة إليه.
المصدر: كتاب السنة لعمرو بن أبي عاصم تحقيق الألباني من ص 203 إلى 205

قلت: يقصد بالكلام في الرواية الأخيرة التي قال فيها "وذكر كلاما" هو ما جاء في ميزان الاعتدال ونصه: رأيت ربي في أحسن صورة شابا موقرا رجلاه في خضر عليه نعلان من ذهب!!!

فلنا أن نقول ان هذه هي عقيدة الدكتور القفاري، من باب إلزامه بما ألزم به نفسه، فهو يرى أن وجود رأي شاذ قاله واحد من الشيعة الإمامية، يكفي لتعميم الحكم على كل الشيعة المتقدمين منهم والمتأخرين!!!

الملاحظة السادسة: روايات وأقوال الإمامية في نفي التجسيم:
قال الدكتور في مقدمته: مصادر الرسالة: وقد اعتمدت في دراستي عنهم على مصادرهم المعتبرة من كتب التفسير والحديث، والرجال، والعقائد، والفرق، والفقه، والأصول.

ثم ذكر جملة من كتب الشيعة، منها: التوحيد للشيخ الصدوق والاعتقادات للشيخ المفيد...
ومما قاله: وأكثر ما رجعت إليه من هذه المصدر الثمانية كتابان هما: "أصول الكافي"، و"بحار الأنوار"؛ وذلك لأنهما أكثر اهتماماً بمسائل الاعتقاد، ولأن الشيعة تعلق عليهما أهمية بالغة.

ولو أن الدكتور صدق في دعواه لما عقد هذا الفصل في كتابه أصلا، فأقول:

أولا: نقل بعض نصوص علمائنا في إبطال التجسيم:
1 - قال الشيخ المفيد أعلى الله مقامه:
باب في صفة اعتقاد الإمامية: قال الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه - الفقيه المصنف لهذا الكتاب: اعلم ان اعتقادنا في التوحيد ان الله تعالى واحد احد، ليس كمثله شيء، قديم لم يزال، سميع بصير، عليم حكيم، حي قيوم، عزيز قدوس، قادر غني.
لا يوصف بجوهر، ولا جسم، ولا صورة، ولاعرض، ولاخط، ولا سطح، ولاثقل، ولاخفة، ولا سكون، ولا حركة، ولا مكان، ولا زمان.
وانه تعالى متعالى عن جميع صفات خلقه خارج من الحدين حد الإبطال وحد التشبيه.
وانه تعالى شيء لا كالأشياء، أحد صمد لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك، ولم يكن له كفء أحد ولا ند ولا ضد ولاشبه ولا صاحبة ولا مثل ولا نظير ولا شريك، لا تدركه الأبصار والأوهام وهو يدركها، لا تأخذه سنة ولانوم، وهو اللطيف الخبير، خالق كل شيء لا إله إلا هو له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين.
ومن قال بالتشبيه: فهو مشرك.
ومن نسب إلى الإمامية غير ما وصف في التوحيد: فهو كاذب.
وكل خبر يخالف ما ذكرت في التوحيد: فهو موضوع مخترع.
وكل حديث لا يوافق كتاب الله: فهو باطل، وإن وجد في كتاب علمائنا فهو مدلس.

والأخبار التي يتوهمها الجهال تشبيها لله تعالى بخلقه: فمعانيها محمولة على ما في القرآن من نظائرها.
لأ في القرآن: { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} ومعنى الوجه: الدين، والدين هو الوجه الذي يوتى الله منه ويتوجه به إليه.
وفي القرآن: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} والساق: وجه الأمر وشدنه.
وفي القرآن: {أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ} والجنب: الطاعة.
وفي القرآن: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي} والروح هي روح مخلوقة جعل الله منها في آدم وعيسى - عليها السلام - وإنما قال: {رُّوحِي} كما قال بيتي وعبدي وجنتي وناري وسمائي وأرضي.
وفي القرآن: { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} يعني نعمة الدنيا ونعمة الآخرة.
وفي القرآن: {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} والأيد: القوة، ومنه قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ} يعني ذا القوة.
وفي القرآن: {يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} يعني بقدرتي وقوتي.
وفي القرآن: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} يعني ملكه لا يملكها معه أحد.
وفي القرآن: {وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} يعني بقدرته.
وفي القرآن: {وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} يعني وجاء أمر ربك.
وفي القرآن: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} يعني عن ثواب ربهم.
وفي القرآن: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ اللّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلآئِكَةُ} أي عذاب الله.
وفي القرآن: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} يعني مشرفة تنظر ثوابها ربها.
وفي القرآن: {وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} وغضب الله عقابه، ورضاه ثوابه.
وفي القرآن: { تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} أي تعلم غيبي ولا أعلم غيبك.
وفي القرآن: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ} يعني انتفامه.
وفي القرآن: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} وفي القرآن: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} والصلاة من الله رحمة ومن الملائكة تزكية ومن الناس دعاء.
وفي القرآن: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
وفي القرآن: {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}.
وفي القرآن: {اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}.
وفي القرآن: {سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ }.
وفي القرآن: {نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ}.
ومعنى ذلك كله أنه عز وجل يجازيهم جزاء المكر، وجزاء المخادعة، وجزاء الإستهزاء، وجزاء السخرية، وجزاء النسيان، وهو ان ينسيهم أنفسهم كما قال عز وجل: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ} لأنه عز وجل في الحقيقة لا يمكر ولا يخادع ولا يستهزئ ولا يسخر ولا ينسى، تعالى الله عز وجل عن ذلك علواً كبيراً.
وليس يرد في الأخبار التي يشنع بها أهل الخلاف والإلحاد إلا مثل هذه الألفاظ ومعانيها معاني ألفاظ القرآن.

انتهى كلام الشيخين رضي الله عنهما، الاعتقادات ص 21

2 – قال العلامة الحلي قدس سره:
المسألة الثالثة: في صفاته تعالى وفيها مباحث
إلى أن قال:
البحث الثالث: في أنه تعالى ليس بجسم:
أطبق العقلاء على ذلك إلا أهل الظاهر، كداود، والحنابلة كافة، فإنهم قالوا: إنه تعالى جسم يجلس على العرش، ويفضل عنه من كل جانب ستة أشبار بشبره، وأنه ينزل في كل ليلة جمعة على حمار، وينادي إلى الصباح: "هل من تائب، هل من مستغفر؟ "وحملوا آيات التشبيه على ظواهرها. والسبب في ذلك قلة تمييزهم وعدم تفطنهم بالمناقضة التي تلزمهم، وإنكار الضروريات التي تبطل مقالتهم، فإن الضرورة قاضية بأن كل جسم لا ينفك عن الحركة والسكون، وقد ثبت في علم الكلام: أنهما حادثان. والضرورة قاضية: أن ما لا ينفك عن المحدث فإنه يكون محدثا، فيلزم حدوث الله تعالى. والضرورة الثانية قاضية بأن كل محدث مفتقر إلى محدث، فيكون واجب الوجود مفتقرا إلى مؤثر، ويكون ممكنا، فلا يكون واجبا، وقد فرض أنه واجب، هذا خلف. وقد تمادى أكثرهم، فقال: إنه تعالى يجوز عليه المصافحة، وأن المخلصين يعانقونه في الدنيا. وقال: داود: اعفوني عن الفرج، واللحية، واسألوني عما وراء ذلك. وقال: إن معبوده جسم ذو لحم، ودم، وجوارح، وأعضاء، وأنه بكى على طوفان نوح، حتى رمدت عيناه، وعادته الملائكة لما اشتكت عيناه !. فلينصف العاقل المقلد من نفسه، هل يجوز له تقليد هؤلاء في شيء؟. وهل للعقل مجال في تصديقهم في هذه المقالات الكاذبة والاعتقادات الفاسدة؟؟ وهل تثق النفس بإصابة هؤلاء في شئ ألبتة ؟.

نهج الحق وكشف الصدق ص 53

3 – قال العلامة الشيخ محمد رضا المظفر قدس سره:
عقيدتنا في الله تعالى: نعتقد ان الله تعالى واحد أحد ليس كمثله شيء، قديم لم يزل ولا يزال، هو الأول والآخر، عليم حكيم عادل حي قادر غني سميع بصير. ولا يوصف بما توصف به المخلوقات، فليس هو بجسم ولا صورة، وليس جوهرا ولا عرضا، وليس له ثقل أو خفة، ولا حركة أو سكون، ولا مكان ولا زمان، ولا يشار إليه. كما لا ند له، ولا شبه، ولا ضد، ولا صاحبة له ولا ولد، ولا شريك، ولم كين له كفوا أحد. لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار. ومن قال بالتشبيه في خلقه بأن صور له وجها ويدا وعينا، أو أنه ينزل إلى السماء الدنيا، أو أنه يظهر إلى أهل الجنة كالقمر، (أو نحو ذلك) فإنه بمنزلة الكافر به جاهل بحقيقة الخالق المنزه عن النقص، بل كل ما ميزناه بأوهامنا في أدق معانيه فهو مخلوق مصنوع مثلنا مردود إلينا (على حد تعبير الإمام الباقر عليه السلام) وما أجله من تعبير حكيم! وما أبعده من مرمى علمي دقيق! وكذلك يلحق بالكافر من قال إنه يتراءى لخلقه يوم القيامة، وإن نفى عنه التشبيه بالجسم لقلقةً في اللسان، فإن أمثال هؤلاء المدّعين جمدوا على ظواهر الألفاظ في القرآن الكريم أو الحديث، وأنكروا عقولهم وتركوها وراء ظهورهم. فلم يستطيعوا أن يتصرفوا بالظواهر حسبما يقتضيه النظر والدليل وقواعد الإستعارة والمجاز.
عقائد الامامية ص 36

نكتفي بهذا المقدار من النصوص خوفا من الإطالة، ومن أراد المزيد فليرجع إلى أي كتاب كتبه أحد من علمائنا، فهذه المسئلة لا يختلف فيها إثنان من الشيعة الإمامية...

ثانيا: نقل بعض الروايات المأثورة عن المعصومين عليهم السلام في إبطال التجسيم:
عقد الشيخ الكليني قدس سره في الكافي الشريف بابا بعنوان: (باب النهي عن الجسم والصورة) أورد فيه ثمان روايات مسندة عن المعصومين، وهي كما يلي:

1 - أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان بن يحيى، عن علي بن أبي حمزة، قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم أن الله جسم، صمدي نوري، معرفته ضرورة، يمن بها على من يشاء من خلقه، فقال عليه السلام: سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، لا يحد، ولا يحس، ولا يجس، ولا تدركه [الأبصار ولا] الحواس، ولا يحيط به شيء، ولا جسم، ولا صورة، ولا تخطيط، ولا تحديد.

2 - محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن حمزة بن محمد قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الجسم والصورة فكتب: سبحان من ليس كمثله شيء، لا جسم، ولا صورة، ورواه محمد بن أبي عبدالله إلا أنه لم يسم الرجل.

3 - محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن زيد قال: جئت إلى الرضا عليه السلام أسأله عن التوحيد فأملى علي: الحمد لله فاطر الأشياء إنشاء، ومبتدعها ابتداعا، بقدرته وحكمته، لا من شيء فيبطل الاختراع، ولا لعلة فلا يصح الابتداع، خلق ما شاء كيف شاء، متوحدا بذلك لإظهار حكمته وحقيقة ربوبيته، لا تضبطه العقول، ولا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأبصار، ولا يحيط به مقدار، عجزت دونه العبارة، وكلّت دونه الأبصار، وضل فيه تصاريف الصفات، احتجب بغير حجاب محجوب، واستتر بغير ستر مستور، عُرف بغير رؤية، ووصف بغير صورة، ونعت بغير جسم، لا إله إلا الله الكبير المتعال.

4 - محمد بن أبي عبدالله، عمن ذكره، عن علي بن العباس، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن حكيم قال: وصفت لابي إبراهيم عليه السلام قول هشام بن سالم الجواليقي وحكيت له: قول هشام بن الحكم إنه جسم فقال: إن الله تعالى لا يشبهه شيء، أي فحش أو خنى أعظم من قول من يصف خالق الأشياء بجسم أو صورة أو بخلقة أو بتحديد وأعضاء، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

5 - علي بن محمد رفعه، عن محمد بن الفرج الرخجي قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عما قال هشام بن الحكم في الجسم وهشام بن سالم في الصورة فكتب: دع عنك حيرة الحيران واستعذ بالله من الشيطان، ليس القول ما قال الهشامان.

قلت: كتب محقق كتاب الكافي الشيخ علي أكبر الغفاري في الحاشية تعليقا على الرواية رقم (5) ما يلي:
المراد بالهشامين هشام بن الحكم وهشام بن سالم الجواليقي، وهما من أجلاء أصحاب أبي عبدالله وأبي الحسن موسى عليهما السلام، وأما ما نسب إليهما من القول بالتشبيه والتجسيم فغير صحيح عند عظماء أصحابنا، كما أن السيد المرتضى قدس سره بالغ في براءة ساحتهما عن مثل هذه الأقوال في كتاب الشافي مستدلا بدلائل شافية، ومن أراد الإطلاع فليراجع هناك ونقول: إن بعضها ناش من عدم فهم كلامهما كما مر في الحديث الثالث من باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه ص 101 . وبعضها ناش من خلط كلام المخالفين بكلامهما عند الإحتجاج، وبعضها تقوّل عليهم من المخالفين فنسبوا إليهما هذه الآراء التافهة كما نسبوا المذاهب الشنيعة إلى زرارة ومؤمن الطاق والميثمي و غيرهم من أكابر الشيعة: وأما قول الإمام في الحديث السابع "قاتله الله" لمصالح ذكروها في كتب التراجم.

6 - محمد بن أبي عبدالله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن سعيد، عن عبدالله بن المغيرة، عن محمد بن زياد قال: سمعت يونس بن ظبيان يقول: دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقلت له: إن هشام بن الحكم يقول قولا عظيما إلا أني أختصر لك منه أحرفا فزعم أن الله جسم لأن الأشياء شيئان: جسم وفعل الجسم فلا يجوز أن يكون الصانع بمعنى الفعل ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل فقال أبو عبدالله عليه السلام: ويحه أما علم أن الجسم محدود متناه والصورة محدودة متناهية فإذا احتمل الحد احتمل الزيادة والنقصان وإذا احتمل الزيادة والنقصان كان مخلوقا قال: قلت: فما أقول ؟ قال: لا جسم ولا صورة وهو مجسم الأجسام ومصور الصور، لم يتجزء ولم يتناه ولم يتزايد ولم يتناقص، لو كان كما يقولون لم يكن بين الخالق والمخلوق فرق ولا بين المنشيء والمنشأ، لكن هو المنشيء فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه، إذ كان لا يشبهه شيء ولا يشبه هو شيئا.

7 - محمد بن أبي عبدالله، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن العباس، عن الحسن ابن عبدالرحمن الحماني قال: قلت لابي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: إن هشام بن الحكم زعم أن الله جسم ليس كمثله شيء، عالم، سميع، بصير، قادر، متكلم، ناطق، والكلام والقدرة والعلم يجري مجرى واحد، ليس شيء منها مخلوقا فقال: قاتله الله أما علم أن الجسم محدود والكلام غير المتكلم معاذ الله وأبرء إلى الله من هذا القول، لا جسم ولا صورة ولا تحديد وكل شيء سواه مخلوق، إنما تكون الأشياء بإرادته ومشيئته من غير كلام ولا تردد في نفس ولا نطق بلسان.

8 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن حكيم قال: وصفت لأبي الحسن عليه السلام قول هشام الجواليقي وما يقول في الشاب الموفق ووصفت له قول هشام بن الحكم فقال: إن الله لا يشبهه شيء.


وعقد الشيخ الصدوق قدس سره بابا بعنوان (باب انه عز وجل ليس بجسم ولا صورة) أورد فيه 20 رواية، ثمان روايات منها هي نفس الروايات التي رواها الشيخ الكليني واثنتي عشر رواية مختلفة وهي:

1 - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن محمد الهمداني، قال كتبت إلى الرجل يعني أبا الحسن عليه السلام: أن من قبلنا من مواليك قد اختلفوا في التوحيد، فمنهم من يقول جسم، ومنهم من يقول صورة، فكتب عليه السلام بخطه: سبحان من لا يحد، ولا يوصف، ليس كمثله شيء وهو السميع العليم - أو قال: البصير -.

2 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن هشام بن إبراهيم، قال: قال العباسي قلت له - يعني أبا الحسن عليه السلام -: جعلت فداك أمرني بعض مواليك أن أسألك عن مسألة قال: ومن هو ؟ قلت: الحسن بن سهل قال: في أي شيء المسألة ؟ قال: قلت في التوحيد، قال: وأي شيء من التوحيد ؟ قال: يسألك عن الله جسم أو لاجسم ؟ قال: فقال لي: إن للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب مذهب إثبات بتشبيه، و مذهب النفي، ومذهب إثبات بلا تشبيه. فمذهب الاثبات بتشبيه لا يجوز، ومذهب النفي لا يجوز، والطريق في المذهب الثالث إثبات بلا تشبيه.

3 - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن عمران بن موسى، عن الحسن بن العباس ابن حريش الرازي، عن بعض أصحابنا، عن الطيب يعني علي بن محمد، وعن أبي جعفر الجواد عليهما السلام أنهما قالا: من قال بالجسم فلا تعطوه من الزكاة ولا تصلوا وراءه.

4 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال، حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن سهل بن زياد، عن محمد بن علي القاساني، قال: كتبت إليه عليه السلام: أن من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد، قال: فكتب عليه السلام: سبحان من لا يحد، ولا يوصف، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير.

5 - حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله، عن أبيه، عن أبي سعيد الآدمي، عن بشر بن بشار النيسابوري، قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام بأن من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد، منهم من يقول هو جسم، ومنهم من يقول صورة، فكتب عليه السلام: سبحان من لا يحد، ولا يوصف، ولا يشبهه شيء، وليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

6 - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله، عن أبيه، عن سهل بن زياد، قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام سنة خمس وخمسين ومائتين: قد اختلف يا سيدي أصحابنا في التوحيد منهم من يقول هو جسم، ومنهم من يقول هو صورة، فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه فعلت متطولا على عبدك، فوقع عليه السلام بخطه: سألت عن التوحيد، وهذا عنكم معزول، الله تعالى واحد، أحد، صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، خالق وليس بمخلوق، يخلق تبارك وتعالى ما يشاء من الاجسام وغير ذلك، ويصور ما يشاء، وليس بمصور، جل ثناؤه، وتقدست أسماؤه، وتعالى عن أن يكون له شبيه، هو لاغيره ليس كمثله شيء، وهو السمع البصير.

7 - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا العباس بن معروف، قال: حدثنا ابن أبي نجران عن حماد بن عثمان، عن عبدالرحيم القصير، قال: كتبت على يدي عبدالملك بن أعين إلى أبي عبدالله عليه السلام بمسائل، فيها: أخبرني عن الله عز وجل هل يوصف بالصورة وبالتخطيط ؟ فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد فكتب عليه السلام بيدي عبدالملك بن أعين: سألت رحمك الله عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك، فتعالى الله الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، تعالى الله عما يصفه الواصفون المشبهون الله تبارك وتعالى بخلقه المفترون على الله، واعلم رحمك الله أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله عز وجل، فانف عن الله البطلان والتشبيه، فلا نفي ولا تشبيه، هو الله الثابت الموجود، تعالى الله عما يصفه الواصفون، ولا تعد القرآن فتضل بعد البيان.

8 - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله، عن أبيه، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا، قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الجسم و الصورة، فكتب: سبحان من ليس كمثله شيء ولا جسم ولا صورة.

9 - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه، عن أبيه، عن سهل ابن زياد الآدمي، عن حمزة بن محمد، قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الجسم والصورة، فكتب: سبحان من ليس كمثله شيء.

10 - حدثنا علي بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي رحمه الله، عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن عبدالله بن بحر، عن أبي - أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عما يروون أن الله عز وجل خلق آدم على صورته فقال: هي صورة محدثة مخلوقة، اصطفاها الله واختارها على سائر الصور المختلفة، فأضافها إلى نفسه كما أضاف الكعبة إلى نفسه والروح إلى نفسه. فقال: {بَيْتِيَ} وقال: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي }.

11 - حدثني محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج، قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: إن بعض أصحابنا يزعم أن لله صورة مثل صورة الانسان، وقال آخر: إنه في صورة أمرد جعد قطط، فخر أبو عبدالله ساجدا، ثم رفع رأسه، فقال: سبحان الله الذي ليس كمثله شيء، ولا تدركه الابصار، ولا يحيط به علم، لم يلد لان الولد يشبه أباه، ولم يولد فيشبه من كان قبله، ولم يكن له من خلقه كفوا أحد، تعالى عن صفة من سواه علوا كبيرا.

12 - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدثنا علي بن أيراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الصقر بن (أبي) دلف، قال: سألت أبا الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا عليهم السلام عن التوحيد، وقلت له: أني أقول بقول هشام ابن الحكم، فغضب عليه السلام ثم قال: مالكم ولقول هشام، إنه ليس منا من زعم أن الله عز وجل جسم ونحن منه برآء في الدنيا والآخرة، يا ابن (أبي) دلف إن الجسم محدث، والله محدثه ومجسمه.



الموضوع التالي يأتي إن شاء الله تعالى...

اللهم صلِ على محمدٍ وآل محمد...