خلاصة أقوال علماء الشيعة على تهمة تحريف القرآن

18 أبريل 2010
131
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم

خلاصة ردود علماء الشيعة
صدرت عن علماء الشيعة ردود عديدة على تهمة القول بتحريف القرآن، نذكر خلاصة أفكارها بما يلي :

1 ــ أن واقع الشيعة في العالم يكذب التهمة

فالشيعة ليسوا طائفة قليلة تعيش في قرية نائية أو مجتمع مقفل، حتى يخفى قرآنهم الذي يعتقدون به ويقرؤونه. بل هم ملايين الناس وعشرات الملايين، يعيشون في أكثر بلاد العالم الإسلامي، وهذه بلادهم وبيوتهم ومساجدهم وحسينياتهم ومدارسهم وحوزاتهم العملية، لا تجد فيها إلا نسخة هذا القرآن.. ولو كانوا لا يعتقدون به ويعتقدون بغيره دونه أو معه، فلماذا يقرؤونه في بيوتهم ومراكزهم ومناسباتهم ولا يقرؤون غيره ؟ ولماذا يدرسونه ولا يدرسون غيره ؟!

2 ــ ومذهب التشيع مبني على التمسك بالقرآن والعترة

قام مذهب التشيع لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله على الإعتقاد بأن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وآله بأن يوصي أمته بالتمسك بعده بالقرآن وعترة النبي، لأنه اختارهم للإمامة وقيادة الأمة بعد نبيه صلى الله عليه وآله.

وحديث الثقلين حديث ثابت عند الشيعة والسنة، فقد رواه أحمد في مسنده ج 3 ص 17 (عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إني أوشك أن ادعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي. كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الأرض، وعترتي أهل بيتي وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروني بم تخلفوني فيهما ؟!).

وقد بلغت مصادر هذا الحديث من الكثرة وتعدد الطرق عند الطرفين بحيث أن أحد علماء الهند ألف في أسانيده وطرقه كتاب (عبقات الأنوار) من عدة مجلدات.

وعندما يقوم مذهب طائفة على التمسك بوصية النبي بالثقلي، الثقل الأكبر القرآن والثقل الأصغر أهل بيت نبيهم.. فكيف يصح اتهامهم بأنهم لايؤمنون بأحد ركني مذهبهم ؟!

إن مثل القرآن والعترة ــ الذين هم المفسرون للقرآن والمبلغون للسنة ــ في مذهبنا، كمثل الأوكسجين والهيدروجين، فبدون أحدهما لا يتحقق وجود مذهب التشيع..

ولم تقتصر تأكيدات النبي على التمسك بعترته على حديث الثقلين، بل كانت متكررة وممتدة طوال حياته الشريفة، وكان أولها مبكراً في مرحلة دعوة عشيرته الأقربين ــ التي يقفز عنها كتاب السيرة في عصرنا ويسمونها مرحلة دار الأرقم ــ يوم نزل قوله تعالى وأنذر عشيرتك الأقربين فجمع بني عبد المطلب ودعاهم الى الإسلام، وأعلن لهم أن علياً وزيره وخليفته من بعده !

قال السيد شرف الدين في المراجعات ص 187 (... فدعاهم الى دار عمه أبي طالب وهم يومئذ أربعون رجلاً يزيدون رجلاً أو ينقصونه، وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، والحديث في ذلك من صحاح السنن المأثورة، وفي آخره قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا بني عبدالمطلب إني والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على أمري هذا على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم ؟ فأحجم القوم عنها غير علي ــ وكان أصغرهم ــ إذ قام فقال : أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه. فأخذ رسول الله برقبته وقال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع !) انتهى.

وتواصلت تأكيدات النبي صلى الله عليه وآله بعد حديث الدار في مناسبات عديدة، كان منها حديث الثقلين، وكان منها تحديد من هم أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس.. ثم كان أوجها أن أخذ البيعة من المسلمين لعلي في حجة الوداع في مكان يدعى غدير خم.. وقد روت ذلك مصادر الفريقين أيضاً، وألف أحد علماء الشيعة كتاب (الغدير) من عدة مجلدات في جمع أسانيده وما يتعلق به.

3 ــ والشيعة عندهم قاعدة عرض الأحاديث على القرآن

من مباحث أصول الفقه عند الشيعة والسنة : مسألة تعارض الأحاديث مع القرآن، وتعارض الأحاديث فيما بينها.. وفي كلتا المسألتين يتشدد الشيعة في ترجيح القرآن أكثر من إخوانهم السنة، فعلماء السنة مثلاً يجوزون نسخ آيات القرآن بالحديث حتى لو رواه صحابي واحد.. ولذلك صححوا موقف الخليفة أبي بكر السلبي من فاطمة الزهراء عليها السلام، حيث صادر منها (فدك) التي نحلها إياها النبي صلى الله عليه وآله وكانت بيدها في حياة أبيها، ثم منعها إرثها من أبيها صلى الله عليه وآله بدعوى أنه سمع النبي يقول (نحن معاشر الأنبياء لا نورِّث) فما تركه النبي يكون صدقة بيد الدولة.. واحتجت عليه فاطمة الزهراء بالقرآن وقالت له كما روى النعماني المغربي في شرح الأخبار ج 3 ص 36 يابن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي..؟! لقد جئت شيئاً فَرِيَّا، فقال علماء السنة إن عمل أبي بكر صحيح، وآيات الإرث في القرآن منسوخة بالرواية التي رواها أبو بكر وحده، ولم يروها غيره !

أما إذا تعارض الحديثان فقد وضع علماء الأصول والحديث لذلك موازين لترجيح أحدهما على الآخر، ومن أولها عند الفريقين الأخذ بالحديث الموافق لكتاب الله تعالى وترك ما خالفه.. إلخ. وزاد علماء الشيعة على ذلك أنه بقطع النظر عن وجود التعارض بين الأحاديث أو عدم وجوده، فإنه يجب عرض كل حديث على كتاب الله تعالى، والأخذ بما وافقه إن استكمل بقية شروط القبول الأخرى، ورد ما خالفه وإن استجمع شروط القبول الأخرى، ورووا في ذلك روايات صحيحة عن النبي وآله صلى الله عليه وآله.. ففي الكافي ج 1 ص 69 (عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه.

عن أبي عبدالله عليه السلام قال : خطب النبي صلى الله عليه وآله بمنى فقال : أيها الناس ما جاء كم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاء كم يخالف كتاب الله فلم أقله.

عن عبدالله بن أبي يعفور، قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لانثق به؟ قال إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وآله، وإلا فالذي جاء كم به أولى به.

عن أيوب بن الحر قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: كل شئ مردود الى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف).

وفي تهذيب الأحكام للطوسي ج 7 ص 275 (... فهذان الخبران قد وردا شاذين مخالفين لظاهر كتاب الله، وكل حديث ورد هذا المورد فإنه لا يجوز العمل عليه، لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وآله وعن الأئمة عليهم السلام أنهم قالوا إذا جاءكم منا حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالفه فاطرحوه أو ردوه علينا. وهذان الخبران مخالفان على ما ترى..) انتهى.

فكيف يتهم الشيعة بعدم الإعتقاد بالقرآن، والقرآن هو المقياس الأول في مذهبهم، وهم يخوضون معركة فكرية مع إخوانهم السنة ويكافحون من أجل تحكيم نصوص القرآن، وقد اشتهرت عنهم إشكالاتهم على اجتهادات الخلفاء في مقابل نص القرآن والسنة، ومازال علماء السنة الى عصرنا يسعون للإجابة على هذه الإشكالات !

4 ــ وتاريخ الشيعة وثقافتهم مبنيان على القرآن

والشيعة ليسوا طائفة مستحدثة، بل جذورهم ضاربة الى زمن النبي صلى الله عليه وآله، حيث كان عدد من الصحابة يلتفون حول علي عليه السلام، فشجعهم النبي على ذلك، ومدحهم وأبلغهم مدح الله تعالى لهم، كما ترويه مصادر السنة والشيعة.. فقد روى السيوطي في الدر المنثور ج 6 ص 379 في تفسير قوله تعالى إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية فقال :

(وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبدالله قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل عليٌّ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة. ونزلت : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية. فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبل عليٌّ قالوا : جاء خير البرية.

وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعاً : عليٌّ خير البرية.

وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال لما نزلت: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين.

وأخرج ابن مردويه عن علي قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألم تسمع قول الله : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية، أنت وشيعتك. وموعدي وموعدكم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب، تدعون غراً محجلين) انتهى.

فعليٌّ وشيعته كانوا وجوداً مميزاً في زمن النبي صلى الله عليه وآله، وهم الذين كانوا مشغولين مع علي بجنازة النبي، عندما بادر الآخرون الى السقيفة ورتبوا بيعة أبي بكر، فأدان علي وفاطمة وشيعتهم هذا التصرف، واتخذوا موقف المعارضة.. وعندما بويع علي بالخلافة كانوا معه في مواجهة الإنحراف وتنفيذ وصية النبي صلى الله عليه وآله بالقتال على تأويل القرآن.. ثم كانوا مع أبنائه الأئمة من أهل البيت عليهم السلام.. وعبر القرون كان الشيعة قطاعاً كبيراً حيوياً واسع الإمتداد في الأمة تمثل في مجتمعاتٍ ودولٍ، وتاريخٍ معروفٍ مدون.. وثقافتهم ومؤلفاتهم كثيرة وغزيرة، وقد كانت وما زالت في متناول الجميع، ومحورها كلها القرآن والسنة، ولا أثر فيها لوجود قرآن آخر !!

5 ــ وتفاسيرهم ومؤلفاتهم حول القرآن

يمكن القول بأن نسبة عدد الشيعة عبر العصور المختلفة كانت خُمْس عدد الأمة الإسلامية، وبقية المذاهب السنية أربعة أخماس.. فالوضع الطبيعي أن تكون نسبة مؤلفاتهم في تفسير القرآن ومواضيعه الأخرى خمس مجموع مؤلفات إخوانهم السنة..

وإذا لاحظنا ظروف الإضطهاد التي عاشها الشيعة عبر القرون، نكون منصفين إذا توقعنا من علمائهم عُشْر ما ألفه إخوانهم السنة حول القرآن بل نصف العشر.. بينما نجد أن مؤلفات الشيعة حول القرآن قد تزيد على الثلث !

وقد أحصت دارالقرآن الكريم في قم التي أسسها مرجع الشيعة الراحل السيد الكلبايكاني رحمه الله، مؤلفات الشيعة في التفسير فقط في القرون المختلفة، فزادت على خمسة آلاف مؤلف..

فكيف يصح أن نعمد الى طائفة أسهموا على مدى التاريخ الإسلامي أكثر من غيرهم في التأليف في تفسير القرآن وعلومه.. ونتهمهم بعدم الإيمان بالقرآن، أو بأن عندهم قرآناً آخر !!

6 ــ وفقه الشيعة في احترام القرآن أكثر تشدداً

توجد مجموعة أحكام شرعية عند الشيعة تتعلق بوجوب احترام نسخة القرآن الكريم وحرمة إهانتها.. فلا يجوز عندنا مس خط القرآن لغير المتوضئ، ولايجوز القيام بأي عمل يعتبر عرفاً إهانةً للقرآن ولو لم يقصد صاحبه الإهانة، كأن يضع نسخة القرآن في مكان غير مناسب، أو يرميها رمياً غير لائق، أو ينام ونسخة المصحف في مكان مواجه لقدميه، أو يضعها في متناول طفل يعبث بها.. الى آخر هذه الأحكام التي تشاهدها في كتب الفقه العملي الذي يعلم الناس الصلاة والوضوء والأحكام التي يحتاجها الشيعي في حياته اليومية.. فأي قرآن تقصد هذه الأحكام التي تعلمها نساء الشيعة لأطفالهن.. ؟ هل تقصد قرآن الشيعة المزعوم الذي لا يعرفه الشيعة ولا رأوه ؟!

7 ــ وفتاوى علماء الشيعة بعدم تحريف القرآن

الذين يمثلون الشيعة في كل عصر هم علماؤهم، فهم الخبراء بمذهب التشيع لأهل البيت عليهم السلام، الذين يميزون ما هو جزء منه وما هو خارج عنه.. وعندما نقول علماء الشيعة نعني بالدرجة الأولى مراجع التقليد الذين يرجع إليهم ملايين الشيعة ويقلدونهم، ويأخذون منهم أحكام دينهم في كيفية صلاتهم وصومهم وحجهم، وأحكام زواجهم وطلاقهم وإرثهم، وأحكام معاملاتهم.. فهؤلاء الفقهاء، الذين هم كبار المجتهدين في كل عصر، يعتبر قولهم رأي الشيعة، وعقيدتهم عقيدة الشيعة. ويليهم في الإعتبار بقية العلماء غير المقلدين، فهم يعبرون عن رأي الشيعة نسبياً.. وتبقى الكلمة الفصل في تصويب آرائهم وأفكارهم لمراجع التقليد.

وقد صدرت فتاوى علماء الشيعة في عصرنا جواباً على تهمة الخصوم فأجمع مراجعهم على أن اتهام الشيعة بعدم الاعتقاد بالقرآن افتراء عليهم وبهتان عظيم، وأن الشيعة يعتقدون بسلامة هذا القرآن وأنه القرآن المنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله دون زيادة أو نقيصة..

وهذه نماذج من فتاوى عدد من فقهاء الشيعة الماضين والحاضرين ننقلها ملخصة من كتاب (البرهان على صيانة القرآن) للسيد مرتضى الرضوي ص 239 فما بعدها :

رأي الشيخ الصدوق :

(إعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه محمد صلى الله عليه وآله هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة، وعندنا أن الضحى وألم نشرح سورة واحدة، ولإيلاف وألم تر كيف سورة واحدة (يعني في الصلاة) ومن نسب إلينا أنا نقول أكثر من ذلك فهو كاذب).

رأي الشيخ المفيد :

(وأما الوجه المجوز فهو أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان، وما أشبه ذلك مما لا يبلغ حد الإعجاز، ويكون ملتبساً عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن، غير أنه لابد متى وقع ذلك من أن يدل الله عليه، ويوضح لعباده عن الحق فيه. ولست أقطع على كون ذلك، بل أميل الى عدمه وسلامة القرآن عنه).

رأي الشريف المرتضى :

(المحكي أن القرآن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مجموعاً مؤلفاً على ما هو عليه الآن، فإن القرآن كان يحفظ ويدرس جميعه في ذلك الزمان، حتى عين على جماعة من الصحابة في حفظهم له، وأنه كان يعرض على النبي صلى الله عليه وآله ويتلى عليه، وأن جماعة من الصحابة مثل عبدالله بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلى الله عليه وآله عدة ختمات. وكل ذلك يدل بأدنى تأمل على أنه كان مجموعاً مرتباً غير منثور، ولا مبثوث).

رأي الشيخ الطوسى :

(وأما الكلام في زيادته ونقصانه، فمما لا يليق به أيضاً، لأن الزيادة فيه مجمع على بطلانها، والنقصان منه فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذي نصره المرتضى رحمه الله وهو الظاهر في الروايات.. ورواياتنا متناصرة بالحث على قراءته، والتمسك بما فيه، ورد ما يرد من اختلاف الأخبار في الفروع إليه. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله رواية لا يدفعها أحد أنه قال إني مخلف فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض وهذا يدل على أنه موجود في كل عصر. لأنه لا يجوز أن يأمر بالتمسك بما لا نقدر على التمسك به. كما أن أهل البيت عليهم السلام ومن يجب اتباع قوله حاصلٌ في كل وقت. وإذا كان الموجود بيننا مجمعاً على صحته، فينبغي أن نتشاغل بتفسيره، وبيان معانيه، ونترك ما سواه).

رأي الشيخ الطبرسي :

(فإن العناية اشتدت، والدواعي توفرت على نقله وحراسته، وبلغت الى حد لم يبلغه فيما ذكرناه، لأن القرآن معجزة النبوة، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتى عرفوا كل شئ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيراً، أو منقوصاً مع العناية الصادقة، والضبط الشديد).

رأي الفيض الكاشاني :

(قال الله عزوجل وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقال إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون، فكيف يتطرق إليه التحريف والتغيير ؟! وأيضاً قد استفاض عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام حديث عرض الخبر المروي على كتاب الله ليعلم صحته بموافقته له، وفساده بمخالفته، فإذا كان القرآن الذي بأيدينا محرفاً فما فائدة العرض، مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب الله، مكذب له، فيجب رده، والحكم بفساده).

رأي الشيخ جعفر الجناجي (بجيمين، كاشف الغطاء):

(لا زيادة فيه من سورة، ولا آية من بسملة وغيرها، لا كلمة ولا حرف. وجميع ما بين الدفتين مما يتلى كلام الله تعالى بالضرورة من المذهب بل الدين، وإجماع المسلمين، وأخبار النبي صلى الله عليه وآله والأئمة الطاهرين عليهم السلام، وإن خالف بعض من لا يعتد به في دخول بعض ما رسم في اسم القرآن... لا ريب في أنه محفوظ من النقصان بحفظ الملك الديان كما دل عليه صريح القرآن، وإجماع العلماء في جميع الأزمان، ولا عبرة بالنادر).

رأي السيد محسن الأمين العاملي :

(ونقول : لا يقول أحد من الإمامية لا قديماً ولا حديثاً إن القرآن مزيد فيه، قليل أو كثير، فضلاً عن كلهم، بل كلهم متفقون على عدم الزيادة، ومن يعتد بقوله من محققيهم متفقون على أنه لم ينقص منه).

رأي الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء :

(وإن الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله للإعجاز والتحدي، وتمييز الحلال من الحرام، وأنه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة، وعلى هذا إجماعهم).

رأي السيد شرف الدين العاملي :

(والقرآن الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، إنما هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس لا يزيد حرفاً ولا ينقص حرفاً، ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة ولا لحرف بحرف، وكل حرف من حروفه متواتر في كل جيل تواتراً قطعياً الى عهد الوحي والنبوة، وكان مجموعاً على ذلك العهد الأقدس مؤلفاً على ما هو عليه الآن، وكان جبرائيل عليه السلام يعارض رسول الله صلى الله عليه وآله بالقرآن في كل عام مرة، وقد عارضه به عام وفاته مرتين. والصحابة كانوا يعرضونه ويتلونه على النبي صلى الله عليه وآله حتى ختموه عليه صلى الله عليه وآله مراراً عديدة، وهذا كله من الأمور المعلومة الضرورية لدى المحققين من علماء الإمامية... نسب الى الشيعة القول بتحريف القرآن بإسقاط كلمات وآيات إلخ. فأقول : نعوذ بالله من هذا القول، ونبرأ الى الله تعالى من هذا الجهل، وكل من نسب هذا الرأي إلينا جاهل بمذهبنا، أو مفتر علينا، فإن القرآن العظيم والذكر الحكيم متواتر من طرقنا بجميع آياته وكلماته وسائر حروفه وحركاته وسكناته، تواتراً قطعياً عن أئمة الهدى من أهل البيت عليهم السلام، لا يرتاب في ذلك إلا معتوه، وأئمة أهل البيت كلهم أجمعون رفعوه الى جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله عن الله تعالى، وهذا أيضاً مما لا ريب فيه، وظواهر القرآن الحكيم ــ فضلاً عن نصوصه ــ أبلغ حجج الله تعالى، وأقوى أدلة أهل الحق بحكم الضرورة الأولية من مذهب الإمامية، وصحاحهم في ذلك متواترة من طريق العترة الطاهرة، وبذلك تراهم يضربون بظواهر الصحاح المخالفة للقرآن عرض الجدار، ولا يأبهون بها، عملاً بأوامر أئمتهم عليهم السلام).

رأي السيد البروجردي الطباطبائي :

قال الشيخ لطف الله الصافي عن أستاذه آية الله السيد حسين البروجردي (فإنه أفاد في بعض أبحاثه في الأصول كما كتبنا عنه، بطلان القول بالتحريف، وقداسة القرآن عن وقوع الزيادة فيه، وأن الضرورة قائمة على خلافه، وضعف أخبار النقيصة غاية الضعف سنداً ودلالة. وقال : وإن بعض هذه الروايات تشتمل على ما يخالف القطع والضرورة، وما يخالف مصلحة النبوة. وقال في آخر كلامه الشريف : ثم العجب كل العجب من قوم يزعمون أن الأخبار محفوظة في الألسن والكتب في مدة تزيد على ألف وثلاثمائة سنة، وأنه لو حدث فيها نقص لظهر، ومع ذلك يحتملون تطرق النقيصة الى القرآن المجيد).

رأي السيد محسن الحكيم الطباطبائي :

(وبعد، فإن رأي كبار المحققين، وعقيدة علماء الفريقين، ونوع المسلمين من صدر الإسلام الى اليوم على أن القرآن بترتيب الآيات والسور والجمع كما هو المتداول بالأيدي، لم يقل الكبار بتحريفه من قبل، ولا من بعد)

رأي السيد محمد هادي الميلاني :

(الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. أقول بضرس قاطع إن القرآن الكريم لم يقع فيه أي تحريف لابزيادة ولا بنقصان، ولا بتغيير بعض الألفاظ، وإن وردت بعض الروايات في التحريف المقصود منها تغيير المعنى بآراء وتوجيهات وتأويلات باطلة، لا تغيير الألفاظ والعبارات. وإذا اطلع أحد على رواية وظن بصدقها وقع في اشتباه وخطأ، وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً).

رأي السيد محمد رضا الكلبايكاني :

(وقال الشيخ لطف الله الصافي دام ظله : ولنعم ما أفاده العلامة الفقيه والمرجع الديني السيد محمد رضا الكلبايكاني بعد التصريح بأن ما في الدفتين هو القرآن المجيد، ذلك الكتاب لا ريب فيه، والمجموع المرتب في عصر الرسالة بأمر الرسول صلى الله عليه وآله، بلا تحريف ولا تغيير ولا زيادة ولا نقصان، وإقامة البرهان عليه : أن احتمال التغيير زيادة ونقيصة في القرآن كاحتمال تغيير المرسل به، واحتمال كون القبلة غير الكعبة في غاية السقوط لا يقبله العقل، وهو مستقل بامتناعه عادة).

رأي السيد محمد حسين الطباطبائي :

(فقد تبين مما فصلناه أن القرآن الذي أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وآله ووصفه بأنه ذكر محفوظ على ما أنزل، مصون بصيانة إلهية عن الزيادة والنقيصة والتغيير كما وعد الله نبيه فيه. وخلاصة الحجة أن القرآن أنزله الله على نبيه ووصفه في آيات كثيرة بأوصاف خاصة لو كان تغيير في شئ من هذه الأوصاف بزيادة أو نقيصة أو تغيير في لفظ أو ترتيب مؤثر، فقد آثار تلك الصفة قطعاً، لكنا نجد القرآن الذي بأيدينا واجداً لآثار تلك الصفات المعدودة على أتم ما يمكن وأحسن ما يكون، فلم يقع فيه تحريف يسلبه شيئاً من صفاته، فالذي بأيدينا منه هو القرآن المنزل على النبي صلى الله عليه وآله بعينه، فلو فرض سقوط شئ منه أو إعراب أو حرف أو ترتيب، وجب أن يكون في أمر لا يؤثر في شئ من أوصافه كالإعجاز وارتفاع الإختلاف، والهداية، والنورية، والذكرية، والهيمنة على سائر الكتب السماوية، الى غير ذلك، وذلك كآية مكررة ساقطة، أو اختلاف في نقطة أو إعراب ونحوها).

رأي السيد أبو القاسم الخوئي :

(... إن حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال، لا يقول به إلا من ضعف عقله أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل، أو من ألجأه إليه حب القول به، والحب يعمي ويصم. وأما العقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه وخرافته).

رأي الشيخ لطف الله الصافي :

(القرآن معجزة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قد عجز الفصحاء عن الإتيان بمثله، وبمثل سورةٍ أو آية منه، وحير عقول البلغاء، وفطاحل الأدباء... وقد مر عليه أربعة عشر قرناً، ولم يقدر في طول هذه القرون أحد من البلغاء أن يأتي بمثله، ولن يقدر على ذلك أحد في القرون الآتية والأعصار المستقبلة، ويظهر كل يوم صدق ما أخبر الله تعالى به فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا.. هذا هو القرآن، وهو روح الأمة الإسلامية وحياتها ووجودها وقوامها، ولولا القرآن لما كان لنا كيان. هذا القرآن هو كل ما بين الدفتين ليس فيه شئ من كلام البشر وكل سورة من سوره وكل آية من آياته، متواتر مقطوع به ولا ريب فيه. دلت عليه الضرورة والعقل والنقل القطعي المتواتر. هذا هو القرآن عند الشيعة الإمامية، ليس الى القول فيه بالنقيصة فضلاً عن الزيادة سبيل، ولا يرتاب في ذلك إلا الجاهل، أو المبتلى بالشذوذ الفكري)