تعريف ومصاديق (وجه الله)

مؤمن14

New Member
28 أبريل 2010
4
0
0
الجنوب التونسي
www.ebaa.net
بسمه تعالى
بحث للشيخ جوادي املي
بسمه تعالى
تعريف ومصاديق (وجه الله)


مما يجدر الإشارة إليه في نهاية هذا البحث هو أنه ومع أنّ الإستشهاد ببعض الآيات يقال أنّ المراد من الوجه: الثواب والرضوان ورضا الله، ولكن في الحقيقة هذه المعاني مصاديق للعنوان العام للوجه، وذلك لأنّ الوجه هو ذلك الشيء الذي توجّه إليه الإنسان وما به يُقبل، ووجه كل شيء يتناسب مع ذلك الشيء. وعليه فإنّ مَن يعمل بأمل لقاء الله فهو طالب «وجه الله»، كما أنّ المراد من نظر الشهيد الى وجه الله، هو توفيقه في
مما يجدر الإشارة إليه في نهاية هذا البحث هو أنه ومع أنّ الإستشهاد ببعض الآيات يقال أنّ المراد من الوجه: الثواب والرضوان ورضا الله، ولكن في الحقيقة هذه المعاني مصاديق للعنوان العام للوجه، وذلك لأنّ الوجه هو ذلك الشيء الذي توجّه إليه الإنسان وما به يُقبل، ووجه كل شيء يتناسب مع ذلك الشيء. وعليه فإنّ مَن يعمل بأمل لقاء الله فهو طالب «وجه الله»، كما أنّ المراد من نظر الشهيد الى وجه الله، هو توفيقه في لقاء الله، وليس المراد ـ طبعاً ـ لقاء ذات الله سبحانه الذي لن يكون مشهوداً لأحد أبداً ـ ولابد من فائق التدقيق، لأنّ الله بسيط محض، من هنا فإنّ الحيثية التي فيه هي عين جميع الحيثيات الأخرى، ومن هذه الجهة فإنّ التبعيض والتفكيك والتحييث وأمثالها لا تجد إليه طريقاً ـ، بل المقصود ظهور الفيض الإلهي الخاص له.
وبناءً على هذا فإنّ وجه الله هو ذلك الفيض الواسع والمطلق الذي لا حدّ له، ومع أنه موجود في كل شيء فإنّه لا يُحمل حكم أيّ منها عليه، ولا يأخذ دوراً وإسم شيء منها: «هو في الأشياء على غير ممازجة، خارج منها على غير مباينة»(1)، ويؤيد هذا المطلب المزبور هو أنّ جميع الأشياء التي ظهر فيها وجه الله فهي زائلة، أمّا وجه الله فهو الباقي دائماً: ﴿كُلُّ شَيْ‏ءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ﴾(2). وفي مثل هذا الإتحاد فإنّ المحمول متحد مع الموضوع بنحو حمل الحقيقة والرقيقة الذي يزول فيه الموضوع فقط من دون تحوّل وتبدّل أو زوال المحمول.
وورد في بعض الروايات تطبيق «وجه الله» على أهل البيت (عليهم السلام) بعنوان بيان المصداق البارز: «نحن وجه الله»(3)، وذلك لأنهم أسماء الله الحسنى وأكمل مظهر لوجه الله في عالم الإمكان، كما ويمكن لنا أن نقول أنّ القرآن أيضاً مصداق لوجه الله، اعتماداً على البيان النوراني للإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال: «والله لقد تجلّى الله لخلقه في كلامه ولكن لا يبصرون»(4).
سأل رجل من النصارى ـ أمير المؤمنين (عليه السلام): أخبرني عن وجه الرب تبارك وتعالى؟ فدعا علي (عليه السلام) بنار وحطب فأضرمه فلما اشتعلت، قال عليّ (عليه السلام): أين وجه هذه النار؟ قال النصراني: هي وجه من جميع حدودها. قال عليّ (عليه السلام): هذه النار مدبّرة مصنوعة لا تعرف وجهها، وخالقها لا يشببها؟ ﴿وَلِلّهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنََما تُوَلُّوْا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ﴾(5)، لا يخفى على ربنا خافية(6).
فيمكن للشخص أن يدّعي أنّ له وجه بالنسبة الى خلفه، أمّا أين اتجاه الأمام والخلف بالنسبة الى هذه النار؟ ومعنى جواب النصراني أنّ كل شخص يقف الى جانبها سواء في شرقها أو غربها، يقول أنا مقابلها. هنا قال مولى الموحدين الإمام علي (عليه السلام) عندما لا يمكن تعيين وجه لهذه النار التي هي مخلوقة، كيف يمكن تشخيص وجه الله، ثم قال بعد الاستشهاد بالآية لا يمكن لشيء أن يكون حجاباً لوجه الله.



1ـ بحار الأنوار، ج4، ص27.
2ـ سورة القصص، الآية 88.
3ـ بحار الأنوار، ج4، ص5 ـ 7، وج24، ص114 ـ 116.
4ـ المحجة البيضاء، ج2، ص247.
5ـ سورة البقرة، الآية 115.
6ـ بحار الأنوار، ج3، ص328.
المصدر: «صهباي حج، ص246»؛ «صهباء الحج».