ما هو الموقف الإسلامي من الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية؟

18 أبريل 2010
21
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعظم الله أجوركم بذكرى استشهاد إمام المتقين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه وعلى أهل بيته الطاهرين وعلى ابن عمه مفتاح هذا الدين وسيد المرسلين .


قد يسألنا المسلمون : ما هو الموقف الإسلامي من الأزمة الاقتصادية العالمية ؟

الفقيه المتمكن يستطيع الجواب .

والفقيه غير المتمكن يقول أن الأزمة ليست من شأننا فلا نبحث فيها .

من الصواب إن الأزمة لم نختلقها نحن ،ولم نكن طرفا في اللعبة ، ولكنها أزمة عالمية ذات ارتداد عام ، فلا يصح اعتبارها لا تعنينا ، وليست من شأننا ، بل ستكسر ظهورنا لو حدثت.
والاهم من ذلك إن الفقه الإسلامي له نظر في ما يجري.
فلماذا نخفي هذا النظر؟ وهو في رأينا نظر صائب.

أساس الأزمة لمن لا يعرف: هو انهيار عدد هائل من البنوك والمصارف ، وهبوط في أسعار السندات بشكل مفاجئ . بما يعني كارثة حقيقية لأصحاب رؤوس الأموال صغيرهم وكبيرهم. بحيث قد يؤدي إلى إفلاس ومديونية أكثر من نصف أغنياء البشر في الكرة الأرضية.

الرأي في الفقه الإسلامي:

الاقتصاد الإسلامي وفق نظرية أهل البيت قائم على نظرية أساسية : وهي إن التعامل الاقتصادي قائم على (التبادل) في سبيل (الحفاظ على المالية) . والحفاظ على المالية يكون بالتقابل الحقيقي بين الثمن والمثمن ، وأما القيم الاعتبارية فيسمح لها بالحدود العقلائية ، بما لا يخرج عن الحفاظ على المالية نفسها. فلا مال بدون مقابل سلعي (أعيان أو خدمات أو حقوق) .
ولهذا فالاقتصاد الإسلامي الأساسي الذي عالجه فقه أهل البيت هو اقتصاد سلعي في الغالب ، وقد نفى بعض الفقهاء أن يكون هناك اعتبار للقيمي من الأساس واعتبره اقتصادا خارج حدود الإطار الشرعي ، ولكن ليس كل الفقهاء يقولون بذلك ، فالأغلب يقولون بالمرونة والتوازن بين القيمي والبدلي .
والشرط في هذه المرونة هو عدم إطلاق العنان للوصول إلى اقتصاد (التبادل المالي الصرف) واقصد بذلك نمو النقد بما هو نقد على أساس التبادل من دون النظر إلى الرصيد البدلي لذلك النقد .
فهنا ندخل في اقتصاد المغامرة الذي لا يمكن أن يحفظ مالية المال نفسه ويحوله إلى اقتصاد وهمي سيرتد بشكل إجباري نتيجة حالة تكوينية ترتكز في نفس الإنسان ، وهي الرجوع إلى التوازن القيمي . وهذه وان كانت حالة نفسية ولكن لا يمكن السيطرة عليها إذا أصبحت وباءً عاما ، وقد يكون ارتدادها جنونيا فيخسر الإنسان ماليته نتيجة ارتداد جارف بلا ضوابط كما صعد بلا ضوابط .
إن حالة التوازن القيمي هي حالة معقدة ، وقد حيرت علماء النفس في فهم كيفية وقوعها عند البشر . ولماذا تتحول إلى تيار جارف لا يمكن السيطرة عليه؟ فعدم اعتبارها قانونا كونيا هو اغفال عن ابسط قوانين الكون. والتشريع المبني على إغفال القانون الكوني تشريع فاشل وسريع العطب.

اعتقد أنه لا يخفى علينا إن الإنسان اذا أصابه الرعب والخوف فقد يحتاج إلى عدة أطباء بمختلف الاختصاصات من اجل السيطرة عليه وإرجاعه إلى واقعه، فكيف بمجتمع كامل تسيطر عليه فكرة احتمال الخسارة العامة والرعب منها ، وهي فكرة لم تكن من الخيال وإنما لها واقع حقيقي يكتشفه الإنسان بعد إعلان بداية الانهيار حيث لا يمكنه التراجع . فيريد كل مشارك في العملية أن يتخلص من القيم المعنوية التي بين يديه لتحويلها إلى قيم حقيقية سلعية ثابتة القيمة من اجل أن يحافظ على ماليته ، فيجبر السوق بالتالي إلى الهبوط لأن العزوف العام عن التملك ، هو انهيار للقيمة لا شك فيه ، وهو حالة متداعية بعضها يدعو بعضا إلى درجة الكارثة.
فليس العتب على الإنسان المنهار ، وإنما العتب على الاقتصاد الذي يسمح بالصعود الخيالي ليسمح بالانهيار. وعلى هذا الاقتصاد أن يحل هذه الثغرة الخطيرة في بنيته .

الإسلام وفق مذهب أهل البيت عليهم السلام يؤمن بالاقتصاد المنفتح وباحترام الملكية ، ولكنه لا يقبل إطلاق العنان للمبادلة على أساس نفس النقد أو المال الاعتباري بدون ملاحظة الرصيد البدلي له.

طبعا سيقال هل الاقتصاد الإسلامي مصان من الانهيار حتى يتكلم الفقيه بهذه اللغة ؟
فأقول : نعم الإسلام الحقيقي مصان من هذا الانهيار ولا يقبل بأسبابه أصلا ، ويمنع ويبطل كل ارتفاع في القيمة بلا أساس بدلي عقلائي.
وما حدث من انهيارات للقيمة النقدية خلال فترات المماليك والفترة التركية لا يعني إن هناك تطبيقا حقيقيا للفقه الإسلامي فحدث ذلك ، بل الذي حدث كما يرويه المقريزي في كتاب النقود الإسلامية وغيره ، إنما هو خروج الحكام عن الأحكام الإسلامية والتلاعب بالنقد من اجل التكثير والتضخم بلا واقع بدلي فحدثت الانهيارات المريعة في مصر وفي الشام بينما لم تحدث في أماكن أخرى رغم تأثرها بالحدث.
فماذا تفعل لحاكم يؤسس اقتصادا لا إسلاميا يقوم على أساس البيع والشراء للذهب والفضة النقدين بما هما نقدين؟ بحيث يرتفعان في القيمة السوقية ثم ينهاران إلى درجة مريعة حتى يصبح الذهب الذي هو بنفسه قيمة حقيقية عينية مادة لا تستطيع أن تشتري عشر ما كانت عليه قبل ذلك. فالحاكم هو من ترك الاقتصاد الاسمي لا انه اتبع الاقتصاد الاسلامي وفشل ....

فماذا تفعل لحاكم يخلط العملة النقدية الذهبية بالنحاس والعملة الفضية بالرصاص المبيض من اجل غش القيمة الحقيقية ثم يضطر لأن يعلن: النحاس نفسه علمه ويعمل منه الفلوس من اجل الخروج من الأزمة ويدمر الاقتصاد الإسلامي بهذه الطريقة ، ومن اجل التغطية على فعلته الشنعاء.

إنها الممارسات الخارجة عن الفقه وعن التدين ، وهذا هو ديدن الحكام الذين يحكمون بأمر الله كذبا .

نعود إلى الأزمة الحالية :
الأزمة باختصار سببها الخلل القانوني في النظام الرأسمالي ، وسره هو (الحرية في المعاملة على أساس القيمة) . فالأصول السلعية في العالم الرأسمالي هي بحدود 47 ترليون دولار بينما المداولات في السوق عليها هي بحدود 142 ترليون دولار ، وهذا الفرق الذي يمثل قرابة 250% من البدل الحقيقي لا يمكن تكوينا أن يستمر. لأن القانون التكويني المتوافق مع القانون العقلي العام. وهو حفظ مالية المال، لا بد أن يحدث حالة ارتداد للتصحيح، وهذه الحالات تارة هي حالات آنية وهي أساس الربح والخسارة في العملية الاقتصادية بشكل عام ، ولكنها قد تبلغ مرحلة الوصول إلى انقطاع الخيط فيحصل ارتدادا كبيرا للعودة إلى المقارب للقيمة البدلية ، ولكن في الغالب يحدث الارتداد بشكل سريع ويصل إلى اقل مستوى من القيمة وتخسر حتى الأعيان قيمتها ، وقد يصل إلى اقل من عشر القيمة الحقيقية بل وصل في بعض البلدان إلى اقل من واحد بالمائة من القيمة الحقيقية ، ثم يحصل تصحيح بطيء للنهوض ، وهكذا الدورة في حال فسح المجال للعمل فسيرتفع السعر إلى أضعاف القيمة البدلية وستتكرر المأساة .
ابسط مثال لمن لا يعرف الاقتصاد الحالي نقول : لو إن مصرفا عرض أسهمه للبيع وكانت خمسة ملايين سهم وقيمة السهم دولار ، وهذا حسب الموجدات والأرباح التي فيه ، ثم تمت عمليات المرابحة عليه ، وبدأ يرتفع السهم الى دولارين حتى يصل إلى عشرة ، بينما حقيقة نمو البنك لنفترض وصوله الى : 100% أي أصبح بقيمة عشرة ملايين ، فالسهم في حقيقته لم يكن يساوي أكثر من دولارين، بينما في الواقع العملي وصل الى العشرة نتيجة المرابحة بغض النظر عن الموجود البدلي، فهو الآن قد بلغ مرتبة خطيرة حيث أن أي مطالبة من أصحاب الأسهم بإرجاع مبالغهم سوف لن يحصلوا عليه مطلقا ، لأنه سيحدث انهيارا في قيمة البنك ، وسوف يباع بعشر قيمته الحقيقية ، ليتحول السهم الذي يساوي حقيقة دولارين إلى سعر عشرين سنت ، بينما المطالبة الواقعية الان هي عشرة دولارات ، فليس أمام مالك الأسهم الا التخلص من هذا الكابوس وقبول الخسارة ، وهذا انهيار ظالم ، ليس له حقيقة بسبب الصعود الوهمي للقيمة.
فالذي يحدث هو أن أي مشكلة مالية تواجه بنكا في التزاماته المالية فسوف تنكشف أوراقه عند مالكي السندات ، وهؤلاء سيتملكهم الرعب فيحاولون التخلص الاحتياطي من هذه المشكلة ، فيحدث إجماع في التخلي عن القيمة ، فينهار السعر ، لأن أي سلعة يتم العزوف عنها تتحول إلى عديمة القيمة. وانهيار هذه المنشأة المالية سيجر إلى انهيار ما يرتبط بها . وهكذا تتداعى الانهيارات.
فمن غير الصحيح أن يقال إن ما حصل هو انهيار مفاجئ لم يكن محسوبا.

فقد كان انهيار البنوك الأمريكية بسبب قروض الإسكان التي لم تستطع تحصيل أقساطها من المقترضين ، كشف عن انخفاض حقيقي في القيمة البدلية للبنوك ، فتمت التسوية المالية من قبل الدولة ، ولكن هذا الانكشاف جر انكشافات ، ولهذا قال الخبراء قبل أربعة شهور بان هناك انهيارا ، وتحركت الدول قبل الانهيار الحقيقي الذي لم يقع بعد ، فإن ما وقع هو بداية غير مستقرة للانهيار . والدول كلها أجمعت على المساعدة في الوقوف بوجه هذا الانهيار. لأنها تدرك انها لو حصل لهذا هذا الانهيار فستسقط حضارتها وستقوم حضارة دول اخرى.

إذن ما هي نصيحة الفقه الإسلامي للاقتصاد الرأسمالي ؟

النصيحة هي أن يتحلى هذا الاقتصاد بالجرأة وبالواقعية للاعلان والتثقيف ، ويسيطر عن طريق التثقيف وإصدار وزارات المالية قرارات تمنع البيع المفاجئ بخسارة تزيد عن عشرين بالمائة عن السعر المتداول قبل الأزمة. وتضخ أمولا احتياطية في حال ثبوت طلب التخلي عن قيمة أي منشأة مالية فان إسناد ثلاثة أو أربعة منشئات سيبعث الاطمئنان في نفوس المالكين ، ولكن بنفس الوقت يجب إحداث حالة من التصحيح باستمرار عملية الخسارة المبرمجة للوصول إلى السعر المقبول رغم انه لا يمثل القيمة البدلية الحقيقة . ومن ثم عليهم إصدار قوانين كقوانين الفقه الإسلامي تمنع التبادل المالي المتجاوز للقيمة المعقولة للبدل ، فيجب أن يتوقف النمو الربحي حين يصل إلى القيمة الوهمية من اجل ارتداد خفيف وطبيعي لا يمثل كارثة . وهذا هو منهج الاقتصاد الإسلامي ، فهو حر فيه بقيد عدم الخروج عن السيطرة فيُضرب بيد من حديد ويُنبه أي تاجر إلى أن فعله سفهٌ ، ويجب ان يتحمل هو مسئولية فعله، وان البائع سيفقد الحق في إتمام الصفقة إذا كان البيع على أساس السعر الوهمي. وسوف يعاد عليه بالضمان إلا إذا حمّل الضمان للمشتري بإرادته فهذا من حماقته التي قد توجب التحجير والفَلَس فيما إذا ثبت انه علم بالخطورة وبعدم القيمة الحقيقية وقام بالمبادلة.
فهذا ما عندنا في المنهج العام ، ولكن التفاصيل عرضة للإبداع الإنساني وللتطوير في الكيفيات التي تحقق أمرين مهمين هما (الربح والحفاظ على المالية ) وهما أساس عمل الإنسان العادل الذي يريد الخير لأهله وللبشر ، ولا يريد أن يظلم الناس حقوقهم.
فعلى الاقتصاد الرأسمالي أن يعترف انه حاول امتصاص الأموال ومداولتها بما هي أموال من دون التعب في الإنتاج الحقيقي الذي يمثل النمو الحقيقي للاقتصاد ، فإذا حدث الانهيار فسوف يكون خير دليل على أن كل هذا الاقتصاد قائم على الوهم ، وان كل من راهن عليه، إنما يراهن على وهم وعلى اقتصاد كسول ، لا يعمل حقيقةً على التوازن بين القيمة وبين السلعة.

فالإسلام لا يعترض على حرية السوق فهي مصانة للفرد وللجماعة ، ولكنه يعترض على القوانين التي تسمح بنشوء الظلم بالتعدي على القيمة الحقيقية للسلع. ولهذا أوجد مولانا أمير المؤمنين وسيد الأولين من صحب رسول الله ص علي بن أبي طالب عليه السلام شرطة الخميس ، ليمنع أي تلاعب في الاقتصاد لما هو خارج حدود المعقول في قيمة البدل السلعي للتبادل.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ...... واعتذر إن كان الكلام فيه بعض الصعوبة في شرح الفكرة ، لأن الموضوع معقد جدا ، وحاولت تبسيطه بشكل كبير قدر امكاني وطاقتي وضعفي في العلوم فأرجو غض الطرف عن الهفوات والعذر عند كرام الناس مقبول.


السلام عليكم ورحمة الله

أخوتي الأحبة نظرا لانشغالي وعدم قدرتي على الأجوبة المطولة في هذه الفترة ، فلم استطع أن كتب ما هو استمرار للحوار مع (النسر) السلفي ، و لم يتوفر لي الوقت الكافي لإكمال الموضوع ، وهذا يعني أن اطلب منكم العذر لي ، فنسألكم الدعاء ، وأرجو قبول العذر للاختصار في هذا الموضوع.

الموضوع مهم جدا ،وخطير جدا ، لمن يعرف معنى الأسواق والسيطرة عليها ، فان الأمر التكويني يعني حتمية حصول الخسارة العامة العارمة ، ولكن من بيده المفتاح سوف يحوّل الخسارة على من لا يستطيع أن يمسك بالمفتاح ، ومن يدخل السوق هو لا يدري ما الذي يجري فسيكون اكبر الخاسرين؟
الأمر التكويني شرحته وسوف أعطي مثالا لتصور القضية أكثر .
القيمة السلعية ، هي مثل القوة أو الطاقة المسلطة على السوائل ، فان أي محاولة للسحب أو الضغط تحول القوة إلى الطرف الذي يسمح بتفريغ الطاقة وإيجاد حالة توازن واستقرار.
ولتسهيل التصور أقول: إن قيمة الأشياء تخضع لقانون تكويني فعّال : فكلما زدت في قيمة الأشياء فإنها ستجبرك أخيرا لتصحيح السعر والهبوط عما رفعت ، وكلما بخست فيها فسيجبرك القانون التكويني رفع القيمة والتصحيح للوصول إلى اقرب قيمة للحقيقة .
طبعا هذا القانون التكويني يتحكم في نفوس وعقول الناس وهم ينفذون ذلك بطريقة شبه آلية ، حيث يصححون الخطأ بطريقة إجبارية نتيجة قوانين مجهولة في النفس وفي السلوك الإنساني . وهذا من عجائب أمر الله .
إن هذا القانون هو نفسه من أعظم قوانين الكون لتحصيل منافع الناس ، فلولاه لما تمت المرابحات في السلع . فأساس الربح هو المزايدة في السعر حتى يصل إلى ذروته فيهبط ليربح آخرون حتى يصل ذروته في الطرف الآخر ، وهكذا ينهض ليربح آخرون وقد يخسر آخرون وقد لا يخسر حين يكون تدفق العمل جابرا للخسائر.
هذا القانون لا شك أنه ضمانة لبقاء عنصر المجتمعات الاقتصادية، وبدونه لا يبقى مجتمع ولا تبقى حضارة، وهو من عظيم بدائع صنع الله .
كل اقتصاد يستغل هذا القانون استغلالا بشعا يرتد عليه ارتدادا قاسيا وموجعا بل قد يكون مدمرا ، فهذا القانون هو أهم قوانين تدمير الحضارات ، وقد أباد حضارات وأمم بشرية بطريقة عجيبة.
فانك إذا سحبت خيطا صلبا فلن يرتد عليك ارتدادا موجعا ، ولكن إذا سحبت خيطا مطاطا قويا إلى درجة كبيرة وبقوة سحب كبيرة ، فسيرتد عليك وكأنه قد خزن جميع طاقة المقاومة التي سلطتها عليه ، ليردها عليك بضربة موجعة جدا .
وهكذا قانون حفظ القيمة أو حفظ المالية . فهو يتعامل مع الأمم كما يتعامل المطاط مع القوة المسلطة عليه.
الغرب الآن يعرف انه قد سمح لتجاوز الحد المسموح به للتفاوت بين القيمة الاعتبارية وبين الأعيان المقومة ، إلى درجة الفلتان وعدم السيطرة مما يستدعي أن يمارس القانون الكوني ، صلاحياته التكوينية .
فالأصول في الولايات المتحدة بقيمة 47 تريليون دولار بينما المداولة بلغت 142 تريليون دولار ، وهذا يعني أن القيمة الوهمية بلغت حوالي 200% من القيمة بلا أصل أساسا. وهذا الفرق لا يمكن السماح به تكوينا فضلا عن عدم السماح به عقلا.
فلا خيار هنا فإما انهيار الثمن أو ارتفاع المثمن من اجل الموازنة ، ولكن ارتفاع المثمن يحتاج إلى عناصر موضوعية حقيقية واقعية خارجية، لأنه ليس أمرا اعتباريا ، فيبقى الأمر موجّه إلى الثمن ، وهذا يعني سقوط قيمة السندات سواء كانت أوراق قابلة للوفاء كالورق النقدي و السندات أو القيم المقابلة القابلة للمعاوضة بشكل عام .
واهم ما سيتأثر من الأصول ذات صفة الثمن لا المثمن ، هي الحقوق والخدمات حتى يتوازن المثمن ، لأنها قابلة للهضيمة والانسحاق بالضغط العالمي الكبير.
والخطورة تأتي من الترابط (العولمي) الذي يجعل العالم كله ملعبا واحدا للجميع ، فتترابط جميع الأسعار والقيم في العالم ، فلهذا لا يخسر أو يربح شخص دون آخر ، فالأمر يبدو كمسلسل سقوط قطع الدومينو.
وهذا معلوم بالضرورة لقادة الفكر الاقتصادي والتشريعي ، و الامر قد يشار اليه علميا، ولكن المشكلة ان القول بدون حصول الكارثة يعتبر مجرد خيال . لهذا فإننا كثيرا ما نرى القابلين بهذا الحال الشاذ يستهزئون من تحذيرات الخبراء والمفكرين المتحسسين لقوة القانون وارتداد طاقة القيمة بشكل عكسي مؤلم ومدمر للقوى الاقتصادية.
والسبب بسيط جدا فان أي صاحب سند انما يريد بالنهاية أن يستبدل سنده بقيمة واقعية ، فإذا اكتشف إن كل مرابحاته على سنداته سوف لن تمكنه إلا باسترداد ثلث القيمة التي دفعها في سنداته ، فسوف يتخلص منها بخسارة مريرة ، فإذا حصل هلع في الأسواق فسوف لن يحصل على واحد بالمائة من قيمة سنده ، رغم ان القيمة الحقيقية هي ثلث قيمة السند وليس واحد بالمائة من القيمة المعلنة للسند . وسبب هذا الارتداد غير الواقعي للقيمة هو وجود قانون اقتصادي مهم، وهو إن الخوف يولد قناعة عامة بالتخلي، والتخلي عن أي سلعة يسقط قيمتها نهائيا ويفقدها ماليتها ، لأن المالية قائمة على أساس رغبة العقلاء في السلعة فذا فقدت الرغبة فقد اختلت المالية نفسها.
وهذا لا يحتاج إلى فيلسوف ليدرك ذلك.

فالقضية الحالية في غاية الخطورة ، واتمنى أن يم السيطر عليها بجعل التراجع في السعر الوهمي بطيئا لحين الوصول إلى قيم قريبة من الحقيقة ، وهذا يحتاج إلى قوة هائلة للسيطرة ،والى ماكنة إعلامية هائلة لتهدئة المالكين المشوَشين من فقدان قيمة مستنداتهم ، لانكشاف الهوة بين القيمة الاعتبارية والقيمة الحقيقية.

ولكن هل يمكن لمن يقرا مقالي أن يستفيد من هذه الكارثة ؟
أقول لجميع المؤمنين : إذا لم تكونوا متورطين بشراء سندات تستهلك جميع سيولتكم المالية ، فيمكنكم الاستفادة بقوة من من قوة الارتداد التكويني للاسعار. فهو ظرف قابل للاستفادة والربح .
في فترة هبوط أسواق شرق أسيا في أواخر التسعينيات وأول القرن الواحد والعشرين ، رأيت صاحبنا العزيز مهموما جدا من خسارته الهائلة لكونه اشترى بضاعته بسعر عالٍ ، والآن هبطت الأسعار بشكل مدهش إلى اقل من عشرة بالمائة من قيمتها السابقة تقريبا . فقلت له بل تستطيع أن تعيد خسارتك بالشراء الآن، لأن القانون يقتضي إعادة التوازن وسوف تكون أرباحك مدهشة لمدة لا تقل عن ستة شهور ، وفعلا استعاد أضعاف ما خسر . فقد أقدم في الوقت الذي ينسحب فيه الآخرون . فانتفع في الوقت الذي يخسر فيه الآخرون .
ولهذا انصح جميع أخوتي بأنكم في الهبوط لقعر منحنى القيمة تستطيعون أن تشتروا مصانع وبضائع بأقل من كلفتها ، وتستطيعون شراء تكنولوجيا ممنوعة التصدير وبسعر رخيص ، لأنها أصبحت عالة على مالكيها ،وليست ذات قيمة ، بل إن المالكين لا يريدون إلا التخلص من أملاكهم لسداد ديونهم . فليعمل العاملون.

أجوبة سريعة :

المعتمد في التاريخ : لك جزيل الشكر.

الوسيلة : بارك الله فيك وفي فهمك ، ومسألة الكتب ففي الحقيقة أنك لا تستطيع أن تحصل الإجابات الشافية إلا من الكتب العلمية المتخصصة ، مثل شروح كتاب المكاسب أو بحوث الخارج في مسائل الفقه الاستدلالي . وعلى العموم يمكنك أن تدرس المسألة في معنى المعاملة والمبادلة والمال في كتب الفقه مثل الكتب بعنوان البيع والمكاسب للأعلام الكبار مثل النائيني و الاصفهاني والعراقي والخوئي والخميني والأنصاري والآخند والبروجردي والشيرازي وغيرهم من أعاظم الأعلام سلام الله عليهم ورضوانه انه ارحم الراحمين.
بقي أمر أقوله لك : وهو أن الفقه الشيعي مبني عقائديا على العدل ، والعدل سيد الأخلاق ، وليس من العدل أن تبخس الأصول المملوكة قيمتها الحقيقية، فافهم.

يوزر 2000 : شكرا لك الإضافة والى مزيد.

محمد الحسني : باركك الله ، واعلم أن كل ما يفعل البشر ويخرج عن الصواب ، يضع دليلا جديدا على وجوب الرجوع إلى الله والى ترتيباته مثل ترتيب الولاية والعلقة الدائمة به بالإمامة , وهذا لا يفهمه إلا ذو حظ عظيم. ونبقى مع الفكر والفقه لمعالجة واقع الأزمة.

الأشتر: شكرا على الإثراء وقد وضعت تصورات مبسطة كما طلبت . والتعميق عليك فانت اقرب للسوق ويمكنك رفدنا بالبحوث الصادقة والمثمرة وليس الكلام الهلامي الذي نقرأه في الجرائد وفي الأبحاث الكاذبة عن الاقتصاد والقانون.

هشام بن الحكم: ما أحلى ما تقول ، وما أكثر لفتاتك الرائعة ، ولكن من الصعب علي الإجابة على كل ما تسأل. وعليك أنت أن تتفضل علينا فتجيب، فأنت لست بالعاطل عن حلية العلم بل المليء بحمد الله . ونرتقب منك التعميث والاثراء.
لعلي شخصيا لا أجد دليلا على تحريم التعامل بالسندات ، لا كأعيان ولا كقيم ، (لا البدلي ولا القيمي) ، ولكن هناك أدلة شرعية كثيرة تحمّل الحاكم العادل مسؤولية السيطرة على الأسواق من الانهيار ، وهذا يعني وضع شروط للتعامل من اجل منع الانهيار. والفقه الإسلامي وضع شروطا كثيرة لمنع الخلل الاقتصادي، فهو لا يسمح أساسا للتعامل على أساس النقد الثمني (الاقتصاد الربوي) وأي تعامل على نمو المال بما هو مال ممنوع ما لم يكن فيه مغايرة ولو اعتبارية ، ومع فقد شرائط الربا فلا بد أن يكون بقيد حفظ المالية (المحافظة على الأصول المملوكة) وإلا بطلت المعاملة للعيب في المعاملة أو الثمن أو للغبن وما شابه ذلك ، وعلى الغابن الضمان ، والضمان المتداخل رغم تعقيده الشديد إلا انه قابل للاستحقاق ، وتحقيقه في قاعدة اليد وضمان اليد ، كما لا يخفى عليكم.

الراية الحسينية: كلامك لا يخلو من صحة فما وقع ليس إلا البداية ، لأن رجوع الأسعار إلى القيمة الحقيقية حتم لا بد منه تكوينا ، والارتداد السريع مدمر جدا، ونحن نؤمن بأن تغير السعر واقع يجب التعامل معه ، كما اننا نؤمن بان لفعلنا دخل في تغيير الأسعار كما إن لقوانين الله دخل أيضا والبحث يمكن إثراءه . وشكرا لك .

مَعين : البحث هو من وجهة نظر فقهية ، ومن ورائها العقيدة الخاصة بالعدل ولزومه ، والاستشراف للمستقبل وفق المعطيات الفقهية . وما عداه فهو بحث اخر له وجه وجيه فيما إذا لم يسيطروا عليه .


---

وللإثراء يمكن أن ننقل عقيدتنا في الرزق وفي الأسعار وفق ما عرضه الشيخ الطوسي رحمه الله ، وكمقدمة فإننا عدلية نقول بان الإنسان مختار ويفعل أفعاله بقدرةٍ وإرادةٍ ممنوحة له من الله ـ وانه يحصل على نتائج عمله، وهو ليس مجبورا على العمل وإن الأرزاق الخاصة هي نتيجة الكسب والخوض فيما منحنا الله من الرزق العام كالتراب والماء والهواء والمعادن ، والرزق الخاص كالقدرة والعقل والصحة الخاصة وغيرها ، فليتفضل الإخوة المؤمنون بقراءة العقيدة في الرزق والأسعار ، والعقيدة هي أساس التشريع كما تعلمون. ومن يفهم الأسس الاقتصادية سيدرك إن عقيدتنا يمكنها أن تولد أعظم اقتصاد وتصنع أفضل ازدهار بقوانين العدل والحرية والكرامة بخلاف من يقول بالجبر أو الكسب أو منع السببية بين العمل والنتائج ، والنص فيه اجتهاد في الجزئيات قابل للنظر والتحقيق:

الاقتصاد - الشيخ الطوسي - ص 104 – 107:

(وأما الرزق فهو ما صح الانتفاع به للمرزوق على وجه ليس لأحد منعه أو ما هو بالانتفاع به أولى .
والدليل على ذلك : أن ما اختص بهذه الصفة سمي رزقا وما لا يكن كذلك لا يسمى رزقا .
ولا يصح الرزق عليه تعالى ، لاستحالة المنافع عليه .
والبهائم مرزوقة لجواز الانتفاع عليها ، وكل شئ ليس لنا منعها منه فهو رزقها نحو شرب الماء من النهر الكبير أو ما تأخذ بفيها من الكلأ المباح .
وقيل ذلك لا يسمى زرقا لها ، لأن لنا منعها منه بالسبق لها إليه ، ومتى سمي الكلأ والماء قبل التناول بأنه رزق لانسان أو بهيمة كان مجازا ، ومعناه أنه يصير رزقا له إذا تناوله .
والملك والرزق يتداخلان في الشاهد ولا ينفصلان ،
والقديم يوصف بأنه مالك ولا يوصف بأنه مرزوق ، لما قلناه من استحالة المنافع عليه .
فصار من شرط تسميته رزقا صحة الانتفاع به ، وليس ذلك من شرط تسميته بالملك .
وفي الناس من قال الملك منفصل من الرزق لأنهم يقولون في الكلأ والماء أنه رزق للبهائم ولا يسمونه بأنه ملك لها .
والصحيح الأول ، وإنما لا يسمى رزق البهيمة ملكا لأن من شرط تسميته بالملك أن يكون عاقلا أو في حكم العاقل من الأطفال والمجانين .
وقالوا أيضا : من أباح طعامه لغيره يوصف بأنه رزق له ولا يقال أنه ملكه قبل تناوله .
قلنا : لا فرق بينهما ، لأن قبل تناوله فهو رزقه وملكه ، وليس له منعه منه كالكلأ والماء .
ويجوز تسمية الولد بأنه رزق .
وكذلك العقل لا يمتنع أيضا تسميته بأنه ملك . والمعنى أن له الانتفاع بولده وبعقله ، فلا فرق بينهما .
وحقيقة الملك أن من يقدر على التصرف في شيء ليس للآخر منعه منه فهو مالك له ، ويسمى الله تعالى بأنه مالك يوم الدين لهذا المعنى ، ولذلك يوصف الإنسان بأنه يملك داره وعبده لأنه يقدر على التصرف فيهما وليس لأحد منعه فيه .
ولذلك لا تسمى دار غيره بأنها ملكه وإن كان قادرا على التصرف فيها لأن للغير منعه منها .
فإذا ثبت ذلك فالحرام ليس برزق لنا ، لأن الله تعالى منع عنه بالحظر ويجب علينا المنع منه مع الامكان ، ولو كان الحرام رزقا للزم أن يكون أموال الناس رزقا للغاصبين والظالمين ، ويلزم فيمن وطئ زوجة غيره أن يكون ذلك رزقا له ، كما أنه إذا وطئ زوجة نفسه يكون كذلك .
وقد أمر الله تعالى بالانفاق من الرزق في قوله " وأنفقوا مما رزقناكم " .
ومدح عليه بقوله " ومما رزقناهم ينفقون " . ولا خلاف في أنه ليس له أن ينفق من الحرام ، وإذا أنفق لا يستحق المدح بل يستحق الذم .
ويصح أن يأكل الإنسان رزق غيره كما يصح أن يأكل مال غيره .

والرزق:
يضاف إلى الله تعالى تارة وأخرى إلى العباد ، فإذا أريد بالرزق الجسم الذي يصح الانتفاع به أو بطعمه أو رائحته فمعلوم أن ذلك من خلق الله تعالى فيضاف إليه لا محالة .
ومتى عبر به عن تصرفنا فيه على الوجه الذي ينتفع به فإنه أيضا يضاف إليه تعالى ، لأنه لولاه لما صح منا التصرف والانتفاع به ، لأنه مكن منه بالقدرة والآلات ، ولو لم يكن إلا خلق الحياة والشهوة لكفى ، لأنهما الأصل في المنافع ، فإضافته إليه تعالى من هذا الوجه واجبة .
وأما ما يضاف إلى الواحد منا ، فيجوز أن يهبه له أو يوصى له وما يجري مجراه ، فإنه يقال رزقه .
ومن ذلك قولهم إن رزق السلطان جنده ، ولا يقال فيما يملك بالمعاوضة بالبيع أنه رزق من البائع ، لأنه قد أخذ عوضه ، ولا يقال في الميراث أنه رزق من الميت لأن سبب ذلك من غير جهته وبغير اختياره ، وكذلك لا يقال أن الغنائم رزق من الكفار لأنها بغير اختيارهم ، بل كل ذلك رزق من الله تعالى الذي حكم به .

وأما السعر :
فإنه عبارة عن تقدير البدل فيما يباع به الأشياء ، ولا يسمى نفس البدل بأنه سعر ، فلا يقولون فيمن معه دراهم ودنانير أن معه أسعارا وإن كانت أثمانا للمبيعات وبوصف تقديرها بذلك ، فيقال هذا المتاع بكذا وكذا درهما .
ولا يلزم على ذلك قيم المتلفات أن يسمى سعرا ،
لأنا تحرزنا منه بقولنا " فيما يباع به الأشياء " .
وفي الناس من شرط في حد السعر أن يكون ذلك على جهة التراضي ، احترازا من قيم المتلفات .
وذكر البيع على ما قلناه يغني عن ذلك .
والسعر يكون غاليا ويكون رخيصا ، فالرخص هو انحطاط السعر عما جرت به العادة في وقت ومكان مخصوص ،
لأن انحطاط سعر الثلج في الجبال الباردة لا يسمى رخيصا ،وكذلك في زمان الشتاء ، فلذلك اعتبرنا الوقت والمكان .
والغلاء هو زيادة السعر على ما جرت به العادة والوقت والمكان واحد لمثل ما قلناه في الرخص .
ويضاف الرخص والغلاء إلى من فعل سببهما ،
فإن كان سببهما من جهة الله أضفنا إليه ،
وإن كان سببهما من جهة العباد أضيفا إليهم ،
فما يكون سببه من الله تعالى في الرخص فهو تكثير الحبوب وتقليل الناس وتنقيص شهواتهم للأقوات فيرخص عند ذلك فيضاف إلى الله تعالى ،
وسبب الغلاء عكس ذلك من تقليل الحبوب وتكثير الناس وتقوية شهواتهم للأقوات ، فيغلو فيضاف عند ذلك إلى الله .
وما يكون سببه من العباد في الرخص فنحو جلب الغلات [1] وبيعها أو حمل الناس على ذلك والزامهم إياهم بنقصان من السعر [2]، وعكس ذلك الغلاء بأن يحتكروا الغلات ويمنعوا من جلبها ويسعروها بأثمان غالية على العباد ، فتنسب عند ذلك الغلاء والرخص إلى العباد الذين سببوا ذلك .)
انتهى ما ذكره شيخنا الطوسي

هامش مني :
[1] وكثرتها بالإنتاج وتسهيل القوانين وتوفير الطاقة الرخيصة اللازمة للإنتاج بالعمل والاستخراج وغيرها مما يؤثر فيه الإنسان بالرخص من قبيل زيادة العرض مقابل الطلب .
[2] يقصد بان الإنسان قادر على السيطرة على الأسعار بالقوة والسلطة . وهذا خلاف رأي الجبرية وأشباه الجبرية القائلين بالتدبير، ومن المفارقة فانهم احرص الناس على السعي للرزق وهم يقولون بان القول بان السعي مؤثر في الرزق كفر ، وهم احرص الناس على التحكم في الأسعار بواسطة السلطة الحاكمة وهم يقولون بان من يقول بالتأثير فهو كافر ، وهذا من غرائبهم التي لا تستغرب منهم .

بارككم الله وزاد في فهمكم .


السلام عليكم ورحمة الله
الأخ قاسم المحترم
ما نقلته يمثل تطابقا في فهم أساس المشكلة ، فما طرحه في المثال - رغم بعض التعقيدات- إلا انه اقل تعقيدا من الواقع وهو مثال جيد رغم طرافته وسخريته من جهل المتعاملين .

الأخ أبو حيدر العماني المحترم
نحن بالخدمة ، وكم أتمنى ان يثري هذا الموضوع أمثالكم ولو بنقل التحليلات الاقتصادية والنظريات الفقهية الإسلامية .

الأخ السيد المتقي حفظك الله
الموضوع هو وجهة النظر الفقهية الإسلامية في ألازمة لا تحليل المواقف السياسية والنوايا السياسية فذاك بحث سياسي له وجهة ثانية .
وعلى كل حال أتمنى من كل دارس ومتمكن من كتاب البيع أن يدلي بدلوه في تحديد مفهوم حفظ المالية وتأكيد الإسلام عليها ، لأن أساس المشكلة الحالية هي النمو الوهمي للقيمة وهذا يؤدي إلى غش وغبن في العمليات التجارية ، فما حكم الإسلام في ذلك؟ وكيف يعالج؟

الأخ الشيخ الدكتور الصائغ حفظك الله
شكر الله سعيكم ، وحبذا لو كان البحث في المنظور الفقهي للمشكلة وهي النمو غير الحقيقي للقيمة بحيث تكون السندات أعلى قيمة من الواقع البدلي ، وهذا أمر لا يتخيله عاقل ولكنه وقع فعلا ، هذا في كل العالم سواء الرأسمالي أو الاشتراكي أو الإسلامي . فكل القانونين والفقهاء يقبلون المتاجرة بالسندات ولا مشكلة في ذلك ولكن المشكلة في الممارسة حين تكون خارج حدود المعقول ، وقد قيل لي بان إحدى الشركات لا تتجاوز ملكيتها الحقيقية واحد بالألف من قيمة السندات في البورصة ، فكيف نعالج هذا؟ وهذا تحدٍ يواجه جميع القانونيين والمسئولين والمتشرعين ، فالقضية تتعلق في معالجة الممارسة بغض النظر عن النظام الاقتصادي ، حيث أن كل نظام له وجهة نر في المعالجة ولكن الكل يريد عدم وقوع الكارثة ولا فرق في ذلك بين مسلم وكافر.

الأخ عبد الله المخلص وفقه الله
جعلك الله مخلصا

الأخ الطف باركك الله
سدد الله خطاك

الأخ مغربي حر وفقه الله
سيدي الكريم الموضوع يجب أن يعالج من وجهة فقهية .. وما تقول به لا يمت للفقه بصلة ، فهو مجرد طرح تشاتم ايدولوجيات بين بعضها . ونحن كفقهاء نحدد المشكلة ، وننظر إن كان هناك دليل على الحكم فيها ، فنحكم ، وإلا نُعمل الأصول العملية فيها.
التأميم أمر مرفوض فقها ولا يمكن تبريره لأنه سلب أموال الناس وهذا من الكبائر.
المتاجرة في السندات لا مانع منها شرعا.
نظام الزكاة والخمس في الفقه غير ناظر إلى إنهاء الفقر أو غيره وإنما هو تكليف، ولكن يمكن أن تكون نتيجته إنهاء الفقر إذا طبق على الشكل الصائب ونحن نعتقد أن ذلك ممكن جدا في زمن الإمام الحجة روحي فداه.
الإسلام لم يقلل من أهمية الفرد ويركز على الجماعة كما يفهم من كلامك ، وهذا أمر لا وجود له في الفقه . وإنما هو من أدبيات الأحزاب الإسلامية، ووهي احكام واقع لها . نعم الإسلام حدد حقوق ووجبات للفرد وكذا فعل للأمة والجماعة وكذا فعل للحاكم أو مؤسسته التي هي الدولة .
وهنا فرق بين أن يقال بوجود مهام وحقوق للجماعة وبين أن يقال إنها مقدمة على الفرد فلهذا يجب التأميم .
وقد قلنا إن التأميم عمل عدواني باطل لا يعترف به الإسلام إلا إذا كان لضرورة قصوى ولكن بشرط التعويض حتى لا يحصل ظلم. وقد قال الفقهاء أن من الضرورة حفظ امن البلد ومن الضرورة التزاحم مع التنظيم (مثلا لو استدعى إزالة مبنى من اجل تسهيل طريق المسلمين ولم يكن من حل إلا هذه الإزاحة فهنا يعوض المالك بما يرضيه ويتم التصرف بالمكان ) .
لا يوجد عندنا مفاضلة بين الاشتراكية والرأسمالية فكلاهما نظام لا يمت إلينا بصلة ولكل منهما أخطاؤه في نظر الفقه الإسلامي ، فالاشتراكية تسلب كرامات وأموال وحريات الأفراد وهذا باطل عندنا. والرأسمالية تعتمد نمو المال على أساس المال وهو باطل عندنا في بعض وجوهه ، وتعتمد الحرية غير المنضبطة في التعامل الاقتصادي وهذا يخلط عندنا الحرام بالحلال. وهو باطل.
ما تسميه بالتجربة القرمطية أمر غير مفهوم للمثقفين ، ولكن أشير إشارة سريعة أن عمليات الكفالة الاجتماعية التي اعتمدها الإسماعيليون هي نفس مبادئ التشيع ومبادئ الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، ولكن المشكلة إن المجتمع الشيعي لا يطبق مبادئه الجيدة ، ولهذا فالكلام اعم واشمل من القرمطية او الاسماعلية ، لأنها مبادئ نفس الإمام الذي ننقل منه أحكام الإسلام وحكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
وهذا النظام التكافلي التبرعي غير مبني على غلبة المجتمع على الفرد . إنما هو نظام اجتماعي تطوعي ايماني ليثبت القرب الإيماني للنفوس بالتخلي عن النزعات الذاتية ، وهذا مسلك أخلاقي وفداء شخصي للعقيدة ، وهو من الناحية الفقهية أمر غير لازم رغم جماله العقدي والاجتماعي . لأن اللازم هو دفع الحق الشرعي فقط ، والبقية هو نظام أخلاقي وروحي خاص ابعد بكثير من الفقه. ولكنه لا يتعارض مع الفقه.

لهذا يا أخي الحبيب مغربي حر فان ما طرحته لا يمكن التسليم به من ناحية فقهية .
وعليك أن تركز كمسلم على الحل الفقهي للازمة الحالية ، وهذا لا يكون إلا بان تعرف ماهية الأزمة؟ ومن ثم ترى ما هي الحلول الفقهية؟ و قد اختصرتُ على الجميع ، فقد بينت ان الأزمة تتمثل في عدم المطابقة بين القيمة الاعتبارية وبين القيمة الحقيقية ، وان الحل هو حل الإسلام بمنع التعامل على أساس نمو القيمة الوهمية . حيث إن المرابحة يجب أن تكون بحدود المعقول من القيمة والتي قد لا تتجاوز الخروج عن القيمة الحقيقية (زائد \ ناقص 20% ) . وأما ما نراه فهو نمو غير طبيعي ويؤدي إلى خسائر كبيرة .
الغبن هو أن أبيعك بيتا قيمته 1000 دينار ذهب بـ 1200 دينار ذهب ، وذلك لأن هناك زيادة غير عقلائية في الثمن ، وبيع الغبن فيه (خيار الفسخ) بل فيه إلزام الفسخ ، فكيف وأنت تبيع الآن الألف بعشرين ألف ، فهذا في غاية الغبن . فقولنا الفقهي الثابت أن المعاملات التي تقام على السندات يجب أن ترتبط بالواقع . ولا يجوز أن تتعدى الحد المسموح حتى لا يقع الغبن ولا يخسر الناس أصول أموالهم.
سمعت أمس بان هناك قرارا سريا بتشريع قانون الحفاظ على أصول الأموال في الولايات المتحدة الأمريكية ، فكما نقل الأخ الوسيلة إن هذا الأمر قيد البحث ، وهذا هو رجوع إلى الواقع والى العدل وهو اتفاق مع فقهنا الإسلامي نتيجة التجربة والخبرة التي فرضتها حالة التجاوز في السوق الفعلي.

فالمشكلة هنا محددة فقهيا في أمرين: الأول الحفاظ على المالية . والثاني هو بحث القيمي والبدلي.
ويؤدي البحث في هذا إلى بحث الضمان أو قاعدة ضمان اليد ، فإنها قاعدة إسلامية مهمة ضابطة لحفظ الأصول المالية والملكيات .

وهذه بحوث من أعمق البحوث، ولو نقلت للإخوة ما يقول الفقهاء لصعب جدا فهم ما يقال.
المشكلة فقهيا لو حصل المحذور وعرف مالك السند ان القيمة في الواقع اقل بكثير مما في السند فكيف يتصرف فقهيا؟
هناك قاعدة الضمان
وهناك كتاب الصلح
وهناك البحث في شرعية اصل البيع؟ ولمن يثبت الخيار؟ وكيف يعالج ذلك؟ ومن يرجع إلى من؟
وهكذا يمكن تحديد المعالجة بصورة فقهية دقيقة بعيدا عن كوننا أفضل منهم أو هم أفضل منا أو غيرنا أفضل منهم . فهذه أمور خارج نطاق البحث الفقهي.



بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قبل كل شيء وجدت خطأ طباعيا أحببت التنبيه عليه . كتبتُ (وإنما هو من أدبيات الأحزاب الإسلامية، ووهي احكام واقع لها .) والصواب وهو: (وإنما هو من أدبيات الأحزاب الإسلامية، وهي أحكام لا واقع لها .) . بل أضيف إليها انها أحكام ما انزل الله بها من سلطان وتفرض على الإسلام كفكر إسلامي.
=========
ولدنا الحبيب أبو حيدر العماني باركك الله
الحقيقة أن الأزمة الحالية هي أزمة قانونية في ترتيب العقود وشروطها ، وهي ليست أزمة نظام اقتصادي عالمي معين فهذه الأزمة تشمل في أسسها القانونية النظامين الاشتراكي والرأسمالي ، كما تشمل كل المسلمين الذين لا يفهمون فقههم جيدا . فان البنوك المنشأة على أساس إسلامي هي بنوك ترتكب نفس الخطأ ، بل تتمادى فيه ، وكان لي حوار مع احد البنوك الإسلامية ومفكريهم فتبين أنهم لا يعرفون الإسلام ، ولا يعرفون النظام الإسلامي من الأساس ، ويتشدقون بكلمات مثل رفض الربا ، بينما ما يقومون به هو عين الربا لأنه نمو للمال على أساس المال، وهم لا يفهمون شروط الربا ، فان الربا منتفٍ في المعدود في البيع ، وفي المغاير الاعتباري والحقيقي في البيع والقرض ، وهم يتعاملون بالمعدود وبالبيع وبالمغاير فاين الربا الذي يتشدقون بالهروب منه ؟ وبعد حوار طويل وعميق تبين انهم لا يفهمون شيئا ، فلا يفهمون الاقتصاد الاسلامي ولا يفهمون الاقتصاد الرسمالي ولا يفهمون الاقتصاد الاشتراكي ، وانما يتجارون بشعارات رنانة ن بحكم حزبيتهم وتبعيتهم للاخوان المسلمين كما شاهدت.
فالازمة الحالية هي نتيجة حتمية لقضية مهمة ، وهي إن عنصر المخاطرة المسموح به قانون هل يشمل حالة مقدمات الضمان؟
الظاهر إن كل الاقتصاديين في العالم الحديث يذهبون إلى إن القانون ما دام قد سمح بعقدٍ فلا يمنع منه حتى لو أدى إلى الوقوع في مقدمات الضمان. ثم إن القوانين لم توضح نوع الضمان الناتج عن هذه الحالة ن وقد جرت عدة أزمات اقتصادية عالمية منذ 1928 ولحد هذا اليوم وكان الحل هو التسويات ، وهذا الحل ثبت انه يفاقم الأزمة ، ولا نعرف هل يقومون بحل جذري لها ام لا؟
ولكن من منظور إسلامي فان مسموحات التعاقد تصطدم بموانع كثيرة ، فاذا تجاوزها المتعاقدات يثبت الخيار في الفسخ، ولو كان العقد قد دخل بمقدمات الضمان فلزم الضمان ويكون العقد مشمولا بالضمان ، ولهذا فان من باع بقيمة أعلى من الواقع يرجع إليه العقد وعليه ضمان الثمن لأن المثمن لم يساوي الثمن. فيما اذا كان بلا تنازل عن الضمان ، فهنا قطع لدابر الموضوع .

كنت في العراق سنة 1975 فلاحظت حالة غريبة جدا ، وهي مسألة بيع وشراء السيارات ، فكانت الدولة محتكرة لتجارة السيارات في تلك الفترة ، وكانت تشتري السيارة بقيمة 10000$ وتبيعها بعشرة آلاف دينار عراقي مع ان الدينار يساوي ثلاثة دولارات وعشرة سنتات ، فتدخل السيارة في المعارض في اليوم الواحد تزداد قيمتها بعشرة الى عشرين بالمائة حتى يبلغ سعرها بعد اشهر معدودة بحدود 35 ألف دينار عراقي ، لأنه يوميا أو أسبوعين يدخل صاحب السيارة إلى المعرض وهم جلوس فيشترها هذا ويبعها على ذاك ويتكرر الأمر إلى خمس أو عشر مرات بيع، في بعض الأحيان ، وكان أصحاب المعارض اغلبهم من الطبقة التي لا تقرا ولا تكتب . فدهشت حين رأيت ذلك ، فقلت لهم هل انتم مسلمون؟ قالوا: نعم وقد تشرعنا ، أي سألنا علماء الشرع فوافقوا ، فقلت لهم هل سألتم عن وصل المبلغ إلى قيمة لا تتطابق مع الواقع ، فقال احد الأذكياء ، يا مولانا نحن في العراق لا نستطيع بيع هذه السيارات خارج العراق ، وهنا نحن من يقدر القيمة ونحن من يقول إن هذه القيمة حقيقية ، فقلت لهم ، لو فرضتم أن تغييرا سياسيا قد حدث وسمح بدخول السيارات فكم ستكون قيمة هذه السيارات ؟ فقال احدهم: أنه سعّر في سوق الكويت على نفس سيارته المشتراة بستة عشر ألف دينار عراقي فوجد سعرها خمسين دينار كويتي ، ثم قال : بحدة نحن في العراق ولا دخل لنا بالخارج ، فقلت لهم هذا البيع فيه غرر وفيه غبن ، ولا يصح إجراءه فاخذوا يتضايقون من كلامي ، فتركتهم لجهلهم بمصالحهم، وقد حدث أمر رهيب لمالكي السيارات في العراق رغم سقوط الاقتصاد العراقي أكثر من خمسة عشر سنة ، فقد كانت السيارت بقيمة عالية في العراق لحين سقوط النظام ، ثم قد انخفض فجأة سعر السيارة من 14 مليون دينار عراقي إلى مائتي ألف فقط خلال أيام من فتح تجارة السيارات العالمية بعد السقوط ، فدخلت سيارات مستعملة وجديدة جدا بالنسبة للسيارات العراقية ، فأصبحت السيارة الكورية المستعملة المشتراة من كوريا بسعر 400 دولار تباع في العراق بسعر 1600 دولار (كلفة إيصالها للعراق بحدود 500 إلى 600دولار) ، وهي أفضل ألف مرة من السيارة العراقية ذات سعر 20 مليون دينار عراقي أي بحدود أربعة عشر ألف دولار في ذلك الوقت ، فحدث ذهول كبير عند المالكين، ولكن سرعان ما تم ضخ مبالغ في البلد فنُسِيتْ كارثة السيارات ، ثم تم إعادة جزء من قيمة السيارات العراقية حيث إن الحكومة أمرت بعدم منح لوحات سيارات فقام كل صاحب سيارة مستهلكة ببيع رقم سيارته بحدود ألفين إلى ثلاثة آلاف دولار وهذا بسعر السيارة الكورية المستعملة في العراق ( في فترة القرار) وبست أضعافها داخل كوريا نفسها، حيث منعوا استيراد السيارات المستعملة فارتفعت أسعار السيارات بشكل خيالي ، فقد تشتري سيارة بألفي دولار وتستهلكها لثلاث سنوات ثم تبيعها بخمسة أو ستة آلاف الآن، وهذا يدل على خلل اقتصادي وفقهي هائل ، ومن الطريف إن من يقود البلد الآن هم أحزاب إسلامية سنية وشيعية وكلهم متوافقون على الخطأ بحجة ملائمة الواقع والعصر.
فهذه الحالة لا علاقة لها بفكر غربي أو شرقي ، وإنما لها علاقة باستغلال المتعاملين للسماح بالمرابحة والبيع بدون النظر للوصول إلى حافة الضمان ، ولهذا فان أي خلاف ينشأ من هذه الجهة ، حين يُعرض على الفقيه المتمكن فإنه يأمر الأطراف بإجراء (المصالحة) لتقاسم الخسائر ، لكون الطرف البائع يدعي بل قد يثبت أن المراضاة تمت بين الطرفين ، ولكن غدر السوق وقع بعد خروج البضاعة من يده مما يجعل الغرم على المشتري لأن البائع أصبح وقت الكارثة غير مالك أصلا ، وجواب المشتري أن الكارثة كانت بسبب الترابح غير المنضبط فالمسألة لم تكن حديثة أو قد وقعت بعد العقد وإنما هي قبل العقد ، بل قد تكون قبل شراء البائع نفسه للبضاعة ، فادعاء إن انخفاض القيمة وقع بعد العقد غير صحيح أصلا.
ولهذا فان الفقهاء والمراجع يأمرون المكلفين بالمصالحة في مثل هذه الحالات كحالات انخفاض العملة المفاجئ.
الناس يجهلون ابسط أمور الفقه وابسط أمور الاقتصاد ، ولهذا فان ألاعيب الاقتصاد المعقدة تكون دائما غير مفهومة ، ومصدر خطورة حقيقية على ممتلكات الناس.

الأخ الكريم مغربي حر المحترم

الحقيقة لم استطع أن افهم ما تقول ، لعله لقصور في فهمي ، فلا ادري أي الموارد تريد تأميمها؟ هل هي موارد الدولة؟ فهذا تحصيل حاصل ولا يجوز اصلا اخذ موارد الدولة، أم أملاك الناس؟ فبأي شرع تبرر ذلك؟
ثم إذا كانت أدبيات الأحزاب الإسلامية أكثر دينامية وعملية من الفقهاء المتمكنين! فكيف أستطيع ان أتحاور معك؟ فانه يبدو عليك قد تمكنت من الإلمام بالفقه الإسلامي وبفقه الآخرين واكتشفت ضعف الفقهاء الشيعة المنضبطين ، وهذا يدعوني للهيبة بحضرتك فلا أستطيع أن أتكلم بكلمة .
لهذا أفسحُ المجال للإخوة الكرام المشاركين في هذا الموضوع بان يتفاهموا معك فانا قاصر جدا أن اصل لمعرفة ما تريد؟



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اشكر الإخوة الكرام جميعا ، خصوصا الأخ الأشتر حيث أشار إلى قضية في غاية الأهمية وهي قضية عدم تأكيد شرعية البنوك الإسلامية حتى في نظر من أعطوهم الإجازة الشرعية.
فالبنوك الإسلامية اتجهت إلى أرذل قيم الرأسمالية وغلفتها بعنوان أنها إسلامية . وهذه كارثة في الحقيقة ، وقد نبهت إليها ، فأشار إليها ولدنا الأستاذ الأشتر وهو مهتم بذلك ورجل مهم في البنوك العالمية ويعرف ما يقول.

الأخ الكريم مغربي حر حياك الله
حين رأيت فيك قابلية الاتهام بدون علم وبدون خلفية عن الموضوع آثرت عدم الحوار معك ، وقد طلبت أن يحاورك الإخوة الكرام ، فهو انفع لك حتى لا تضطر بحضوري اتهام الفقه الإسلامي بدون معرفة فاضطر إلى كشف عدم معرفتك ، فقام الأشتر بالرد عليك وصحح معلوماتك وأعطى صورة عن واقع المشكلة كما كشفها الأخ قاسم والأخ العماني وغيرهم ، ولكنك زدت الأمر سوءا (يا حفظك الله) فاتهمت الإسلام والفقه الإسلامي بأنه يفكر من قلب المنظومة الرأسمالية .
طيب إذا كان الفقه الإسلامي يفكر من قلب المنظومة الرأس مالية ، فأنت لأي منظومة تنتمي؟ ومن قلب أي منظومة تفكر؟
حتى نحاورك.
هل أنت ماركسي لينيني ؟
هل أنت ماوي ؟
إلى أي مدرسة اقتصادية تنتمي ؟
فلا يجوز لنا أن نحاورك ولا نعرف مدرستك الفكرية ، لأنه في هذه الحال سيخطّأ احدنا الأخر بمقاييسه ، من دون شعور بانتماء الآخر لمدرسة فكرية معينة ، فأما أنا فبكل وضوح انطلقت من أساسيات وجذور الفقه الإسلامي الشيعي الإمامي الاثنا عشري ووجّهتُ نقدي اللاذع والمدمر للرأسمالية ، (مع انك رأيت نفس النقد رأسمالي)
إذا كنت ترى نقدنا اللاذع للرأسمالية في هذا الموضوع هو تفكير من قلب المنظومة الرأسمالية ، فلا نعرف كيف نرضيك لنثبت بأننا ضد الرأسمالية ونراها خطأ فاحش؟
ثم إنني أشرت بما لا مزيد عليه وبما يدركه حتى الغافل، بان موضوع الأزمة الحالية لا يتعلق بنوع نظام الاقتصاد ، فقد سمح بهذا النوع من البيع الشراء كل النظم الاقتصادية بما فيها النظم الاشتراكية ولا تنسى إن أوربا فيها احد عشر دولة مقادة من قبل الاشتراكيين وهي أهم قارة اشتراكية علمية في العالم واغناها ، وهي تتعامل بهذا النوع من البيع. وكذا المسلمون بكل طوائفهم يتعاملون بهذا النوع من البيع والشراء.
نعم فقهنا الشيعي لا يسمح بالشراء لما هو خارج القيمة العقلائية. ويعتبر هذا البيع غرري وضرري وفيه غبن ويثبت فيه الخيار أو الفسخ أو عدم الانعقاد من الأساس فيما لو علم الطرفان بالقيمة الخيالية للمثمن . وهذا لا علاقة له
فها أنت مصر على إن الموضوع أساسه الرأس مالية ، وشتمت الفقهاء المسلمين واعتبرت الأحزاب الإسلامية أكثر دينامية ووعيا للواقع من الفقه الإسلامي ، ثم أنت رويت لنا بان حزب الإخوان المسلمين أسس بنكا ودعا له فقهائهم واستثمر في بلد إسلامي يقوده إسلامي متعصب ومتحزب هو (محاضير محمد) والبلد هو ماليزيا فحصل انهيار في قطاع الاستثمار نتيجة نفس الخطأ ، فهل هذا رأسمالي وهل هذا الحزب هو الأفضل والأكثر وعيا للواقع من الفقهاء؟ وهذا ما رويته أنت ولم أناقشك به (تجنبا للنقاش العقيم معك لأنك تتكلم خارج الموضوع).
فيا أخي الكريم الأزمة الحالية أزمة انضباط وليست أزمة نظام اقتصادي فقد وقع فيها الرأسماليون والاشتراكيون والإسلاميون والبوذيون والهندوس .
فإذا كان عندك رأي في هذه الأزمة فنورنا وقل لنا ما وما هي حلولك لنرى.
وإذا كنت ترى إن النظام الإسلامي هو نظام رأسمالي فقل لنا لنحاورك في ذلك فلعلنا لا نعرف الرأسمالية ونحاربها ونحن لا نعرف ما هي فاعطنا المعلومات الموثقة والعلمية لنعرف القصة؟ فيما إذا كان عندك وجهة نظر خافية على الغرب والشرق.
فليس من المعقول رمي الشتائم من أول مشاركة ، ونحن لا نعرف ما تريد؟ وما هو منهجك الفكري؟
فمن اجل تمتين العلاقة وزيادة الصداقة عليك أن توضح بالضبط حتى نحاورك بنفس مستريح ، وإلا فقطعا أنا لا أحاور هلاما غير محدد لا يعرف نفسه.


ملاحظة : إن الفقه الإسلامي يرى إن المعادن وباطن الأرض وكنوزها وما في البحار والأنهار والسواحل والأراضي غير المستصلحة هي ملك الدولة ولا يمكن التجاوز عليها وإذا منحت من الحاكم فتمنح للاستثمار وليس للتملك ، ولهذا فان من وجهة نظرنا انه لا يمكن تأميمها لأنها أصلا مؤممة وهي ملك الأمة بشخصية الدولة فطلب تأميمها من وجهة نظر فقهية هو تحصيل حاصل ، وهذا بخلاف فقه السلاطين الذين يؤمنون بان هذه كلها ملك شخصي للأمير فتأميمها هو سلب لأموال الأمير وهذا فقه لا نؤمن به.


فتقبل تحياتي .


السلام عليكم ورحمة الله
الأخ الكريم مغربي حر حفظك الله
لواقع ما ستجيب به فقد طلبت من نفسي ترك حوارك ، وها أنت تجيب بما يراه حتى فاقد البصر، وتدعي المعرفة الكلية ولكنك لم تنورنا .
ثم بماذا تنورنا ؟
إذا كنت لا تعتبر الاشتراكية الدولية اشتراكية ؟
مع ان الحزب الشيوعي السوفيتي أصدر بيانا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي قال فيه: أنه يجب أن لا يتصور العالم بأنه بسقوط الاتحاد السوفيتي سقطت الاشتراكية فان نصف دول أوربا محكومة للأحزاب والنظم الاشتراكية.
ثم إن الصين تتعامل بالسندات وهي من كبريات الدول الشيوعية فكيف تنفي تعامل النظام الاشتراكي بالسندات عمليا؟
ولا اعرف كيف وقع لك أن الاشتراكية لا تعترف بقيمة الصرف ولا بالسندات؟ وهذا يعني أنها ليس لها عملة.
هل تصدق أنت ذلك؟
ماركس نفسه لم يضع شروطا للعقود وإنما انطلق من فلسفته في الاقتصاد والمجتمع فأراد حل التصادم أو ما يسميه التناقض بنزع الملكية (الشيوعية) ولكنه مع انجلز قررا أن هذه المرحلة لا تكون إلا في نهاية المطاف والبداية تكون بالاشتراكية .... الاشتراكية لا تعني نزع الملكية وإلغاء قيمة الأشياء وجعلها مباحة وإنما توفير الأشياء للمجتمع وضمان وصولها إليه في حال كونه غير قادر على الحيازة ، فانبثق عمليا فكرة (الجمعيات) وهي في الواقع نفس فكرة الاستثمار التشاركي (أو الشركات العامة) ، ويعبر عن الانتماء والمساهمة في الجمعية بالسند أيضا، ولكن الممارسة السوفيتية كممارسة قمعية منعت بيع سندات الجمعيات فضلا عن الترابح عليها. وهو حجر عسكري لا يقره نفس الفكر الاشتراكي الذي يطالب بالحريات والديمقراطية وكرامة الإنسان ، وهذه إحدى مشاكل التطبيق والممارسة في الاتحاد السوفيتي التي أدت إلى كراهية هذا النظام من قبل الشعب.

ومع ذلك اكرر عليك ما لم تفهمه سابقا ، وهو إن الأزمة الحالية لا علاقة لها بالنظام الاقتصادي وإنما لها علاقة وثيقة بالتجاوز على شروط العقود وعلى تجاوز القيمة الحقيقية والتسامح بالائتمان فيما لا أمان له وهذا يقع في كل النظم .
فهل هذا طوباوي؟
حين أقول باني أجيب عن واقع الفقه الإسلامي فتقول لي: بأنت تحلل من داخل المنظومة الرأسمالية فهذا يعني بالتأكيد أن الفقه الإسلامي يحلل من داخل المنظومة الإسلامية.
طلبت منك تحديد اتجاهك الفكري فتعاليت .
طلبت منك البيان فلم تجب وإنما استسخفت وجودنا في الحياة كما يبدو من جوابك .
طيب كان يمكن إما أن تبين أن هذا الحل الإسلامي هو رأسمالي بامتياز مع بيان السبب ، أو تقول لي: بأنك لم تفهم الفقه الإسلامي وإنما هو كذا وكذا وعليك إعادة فقهك الإسلامي جيدا لتكون مسلما . فعند ذلك أستطيع أن أجيبك ، ولكنك لم تجب بشيء ، فماذا افعل لك؟ وأنا أريد التقرب منك لا الابتعاد .
فإذا كان طلب التوضيح تجريحا عندك! فان بيان خلل قولك سيكون ذبحا عندك حتما!!
أرجو أن تراجع طريقة تناولك لهذا الحوار . فأنت في محل احترام وتقدير ، ولن انظر لمقدار تخطئتك لي بدون دليل ورميك لشخصي وللفقهاء ، بالاوصاف العجيبة ممثل (التفكير داخل المنظومة الراسمالية) و(الطوباوية) و(التجريح) و(الفهم السطحي) و(الوقاحة) و(الاتهامات الفارغة) و(هل تعي) وما شابه ذلك من كلمات ، فهذا لن يؤثر على احترامي لك.
ولك ألف شكر وتحية يا أخي الكريم.


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

علميا سقطت الرأسمالية منذ أن سقط قانون (ساي) القائل (أن العرض يخلق الطلب المساوي له) وذلك في عام 1929 حين حدثت الأزمة الشهيرة التي بدأت بوادرها في سنة 1928 . وقد تبدل جوهر الرأسمالية حين طرح (كينز) نظريته عام 1936 لحل وتفسير أزمة عام 1929، وقد أطاحت هذه النظرية تماما بمبدأ (أترك الأسواق تضبط نفسها) وفق قانون (ساى) للأسواق، فقد بيّن (كينز) أن العرض لا يخلق الطلب، وإن الإنتاج لا يأتي لتلبية رغبات البشر وإنما استجابة للقوة الشرائية، والبطالة ليست اختيارية أو احتكاكية (البطالة الاحتكاكية هي الفترة بين ترك العمل والبحث عن عمل جديد) كما كان يقول سميث وساى بل أن النسبة الأكبر من البطالة هي إجبارية لسقوط مؤسسات العمل نفسها، ولهذا فإن تدخل الدولة واجب في ظل الأزمات التي يتعرض لها الاقتصاد وتتعرض لها الأسواق، وهذا يبطل أهم أسس وجواهر الرأسمالية. وبعد نظرية (كينز) جاءت نظريات متعددة تحاول الموازنة بين عمل الأسواق بنفسها وبين ضبطها ومحاولة إيجاد حلول للخلل الناتج عن ذلك أو الخلل المتعمد الناتج عن إساءة استخدام الحرية الاقتصادية.
غير إن الرئيس (روزفلت) قرر قرارا أنقذ فيه الرأسمالية بنظريته المعروفة بـ (New Deal ) حيث قام بخطة إنقاذ تتستر على واقع المشكلة ، وخطته تتمثل بضخ كمية هائلة من الأموال في مشاريع البنى التحتية من اجل تنمية الاقتصاد في القاعدة ، وترك القمة تأكل نفسها وتصحح أمرها بنفسها .
والنظام الرأسمالي مدين لهذه الخطة في بقائه ، ولكن جاء اليوم الذي يجب إعادة التفكير إلى نظرية (كينز) وهي نظرية تتوائم إلى حد كبير مع الفكر الإسلامي ، فالإمام علي عليه السلام حين أحدث نظام (الشرطة الاقتصادية) شرطة الخميس لمراقبة الأسواق ، لم يكن يريد مطلقا كبت حرية السوق في التعامل ، وإنما الضبط والتدخل لمنع حدوث الأزمات ، فإن الإمام عليه السلام يعلم بواقعيته أن الإنسان جشع للغاية ، ولا يوقفه شيء عن طلب الربح حتى لو تم تدمير كل الاقتصاد ، فهذا لا يعنيه ما دام يربح في عملياته ، فلهذا وقف بحزم وكان ينادي في الأسواق كل يوم خميس (وهو يوم التسوق الكبير في الكوفة) وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ... وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ.. وكان يقرأ قوله تعالى بكامله {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ}(المطففين/1 - 9).
إن قراءة هذه الآيات الكريمة من قبل أمير المؤمنين عليه السلام يعطي عدة انطباعات. أولها: إن ما يقوم به المطفف هو إهلاك للناس وهو جريمة حقيقية وإن كان لا يعلم ويعتقد انه يستخدم حريته التي لا تصطدم ظاهرا ببقية الحريات ، ولكنه في الحقيقة يقتل الناس جوعا وأذى . وثانيا: يعطي بعدا عقائديا وفقهيا لعمليات السوق ، وأن السوق لا يمكن أن يترك بدون ضوابط توقف نمو القيمة والتعامل المجحف ( التطفيف) . وثالثها : إعطاء صفة المصداقية للسوق بحيث يطمئن كل التجار للتعامل معه فيزدهر السوق نتيجة السمعة الطيبة فمردود الالتزام هو الانفتاح التجاري على أسواق مغلقة. وقد كان الإمام علي عليه السلام في نفس الوقت يصرف جميع أموال الدولة على المشاريع فورا وكان يكنس بيت المال بعد فترة وجيزة من امتلائه، فحقق بذلك تشغيلا إجباريا للأيدي العاملة وساهم في رفع مستوى القدرة الشرائية لدى المسلمين مما أنعش الأسواق بشكل كبير.

فهل ستعمد الرأسمالية إلى تقنين حركة السوق بطريقة فنية ؟
ليس أمامها إلا ذلك حتى لو فقدت جوهرها وبقيت رأسمالية بالاسم فقط.

الإسلام حسم هذا الأمر عمليا ونظريا منذ زمن أمير المؤمنين عليه السلام حيث بيّن للناس انه لا يسمح بنمو السوق بدون ضوابط ، ولهذا قنن الاحتكار وقنن البيع الغرري وأثار مسألة (المطففين) عمليا حيث إن السوق والفكر الإسلامي في ذلك الوقت نسي قضية المطففين حتى طرحها بقوة الإمام علي عليه السلام كثقافة ممانعة لضبط السوق من الانهيار.
ولكن حين تُركت سياسة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فكم قد انهارت الأسواق الإسلامية نتيجة الترابح الفاحش والإساءة البالغة لمعايير العدل والحق.

إن هذه الأزمة العالمية اقترح لها الرئيس بوش قانون (إنقاذ) فرفض الكونجرس ذلك ،وطالب بقانون (حل) ... وتوافقوا أخيرا على أن يكون (الإنقاذ) في البداية ثم (الحل) يتلوه ، ولكن كأن إدارة الرئيس بوش لم تمل إلى نظرية (روزفلت) الخطيرة التي رفعت من شان الولايات المتحدة الأمريكية في الاقتصاد والانتشار الأمريكي ثقافيا وماليا وسلطنة، لان ما قام به روزفلت أحيى الرأسمالية من جهة وساهم في نسيان الأزمة وأسبابها ، ولكنه لم يحل الأزمة وإنما جهّز بلده لأزمة مقبلة وقد اقتربنا منها الآن.

معايير الرأسمالية يجب أن تتبدل ، ويجب أن تتوافق مع الحقائق حتى لو أدى إلى مسخها فليس الإشكال في المصطلحات والأفكار المجردة وإنما القضية متعلقة بواقع الحال.

اعتقد أن حرية التفكير في الغرب تمنح الفرصة لطرح نظرية (كينز) من جديد وإجراء تعديلات عليها قابلة للتطبيق وكفوءة وغير قاصرة في منع الانهيار.

وها نحن نكرر إن الأزمة نابعة من أساس القانون الذي يسمح بالنمو غير المقنن ويسمح بنمو القيمة بلا أساس بدلي لها. وهذا باطل عقلا وشرعا عندنا.

هذا من وجهة نظر إسلامية ، ويمكن ان يكون هناك حلول يقترحها الإخوة لا تتعارض مع الفقه الإسلامي . المبني على أسس مهمة منها ضمان الحريات وضمان حفظ القيمة وضمان الحقوق الكلية للمجموع وللأفراد.
وشكرا لجميع الأخوة الذين ساهموا في هذا الموضوع.