كتب بدر العمراني في 02/04/07, 12 :06 12:06:07 AM البحث التالي
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني الكرام ، ها ما وعدت به من إنزال تخريج حديث الطير ، و الله الموفق للخير و المعين عليه .
حديث الطير له طرق وردت عن : أنس ، و سفينة ، و ابن عبـاس ، و جـابر ، و علي ، و أبي سعيد الخدري ، و حبشي بن جنادة ، و يعلي بن مرة ، و أبي رافع ، رضي الله عنهم .
- حديث أنس له طرق كثيرة ، قال الحاكم : وقد رواه عن أنس جماعة من أصحابه زيادة على ثلاثين نفسا . و حكى ابن الجوزي في العلل بأن ابن مردويه ذكره من نحو عشرين طريقا ، و هو اقتصر في علله على ستة عشر طريقا[1] .
و أنا وقفت على خمسة و ثلاثين طريقا ، و هي :
الطريق الأول : أخرجه الحاكم في المستدرك قال : حدثني أبو علي الحافظ ، أنبأ أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن أيوب الصفار وحميد بن يونس بن يعقوب الزيات قالا : ثنا محمد بن أحمد بن عياض بن أبي طيبة ، ثنا أبي ، ثنا يحيى بن حسان ، عن سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرخ مشوي فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير . قال: فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فجاء علي رضي الله عنه ، فقلت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة ، ثم جاء ، فقلت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة ، ثم جاء ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : افتح ، فدخل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما حبسك علي ؟ فقال : إن هذه آخر ثلاث كرات يردني أنس ، يزعم إنك على حاجة ، فقال : ما حملك على ما صنعت ؟ فقلت : يا رسول الله ، سمعت دعاءك فأحببت أن يكون رجلا من قومي ، فقال رسول الله : إن الرجل قد يحب قومه .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وقد رواه عن أنس جماعة من أصحابه زيادة على ثلاثين نفسا ، ثم صحت الرواية عن علي وأبي سعيد الخدري وسفينة ، وفي حديث ثابت البناني عن أنس زيادة ألفاظ .
قال الذهبي متعقبا : ابن عياض لا أعرفه ، و لقد كنت زمانا طويلا أظن أن حديث الطير لم يجسر الحاكم أن يودعه في مستدركه ، فلما علقت هذا الكتاب رأيت الهول من الموضوعات التي فيه ، فإذا حديث الطير بالنسبة إليه سماء[2] .
و قال في الميزان : الكل ثقات إلا هذا –أي محمد بن أحمد بن عياض- فأنا أتهمه به ، ثم ظهر لي أنه صدوق ، روى عنه الطبراني وعلي بن محمد الواعظ ومحمد بن جعفر الرافقي وحميد بن يونس الزيات وعدة ، يروي عن حرملة وطبقته ، ويكنى أبا علاثة ، مات في سنة إحدى وتسعين ومائتين ، وكان رأسا في الفرائض ، وقد روى أيضا عن مكي بن عبد الله الرعيني ومحمد بن سلمة المرادي وعبدالله بن يحيى بن معبد صاحب ابن لهيعة ، فأما أبوه فلا أعرفه[3] .
و قال الحافظ في اللسان : ذكره ابن يونس في تاريخ مصر ، قال : أحمد بن عياض بن عبد الملك بن نصر الفرضي مولى حبيب من ذا يكنى أبا غسان ، يروي عن يحيى بن حسان ، توفي سنة ثلاث وتسعين ومائتين ، هكذا ذكره ولم يذكر فيه جرحا … وأما ابنه فذكر مسلمة بن قاسم أنه مات في حبس ابن طولون قال : وكان سبب حبسه أن قوما ذكروا عنه أنه كان يسب عليا رضي الله عنه ، فأحضرت البينة فأمر به فجرد فضرب نحو الثمانين سوطا في الحبس ، وذلك في سابع عشر رمضان ، فلما كان بعد سبعة أيام أخرج ميتا ، وقال أبو عمر الكندي : كان مازحا هو وابنه وأبوه[4] .
و قال ابن كثير في البداية : وهذا إسناد غريب ، ثم قال الحاكم : هذا الحديث على شرط البخاري ومسلم ، وهذا فيه نظر ، فإن أبا علاثة محمد بن أحمد بن عياض هذا غير معروف ، لكن روى هذا الحديث عنه جماعة عن أبيه ، وممن رواه عنه أبو القاسم الطبراني ، ثم قال : تفرد به عن أبيه ، والله أعلم . قال الحاكم : وقد رواه عن أنس أكثر من ثلاثين نفسا ، قال شيخنا الحافظ الكبير أبو عبدالله الذهبي : فصلهم بثقة يصح الإسناد إليه[5] ، ثم قال الحاكم : وصحت الرواية عن علي وأبي سعيد وسفينة ، قال شيخنا أبو عبد الله : لا والله ما صح شيء من ذلك[6] .
إذن كيف يكون على شرط الشيخين !؟
الطريق الثاني : أخرجه الحاكم أيضا في المستدرك قال : حدثنا الثقة المأمون أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسين بن إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علية بن خالد السكوني بالكوفة من أصل كتابه، ثنا عبيد بن كثير العامري ، ثنا عبد الرحمن بن دبيس . وحدثنا أبو القاسم ، ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي ، ثنا عبد الله بن عمر بن أبان بن صالح ، قالا : ثنا إبراهيم بن ثابت البصري القصار ، ثنا ثابت البناني أن أنس بن مالك رضي الله عنه كان شاكيا فأتاه محمد بن الحجاج يعوده في أصحاب له ، فجرى الحديث حتى ذكروا عليا رضي الله عنه ، فتنقصه محمد بن الحجاج ، فقال أنس : من هذا ؟ أقعدوني ، فأقعدوه ، فقال : يا بن الحجاج ، ألا أراك تنقص علي بن أبي طالب ، والذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق ، لقد كنت خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ، وكان كل يوم يخدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام من أبناء الأنصار ، فكان ذلك اليوم يومي ، فجاءت أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بطير فوضعته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أم أيمن ، ما هذا الطائر ؟ قالت : هذا الطائر أصبته فصنعته لك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم جئني بأحب خلقك إليك وإلي يأكل معي من هذا الطائر . وضرب الباب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنس انظر من على الباب ، قلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فذهبت فإذا علي بالباب ، قلت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة ، فجئت حتى قمت من مقامي ، فلم ألبث أن ضرب الباب ، فقال : يا أنس انظر من على الباب ، فقلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار ، فذهبت فإذا علي بالباب ، قلت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة ، فجئت حتى قمت مقامي ، فلم ألبث أن ضرب الباب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أنس اذهب فأدخله ، فلست بأول رجل أحب قومه ، ليس هو من الأنصار ، فذهبت فأدخلته ، فقال : يا أنس ، قرب إليه الطير ، قال : فوضعته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلا جميعا . قال محمد بن الحجاج: يا أنس كان هذا بمحضر منك ؟ قال : نعم . قال : أعطي بالله عهدا أن لا أنتقص عليا بعد مقامي هذا ، ولا أعلم أحدا ينتقصه إلا أشنت له وجهه .
و قال في الميزان : ما ذا بعمدة ، ولا أعرف حاله جيدا[9] .
و قال الحافظ في اللسان : وقد تقدم إبراهيم بن باب القصار عن ثابت ، فهو هذا كأن اسم أبيه تصحف[10] .
قال الذهبي في الميزان : إبراهيم بن باب البصري القصار عن ثابت البناني ، واه لا يكاد يعرف إلا بحديث الطير[11] .
و قال في المغني : ضعيف واه[12] .
و أخرجه أيضا العقيلي من نفس الطريق و قال : ليس لهذا من حديث ثابت أصل ، وقد تابع هذا الشيخ معلى بن عبد الرحمن ، ورواه عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس . حدثنا الصائغ عن الحسن الحلواني عنه ، ومعلى عندهم يكذب ، ولم يأت به ثقة عن حماد بن سلمة ، ولا عن ثقة عن ثابت ، وهذا الباب من الرواية فيها لين وضعف لا يعلم فيه شيء ثابت ، وهكذا قال محمد بن إسماعيل البخاري[13] .
الطريق الثالث : أخرجه الترمذي في الجامع و العلل قال : حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا عبيدالله ابن موسى ، عن عيسى بن عمر ، عن السدي ، عن أنس بن مالك قال : كان عند النبي صلى الله عليه وسلم طير فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء علي فأكل معه .
قال أبو عيسى : هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث السدي إلا من هذا الوجه ، وقد روي من غير وجه عن أنس ، وعيسى بن عمر هو كوفي ، والسدي إسماعيل بن عبد الرحمن وسمع من أنس بن مالك ، ورأى الحسين بن علي ، وثقه شعبة وسفيان الثوري وزائدة ووثقه يحيى بن سعيد القطان[14] .
و قال أبو عيسى في العلل : سألت محمدا –يعني : البخاري- عن هذا الحديث فلم يعرفه من حديث السدي عن أنس ، وأنكره ، وجعل يتعجب منه[15] .
قلت : و السدي ضعفه غير واحد : قال ابن معين : في حديثه ضعف . وقال أبو حاتم : لا يحتج به . وقال الفلاّس عن ابن مهدي : ضعيف . قال عمر بن شبة : حدثنا أبو بكر بن خلاد قال : سمعت المعتمر بن سليمان يقول : إن بالكوفة كذابين : الكلبي والسدي . قال عبد الله بن أحمد : قلت ليحيى ابن معين : إبراهيم بن المهاجر والسدي متقاربان في الضعف . و قال عمرو بن علي : سمعت يحيى بن معين وذكر إبراهيم بن المهاجر والسدي فقال : كانا ضعيفين مهينين . و قال عباس : سمعت يحيى يقول : إبراهيم بن مهاجر وأبو يحيى القتات والسدي في حديثهم ضعف . و قال الخضر بن داود : حدثنا أحمد بن محمد قال : قلت لأبي عبد الله : السدي كيف هو ؟ قال : أخبرك أن حديثه لمقارب وإنه لحسن الحديث إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به أسباط عنه ، فجعل يستعظمه ، قلت : ذاك إنما يرجع إلى قول السدي ، فقال : من أين ، وقد جعل له أسانيد ، ما أدري ما ذاك[16] .
و فيه : عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي و إن كان ثقة من رجال الجماعة ، فقد نقمت عليه أحاديث ، روى الميموني عن أحمد : كان عبيد الله صاحب تخليط ، حدث بأحاديث سوء ، وأخرج تلك البلايا ، وقد رأيته بمكة فما عرضت له ، وقد استشار محدث أحمد بن حنبل في الأخذ عنه فنهاه.
و لعل بلاياه مصدرها غلوه في التشيع ، قال أبو داود : كان شيعيا متحرقا . و قال الذهبي : ثقة في نفسه ؛ لكنه شيعي متحرق[17] .
لكن تابعه مسهر كما جاء في رواية عند أبي يعلى في المسند[18] و النسائي في الكبرى[19] و ابن عدي في الكامل[20] من طريق الحسن بن حماد قال : حدثنا مسهر بن عبد الملك ، عن عيسى بن عمر ، عن السدي ، عن أنس بن مالك نحوه .
قال ابن عدي : وهذا من هذا الطريق ما أعلم رواه غير مسهر ولمسهر غير ما ذكرت وليس بالكثير .
و مسهر وثقه الحلواني و أبو يعلى و ابن حبان ، و قال البخاري : فيه نظر ، و قال النسائي : ليس بالقوي . وقال الحافظ : لين الحديث[21] .
إذن هذا الإسناد فيه ما فيه ، لذلك استنكره البخاري و استغربه الترمذي . و قد أعله ابن الجوزي في العلل[22] بالسدي ومسهر .
الطريق الرابع : أخرجه الطبراني في الأوسط قال : حدثنـا أحمد ، قال : حدثنا سلمة بن شبيب ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أنس بن مالك قال : أهدت أم أيمن إلى النبي طائرا بين رغيفين ، فجاء النبي فقال : هل عندكم شيء ؟ فجاءته بالطائر ، فرفع يديه فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر . فجاء علي ، فقلت : إن رسول الله مشغول … فارتفع الصوت بيني وبينه ، فقال النبي لها : خله ، من كان يدخل ، فقال النبي: والي يا رب ثلاث مرات ، فأكل مع رسول الله حتى فرغا .
قال الطبراني : لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلا عبد الرزاق تفرد به سلمة[23] .
قلت : سلمة ثقة من رجال مسلم ، و عبد الرزاق ثقة أيضا و من رجال الجماعة لكنه عمي في آخر عمره فقبل التلقين . قال ابن عدي : و لعبد الرزاق أصناف و حديث كثير و قد رحل إليه ثقات المسلمين و أئمتهم و كتبوا عنه إلا أنهم نسبوه إلى التشيع . و قد روى أحاديث في الفضائل لم يتابع عليها ، فهذا أعظم ما ذموه من روايته لهذه الأحاديث ، و لما رواه في مثالب غيرهم ، وأما في باب الصدق فأرجو أنه لا بأس به[24] .
الطريق الخامس : أخرجه أيضا الطبراني في الأوسط قال : حدثنا محمد بن خليد العبدي الكوفي ، قال: ثنا محمد بن طريف البجلي ، قال : نا مفضل بن صالح ، عن الحسين بن الحكم ، عن أنس بن مالك قال : أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم طائر مشوي فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء علي رضي الله عنه ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رب وال[25] .
و هذا واه ، فيه :
مفضل بن صالح ، قال البخاري : منكر الحديث[26] .
و أعله ابن الجوزي في العلل[27] بمحمد بن طريف البجلي ، و نقل عن أبي حاتم تجهيله . قلت : و هذا وهم منه ، فابن أبي حاتم قال عن البجلي : محمد بن طريف البجلي ، كوفي ، روى عن ابن فضيل وإبراهيم بن عيينة ويونس بن بكير وابن إدريس وحفص بن غياث وأبى معاوية ، روى عنه أبو زرعة، نا عبد الرحمن قال : سئل أبو زرعة عنه فقال : محله الصدق . نا عبد الرحمن سمعت أبى يقول : أدركته ولم أسمع منه[28] .
أما الذي جهله أبو حاتم فهو رجل آخر ترجمته موالية لترجمة البجلي . فلتنظر .
الطريق السادس : أخرجه أيضا الطبراني في الأوسط[29] و الخطيب في التاريخ[30] من طريق حفص بن عمر المهرقاني ، ثنا النجم بن بشير ، عن إسماعيل بن سليمان أخي إسحاق بن سليمان ، عن عبدالملك بن أبي سليمان ، عن عطاء ، عن أنس بن مالك به .
قال ابن كثير في البداية : و هذا أجود من إسناد الحاكم[31] .
قلت : و هو ضعيف أيضا ، فيه : إسماعيل بن سليمان الرازي ، قال العقيلي : الغالب على حديثه الوهم[32] . و قال الذهبي في المغني : قال العقيلي : ضعفه غير واحد الغالب على حديثه الوهم[33] .
و قال العقيلي عن هذا الإسناد : غير محفوظ . فقال الحافظ متعقبا : وحديث الطير قد توبع فيه أيضا وتقدم أيضا في ترجمة إبراهيم بن ثابت القصار[34] .
قلت : و طريق إبراهيم بن ثابت قد سبق إيراده و بيان حاله ، و هو واه لا ينفع .
فمن كان حاله كثرة الخطأ و الوهم ، ينتفع بحديثه ، كلا و ألف كلا .
الطريق السابع : أخرجه الطبراني في الأوسط قال : حدثنا هارون بن محمد بن المنخل الحارثي الواسطي ، ثنا العباس بن أبي طالب ، نا حفص بن عمر العدني ، نا موسى بن سعد البصري ، عن الحسن ، عن أنس بن مالك قال : أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طائر فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إلي يأكل معي من هذا الطائر فجاء علي بن أبي طالب[37] .
فيه : حفص بن عمر العدني الملقب بالفرخ[38] ، قال أبو حاتم : لين الحديث . و قال النسائي : ليس بثقة. و قال العقيلي[39] : لا يقيم الحديث . و قال ابن عدي : عامة حديثه غير محفوظ وأخاف أن يكون ضعيفا كما ذكره النسائي[40] . و قال ابن حبان : كان ممن يقلب الأسانيد قلبا لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد[41] .
و أخرجه ابن الجوزي في العلل و قال : وهذا لا يصح بهذا الإسناد ، حفص بن عمر قال النسائي : ليس بثقة ، وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد . ثم قال : قلت : وأحسبه هو المهرقاني المذكور في الذي قبله!؟ [42] .
الطريق الثامن : رواه أبو حنيفة في مسنده عن مسعر ، عن حماد ، عن ابراهيم ، عن أنس بن مالك قال : أهدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هدية فقال : اللهم إتني بأحب خلقك إليك فجاء علي فأكل معه[43] .
و هذا إسناد مرسل ، إبراهيم بن عقبة المدني عده الحافظ[44] من الطبقة السادسة الذين لم يثبت لهم لقاء عن أحد من الصحابة . بالإضافة إلى أن أبا حنيفة متكلم فيه و في مسنده .
قال الحافظ ابن حجر عن جامع مسند أبي حنيفة : الحسين بن محمد بن خسرو البلخي محدث مكثر أخذ عنه ابن عساكر كان معتزليا . ورأيت بخط هذا الرجل جزءً ، من جملته : نسخة رواها عن علي ابن محمد بن علي بن عبيد الله الواسطي ، ثنا أبو بكر محمد بن عمر بجامع واسط ، ثنا الدقيقي ، عن يزيد بن هارون ، عن حميد ، عن أنس . والنسخة كلها مكذوبة على الدقيقي ، فمن فوقه ما حدثوا منها بشيء ، فمنها : حديث "من كنت مولاه" ، وحديث "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب" ، وحديث "أصحابي كالنجوم" ، وغير ذلك . وهذه الأحاديث وإن كانت رويت من طريق غير هذه فإنها بهذا الإسناد مختلقة ، وما أدري هي من صنعة الحسين أو شيخه أو شيخ شيخه !؟ وذكره ابن أبي طي في رجال الشيعة ، وقال : صنف مناقب أهل البيت وكلام الأئمة ، وروى عن طراد الزينبي ودونه ، وهو الذي جمع مسند الإمام أبي حنيفة وأتى فيه بعجائب ، وترجمه أبو سعد ابن السمعاني في ذيل بغداد فقال : البلخي السمسار أبو عبد الله مفيد بغداد في عصره سمع الكثير من شيوخه الحميدي ومالك البانياسي وأبو الغنائم بن أبي عثمان وطراد وعبد الواحد بن فهد العلاف وجمع كثير ، وسألت أبا القاسم –يعني : ابن عساكر- عنه فقال : سمع الكثير غير أنه ما كان يعرف شيئا ، وسألت ابن ناصر عنه فقال : كان فيه لين ، وكان حاطب ليل ، ويذهب إلى الاعتزال ، ومما يستنكر أنه نسب القاضي أبا بكر الأنصاري قاضي المرستان إلى أنه خرج مسند أبي حنيفة من مروياته ، ولم يصف أحد من الحفاظ القاضي المذكور أنه صنف في شيء من فنون الحديث شيئا ولاخرج لنفسه ؛ بل الموجود من مروياته تخريج من أخذ عنه كابن السمعاني وغيره[45] .
و قال العلامة المعلمي في التنكيل متحدثا عن مسانيد أبي حنيفة : المسانيد السبعة عشر لأبي حنيفة منها ما جامعه مجروح ، و ما كان جامعه ثقة ففي أسانيده إلى ابن المبارك مجروح أو أكثر …[46]
الطريق التاسع : عزاه ابن الجوزي في العلل لابن مردويه من طريق خالد بن طهمان عن إبراهيم بن مهاجر عن أنس ، و قال : وكلاهما مقدوح فيه[47] .
قلت : هذا إسناد واه ، خالد بن طهمان متروك ، قال المزي : قال في نسبه خالد بن أبي خالد ويحيى بن هاشم السمسار : أحد الضعفاء المتروكين . قال عباس الدوري عن يحيى بن معين : خالد الإسكاف ضعيف . وقال أبو حاتم : هو من عُتَّق الشيعة محله الصدق[48] .
و إبراهيم بن مهاجر البجلي الكوفي ، ضعفه يحيى بن معين و الفلاس ، و قال النسائي : ليس بالقوي. و قال ابن عدي : إبراهيم بن مهاجر أحاديثه صالحة يحمل بعضها بعضا وهو عندي أصلح من إبراهيم الهجري وحديثه يكتب في الضعفاء[49] .
و أما ما رواياته في الصحيح ، فقال عنها صاحبا تحرير التقريب : و إنما انتقى مسلم من حديثه حديثين فقط كلاهما متابع (332) و (655) . و أما توثيق الذهبي له ، فلم نجد له سلفا[50] .
الطريق العاشر : أخرجه الطبراني في الكبير[51] و ابن عدي في الكامل و ابن مردويه[52] من طريق يوسف بن عدي ، ثنا حماد بن المختار ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أنس رضي الله عنه به .
قال ابن عدي : و هذا الحديث لا أعلم يرويـه عن عبد الملك بن عمير غير حماد هذا ، وحماد بروايته هذين الحديثين يدل على أنه من متشيعي الكوفة ، ولا أعرف لحماد من الحديث غير هذين الحديثين[53] .
و تابعه حسين بن سليمان الطلحي فيما رواه ابن عدي في الكامل ، و قال بعد إيراد أحاديثه : وهذه الأحاديث لا يتابعه أحد عليها[56] .
وقال العقيلي : حسين بن سليمان مولى قريش كوفي ، ولا يتابع على هذا ، وليس بمعروف بالنقل[57]. و قال الذهبي : لا يعرف[58] .
الطريق الحادي عشر : أخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان[59] و ابن مردويه[60] من طريق عبدالله بن ميمون ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن أنس بن مالك قال : أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طير فقال : اللهم إئتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير فجاء علي فأكل معه ، فذكر الحديث .
فيه : عبد الله بن ميمون القداح ، قال البخاري : ذاهب الحديث . وقال النسائي : ضعيف . و قال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه . وقال ابن حبان : يروي عن جعفر بن محمد وأهل العراق والحجاز المقلوبات لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد[61] .
الطريق الثاني عشر : أخرجه حمزة السهمي في تاريخ جرجان[62] و ابن عدي في الكامل[63] من طريق محمد بن إسماعيل الأصفهاني ، حدثنا أبو مكيس –يعني : دينار- قال : سمعت أنس بن مالك يقول : أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طائر فقـال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك ، وذكر الحديث .
و قال ابن عدي بعد إيراد مناكيره : ودينار هذا شبه المجهول إلا أن ابن ناجية ذكر عنه هذا الحديث الذي ذكرته ، وحدث عنه جماعة من الضعفاء ، وقال لي محمد بن أحمد بن حبيب القفاص -وكان أميا عندي- عن دينار عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مائتين وخمسين حديثا أحفظها حفظا ، وكان ابن حبيب هذا أمي ، وكان طريقه بعيدا فلم أكتب عنه مما ذكر أن عنده عن دينار إلا هذه الأحاديث التي أمليتها ، ودينار ضعيف ذاهب[64] .
و قال ابن حبان : يروي عن أنس أشياء موضوعة . وقال الحاكم : روى عن أنس قريبا من مائة حديث موضوعة . و قال الذهبي : ذاك التالف المتهم[65] .
الطريق الثالث عشر : أخرجه الخطيب في تاريخه قال : أنبأنا الحسن بن أبي بكر ، حدثنا أبو بكر محمد بن العباس بن نجيح ، حدثنا محمد بن القاسم النحوي أبو عبد الله ، حدثنا أبو عاصم ، عن أبي الهندي ، عن أنس قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم بطائر فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي فحجبته مرتين ، فجاء في الثالثة فأذنت له ، فقال : يا علي ما حسبك ؟ قال: هذه ثلاث مرات قد جئتها فحجبني أنس ، قال : لم يا أنس ؟ قال : سمعت دعوتك يا رسول الله فأحببت أن يكون رجلا من قومي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الرجل يحب قومه .
قال أبو بكر الخطيب : غريب بإسناده لم نكتبه إلا من حديث أبى العيناء محمد بن القاسم عن أبي عاصم ، وأبو الهندي مجهول واسمه لا يعرف ، أنبأنا أبو بكر محمد بن المؤمل المالكي قال : قال لنا أبو الحسن الدارقطني : أبو العيناء ليس بقوي في الحديث[66] .
و قال ابن الجوزي في العلل : وقد روى نحوه نعيم بن سالم عن أنس ، قال أبو حاتم ابن حبان : كان نعيم يضع الحديث[67] .
كذا في العلل (نعيم أوله نون) ، و لم أقف عليه في المجروحين ، و لعله تصحف عن "يغنم" . و سيأتي في الطريق الموالي .
الطريق الرابع عشر : أخرجه ابن عدي في الكامل قال : حدثنا عبد الجبار ، حدثنا محمد بن أبي مقاتل ، ثنا إبراهيم بن صدقة العامري الكوفي ، ثنا يغنم بن سالم بن قنبر مولى علي بن أبى طالب رضي الله عنه قال : سمعت أنس بن مالك يقول : أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طير مشوي ، قال : اللهم ايتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، الحديث .
قال ابن عدي : يروي عن أنس مناكير … وأحاديث يغنم عامتها غير محفوظة ، وما كان منها مشهور المتن يستغنى من روايات أخر عن رواية يغنم عن أنس ، فإن الروايات الأخرى أصح من روايته[68] .
قال ابن حبان : يغنم بن سالم بن قنبر شيخ يضع الحديث على أنس بن مالك ، روى عنه نسخة موضوعة لا يحل الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار[69] .
الطريق الخامس عشر : أخرجه ابن الجوزي في العلل قال : أخبرنا محمد بن أبي قاسم البغدادي ، قال: أنا حمد بن أحمد ، قال : أنا أبو نعيم ، قال : أنا علي بن حميد الواسطي ، قال : أنا أسلم بن سهل ، قال : أنا محمد بن صالح بن مهران ، قال : أنا عبد الله بن محمد بن عمارة ، قال : سمعت مالك بن أنس ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس قال : بعثتني أم سليم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطير مشوي ، الحديث[70] .
قال ابن الجوزي : تفرد به ابن عمارة عن مالك ، قال ابن حبان : محمد بن صالح المدني يروي المناكير عن المشاهير لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد[71] .
قلت : و عبد الله بن محمد بن عمارة القداح الأنصاري ، قال فيه الذهبي : مدني إخباري عن ابن أبي ذئب ونحوه ، مستور ما وثق ولا ضعف ، وقل ما روى[72] .
و قال الحافظ : وأورد له الدارقطني في الغرائب عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس حديث الطير ، وهو خبر منكر ، وقال : تفرد به القداحي عن مالك ، وغيره أثبت منه . وذكر الخطيب أنه روى أيضا عن سليمان بن بلال وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة وابن أبي الزناد وغيرهم ، روى عنه ابن سعد ويحيى بن معلى بن منصور وعمر بن شبة والفضل بن سهل وغيرهم ، قال : وكان عالما بالنسب سكن بغداد ، وصنف كتاب نسب الأوس ، رواه عنه مصعب الزبيري . وقال ابن فتحون : كان من أعلم الناس بنسب الأنصار ، وعليه عول العدوى في كتابه الذي صنفه في أنساب الأنصار[73] .
الطريق السادس عشر : أخرجه ابن الجوزي قال : أنا القزاز ، قال : أنا أحمد بن علي ، قال : أنا عبد القاهر بن محمد الموصلي ، قال : أنا أبو هارون موسى بن محمد الأنصاري ، قال : أنا أحمد بن علي الخراز ، قال : أنا محمد بن عاصم الرازي ، عن عبد الملك بن عيسى ، عن عطاء ، عن أنس بن مالك قال : أتي النبي صلى الله عليه وسلم بطائر فقال : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء علي فدق الباب ، وذكر الحديث .
قال ابن الجوزي : وهذا لا يصح ، وفيه مجاهيل لا يعرفون[74] .
قلت : فيه رجال لم أقف على تراجمهم ، و عبد الملك بن عيسى هو الثقفي قال الحافظ : مقبول[75] .
الطريق السابع عشر : أخرجه ابن الجوزي في العلل من طريق ابن عدي في الكامل قال : أنا عبدالله ابن محمد بن ثابت قال : أنا العلاء بن عمران قال : أنا خالد بن عبيد أبو عصام قال : حدثني أنس قال : بينا أنا ذات يوم عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل بطبق مغطى فقال : هل من إذن ؟ فقلت : نعم ، فوضع الطبق بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه طائر مشوي ، وقال : أحب أن تملأ بطنك من هذا يا رسول الله ، فقال : اللهم أدخل علي من أحب خلقك إلي ينازعني هذا الطعام ، فذكر حديث الطير .
قال ابن عدي لما ذكر مناكير خالد : ولأبي عصام هذا غير ما ذكرت من الحديث عن أنس وابن بريدة والحسن وغيرهم ، وهو بصري نزل مرو ، وليس حديثه حديثا منكرا جدا[76] .
و قال ابن الجوزي : وهذا لا يصح ، قال ابن حبان : خالد بن عبيد يروي عن أنس نسخة موضوعة لا يحل كتب حديثه إلا تعجبا[77] .
الطريق الثامن عشر : أخرجه ابن عدي في الكامل قال : ثنا عبدان ، ثنا قطن بن نسير ، ثنا جعفر ابن سليمان ، ثنا عبد الله بن المثنى ، عن عبد الله بن أنس بن مالك قال : قال أنس بن مالك : أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجلا مشويا ، فذكر حديث الطير .
قال ابن عدي عن جعفر بن سليمان الضبعي : أحاديثه ليست بالمنكرة ، وما كان منها منكرا فلعل البلاء فيه من الراوي عنه ، وهو عندي ممن يجب أن يقبل حديثه[78] .
قال يحيى بن معين : كان يحيى بن سعيد لا يكتب حديثه ويستضعفه . و قال ابن معين : وجعفر ثقة. وقال أحمد : لا بأس به قدم صنعاء فحملوا عنه . وقال البخاري : يقال كان أميا . وقال ابن سعد : ثقة فيه ضعف وكان يتشيع[79] .
و قطن بن نُسَير الراوي عن جعفر ، قال ابن عدي : يسرق الحديث و يوصله[80] .
و عبد الله بن المثنى الأنصاري ضعفوه ، قال أبو حاتم : شيخ . وقال أبو زرعة : صالح الحديث . وقال أبو داود : لا أخرج حديثه . وقال زكريا الساجي : فيه ضعف لم يكن صاحب حديث . وقد ذكره العقيلي في الضعفاء وقال : لايتابع على أكثر حديثه ، ثم قال : حدثنا الحسين بن عبد الله الذارع ، حدثنا أبو داود قال : سمعت أبا سلمة التبوذكي يقول : حدثنا عبد الله بن المثنى ، ولم يكن من القريتين بعظيم ، كان ضعيفا منكر الحديث . وقال ابن معين : صالح الحديث . وروى أحمد بن زهير عن ابن معين : ليس بشيء . وقال النسائي : ليس بالقوي[81] .
و عبد الله بن أنس بن مالك مستور سكت عنه كل من البخاري في التاريخ الكبير[82] و ابن أبي حاتم في الجرح و التعديل[83] .
و له متابعة رواها ابن عساكر في التاريخ من طريق أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني ، نا محمد بن مخلد بن حفص العطار ، نا حاتم بن الليث الجوهري ، نا عبد السلام بن راشد ، نا عبد الله بن المثنى ، عن ثمامة ، عن أنس به[84] .
و ذكرها الذهبي في الميزان ، و قال : عبد السلام بن راشد عن عبد الله بن المثنى بحديث الطير لا يعرف ، والخبر لا يصح[85] .
الطريق التاسع عشر : أخرجه ابن الجوزي في العلل قال : أنا القزاز ، قال : أنا أحمد بن علي ، قال: أنا أبو محمد عبد الله بن علي بن عياض القاضي ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن جميع ، قال : أنا محمد بن مخلد ، قـال : حدثني علي بن الحسن بن إبـراهيم بن قتيبة بن جبلة القطان ، قال : أنا سهل بن زنجلة ، قال : أنا الصباح -يعني : ابن محارب- ، عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة ، عن أبيه ، وعن جده ، عن أنس قالا : أهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم طيرا ما نراه إلا حبارى فقال : اللهم ابعث إلي أحب أصحابي إليك يواكلني هذا الطير ، وذكر الحديث .
قال ابن الجوزي : وهذا لا يصح ، قال أحمد و يحيى : عمر بن عبد الله ضعيف . وقال الدارقطني : متروك[86] .
قلت : و قال البخاري : يتكلمون فيه[87] . و أبوه عبد الله ، قال الذهبي : ضعفه غير واحد ، روى عنه ابنه عمر ، وهو ضعيف أيضا ، قال البخاري : فيه نظر[88] . و قال الحافظ : وقال ابن حبان : لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد لكثرة المناكير في روايته ، ولا أدري أذلك منه أم من ابنه عمر ، فإنه واه أيضا ، وذكره العقيلي في الضعفاء وأورد له حديثين[89] .
و جده يعلى بن مرة ، قال الذهبي : لا يعرف ذا[90] .
الطريق العشرون : أخرجه ابن الجوزي في العلل قال : أنا زاهر بن طاهر قال : أنبأنا أبو عثمان إسماعيل بن عبدالرحمن الصابوني وأبو بكر البيهقي قالا : أنا محمد بن عبد الله الأندلسي قال : أنا سليمان بن أحمد البلخي قال : أنا أحمد بن سعيد بن فرقد الجدي قال : أنا أبو حمة محمد بن يوسف اليماني قال : أنا أبو قرة موسى بن طارق ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي النضر سالم مولى عمر بن عبيد الله ، عن أنس بن مالك قال : بينا أنا واقف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أهدي إليه طير فقال : اللهم ائتني بأخير خلقك إليك يأكل معي ، الحديث[91] .
و هذا الطريق سكت عنه ابن الجوزي و لم يعله .
قلت : فيه : أحمد بن سعيد بن فرقد الجدي ، قال الذهبي : روى عن أبي حمة ، وعنه الطبراني ، فذكر حديث الطير بإسناد الصحيحين ، فهو المتهم بوضعه[92] .
قال الحافظ : أخرجه الحاكم عن محمد بن صالح الأندلسي عن أحمد هذا عن أبي حمة محمد بن يوسف الزبيدي اليماني عن أبي قرة موسى بن طارق الزبيدي عن موسى بن عقبة عن سالم أبي النضر. وأحمد بن سعيد معروف من شيوخ الطبراني ، وأظنه دخل عليه إسناد في إسناد ، وذكر المؤلف في المحمديين محمد بن أحمد بن سعيد بن فرقد المخزومي كذا قال ، وقال : إنه أحد شيوخ ابن الأعرابي له مناكير تأمل حاله ، وقد أشكل أمره ، ما أدري هو هذا أو هو ابن هذا ؟[93]
و أبو حُمَة محمد بن يوسف ، قال الحافظ في اللسان : أبو حمة -بضم أوله والتخفيف- قال ابن القطان : لا أعرف حاله . قلت : هو يماني مشهور ، اسمه محمد بن يوسف قاله أبو أحمد الحاكم في الكنى ، وذكره ابن حبان في الثقات فقال : الزبيدي -يعني بفتح أوله- من أهل اليمن ، روى عن ابن عقبة ، وكان راويا لأبي قرة موسى بن طارق ، حدثنا عنه المفضل بن محمد الحميدي وغيره ، ربما أخطأ وأغرب ، كنيته أبو يوسف ، وأبو حمة لقب[94] .
الطريق الواحد و العشرون : رواه أبو بكر بن مردويه قال : أنا فهد بن إبراهيم البصري ، قال : أنا محمد بن زكريا ، قال : أنا العباس بن بكار الضبي ، قال : أنا عبدالله بن المثنى الأنصاري ، عن عمه ثمامة بن عبد الله ، عن أنس بن مالك ، أن أم سلمة ضيف لرسول الله صلى الله عليه وسلم طيرا أو ضباعا فبعث إليه ، فلما وضع بين يديه قال : اللهم جئني بأحب خلقك اليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء علي بن أبي طالب ، فقال له أنس : إن رسول الله على حاجة ، فرجع علي ، واجتهد النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء ، قال : اللهم جئني بأحب خلقك إليك وأوجههم عندك ، فجاء علي ، الحديث .
قال ابن الجوزي : في هذا الحديث : عبد الله بن المثنى ، وكان ضعيفا[95] . وفيه : العباس بن بكار ، قال الدارقطني : هو كذاب[96] .
الطريق الثاني و العشرون : رواه ابن مردويه قال : أنا الحسن بن محمد السكوني ، قال : أنا الحسن ابن علي النسوي ، قال : أنا إبراهيم بن مهدي المصيصي ، قال : أنا علي بن مسهر ، عن مسلم أبي عبد الله ، عن أنس قال : أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طير مشوي فوضع بين يده فقال اللهم ادخل علي من تحبه وأحبه . فجاء علي فاستأذن ، فقلت له : إنه على حاجة ، رجاء أن يجئني رجل من الأنصار ، ثم استأذن الثانية ، فقلت : إنه على حاجة ، فلما أن كانت الثالثة ، سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوته ، فقال : ادخل ، فدخل فأمره فطعم .
قال ابن الجوزي : فيه إبراهيم بن مهدي ، قال أبو بكر الخطيب : ضعيف الحديث[97] .
قلت : ليس كذلك ، المذكور في السند هو إبراهيم بن مهدي المصيصي من تلامذة علي بن مسهر –كما في السند- و ثقه أبو حاتم[98] ، أما الذي ذكر ابن الجوزي معلا به الحديث فهو الأبلي ، فقد ذكره الحافظ المزي في تهذيب الكمال مترجما بعد المصيصي للتمييز ، فقال : إبراهيم بن مهدي بن جعفر الأبلي أبو إسحاق البصري متأخر عن هذا-يقصد المصيصي-[99] .