من تناقضات ابن تيمية.. في موقفه من الإمام الصادق عليه السلام

18 أبريل 2010
48
0
0
ابن تيمية يمدح الإمام الصادق عليه السلام ويقول لم يجئ مثله بعد !

قال ابن تيمية في منهاجه :4/126، فإن جعفر بن محمد لم يجئ بعد مثله وقد أخذ العلم عنه هؤلاء الأئمة كمالك وابن عيينة وشعبة والثوري وابن جريج ويحيى بن سعيد وأمثالهم من العلماء المشاهير الأعيان).
ثم ناقض نفسه بعد أربع وثلاثين صفحة فقال : في منهاجه:4/170: (وفي الاثنى عشر من هو مشهور بالعلم والدين كعلى بن الحسين وابنه أبي جعفر وابنه جعفر بن محمد وهؤلاء لهم حكم أمثالهم ففي الأمة خلق كثير مثل هؤلاء وأفضل منهم) !!
ثم ناقض نفسه في الجزء:6/386 فقال: ( وكان علي بن الحسين وابنه أبو جعفر وابنه جعفر ابن محمد يعلمون الناس ما علمهم الله كما علمه و علماء زمانهم وكان في زمنهم من هو أعلم منهم وأنفع للأمة ، وهذا معروف عند أهل العلم ولو قدر أنهم كانوا أعلم وأدين فلم يحصل من أهل العلم والدين مايحصل من ذوي الولاية من القوة والسلطان وإلزام الناس بالحق ومنعهم باليد عن الباطل).

وسؤالنا : هل حصل ذلك للأنبياء عليهم السلام ؟؟؟

ثم ناقض نفسه ونزل بمقام الإمام الصادق عليه السلام الى أقل من مستوى الضعفاء وأهل البدع الذين روى عنهم البخاري! فقال في :7/532:
(وبالجملة فهؤلاء الأئمة الأربعة ليس فيهم من اخذ عن جعفر شيئا من قواعد الفقه لكن رووا عنه أحاديث كما رووا عن غيره و أحاديث غيره أضعاف أحاديثه و ليس بين حديث الزهري و حديثه نسبة لا في القوة و لا في الكثرة . وقد استراب البخاري في بعض حديثه لما بلغه عن يحيى بن سعيدالقطان فيه كلام فلم يخرج له).

ويوجد هنا فقرة قالها ابن تيمية حذفوها أخيراً من طبعة منهاج السنة ! وقد أوردها السيد الميلاني في نفحات الأزهار: 6/396،وهي قول ابن تيمية:ويمتنع أن يكون حفظه للحديث كحفظ من يحتج بهم البخاري !! ونقلها السيد الميلاني عن العبقات وعن إستقصاء الافحام في الرد على منتهى الكلام لمولوي حيدر علي فيض ابادي مطبوع سنة 1276 في الهند . وهذا يشير الى احتمال وجود التحريف في طبعات كتاب منهاج السنة ولا عجب فالتحريف في إسمه أيضاً !

فما قولكم في تناقض إمامكم بين مدح الإمام جعفر الصادق والتنقيص من مكانته حتى جعله أقل من النواصب والمرجئة والمجروحين الذين روى عنهم البخاري ؟!

أما قول ابن قطان في الإمام الصادق عليه السلام فقد نقلوه في تهذيب التهذيب وغيره: قال ابن المديني : سئل يحيى بن سعيد القطان عن جعفر الصادق فقال:في نفسي منه شئ ومجالد أحب إلي منه .
قال الحافظ محمد بن عقيل في كتابه النصائح الكافية لمن يتولى معاوية ص119:
قلت: احتج الستة في صحاحهم بجعفر الصادق إلا البخاري فكأنه اغتر بما بلغه عن ابن القطان في حقه على أنه احتج بمن قدمنا ذكرهم.. وهنا يتحير العاقل ولا يدري بماذا يعتذر عن البخاري وقد قيل في هذا المعنى شعرا :
قضية أشبه بالمرزئه هذا البخاري إمام الفئه
بالصادق الصديق ما احتج في صحيحه واحتج بالمرجئه
ومثل عمران بن حطان أو مروان وابن المرأة المخطئة
مشكلة ذات عوار إلى حيرة أرباب النهى ملجئه
وحق بيت يممته الورى مغذة في السير أو مبطئه
إن الإمام الصادق المجتبى بفضله الآي أتت منبئه
أجل من في عصره رتبة لم يقترف في عمره سيئه
قلامة من ظفر إبهامه تعدل من مثل البخاري مئه

وهذه الأبيات لأستاذه الشيخ أبي بكر السقاف ، صاحب كتاب رشفة الصادي في فضائل النبي الهادي من علماء القرن الثالث عشر . وهو الذي يقول : حب أهل البيت قربة...وهو أسمى الحب رتية..الخ.

المسألة الثالثة:
نلاحظ أنكم تستنكرون فتوى الأزهر بجواز التعبد بمذهب الشيعة مع أن إمامكم ابن تيمية أفتى بمثلها ؟

قال في منهاجه:2/243: (وإن كانوا يدعون اتباع الأئمة الإثني عشر في الشرائع ، فلو قدر من يجوز له التقليد إماما من أئمة أهل البيت كعلي بن الحسين وأبي جعفر الباقر وجعفر الصادق وأمثالهم لكان ذلك سائغا جائزا عند أهل السنة لم تقل أهل السنة إنه لا يجوز لمن يجوز له التقليد تقليد هؤلاء وأمثالهم بل أهل السنة متفقون على أن تقليد الواحد من هؤلاء وأمثالهم كتقليد أمثالهم يسوغ ).
وقال في منهاجه:4/109( فأهل السنة مقرون بإمامة هؤلاء فيما دلت الشريعة على الائتمام بهم فيه وعلى الإمامة فيما يمكن الائتمام بهم فيه كما أن هذا الحكم ثابت لأمثالهم مثل أبي بكر وعمر وعثمان وابن مسعود وابي بن كعب ومعاذ وأبي الدرداء وأمثالهم من السابقين الأولين ومثل سعيد بن المسيب وليمان بن يسار وعبيد الله بن عبد الله وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبي بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد......
الى أن يقول : في:4/109: فلا يقول أهل السنة إن يحيى بن سعيد وهشام بن عروة وأبا الزناد أولى بالاتباع من جعفر بن محمد ولا يقولون إن الزهري ويحيى بن أبي كثير وحماد بن أبي سليمان ومنصور بن المعتمر أولى بالاتباع من أبيه أبي جعفر الباقر ولا يقولون إن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله أولى بالاتباع من على بن الحسين بل كل واحد من هؤلاء ثقة فيما ينقله مصدق في ذلك وما بينه من جلالة الكتاب والسنة على أمر من الأمور فهو من العلم الذي يستفاد منه فهو مصدق في الرواية والإسناد مقبول في الدلالة والإرشاد وإذا أفتى بفتيا(منهاج ابن وعارضه غيره رد ماتنازعوا فيه إلى الله ورسوله كما أمر الله سبحانه بذلك وهذا حكم الله ورسوله بين هؤلاء جميعهم). انتهى .

وسؤالنا: مادام أفتى إمامكم بجواز التعبد بمذهب الإمام جعفر الصادق، فمعناه أن الذي ثبت عنده أن هذا الحكم هو مذهب الصادق فهو معذور عند الله تعالى .
فلماذا لاتعترفون برسمية مذهب الشيعة وتعطوهم حرية العمل بهذا المذهب ؟!

قد تقولون: نعم التعبد بمذهب جعفر الصادق جائز ، لكن مذهبكم ليس هو مذهب جعفر الصادق ،

فنقول: لقد اعترف ابن تيمية بانما عليه الشيعة موافق في أكثره للمذاهب الأربعة !
قال في منهاجه :2/369: وقولهم في الشرائع غالبه موافق لمذهب أهل السنة أو بعض أهل السنة ولهم مفردات شنيعة لم يوافقهم عليها أحد ولهم مفردات عن المذاهب الأربعة قد قال بها غير الأربعة من السلف وأهل الظاهر وفقهاء المعتزلة وغير هؤلاء فهذه ونحوها من مسائل الإجتهاد التي يهون الأمر فيها ).

المسألة الرابعة: اشتباه ابن تيمية في نسبته الى الإمام الصادق عليه السلام
أنه مثله يقول بألوهية القرآن وعدم حدوثه !

قال ابن تيمية في منهاجه:2/246 (وقد استفاض عن جعفر الصادق أنه سئل عن القرآن أخالق هو أم مخلوق فقال ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام الله وهذا مما اقتدى به الإمام أحمد في المحنة فإن جعفر بن محمد من أئمة الدين باتفاق أهل السنة . وهذا قول السلف قاطبة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين أن القرآن كلام الله ليس بمخلوق ).
ونحوه في :2/249: قلت ومعلوم أن قول جعفر بن محمد الصادق وهؤلاء الذين قالوا من السلف ليس بمخلوق لم يريدوا أنه ليس بمكذوب بل أرادوا أنه لم يخلقه كما قالت المعتزلة وهذا قول متأخري الرافضة فإن طائفة من متأخري الإمامية كأبي القاسم الموسوي المعروف بالمرتضى وغيره لما وافقوا المعتزلة على أنه محدث منفصل عن الله وأنه لم يكن يمكنه أن يتكلم ثم صار متكلما بعد أن لم يكن متكلما وليس له كلام يقوم به بل كلامه من جملة مصنوعاته المنفصلة عنه ثم سمعوا عن السلف من أهل البيت مثل جعفر بن محمد وغيره أنهم قالوا إنه غير مخلوق قالوا لا نقول إنه مخلوق متابعة لهؤلاء بل نقول إنه محدث مجعول ).

وفي:2/235: ( ورواه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد وقال ابن أبي حاتم ثنا أبي ثنا العباس بن عبد العظيم ثنا رويم بن يزيد المقري ثنا عبد الله بن عباس عن يونس بن بكير عن جعفر بن محمد عن أبيه قال سئل على بن الحسين عن القرآن فقال ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام الخالق ورواه أو زرعة عن يحيى بن منصور عن رويم فذكره وحدثنا جعفر بن محمد بن هارون ثنا عبد الرحمن بن مصعب ثنا موسى بن داود الكوفى عن رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه أنه سأله إن قوما يقولون القرآن مخلوق فقال ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام الله )

وفي:2/253 حدثنا موسى بن سهل الرملي ثنا موسى بن داود ثنا معبد أبو عبد الرحمن عن معاوية بن عمار الذهبي قال قلت لجعفر بن محمد إنهم يسألوني عن القرآن مخلوق أو خالق فقال إنه ليس بخالق ولا مخلوق ولكنه كلام الله.....ومثل هذه الآثار كثيرة عن الصحابة والتابعين والأئمة من أهل البيت وغيرهم فعلي رضي الله عنه لم يرد بقوله ما حكمت مخلوقا وإنما حكمت القرآن أي ما حكمت كلاما )

وقال في:2/255: (فتبين أن هؤلاء الرافضة مخالفون لأئمة أهل البيت وسائر السلف في مسألة القرآن كما خالفوهم في غيرها وأما قولهم إنه مجعول فالله لم يصفه بأنه مجعول معدى إلى مفعول واحد بل قال إنا جعلناه قرآنا عربيا سورة الزخرف فإذا قالوا هو مجعول قرآنا عربيا فهذا حق وأما قوله تعالى وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث سورة الأنبياء فهذه الآية تدل على أن الذكر نوعان محدث وغير محدث كما تقول ما جاءني من رجل عدل إلا قبلت شهادته وصفة النكرة للتخصيص وعندهم كل ذلك محدث والمحدث في القرآن ليس هو المحدث في كلامهم فلم يوافقوا القرآن ثم إذا قيل هو محدث لم يلزم من ذلك أن يكون مخلوقا بائنا عن الله بل إذا تكلم الله به بمشيئته وقدرته وهو قائم به جاز أن يقال هو محدث وهو مع ذلك كلامه القائم بذاته وليس بمخلوق وهذا قول كثير من أئمة السنة والحديث). انتهى .

*ولا نريد أن ندخل في بحث بيننا وبينكم في أن القرآن مخلوق أو غير مخلوق ، لكن نريد إثبات أن ما نسبه ابن تيمية ومقلديه من مشايخ السلفية الى الإمام الصادق عليه السلام غير صحيح .

روى الصدوق في كتابه التوحيد ص 225:
7 - وتصديق ذلك ما أخرجه شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه في جامعه ، وحدثنا به ، عن محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف ، قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الرحيم القصير ، قال : كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك، اختلف الناس في أشياء قد كتبت بها إليك ، فأن رأيت جعلني الله فداك أن تشرح لي جميع ما كتبت به إليك ، اختلف الناس جعلت فداك بالعراق في المعرفة والجحود ، فأخبرني جعلت فداك أهما مخلوقان ؟
واختلفوا في القرآن ، فزعم قوم أن القرآن كلام الله غير مخلوق وقال آخرون كلام الله مخلوق ، وعن الاستطاعة أقبل الفعل أو مع الفعل ؟ فإن أصحابنا قد اختلفوا فيه ورووا فيه ، وعن الله تبارك وتعالى هل يوصف بالصورة أو بالتخطيط؟ فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد ، و عن الحركات أهي مخلوقة أو غير مخلوقة ؟ وعن الإيمان ما هو ؟
فكتب عليه السلام على يدي عبد الملك ابن أعين : سألت عن المعرفة ما هي.......
وسألت رحمك الله عن القرآن واختلاف الناس قبلكم ، فإن القرآن كلام الله محدث غير مخلوق وغير أزلي مع الله تعالى ذكره وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ،كان الله عز وجل ولا شئ غير الله معروف ولا مجهول ....الخ. كان عز وجل ولا متكلم ولا مريد ولا متحرك ولا فاعل عز وجل ربنا ، فجميع هذه الصفات محدثة عند حدوث الفعل منه عز وجل ربنا ).انتهى .
وكلام الإمام الصادق عليه السلام هو صريح القرآن ، قال الله تعالى في مطلع سورة الانبياء: اقترب للناس حسابهم وهم فى غفلة معرضون .ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون .

وفي الخلاف للشيخ الطوسي:6/121:

( دليلنا على ما قلناه: ما ذكرناه في الكتاب في الأصول ليس هذا موضعها ، فمنها قوله : ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون ( أنبياء : 2 )،
فسماه محدثا . وقال : إنا جعلناه قرآنا عربيا وقال : بلسان عربي مبين فسماه عربيا ، والعربية محدثة ،
وقال : إنا نحن نزلنا الذكر ، وقال : وأنزلنا إليك الذكر فوصفه بالتنزيل . وهذه كلها صفات المحدث ،
وذلك ينافي وصفه بالقدم ، ومن وصفه بالقدم فقد أثبت مع الله تعالى قديما آخر ، وذلك خلاف ما أجمع عليه الأمة في عصر الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم إلى أيام الأشعري ...
وليس هذا موضع تقصي هذه المسألة ، فإن الغرض ها هنا الكلام في الفروع .

وفي التوحيد للصدوق - ص 225 – 226: قال مصنف هذا الكتاب : قد جاء في الكتاب أن القرآن كلام الله ووحي الله وقول الله وكتاب الله ، ولم يجئ فيه أنه مخلوق ، وإنما امتنعنا من إطلاق المخلوق عليه لأن المخلوق في اللغة قد يكون مكذوبا ، ويقال : كلام مخلوق أي مكذوب ،
قال الله تبارك وتعالى : ( إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا ) أي كذبا ، وقال تعالى حكاية عن منكري التوحيد : ( ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق ) أي افتعال وكذب ،
فمن زعم أن القرآن مخلوق بمعنى أنه مكذوب فقد كفر ، ومن قال : إنه غير مخلوق بمعنى أنه غير مكذوب فقد صدق وقال الحق والصواب ....
ومن زعم أنه غير مخلوق بمعنى أنه غير محدث وغير منزل وغير محفوظ فقد أخطأ وقال غير الحق والصواب ، وقد أجمع أهل الإسلام على أن القرآن كلام الله عز وجل على الحقيقة دون المجاز ، وأن من قال غير ذلك فقد قال منكرا من القول وزورا ....
وأمر آخر وهو أن الله عز وجل قال : ( ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك )
وقوله : (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) وما له مثل أو جاز أن يعدم بعد وجوده فحادث لا محالة ). انتهى .