حديث صحيح أو حسن من كتب العامة: أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالتم

أدب الحوار

New Member
18 أبريل 2010
126
0
0
بسم الله الرحمن الرحيم

مسند أحمد 2 : 442 ، دار صادر ـ بيروت :

حَدَّثَنَا تَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْجَحَّافِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَفَاطِمَةَ فَقَالَ أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ

ومن طريقه الطبراني في المعجم الكبير (3/40) برقم (2621) .

ومن طريقه أيضاً الحاكم في المستدرك (3/149) وقال : "هذا حديث حسن" . ثم عدَّ رواية زيد شاهداً ، وستأتي .

وتليد بن سليمان: ليس له رواية في المسند في غير هذا الموضع ، وقد طعن فيه رجاليو أهل السنة لانحرافه عن خلفائهم ، ولكن أحمد بن حنبل لم ير به بأساً ؛ وروايته عنه في المسند تؤيِّد ذلك . وقال الحافظ العجلي: لا بأس به . وحسَّن له الترمذي حديثاً في سننه (5/278) برقم (3761) ، والغريب أنَّ رواية تليد التي عند الترمذي في باب مناقب أبي بكر وعمر، مع أنهم يزعمون أنه كان يشتمهما..!

أمَّا الذين ضعَّفوه ، وإن كانوا أكثر ، فتضعيفهم من الجرح المُبهم ، بل يظهر من معظمهم أنهم رفضوه لانحرافه عن توجُّههم في توقير أسلافهم ، وليس لمطعن في مصداقيته .

أمَّا أبو الجحَّاف، فهو داود بن أبي عوف، وهو "صدوق شيعي ربما أخطأ" عند ابن حجر، وهو عند غير واحد ثقة ، وقد نُسب إلى التشيع ، ويبدو أن تشيعه جعله مبغوضاً عند جملة من أعلامهم ، فصدرت منهم بعض العبارات التي يدور حالها بين الجرح المبهم ، أو المفسر بالتعصب المذهبي غير المقبول .

أمَّا أبو حازم ، فهو سلمان أبو حازم الأشجعي الكوفي ، فهو من رجال البخاري ومسلم ، أكثرا عنه ، ورواياته عن أبي هريرة كثيرة فيهما.. وهو من رجال السنن الأربعة أيضاً.. ويظهر أنهم مجمعون على توثيقه.

وأما أبو هريرة، فصحابي، وهم عندهم في أعلى درجات العدالة والتوثيق.

فالسند صحيح أو حسن على التحقيق.

ويتأكد ذلك بالشاهد، الذي عدَّه الحاكم شاهداً فساقه في المستدرك (3/149) . ونحن نورده عن سنن الترمذي (5/360) برقم (3962) لكونه أقدم . قال الترمذي:

حدثنا سليمان بن عبد الجبار البغدادي ، أخبرنا علي بن قادم ، أخبرنا أسباط بن نصر الهمداني ، عن السدى ، عن صبيح مولى أم سلمة عن زيد بن أرقم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي وفاطمة والحسن والحسين : "أنا حرب لمن حاربتم ، وسلم لمن سالمتم" . هذا حديث غريب إنما نعرفه من هذا الوجه " . وصبيح مولى أم سلمة ليس بمعروف .

وزيد بن أرقم صحابي ، والصحابة عندهم في أعلى مراتب العدالة والتوثيق .

وصبيح مولى أم سلمة : ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال الذهبي في الكاشف : وُثِّق . وقال ابن حجر في التقريب : مقبول .

والسدي هو : إسماعيل بن عبد الرحمن ، المعروف بالسدي الكبير . وثقه غير واحد ، وقال الذهبي في الكاشف : حسن الحديث . وقال ابن حجر : صدوق يَهِمُ رُمي بالتشيع . أقول : هو من رجال مسلم ، احتج به مراراً في الصحيح .

وأمَّا أسباط بن نصر: فوثَّقه غير واحد . وقال البخاري في التاريخ الأوسط : صدوق . واحتج به مسلم في صحيحه .

وأمَّا علي بن قادم : فوثقه غير واحد ، وقال ابن حجر: صدوق يتشيّع .

وقد تابعه مالك بن إسماعيل النهدي (أبو غسان) في سنن ابن ماجة (1/52) برقم (145) ، وهو ثقة متقن . وعنه : الحسن بن علي الخلال (حافظ ثقة) وعلي بن المنذر (صدوق يتشيع) .

رجعنا إلى سند الترمذي:

وأمَّا سليمان بن عبد الجبار البغدادي (شيخ الترمذي) : فلا ينزل عن مرتبة الصدوق .

وأعلى منه سند ابن أبي شيبة في المصنف (7/512) إذ ليس بينه وبين أسباط إلاّ شيخٌ واحدٌ .

ومن طريقه رواه ابن حبان في صحيحه (15/434) . وهو في موارد الظمآن للهيثمي ص555 ، برقم 2244 .

وسند الحاكم في المستدرك إلى أسباط بن نصر هو:

أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا العباس بن محمد بن الدوري ثنا مالك بن إسماعيل ثنا أسباط...

وسند الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في مناقب الإمام أمير المؤمنين (2/169) برقم 648 ، إلى أسباط بن نصر هو:

أبو أحمد قال : حدثني علي بن عبد العزيز قال : حدثنا مالك بن إسماعيل أبو غسان قال : حدثنا أسباط...

وسند الطبراني في المعجم الأوسط (5/182) هو:

حدثنا محمد بن النضر الأزدي قال حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل قال حدثنا أسباط...

وهو نفس إسناده في المعجم الصغير (2/3) .

وللطبراني طريق أخرى إلى صبيح في المعجم الكبير (3/40) برقم (2620) ، و(5/184) وهي:

حدثنا محمد بن راشد ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ثنا حسين بن محمد ثنا سليمان بن قرم عن أبي الجحاف عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن صبيح مولى أم سلمة رضي الله عنها عن جده عن زيد بن أرقم...

ولا حاجة بنا إلى دراسة هذا السند ؛ لاستغنائنا عنه بما قبله .

فقد تبيَّن أنَّ سند مسند أحمد (عن أبي هريرة) لا ينزل ـ على أقل تقدير ـ عن مرتبة الحسن بالشاهد، الذي هو السند المنتهي إلى زيد بن أرقم .

وقد حكم الألباني عليه بأنه حسن، وذلك في صحيح الجامع الصغير، برقم 1462 . ولكنه لم يورده في السلسلة الصحيحة !

وللرواية سند آخر (لم أقف عليه) ينتهي إلى أم سلمة، وبلفظ آخر، وهو الذي أورده المحب الطبري في ذخائر العقبى (ص23) ، قال:

وعنها [أي أمّ سلمة رضي الله عنها] قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم عندنا منكسا رأسه فعملت له فاطمة حريرة [ولعل الصوب: خزيرة] فجاءت ومعها حسن وحسين فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أين زوجك اذهبي فادعيه فجاءت به فأكلوا فأخذ كساء فأداره عليهم وأمسك طرفه بيده اليسرى ثم رفع اليمنى إلى السماء وقال اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي وخاصتي اللهم اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا أنا حرب لمن حاربهم سلم لمن سالمهم عدو لمن عاداهم .

قال المحب الطبري: أخرجه ابن القبايي في معجمه .

هذا ما تيسَّر في عجالة من الأمر.. والمجال مفتوح لأهل التحقيق ليتوسعوا.. كما أن المجال مفتوح (على مصراعيه) للإخوان الفضلاء؛ لينتقدوا ويوجِّهوا..

والحمد لله أولاً وآخراً..



ثم وقفت على طريق رابعة تنتهي إلى أبي سعيد الخُدري، وهي عند ابن شاهين (ت 283 هـ) في كتاب "فضائل سيِّدة النساء" ص29 ، طبعة مكتبة التربية ـ القاهرة ، قال :

"حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الحراني، قال: ثنا يعقوب بن يوسف الضبي، ثنا نصر بن مزاحم، ثنا عبد الله بن مسلم الملائي، حدثني داود بن أبي عوف أبو الجحاف، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: لما دخل عليٌّ بفاطمة، جاء النبي صلى الله عليه وسلم أربعين صباحاً إلى بابها، فيقول: أنا حربٌ لمن حاربتم، وسلم لمن سالمتم" انتهى بنصه من كتاب ابن شاهين .




ثم وقفت على ما يصلح أن يُلحق بالباب، وهو ما ينتهي إلى ابن عباس عند ابن المغازلي (ت 483 هـ) في "مناقب أمير المؤمنين" ص101 ـ 102 ، برقم 73 ، دار الآثار ـ صنعاء ، قال :
أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد بن موسى الغندجاني ، قال : حدثنا أبو الفتوح هلال بن محمد الحفار ، قال : حدثنا إسماعيل بن علي بن رزين ، عن أبيه ، قال : حدثنا أخي دعبل بن علي ، قال : حدثنا شبعة بن الحجاج ، عن أبي التياح ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : أتاني جبريل بدرنوك من درانيك الجنة ، فجلست عليه ، فلما صرت بين يدي ربي ، كلمني وناجاني ، فما علَّمني شيئاً إلاَّ عُلِّمَه عليٌّ ، فهو باب مدينة علمي . ثم دعاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إليه فقال له : يا علي سلمُك سلمي، وحربُك حربي، وأنت العَلَمُ بيني وبين أمَّتي من بعدي . انتهى من كتاب ابن المغازلي .



تـتـمـة

ثم وقفتُ على رواية أخرى تصلح أن تلحق بالباب، وهي عند ابن المغازلي الشافعي (ت 483 هـ) في "مناقب أمير المؤمنين" ص305 ـ 306 ، برقم 285 ، دار الآثار ـ صنعاء ، قال:

أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله بن القصاب البيع رحمه الله، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب المفيد الجرجائي، حدثنا أبو الحسين علي بن سليمان بن يحيى، حدثنا عبد الكريم بن علي، حدثنا جعفر بن محمد بن ربيعة البجلي، حدثنا الحسن بن الحسين العرني، حدثنا كادح بن جعفر بن عبد الله بن لهيعة، عن عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار، عن جابر بن عبد الله، قال:

لما قدم علي بن أبي طالب بفتح خيبر، قال له النبي صلى الله عليه وعلى وآله وسلم: يا علي! لولا أن تقول طائفة من أمتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم...

إلى أن قال صلى الله عليه وآله:
وإنَّ حربَك حربي، وسلمَك سلمي، وسريرتك سريرتي، وعلانيتك علانيتي... إلخ الحديث.

والحمد لله رب العالمين.