توثيق علاقة بن تيمية بأهل البيت ع - ( 9 أجزاء )

18 أبريل 2010
131
0
0
توثيق علاقة بن تيمية بأهل البيت عليهم الصلاة والسلام

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وآله الطيبين الطاهرين
واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين

مقدمة:
هذا الرجل بلغ ما لم يبلغه غيره من النصب والعداء لأهل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم فتمادى في غيه ونصبه و كابر في تكذيب فضائل أهل البيت عليهم السلام بما لا يتفوه به مسلم منصف و يحط من شأنهم ويكذب عليهم وينسب إليهم ما لا يليق فأطلق لسانه البذيء عليهم في كتبه فراجع منهاج السنه ورأس الحسين عليه السلام وغيرهما، وبذا فهو أيضا يؤذي من يوالي الأئمة عليهم السلام فهاجمهم بشراسة وإفترى عليهم بما لا يليق حتى باليهود والنصارى –وطبعا هو لا يستطيع ذكر هؤلاء بسوء إذ إنه إستند إلى كثير من أقوالهم في معتقداته البالية مثل التجسيم وما إلى ذلك من عقيدته -.

ومن غيه ونصبه أن قال بأن أمير المؤمنين علي ع كان مبطناً بعداوة الرسول صلى الله عليه وآله والإسلام، وقال بأن خروج السيدة الزهراء عليها السلام لم يكن إلا دافعا من الهوى وكذب وافترى على أبي محمد الحسن عليه السلام فصرح بأنه خالف الإمام علي عليه السلام وفعل ما هو صواب وهو الصلح أي أن الإمام علي عليه السلام كانت حربه مفسدة وكذا قال أيضا في خروج الإمام الحسين عليه السلام ما لم يقله حتى الكافر.... وهكذا هو كلامه في حق أئمة أهل البيت عليهم السلام وسنذكر ذلك تباعا، إن شاء الله!!!

إعلم أخي المسلم أن جميع علماء المسلمين بما فيهم المخالفين لأهل البيت عليهم السلام قد ذكروا فضائل أهل البيت ومدحوهم وإعترفوا بفضائلهم ومناقبهم من العلم والورع والزهد... ولكنك تجد في الطرف الآخر من يتمادى ويتجاسر عليهم ويحط من شأنهم ويكذب عليهم ويسنب إليهم ما لا يلق –كما أسلفنا-.

ومن هؤلاء المتجاسرين، سيدهم وإمامهم الضال بن تيمية الذي بلغ حداُ من النصب لآل بيت محمد صلوات الله عليهم لم يبلغ أحدٌ غيره حتى من كفار قريش الذي إعترفوا بفضائل النبي صلى الله عليه وآله وكراماته، فحاول سلبهم فضائلهم ومحاسنهم، وجعلهم كأناس عاديين لا يفضلون بعلم ولا زهد ولا أي شئ آخر يتميزون به عن غيرهم.

فدأبه على النحو التالي حينما تأتي بفضيلة لأهل البيت عليهم السلام:
§ القول جزافاً بأن تلك الفضيلة كذب دون ذكر دليل.
§ محاولة الوصول بأمر لا يمد بصلة بالموضوع أو يذكره ليفند تلك الفضيلة ومن ناحية أخرى يستخدم ذات الأمر لأثبات شيء معين على نفس المنوال ولكن في ذكر ما يزعمه فضائل للمخالفين لأهل البيت عليهم السلام مثل بني أمية وبني العباس.
§ محاولة طمس فضائلهم بالقول بأنه يوجد غيرهم لهم نفس الفضائل بل أكثر وأفضل منهم ولا يذكر أحداً من الذين يزعم أنهم أفضل من أهل البيت عليهم السلام


أولاً: موقفه من الأئمة عليهم السلام إجمالا:

يصرح ويقول بأن الأئمة لم يحصل بهم شيءٌ من المصلحة واللطف على الأمة فقال (منهاج السنة 3 / 378):
" ومن المعلوم المتيقن : أن هذا المنتظر الغائب المفقود لم يحصل به شئ من المصلحة واللطف ، سواء كان ميتا كما يقوله الجمهور ، أو كان حيا كما تظنه الإمامية ، وكذلك أجداده المتقدمون لم يحصل بهم شئ من المصلحة واللطف الحاصلة من إمام معصوم ذي سلطان . . . ".

ولنا وقفة في موقفه مع الإمام صحاب العصر والزمان عليه السلام.

لم يقف عند هذا الحد فحسب بل تمادى وطعن في إمامتهم وزاد على ذلك فقال (منهاج السنة 2 / 453):
" والكلام في أن هؤلاء أئمة فرض الله الإيمان بهم وتلقي الدين منهم دون غيرهم ، ثم في عصمتهم عن الخطأ ، فإن كلا من هذين القولين مما لا يقوله إلا مفرط في الجهل أو مفرط في اتباع الهوى أو في كليهما ، فمن عرف دين الإسلام وعرف حال هؤلاء ، كان عالما بالاضطرار من دين محمد صلى الله عليه وسلم بطلان هذا القول ، لكن الجهل لا حد له "

فهو يصرح هاهنا بأن الأئمة صلوات الله عليهم لم يأتوا بفائدة تذكر في الأمة بل سببوا أضراراُ في الدين الذي جاء به النبي المصطفى صلى الله عليه وآله، بما فيهم أمير المؤمنين عليه السلام متجاهلاً قول النبي الأعظم صلى الله عليه وآله "إني تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي".

وإسترسل هذا الرجل في غيه وطعن في علمهم ودينهم رغم أن جمهور علماء أهل السنة قد اشادوا بعلمهم وزهدهم، فقال (منهاج السنة 4 / 168 - 170) :
" ويذكرون اثني عشر رجلا ، كل واحد من الثلاثة خير من أفضل الاثني عشر وأكمل خلافة وإمامة ، وأما سائر الاثني عشر فهم أصناف ، منهم من هو من الصحابة المشهود لهم بالجنة كالحسن والحسين ، وقد شركهم في ذلك من الصحابة المشهود لهم بالجنة خلق كثير ، وفي السابقين الأولين من هو أفضل منهما مثل أهل بدر ، وهما - رضي الله عنهما - وإن كانا سيدي شباب أهل الجنة ، فأبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة ، وهذا الصنف أكمل من ذلك الصنف.... وفي الاثني عشر من هو مشهور بالعلم والدين ، كعلي بن الحسين وابنه أبي جعفر وابنه جعفر بن محمد ، وهؤلاء لهم حكم أمثالهم ، ففي الأمة خلق كثير مثل هؤلاء وأفضل منهم ، وفيهم المنتظر لا وجود له أو مفقود لا منفعة فيه ، فهذا ليس في اتباعه إلا شر محض بلا خير . وأما سائرهم ، ففي بني هاشم من العلويين والعباسيين جماعات مثلهم في العلم والدين ، ومن هو أعلم وأدين منهم ، فكيف يجوز أن يعيب ذكر الخلفاء الراشدين الذين ليس في الإسلام أفضل منهم ، من يعوض بذكر قوم ، في المسلمين خلق كثير أفضل منهم ، وقد انتفع المسلمون في دينهم ودنياهم بخلق كثير ، أضعاف أضعاف ما انتفعوا بهؤلاء ؟".

عندما يأتي أحدهم ويقول أن فلانا خير من فلان، عليه تقديم الدليل، فأين دليل هذا الرجل؟

المتتبع للنصوص الاسلامية قرآنا وسنة يجد وبوضوح أنه لم يرد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة في أحد مثلما ورد في أهل البيت عليهم السلام من تعداد فضائلهم المتميزة ومناقبهم التي اختصوا بها من بين أفراد الامة وحازوها من دونهم . ومما لا شك فيه أن وصول هذا الكم الهائل من الروايات في فضل أهل البيت عليهم السلام وبيان منزلتهم رغم محاولات الطمس والتحريف والتغيير التي تعرضت لها تلك الروايات ، يشير بوضوح إلى موقعهم الريادي في قيادة مسيرة الامة وكونهم يحملون مؤهلات واستعدادات لتلك القيادة.

ونكتفي بذكر آية المباهلة الكافية والكفيلة بفضلهم على جميع الخلق بعد الرسول صلى الله عليه من الأولين والآخرين.

فآية المباهلة آية فصل، إذ تؤكد على حالة الإقتران بين الرسول صلى الله عليه وآله وبين أهل بيته المعصومين صلوات الله عليهم.
قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم:
« فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين» ...آل عمران/61.

وسبب نزول الآية الكريمة أشهر من أن يذكر!!!

أجمعت كتب التفاسير والسير والحديث على أن الذين أختارهم "الله" جل وعلى لمباهلة نصارى نجران مع رسول الله صلى الله عليه وآله هم:
علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين ولا أحد غيرهم،
فراجع:
صحيح مسلم 4 : 1871 .
سنن الترمذي 5 : 225 - 2999 .
مصابيح السنة 4 : 183 - 4795 .
الكامل في التاريخ 2 : 293 .
أسباب النزول للواحدي : 60 .
تفسير الرازي 8 : 81 .
تفسير الزمخشري 1 : 368 .
تفسير القرطبي 4 : 104 .
تفسير الآلوسي 3 : 188 - 189 .
تفسير النسفي 1 : 221 .
فتح القدير - الشوكاني 1 : 347 .
معالم التنزيل - البغوي 1 : 480 .
جامع الاصول 9 : 470 – 6479..... وغيرهم

عن سعد بن أبي وقاص ، قال : لما نزلت هذه الآية ( فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ) دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم السلام فقال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي ".

فراجع:
مسند أحمد 1 : 185 .
المستدرك على الصحيحين 3 : 150 . وقال : صحيح على شرط الشيخين ، وصححه الذهبي أيضا .
فتح الباري 7 : 60 .
أسد الغابة 4 : 105 .
الاستيعاب - ابن عبد البر 3 : 37.... وغيرهم

مدلولات هذه الآية الكريمة:
الدلالة الاولى :
إن تعيين شخصيات المباهلة ليس حالة عفوية مرتجلة ، وإنما هو اختيار إلهي هادف ، وقد أجاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حينما سئل عن هذا الاختيار بقوله :
" لو علم الله تعالى أن في الارض عبادا أكرم من علي وفاطمة والحسن والحسين ، لامرني أن أباهل بهم ، ولكن أمرني بالمباهلة مع هؤلاء ، فغلبت بهم النصارى " .

الدلالة الثانية :
إن ظاهرة الاقتران الدائم بين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام تعبر عن مضمون رسالي كبير يحمل دلالات فكرية وروحية وسياسية خطيرة، فالمسألة ليست تكريسا للمفهوم القبلي الذي ألفته الذهنية العربية ، بل هو الاعداد الرباني الهادف لصياغة الوجود الامتدادي في حركة الرسالة ، هذا الوجود الذي يمثله أهل البيت عليهم السلام بما يملكونه من إمكانات تؤهلهم لذلك .

الدلالة الثالثة : لو حاولنا أن نستوعب مضمون المفردة القرآنية التي جاءت في هذا النص وهي قوله تعالى : ( أنفسنا ) لاستطعنا أن ندرك قيمة هذا النص في الادلة المعتمدة لاثبات الامامة . إن هذه المفردة القرآنية تعتبر عليا عليه السلام الحالة التجسيدية الكاملة لشخصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، نستثني النبوة التي تمنح لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خصوصية لا يشاركه فيها أحد مهما كان موقعه ، فعلي عليه السلام بما يملكه من هذه المصداقية الكاملة هو المؤهل الوحيد لتمثيل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حياته وبعد مماته (التشيع - عبد الله الغريفي : 224) .

وبالمختصر المفيد، الطاعن في أهل البيت عليهم السلام هو طاعن في الرسول صلى الله عليه وآله والطاعن في الرسول هو طاعن في "الله" العلي العظيم، فإنتبهوا لكلام هذا الرجل.


ثانياً: موقفه من أمير المؤمنين صلوت الله وسلامه عليه:

وهنا أكتفي بذكر هذا المقطع الذي قد ذكرته في موضوع سابق وهو شبهة من أن الإمام علي عليه السلام كان في الباطن معادياً للنبي صلى الله عليه وآله وللإسلام فقال(منهاج السنة 8/ 435-436):
"
ثم إن قائل هذا إذا قيل له مثل هذا في علي وقيل : إنه كان في الباطن معاديا للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه كان عاجزا في ولاية الخلفاء الثلاثة عن إفساد ملته ، فلما ذهب أكابر الصحابة وبقي هو طلب حينئذ إفساد ملته وإهلاك أمته ، ولهذا قتل من المسلمين خلقا كثيرا ، وكان مراده إهلاك الباقين لكن عجز ، وأنه بسبب ذلك انتسب إليه الزنادقة المنافقون المبغضون للرسول ، كالقرامطة والإسماعيلية والنصيرية ، فلا تجد عدوا للإسلام إلا وهو يستعين على ذلك بإظهار موالاة علي ، استعانة لا تمكنه بإظهار موالاة أبي بكر وعمر .

فالشبهة في دعوى موالاة علي للرسول أعظم من الشبهة في دعوى معاداة أبي بكر . وكلاهما باطل معلوم الفساد بالاضطرار . لكن الحجج على بطلان هذه الدعوى في أبي بكر أعظم من الحجج الدالة على بطلانها في حق علي...
"

وإليك هذا الرابط وهو كافٍ لبيان موقفه من الإمام علي عليه السلام.

هـــــذا شيء بسيط فتفضل


ثالثاً: موقفه من الزهراء صلوت الله وسلامه عليها:

طعن في بضعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حتى تمادى وقال أنها خرجت لهوى نفسها ولم تك مظلومة، بل أنها لا تعلم أي شيءٍ الدين بخروجها لطلب حقها، وهذا طعن في الرسول بحد ذاته إذ أن الرسول صلى الله عليه وآله لم يعلم إبنته من الدين ما يعرفها بحقها في إرثها، فخرجت ظالمة لغيرها.

فقال (منهاج السنة 5 / 522 - 523):
"
وليس تبرئة الإنسان لفاطمة من الظن والهوى بأولى من تبرئة أبي بكر ، فإن أبا بكر إمام لا يتصرف لنفسه بل للمسلمين ، والمال لم يأخذه لنفسه بل للمسلمين ، وفاطمة تطلب لنفسها ، وبالضرورة نعلم أن بعد الحاكم عن اتباع الهوى أعظم من بعد الخصم الطالب لنفسه ، فإن علم أبي بكر وغيره بمثل هذه القضية - لكثرة مباشرتهم للنبي صلى الله عليه وسلم - أعظم من علم فاطمة . وإذا كان أبو بكر أولى بعلم مثل ذلك وأولى بالعدل ، فمن جعل فاطمة أعلم منه في ذلك وأعدل ، كان من أجهل الناس ، لا سيما وجميع المسلمين الذين لا غرض لهم هم مع أبي بكر في هذه المسألة ، فجميع أئمة الفقهاء عندهم أن الأنبياء لا يورثون مالا . . .
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه قال : لا أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة . فكيف يسوغ للأمة أن تعدل عما علمته من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما يحكى عن فاطمة في كونها طلبت الميراث تظن أنها ترث
".

وقال (منهاج السنة 4 / 360):
" فإذا كان المسلمون كلهم ليس فيهم من قال : إن فاطمة رضي الله عنها مظلومة ، ولا أن لها حقا عند أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، ولا أنهما ظلماها ولا تكلم أحد في هذا بكلمة واحدة، دل ذلك على أن القوم كانوا يعلمون أنها ليست مظلومة ، إذ لو علموا أنها مظلومة ، لكان تركهم لنصرتها إما عجزا عن نصرتها ، وإما إهمالا وإضاعة لحقها ، وإما بغضا فيها . . . وكلا الأمرين باطل...".


قال تعالى في محكم كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم « يا ايها الذين آمنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون»...التحريم/6.

ووقاية النفس والأهل من النار تكون بالتعليم والتربية ، وتنشئتهم على الأخلاق الفاضلة ، وإرشادهم إلى ما فيه نفعهم وفلاحهم . وإن العناية بالأولاد . وتربيتهم التربية الصالحة من أكبر واجبات الأبوين التي يفرضها الشرع ونظام الاجتماع عليهما ، كما أن إهمالهم والتفريط في تربيتهم من أكبر الجنايات التي يمقتها الشرع ، وتعاقب عليها القوانين المدنية .

قال رسول الله ( ص ) : " الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أو ضيع ، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ".

قال رسول الله ( ص ) : " الزموا أولادكم وأحسنوا آدابهم ، فإن أولادكم هدية إليكم " .

وفي هذا الحديث إرشاد إلى ما ينبغي أن يكون عليه الآباء من ملازمة أولادهم يكون تصرف الأبناء تحت نظر الآباء وإشرافهم ، فإذا تصرف أحدهم أي تصرف يحتاج إلى توجيه كان ذلك التصرف موضع العناية والنظر.

قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : " بعثت إلى أهل بيتي خاصة ، وإلى الناس عامة "

فراجع
الطبقات الكبرى : 1 / 192 .
مسند أحمد بن حنبل : 4 / 237 ، ح 13852 .
السنن الكبرى للبيهقي : 2 / 433.


فنسب النبي صلى الله عليه وآله إلى تضييع الواجب ، والتفريط في الحق اللازم ، من نصيحة ولده، وإعلامه ما عليه وله ، ومن ذا الذي يشك في أن فاطمة كانت أقرب الخلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وأعظمهم منزلة عنده ، وأجلهم قدرا لديه ، وأنه كان في كل يوم يغدو إليها لمشاهدتها ، والسؤال عن خبرها ، والمراعاة لأمرها ، ويروح كذلك إليها ويتوفر على الدعاء لها، ويبالغ في الإشفاق عليها ، وما خرج قط في بعض غزواته وأسفاره حتى ولج بيتها ليودعها، ولا قدم من سفره إلا لقوه بولديها ، فحملهما على صدره وتوجه بهما إليها ، فهل يجوز في عقل، أو يتصور في فهم ، أن يكون النبي صلى الله عليه وآله أغفل إعلامها بما يجب لها وعليها ، وأهمل تعريفها بأنه لا حظ في تركته لها ، والتقدم إليها بلزوم بيتها بترك الاعتراض بما لم يجعله الله لها ؟
اللهم إلا أن نقول : إنه أوصاها فخالفت ، وأمرها بترك الطلب فطلبت وعاندت ، فيجاهر بالطعن عليها ، ويوجب بذلك ذمها والقدح فيها ، ويضيف المعصية إلى من شهد القرآن بطهارتها ، وليس ذلك منه بمستحيل ، وهو في جنب عداوته لأهل البيت عليهم السلام قليل !

رووا في كتبهم الصحيحة عندهم برجالهم عن مشايخهم حتى أسندوه عن سيد الحفاظ يعنون ابن مردويه قال : أخبرنا محيي السنة أبو الفتح عبدوس بن عبد الله الهمداني إجازة قال : حدثنا القاضي أبو نصر شعيب بن علي قال : حدثنا موسى بن سعيد قال : حدثنا الوليد بن علي قال : حدثنا عباد بن يعقوب عن ابن عباس عن فضيل عن عطية عن أبي سعيد قال : لما نزلت هذه الآية " وآت ذا القربى حقه " دعا رسول الله " ص " فاطمة فأعطاها فدكا.
رواه الحسكاني في شواهد التنزيل : 1 / 338 ،
وينابيع المودة : 119


ويدل على أنها كانت في يدها صلوات الله عليها ماذكر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في كتابه إلى عثمان بن حنيف ، حيث قال : " بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء ، فشحت عليهم نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، ونعم الحكم الله " وما أصنع بفدك وغير فدك والنفس مظانها في غير جدث ! "

إن فدك كانت في أيديهم ، وتحت تصرفهم ، وعلى هذا فلم يكن للخليفة الغاصب مطالبتهم بالبينة ، فإنها خلاف موازين القضاء ، ولم يكن إقطاع الرسول صلى الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام وأهلها أمرا فريدا يخصها :

ففي فتوح البلدان للبلاذري : 31 : انه صلى الله عليه وآله أقطع من أرض بني النضير أبا بكر وعبد الرحمن بن عوف وأبا دجانة ، وغيرهم ، وفي ص 34 : وأقطع الزبير بن العوام أرضا من أرض بني النضير ذات نخل .

وفي ص 27 : وأقطع بلالا أرضا فيها جبل ومعدن . وقال مالك بن أنس : أقطع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بلال بن الحارث معادن بناحية الفرع ، وأقطع عليا عليه السلام أربع أرضين : الفقيرين وبئر قيس والشجرة .

وفي ص 34 : وأبو بكر نفسه أقطع الزبير الجرف ، وعمر أقطعه العقيق أجمع .

فما أدري لماذا أخذوا من فاطمة نحلة أبيها صلى الله عليه وآله ؟ وهل كانت هي فقط من الأموال العامة للمسلمين ؟ ! نعم ، كان سبب ابتزازها ان نحلة فاطمة وأبنيها تكون دعما لبيت الإمامة ملازمة .

والغريب من بن تيمه أنه لا ينفي الهجوم على بيته الزهراء عليها السلام وإنما يبرره ويقصره في أمر أنه من باب الحصار لتأذية غرض ما فقال (منهاج السنة 8 / 291):
" إنه كبس البيت لينظر هل فيه شئ من مال الله الذي يقسمه وأن يعطيه لمستحقه ، ثم رأى أنه لو تركه لهم لجاز ، فإنه يجوز أن يعطيهم من مال الفئ ".

ووقفة هاهنا أيضاً:
هذا الرجل يدعي -غير مبالٍ- بأن أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة- بأنه ليس بعيد عنهم أن يأخذوا أموال المسلمين بغير حق ويسرقوها حتى يبرر الهجوم على بيت الزهراء عليها السلام وكبسه لمعرفة ما إذا كان فيه من مال الله الذي يقسمه وأن يعطيه لمستحقه -كما يزعم-.



رابعاً: موقفه من أبي محمد الحسن المجتبى صلوت الله وسلامه عليه

ذكر بن تيمية من أن الإمام الحسن سلام الله عليه قد خالفه أباه أمير المؤمنين عليه السلام فقال (منهاج السنة 6 / 113):
" وقد كان ابنه الحسن وأكثر السابقين الأولين لا يرون القتال مصلحة، وكان هذا الرأي أصح من رأي القتال بالدلائل الكثيرة "

وقال أيضا (منهاج السنة 8 / 145):
" وكان الحسن رأيه ترك القتال، وقد جاء النص الصريح بتصويب الحسن، وفي البخاري... إن ابني هذا سيد وإن الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين. فمدح الحسن على الإصلاح بين الطائفتين"

هنا سؤال أوجهه لأصحاب العقول!!!:
أهذا قدح في أمير المؤمنين علي عليه السلام أم الإمام الحسن عليه السلام؟ أم في كليهما؟

الإمام الحسن عليه السلام قد كان مقاوما للظلامين ومنهم معاوية لعنه الله في عهد أبيه أمير المؤمنين علي عليه السلام وبعده، لكن أضطر إلى الصلح في عهده بسبب الظروف القاهرة ولا مجال لذكرها...

ويمضي قدما في قدحه لأئمة الحق عليهم السلام، فيقول وكأنه يعلم السر وأخفى -والعياذ بالله - من أن ما فعله الإمام الحسن عليه السلام أحب إلى الله مما فعله الإمام الحسين عليه السلام فقال (منهاج السنة 4 / 40 - 41):
"
ما فعله الحسن من ترك القتال على الإمامة، وقصد الإصلاح بين المسلمين، كان محبوبا يحبه الله ورسوله ولم يكن ذلك مصيبة، بل كان ذلك أحب إلى الله ورسوله من اقتتال المسلمين. . .
وهذا نقيض ما عليه الرافضة من أن ذلك الصلح كان مصيبة وذلا. . . ولم يكن الحسن أعجز عن القتال من الحسين، بل كان أقدر على القتال من الحسين، والحسين قاتل حتى قتل.
فإن كان ما فعله الحسين هو الواجب كان ما فعله الحسن تركا للواجب أو عجزا عنه، وإن كان ما فعله الحسن هو الأفضل الأصلح دل على أن ترك القتال هو الأفضل الأصلح، وأن الذي فعله الحسن أحب إلى الله ورسوله مما فعله غيره...
".

وقال أيضا (منهاج السنة 8 / 146):
" وقد دل الواقع على أن رأي الحسن كان أنفع للمسلمين، لما ظهر من العاقبة في هذا وفي هذا. . . وكان ما فعله الحسن أفضل عند الله مما فعله الحسين... ".

يتجاهل هذا الرجل عدة أمور:

أولاً:
ليس كل من كان في جيش أبي محمد عليه السلام من الشيعة المخلصين ولو قدح بعضهم في هذا الصلح لا يدل إلا على جهلهم بالإمامة.
ثانياً:
هل حقا كان الإمام الحسن عليه السلام قادراً على القتال من الإمام الحسن؟ وهل كان جيشه مهيئاً وليس غالبيته من الخوارج والمنافقين؟ وهل خرج الإمام الحسين عليه السلام جزافاً دون وجود وازعٍ يمليه عليه الشرع؟ أولم يكن قد أخذ العهود والمواثيق على الناس قبل خروجه؟ أوليس قد بايعه ما يزيد على 18 ألف من الكوفيين ونكثوا بيعته؟
ثالثاً:
مرة أخرى فبن تيمية لا يعي معنى الإمامة، فقال "فإن كان ما فعله الحسين هو الواجب كان ما فعله الحسن تركا للواجب أو عجزا عنه"، فأسأله لم قاتله في عهد أبيه أمير المؤمنين عليه السلام وفي عهده عليه السلام؟ وأما تركه القتال فقد كان بعد أن خذله القوم كما لا يخفى على من له إطلاع بالسير والتواريخ.
رابعاً:
إن عمل الإمام عليه السلام كان هو الحق والصلاح ، لأنه إمام معصوم لا يفعل إلا ما يؤمر به . وكذلك العقيدة في قيام الإمام الحسين على يزيد، وهذه هي عقيدتنا نحن الإمامية.
خامساً:
لماذاتقول (منهاجبالإمام الحسن عليه السلام وسمه؟ أكما تقول (منهاج السنة 4 / 471) بأنه " من باب قتال بعضهم بعضا "؟؟؟؟؟

ويضيف قباحة في قوله ويقلل من قتل الإمامين الحسن والحسين عليه السلام بدل أن يدين قاتليهما فقال (منهاج السنة 2 / 247، 4 / 550):
"ليس ما وقع من ذلك بأعظم من قتل الأنبياء، فإن الله تعالى قد أخبر أن بني إسرائيل كانوا يقتلون النبيين بغير حق، وقتل النبي أعظم ذنبا ومصيبة".

ولكنه في مستمسكاً بقوله " كانوا يقتلون النبيين بغير حق ".
قال تعالى في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم
«ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما»....النساء/93.



خامساً: موقفه من أبي عبد الله الحسين الشهيد صلوت الله وسلامه عليه

لم يخفي بن تيمية حقده على سيد الشهداء عليه السلام بل ذكر ما لم يقله كافرٌ في حق سيد الشهداء عليها السلام فصرح بأن خروجه لقتال الملعون يزيد بن الطليق معاوية كان مفسدة ولم يكن فيه أي مصلحة، آه مولاي أبا عبد الله، تضحي بنفسك وأهلك وأصحابك ويقال أن خروجك مفسدة، فقال هذا الرجل ما هذا نصه (منهاج السنة 4 / 530):
" لم يكن في خروجه مصلحة لا في دين ولا في دنيا، ولكن في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده ".

ولم يكتفي بذلك فقال صارخاً أنه قد خالف جده رسول الله صلى الله عليه وآله (منهاج السنة 4 / 531):
" بل يذهب إلى أنه قد خالف أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولولا ذلك لما حدثت الفتن بعد ذلك. "

وعلى خضم هذا أن خروجه لقتال يزيد كخروج أمه الزهراء عليها السلام في طلب حقها بأنه خرج للهوى –والعياذ ب الله - فقال بأن ما حصل من أبي عبد الله عليه السلام (منهاج السنة 4 / 534):
"نوع من الاجتهاد مقرونا بالظن ونوع من الهوى الخفي، فيحصل بسبب ذلك ما لا ينبغي إتباعه فيه، وإن كان من أولياء الله المتقين".

ومن شدة حبه لبني أمية أن دافع جاهداً عن الملعون يزيد بن الطليق معاوية فقال أن يزيداً لم يأمر بقتل الإمام الحسين عليه السلام ولم يسبي ذريته، فقال (منهاج السنة 4 / 472):
"وأما قوله: وقتل ابنه يزيد مولانا الحسين ونهب نساءه. فيقال : إن يزيد لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل ، ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق . . . فقاتلوه حتى قتل شهيدا مظلوما رضي الله عنه. ولما بلغ ذلك يزيد أظهر التوجع على ذلك، وظهر البكاء في داره، ولم يسب له حريما أصلا، بل أكرم أهل بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلدهم".

بل قد كذب الحديث القائل بعذاب قاتل أبي عبد الله الحسين عليه السلام رغم أن الحديث متفق عليه سنة وشيعة، فقال (منهاج السنة 4 / 585):
"فهذا الغلو الزائد يقابل بغلو الناصبة الذين يزعمون أن الحسين كان خارجيا، وأنه كان يجوز قتله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أتاكم وأمركم على رجل واحد يريد أن يفرق جماعتكم فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان. رواه مسلم. وأهل السنة والجماعة يردون غلو هؤلاء وهؤلاء".

(سير أعلام النبلاء 4 / 342):
"إن الله أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا، وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا. قال الذهبي: " حديث نظيف الإسناد ومنكر اللفظ".

المستدرك على الصحيحين ج: 2 ص: 319
3147 حدثناه أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عمرو البزار ببغداد حدثنا أبو يعلى محمد بن شداد المسمعي حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله عنهما قال ثم أوحى الله إلى نبيكم صلى الله عليه وسلم أني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا وأني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا قال الحاكم قد كنت أحسب دهرا أن المسمعي ينفرد بهذا الحديث عن أبي نعيم حتى حدثناه أبو محمد السبيعي الحافظ حدثنا عبد الله بن محمد بن ناجية حدثنا حميد بن الربيع حدثنا أبو نعيم فذكره بإسناد نحوه

المستدرك على الصحيحين ج: 2 ص: 648
4152 فحدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي من أصل كتابه حدثنا محمد بن شداد المسمعي حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله عنهما قال ثم أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم أني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا وأني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا وقد رواه حميد بن الربيع الخزاز عن أبي نعيم ذكر نبي الله وروحه عيسى بن مريم صلوات الله وسلامه عليهما.

الفردوس بمأثور الخطاب ج: 1 ص: 227
869 علي بن أبي طالب
إن موسى بن عمران سأل ربه عن وجل فقال يا رب إن أخي مات فاغفر له فأوحى الله إليه أن يا موسى لو سألتني في الأولين والآخرين لأجبتك ما خلا قاتل الحسين ابن علي بن أبي طالب فإني أنتقم له من

الفردوس بمأثور الخطاب ج: 3 ص: 220
4639 علي بن أبي طالب
قاتل الحسين في تابوت من نار عليه نصف عذاب أهل الدنيا



سادساً: موقفه من الإمام زين العابدين صلوت الله وسلامه عليه

ينفي تسمية الرسول صلى الله عليه وآله للإمام زين العابدين هذا الإسم فقال (منهاج السنة 4 / 50 ):
"وكذلك ما ذكر من تسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم له سيد العابدين، هو شئ لا أصل له، ولم يروه أحد من أهل العلم والدين".

رواه من العامة الحافظ سبط ابن الجوزي عن المدائني عن جابر بن عبد الله أنه قال لأبي جعفر محمد ابن علي عليه السلام (تذكرة الخواص من الأمة: 337) :
فقال: الله يسلم عليك، فقيل لجابر: وكيف هذا ؟ فقال: كنت جالسا عند رسول الله والحسين في حجره وهو يداعبه، فقال: يا جابر يولد له ولد اسمه علي، إذا كان يوم القيامة نادى مناد: ليقم سيد العابدين، فيقوم ولده، ثم يولد له ولد اسمه محمد، فإن أدركته يا جابر فاقرأه مني السلام ".

وقال ابن حجر المكي بترجمة ولده الإمام الباقر عليه السلام (الصواعق المحرقة: 120) :
" وكفاه شرفا أن ابن المديني روى عن جابر أنه قال له - وهو صغير -: رسول الله عليه وسلم يسلم عليك. قال:له: وكيف ذاك ؟ قال : كنت جالسا . . . ".

ورواه أبو عمر الزاهد في كتابه ( اليواقيت ) عن الزهري، (حلية الأولياء 3 / 135) :
" وكان الزهري إذا ذكر علي بن الحسين يبكي ويقول: زين العابدين "

ولقد جاء وصفه عليه السلام ب" سيد العابدين " أو " زين العابدين " في سائر الكتب المذكورة فيها أحواله وترجمته مثل:
وفيات الأعيان 2 / 429 ،
حلية الأولياء 3 / 133 ،
طبقات ابن سعد 5 / 156
تذكرة الحفاظ 1 / 74 ،
تهذيب التهذيب 7 / 304 ،
طبقات الحفاظ : 37 ،
طبقات القراء 1 / 534 .



ذكر خبراً في أن الإمام عليه السلام يجلس إلى زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب فسأل عن ذلك فقال (منهاج السنة 4 / 48 - 49):
" إنما يجلس الرجل حيث يجد صلاح قلبه ".

وروي عن حماد بن زيد قال : سمعت علي بن الحسين - وكان أفضل هاشمي أدركته - يقول : يا أيها الناس أحبونا حب الإسلام ، فما برح بنا حبكم حتى صار عارا علينا . وعن شيبة ابن نعامة قال : كان علي بن الحسين يبخل . فلما مات وجدوه يقوت مائة أهل بيت بالمدينة في السر.

فيقول:الخشوع وصدقة السر وغير ذلك من الفضائل ما هو معروف، حتى أنه كان من صلاحه ودينه يتخطى مجالس أكابر الناس ويجالس زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب - وكان من خيار أهل العلم والدين من التابعين - فيقال له: تدع مجالس قومك وتجالس هذا ؟ فيقول: إنما يجلس الرجل حيث يجد صلاح قلبه.

فماذا تستفيد من هذا؟
أن زيداُ هو المستفيد من الإمام زين العابدين عليه السلام، لا كما أوهم به بن تيمية في كلامه، حتى أن القوم أستصغروا قدر زيد -هذا-.

نفى بن تيمية إمكانية صلاة الإمام عليه السلام ألف ركعة وقال هذا من المحال أو من الإكراه الذي لا توافقه الشريعة (منهاج السنة 4 / 50) وقال :
"هذا لا يمكن إلا على وجه يكره في الشريعة أولا يمكن بحال، فلا يصلح ذكر مثل هذا في المناقب"

طبعا هذا محال على أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ولكن في قبيل ذلك من فعل المخالفين لأهل البيت فإنه مصدقاً ويمكن فعله:

سنن البيهقي الكبرى ج: 2 ص: 396
3865 أنبأ أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة أنبأ أبو منصور العباس بن الفضل بن زكريا الضبي ثنا أحمد بن نجدة ثنا سعيد بن منصور ثنا معاوية عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي الأحوص قال قال عبد الله يعني بن مسعود ثم اقرؤا القرآن في سبع ولا تقرؤه في أقل من ثلاث وليحافظ الرجل في يومه وليلته على جزئه
وروينا عن بن مسعود أنه كان يختم القرآن في رمضان في ثلاث رمضان من الجمعة إلى الجمعة وعن أبي بن كعب أنه كان يختم القرآن في كل ثمان وعن تميم الداري أنه كان يختمه في كل سبع
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه كان يحيى الليل كله فيقرأ القرآن في كل ركعة.

(سير أعلام النبلاء 13 / 427) :
أن الذهبي - تلميذ ابن تيمية - ذكر مثله بترجمة أحد العلماء، وترجمة آخر أنه ختم من الصبح إلى العصر ثمان ختمات!!!

أليس عجيباً!! سادتي يا أهل البيت كتب على مخالفيكم الشقاء في الدنيا والآخرة.



سابعاً: موقفه من الإمام الباقر صلوت الله وسلامه عليه

ولازال بن تيمية في غيه ومحاولاته في طمس فضائل أهل البيت عليهم السلام، فهاهو يكذب خبر تسمية الإمام الباقر "بالباقر" عن لسان الرسول صلى الله عليه وآله فقال (منهاج السنة 4 / 51):
"ونقل تسميته بالباقر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا أصل له عند أهل العلم، بل هو من الأحاديث الموضوعة، وكذلك حديث تبليغ جابر له السلام، هو من الموضوعات عند أهل العلم بالحديث".

روى ابن قتيبة (عيون الأخبار 1 / 212) :
" أن زيد: قال لزيد بن علي: ما فعل أخوك البقرة ؟ فقال زيد: سماه رسول الله باقر العلم وأنت تسميه بقر ! فاختلفتما إذن ".

قال الزبيدي الحنفي في " الباقر" (تاج العروس 3 / 55) :
" قلت: وقد ورد في بعض الآثار عن جابر بن عبد الله الأنصاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يوشك أن تبقى حتى تلقى ولدا لي من الحسين يقال له محمد يبقر العلم بقرا، فإذا لقيته فاقرأه مني السلام، خرجه أئمة النسب ".

ويفتر ويكذب من أن الإمام قد أخذ عن أبي هريرة الكذاب فقال (منهاج السنة 4 / 51):
" أخذه العلم عن فلان وفلان وأبي هريرة وهذا كذب آخر."

تهذيب التهذيب 10 / 401:
ذكر رواية أبي حنيفة وغيره عن الباقر عليه السلام الحافظ ابن حجر العسقلاني بترجمته.
تهذيب التهذيب 9 / 312
وبترجمة الباقر عليه السلام: " روى عنه: أبو إسحاق السبيعي، والأعرج، والزهري، وعمرو بن دينار، والأوزاعي، وابن جريج، والأعمش وغيرهم ".

قال أبو نعيم (حلية الأولياء 3 / 188) :
" روى عنه من التابعين: عمرو بن دينار، وعطاء بن أبي رباح، وجابر الجعفي، وأبان بن تغلب. وروى عنه من الأئمة والأعلام: ليث بن أبي سليم، وابن جريج، وحجاج بن أرطاة، في آخرين ".

قال الذهبي (تذكرة الحفاظ 1 / 124) :
" الإمام الثبت الهاشمي العلوي المدني، أحد الأعلام. . . حدث عنه: ابنه جعفر بن محمد، وعمرو بن دينار، والأعمش، والأوزاعي، وابن جريج، وقرة بن خالد، وخلق".


ثامناً: موقفه من الإمام الصادق صلوت الله وسلامه عليه

ومن العجيب أن ابن تيمية ينكر تعلم أبي حنيفة من الصادق عليه السلام ولا مسألة واحدة، مع اعتراف علماء قومه بتتلمذه على الإمام، وهو يدعي تعلم الإمام أمير المؤمنين عيه السلام من أبي بكر، ولا يذكر في مقام الإثبات إلا حديثا واحدا فقط يروونه، وفيه ما فيه ! !

قرن بن تيمية أبا حنيفة بالإمام الصادق عليه السلام ومشهور أن أبا حنيفة قد أخذ عن الإمام الصادق وهذا مالا يختلف عليه إثنين إلا النواصب فقال (منهاج السنة 7 / 532):
" إن هذا من الكذب الذي يعرفه من له أدنى علم، فإن أبا حنيفة من أقران جعفر الصادق، توفي الصادق سنة 148، وتوفي أبو حنيفة سنة 150، وكان أبو حنيفة يفتي في حياة أبي جعفر والد الصادق. وما يعرف أن أبا حنيفة أخذ عن جعفر الصادق ولا عن أبيه مسألة واحدة ".

وقال أيضا (منهاج السنة 3 / 140):
" وجعفر بن محمد هو من أقران أبي حنيفة، ولم يكن أبو حنيفة يأخذه عنه مع شهرته بالعلم ".

مختصر التحفة الإثنا عشرية: 8:
قال الآلوسي " هذا أبو حنيفة - وهو من أهل السنة - يفتخر ويقول بأفصح لسان: لولا السنتان لهلك النعمان " يعني اللتين جلس فيهما لأخذ العلم من الإمام جعفر الصادق ".

قال إمامهم أبو حنيفة (جامع مسانيد أبي حنيفة 1 / 222، تذكرة الحفاظ 1 / 157) :
" ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد. لما أقدمه المنصور بعث إلى فقال: يا أبا حنيفة: إن الناس قد افتتنوا بجعفر بن محمد، فهيئ له من المسائل الشداد، فهيأت له أربعين مسألة، ثم بعث إلى أبو جعفر - وهو بالحيرة - فأتيته فدخلت عليه وجعفر بن محمد جالس عن يمينه، فلما أبصرت به دخلتني من الهيبة لجعفر بن محمد الصادق ما لم يدخلني لأبي جعفر، فسلمت عليه وأومأ إلي، فجلست، ثم التفت إليه فقال: يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة. قال جعفر: نعم. ثم أتبعها قد أتانا - كأنه كره ما يقول فيه قوم إنه إذا رأى الرجل عرفه - ثم التفت المنصور إلي فقال: يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد من مسائلك. فجعلت ألقي عليه فيجيبني، فيقول: أنتم تقولون كذا، وأهل المدينة يقولون كذا، ونحن نقول كذا. فربما تبعناهم وربما خالفنا جميعا. حتى أتيت على الأربعين مسألة. ثم قال أبو حنيفة: ألسنا روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس ".

قال ابن حبان (الثقات وعنه تهذيب التهذيب 2 / 89) :
" كان من سادات أهل البيت فقها وعلما وفضلا ".

قال أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي (تهذيب التهذيب 2 / 88) :
" لا يسأل عن مثله ".

قال ابن خلكان (وفيات الأعيان 1 / 291) :
" كان من سادات آل البيت، ولقب بالصادق لصدقه، وفضله أشهر من أن يذكر".

قال أبو الفتح الشهرستاني:
" جعفر بن محمد الصادق، هو ذو علم وأدب كامل في الحكمة، وزهد في الدنيا وورع تام عن الشهوات. وقد أقام بالمدينة مدة يفيد الشيعة المنتمين إليه ويفيض على الموالين له أسرار العلوم. ثم دخل العراق وأقام بها مدة، ما تعرض للإمامة قط، ولا نازع في الخلافة أحدا. ومن غرق في بحر المعرفة لم يقع في شط، ومن تعلى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط ".

قال النووي (تهذيب الأسماء واللغات 1 / 155) :
" إتفقوا على إمامته وجلالته ".



تاسعاً: موقفه من الإمام الكاظم صلوت الله وسلامه عليه

قال بن تيميه:
" قال ابن تيمية: " وأما من بعد جعفر، فموسى بن جعفر، قال فيه أبو حاتم الرازي: ثقة أمين صدوق من أئمة المسلمين. قلت: موسى ولد بالمدينة سنة بضع وعشرين ومائة، وأقدمه المهدي إلى بغداد، ثم رده إلى المدينة وأقام بها إلى أيام الرشيد، فقدم هارون منصرفا من عمرة، فحمل موسى معه إلى بغداد وحبسه بها إلى أن توفي في حبسه. قال ابن سعد: توفي سنة ثلاث وثمانين ومائة. وليس له كثير رواية. روى عن أبيه جعفر. وروى عنه أخوه علي. وروى له الترمذي وابن ماجة " 2 / 124"

أما عن قلة الرواة عنه عند أهل السنة هذا لمخالفتهم أهل البيت عليهم السلام ولكن أهل بيته عليهم السلام قد روا عنه

قال الخزرجي (خلاصة تذهيب تهذيب:الكمال 334):
" وعنه: ابنه علي الرضا وأخواه علي ومحمد ابنا جعفر بن محمد، وطائفة ".

فيكفي رواة أهل البيت عنه صلوات الله عليه.

كذب بن تيمية توبة "بشر الحافي" علي يد الإمام الكاظم عليه السلام متذرعا بالقول أنه كان سجيناً فقال (منهاج السنة 4 / 57):
" فلم يكن ممن يجتاز على دار بشر وأمثاله ".

يبدو واضحاً أن بن تيمية تجاهل قوله "قلت: موسى ولد بالمدينة سنة بضع وعشرين ومائة، وأقدمه المهدي إلى بغداد، ثم رده إلى المدينة وأقام بها إلى أيام الرشيد، فقدم هارون منصرفا من عمرة، فحمل موسى معه إلى بغداد وحبسه بها إلى أن توفي في حبسه "

فمن هذا التصريح من أن الإمام عليه السلام كان في فترات من حياته وإمامته خارج السجن، ومن هذا المنطلق لا توجد محالة من إلتقاء الإمام الكاظم عليه السلام ببشر الحافي.

كذب ما رواه شقيق البلخي من حال الإمام الكاظم عليه السلام في طريق مكة والذي بان لشقيق كرامات ومقامات الإمام عليه السلام فقال (منهاج السنة 4 / 57):
" وأما الحكاية المشهورة عن شقيق البلخي فكذب"

يعلل هذا التكذيب بقوله:
" فإن هذه الحكاية تخالف المعروف من حال موسى بن جعفر، وموسى كان مقيما بالمدينة بعد موت أبيه جعفر، وجعفر مات سنة ثمان وأربعين، ولم يكن قد جاء إذ ذاك إلى العراق... )

يقول شقيق(قال أبو نعيم: " شقيق بن إبراهيم البلخي، أخذ الزهاد في المشرق "):
(روى الحنبلي في كتابه صفة الصفوة 2 / 125) :

" خرجت حاجا في سنة تسع وأربعين ومائة، فنزلت القادسية، فإذا شاب حسن الوجه شديد السمرة - عليه ثوب صوف مشتمل بشملة، في رجليه نعلان - وقد جلس منفردا عن الناس، فقلت في نفسي هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس، و الله لأمضين إليه وأوبخنه، فدنوت منه فلما رآني قال: يا شقيق « اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ».... سورة الحجرات: 49.

فقلت في نفسي: هذا عبد صالح، قد نطق بما في خاطري، لألحقنه ولأسألنه أن يجالسني. فقلت:ن عيني فلما نزلنا واقصة إذا به يصلي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تتحادر. فقلت : أمضي إليه وأعتذر . فأوجز في صلاته ثم قال: يا شقيق «وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى»...سورة الحجرات: 49.
فقلت: هذا من الأبدال، قد تكلم على سري مرتين. فلما نزلنا في زبالة إذا به قائم على البئر وبيده ركوة يريد أن يستقي ماء، فسقطت الركوة في البئر، فرفع طرفة إلى السماء وقال: أنت ريي إذا ظمئت إلى الماء * وقوتي إذا أردت طعاما يا سيدي ما لي سواها. قال شقيق: فو الله لقد رأيت البئر قد ارتفع ماؤها، فأخذ الركوة وملأها وتوضأ وصلى أربع ركعات، ثم مال إلى كثيب رمل هناك، فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويشرب. فرأيت ذلك عجبا منه فقلت: أطعمني يا عبد الله من فضل ما رزقك الله وما أنعم عليك. فقال: يا شقيق، لم تزل نعم الله علينا ظاهرة وباطنه، فأحسن ظنك بربك. ثم ناولني الركوة، فشربت منها فإذا هو سويق وسكر، ما شربت - و الله أبدا - ألذ منه ولا أطيب ريحا. فشبعت ورويت، وأقمت أياما لا أشتهي طعاما ولا شرابا. ثم لم أره حتى دخلت مكة. فرأيته ليلة إلى جانب قبة الميزاب نصف الليل، يصلي بخشوع وأنين وبكاء. فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل، فلما طلع الفجر جلس في مصلاه يسبح. ثم قام إلى صلاة الفجر فطاف بالبيت أسبوعا وخرج، فتبعته فإذا له حاشية وأموال وغلمان، وهو على خلاف ما رأيته في الطريق، ودار به الناس يسلمون عليه ويتبركون به. فقال:بعضهم: من هذا ؟ ففقلت:وسى بن جعفر. فقلت : قد عجبت أن تكون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد .
ورواه غيره أيضا فراجع:
أخبار الدول: 112،
جامع كرامات الأولياء 2 / 229،
مطالب السئول: 84،
نور الأبصار: 135، وغيرها.


ونضيف ما قالوه علماءهم في علم وزهد الإمام الكاظم عليه السلام إغاظة لمبغضي آل بيت محمد صلوات الله عليهم وتطييب للبحث:

قال الخطيب (تاريخ بغداد 13 / 27):
" كان موسى يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده، روي أنه دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد سجدة في أول الليل، وسمع وهو يقول في سجوده: عظم الذنب من عندي فليحسن العفو من عندك، يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة. فجعل يرددها حتى أصبح. وكان سخيا كريما، وكان يسمع عن الرجل ما يؤذيه، فيبعث إليه بصرة فيها ألف دينار".

قال الذهبي (سير أعلام النبلاء 6 / 270) :
" موسى الكاظم، الإمام القدوة. . . قلت:أبو حاتم فقال: ثقة صدوق، إمام من أئمة المسلمين. قلت : له عند الترمذي وابن ماجة حديثان . . . له مشهد عظيم مشهور ببغداد، دفن معه فيه حفيد ه الجواد، ولولده علي بن موسى مشهد عظيم بطوس. وكانت وفاة موسى الكاظم في رجب سنة 183...".

قال ابن الجوزي (صفوة الصفوة 2 / 103) :
" موسى بن جعفر، كان يدعى العبد الصالح، وكان حليما كريما، إذا بلغه عن رجل ما يؤذيه بعث إليه بمال ".

قال القرماني (أخبار الدول: 112) :
" هو الإمام الكبير الأوحد الحجة، الساهر ليله قائما القاطع نهاره صائما، المسمى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظما، وهو المعروف بباب الحوائج، لأنه ما خاب المتوسل به في قضاء حاجته قط "

قال ابن حجر المكي (الصواعق المحرقة/112) :
" هو وارث أبيه علما ومعرفة وكمالا وفضلا، سمي الكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه، وكان معروفا عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله، وكان أعبد أهل زمانه، وأعلمهم وأسخاهم".

قال ابن طلحة (مطالب السئول/76) :
" هو الإمام الكبير القدر، العظيم الشأن الكبير، المجتهد الجاد في الاجتهاد المشهور بالكرامات، يبيت الليل ساجدا وقائما، ويقطع النهار متصدقا وصائما، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دعي كاظما كان يجازي المسيء بإحسانه إليه، ويقابل الجاني بعفوه عنه، ولكثرة عبادته كان يسمى بالعبد الصالح، ويعرف بالعراق بباب الحوائج إلى الله، لنجح مطالب المتوسلين إلى الله تعالى به، كراماته تحار منها العقول، وتقضي بأن له عند الله تعالى قدم صدق لا تزل ولا تزول".



عاشراً: موقفه من الإمام الرضا صلوت الله وسلامه عليه

أنكر بن تيمية زهد وعلم الإمام علي بن موسى الرضا عليهما السلام وأنه أزهد وأعلم أهل زمانه فقال:
" إن الرضا كان أزهد الناس وأعلمهم في زمانه، دعوى بلا دليل "

وإليك أيها القارئ أقوال علمائهم في هذه الدعوى:

قال الحافظ السمهودي (جواهر العقدين ق 2 ج 2 ص 427) :
" علي الرضا ابن موسى الكاظم كان أوحد أهل زمانه، جليل القدر، أسلم على يده أبو محفوظ معروف الكرخي... فقاله المأمون: بأي وجه صار جدك علي بن أبي طالب قسيم الجنة والنار ؟ فقال: ألم ترو عن أبيك عن آبائه عن عبد الله بن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حب علي إيمان وبغضه كفر ؟ قال: بلى. قال الرضا: فقسم الجنة والنار إذا كان على حبه وبغضه. فقال المأمون: لا أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن. أشهد أنك وارث علم رسول الله صلى الله عليه وسلم "

قال كمال الدين محمد بن طلحة (مطالب السئول: 84) :
" أبو الحسن علي بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق. قد تقدم القول في أمير المؤمنين علي، وفي زين العابدين علي. وجاء هذا علي الرضا ثالثهما ، ومن أمعن نظره وفكره وجده في الحقيقة وارثهما ، فيحكم بكونه ثالث العليين ، نمى إيمانه وعلا شانه ، وارتفع مكانه واتسع إمكانه وكثر أعوانه وظهر برهانه ، حتى أحله الخليفة المأمون محل مهجته وأشركه في مملكته ، وفوض إليه أمر خلافته وعقد له على رؤوس الأشهاد عقد نكاح ابنته . وكانت مناقبه علية وصفاته الشريفة سنية، ومكارمه حاتمية وشنشنته أخزمية، وأخلاقه عربية، ونفسه الشريفة هاشمية، وأرومته الكريمة نبوية، فمهما عد من مزاياه كان أعظم منه، ومهما فصل من مناقبه كان أعلى مرتبة عنه".

قال الشبلنجي (نور الأبصار: 312) :
" قال إبراهيم بن العباس: ما رأيت الرضا سئل عن شئ إلا علمه، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقت عصره، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال من كل شئ فيجيبه الجواب الشافي، وكان قليل النوم كثير الصوم، لا يفوته صوم ثلاثة أيام من كل شهر ويقول: ذلك صيام الدهر. وكان كثير المعروف والصدقة، وأكثر ما يكون ذلك منه في الليالي المظلمة. وكان جلوسه في الصيف على حصير وفي الشتاء على مسح "

قال الجويني (فرائد السمطين 2 / 187) :
" الإمام الثامن: مظهر خفيات الأسرار ومبرز خبيات الأمور الكوامن، منبع المكارم والميامن، ومنبع الأعالي الحضارم والأيامن، منيع الجناب رفيع القباب وسيع الرحاب هموم السحاب، غزير الألطاف، عزيز الأكناف، أمير الأشراف، قرة عين آل ياسين وآل عبد مناف، السيد الطاهر المعصوم، والعارف بحقائق العلوم والواقف على غوامض السر المكتوم، والمخبر بما هو آت وعما غبر ومضى، المرضي عند الله سبحانه برضاه عنه في جميع وأخذ عنه فقهاء الجمهور كثيرا.

قال ابن حجر المكي (الصواعق المحرقة: 122) :
" وكان أولاد موسى بن جعفر حين وفاته سبعة وثلاثين ذكرا وأنثى، منهم علي الرضا، وهو أنبههم ذكرا وأجلهم قدرا، ومن ثم أحله المأمون محل مهجته وأنكحه ابنته وأشركه في مملكته، وفوض إليه أمر خلافته...".

أنكر بن تيمية الحقيقة التاريخية وهي تنصيب المأمون ولي عهده، وقد مر علينا فيما ذكر آنفا أنه كان ذلك

قال كمال الدين محمد بن طلحة (مطالب السئول: 84):
"... حتى أحله الخليفة المأمون محل مهجته وأشركه في مملكته، وفوض إليه أمر خلافته وعقد له على رؤوس الأشهاد عقد نكاح ابنته... "

قال الواقدي (تذكرة خواص الأمة: 351) :
" سمع علي الحديث من أبيه وعمومته وغيرهم، وكان ثقة، يفتي بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن نيف وعشرين سنة، وهو من الطبقة الثامنة من التابعين من أهل المدينة".

قال الحاكم النيسابوري (تهذيب التهذيب 7 / 338 ، فرائد السمطين 2 / 199 ، عن تاريخ نيسابور) :
" علي بن موسى، أبو الحسن، ورد نيسابور سنة مائتين، وكان يفتي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن نيف وعشرين سنة. روى عنه من أئمة الحديث: المعلى بن منصور الرازي، وآدم بن أبي أياس العسقلاني، ومحمد بن أبي رافع القصري القشيري، ونصر بن علي الجهضمي، وغيرهم. واستشهد ب" سناباد " من طوس في رمضان سنة 203 وهو ابن تسع وأربعين سنة وستة أشهر".

قال ابن الجوزي (المنتظم 10 / 120) :
" كان يفتي في مسجد رسول الله وهو ابن نيف وعشرين سنة".

قال ابن كثير (البداية والنهاية. حوادث 203) :
" علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب، القرشي الهاشمي العلوي، الملقب بالرضا. كان المأمون قد هم أن ينزل عن الخلافة فأبى عليه ذلك، فجعله ولي العهد من بعده، كما قدمنا ذلك. توفي في صفر من هذه السنة بطوس. وقد روى الحديث عن أبيه وغيره، وعنه جماعة منهم: المأمون، وأبو الصلت الهروي، وأبو عثمان المازني النحوي...).


وكذب أيضا على الإمام عليه السلام وصرح بأن لم يأخذ أحدٌ منه العلم ولا احد روى عن الإمام عليه السلام في الكتب الستة قال:
" ولم يأخذ عنه أحد من أهل العلم بالحديث شيئا، ولا روي له حديث في الكتب الستة، وإنما يروي له أبو الصلت الهروي وأمثاله نسخا عن آبائه فيها من الأكاذيب ما قد نزه الله عنه الصادقين من غير أهل البيت فكيف بالصادقين منهم ".

قال المزي (تهذيب الكمال 21 / 148) :
" ق : علي بن موسى . . . روى عنه: أبو بكر أحمد بن الحباب بن حمزة الحميري النسابة، وأيوب بن منصور النيسابوري، ودارم بن قبيصة بن نهشل الصنعاني، وأبو أحمد داود بن سليمان بن يوسف الغازي القزويني - له عنه نسخة - وسليمان بن جعفر، وعامر بن سليمان الطائي والد أحمد بن عامر أحد الضعفاء - له عنه نسخة كبيرة - وعبد الله بن علي العلوي، وأمير المؤمنين أبو العباس عبد الله المأمون بن هارون الرشيد، وأبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي ( ق )، وعلي بن صدقة الشطي الرقي، وعلي بن علي الخزاعي الدعبلي، وعلي بن مهدي بن صدقة بن هشام القاضي - له عنه نسخة - ومحمد بن سهل بن عامر البجلي، وابنه أبو جعفر محمد بن علي بن موسى، وأبو جعفر محمد بن حيان التمار البصري، وموسى بن علي القرشي، وأبو عثمان المازني النحوي".

قال الذهبي (سير أعلام النبلاء 9 / 387) :
" وروى عنه فيما قيل: آدم بن أبي أياس - وهو أكبر منه - وأحمد بن حنبل، ومحمد بن رافع، ونصر بن علي الجهضمي، وخالد بن أحمد الذهلي الأمير".

قال الذهبي (سير أعلام النبلاء 9 / 387) :
" علي بن موسى الرضا ق، د، ت - أحد الأعلام. هو الإمام أبو الحسن بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الهاشمي، العلوي، الحسيني. روى عن أبيه وعبد الله بن أرطاة. وعنه أبو جعفر محمد، وأبو عثمان المازني، والمأمون، وعبد السلام بن صالح، ودارم بن قبيصة، وطائفة... وكان سيد بني هاشم في زمانه وأجلهم وأنبلهم. وكان المأمون يعظمه ويخضع له ويتغالى فيه ، حتى أنه جعله ولي عهده من بعده ، وكتب بذلك إلى الآفاق...).

ومن عظمة الإمام عليه السلام ما رواه ابن حجر قال الحاكم (تهذيب التهذيب 7 / 339) :
" سمعت أبا بكر محمد بن المؤمل بن الحسن ابن عيسى يقول: خرجنا مع إمام أهل الحديث أبي بكر ابن خزيمة وعديله أبي علي الثقفي مع جماعة من مشايخنا - وهم إذ ذاك متوافرون - إلى زيارة قبر علي ابن موسى الرضا بطوس، فرأيت من تعظيمه - يعني ابن خزيمة - لتلك البقعة وتواضعه لها وتضرعه عندها ما تحيرنا".

لما دخل الإمام نيسابور راكبا خرج إليه علماء البلد، وبأيديهم المحابر والدوي، وتعلقوا بلجام دابته وحلفوه أن يحدثهم بحديث عن آبائه فقال: " حدثني أبي موسى الكاظم عن أبيه. . . قال:ن أبي طالب قال: حدثني حبيبي وقرة عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حدثني جبريل قال: سمعت رب العزة يقول: لا إله إلا الله حصني فمن قالها دخل حصني وأمن من عذابي " وفي رواية: " إنه روى عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: " سألت رسول الله: ما الإيمان ؟ قال: معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان ". وعن أحمد: " إن قرأت هذا الإسناد على مجنون برئ من جنونه ". هذا، وقد كان على رأس العلماء الذين طلبوا من الإمام أن يحدثهم: أبو زرعة الرازي، ومحمد بن أسلم الطوسي، وياسين بن النضر، وأحمد بن حرب، ويحيى بن يحيى. . . وقد عد أهل المحابر والدوي الذين كانوا يكتبون فأنافوا على عشرين ألفا. فراجع:
أخبار إصبهان 1 / 138،
المنتظم في أخبار الأمم 10 / 120،
الصواعق المحرقة: 122 عن تاريخ نيسابور،
الفصول المهمة في معرفة الأئمة: 253،
جواهر العقدين




الحادي عشر: موقفه من الإمام الجواد صلوت الله وسلامه عليه

أنكر بن تيمية علم الإمام الجواد عليه السلام بل صرح بأن يحيى بن ألثم أعلم منه وما جرى بينه وبن الإمام في المناظرة التي أراد بها إعجاز الإمام عليه السلام، فقال (منهاج السنة 4 / 69):
" وأما ما ذكره فإنه من نمط ما قبله، فإن الرافضة ليس لهم عقل صريح ولا نقل صحيح، ولا يقيمون حقا ولا يهدمون باطلا، لا بحجة وبيان ولا بيد وسنان. فإنه ليس فيما ذكره ما يثبت فضيلة محمد بن علي فضلا عن ثبوت إمامته، فإن هذه الحكاية التي حكاها عن يحيى بن أكثم من الأكاذيب التي لا يفرح بها إلا الجهال، ويحيى بن أكثم كان أفقه وأعلم وأفضل من أن يطلب تعجيز شخص بأن يسأله عن محرم قتل صيد ا، فإن صغار الفقهاء يعلمون حكم هذه المسألة، فليست من دقائق العلم ولا غرائبه، ولا مما يختص به المبرزون في العلم. ثم مجرد ما ذكره ليس إلا في تقسيم أحوال القاتل، ليس فيه بيان حكم هذه الأقسام، ومجرد التقسيم لا يقتضي العلم بأحكام الأقسام"

من هو يحيى بن أكثم (الجرح والتعديل 9 / 129، سير أعلام النبلاء 12 / 5، ميزان الاعتدال 4 / 361 وغيرها) :
]هو: يحيى بن أكثم المروزي، قاضي القضاة، ترجموا له ووصفوه بالإمامة في الفقه والحديث، وذكروا أنه كان من أهل الشرب واللواطة وغير ذلك من القبائح. وأما في الحديث فعن يحيى بن معين: كان يكذب، وعن ابن راهويه: ذاك الدجال، وعن ابن الجنيد: يسرق الحديث، وعن أبي حاتم: فيه نظر. وذكروا أنه تولى ديوان الصدقات على الأضراء ولم يعطهم شيئا.[

ما هذا الدفاع عن شخص فاسق كهذا يا بن تيمية، ما هو إلا نصب وعداء لآل بيت محمد صلوات الله عليهم أجمعين.

قال الحافظ سبط ابن الجوزي (تذكرة خواص الأمة: 358) :
" فصل - في ذكره ولده محمد الجواد. . . وكان على منهاج أبيه في العلم والتقى والجود".

كان من سروات آل بيت النبوة، زوجه المأمون بابنته، وقدم على المعتصم فأكرمه وأجله، وكان من الموصوفين بالسخاء، ولذلك لقب بالجواد، وهو أحد الأئمة الاثني عشر"، فراجع
فيات الأعيان 2 / 153، 142،
المختصر في أخبار البشر،
وتتمة المختصر،
والعبر حوادث: 654،
طبقات المفسرين 2 / 382... وغيرها.

قال الذهبي (تاريخ الإسلام، حوادث 220 ص 385) :

" كان يلقب بالجواد وبالقانع وبالمرتضى. وكان من سروات آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أحد الموصوفين بالسخاء، ولذلك لقب بالجواد".

كان عليه السلام يروي الحديث عن أبيه عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان يرجع إليه في معاني الأخبار وحقائق الأحكام، وقد روى الخطيب وغيره بترجمته عدة من ذلك، فراجع
تاريخ بغداد 3 / 54،
الوافي بالوفيات 4 / 106،
الأئمة الإثنا عشر: 103.


وحكى الشيخ محمود الشيخاني القادري (الصراط السوي في مناقب آل بيت النبي - مخطوط)
أنه قد وقع لبعض الخلفاء أنه لما مرض نذر على نفسه إن وهب الله له العافية أن يتصدق بمال كثير، مبهما، فعوفي، فأحضر الفقهاء واستفتاهم عن مقدار مال كثير، فكل قال شيئا. فقال محمد الجواد: إن كنت نويت الدنانير فتصدق بثمانين دينارا، أو الدراهم فتصدق بثمانين درهما. فقال الفقهاء: ما نعرف هذا في الكتاب ولا السنة. فقال محمد الجواد: بلى قال الله تعالى: « لقد نصركم الله في مواطن كثيرة » والنصر من أقسام العافية، فعدوا وقائع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا هي ثمانون ".

وأخباره وقضاياه الدالة على تفوقه في العلم والتقى والجود كثيرة، إلا أن القوم لا يذكرون ذلك في كتبهم لئلا يعرف أئمة أهل البيت عليهم السلام وتشتهر أحوالهم ومنازلهم. . . غير أنهم يصرحون: " وله حكايات وأخبار كثيرة"، فراجع وفيات الأعيان 3 / 315.



الثاني عشر: موقفه من الإمام الهادي صلوت الله وسلامه عليه


تكذيبه وإنكاره الفتيي في نذر المتوكل قال (منهاج السنة 4 / 81):
"
وأما الفتيا التي ذكرها من أن المتوكل نذر إن عوفي يتصدق. . . فهذه الحكاية أيضا تحكى عن علي بن موسى مع المأمون، وهي دائرة بين أمرين، إما أن تكون كذبا، وإما أن تكون جهلا ممن أفتى بذلك، فإن قول القائل: له علي دراهم كثيرة، أو و الله لأعطين فلانا دراهم كثيرة، أو لأتصدقن دراهم كثيرة، لا يحمل على ثلاث وثمانين، عند أحد من علماء المسلمين، والحجة المذكورة باطلة لوجوه:
أحدها: إن قول القائل: إن المواطن كانت سبعا وعشرين غزاة وستا وخمسين سرية ليس بصحيح، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغز سبعا وعشرين غزاة باتفاق أهل العلم بالسير، بل أقل من ذلك.
الثاني: إن هذا الآية نزلت يوم حنين، و الله قد أخبر بما كان قبل ذلك، فيجب أن يكون ما تقدم قبل ذلك مواطن كثيرة. . .
الثالث: إن الله لم ينصرهم في جميع المغازي، بل يوم أحد تولوا. . .
الرابع: إنه بتقدير أن يكون المراد بالكثير في الآية ثلاثا وثمانين، فهذا لا يقتضي اختصاص هذا القدر بذلك فإن لفظ الكثير لفظ عام. . .
الخامس. . . إن القلة والكثرة أمر إضافي. . . والخليفة يحمل الكثير منه على ما لا يحمل الكثير من آحاد العامة. . .
والحكاية التي ذكرها عن المسعودي منقطعة الإسناد، وفي تاريخ المسعودي من الأكاذيب ما لا يحصيه إلا الله تعالى. . .
"

أولاً كذبه وبطلانه في قوله:
" فإن النبي لم يغز سبعا وعشرين غزاة باتفاق أهل العلم بالسير"

قال الحافظ ابن سيد الناس (عيون الأثر في المغازي والسير 1 / 223) :
" ذكر الخبر عن عدد مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعوثه: روينا عن ابن سعد قال: أنا محمد بن عمر بن واقد الأسلمي، ثنا عمر بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي، وموسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، ومحمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري، وموسى بن يعقوب بن عبد الله بن وهب بن زمعة بن الأسود، وعبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري، ويحيى بن عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري، وربيعة بن عثمان بن عبد الله بن الهدير التيمي، وإسماعيل بن إبراهيم بن أبي حبيشة الأشهلي، وعبد الحميد بن جعفر الحكمي، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، ومحمد بن صالح التمار. قال:بن سعد: وأنا رويم بن يزيد المقرئ، ثنا هارون بن أبي عيسى، عن محمد بن إسحاق. قال : وأنا حسين بن محمد ، عن أبي معشر . قالوا:نا إسماعيل بن عبد الله بن أويس المدني، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، عن عمه موسى بن عقبة، دخل حديث بعضهم في بعض. قالوا : كان عدد مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم التي غزا بنفسه سبعا وعشرين".

قال الحلبي (السيرة الحلبية 2 / 342) :
" باب ذكر مغازيه صلى الله عليه وسلم. ذكر أن مغازيه، أي: وهي التي غزا فيها بنفسه كانت سبعا وعشرين..."

قال القسطلاني (المواهب اللدنية 3 / 112) :
" فجمع سراياه وبعوثه نحو ستين ومعازيه سبع وعشرون".

وهاك ما جاء في الشرح للسيد على الميلاني حفظه الله :
وأما عن الثالث فوجوه:
1 - هذا الخبر رواه غير المسعودي من العلماء والمؤرخين ، ممن لا يتهمهم هذا الرجل

2 - وفي ( مروج الذهب ) أكاذيب ، كغيره من كتب التاريخ والحديث ، حتى الموصوفة بالصحة والمشهورة بالاعتماد ، لكن هذا الخبر رواه غير المسعودي أيضا ، مضافا إلى القرائن الدالة على صحته، وقد وجدت الأبيات في كتاب ( عيون الأخبار ) لابن قتيبة ، المتوفى سنة 276 ، أي قبل المسعودي بعشرات السنين ، قال : " بلغني على قبر بالشام " .. ( عيون الأخبار 4 / 303 كتاب الزهد ).

ترجمة المسعودي:
3 - وقد ترجم الأكابر المسعودي وأثنوا عليه. ياقوت : " علي بن الحسين بن علي المسعودي المؤرخ ، أبو الحسن ، من ولد عبد الله بن مسعود صاحب النبي . . . بغدادي الأصل. . . وله من الكتب: كتاب مروج الذهب ومعادن الجواهر. . . (الذهبي: الأدباء 13 / 90 ).

الذهبي : " المسعودي ، صاحب مروج الذهب وغيره من التواريخ . . . وكان أخباريا صاحب ملح وغرائب وعجائب وفنون، وكان معتزليا. أخذ عن أبي خليفة الجمحي ونفطويه وعدة. مات في جمادى الآخرة سنة 345 " ( سير أعلام النبلاء 15 / 569 ).

وذكره في وفيات السنة المذكورة في ( تذكرة الحافظ ) و ( العبر ) كذلك ( تذكرة الحفاظ 3 / 857، العبر 2 / 71 ).

الكتبي: " المسعودي صاحب التاريخ. . . وكان أخباريا علامة صاحب غرائب وملح ونوادر. مات سنة 346 " ( فوات الوفيات 3 / 12 ).

وكتاب.كان الرجل فقيها مفتيا، عداده في فقهاء الشافعية، فقد أورده السبكي في ( طبقاته ) قائلا: " علي بن الحسين بن علي المسعودي صاحب التواريخ: كتاب ( مروج الذهب ) في أخبار الدنيا. وكتاب . . . وكان أخباريا مفتيا علامة صاحب ملح وغرائب، سمع من. . . وقيل: إنه كان معتزلي العقيدة مات سنة 45 أو 346. وهو الذي علق عن أبي العباس ابن سريج ( رسالة البيان عن أصول الأحكام ) وهذه الرسالة عندي نحو 15 ورقة، ذكر المسعودي في أولها أنه حضر مجلس لعيادة أبي العباس، في علته التي مات بها سنة 306، وقد حضر المجلس لعيادة أبي العباس جماعة من حذاق الشافعيين والمالكيين والكوفيين والداوديين وغيرهم من أصناف المخالفين، فبينما أبو العباس يكلم رجلا من المالكيين، إذ دخل عليه رجل معه كتاب مختوم، فدفعه إلى القاضي أبي العباس فقراه على الجماعة، فإذا هو من جماعة الفقهاء المقيمين ببلاد الشاش يعلمونه أن الناس في ناحيتهم أرض الشاش وفرغانة مختلفون في أصول فقهاء الأمصار ممن لهم الكتب المصنفة والفتيا، ويسألونه رسالة يذكر فيها أصول الشافعي ومالك وسفيان الثوري وأبي حنيفة وصاحبيه وداود بن علي الأصبهاني، وأن يكون ذلك بكلام واضح يفهمه العامي. فكتب القاضي هذه الرسالة، ثم أملى فيما ذكر المسعودي عليهم بعضها وعجز لضعفه عن إملاء الباقي، فقرئ عليه والمسعودي يسمع " ( طبقات الشافعية الكبرى 3 / 456 ).

5 - فهذه ترجمة المسعودي. . . وذكر كتابه ( مروج الذهب ). . . على لسان هؤلاء الأكابر، وأنت لا تجد فيها مطعنا فيه ولا في كتابه. . . بل إنه فقيه شافعي، غلب عليه التاريخ وذكر أخبار الناس. . . ومع كل هذا. . . فقد أورده الحافظ ابن حجر في ( لسان الميزان ) لا لعيب فيه، وإنما لاشتمال كتبه على فضائل لعلي وأهل البيت ! ! قال: " وكتبه طافحة بأنه كان شيعيا معتزليا، حتى أنه قال في حق ابن عمر أنه امتنع من بيعة علي بن أبي طالب ثم بايع بعد ذلك يزيد بن معاوية والحجاج لعبد الملك بن مروان. وله من ذلك أشياء كثيرة. ومن كلامه في حق علي ما نصه: الأشياء التي استحق بها الصحابة التفضيل: السبق إلى الإيمان، والهجرة مع النبي صلى الله عليه وسلم والنصر له، والقرابة منه، وبذل النفس دونه، والعلم، والقناعة، والجهاد، والورع، والزهد، والقضاء، والفتيا. وإن لعلي من ذلك الحظ الأوفر والنصيب الأكبر ، إلى ما ينضم إلى ذلك من خصائصه بآخرته ، وبأنه أحب الخلق ، إلى غير ذلك " ، انتهى ( لسان الميزان 4 / 224 )

. أقول: لم يذكره بكذب ولا ضعف ولا تدليس . . . ونحو ذلك. . . بل غاية الأمر أن يكون من القائلين بتقدم علي عليه السلام على الصحابة، وهذا قول كثير من الصحابة والتابعين وسائر المسلمين.

6 - وبما ذكرنا ظهر الوجه والسبب في تكلم ابن تيمية في كتاب ( مروج الذهب ). . . فيظهر أن فيه وغيره من كتب المسعودي ما ليس على هوى هذا الرجل. . . وقد عرفناه بالتسرع في الطعن في الشخص إذا أحس منه أقل ميل إلى أهل البيت !


ونذكر شيئا من أقوال علماء أهل السنة في حق الإمام الهادي عليه السلام:

قال سبط ابن الجوزي ( تذكرة خواص الأمة 359) :
" وإنما نسب إلى العسكري، لأن جعفر المتوكل أشخصه من المدينة إلى بغداد، إلى سر من رأى، فأقام بها عشرين سنة وتسعة أشهر، ويلقب بالمتوكل والنقي".

قال اليافعي ( مرآة الجنان 2 / 160) :
" كان الإمام علي الهادي متعبدا فقيها إماما".

وبمثله قال ابن العماد الحنبلي ( شذرات الذهب 2 / 128 )

وقال ابن كثير ( البداية والنهاية 11 / 15 ):
" كان عابدا زاهدا ".

قال القطب الراوندي ( الأنوار البهية: 246 ):
وأما علي بن محمد الهادي ( عليه السلام )، فقد اجتمعت فيه خصال الإمامة، وتكامل فضله وعلمه وخصاله الخيرة، وكانت أخلاقه كلها خارقة للعادة كأخلاق آبائه ( عليهم السلام ).

قال ابن حجر الهيتمي ( الصواعق المحرقة: 207 ):
كان - علي العسكري - وارث أبيه علما وسخاء.

قال ابن شهرآشوب ( المناقب 4: 401 ):
كان الإمام - أبو الحسن الهادي ( عليه السلام ) - أطيب الناس بهجة، وأصدقهم لهجة، وأملحهم من قريب، وأكملهم من بعيد، إذا صمت علته هيبة الوقار، وإذا تكلم سماه البهاء، وهو من بيت الرسالة والإمامة، ومقر الوصية والخلافة، شعبة من دوحة النبوة منتضاة مرتضاة، وثمرة من شجرة الرسالة مجتناة مجتباة.

قال ابن شهرآشوب ( مناقب ابن شهرآشوب: 409 ):
دخل أبو عمرو عثمان بن سعيد، وأحمد بن إسحاق الأشعري، وعلي بن جعفر الهمداني على أبي الحسن العسكري، فشكا إليه أحمد ابن إسحاق دينا عليه، فقال: يا أبا عمرو - وكان وكيله - ادفع إليه ثلاثين ألف دينار، وإلى علي بن جعفر ثلاثين ألف دينار، وخذ أنت ثلاثين ألف دينار، فهذه معجزة لا يقدر عليها إلا الملوك، وما سمعنا بمثل هذا العطاء.

وروى علي بن عيسى الإربلي عن كمال الدين بن طلحة الشافعي، قال ( كشف الغمة 3: 166، الإتحاف بحب الأشراف: 67 – 68 ):
إن أبا الحسن ( عليه السلام ) كان يوما قد خرج من سر من رأى إلى قرية لمهم عرض له، فجاء رجل من الأعراب يطلبه، فقيل له: قد ذهب إلى الموضع الفلاني، فقصده، فلما وصل إليه قال له: ما حاجتك ؟ فقال : أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسكين بولاء جدك علي بن أبي طالب ، وقد ركبني دين فادح أثقلني حمله ، ولم أر من أقصده لقضائه سواك . فقال له أبو الحسن ( عليه السلام ) : طب نفسا وقر عينا ، ثم أنزله ، فلما أصبح ذلك اليوم قال له أبو الحسن ( عليه السلام ) : أريد منك حاجة ، الله الله أن تخالفني فيها . فقال:لأعرابي: لا أخالفك، فكتب أبو الحسن ( عليه السلام ) ورقة بخطه معترفا فيها أن عليه للأعرابي مالا عينه فيها يرجح على دينه، وقال: خذ هذا الخط، فإذا وصلت إلى سر من رأى احضر إلي وعندي جماعة فطالبني به، وأغلظ القول علي في ترك إيفائك إياه، الله الله في مخالفتي ! فقال : أفعل ، وأخذ الخط . فلما وصل أبو الحسن إلى سر من رأى وحضر عنده جماعة كثيرون من أصحاب الخليفة وغيرهم، حضر ذلك الرجل وأخرج الخط وطالبه، وقال كما أوصاه، فألان أبو الحسن ( عليه السلام ) له القول ورققه، وجعل يعتذر إليه، ووعده بوفائه وطيب نفسه، فنقل ذلك إلى الخليفة المتوكل، فأمر أن يحمل إلى أبي الحسن ثلاثون ألف درهم، فلما حملت إليه تركها إلى أن جاء الرجل، فقال: خذ هذا المال فاقض منه دينك، وأنفق الباقي على عيالك وأهلك، واعذرنا. فقال له الأعرابي: يا بن رسول الله، و الله إن أملي كان يقصر عن ثلث هذا، ولكن الله أعلم حيث يجعل رسالاته. وأخذ المال وانصرف، وهذه منقبة من سمعها حكم له بمكارم الأخلاق، وقضى له بالمنقبة المحكوم بشرفها بالاتفاق.

وروى الطبري عن أبي عبد الله القمي، قال (دلائل الإمامة/ 418، نوادر المعجزات 5/186 ):
قال: ابن عياش، قال: حدثني أبو طالب عبيد الله بن أحمد، قال: حدثني مقبل الديلمي، قال: كنت جالسا على بابنا بسر من رأى، ومولانا أبو الحسن ( عليه السلام ) راكب لدار المتوكل الخليفة، فجاء فتح القلانسي، وكانت له خدمة لأبي الحسن ( عليه السلام )، فجلس إلى جانبي، وقال: إن لي على مولانا أربعمائة درهم، فلو أعطانيها لانتفعت بها. قال: قلت له: ما كنت صانعا بها ؟ قال: كنت أشتري منها بمائتي درهم خرقا تكون في يدي، أعمل منها قلانس، وأشتري بمائتي درهم تمرا فأنبذه نبيذا. قال: فلما قال لي ذلك أعرضت عنه بوجهي، فلم أكلمه لما ذكر، وأمسكت، وأقبل أبو الحسن ( عليه السلام ) على أثر هذا الكلام، ولم يسمع هذا الكلام أحد ولا حضره، فلما أبصرت به قمت إجلالا له، فأقبل حتى نزل بدابته في دار الدواب، وهو مقطب الوجه، أعرف الغضب في وجهه، فحين نزل عن دابته دعاني، فقال: يا مقبل، ادخل فأخرج أربعمائة درهم، وادفعها إلى فتح هذا الملعون، وقل له: هذا حقك فخذه واشتر منه خرقا بمائتي درهم، واتق الله فيما أردت أن تفعله بالمائتي درهم الباقية. فأخرجت الأربعمائة درهم فدفعتها إليه وحدثته القصة فبكى، وقال: و الله، لا شربت نبيذا ولا مسكرا أبدا، وصاحبك يعلم ما نعمل.


الثالث عشر: موقفه من الإمام الحسن العسكري صلوات الله وسلامه عليه

ولازال بن تيمية مصراً في غيه قائما على نصبه العداء لآل بيت محمد صلوات الله عليهم، فهاهو يكذب مرة أخرى على الإمام الحسن العسكري عليه السلام مدعيا أنه لم يروى عنه فقال (منهاج السنة 4 / 85 - 86):
" فهذا من نمط ما قبله، من الدعاوى المجردة والأكاذيب البينة، فإن العلماء المعروفين بالرواية الذين كانوا في زمن هذا الحسن بن علي العسكري ليست لهم عنه رواية مشهورة في كتب أهل العلم، وشيوخ أهل الكتب الستة: البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، كانوا موجودين في ذلك الزمان وقريبا منه، قبله وبعده. . . فليس في هؤلاء من روى عن الحسن... ".

لم ينكر بن تيمية على سادته الخفاء الثلاثة عدم كثرة الرواية عنهم:

قال السيوطي معللاً قلة الرواية عنهم (الإتقان في علوم القرآن 4 / 233) :
" أما الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم: علي بن أبي طالب والرواية عن الثلاثة نزرة جدا، وكأن السبب في ذلك تقدم وفاتهم، كما أن ذلك هو السبب في قلة رواية أبي بكر للحديث، ولا أحفظ عن أبي بكر في التفسير إلا آثارا قليلة لا تكاد تتجاوز العشرة، وأما علي فروي عنه الكثير...).

كون الإمام عليه السلام تحت الرقابة والإقامة الجبرية بالإضافة إلى قصر عمره الشريف، أمرٌ كافٍ لعدم الرواية عنه عيه السلام، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كونه عليه السلام سكن المدينة المنورة وسامراء وهم بعيدا عن هذه وتلك، هو سببا كاف لعدم روايتهم عنه، ومع كل هذا فقد روت عن العامة الكثير.

قال تعالى في كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم:
« يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون »....التوبة/32.
وقال تعالى
« يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم و الله متم نوره ولو كره الكافرون »...الصف/8.

فهذه أقول أئمة أهل السنة في حقه عليه السلام:

قال الحافظ أبو نعيم (حلية الأولياء 3 / 203) :
" أشهد ب الله وأشهد لله، لقد حدثني القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد القزويني ببغداد، قال: أشهد ب الله وأشهد لله، لقد حدثني محمد بن أحمد بن عبد الله بن قضاعة قال: أشهد ب الله وأشهد لله، لقد حدثني القاسم بن العلاء الهمداني، قال: أشهد ب الله وأشهد لله، لقد حدثني الحسن بن علي بن محمد بن الرضا، قال: أشهد ب الله وأشهد لله، لقد حدثني أبي علي بن محمد، قال: أشهد ب الله وأشهد لله، لقد حدثني أبي محمد بن علي قال: أشهد ب الله وأشهد لله قد حدثني أبي علي بن موسى قال: أشهد ب الله وأشهد لله، لقد حدثني أبي موسى بن جعفر قال: أشهد ب الله وأشهد لله، لقد حدثني أبي جعفر ابن محمد قال: أشهد ب الله وأشهد لله، لقد حدثني أبي محمد بن علي قال: أشهد ب الله وأشهد لله، لقد حدثني أبي علي بن الحسين قال: أشهد ب الله وأشهد لله، لقد حدثني أبي الحسين بن علي قال: أشهد ب الله وأشهد لله، لقد حدثني أبي علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنهم - قال: أشهد ب الله وأشهد لله، لقد حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أشهد ب الله وأشهد لله، لقد قال لي جبريل عليه السلام يا محمد، إن مدمن الخمر كعابد الأوثان. هذا حديث صحيح ثابت، روته العترة الطيبة، ولم نكتبه على هذا الشرط بالشهادة ب الله ولله إلا عن هذا الشيخ ".

قال الحافظ سبط ابن الجوزي (مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي - مخلوط، تذكرة خواص الأمة: 362) :
" وكان عالما ثقة. روى الحديث عن أبيه عن جده. ومن جملة مسانيده حديث في الخمر عزيز، ذكره جدي أبو الفرج في كتابه المسمى ب( تحريم الخمر ) ونقلته من خطه وسمعته يقول: أشهد ب الله لقد سمعت أبا عبد الله الحسين بن علي يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت عبد الله بن عطا الهروي يقول أشهد ب الله لقد سمعت عبد الرحمن بن أبي عبيد البيهقي يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت أبا عبد الله الحسين بن محمد الدينوري يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت محمد بن علي بن الحسين العلوي يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت أحمد بن عبيد الله السبيعي [ الشيعي ] يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت الحسن بن علي العسكري يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت أبي علي بن محمد يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت أبي محمد بن علي بن موسى الرضا يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت أبي علي بن موسى يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت أبي موسى يقول: أشهد ب الله لقد سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت أبي محمد بن علي يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت أبي علي بن الحسين يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت أبي الحسين بن علي يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت أبي علي بن أبي طالب يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت جبرائيل يقول: أشهد ب الله لقد سمعت ميكائيل يقول: أشهد ب الله، لقد سمعت إسرافيل يقول: أشهد ب الله على اللوح المحفوظ أنه قال: سمعت الله يقول: شارب الخمر كعابد وثن. ولما روى جدي هذا الحديث في كتاب ( تحريم الخمر ) قال، قال أبو نعيم الفضل بن ذكين: هذا حديث صحيح ثابت، روته العترة الطيبة الطاهرة، ورواه جماعة عن رسول الله...)

قال الحافظ ابن حجر (لسان الميزان 1 / 209، صرح ابن حجر في لسان الميزان 1 / 4) :
" ذيل ميزان الإعتدال - أحمد بن عبد الله الشيعي - حدث عن الحسن بن علي العسكري . ثم ذكر بسند له مسلسل ب" أشهد ب الله " إلى أن وصل إلى محمد بن علي بن الحسين بن علي قال: أشهد ب الله، لقد حدثني أحمد بن عبد الله الشيعي البغدادي قال: أشهد ب الله، لقد حدثني الحسن بن علي العسكري قال: أشهد ب الله، لقد حدثني أبي علي بن محمد، أشهد ب الله، لقد حدثني أبي محمد بن علي موسى الرضا. فذكره مسلسلا بآباء علي بن موسى إلى علي قال: أشهد ب الله...".

قال الحافظ عبد العزيز الجنابذي عن رجاله، عن الحافظ البلاذري: " حدثنا الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى إمام عصره عند الإمامية، بمكة، قال: حدثني أبي علي بن محمد المفتي، قال: حدثني أبي محمد بن علي السيد المحجوب، قال حدثني أبي علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى ابن جعفر المرتضى، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد الصادق، قال: حدثني أبي محمد بن علي الباقر قال: حدثني أبي علي بن الحسين السجاد زين العابدين قال: حدثني أبي الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة قال: حدثني أبي علي ابن أبي طالب سيد الأوصياء قال: حدثني محمد بن عبد الله سيد الأنبياء قال: حدثني جبرئيل سيد الملائكة قال قال الله عز وجل سيد السادات: إني أنا الله لا إله إلا أنا، فمن أقر لي بالتوحيد دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي "

]
معالم العترة النبوية للحافظ عبد العزيز بن محمود المعروف بابن الأخضر الجنابذي المتوفى سنة: 611 وصفه الذهبي بالإمام العالم المحدث الحافظ المعمر مفيد العراق ، كان ثقة فهما خيرا دينا عفيفا ، وكذا عن غيره. سير أعلام النبلاء 22 / 31. نقله عنه: العلامة الوزير علي بن عيسى الإربلي المتوفى سنة 693 والمترجم له في الشذرات والوافي بالوفيات وغيرهما في كتاب: كشف الغمة في معرفة الأئمة 2 / 403
[

وروى غير واحد أنه وقع في سر من رأى في زمن المعتمد قحط شديد والإمام في السجن، فأمر المعتمد بخروج الناس إلى الاستسقاء، فخرجوا ثلاثة أيام يستسقون فلم يسقوا، فخرج الجاثليق في اليوم الرابع إلى الصحراء وخرج معه النصارى والرهبان، وكان فيهم راهب كلما مد يده إلى السماء هطلت بالمطر، ثم خرجوا في الثاني وفعلوا كفعلهم أول يوم، فهطلت السماء بالمطر. فعجب الناس من ذلك، وداخل بعضهم الشك، وصبا بعضهم إلى دين النصرانية، فشق ذلك على المعتمد، فأنفذ صالح بن يوسف أن أخرج أبا محمد الحسن من الحبس وائتني به. قال:حضر أبو محمد الحسن عند المعتمد قال له: أدرك أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيما لحقهم من هذه النازلة العظيمة، فقال أبو محمد: مرهم يخرجون غدا اليوم الثالث، فقال له: قد استغنى الناس عن المطر واستكفوا فما فائدة خروجهم ؟ قال: لأزيل الشك عن الناس وما وقعوا فيه. فأمر الخليفة الجاثليق والرهبان أن يخرجوا أيضا في اليوم الثالث على جاري عادتهم وأن يخرج الناس. فخرج النصارى وخرج معهم أبو محمد الحسن ومعه خلق من المسلمين، فوقف النصارى على جاري عادتهم يستسقون، وخرج راهب معهم ومد يده إلى السماء ورفعت النصارى على جاري عادتهم يستسقون، وخرج راهب معهم ومد يده إلى السماء ورفعت النصارى والرهبان أيديهم أيضا كعادتهم، فغميت السماء في الوقت ونزل المطر. فأمر أبو محمد الحسن بالقبض على يد الراهب وأخذ ما فيها، فإذا بين أصابعه عظم آدمي. فأخذه أبو محمد الحسن ولفه في خرقة وقال لهم: استسقوا. فانقشع الغيم وطلعت الشمس، فتعجب الناس من ذلك. فقال الخليفة: ما هذا يا أبا محمد ؟ فقال: هذا عظم نبي الأنبياء، ظفر به هؤلاء من قبور الأنبياء، وما كشف عن عظم نبي من الأنبياء تحت السماء إلا هطلت بالمطر. فاستحسنوا ذلك وامتحنوه فوجدوه كما قال. فرجع أبو محمد إلى داره بسر من رأى، وقد أزال عن الناس هذه الشهبة، وسر الخليفة والمسلمون بذلك. وكلم أبو محمد الحسن الخليفة في إخراج أصحابه الذين كانوا معه في السجن، فأخرجهم وأطلقهم من أجله "....فراجع:
الفصول المهمة: 286،
نور الأبصار: 339،
الصواعق المحرقة: 124،
أخبار الدول: 117.


فقلت:إمام عبد الله بن أسعد اليافعي عن بهلول قال: " بينما ذات يوم في بعض شوارع المدينة وإذا بالصبيان يلعبون بالجوز واللوز، وإذا بصبي ينظر إليهم ويبكي. فقلت : هذا صبي يتحسر على ما في أيدي الصبيان ولا شئ معه . فقلت: أي بني موقال:ك ؟ اشتر لك ما تلعب به ؟ ففقلت:ره إلي وقال: يا قليل العقل ما للعب خلقنا. فقلت: فلم إذا خلقنا ؟ قلت:للعلم والعبادة. قلت : من أين لم ذاك بارك الله فيك ؟ فقلت: قول الله تعالى ( أفحسبتم خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ). فقلت : يا بني ، أراك حكيما ، فعظني وأوجز ، فأنشأ
يقول:
أرى الدنيا تجهز بانطلاق * مشمرة على قدم وساق ( الأبيات ).

ثم رمق إلى السماء بعينيه وأشار بكفيه ودموعه تتحدر على خديه وأشار بقوله. . . فلما أتم كلامه خر مغشيا عليه، فرفعت رأسه إلى حجري ونفضت التراب عن وجهه أفاق. . . فقلت له: أي نبي أراك حكيما فعظني، فأنشأ يقول: غفلت وحادي الموت في أثرى يحدو وإن لم أرح يوما فلا بد أن أغدو ( الأبيات ) قال بهلول: فلما فرغ من كلامه وقعت مغشيا علي وانصرف الصبي. فلما أفقت ونظرت إلى الصبيان فلم أره معهم فقلت لهم: من يكون ذلك الغلام ؟ قالوا: وما عرفته ؟ قال:لا، قالوا ذاك من أولاد الحسين بن علي بن أبي طالب. قال : فقلت : قد عجبت من أمره ، وما تكون هذه الثمرة إلا من تلك الشجرة ".... فراجع:
روض الرياحين في حكايات الصالحين،
جمع فيه خمسمائة حكاية.
كشف الظنون 1 / 918،
جواهر العقدين - ق 2 ج 2 / 431،
الصواعق المحرقة: 124،
وسيلة المال - مخطوط،
نور الأبصار: 338 عن درر الأصداف،
جوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام: 155،
دائرة المعارف للبستاني 7 / 45

قال الحافظ سبط ابن الجوزي (مرآة الزمان 6 / الورقة 192) :

" روى الحسن النصيبي قال: خطر في قلبي عرق ليلا، هل طاهر ؟ فأتيت إلى باب أبي محمد الحسن لأسأله وكان ليلا، فنمت، طلع الفجر خرج من داره فرآني نائما فأيقظني وقال: إن كان حلالا فنعم، وإن كان من حرام فلا "

] و "الحسن النصيبي" ترجم له ابن حجر قال: من ذرية إسحاق بن جعفر الصادق ، أبو المفضل الشيباني في وجوه الشيعة وقال: سمعت عليه حديثا كثيرا ، وله تصنيف في طرق حديث الغدير ، وروى عن محمد بن علي بن حمزة وغيره " انتهى كلامه في كتاب لسان الميزان 2 / 191[

روى ابن الصباغ المالكي بسنده عن عيسى بن الفتح قال (الفصول المهمة في معرفة الأئمة: 288) :
" لما دخل علينا أبو محمد السجن قال لي: يا عيسى لك من العمر خمس وستون سنة وشهر ويومان، قال: وكان معي كتاب فيه تاريخ ولادتي، فنظرت فيه فكان كما قال. ثم قال لي: هل رزقت ولدا ؟ فقلت : لا . قال : الله م ارزقه ولدا يكون له عضدا فنعم العضد الولد . فقال:د: من كان ذا عضد يدرك ظلامته * إن الذليل الذي ليست له عضد فقلت له: يا سيدي، وأنت لك ولد ؟ فقال: و الله سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطا وعدلا، وأما الآن فلا. ثم أنشد متمثلا: لعلك يوما أن تراني كأنما * بني حوالي الأسود اللوابد فإن تميما قبل أن يلد الحصى * أقام زمانا وهو في الناس واحد "

روى ابن صباغ المالكي (الفصول المهمة في معرفة الأئمة: 286) :
عن إسماعيل بن محمد بن علي بن إسماعيل ابن علي بن عبد الله بن العباس قال: " قعدت لأبي محمد الحسن على باب داره حتى خرج، فقمت في وجهه وشكوت إليه الحاجة والضرورة، وأقسمت أني لا أملك الدرهم فما فوقه، فقال: تقسم وقد دفنت مائتي دينار ! وليس قولي هذا دفعا لك عن العطية، أعطه يا غلام ما معك. فأعطاني مائة دينار، شكرت له تعالى ووليت فقال: ما أخوفني أن تفقد المائتي دينار أحوج ما تكون إليها. فذهبت إليها فافتقدتها فإذا هي في مكانها، فنقلتها إلى موضع آخر ودفنتها من حيث لا يطلع أحد، ثم قعدت مدة طويلة، فاضطررت إليها، فجئت أطلبها في مكانها فلم أجدها، فجئت وشق ذلك علي، فوجدت ابنا لي قد عرف مكانها وأخذها وأبعدها. ولم يحصل لي شئ. فكان كما قال".

روى ابن الصباغ المالكي (الفصول المهمة في معرفة الأئمة: 285) :
عن محمد بن حمزة الدوري قال: " كتبت على يدي أبي هاشم داود بن القاسم - كان لي مؤاخيا - إلى أبي محمد الحسن أسأله أن يدعوا الله لي بالغنى، وكنت قد بلغت وقلت ذات يدي وخفت الفضيحة. فخرج الجواب على يده: أبشر، فقد أتاك الغنى عن الله تعالى، مات ابن عمك يحيى بن حمزة وخلف مائة ألف درهم ولم يترك وارثا سواك وهي واردة عليك. عليك بالاقتصاد وإياك والإسراف. فورد علي المال والخبر بموت ابن عمي كما قال عن أيام قلائل وزال عني الفقر...)

قال ابن الصباغ (الفصول المهمة في معرفة الأئمة: 290) :
" مناقب سيدنا أبي محمد الحسن العسكري دالة على أنه السري ابن السري، فلا يشك في إمامته أحد ولا يمتري، واعلم أنه لو بيعت مكرمة فسواه بايعها وهو المشتري، واحد زمانه من غير مدافع ونسيج وحده من غير منازع، وسيد أهل عصره وإمام أهل دهره، أقواله سديدة وأفعاله حميدة، وإذا كانت أفاضل زمانه قصيدة فهو في بيت القصيدة، وإن انتظموا عقدا كان مكان الواسطة الفريدة، فارس العلوم الذي لا يجارى، ومبين غوامضها فلا يحاول ولا يمارى، كاشف الحقائق بنظره الصائب، مظهر الدقائق بفكره الثاقب، المحدث في سره بالأمور الخفيات، الكريم الأصل والنفس والذات"

قال الحضرمي الشافعي (وسيلة المآل في عد مناقب الآل – مخطوط) :
" كان عظيم الشأن، جليل المقدار، وقد زعمت الشيعة الرافضة أنه والد المهدي المنتظر....)

قال أبو سالم محمد بن طلحة الشافعي (مطالب السئول في مناقب آل الرسول: 244) :
" إن المنقبة العليا والمزية الكبرى التي خصه الله جل وعلا بها فقلدها فريدها ومنح تقليدها، وجعلها صفة دائمة لا يبلي الدهر جديدها، ولا تنسى الألسن تلاوتها وترديدها: أن المهدي محمدا نسله المخلوق منه وولده المنتسب إليه والبعضة المنفصلة عنه. . . وحسب ذلك منقبة وكفاه ".


الرابع عشر: موقفه من الإمام محمد بن الحسن العسكري صلوات الله وسلامه عليهما وصاحب العصر والزمان ارواحنا لتراب مقدمه الفداء

الإمام الذي بشرته به الكتب السابقة وبشر به الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله والذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملأت ظلماً وجوراً، لم يسلم من إساءة هذا الرجل الحاقد الناصب العداء لهم، حتى قال بأن لا مصلحة ولطف يحصل به عليه السلام(منهاج السنة 1 / 100 - 101):
قال:
" وأي من فرض إماما نافعا في بعض مصالح الدين والدنيا، كان خيرا ممن لا ينتفع به في شئ من مصالح الإمامية. . . فهل يكون أبعد عن مقصود الإمامة وعن الخير والكرامة ممن سلك منهاج الندامة ؟ "

وقال أيضاً (منهاج السنة 1 / 133):
" وهذا المنتظر لم ينتفع به لا مؤمن به ولا كافر به "

وزاد في ذلك فشمل كلامه أمير المؤمنين علي عليه السلام والحسنان عليهما السلام فقال (منهاج السنة 3 / 378):
" ومن المعلوم المتيقن: أن هذا المنتظر الغائب المفقود لم يحصل به شئ من المصلحة واللطف، سواء كان ميتا كما يقوله الجمهور، أو كان حيا كما تظنه الإمامية، وكذلك أجداده المتقدمون لم يحصل بهم شئ من المصلحة واللطف الحاصلة من إمام معصوم ذي سلطان... ".

لم يكفه ذلك بل قال صريحا بأن الفاجر الذي يتولى الأمور خيرٌ منه وكذلك المدعون للمهدوية، فقال (منهاج السنة 1 / 548):
" وكل من تولى كان خيرا من المعدوم المنتظر الذي تقول الرافضة إنه الخلف الحجة... "

قال (منهاج السنة 8 / 258 - 259):
" إن طوائف ادعى كل منهم أنه المهدي المبشر به، مثل مهدي القرامطة الباطنية. . . وممن ادعى أنه المهدي، ابن التومرت. . . ومثل عدة آخرين. . . وبكل حال، فهو وأمثاله خير من مهدي الرافضة الذي ليس له عين ولا أثر... ".

وقال أيضا أن غيبته حصل منها الفساد بما لا يحصيه إلا الله فقال (منهاج السنة 8 / 259):
" بل حصل باعتقاد وجوده من الشر والفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد ".

لا سبيل إليه فالإيمان به تكليف بما لا يطاق قال (منهاج السنة 1 / 87 - 88) :
" وأيضا: فصاحب الزمان الذي يدعون إليه، لا سبيل للناس إلى معرفته ولا معرفة ما يأمرهم به وما ينهاهم عنه وما يخبرهم به، فإن كان أحد لا يصير سعيدا إلا بطاعة هذا الذي لا يعرف أمره ولا نهيه، لزم أن لا يتمكن أحد من طريق النجاة والسعادة وطاعة الله، وهذا من أعظم تكليف ما لا يطاق، وهم من أعظم الناس إحالة له. قيل:يل: بل هو يأمر بما عليه الإمامية. قيل : فلا حاجة إلى وجوده وشهوده ، فإن هذا معروف سواء كان هو حيا أو ميتا ، وسواء كان شاهدا أو غائبا . . . لكن الرافضة من أجهل الناس، وذلك أن فعل الواجبات العقلية والشرعية، وترك المستقبحات العقلية والشرعية، إما أن يكون موقوفا على معرفة ما يأمر به وينهى عنه هذا المنتظر، وإما أن لا يكون موقوفا، فإن كان موقوفا لزم تكليف ما لا يطاق، وأن يكون فعل الواجبات وترك المحرمات موقوفا على شرط لا يقدر عليه عامة الناس بل ولا أحد منهم، فإنه ليس في الأرض من يدعي دعوى صادقة أنه رأى هذا المنتظر أو سمع كلامه. وإن لم يكن موقوفا على ذلك أمكن فعل الواجبات العقلية والشرعية وترك القبائح العقلية والشرعية بدون هذا المنتظر، فلا يحتاج إليه ولا يجب وجوده ولا شهوده. . . ".

القول بوجوب إتباعه غاية الجهل والضلال قال (منهاج السنة 1 / 89 - 90) :
" وقد رأيت طائفة من شيوخ الرافضة كابن العود الحلي يقول: إذا اختلفت الإمامية على قولين أحدهما يعرف قائله والآخر لا يعرف قائله، كان القول الذي لا يعرف قائله هو القول الحق الذي يجب إتباعه، لأن المنتظر المعصوم في تلك الطائفة. وهذا غاية الجهل والضلال، فإنه - بتقدير وجود المنتظر المعصوم - لا يعلم أنه قال ذلك القول، إذ لم ينقله عنه أحد ولا عمن نقله عنه، فمن أين يجزم بأنه قوله ؟ . . . فكان أصل دين هؤلاء الرافضة مبنيا على مجهول ومعدوم... ".

من الوضوح الذي لا يُشك فيه أن هذا الرجل يجهل -أو يتجاهل معنى الإمامة- فمقامها مقام النبوة، فغياب النبي صلى الله عليه وآله عن الدنيا لم يحبس اللطف الإلهي عنا، فكذلك الإمامة.
فالشيعة ينتفعون بالإمام صاحب الزمان لكن النواصب «في قلوبهم مرض»
قال تعالى «إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فان الله عزيز حكيم»....الأنفال/49.

بلى، الإنتفاع بالإمام عليه السلام في غيبته من الأمور الضرورية وذلك لورود الأحاديث الشريفة عن الرسول صلى الله عليه وآله وعن أئمة العترة الطاهرة عليهم السلام، فوجود الإمام عليه السلام أمان لأهل الأرض ولو كان محجوباً عن الأبصار:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " أهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض ".. فراجع
ذخائر العقبى ( ص 17 )
كنز العمال 6 / 116
مجمع الزوائد 9 / 174
فيض القدير 6 / 297
لفظ الحديث " النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي " .
وفي مستدرك الصحيحين 3 / 458 إن النبي ( ص ) خرج ذات ليلة ، وقد أخر صلاة العشاء حتى ذهب من الليل هنيهة أو ساعة والناس ينتظرون في المسجد ، فقال : ما تنظرون ؟ فقالوا : ننتظر الصلاة ، فقال : إنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها ، ثم قال : " أما أنها صلاة لم يصلها أحد ممن كان قبلكم من الأمم ، ثم رفع رأسه إلى السماء فقال : النجوم أمان لأهل السماء فإن طمست النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون " ، إلى أن قال : ( وأهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي أتى أمتي ما يوعدون )

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " لا يزال هذا الدين قائما إلى اثني عشر أميرا من قريش فإذا مضوا ساخت الأرض بأهلها . . " (منتخب الأرض ( ص 27 ) نقلا عن كشف الأستار) .

قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : " اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله...".

ولكن فليسأل أحدهم، لم هو غائب عن الأبصار؟ من هو المتسبب في ذلك؟

عدم صلاحية المسلمين وكثرة الفساد وإفشاءه بالشكل الذي نرى في صفوفهم هو السبب، ولو كانوا صالحين مؤمنين غير منحرفين عن الطريق السوي، لظهر الإمام عليه السلام -هذا أولاً-، قال المحقق الطوسي رحمة الله تعالى عليه (التجريد للطوسي ص 389 ، ط إيران):
" وجوده - أي الإمام المنتظر لطف ، وتصرفه لطف آخر ".

والأمر الآخر، إن الإمام عليه السلام في حال غيابه يرعى شيعته ، ويمدهم بدعائه الذي لا يحجب ، ولولا دعاؤه لهم لما أبقى منهم الظالمون أحدا يتنفس الصعداء وقد أعلن الإمام المنتظر ذلك في إحدى رسائله للشيخ المفيد ، فقد قال عليه السلام :
"إنا غير مهملين لمراعاتكم ، ولا ناسين لذكركم ، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء ، واصطلمكم الأعداء . . "

كما أن الإمام المنتظر عليه السلام أعرب عن الفائدة من غيابه عن الأبصار ، قال عليه السلام:
" وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالشمس إذا غيبتها الأبصار "
وقد سأل سليمان الأعمش بن مهران الإمام الصادق عليه السلام ، فقال له : كيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور ؟ فأجابه الإمام : " كما ينتفعون بالشمس إذا سترها سحاب "

وأفاد العلامة المجلسي في توجيه الحديث وجوها وهي :
أولا :
إن نور الوجود والعلم والهداية تصل إلى الخلق بتوسطه عليه السلام إذ ثبت بالأخبار المستفيضة أنهم العلل الغائية لإيجاد الخلق ، فلولاهم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم ، وببركتهم ، والاستشفاع بهم والتوسل إليهم تظهر العلوم والمعارف على الخلق ، ويكشف البلايا عنهم ، فلولاهم لاستحق الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب ، كما قال تعالى : «ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم».... الأنفال 33.

ولقد جربنا مرارا لا نحصيها أن عند انغلاق الأمور واعضال المسائل ، والبعد عن جناب الحق تعالى ، وانسداد أبواب الفيض لما استشفعنا بهم ، وتوسلنا بأنوارهم فيقدر ما يحصل الارتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت تتكشف تلك الأمور الصعبة ، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان.

ثانيا :
كما أن الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتفاع الناس بها ينتظرون في كل آن انكشاف السحاب عنها وظهورها ليكون انتفاعهم بها أكثر ، فكذلك في أيام غيبته عليه السلام ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره في كل وقت وزمان .
ثالثا :
إن منكر وجوده عليه السلام كمنكر وجود الشمس إذا غيبها السحاب .

رابعا :
إن الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد من ظهورها لهم بغير حجاب ، فكذلك غيبته عليه السلام أصلح لهم في تلك الأزمان .

خامسا :
إن الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب وربما عمى بالنظر إليها لضعف الباصرة عن الإحاطة بها فكذلك شمس ذاته المقدسة ربما يكون ظهوره أضر لبصائرهم ، يكون سببا لعميهم عن الحق ، وتقوى بصائر الإيمان به في غيبته كما ينظر الإنسان إلى الشمس من تحت السحاب ولا يتضرر بذلك .

سادسا :
إن الشمس قد تخرج من السحاب ، وينظر إليها واحد دون واحد كذلك يمكن أن يظهر عليه السلام في أيام غيبته لبعض الخلق دون بعض .

سابعا :
إنهم كالشمس في عموم النفع وإنما لا ينتفع بهم من كان أعمى كما فسر في الأخبار قوله تعالى : «من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا»... الإسراء 72.

ثامنا (منتخب الأثر ص 271 - 272):
إن الشمس كما أن شعاعها يدخل البيوت بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك ، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع عنها فكذلك الخلق إنما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون من الموانع عن حواسهم ومشاعرهم التي هي روازن قلوبهم من الشهوات النفسية والعلائق الجسمانية ، وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانية إلى أن ينتهي الأمر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب ، فقد فتحت لك من هذه الجنة الروحانية ثمانية أبواب . . " .

تاسعاً (جلاء العيون 3 / 157 – 158):
إن الفائدة والحكمة من غيابه مجهولة لدينا كما صرحت بذلك بعض الأخبار ، فقد روى عبد الله بن الفضل الهاشمي ، قال : سمعت الإمام الصادق عليه السلام يقول : " إن لصاحب هذه الأمر غيبة لا بد منها ، يرتاب فيها كل مبطل . . " .
وطفق عبد الله قائلا : " لم جعلت فذاك ؟ . . " . فقال عليه السلام : " الأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم . . " . وسارع عبد الله قائلا : " ما وجه الحكمة في غيبته ؟ . . " . فأجابه الإمام عليه السلام. " وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيابه من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره . . " . إن وجه الحكمة لا ينكشف إلا بعد ظهوره ، كما لم ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجدار لموسى إلا وقت افتراقهما . يا بن الفضل إن هذا الأمر من أمر الله ، وسر من سر الله عز وجل وغيب من غيب الله ، ومتى علمنا أنه عزو جل حكيم ، صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة ، وإن كان وجهها غير منكشف لنا ".

كما أن هذا الرجل أساء إلى أئمة أهل البيت عليهم السلام، فمن البديهي أن يسيء إلى شيعتهم ومواليهم، فقال (منهاج السنة 1 / 44 - 47):
" ومن حماقتهم أيضا -يقصد الشيعة-: أنهم يجعلون للمنتظر عدة مشاهد ينتظرونه فيها، كالسرداب الذي بسامراء، الذي يزعمون أنه غاب فيه، ومشاهد أخر. وقد يقيمون هناك دابة - إما بغلة وإما فرسا وإما غير ذلك - ليركبها إذا خرج، ويقيمون هناك إما في طرفي النهار وإما في أوقات أخر من ينادي عليه بالخروج: يا مولانا أخرج، يا مولانا أخرج، ويشهرون السلاح ولا أحد يقاتلهم، وفيهم من يقوم في أوقات الصلاة دائما، لا يصلي خشية أن يخرج وهو في الصلاة فيشتغل بها عن خروجه وخدمته، وهم في أماكن بعيدة عن مشهده، كمدينة النبي صلى الله عليه وسلم، إما في العشر الأواخر من شهر رمضان وإما في غير ذلك، يتوجهون إلى المشرق وينادونه بأصوات عالية يطلبون خروجه. ومن المعلوم: أنه لو كان موجودا وقد أمره الله بالخروج، إنه يخرج سواء نادوه أو لم ينادوه، وإن لم يؤذن له فهو لا يقبل منهم، وأنه إذا خرج فإن الله يؤيده ويأتيه بما يركبه وبمن يعينه وينصره، ولا يحتاج إلى أن يوقف له دائما من الآدميين من ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ! و الله سبحانه قد عاب في كتابه من يدعو من لا يستجيب له دعاءه. . . هذا مع أن الأصنام موجودة، وكان يكون فيها أحيانا شياطين تتراءى لهم وتخاطبهم، ومن خاطب معدوما كانت حالته أسوء من حال من خاطب موجودا وإن كان جمادا. فمن دعا المنتظر الذي لم يخلقه الله كان ضلاله أعظم من ضلال هؤلاء، وإذا قال: أنا أعتقد وجوده، كان بمنزلة قول أولئك: نحن نعتقد أن هذه الأصنام لها شفاعة عند الله فيعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، والمقصود أن كليهما يدعو من لا ينفع دعاؤه، وإن كان أولئك اتخذوهم شفعاء آلهة وهؤلاء يقولون: هو إمام معصوم، فهم يوالون عليه ويعادون عليه كموالاة المشركين على آلهتهم، ويجعلونه ركنا في الإيمان لا يتم الدين إلا به، كما يجعل بعض المشركين آلهتهم كذلك. . . ".

إن غيبة الإمام المنتظر عليه السلام في السرداب أسطورة لم يقل بها أحد من الشيعة منذ فجر تاريخهم حتى يوم الناس هذا ، وإنما افتعلها خصومهم والحاقدون عليهم .
فرية السرداب التي يزعمون من الأمور التي على صوتها على مسامع الكثير برغم كونها كذب وإفتراء على شيعة آل بيت محمد صلوات الله عليهم. إن ذلك البيت والذي فيه ذاك السرداب، إن هو إلا مكانُ تعبد فيه أئمة آل بيت محمد صلوات الله عليهم وهم الإمام الهادي ، وابنه الحسن العسكري ، وابنه الحجة المنتظر عليهم السلام ، وما هذا إلا سبب يدعو "جميع المسلمين إلى تقدسيه وتعظيمه" لومجود تلك البركة والقدسية الإلهية لخلفائه في الأرض، ولم يذهب أحد من علماء الشيعة ومؤرخيهم إلى أن الإمام المنتظر عليه السلام قد غاب في السرداب ، سواء أكان السرداب في سامراء أم في الحلة أم في بغداد.

وهذه أقوال بعض علماء الشيعة في هذا المقام -حيث أطلناه- لرد كذب وإفتراء هذا الرجل الكذاب:
الحجة النوري (كشف الأستار):
قال الحجة النوري صاحب المستدرك في كشف الأستار : " نحن كلما راجعنا وتفحصنا لم نجد لما ذكروه أثرا ، بل ليس في الأحاديث ذكر للسرداب أصلا . . ".

لعلامة صدر الدين (المهدي ( ص 155 ):
قال العلامة الحجة صدر الدين : " ما نسبه إلينا - من غيابه في السرداب - كثير من خواص أهل السنة ، فلا أعرف له مدركا ، ولم أجد له مستندا ".

المحقق الأربلي (علل الشرايع كمال الدين):
" والذين يقولون بوجوده لا يقولون : إنه في سرداب ، بل يقولون : إنه موجود يحل ويرتحل ، ويطوف في الأرض...).

المحقق الأميني (منتخب الأثر ص 267 ):
وتقدم كلام المحقق الأميني في نفيه لهذه الأسطورة التي اتهمت بها الشيعة في غياب الإمام عليه السلام في السرداب ، وقد أضاف إليه قوله : " وليت هؤلاء المتقولين في أمر السرداب اتفقوا على رأي واحد في الأكذوبة ، حتى لا تلوح عليها لوائح الافتعال فتفضحهم ، فلا يقول ابن بطوطة : في رحلته ( ص 198 ) إن هذا السرداب المنوه به في الحلة ، ولا يقول القرماني : في أخبار الدول أنه في بغداد، ولا يقول آخرون : إنه بسامراء، ويأتي القصيمي من بعدهم فلا يدري أين هو فيطلق لفظ السرداب ليستر سوءته . . ".


وأخيراً وليس آخراُ، صرح بأن الإمام الحسن العسكري عليها السلام مات (أستشهد) بلا نسل وعقب فقال (منهاج السنة 4 / 87):
" قد ذكر محمد بن جرير الطبري وعبد الباقي ابن قانع وغيرهما من أهل العلم بالأنساب والتواريخ: إن الحسن بن علي العسكري لم يكن له نسل ولا عقب ".

الأمر من ما لا شك فيه من أن الإمام المهدي عليه السلام من نسل رسول الله صلى الله عليه وآله ودلت على ذلك الأحاديث المتواترة ولا يقبل الأمر إلى ذكر، لكن نقول أنهم إختلفوا في ولادته فمنهم من قال بأنه سيولد في آخر الزمان ومنهم من قال بأنه ولد وإنه ولد الإمام الحسن العسكري عليه السلام، وقد ذكرت فيما سبق شيء من أن الإمام صاحب العصر والزمان ولد، ولك المزيد بعد هذا -إن شاء الله -، وسأترك أقوال علماء أهل السنة بالرد عليه وعلى مفترياته وكذبه ونصبه:

العلامة سبط ابن الجوزي حيث قال (تذكرة الخواص: ص 363 طبع 1964 م النجف) :
" هو: محمد بن الحسن، بن علي، بن محمد، بن علي، بن موسى، بن جعفر، بن محمد، بن علي، بن الحسين، بن علي بن ابي طالب، و كنيته أبو عبد الله و أبو القاسم و هو الخلف الحجة صاحب الزمان القائم و المنتظر و التالي، و هو آخر الأئمة، أنبأنا عبدالعزيز بن محمود بن البزاز عن ابن عمر قال: قال رسول الله (ص) يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي، اسمه كاسمي، و كنيته ككنيتي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً فذلك هو المهدي، و هذا حديث مشهور.

يقول العلامة أبو سالم الشافعي في مطالب السؤال (مطالب السؤال: ج2 الباب 12 ) :
". . . فهو من ولد الطهر البتول، المجزوم بكونها بضعة من الرسول. . . فأما مولده فبسر من رأى (سامراء) في ثالث و عشرين سنة ثمان و خمسين و مائتين للهجرة، و أما نسبه اباً و اماً، فأبوه الحسن الخالص بن علي المتوكل، بن محمد القانع، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن علي زين العابدين، بن الحسين الزكي، بن علي المرتضى أمير المؤمنين...".

يقول ابن الصباغ (الفصول المهمة: الباب الثاني عشر) :
" ولد أبو القاسم محمد بن الحجة بن الحسن الخالص بسر من رأى ليلة النصف من شعبان سنة خمس و خمسين و مائتين للهجرة ، و أما نسبه اباً و اماً فهو : أبو القاسم محمد الحجة بن الحسن الخالص ، بن علي الهادي ، بن محمد الجواد ، بن علي الرضا ، بن موسى الكاظم ، بن جعفر الصادق ، بن محمد الباقر ، بن علي زين العابدين ، بن الحسين بن علي بن علي بن ابي طالب صلوات الله عليهم أجمعين و أمه : أم ولد يقال لها نرجس...".

ابن العربي (الفتوحات المكية 3 / 429 – 430):
ونص محي الدين ، محمد بن علي المعروف ( بابن العربي ) الأندلسي على إمامة المهدي وأنه ولد وسوف يظهر قال :
" المهدي الظاهر في آخر الزمان الذي بشر به رسول الله صلى الله عليه وآله ، وهو من أهل البيت المطهر من الحضرة المحمدية .

إن الإمام إلى الوزير فقير
وعليهما فلك الوجود يدور
والملك إن لم تستقم أحواله
بوجود هذين فسوف يبور
إلا إله الحق فهو منزه
ما عنده فيما يريد وزير

أعلم أيدنا الله وإياك إن لله خليفة يخرج وقد امتلأت الأرض جورا وظلما فيملأها قسطا وعدلا ، لو لم يبق في الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يلي هذا الخليفة من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله ومن ولد فاطمة سلام الله عليها ، جده الحسين بن علي بن أبي طالب ، ووالده الحسن العسكري " .

وأضاف يقول : " يواطئ اسمه اسم رسول الله ( ص ) يبايع له الناس بين ( الركن ) و ( المقام )، يشبه جده رسول الله ( ص ) في الخلق - بفتح الخاء - وينزل عنه في الخلق - بضمها - إذ لا يكون أحد مثل رسول الله ( ص ) في أخلاقه والله تعالى يقول : «وإنك لعلى خلق عظيم ». هو أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، أسعد الناس به أهل ( الكوفة ) ، يقسم المال بالسوية ، ويعدل في الرعية ، ويفصل في القضية ، يأتيه الرجل فيقول : يا مهدي أعطني وبين يديه المال فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله . يخرج على فترة من الدين ، يضع الله به ما لا يضع في القرآن ، يمسي الرجل جاهلا وجبانا فيصبح عالما ، شجاعا ، كريما ، يمشي النصر بين يديه ، يعيش خمسا أو تسعا ، يقفو أثر رسول الله ( ص ) " .
وأضاف يقول :
" يحمل الكل ، ويعين الضعيف ، ويساعد على نوائب الحق ، يفعل ما يقول ، ويقول ما يفعل ، ويعلم ما يشهد . يبيد الظلم وأهله ، ويقيم الدين وأهله ، وينفخ الروح في الإسلام يعز الله به الإسلام بعد ذله ويحيه بعد موته . يظهر من الدين ما هو عليه في نفسه حتى لو كان رسول الله ( ص ) حيا لحكم به ، فلا يبقى في زمانه إلا الدين الخالص عن الرأي ، يفرح به عامة المسلمين أكثر من خاصتهم ، يبايعه العارفون بالله من أهل الحقائق عن شهود وكشف إلهي . له رجال إلهيون يقيمون دعوته ، وينصرونه هم الوزراء ، يحملون أثقال المملكة ويعينونه على ما قلده الله . ينزل عليه عيسى بن مريم بالمنارة البيضاء ( شرقي دمشق ) بين مهرودتين متكئا على ملكين : ملك عن يمينه ، وملك عن يساره ، يقطر رأسه ماء مثل الحمام . . يؤم الناس بسنة رسول الله يكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ".

ابن الأثير (تاريخ ابن الأثير 5 / 373 ، وذكر مثله في النهاية):
قال علي بن أبي الكرم محمد بن محمد الشيباني المعروف ( بابن الأثير الجزري ) :
" وفيها - أي في سنة 266هـ توفي أبو محمد العلوي العسكري ، وهو أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية ، وهو والد محمد الذي يعتقدونه المنتظر بسرداب ( سامراء ) وكان مولده سنة232هـ.

و جاء في ينابيع المودة قال (ينابيع المودة : من الأربعين حديثاً الذي جمعه أبو نعيم في المهدي ص 490) :
و منها ( أي من الروايات في المهدي ) عن حذيفة بن اليمان قال : خطبنا رسول الله (ص) فذكر ما هو كائن ثم قال : " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوَّل الله تعالى ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلاً من ولدي اسمه اسمي .
فقال سلمان : يا رسول الله : من أي ولدك هو ؟
قال : من ولدي هذا ( و ضرب بيده على رأس الحسين عليه السلام ).

أبو الفداء (تاريخ أبي الفداء 2 / 52):
قال إسماعيل أبو الفداء صاحب حماة في وفاة الإمام الحسن العسكري " وهو أحد الأئمة الاثني عشر على مذهب الإمامية ، وهو والد محمد المنتظر من سرداب ( سر من رأى ) على زعمهم ، وكان مولده سنة 235هـ

القرماني (أخبار الدول ص 117):
قال القرماني : " الإمام أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري كان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين آتاه الله الحكمة كما أوتيها يحيى ، وكان مربوع القامة حسن الوجه والشعر ، وأقنى الأنف ، أجلى الجبهة ".

ابن خلكان وفيات الأعيان 2 / 451):
قال ابن خلكان في ترجمة الإمام المنتظر عليه السلام : " أبو القاسم محمد ابن الحسن بن محمد الجواد ، ثاني عشر من الأئمة الاثني عشر عليهم السلام ولد يوم الجمعة منتصف رمضان سنة ( 255 ه.

الذهبي (تاريخ دول الإسلام 5 / 115):
والذهبي معروف بحقده البالغ على أئمة أهل البيت عليهم السلام ، وينطبق عليه قول المتنبي :
«سميت بالذهبي اليوم تسمية * مشتقة من ذهاب العقل لا الذهب»
ونص الذهبي على ولادة الإمام المهدي عليه السلام ، قال : " في حوادث سنة 261هـ وفيها مات الحسن بن علي بن الجواد بن الرضا العلوي أحد الأئمة الاثني عشر الذين تعتقد الرافضة عصمتهم وهو والد منتظرهم محمد بن الحسن.

و كذا روى إبراهيم الجويني عن عبد الله بن عباس قال (فرائد السمطين : المجلد الثاني) :
" سمعت رسول الله (ص) يقول : أنا و علي و الحسن و الحسين و تسعة من ولدي مطهرون معصومون ".

يقول الشيخ المحقق بهلول بهجت افندي مؤلف كتاب ( المحاكمة في تاريخ آل محمد ) ( مترجم بالتركية و الفارسية ) :
" ولد في الخامس عشر من شعبان سنة (255) و إن اسم أمه نرجس " .

السيد أحمد دحلان (الفتوحات الإسلامية 2 / 322):
قال السيد أحمد زيني دحلان في الرد على المعتقدين بأن المهدي العباسي هو الإمام المنتظر ، قال:
" والحاصل أن الذي تقتضيه الأحاديث النبوية ، وصرح به العلماء أن المهدي المنتظر إلى هذا الوقت لم يظهر ، وذكروا له علامات كثيرة بعضها مضى وانقضى ، وبعضها باق لم يظهر ، ومن أظهر علاماته أنه يصلحه الله في ليلة وأنه من ولد فاطمة " .
وأضاف يقول : " لكن من المقطوع به أنه لا بد من ظهوره "

يقول الشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي (الإتحاف بحب الأشراف: ص 178، طبع مصر ( 1316 هـ )) :
" و يكفيه شرفاً إن الإمام المهدي المنتظر من أولاده، فلله دُر هذا البيت الشريف، و النسب الخضم المنيف، ناهيك به فخاراً، و حسبك فيه من علوه مقداراً، فهم جميعاً في كرم الارومة (الأصل)، متعادلون، و لسهام المجد مقتسمون قيل له من بيت عالي الرتبة، يامي المحلة، فلقد طال السمّاك عُلاً و نبلاً، و سما على الفرقدين منزلة و محلاً، و استغرق صفات الكمال، فلا يستثنى فيه بِغيرٍ، انتظم في المجد هؤلاء الأئمة، انتظام اللآلئ، و تناسقوا الشرف، فاستوى الأول و التالي، و كم اجتهد قوم في خفض منارهم، و الله يرفعه، و ركبوا الصعب و الذلول في تشتيت شملهم، و الله يجمعه، و كم ضيعوا من حقوقهم، ما لا يهمله الله، و لا يضيّعه، أحيانا الله على حبهم ، و أماتنا عليه ، و أدخلنا في شفاة من ينتمون في الشرف اليه (ص) ، و خلّف بعده ( أي الحسن العسكري ) ولده و هو الثاني عشر من الأئمة ، أبو القاسم ، محمد الحجة ، ولد بسر من رأى ، ليلة النصف من شعبان سنة (255) قبل موت أبيه بخمس سنين ، و كان أبوه قد أخفاه حين ولد ، و ستر أمره ، لصعوبة الوقت ، و خوفه من الخلفاء ، فإنهم كانوا في ذلك الوقت يتطلبون الهاشميين ، و يقصدونهم بالحبس و القتل ، و يرون إعدامهم سلطنة الظالمين ، و هو الإمام المهدي ( عليه السلام ) كما عرفوا ذلك من الأحاديث التي وصلت إليهم من الرسول الأكرم (ص) و أخبرَتْهم أن الإمام المهدي الموعود المنتظر ( عليه السلام ) يقطع دابر الظالمين ، و يستولي على الدنيا ، و لا يترك أحدا منهم في الأرضيين .
ثم قال بعد ذلك:
و قد أشرق نور هذه السلسلة الهاشمية، و البيضة الطاهرة النبوية، و العصابة العلوية، و هم اثنا عشر اماماً، مناقبهم علية، و صفاتهم سنية، و نفوسهم شريفة أبية، و ارومتهم كريمة محمدية، وهم، محمد الحجة بن الحسن الخالص، بن علي الهادي، بن محمد الجواد، بن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، بن علي زين العابدين، بن الإمام الحسين، اخو الإمام الحسن، ولدي الليث الغالب علي بن أبي طالب ( رضي الله عنهم أجمعين ).

يقول الشيخ المحدث الفقيه محمد بن إبراهيم الجويني الحمويني الشافعي قال (فرائد السمطين) :
" و أما شيخ المشايخ العظام اعني حضرات : شيخ الإسلام احمد الجامي النامقي ، و الشيخ عطار النيسابوري ، و الشيخ شمس الدين التبريزي ، و جلال الدين مولانا الرومي ، و السيد نعمة الله الولي ، و السيد النسيمي ، و غيرهم ذكروا في اشعارهم في مدايح الأئمة من أهل البيت الطيبين ( رضي الله عنهم ) مدح المهدي في آخرهم متصلاً بهم فهذه أدلة ( واضحة ) على أن المهدي ولد أولاً . . . و من تتبع آثار هؤلاء الكاملين العارفين يجد الأمر واضحاً عيانا ً"

يقول الشيخ حسين بن محمد بن الحسن الديار بكري المالكي (تاريخ الخميس الجزء 2 ص 321) :
" الثاني عشر (من الأئمة) محمد ابن الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا يكنى أبا القاسم . . . ولد في سر من رأى في الثالث و العشرين من رمضان سنة ثمان و خمسين و مائتين هـ . "


يقول الشيخ محمد بن محمد بن محمود النجار المعروف بـ(خواجا يارسا) في كتابه ( فصل الخطاب) في حديثه عن الإمام الحسن العسكري (ع) :
" و كان مدة بقاء الحسن العسكري بعد أبيه ست سنين ، و لم يخلف ولداً غير أبي القاسم ، محمد المنتظر ، المسمى بالقائم ، و الحجة و المهدي ، و صاحب الزمان ، و خاتم الأئمة الاثنى عشر عند الإمامية ، و كان مولد المنتظر ليلة النصف من شعبان ، سنة خمس و خمسين و مائتين ، أمه أم ولد يقال لها نرجس ، توفى أبوه و هو ابن خمس سنين ، فاختفى إلى الآن . . . و طول الله تبارك و تعالى عمره كما طول عمر الخضر (عليه السلام ) .

يقول الشيخ أبو المعالي ، سراج الدين الرفاعي في كتابه ( صحاح الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار ) :
قال شيخ الإسلام أبو المعالي سراج الدين محمد الرفاعي :
" في ترجمة الإمام أبي الحسن الهادي عليه السلام ، ولقبه التقى ، والعالم ، والفقيه والأمير ، والدليل ، والعسكري . . . وكان له خمسة أولاد الإمام الحسن العسكري ، والحسين ، ومحمد ، وجعفر ، وعائشة ، فأما الحسن العسكري فأعقب صاحب السرداب ، الحجة المنتظر ولي الله الإمام المهدي عليه السلام ".

الشيخ الشبلنجي (نور الأبصارص 152):
وممن نص على الإمام المهدي وولادته وحياته العالم الفاضل ، الشيخ الشبلنجي ، قال : " فصل في ذكر مناقب محمد بن الحسن الخالص بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أمه أم ولد يقال لها : نرجس ، وقيل صيقل ، وقيل : سوسن ، وكنيته ، أبو القاسم ، ولقبه الإمامية بالحجة، والمهدي ، والخلف الصالح، والقائم و المنتظر، و صاحب الزمان وأشهرها المهدي، صفته شاب مرفوع القامة ، حسن الوجه والشعر ، يسيل شعره على منكبيه ، أقنى الأنف ، أجلى الجبهة ".

يقول الشيخ الفاضل البارع عبد الله بن محمد ، المطيري شهرةً ، و المدني مسكناً ، و الشافعي مذهباً ، في كتابه ( الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي و عترته الطاهرة ) :
" إن ابنه ( أي ابن الإمام الحسن العسكري ) الإمام الثاني عشر محمد القائم المهدي . . . و قد ورد النص عليه في الأحاديث من جده علي بن أبي طالب ( عليهما السلام ) و من بقية آبائه الكرام ، أهل الشرف و المقام و هو صاحب السيف ، القائم المنتظر كما ورد في الصحيح من الخبر . . . و له غيبتان . . . " .

سليمان بن خواجة (ينابيع المودة):
عرض العالم الفاضل ، الشيخ سليمان بن خواجة إلى الإمام المنتظر عليه السلام ، وأثبت بصورة حاسمة أن المهدي الموعود الذي بشر به النبي صلى الله عليه وآله هو الحجة محمد بن الحسن العسكري ، وقد بحث عنه بحثا مفصلا مدعوما بالشواهد ، ومن الجدير بالذكر أن هذا الشيخ حنفي المذهب ، صوفي المشرب ".

يقول الشيخ أبو المواهب الشيخ عبدالوهاب بن أحمد بن علي الشعراني (اليواقيت و الجواهر ص 142 ط مصر 1307 هـ) :
" و هو ( المهدي ) من أولاد الإمام حسن العسكري ، و مولده 0 عليه السلام ) ليلة النصف من شعبان ، سنة خمس و خمسين و مائتين ، و هو باقٍ إلى أن يجتمع بعيسى بن مريم عليه السلام فيكون عمره إلى وقتنا و هو سنة ( 958 هـ) سبعمائة و ست و ستين سنة "

وقال أيضاً:
" المبحث الخامس والستون في بيان جميع شروط الساعة التي أخبر بها الشارع صلى الله عليه وآله حق لا بد أن تقع كلها قبل قيام الساعة ، وذلك كخروج المهدي عليه السلام ثم الدجال ، ثم نزول عيسى ، وخروج الدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، وفتح سد يأجوج ، ومأجوج حتى لو لم يبق من الدنيا إلا مقدار يوم واحد لوقع ذلك كله ".


يقول الشيخ شهاب الدين احمد بن حجر الهيثمي ، الشافعي (الصواعق المحرقة ، ص127 ، ط مصر 1308 هـ ) :
" و لم يخلِّف ( أي الإمام الحسن العسكري) غير ولده ( ابي القاسم محمد الحجة ) و عمره عند وفاة أبيه ، خمس سنين ، آتاه الله الحكمة و يسمى القائم و المنتظر ، قيل : لأنه سُتر و غاب " .

خير الدين الزركلي (الأعلام 6 / 309 – 310):
قال خير الدين الزركلي :
" محمد بن الحسن العسكري الخالص بن علي الهادي أبو القاسم ، آخر الأئمة الاثني عشر عند الإمامية ، وهو المعروف عندهم بالمهدي ، وصاحب الزمان ، والمنتظر ، والحجة وصاحب السرداب ، ولد في ( سامراء ) ، ومات أبوه وله من العمر نحو خمس سنين ، ولما بلغ التاسعة أو العاشرة أو التاسعة عشر دخل سردابا في دار أبيه ولم يخرج منه ، قال ابن خلكان : والشيعة ينتظرون خروجه في آخر الزمان من السرداب بسر من رأى ".

قال البيهقي الشافعي (شعب الإيمان):
" اختلف الناس في أمر المهدي فتوقف جماعة وأحالوا العلم إلى عالمه ، واعتقدوا أنه واحد من أولاد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله . وأضاف يقول : ولا امتناع في طول عمره ، وامتداد أيامه كعيسى بن مريم والخضر.

حسين الكاشفي (روضة الشهداء ص 326):
قال الحسين صاحب التفسير : " محمد بن الحسن العسكري الإمام الثاني عشر من الأئمة الاثني عشر كنيته أبو القاسم ولادته في ( سر من رأى ).

صلاح الدين الصفدي (ينابيع المودة ( ص 471 ) نقلا عن شرح الدائرة:
قال الشيخ صلاح الدين الصفدي :
" إن المهدي الموعود هو الإمام الثاني عشر من الأئمة ، أولهم سيدنا علي ( ع ) وآخرهم المهدي"

محمد البخاري (فصل الخطاب):
وممن نص على ولادة الإمام عليه السلام ووجوده الحافظ محمد بن محمد البخاري من أعيان علماء الحنفية ، قال :
" وأبو محمد - والد الإمام ولده محمد رضي الله عنهما ، معلوم عند خاصة خواص أصحابه ، وثقاة أهله ، ثم ذكر كيفية ولادة الإمام المنتظر عليه السلام ".

رواية ينابيع المودة نقلاً عن كتاب فرائد السمطين حيث اخرج بسنده عن مجاهد عن ابن عباس قال (ينابيع المودة الجزء الثاني باب 31 ص 440) :
" قدم يهودي يقال له نعثل إلى رسول الله (ص) فقال : يا محمد أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين فإن أجبتني عنها أسلمت على يديك .
قال (ص) : سل يا أبا عمارة .
فقال : يا محمد صف لي ربك .
فقال (ص) : إن الله لا يوصف إلاّ بما وصف به نفسه ، و كيف يوصف الخالق الذي تعجز العقول أن تدركه ، و الأوهام أن تناله ، و الخطوات أن تحده ، و الأبصار أن تحيط به ، جلًّ و علا عما يصفه الواصفون ، ناءٍ في قربه ، قريبٌ في نأيه ، و هو كيّف الكيف و أيّن الأين ، فلا يقال له أين هو ، منقطع الكيفية و الأينونية ، فهو الأحد الصمد كما وصف نفسه ، و الواصفون لا يبلغون نعته ، لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفواً احد .
فقال نعثل : صدقت يا محمد ، فأخبرني عن قولك إنه واحد لا شبيه له أليس الإله واحد و الإنسان واحد؟
فقال (ص) : الله عزُّ و علا واحدٌ حقيقيٌ أحديُّ المعنى أي لا جزء له و لا تركيب له ، و الإنسان واحدٌ ثنائيُّ المعنى ، مركبٌ من روحٍ و بدن .
فقال نعثل : صدقت ، فأخبرني عن وصييك من هو ، فما من نبي إلا و له وصي ، و إنا نبينا موسى بن عمران أوصى إلى يوشع بن نون .
قال (ص) : إن وصيي علي بن أبي طالب و بعده سبطاي الحسن و الحسين ، تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين .
فقال نعثل : فسمهم لي .
قال (ص) : إذا مضى الحسين ، فابنه علي ، فإذا مضى علي ، فابنه محمد ، فإذا مضى محمد ، فابنه جعفر ، فإذا مضى جعفر ،فابنه موسى ، فإذا مضى موسى ، فابنه علي ، فإذا مضى علي ، فابنه محمد ، فإذا مضى محمد ، فابنه علي ، فإذا مضى علي ، فابنه الحسن ،فإذا مضى الحسن ، فابنه الحجة محمد المهدي فهؤلاء إثنا عشر .
قال نعثل : أخبرني عن كيفية موت علي والحسن و الحسين .
قال (ص) : يقتل عليّ بضربة على قرنه و الحسن يقتل بالسم ، و الحسين بالذبح .
قال نعثل : فأين مكانهم ؟
قال (ص) : في الجنة في درجتي .
قال نعثل : أشهد أن لا إله إلا الله ، و أنك رسول الله ، و أشهد أنهم الأوصياء بعدك ، و لقد وجدت في كتب الأنبياء المتقدمة ، و فيما عهد إلينا موسى بن عمران (عليه السلام ) ، أنه إذا كان آخر الزمان ، يخرج نبيُّ يقال أحمد و محمد و هو خاتم الأنبياء ، و لا نبيُّ بعده ، فيكون أوصياؤه بعده إثنا عشر أولهم ابن عمه و ختنه- (الختن : زوج البنت ) .
ثم سأله النبي (ص) فقال له : أتعرف الأسباط ؟
قال نعثل : نعم ثم عدًّدهم . . .
فقال (ص) : كائنٌ في أمتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، و القذّة بالقذة و إنّ الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يرى و يأتي على أمتي بزمنٍ لا يبقى من الإسلام إلا اسمه و لا يبقى من القرآن إلا رسمه . فحينئذٍ يأذن الله تبارك و تعالى بالخروج ، فيظهر الله الإسلام به و يجدده ، طوبى لمن أحبهم و اتبعهم و الويل لمن أبغضهم و خالفهم ، طوبى لمن تمسك بهداهم . فأنشأ نعثل هذه الأبيات :


صــــــــــــــــــلى الإله العلى عليك يا خير البشر
بكم هدانا الله ربــــــــــــــنا و فيك نرجو ما أمر
حباهم رب العلــــــــــــــى ثم اصطفاهم من كدر
آخرهم يسقي الظـــــــــــــما و هو الإمام المنتظر
أنت النبي المصطــــــــــــــــفىوالهاشمي المفتخر
و معشر سميتهـــــــــــــــــــــــم أئمةً اثنا عشـــــر
قد فاز من والاهم و خـــــــــــاب من عادى الزُّهر
عترتك الأخيار لي و التـــــــــــــــــابعين ما أمـــــر
من كان عنه معرضاً فســــــــــــــــــوف تصلاه سقر

والحمد لله رب العالمين



أسألكم الدعاء لنا ولكم جميعا بالثبات على ولاية أمير المؤمنين عليٍ عليه
السلام وحسن الخاتمة بالشهادة مع سيدنا ومولانا الإمام المهدي
المنتظر الموعود وحجة الله في الأرضيين عليه الصلاة والسلام