(أول جيش يغزون البحر)اتخاذ النواصب منها منقبة ليزيد - هل هي صحيحة؟(حسن فرحان المالكي)

مرآة التواريخ

مرآة التواريخ
20 أبريل 2010
379
0
0
روى البخاري في صحيحه رواية طالما استدل بها النواصب على فضل معاوية وابنه يزيد
بقولهم - أي النواصب - : أن هذا الجيش كان في خلافة معاوية وبقيادة ولده يزيد بن معاوية

وإليكم الرواية ...

صحيح البخاري - كتاب الجهاد زالسير - ما قيل في قتال الروم
http://hadith.al-islam.com/Display/D...E1%CD%CF%ED%CB
2707 - ‏حدثني ‏ ‏إسحاق بن يزيد الدمشقي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏يحيى بن حمزة ‏ ‏قال حدثني ‏ ‏ثور بن يزيد ‏ ‏عن ‏ ‏خالد بن معدان ‏ ‏أن ‏ ‏عمير بن الأسود العنسي ‏ ‏حدثه أنه أتى ‏ ‏عبادة بن الصامت ‏ ‏وهو نازل في ساحة ‏ ‏حمص ‏ ‏وهو في بناء له ومعه ‏ ‏أم حرام ‏ ‏قال ‏ ‏عمير ‏ ‏فحدثتنا ‏ ‏أم حرام ‏ ‏أنها ‏
‏سمعت النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول :‏ ‏أول جيش من أمتي يغزون البحر قد ‏ ‏أوجبوا .
‏قالت ‏ ‏أم حرام :‏ ‏قلت : يا رسول الله أنا فيهم ؟ .
قال : أنت فيهم .
ثم قال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم :‏ ‏أول جيش من أمتي يغزون مدينة ‏ ‏قيصر ‏ ‏مغفور لهم .
فقلت : أنا فيهم يا رسول الله ؟ .
قال : لا . انتهى

قال ابن حجر في شرح الحديث في فتح الباري :
(وأم حرام بمهملتين تقدم ذكرها في أوائل الجهاد في حديث أنس وقد حدث عنها أنس هذا الحديث أتم من هذا السياق .
وأخرج الحسن بن سفيان هذا الحديث في مسنده عن هشام بن عمار عن يحيى بن حمزة بسند البخاري وزاد في آخره " قال هشام رأيت قبرها بالساحل " . ‏

‏قوله : ( يغزون مدينة قيصر ) ‏
‏يعني القسطنطينية .
قال المهلب : في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر ومنقبة لولده يزيد لأنه أول من غزا مدينة قيصر .
وتعقبه ابن التين وابن المنير بما حاصله : أنه لا يلزم من دخوله في ذلك العموم أن لا يخرج بدليل خاص إذ لا يختلف أهل العلم أن قوله صلى الله عليه وسلم مغفور لهم مشروط بأن يكونوا من أهل المغفرة حتى لو ارتد واحد ممن غزاها بعد ذلك لم يدخل في ذلك العموم اتفاقا فدل على أن المراد مغفور لمن وجد شرط المغفرة فيه منهم .
smile.gif


وأما قول ابن التين : "يحتمل أن يكون لم يحضر مع الجيش" فمردود إلا أن يريد لم يباشر القتال فيمكن فإنه كان أمير ذلك الجيش بالاتفاق .
وجوز بعضهم أن المراد بمدينة قيصر المدينة التي كان بها يوم قال النبي صلى الله عليه وسلم تلك المقالة وهي حمص وكانت دار مملكته إذ ذاك ، وهذا يندفع بأن في الحديث أن الذين يغزون البحر قبل ذلك وأن أم حرام فيهم وحمص كانت قد فتحت قبل الغزوة التي كانت فيها أم حرام والله أعلم .

قلت : وكانت غزوة يزيد المذكورة في سنة اثنتين وخمسين من الهجرة وفي تلك مات أبو أيوب الأنصاري فأوصى أن يدفن عند باب القسطنطينية وأن يعفى قبره ففعل به ذلك فيقال إن الروم صاروا بعد ذلك يستسقون به وفي الحديث أيضا الترغيب في سكنى الشام ‏

‏وقوله " قد أوجبوا " ‏
‏أي فعلوا فعلا وجبت لهم به الجنة .) انتهى كلام ابن حجر .


يقول مرآة التواريخ : فهل هذه الرواية صحيحة ؟‍‍!! وإن صحَّت - جدلاً - فهل يصحّ لهم الاستدلال بها على فضل معاوية وابنه يزيد ؟!!!
cool.gif


نسمع الأستاذ المالكي الحنبلي ماذا يقول : ...

ـــــــــــــــــــــــــــ
قال الأستاذ حسن بن فرحان المالكي في كتابه "مع الشيخ عبدالله السعد في الصحبة والصحابة" ص168 - 181 بخصوص الرواية المذكورة والمنسوبة للنبي صلى الله عليه وآله والتي طالما استدل بها النواصب على فضل معاوية وابن يزيد
قال ما نصه - يرد على الشيخ السلفي عبدالله السعد - :

( حديث أم حرام في ( غزو البحر) :
صحح الشيخ وفقه الله ص60 حديث عمير بن الأسود العنسي عن أم حرام أنها سمعت النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” يقول: (أول جيش يغزون البحر قد أوجبوا).

وقال الشيخ: وأول جيش غزا البحر من المسلمين كان بقيادة معاوية وهذه منقبة عظيمة له ومعنى (أوجبوا) أي وجبت لهم الجنة. أهـ.

أقول: ارتكب الشيخ عدة ملحوظات في هذه الجملة الصغيرة وكأنه ليس الشيخ المحدث العارف بالعلل، العارف بالحديث الشاذ!

وحديث (غزو البحر) وكلام الشيخ عليه يحتاج لعدة وقفات منها:

1- إعادة ما تم بتره أو إهماله من الحديث –ربما بلا قصد- والجواب على ما استدل به بعضهم من ظاهره وخروج معاوية ويزيد من عموم الحديث بأدلة خاصة.

2- بيان شذوذ الحديث إسناداً ومتناً.
3- بيان إشكالات متنية أخرى.
4- بيان أن معاوية لم يكن الأمير على الراجح وإنما الأمير المنذر بن الزبير،

5- أن الأصل في أمراء السوء أن يكون جهادهم للغنيمة والذكر وليس للجهاد،

6- الكشف عن أصل الحديث،

7- خطاب الإجمال لا يتناول جميع الأفراد وقد كان في تلك الغزوة نصارى.

8-من قتل أم حرام؟

9- ضعف حديث أهل الشام على وجه الإجمال.

60-:التفصيل في الملحوظات:

أولاً: بتر الحديث:
على افتراض صحة الحديث وصحة قول الشيخ فإن الشيخ بتر الحديث ولو أكمله لكان فيه الجواب والحديث كاملاً هو (أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا) قالت أم حرام: قلت: يا رسول الله: أنا فيهم، قال أنت فيهم، ثم قال النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” (أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم، فقلت: أنا فيهم يا رسول الله: قال: لا) والحديث في البخاري (3/1069).

وأقول:الحديث مبتور فإن كان الشيخ قد بتره بغير تعمد من سهو أو تأويل فهذا ظننا فيه، وإن كان قد بتره بتعمد فهل تدرون لما حذف الشيخ آخر الحديث –إن كان قد تعمد ذلك -؟!

الجواب: لأن آخر الحديث يجيب على أوله؛ فآخره – حسب الفهم الذي فهمه الشيخ- سيكون فيه بشارة وثناءً على يزيد بن معاوية وبشارة له بالجنة وأنه مغفور له؟!

ولكن الشيخ لا يرى هذا فهو – فيما يبدو- يرى فسق يزيد وبناءً على هذا ذكر أول الحديث ولو ذكر آخره معه لكان فيه الجواب، فالجواب في إخراج يزيد يمكن به إخراج معاوية، ويلزم الشيخ هنا إن رأى أن الحديث يوجب لكل فرد من هؤلاء الجنة أن يشهد لمعاوية ويزيد بالجنة ويشهد لبعض النصارى الذين كانوا معهما في تلك الغزوة بالجنة!

وهذا ما لم يفهمه أحد من أهل العلم ومازال الصالحون سلفاً وخلفاً على ذم يزيد فمنهم من فسقه وبعضهم كفّره، ومن أخرج يزيد لسوء سيرته يستطيع إخراج غيره كمعاوية ومروان وعبد الملك والوليد بن يزيد وغيرهم.

وقد سبق القول بأن العموم لا يستدل به على موضع النـزاع وإذا كان عبد الله بن أبي قد خرج من الوعد العام لأهل بيعة الرضوان على وضوح الحديث وقوته وقلة اهل الرضوان فخروج معاوية ويزيد من هذا الوعد العام أسهل وأوضح، وكذلك خروج النصارى - الذين كانوا في ذلك الجيش - من عموم الحديث.

والعلماء يفرقون بين صالح مستحق الجنة والمغفرة ومن ظهر عليه خلاف ذلك، فوعد الله للمجاهدين في سبيل الله بالجنة صريح في القرآن الكريم لكن لا يعني هذا البشارة بالجنة لكل من شارك في تلك المعارك لأنه سيكون فيهم المقاتل حمية أو طمعاً أو رياءً أو تصنعاً ……الخ وإذا وجد هذا في بعض المقاتلين مع النبي ( ص ) فمن باب أولى أن يوجد ذلك في بعض من قاتل بعد ذلك.

ولذلك نجد الحافظ المناوي في فيض القدير (3/84) يقول: (لا يلزم من قوله: (مغفور لهم) كون يزيد مغفوراً له لكونه منهم إذ الغفران مشروط بكون الإنسان من أهل المغفرة ويزيد ليس كذلك لخروجه بدليل خاص؛ ويلزم من الجمود على العموم أن من ارتد ممن غزاها مغفور له وقد أطلق جمع من المحققين حل لعنة يزيد، حتى قال التفتازاني: الحق أن رضى يزيد بقتل الحسين وإهانته أهل البيت مما تواتر معناه وإن كان تفاصيله آحاداً فنحن لا نتوقف في شأنه بل في إيمانه لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه، قال الزين العراقي وقوله (بل في إيمانه) أي بل لا يتوقف في عدم إيمانه بقرينة ما قبله وما بعده)أهـ.

إذن فظلم يزيد على الأقل – فضلاً عن من يرى كفره- كان كافياً لإخراجه من العموم.

وكذلك معاوية كان من أهل البغي بالنص المتواتر والبغي هو الظلم
وقد جاءت الدلائل الكثيرة والقرائن العديدة على رضاه بهذا البغي وإصراره عليه وإتيانه بلوازمه وهذا مما بسطه أهل الأخبار وله دلائل من الأحاديث النبوية الصحيحة التي فيها ذم للملك العضوض والعضوض هو الظالم وفيها تخصيص لمعاوية على الأرجح بأنه أول من يغير سنة النبي “صلى الله عليه وآله وسلم”
إضافة إلى رضاه بقتل عمار وقاتله وسالبه في النار
إضافة لثبوت لعن النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” له في أحاديث صحيحة الأسانيد –ستأتي -
إضافة لاتهام كبار البدريين له كعبادة بن الصامت بأنه (من أمراء السوء) الذين حذر منهم النبي “صلى الله عليه وآله وسلم”
واتهام عمار بن ياسر له في دينه وشكه في إسلامه
بل ورد عن عمار بن ياسر أيضاً ما يدل على اتهامه لمعاوية بأنه من المنافقين الذين حاولوا اغتيال النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” في قصة عقبة غزوة تبوك وهذا الحديث أخرجه مسلم.

على أية حال: ما يزيد إلا سيئة من سيئات معاوية وصنعة من صنائعه التي ابتلى بها الأمة وأكرههم على بيعته وهو يعلم فسقه وظلمه ووجود من هو أولى منه وأعدل لكنه الملك العضوض وزينة الدنيا التي قاتل عليها معاوية من قبل، حتى قال عبدالرحمن بن أبي بكر عن ملك معاوية ويزيد ( سنة هرقل وقيصر) – راجع الآثار الصحيحة في ذلك التي ذكرها الحافظ ابن حجر في شرحه لتفسير سورة الأحقاف من صحيح البخاري.

وقد أجاب الحافظ ابن حجر أيضاً على هذا الحديث بقوله: (ومشروعية الجهاد مع كل إمام لتضمن الحديث الثناء على من غزا مدينة قيصر وكان أمير تلك الغزوة يزيد بن معاوية ويزيد يزيد! وثبوت فضل الغازي إذا صلحت نيته)
[122].

أقول: هاهو الحافظ يستثني من ساءت سيرته كيزيد ويشترط ثبوت الفضل بصحة النية ونحن علمنا أن معاوية ممن ساءت سيرته بالأحاديث الصحيحة والآثار الصحابية وإنما الذي منع من ذلك كونه تولى فترة طويلة وعمل بدهائه على إظهار أنه مجتهد صالح النية لكن سوء النية كان لها دلائل ظاهرة لا نريد التوسع في هذا الموضع.

ثانياً: شذوذ الحديث إسناداً ومتناً:
ثم الحديث الذي أورده الشيخ شاذ ولو جمع الشيخ طرقه لحكم عليه بالشذوذ ولو كان في صحيح البخاري.

والشاذ في أبسط تعريفاته هو: مخالفة الثقة لما هو أوثق منه.

والحديث باللفظ الآخر الأقوى، رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأحمد وابن حبان وأبو عوانة كلهم من طريق مالك عن إسحاق بن عبد الله عن أنس بن مالك عن أم حرام،

ورواه مسلم وأبو عوانة والطبراني في الكبير والنسائي وأحمد في المسند من طريق يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أنس عن أم حرام،

ورواه الطبراني عن المختار بن فلفل عن أنس عن أم حرام،

كل هؤلاء رووه عن أنس عن أم حرام بلفظ آخر وهو (أن رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” كان يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” يوماً فأطعمته ثم جلست تفلي رأسه فنام رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” ثم استيقظ وهو يضحك قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟! قال: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة، قالت: فقلت: يا رسول الله أدع الله أن يجعلني منهم فدعا لها ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله كما قلت في الأولى، قالت: فقلت: يا رسول الله أدع الله أن يجعلني منهم، قال: أنت من الأولين.

فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمن معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت)
[123].

أقول: وهذا الحديث خالف فيه عمرو بن الأسود أنس بن مالك وأنس أوثق منه، وخالف خالد بن معدان (تلميذ ابن الأسود) أربعةً من الثقات هم إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ومحمد بن يحيى بن حبان وعبد الله بن عبدالرحمن بن معمر الأنصاري والمختار بن فلفل.

وخالف ثور بن يزيد وهو ناصبي كلاً من مالك ويحيى بن سعيد وإسماعيل بن جعفر وزائدة وغيرهم.

أقصد أن طريق ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عمير بن الأسود شاذ يعارض الطرق الكثيرة عن أنس بن مالك مما يدل على أن أحد الثلاثة (الأسود أو خالد بن معدان أو ثور بن يزيد) لم يحفظ الحديث إن أحسنا الظن.

وإن أسأنا الظن قلنا: هؤلاء الثلاثة في إسناد ابن الأسود نواصب في الجملة والنواصب يحبون معاوية ويضعون في فضله الأحاديث أو يروونها بمعنى مغاير وهذه منها،

أي مما نجزم به أن لفظ الأئمة عن أنس عن أم حرام أولى من لفظ ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عمير بن الأسود عن أنس فهذا مثال للشاذ، ويستطيع المتعنت أن يجمع بين اللفظين وأن هذا هو هذا.

ونحن نقول لا فالنبي “صلى الله عليه وآله وسلم” إما أن يكون نطق هذا أو هذا فالمناسبة واحدة، والرواية بالمعنى هي الأصل في معظم الأحاديث النبوية ولذلك لا بد من تحرير اللفظ الأقرب للصواب.

ثالثاً: إشكالات أخرى في المتن:
الحديث هذا الذي رواه أنس عن أم حرام اختلف في ألفاظه اختلافاً كبيراً بين راوٍ له بطوله ومقتصر على بعضه ومغير في بعض الألفاظ فمثلاً رواية أحمد (3/240) عن أبي سلمة عن مالك عن إسحاق عن أنس عن أم حرام وهو من أوثق الطرق؛ ومع هذا ليس فيه الدعاء لأم حرام ولا أنها شهدت تلك الغزوة ولا أن الناس غزو قبرص في زمن معاوية.. فهل الزيادة مدرجة من الرواة الآخرين؟ يحتاج لبحث.

وفي أحد الألفاظ في البخاري أن أم حرام يوم زارها النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” كانت تحت عبادة بن الصامت وفي بعضها لم يتزوجها إلا فيما بعد.

واستشكل بعضهم دخول النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” على امرأة ليست من محارمه وكيف يجعل رأسه في حجرها وتفلي رأسه؟!

وهذه الرواية تجعل الغزوتين في البحر ورواية عمير بن الأسود الشاذة تجعل غزوة في البحر وغزوة في البر (مدينة قيصر)!

وظاهر الرواية أن غزوة أم حرام كانت في عهد معاوية مع أن أم حرام ماتت قبل ذلك وكذا زوجها عبادة بن الصامت مات قبل ملك معاوية وبعضهم جمع بأن المقصود بزمن معاوية يعني زمن إمارته على الشام لا زمن ملكه وهذا محتمل.

وجاء في روايات أنها صرعت في قبرص وروايات أخرى أنها صرعت على ساحل حمص بالشام.

وجاءت رواية على شرط الصحيح أن أميرهم لم يكن معاوية وإنما كان المنذر بن الزبير –كما سيأتي- وأن وفاة أم حرام كانت بالشام لا بقبرص ويدل على ذلك قولهم: (في زمان معاوية بن أبي سفيان).

رابعاً: أمير الجيش المنذر بن الزبير وليس معاوية :
أن أمير الجيش فيما يبدو هو المنذر بن الزبير لا معاوية بن أبي سفيان فقد روى إسحاق بن راهويه في مسنده (1/147) والإمام أحمد المسند (6/435) كلهم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار ورواه الطبراني (25/134) وابن عبد البر في التمهيد (1/239) كلاهما من طريق حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار (أن امرأة حدثته
[124] قالت: نام رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” ثم استيقظ وهو يضحك فقلت: تضحك مني يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن من قوم من أمتي يخرجون غزاة في البحر مثلهم مثل الملوك على الأسرة، قالت: ثم نام ثم استيقظ أيضاً يضحك، فقلت: تضحك يا رسول الله مني؟ قال: لا، ولكن من قوم من أمتي يخرجون غزاة في البحر فيرجعون قليلة غنائمهم مغفوراً لهم؟ قالت: أدع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها.

قال: فأخبرني عطاء بن يسار قال: فرأيتها في غزاة غزاها المنذر بن الزبير إلى أرض الروم وهي معنا فماتت بأرض الروم).

قلت: أخرجه أحمد في المسند (10/ 408- طبعة دار الفكر) وسنده صحيح.

وقال ابن حجر سنده على شرط الصحيح (فتح الباري 11/76).

فهذه الرواية تبين أن الأمير لم يكن معاوية وإنما كان المنذر بن الزبير ويدل عليه روايات البخاري ومسلم التي تقول: (في زمان معاوية..) فلعلها في عهده وهو ملك أو في عهد إمارته ولو كان أمير الحملة لما قيل في (زمن معاوية) ولصرح الرواة بأنه كان قائد الحملة.

وعلى أية حال: كان معاوية القائد أو المنذر بن الزبير أو يزيد بن معاوية فهذا الثناء العام لا يتناول الأفراد الذين غلب ظلمهم وسوء سيرتهم كما سبق في كلام ابن حجر والمناوي.

خامساً: أمراء بني أمية والجهاد:
الحديث فيه فضيلة المجاهدين الغازين البحر وليس بالضرورة أن يكون أمراؤهم منهم لأن أهداف أمراء بني أمية وملوكهم كانت للدنيا وليس للدين وهذا في الأصل كما روى عبد الرزاق
[125] عن معمر عن أيوب عن أبي جمرة الضبعي قال: قلت لابن عباس: إنا نغزو مع هؤلاء الأمراء فإنهم يقاتلون على طلب الدنيا، قال ابن عباس: فقاتل أنت على نصيبك من الآخرة).

أقول: الإسناد صحيح على شرط الشيخين وفيه إقرار ابن عباس لأبي جمرة بأن قتال الأمراء في عهدهم –وهم أمراء بني أمية لأن ابن عباس مات بعد الثمانين- كان للدنيا لا الدين وهذا لولا ظهوره في أمراء بني أمية لأنكر ابن عباس على تلميذه أبي جمرة.

وإذا كانت أهداف بني أمية في الفتوحات هي الدنيا لا الآخرة فهل فعلهم يعد فتوحات إسلامية أم أنه لا يجوز أن نحمل الإسلام أخطاءهم ومظالمهم التي فعلوها باسم الدين ؟! فهم لم يظلموا الأمم الأخرى فقط
[126] وإنما ظلموا المسلمين أيضاً وأحداثهم في المدينة وصفين ومصر واليمن والحرة شاهدة على أهدافهم أو على الأقل يكون التشكيك في أهدافهم أمراً جائزاً بخلاف الخلفاء العادلين كالأربعة وعمر بن عبد العزيز ونحوهم من أهل العدل.

ومعاوية خاصة ممن شكك بعض العلماء في جهوده الشامية بأنها تهيئة وتصنع للخلافة ولذلك كان الحسن البصري يقول: -(والله لقد كان يتصنع للخلافة من عهد عمر)!.

بل قال ابن سيرين ( والله إني لأراه كان يتصنع لها من عهد أبي بكر وعمر)
[127].
قلت : الحسن وابن سيرين مع هذا كانا في نظر المعارضة موالين لبني أمية، وأخفهما موالاة الحسن البصري وقد عمل لبني أمية، فانظروا إلى مقدار التحول الذي حدث عند المسلمين.
والحسن وابن سيرين لم يدركا عهد أبي بكر وعمر وإنما يعبران عن رأيهما بحكم ما يصلهما من سيرة الرجل، نعم الحسن قد أدرك أميراً وباغياً وملكاً.

سادساً: أصل الحديث:
أصل هذا الحديث هو فضيلة الغزو في البحر فقط فقد روي هذا الحديث بإسناد صحيح –أو حسن على الأقل- عن أم حرام بلفظ آخر وهو (ذكر رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” غزاة البحر فقال: (للمائد أجر شهيد وللغريق أجر شهيدين، فقلت: يا رسول الله: أدع الله أن يجعلني منهم، قال: اللهم اجعلها منهم، فركبت البحر فلما خرجت ركبت دابة فسقطت فماتت).

أقول: فهذا أصل الحديث فيما يظهر لي والله أعلم، وفيه ترغيب عام في غزو البحر ودعا لها رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” أن تكون من الغازين وهذا مشروط بصحة النية –كما قال ابن حجر- ومشروط أيضاً بعدم الركون إلى الارجاء والمجاهرة بالمعاصي وارتكاب المظالم.

إذن فهذا الحديث يفيد أن المراد بـ (الأولين) في الحديث هم الذين تميد بهم السفن في كل زمان ومكان لهم أجر واحد وأن (الآخرين) أي الصنف الآخر وهم الغرقى في سبيل الله لهم أجر شهيدين.

ويكون قوله : (أنت من الأولين) يعني من الصنف الأول.
وكلاهما المائد بهم البحر أو الغرقى مشروط بصحة النية والسلامة من المظالم لأن الشخص توزن أعماله الحسنة والسيئة، مثلما هناك أحاديث في الترغيب في الغزو وفضله فهناك أحاديث في الترهيب من الظلم والربا والخمر وقتل الصالحين وبغض الأنصار وبغض علي وإضاعة الأمانة ونحو هذا..

فإذا كان غزو البحر –على أنه آحاد- فيه فضيلة لمعاوية إن افترضنا حسن النية وصلاحها فهو معارض بحديث عمار المتواتر وحديث غدير خم وهو متواتر وحديث الترهيب من أذية أهل المدينة والترهيب من بغض الأنصار والترهيب من معاداة الإمام علي وأهل البيت وهذه الأحاديث بعضها يصل للتواتر أما حديث أم حرام فهو على صحة إسناده مضطرب المتن والفضيلة مشروطة بشروط بينها العلماء وليس الأمر بهذه السهولة أن يستوي من يغزو لله ومن يغزو للدنيا أو يغزو للذكر والسمعة أو للحمية..

وهذه كلها جاء بيانها في نصوص شرعية.

سابعاً: خطاب الإجمال لا يتناول جميع الأفراد:
الفضل في العموم لا ينـزل على كل فرد.

وغزو المسلمين للروم ليس بأفضل ولا أشرف من غزو النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” للكفار واليهود ومع ذلك لم يكن كل الذين غزوا مع النبي مبرئين من النفاق أو الظلم وكان فيهم أفراد متهمون كقزمان وكركرة ومعتب بن قشير والجلاس بن سويد ومحلم بن جثامة وغيرهم ظهرت منهم أشياء سواءً في الغزوات وهذه الأشياء ذُكروا بها في كتاب الله عز وجل في كتابه أو جاء ذلك عن النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” في أحاديث صحيحة أو نقلها المحدثون وأهل العلم بالسير والأخبار.

فمعتب بن قشير قيل أنه قد شهد بدراً وبقي الخلاف فيه هل هو من المنافقين أم من المؤمنين الصادقين؟! وراجعوا إن شئتم تراجمه في الإصابة وغيرها فالخلاف فيه مشهور بين الصحابة والتابعين وغيرهم من علماء السلف.

وكذا الحال في كثير من المتهمين كالجلاس بن سويد وذي الخويصرة –وقد شهد الرضوان- وأوس بن قيظي وقد شهد أحداً وغيرهم
[128] أما ما نفهمه اليوم ونُفْهمه الناس بأن الله عز وجل قد غفر للصحابي ما تقدم من ذنبه وما تأخر! فهذا يخالف فهم الصحابة أنفسهم الذين كانوا يخشون من العذاب ويتمنى الواحد منهم أنه يموت لا عليه ولا له، ولو كان يعرف أن الأحاديث التي جاءت في فضل الصحابة لها الدلالة القطعية على كل فرد وأنها ليست مشروطة بحسن الإسلام والبقاء على الإسلام وصلاح السيرة لأدركهم الإرجاء ولما شك بعضهم أنه في الجنة.

تدبروا سير الصحابة الكبار فضلاً عن غيرهم وانظروا كيف يفهمون هذه الأحاديث؟ وهل يفهمون فهمنا أم أننا على غير فهم السلف الصالح؟! أم أن الصحابة ليسوا من السلف الصالح؟! وهل فهم النواصب وغلاة الحنابلة وغلاة المرجئة أولى بالصواب حتى يدخل في الفضل والتبشير بالجنة سائر الطلقاء ويصبحوا على قدم المساواة مع من أقام الدين من المهاجرين والأنصار الذين هم مبشرون في جملتهم لا في أفرادهم بالجنة؟!
[129].

ثامناً: من قتل أم حرام؟!:
سواء كان معاوية قائد الحملة التي كانت فيها أم حرام أم لم يكن فمن المحتمل أنه كان السبب في مصرعها لأسباب عامة وخاصة،

ومنها أن أم حرام كانت زوجة الصحابي الجليل عبادة بن الصامت رضي الله عنه وكان عبادة –شأنه شأن بقية الصحابة يغزون مع كل بر وفاجر- وقد كان سيئ الرأي في معاوية ويرى بأن معاوية من أمراء السوء الذين حذر منهم النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” كما أخرج ذلك بسند حسن كل من ابن عساكر والشاشي والبزار والطبراني وغيرهم عن عبادة بن الصامت
[130] وإنكاره على معاوية بيع الخمر ثم ذهابه إلى المدينة من أجل إغراء معاوية به [131].

فبيت آل عبادة بن الصامت كانوا على خلاف مع معاوية ويعرفون الأحاديث العامة والخاصة في ذمه فلذلك مات الاثنان أم حرام وعبادة بن الصامت قبل مقتل عثمان فقد كان معاوية يتوقع مقتل عثمان وكان يخشى من بعض الصالحين في الشام! أن يفسدوا عليه أهل الشام فعمل على نفي أبي ذر ثم نفي عبادة بن الصامت فنجح في الأول ولم يستطع في الثاني وعمل على أن يصفو له الشام بين قبائل كلب وغسان وحمير وكندة وغيرهم من القبائل التي لم يكن لها سابقة في الإسلام ولا تعرف المهاجرين ولا الأنصار!

وإن صح أنه أمير الحملة فالمرجح لاغتياله أم حرام أمران –وكلاهما دليل ظني لا قطعي- :

الأمر الأول: قولهم في الرواية (فقُدَّمت لها بغلة لتركبها)!.

يا ترى من الذي قدم تلك البغلة المجنونة؟! التي تطير بمن لا تعرفه حتى يندق عنقه؟!

الدليل الثاني: جاء وصف البغلة في بعض الروايات الصحيحة بأنها (شهباء)! وهذه صفة بغال معاوية!، ومن ذلك قول كعب الأحبار (بل صاحب البغلة الشهباء) يعني معاوية؟! والأثر صحيح الإسناد عن كعب.

ويبدو أن معاوية وبعض الطلقاء كانوا قد حاولوا اغتيال عمر أيضاً لما ذهب إلى الشام وأعطوه برذوناً كاد أن يصرعه لكن الله سلم؛ واستطاع إيقافه ثم نـزل وقال (ما ظننته إلا شيطاناً)!

قلت: لعله من شياطين معاوية!

على أية حال: إن صحت محاولته –مع مجموعة من المتهمين بالنفاق- اغتيال النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” يوم تبوك فلا يستغرب منه محاولة اغتيال عمر بن الخطاب ولا اغتيال أم حرام ومحمد بن مسلمة والحسن بن علي وسعد بن أبي وقاص والأشتر النخعي وعبدالرحمن بن خالد بن الوليد وسعد بن عبادة وغيرهم
[132].

تاسعاً: ضعف أحاديث أهل الشام على وجه الإجمال :
لم تكن الشام دار حديث ولم يكونوا يصلون الأسانيد حتى ظهر فيهم الزهري فذكر لهم انهم يروون أحاديث بلا زمام ولا خطام فبدؤوا يصلون الأسانيد ويهمون في ذلك الأوهام الكبيرة إضافة إلى أنهم كانوا نواصب أخذ عليهم بنو أمية البراءة من علي (راجع ترجمة الأوزاعي في سير اعلام النبلاء).. ) انتهى كلام الأستاذ حسن المالكي .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

(122) فتح الباري (11/77) طبعة الشيخ ابن باز- دار المعرفة.




(123) رواه مالك في الموطأ (2/464) والبخاري من طريقه (6/2570) (5/2316) (3/1518) والبيهقي من طريق مالك أيضاً (9/165) والترمذي (4/178) من طريق مالك وكذا النسائي (3/27) وأحمد (3/240) وكذا إبن حبان (15/51) من طريق مالك، ورواه مسلم (3/519) وأحمد (10/293- طبعة دار الفكر) وأبو عوانة (4/493) من طريق يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى عن أنس بن مالك.

ورواه مسلم (3/1520) وأبو يعلى (6/35) من طريق عبد الله بن عبدالرحمن بن معمر عن أنس، والطبراني (25/133) عن المختار بن فلفل عن أنس.



(124) جاء عند عبد الرزاق أنها (امرأة حذيفة) ولعل أحد الرواه وهم أراد أن يقول :امرأة عبادة؛فقال :امرأة حذيفة؛ فحذيفة كان في العراق لا في الشام.



(125) المصنف (5/279) باب الغزو مع كل أمير!



[126] كان عمر بن عبد العزيز هو الحاكم الأموي الوحيد الذي أدرك ظلم الحكام الأمويين السابقين وقوادهم للأمم الأخرى فأمر بإيقاف الفتوحات لأنه رأى أن جهاد هؤلاء الأمراء أصبح للدنيا لا للدين؛ ثم الذين فتحوا السند وثغور الشام والأندلس هم الذين هدموا الكعبة وذبحوا الحسين واستباحوا أعراض المسلمين في أشرف الأماكن؛ فإذا كان هذا فعلهم بالمسلمين فكيف بالكفار؟! فلذلك أنا أفرق بين الفتوحات الإسلامية الحقة في عهد الخلفاء الراشدين والفتوحات التي تشبه الاستعمار في عهد بني أمية، فمن حق ديننا علينا أن ألا نحمله فرض الجزية على من أسلم ، والغدر ، والقتال للمال والسبي لا لهداية الناس وهذا ما جعل عمر بن عبد العزيز يرسل كلمته المشهورة(إن الله بعث محمداً هادياً ولم يبعثه جابياً)؛ ونحن في هذه العصور لن نستطيع عرض الإسلام وتاريخه عرضاً صحيحاً مادمنا ندافع عن الظلم الأموي في إفريقيا والمغرب والأندلس وخراسان وغيرها من البلدان التي فتحها أو استعمرها بنوأمية، وربما لولا مظالم بني أمية لانتشر الإسلام أكثر مما هو منتشر حالياً، فقد انتشر في شرق آسيا وأواسط أفريقيا عن طريق التجار المسلمين أكثر من انتشاره عبر الاستعمارات الأموية.


[127] أثر ابن سيرين في الفتن لنعيم بن حماد واثر الحسن البصري في أنساب الأشراف للبلاذري والأسانيد قوية.


[128] قد سردنا أسماءهم في كتاب الصحبة والصحابة فبلغوا أكثر من خمسين، وكل هؤلاء أسلموا قبل معاوية، وجاهدوا ومع ذلك لا يدافع عنهم هؤلاء ولا يشككون فيما ورد في سيرتهم، وهذه مفارقة ودليل آخر على التأثير الأموي.


(129) بمعنى قد يخرج أفراد من أصحاب الصحبة الشرعية من العموم فكيف بظلمة الطلقاء، ونحن لا نحكم على هؤلاء بنار لكن الخشية عليهم أكثر من الرجاء لهم مثل خشيتنا على ما نعي الزكاة والخوارج وسائر الظلمة.



[130] أيضاً يمكن مراجعة مسند عبادة بن الصامت في مسند الشاشي ومسند الإمام أحمد وترجمة عبادة في سير أعلام النبلاء وتاريخ دمشق لابن عساكر.


(131) التفصيل في كتابنا (معاوية بن أبي سفيان).



(132) جاء في رسالة البغال للجاحظ (2/255) : أن البغل قتال لصاحبه وهو متلون الخلق! كما في قول الشاعر:

خلق جديد كل يــــو مٍ مثل أخلاق البغال

وهو يقتل صاحبه خاصة إذا درب! كما قال الشاعر (رسالة الجاحظ ص277):

قد حذر الناس أذاه قبلي وعددوا كل قتيل بغل

من ناشيءٍ غرٍّ وكهل جزل وسائس ورائض مدلِّ

(انتهت الهوامش)





ــــــــــــــــــــ

يقول مرآة التواريخ : لله در المالكي
smile.gif
، فلم يترك في القوس منزعاً ! . لا لوم على النواصب إن أبغضوه !!
414.gif


اللهم صل على محمد وآل محمد


مرآة التواريخ ،،،