ابن تيمية وجواز كفر الأنبياء عليهم السلام ووقوعه

18 أبريل 2010
30
0
0
السلام عليكم

أعتذر من الأخوة إن كان أحدهم قد طرح هذا الموضوع من قبل ، وهذا الموضوع هو يتعلق بمقولة ابن تيمية حول جواز كفر الأنبياء بل وقوعه ، وهو أمر خطير جداً ، إذ نكتشف المنظومة السلفية القائمة على التكفير حتى لأنبياء الله تعالى وإن غطّوا هذا بقضية التوبة ، وذلك من أجل التبرير لولاتهم وخلفائهم المغتصبين لخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله والطعن في أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أعني علي بن أبي طالب عليه السلام ، وإليكم ما يقوله ابن تيمية في هذا المجال :

( الخامس انه لو قيل انه لم يسجد لصنم لأنه اسلم قبل البلوغ فلم يسجد بعد إسلامه فهكذا كل مسلم و الصبي غير مكلف ، و إن قيل انه لم يسجد قبل إسلامه فهذا النفي غير معلوم و لا قائله ممن يوثق به ، و يقال ليس كل من لم يكفر أو من لم يأت بكبيرة أفضل ممن تاب عنها مطلقا ، بل قد يكون التائب من الكفر و الفسوق أفضل ممن لم يكفر و لم يفسق كما دل على ذلك الكتاب العزيز ، فإن الله فضّل الذين
أنفقوا من قبل الفتح و قاتلوا على الذين أنفقوا من بعد و قاتلوا و أولئك كلهم اسلموا بعد الكفر ، و هؤلاء فيهم من ولد على الإسلام و فُضّل ، و قد ذكر الله في القران أن لوطا آمن لإبراهيم و بعثه الله نبيا ، و قال شعيب : ( قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها و ما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا ) و قال تعالى : و قال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا )
و قد اخبر الله عن اخوة يوسف بما اخبر ، ثم نبّاهم بعد توبتهم و هم الأسباط الذين امرنا أن نؤمن بما أوتوا في سورة البقرة و آل عمران و النساء ، و إذا كان في هؤلاء من صار نبيا فمعلوم أن الأنبياء أفضل من غيرهم ، و هذا مما تنازع فيه الرافضة و غيرهم ، و يقولون من صدر منه ذنب لا يصير نبيا و النزاع فيمن أسلم أعظم ، لكن الاعتبار بما دل عليه الكتاب و السنة ، و الذين منعوا من هذا عمدتهم أن التائب من الذنب يكون ناقصا مذموما لا يستحق النبوة و لو صار من أعظم الناس طاعة ، و هذا هو الأصل الذي نوزعوا فيه ، و الكتاب و السنة و الإجماع يدل على بطلان قولهم فيه .

منهاج سنة ابن تيمية ج 7 ص 134 وما بعدها

وقال في فتاواه ج 15 ص 29 :

وقال شيخ الإسلام ...... :

قوله سبحانه‏:‏ ‏{‏قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ رَبُّنَا‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 88، 89‏]‏، ظاهره دليل على أن شعيبا والذين آمنوا معه كانوا على ملة قومهم؛ لقولهم‏:‏‏{‏أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا‏}‏، ولقول شعيب‏:‏ أنعود فيها ‏{‏أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ‏}‏، ولقوله‏:‏ ‏{‏قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم‏}‏ فدل على أنهم كانوا فيها‏.‏ ولقوله‏:‏‏{‏بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا‏}‏‏.‏

فدل على أن الله أنجاهم منها بعد التلوث بها؛ ولقوله‏:‏ ‏{‏وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ رَبُّنَا‏}‏، ولا يجوز أن يكون الضمير عائدًا على قومه؛ لأنه صرح فيه بقوله‏:‏ ‏{‏لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ‏}‏؛ ولأنه هو المحاور له بقوله‏:‏ ‏{‏أَوَلَوْ كُنَّا‏}‏ إلى آخرها، وهذا يجب أن يدخل فيه المتكلم، ومثل هذا فى سورة إبراهيم‏:‏ ‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ‏}‏ الآية ‏[‏إبراهيم‏:‏13‏]‏‏.‏


/ وَقَالَ شيخ الإسلام

هذا تفسير آيات أشكلت حتى لا يوجد فى طائفة من كتب التفسير إلا ما هو خطأ فيها، ومنها قوله‏:‏‏{‏لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا‏}‏ الآية ‏[‏الأعراف‏:‏ 88‏]‏ وما فى معناها‏.‏

التحقيق‏:‏ أن الله ـ سبحانه ـ إنما يصطفى لرسالته من كان خيار قومه حتى فى النسب، كما فى حديث هرقل‏.‏ ومن نشأ بين قوم مشركين جهال، لم يكن عليه نقص إذا كان على مثل دينهم، إذا كان معروفًا بالصدق والأمانة، وفعل ما يعرفون وجوبه، وترك ما يعرفون قبحه‏.‏

قال تعالى‏:‏‏{‏وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 15‏]‏، فلم يكن هؤلاء مُسْتَوْجبين العذاب، وليس فى هذا ما يُنَفِّر عن القبول منهم؛ ولهذا لم يذكره أحد من المشركين قادحًا‏.‏

وقد اتفقوا على جواز بعثة رسول لا يعرف ما جاءت به الرسل قبله من النبوة والشرائع، وأن من لم يقر بذلك بعد الرسالة فهو كافر ، / والرسل قبل الوحى لا تعلمه فضلاً عن أن تقر به، قال تعالى‏:‏ ‏{‏يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ‏}‏ الآية ‏[‏النحل‏:‏ 2‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى

مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ‏}‏ ‏[‏غافر‏:‏ 15‏]‏، فجعل إنذارهم بالتوحيد كالإنذار بيوم التلاق، وكلاهما عرفوه بالوحى‏.‏

وما ذكر أنه صلى الله عليه وسلم بُغِّضَت إليه الأوثان، لا يجب أن يكون لكل نبى، فإنه سيد ولد آدم، والرسول الذى ينشأ بين أهل الكفر الذين لا نبوة لهم يكون أكمل من غيره، من جهة تأييد الله له بالعلم والهدى، وبالنصر والقهر، كما كان نوح وإبراهيم‏.‏

ولـهذا يضيف الله الأمر إليهما فى مثل قولـه‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ‏}‏ الآيـة ‏[‏الحديد‏:‏ 26‏]‏ ‏{‏إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ‏}‏ الآية ‏[‏آل عمران‏:‏ 33‏]‏ وذلك أن نوحًا أول رسول بعث إلى المشركين، وكان مبدأ شركهم من تعظيم الموتى الصالحين‏.‏ وقوم إبراهيم مبدأه من عبادة الكواكب، ذاك الشرك الأرضى، وهذا السماوى؛ ولهذا سد صلى الله عليه وسلم ذريعة هذا وهذا‏.

****************

هذه كلمات ابن تيمية في جواز الكفر على الأنبياء بل وقوعها ، وما أعظمها من جرأة على أنبياء الله تعالى ، وما أقبحها من قلة حياء ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .