كلمات علماء السنة في ذم ابن تيمية

6 مايو 2010
74
0
0
كلمات علماء السنة في ذم ابن تيمية
أبو بكر الحصني الشافعي
فممن صنف في الرد عليه وعلى ابن القيم السبكي فقد رد على ابن القيم وأستاذه ابن تيمية في كتاب السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل وعلق عليه وأكمله الكوثري نائب شيخ الإسلام في الدولة العثمانية والذي كان فقهاء الأحناف المعروفين ([1]) ، وصنف أبو بكر الحصني الدمشقي الشافعي كتباً يرد فيه على ابن تيمية بعنوان دفع شُبه من شَبَه وتمرد ونسب ذلك إلى الإمام أحمد([2]) ، ومما جاء في هذا الكتاب قوله : قال بعض علماء الحنابلة في الجامع الأموي في ملأ من الناس : لو اطلع الحصني على ما اطلعنا عليه من كلامه لأخرجه من قبره وأحرقه ... ([3])
وقال أيضاً : ثم اعلم أنّ مثل هؤلاء قد لا يقدرون على مقاومة العلماء إذا قاموا في نحره ، فجعل له مخلصاً منهم بأنّ ينظر إلى الأمر إليه في ذلك المجلس ، فيقول له : ما عقيدة إمامك ؟ فإذا قال : كذا وكذا ، قال : أشهد أنها حق ، ,أنا مخطيء ، واشهدوا أني على عقيدة إمامك ، وهذا كان سبب عدم إراقة دمه ، فإذا انفض المجلس أشاع أتباعه أنّ الحق في جهته ومعه ، وأنه قطع الجميع ، ألا ترون كيف خرج سالماً حتى حصل بسبب ذلك افتتان خلق كثير لا سيما من العوام ، فلما تكرر ذلك منه علموا أنه إنما يفعل ذلك خديعة ومكراً ، فكانوا مع قوله ذلك يسجنونه ، ولم يزل ينتقل من سجـن إلى سجـن حتى أهلكـه الله عز وجـل في سجن الزندقة والكفر . ([4])
وقال أيضاً : وأزيد على ذلك ما ذكره صاحب عيون التواريخ ، وهو ابن شاكر ، ويُعرف بصلاح الدين الكتبي ، وبالتريكي ، وكان من أتباع ابن تيمية ، وضُرب الضرب البليغ لكونه قال لمؤذن في مأذنة العروس وقت السحر : أشركت ، حين قال :
ألا يا رسول الله أنت وسيلتي إلى الله في غفران ذنبي وزلتي
وأرادوا ضرب عنقه ، ثم جددوا إسلامه ، ,إنما أذكر ما قاله لأنه أبلغ في حق ابن تيمية في إقامة الحجة عليه ، مع أنه أهمل أشياء من خبثه ولؤمه ، لما فيها من المبالغة في إهانة قدوته ، والعجب أنّ ابن تيمية ذكرها ، وهو سكت عنها ، فمن ذلك ما أخبر به أبو الحسن علي الدمشقي في صحن الجامع الأموي عن أبيه قال : كنا جلوساً في مجلس ابن تيمية ، فذكر ووعظ وتعرض لآيات الإستواء ثم قال : واستوى الله على عرشه كاستوائي هذا ، قال : فوثب الناس عليه وثبة واحدة وأنزلوه من الكرسي وبادروا إليه ضرباً باللكم والنعال وغير ذلك حتى أوصلوه إلى بعض الحكّام ، واجتمع في ذلك المجلس العلماء ، فشرع يناظرهم ، فقالوا إليه من الدليل على ما صدر منك ؟ فقال : قوله تعالى : ) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (([5]) ، فضحكوا منه ، وعرفوا أنه جاهل لا يجري على قواعد العلم ... ([6])
وكان من جملة ما نقله أبو بكر الحصني الشافعي حيث قال : ولنرجع إلى ما ذكره ابن شاكر في تاريخه في الجزء العشرين ، قال : وفي سنة خمس وسبعمائة في ثامن رجب عُقد مجلس بالقضاة والفقهاء بحضرة نائب السلطنة بالقصر الأبلق ، فسُئل ابن تيمية عن عقيدته ، فأملى شيئاً منها ، ثم أحضر عقيدته الواسطية ، وقرئت في المجلس ، ووقعت بحوث كثيرة ، وبقيت مواضع أخرى إلى مجلس ثان ، ثم اجتمعوا يوم الجمعة ثاني عشر من رجب ، وحضر المجلس صفي الدين الهندي ، وبحثوا ، ثم اتفقوا على أنّ كمال الدين الزملكاني يحاقق ابن تيمية ، ورضوا كلهم بذلك ، فأفحم كما الدين ابن تيمية ، وخاف ابن تيمية على نفسه ، فأشهد على نفسه الحاضرين أنه شافعي المذهب ، ويعتقد ما يعتقده الإمام الشافعي ، فرضوا منه بذلك ، وانصرفوا ، ثم إنّ أصحاب ابن تيمية أظهروا أنّ الحق ظهر مع شيخهم ، وأنّ الحق معه ، فأحضروا إلى مجلس القاضي جلال الدين القزويني ، وأحضروا ابن تيمية ، وصُفع ، ورسم تعزيره ، فشُفع فيه ، وكذلك فعل الحنفي باثنين من أصحاب ابن تيمية ... الخ . ([7])

كلام ابن بطوطة
ونظير ما تقدم نقله ابن بطوطة في كتابه تحفة النظّار المعروف برحلة ابن بطّوطة ، يقول في رحلته : وكان بدمشق من كبار فقهاء الحنابلة تقي الدين بن تيمية ، كبير الشام ، يتكلم في الفنون ، إلا أنّ في عقله شيئاً ، وكان أهل دمشق يعظمونه أشد التعظيم ، ويعظهم على المنبر ، وتكلم مرة بأمرٍ أنكره الفقهاء ، ورفعوا إلى الملك الناصر ، فأمر بإشخاصه إلى القاهرة ، وجمع القضاة بمجلس الملك الناصر ، وتكلم شرف الدين الزواوي المالكي ، وقال : إنّ هذا الرجل قال كذا وكذا ، وعدد ما أنكر على ابن تيمية ، وأحضر العقود بذلك ووضعها بين يدي قاضي القضاة ، وقال قاضي القضاة لابن تيمية : ما تقول ؟ قال : لا إله إلا الله ، فأعاد عليه ، فأجاب بمثل قوله ، فأمر الملك الناصر بسجنه ، فسجن أعواماً ، وصنف في السجن كتاباً في تفسير القرآن سماه بـ < البحر المحيط > ، في نحو أربعين مجلداً ، ثم إنّ أمه تعرضت للملك الناصر وشكت إليه ، فأمر بإطلاقه ، إلى أنْ وقع ذلك منه ثانية ، وكنت إذْ ذاك بدمشق ، فحضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويُذكرهم ، فكان من جملة كلامه أنْ قال : إنّ الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ، ونزل درجة من درج المنبر ، فعارضه فقيه مالكي يعرف بابن الزهراء ، ,أنكر ما تكلم به ، فقامت العامة إلى هذا الفقيه وضربوه بالأيدي والنعال ضرباً كثيراً حتى سقطت عمامته ، وظهر على رأسه شاشية حرير ، فأنكروا عليه لباسها ، واحتملوه إلى دار عز الدين بن مسلم قاضي الحنابلة ، فأمر بسجنه وعزره بعد ذلك ، فأنكر فقهاء المالكية والشافعية ما كان من تعزيره ، ورفعوا الأمر إلى ملك الأمراء سيف الدين تنكز ، وكان من خيار الأمراء وصلحائهم ، فكتب إلى الملك الناصر بذلك ، وكتب عقداً شرعياً على ابن تيمية بأمور منكرة ، منها أنّ المطلق بالثلاث في كلمة واحدة لا تلزمه إلا طلقة واحدة ، ومنها أنّ المسافر الذي ينوي بسفره زيارة القبر الشريف زاده الله طيباً لا يقصّر الصلاة ، وسوى ذلك ما يشبهه ، وبعث العقد إلى الملك الناصر ، فأمر بسجن ابن تيمية بالقلعة ، فسجن بها حتى مات في السجن . ([8])
كلام الحافظ ابن حجر
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة : ... فذكروا أنه ذكر حديث النزول ، فنزل عن المنبر درجتين ، فقال : كنزولي هذا ، فنُسب إلى التجسيم ورده على من توسل بالنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أو استغاث ، فأشخص من دمشق في رمضان سنة خمس وسبعمائة فجرى عليه ما جرى وحُبس مراراً ... ([9])
كلام ابن حجر الهيتمي
أولاً : ترجمة ابن حجر الهيتمي : قال فيه الشوكاني : وبرع في جميع العلوم خصوصاً فقه الشافعي ، وصنف التصانيف الحسنة .
إلى أنْ قال : وكان زاهداً متقللاً على طريقة السلف ، آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر ، واستمر على ذلك حتى مات في سنة (973) . البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ج1 ص 75 رقم 67 ط. دار الكتب العلمية / بيروت سنة 1418هـ- 1998م .
وقال السخاوي : ولازم العز بن جماعة في كثير مما كان يقرأ عليه والولي العراقي في الفقه وأصوله والحديث والعربية ، وكتب عنه أكثر أماليه ...الخ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ج2 ص 147 رقم 416 ط. منشورات دار مكتبة الحياة / بيروت .
ثانياً : كلامه في ابن تيمية :
قال ابن حجر الهيتمي : ابن تيمية عبد خذله الله وأضله ، وأعماه وأصمه وأذله ، وبذلك صرّح الأئمة الذين بينوا فساد أحواله وكذب أقواله ، ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام الإمام المجتهد المتفق على إمامته وجلالته وبلوغه مرتبة الإجتهاد أبي الحسن السبكي وولده التاج والشيخ الإمام العز بن جماعة وأهل عصرهم وغيرهم من الشافعية والمالكية والحنفية .
إلى أنْ قال : والحاصل أن لا يقام لكلامه وزن ، بل يرمى في كل وعر وحزن ، ويُعتقد فيه أنه مبتدع ضال ومضل ، جاهل غال ، عامله الله بعدله وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته وفعله آمين . الفتاوى الحديثية ص 114 ط. دار المعرفة / بيروت .
إلى أنْ قال : ولا زال يتبع الأكابر حتى تمالأ عليه أهل عصره ففسقوه وبدعوه ، بل كفره كثير منهم ، وقد كتب إليه بعض أجلاء أهل عصره علماً ومعرفة سنة خمس وسبعمائة من فلان إلى الشيخ الكبير إمام أهل عصره بزعمه ...
إلى أنْ قال :
ولم يقنع بسب الأحياء حتى حكم بتكفير الأموات ، ولم يكفه التعرض على من تأخر من صالحي السلف حتى تعدى إلى الصدر ألأول ومن له أعلى المراتب في الفضل ، فيا ويح من هؤلاء خصماؤه يوم القيامة ، وهيهات أنْ لا يناله غضب ، وأنى له بالسلامة ، وكنت ممن سمعه وهو على منبر جامع بالصالحية وقد ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : إنّ عمر له غلطات وبليات وأي بليات ، وأخبر عنه بعض السلف أنه ذكر علي بن أبي طالب d رضي الله عنه فقال : إنّ علياً d أخطأ في أكثر من ثلاثمائة مكان ، فياليت شعري من أين يحصل لك الصواب إذا أخطأت علي d بزعمك كرم الله وجهه وعمر بن الخطاب ، والآن قد بلغ هذا الحال إلى منتهاه والأمر إلى مقتضاه ولا ينفعني إلا القيام في أمرك ودفع شرك لأنك قد أفرطت في الغي ووصل أذاك إلى كل ميت وحي ، وتلزمني الغيرة شرعاً لله ولرسوله ، ويلزم ذلك جميع المؤمنين وسائر عباد الله المسلمين بحكم ما يقوله العلماء ، وهم أهل الشرع وأرباب السيف الذين بهم الوصل والقطع إلى أنْ يحصل منك الكف عن أعراض الصالحين رضي الله عنهم أجمعين . انتهى . الفتاوى الحديثية ص 115 ، 116 .
وقال ابن حجر الهيتمي : وقال بعضهم : ومن نظر إلى كتبه لم ينسب إليه أكثر من هذه المسائل ، غير أنه قائل الجهة وله في إثباتها جزء ، ويلزم أهل هذا المذهب الجسمية والمحاذاة والاستقرار ، أي فلعله في بعض الأحيان كان يصرح بتلك اللوازم ، فنسبت إليه ، وربما نسب إليه ذلك أئمة الإسلام المتفق على جلالته وإمامته وديانته وأنه الثقة العدل المرتضى المحقق المدقق ، فلا يقول شيئاً إلا عن تثبت وتحقق ومزيد احتياط وتحر ، سيما إنْ نسب إلى مسلم ما يقتضي كفره وردته وضلالته وإهدار دمه ، فإنْ صح عنه مكفر أو مبدع يعامله الله بعدله وإلا يغفر لنا وله . الفتاوى الحديثية ص 117 .
ويقول أيضاً : وإياك تصغي إلى ما في كتب ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية وغيرهما ممن اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة ، فمن يهديه من بعد الله ، وكيف تجاوز هؤلاء الملحدون الحدود ، وتعدوا الرسوم وخرقوا سياج الشريعة والحقيقة ، فظنوا بذلك أنهم على هدى من ربهم وليسوا كذلك ، بل هم على أسوأ الضلال ، وأقبح الخصال ، وأبلغ المقت والخسران ، وأنهى الكذب والبهتان ، فخذل الله متبعهم ، وطهر الأرض من أمثالهم . الفتاوى الحديثية ص 203 ، 204 .

([1]) وقد طبع هذا الكتاب عدة طبعات منها طبعة مكتبة زهران بالقاهرة سنة 1993 م .

([2]) وقد طبع هذا الكتاب بطبعة دار إحياء الكتب العربية بالقاهرة سنة 1350 هـ ، وطبعة المكتبة الأزهرية للتراث ، وهي غير مؤرخة .

([3]) دفع شُبه من شَبَه وتمرد ص 34 ط . المكتبة الأزهرية للتراث .

([4]) دفع شُبه من شَبَه وتمرد ص 35 .

([5]) سورة طه : 5 .

([6]) دفع شُبه من شَبَه وتمرد ص 41 ، 42 .

([7]) دفع شُبه من شَبَه وتمرد ص 43 ، 44 .

([8]) رحلة ابن بطّوطة ص 112 ، 113 ط. دار الكتب العلمية / بيروت سنة 1407هـ .

([9]) الدرر الكامنة ج1 ص 154 رقم 409 .