فتنة بين أهل السنة يسقط فيها قتلى، سببها اختلافهم في تفسير آية!!! سنة 317هـ

قاسم

New Member
18 أبريل 2010
245
0
0
قال ابن كثير في حوادث سنة 317 هـ:
وفيها وقعت فتنة ببغداد بين أصحاب أبي بكر المروذي الحنبلي، وبين طائفة من العامة، اختلفوا في تفسير قوله تعالى: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا}.
فقالت الحنابلة: يجلسه معه على العرش.
وقال الآخرون: المراد بذلك الشفاعة العظمى.
فاقتتلوا بسبب ذلك وقتل بينهم قتلى، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وقد ثبت في صحيح البخاري أن المراد بذلك مقام الشفاعة العظمى، وهي الشفاعة في فصل القضاء بين العباد، وهو المقام الذي يرغب إليه في الخلق كلهم، حتى إبراهيم، ويغبطه به الأولون والآخرون.

البداية والنهاية ج 11 ص 184


وذكر الذهبي هذه الفتنة، قال:
ذكر الفتنة في تفسير آية: وهاجت ببغداد فتنة كبرى بسبب قوله: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} فقالت الحنابلة: معناه يقعده الله على عرشه كما فسره مجاهد.
وقال غيرهم من العلماء: بل هي الشفاعة العظمى كما صح في الحديث.

ودام الخصام والشتم واقتتلوا، حتى قتل جماعة كبيرة
.
نقله الملك المؤيد، رحمه الله.

تاريخ الإسلام الصفحة: 2369 الوراق


فهذا يبيّن لنا شدة الحسد والتعصب الفاشي بينهم، مع العلم ان هذه المسئلة ليست مسئلة أصلية، ولن يسألهم الله سبحانه وتعالى عنها، لكن الحنابلة والحشوية لديهم ولع عجيب بكل ما يتضمن التجسيم!!!

وهذه مسئلة قديمة فقد قال ابن حجر:
قال الطبري: وقال ليث عن مجاهد في قوله تعالى: {مَقَامًا مَّحْمُودًا} يجلسه معه على عرشه، ثم أسنده وقال الأول أولى، على أن الثاني ليس بمدفوع لا من جهة النقل ولا من جهة النظر.
وقال ابن عطية: هو كذلك إذا حمل على ما يليق به.
وبالغ الواحدي في رد هذا القول.
وأما النقاش: فنقل عن أبي داود صاحب السنن أنه قال: من أنكر هذا فهو متهم!!!
وقد جاء عن ابن مسعود عند الثعلبي وعن ابن عباس عند أبي الشيخ وعن عبدالله بن سلام قال: إن محمداً يوم القيامة على كرسي الرب، بين يدي الرب!!! أخرجه الطبري.
قلت: فيحتمل أن تكون الإضافة إضافة تشريف، وعلى ذلك يحمل ما جاء عن مجاهد وغيره، والراجح أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة.

فتح الباري ج 11 ص 368

وقال الذهبي:
أنبأني جماعة عن عين الشمس الثقفية، أخبرنا محمد ابن أبى ذر سنة ست وعشرين وخمسمائة، أخبرنا أبو طاهر عبدالرحيم، أخبرنا عبدالله بن محمد القباب، أخبرنا أحمد بن الحسن بن هارون الأشعري، حدثنا علي بن محمد القادسى بعكبرا سنة ست وخمسين ومائتين، حدثنا محمد بن حماد، عن مقاتل بن سليمان، عن الضحاك، عن ابن عباس قال:
إذا كان يوم القيامة ينادى مناد: أين حبيب الله؟
فيتخطى صفوف الملائكة حتى يصير إلى العرش، حتى يجلسه معه على العرش، حتى يمس ركبته!!!

قال الذهبي: فهذا لعله وضعه أحد هؤلاء أصحاب مقاتل أو القادسي.

ميزان الاعتدال ج 4 ص 174


تجدر الإشارة إلى أن هذه هي عقيدة الحنابلة في تفسير الآية لكنهم يخافون من التجاهر بها، تقيةً!!!

فقد قال إمامهم ابن أبي يعلى في ترجمة أبي بكر النجاد بعد أن نقل بعض الروايات ما نصه:
قال النجاد: ثم نظرت في كتاب أحمد بن الحجاج المروزي وهو إمامنا وقدوتنا والحجة لنا في ذلك فوجدت فيه ما قد ذكره من رد حديث عبدالله بن سلام ومجاهد وذكر أسماء الشيوخ الذين أنكروا على من رد ذلك أو عارضه.
قال النجاد: فالذي ندين الله تعالى به ونعتقده: ما قد رسمناه وبيناه من معاني الأحاديث المسندة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما قاله عبدالله بن العباس ومن بعده من أهل العلم وأخذوا به كابراً عن كابر وجيلاً عن جيل إلى وقت شيوخنا في تفسير قوله تعالى: {عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} أن المقام المحمود: هو قعوده صلى الله عليه وسلم مع ربه على العرش وكان من جحد ذلك وتكلم فيه بالمعارضة: إنما يريد بكلامه في ذلك: كلام الجهمية يجانب ويباين ويحذر عنه وكذلك أخبرني أبو بكر الكاتب عن أبي داود السجستاني أنه قال: من رد حديث مجاهد فهو جهمي.
وحدثنا محمد بن صهيب وجماعة من شيوخنا عن محمد بن عبد الملك الدقيقي قال: سمعت هذا الحديث منذ خمسين سنة ما سمعت أحداً ينكره إنما يكاذبه الزنادقة والجهمية.
قال النجاد: وذكر لنا أبو إسماعيل السلمي أمر الترمذي الذي رد فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم وصغر أمره وقال: لا يؤمن بيوم الحساب.
قال النجاد: وعلى ذلك من أدركت من شيوخنا أصحاب أبي عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل فإنهم منكرون على من رد هذه الفضيلة، ولقد بين الله ذلك على ألسنة أهل العلم على تقادم الأيام فتلقاه الناس بالقبول فلا أحد ينكر ذلك ولا ينازع فيه.
قال النجاد: فبذلك أقول: ولو أن حالفاً حلف بالطلاق ثلاثاً أن الله يقعد محمداً صلى الله عليه وسلم معه على العرش واستفتاني في يمينه لقلت له: صدقت في قولك وبررت في يمينك وامرأتك على حالها فهذا مذهبنا وديننا واعتقادنا وعليه نشأنا ونحن عليه إلى أن نموت إن شاء الله فلزمنا الإنكار على من رد هذه الفضيلة التي قالها العلماء وتلقوها بالقبول فمن ردها فهو من الفرق الهالكة.

طبقات الحنابلة ص 176 الوراق